حيرة ...! كيف ننصر المظلوم؟!

محمد علي جواد تقي

لا نعجب اذا شهدنا الفساد المالي والاداري في الدول بعد الثورات والتغييرات السياسية، فهذا ديدن طلاب السلطة، كما لا نعجب من شكوى الناس من النظام السياسي الحديث النشوء، فهو دأب الانسان الكثير المطالب والقليل الشكر والعرفان، لكن العجب من وجود إرث حضاري وثقافي عظيم في العراق يتجسد في شخص الامام الحسين عليه السلام ومفهوم (انتصار الدم على السيف)، ثم نبحث عن الطريقة التي نكون فيها عوناً لاخواننا المسلمين أو نكون خصماً للظالمين. وهل اصبحنا بعد سنين طويلة عجاف من الجهاد والنضال، أدنى مستوى من الزعيم الهندي الراحل (غاندي) الذي انتصر بثورة سلمية وحرر شعبه مستلهماً من نهضة الامام الحسين عليه السلام؟

القضية باختصار؛ ان هنالك اخوان لنا في البحرين يعيشون ظروفاً استثنائية بما تعنيه الكلمة من معنى في اعقاب موجة الاحتجاجات التي اطلقوها بوجه النظام الحاكم تنديداً بسياسات التمييز والاضطهاد. هؤلاء بحاجة لمن ينصرهم كما حُظي اخواننا في ليبيا وسوريا واليمن ومصر وتونس بالتأييد الرسمي والشعبي من بلاد اخرى.

 فهنالك حصار على الغذاء والدواء وحرمان من الوظائف وفرص العمل، فضلاً عن مسلسل الاعتقالات والتجاوزات المستمر على الحرمات والمقدسات. وإزاء كل ذلك نجد في العراق من يتحدث عن (عدم التدخل في شؤون داخلية ....)! وهنالك من ينصح بان تنطلق قوافل الاغاثة والمساعدات من بلاد غير اسلامية! كأن تكون المبادرة من بلد غربي، حيث الحرية ثم الصدى الاعلامي وغير ذلك...

 وهنالك من يتحدث عن المهادنة والسياسة وايجاد حل وسط لانهاء الازمة بين الشعب البحريني ونظام حكمه. وكل يدافع عن وجهة نظره من خلف طاولة انيقة وتحت نسمات التكييف الباردة، فيما الجرح الغائر يستجلب الأنين والآهات من أمهات ثكلى وايتام وارامل ومشاهد الضغوط النفسية والشد العصبي... فهل عجزنا عن مبادرة بسيطة تمثل ارثنا الحضاري - الثقافي المتصل بنهضة الامام الحسين عليه السلام؟

 وهل بعد كل الحديث عن هذه النهضة المباركة والعظيمة وتأثيرها على الوجدان الانساني وتجنيدها لمفكرين وقادرة محررين وعلماء دين من مذاهب شتى، نرانا بحاجة الى تجربة – مثلاً- المبادرة التركية باغاثة أهالي مدينة غزة؟ او ان نتعلم من (جورج غالواي) النائب البريطاني الذي قاد حافلة نقل الركاب (باص) من شوارع لندن باتجاه العراق لنصرة صديقه (صدام) في تسعينات القرن الماضي؟ ماذا دهى العراق والعراقيين يا ترى....؟

لنلاحظ شواهد عجيبة من عالمنا غير السوي، فهنالك دول مارست القتل والابادة الوحشية بحق النساء والاطفال والابرياء ونسمع انهم مدعومون في دولة مجاورة إما لدوافع قومية او عرقية او مذهبية، ولا احد يعترض ان يستهجن هذا الموقف، بل لم تخجل تلك الدول من موقفها امام العالم. ومثال ذلك المذابح التي تعرض لها مسلمو البوسنة على يد الاقلية الصربية المدعومة من جمهورية الصرب المجاورة، او المذابح التي جرت في رواندا التي يقال ان حوالي نصف مليون انسان قتل بسبب خلافات قبلية دعمتها دول مجاورة، وكذلك الحرب في جنوب السودان.

 بينما نحن في العراق نتحرّج من تسيير باخرة صغيرة تنقل الاغاثة الى بلد مسلم هو البحرين، والسبب هو ان هذه المساعدات تتقاطع مع المصالح السياسية، وانها تأتي بالضد من رغبة النظام الحاكم في البحرين، بمعنى اننا يجب ان نستحصل موافقة حكومة البحرين على ارسال الاغاثة للبحرينيين المضطهدين!

ان قافلة الاغاثة تحت أي اسم كان وبأي صورة كانت، لم تكن اختباراً سياسياً ليكون ناجحاً اذا تم حجزها في المياه العراقية لنكسب العلاقة مع نظام الحكم في البحرين، انما هي اختباراً حسينياً لنا جميعاً وليس لجهة بعينها. انها محاولة أولى ويجب ان لا تكون الاخيرة، والمسؤولية على الجميع بان نحرص على الخروج بنجاح ومرفوعي الرأس من هذا الاختبار الحضاري - الثقافي، حتى يقرأ العالم بأسره الرسالة الصحيحة وليس الخاطئة عن الشيعة وهي انهم دعاة سلام واستقرار وتحقيق الحياة الكريمة، إنما العنف والقسوة والكراهية تنبع من طلاب السلطة والهيمنة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/حزيران/2011 - 14/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م