المال العراقي المسروق... اكبر عملية فساد في تاريخ الولايات المتحدة

 

شبكة النبأ: تعدد أشكال الفساد الذي اجتاح العراق بشكل غير مسبوق بعد الإطاحة بنظام الديكتاتور السابق صدام على يد القوات الامريكية عام 2003، حيث تصاعدت عمليات الرشوة والاختلاس الى جانب الإهمال المتعمد والتقصير في عمل اجهزة الدولة ومؤسساتها بشكل فاق ما كان في العهد الديكتاتوري، الذي يعتبر اول من مهد لانتشار الفساد المالي والإداري.

الا ان المفارقة كانت في انخراط الجيش الامريكي بشكل مباشر في تلك الظاهرة، وتورط العديد من القياديين الكبار والمقاولين في حملة اعمار العراق في عمليات اختلاس لاموال كبيرة رصدت لتلك الحملة.

فقدان مبالغ طائلة

فقد نشرت صحيفة "لوس أنجيليس تايمز" الاميركية مقالا لمراسلها بول ريختر تناول فيه حكاية مبالغ مالية طائلة ارسلت خلال حكم الرئيس جورج بوش في اعقاب غزو العراق في العام 2003 الى الدولة المحتلة بكميات كبيرة من النقد لسداد تكاليف اعادة الاعمار والمشاريع الاخرى خلال السنة الاولى التي تشكلت فيها وحدة مقاييس جديدة.

وتقول الصحيفة ان مسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) قرروا ان بالامكان تحميل طائرة شحن هيركوليز سي-130 ضخمة بـ2.4 مليار دولار باوراق نقدية من فئة 100 دولار في لفافات. وقد ارسلوا اول حمولة كاملة من النقد وتبعتها 20 طائرة اخرى الى العراق بحلول ايار (مايو) العام 2004 نقلت 12 مليار دولار يقول المسؤولون الاميركيون انها كانت اكبر حمولة نقدية دولية جوية في اي وقت من الاوقات.

وفي هذا الشهر بدأ البنتاغون والحكومة العراقية اقفال دفاتر حسابات البرنامج. ورغم سنوات من التدقيق والتحقيقات، فان المسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية لا يزالون عاجزين عن معرفة مصير 6.6 مليار دولار نقدا – وهو مبلغ تقول الصحيفة انه يكفي لتغطية مصاريف احدى مدارس لوس انجيليس او المدارس العامة في شيكاغو لمدة سنة، من بين أمور اخرى.

وللمرة الاولى يوحي مدققو الحسابات الفيدراليين باحتمال ان يكون جزء او كل المبلغ قد تعرض للسرقة، وليس لخطأ محاسبي. وقال ستيوارت بوين، المفتش لعام الخاص لاعمال اعادة اعمار العراق، وهو مكتب انشأه الكونغرس، ان من المحتمل ان يمثل مبلغ 6.6 مليارات دولار "أكبر حادث سرقة اموال في تاريخ الولايات المتحدة".

والغموض الذي يحيط باختفاء هذا المبلغ اصبح محرجا للبنتاغون، ومثيرا لقلق لعلاقات واشنطن مع بغداد. ويهدد المسؤولون العراقيون باللجوء الى القضاء للمطالبة بالمبلغ الذي جاء من مبيعات النفط العراقي والأصول العراقية المحتجزة والاموال الفائضة من برنامج الامم المتحدة النفط من اجل الغذاء.

وقد يكون من العدالة في شيء القول ان الكونغرس، سدد حصته من المال وقيمتها 61 مليار دولار من اموال دافع الضرائب الاميركي لعمليات مماثلة لاعادة الاعمار ولمشاريع التنمية في العراق. بحسب صحيفة القدس.

وقال النائب هنري واكسمان الذي ترأس جلسات الاستماع لعمليات التبذير والتزوير والاساءة في العراق قبل ست سنوات عندما ترأس لجنة الاصلاح الحكومي في الكونغرس ان "مجلس الكونغرس يتوقع ان يكون قد صرف مليارات من اموالنا للتعويض عن مليارات من اموالهم التي لا نستطيع العثور عليها".

ومن غير المحتمل ان يكون مثل هذا المبلغ الكبير قد تعرض لحادث سرقة، الا ان مسؤولين اميركيين لا يستبعدون ذلك. وقد اتهم بعض المقاولين الاميركيين بانهم دفعوا عشرات الملايين كرشوة خلال فترة ما بعد الغزو، خاصة في الايام الاول للفوضى. وان كان ينظر الى المسؤولين العراقيين على انهم المتورطون في ذلك.

وكان نقل النقد الاميركي عن طريق الجو اجراء يائسا اتخذ عندما كانت ادارة بوش حريصة على اعادة الحياة الى الخدمات الحكومية والاقتصاد المتهاوي لمنح العراقيين الثقة في ان النظام الجديد سيكون تحسينا كبيرا بالنسبة لنظام صدام حسين في العراق.

وقرر البيت الابيض استخدام الاموال فيما اطلق عليه "صندوق التنمية العراقي" الذي انشأه بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك للمحافظة على اموال جمعت خلال سنوات حكم حسين الذي كان يخضع لعقوبات اقتصادية وتجارية تصيبه بالشلل.

وقد نقلت المبالغ النقدية في حاويات تجرها شاحنات من مستودع النقد التابع للاحتياط الفيدرالي الذي يشبه القلعة في ايست روثرفرد بولاية نيو جيرسي، الى مطار اندروز الجوي العسكري في مريلاند ومن ثم جرى نقلها بالجو الى بغداد. وقام المسؤولون الاميركيون بنقل الحمولة الى قبو في احد قصور حسين والى قواعد عسكرية اميركية، ومن ثم جرى توزيع الاموال على الوزارات والمقاولين العراقيين.

الا ان المسؤولين الاميركيين لم يكن لديهم الوقت او الموظفون بما يكفي للتحكم بدقة بتلك الاموال. فملايين الدولارات وضعت في اكياس ونقت على شاحنات الى الوكالات او المقاولين العراقيين، حسب شهادة المسؤولين الاميركيين.

ووجهت لجنة الاصلاح الحكومي في الكونغرس الاتهام في العام 2005 الى مسؤولين اميركيين باعتبار انهم "لم يستخدموا فعلا التحكم المالي لحساب مسحوبات تلك الاموال النقدية الهائلة فور وصولها الى العراق، وهناك من الادلة ما يشير الى وجود تهاون وتزوير واسع في عمليات صرف وتوزيع الاموال العراقية".

واقتنع المسؤولون في البنتاغون خلال السنوات الست الاخيرة ان بامكانهم معرفة اين ذهبت تلك الاموال لو انه كان لديهم الوقت الكافي للرجوع الى السجلات. الا ان الجهود المستمرة للعثور على المستندات او على النقد لم تكن مثمرة.

ويقول المسؤولون العراقيون انه كان من المفروض في الحكومة الاميركية حراسة الاموال بمقتضى الاتفاق المبرم في العام 2004، وان واشنطن هي المسؤولة.

وقال عبد الباسط تركي سعيد، كبير مدققي الحسابات العراقي ورئيس المجلس الاعلى للتدقيق، ان المسؤولين الاميركيين سيستدعون امام القضاء عند الضرورة للتعويض عن الاموال المفقودة.

وقال سمير السميدعي، سفير العراق لدى الولايات المتحدة ان "من الواضج ان لدى العراق مصلحة في الاهتمام باصولها وحمايتها".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/حزيران/2011 - 14/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م