شبكة النبأ: دخلت الولايات المتحدة
العراق معاقبة للنظام الذي اعتمد سياسة العداء لدول المنطقة، سيما انه
اعتمد ايضا سياسة الرعب في حكم الشعب، فضلا عن ادعاء امريكا ان النظام
حينها كان يمتلك اسلحة دمار شامل، وانه يدعم الإرهاب، ثم أعلنت فيما
بعد الحرب قبل ان تفرض احتلال شامل، متسلسلة في اجراءاتها لتدخل عملية
بناء لم تصمد بسبب معارضة الشعب للوجود الأجنبي.
وعندما قررت القوات الأجنبية المغادرة غرق الوضع في جدال بين من
يريد بقاء هذه القوات وبين من يريد انسحابها. في حين إن إدارة الرئيس
باراك أوباما سرّعت الانسحاب من العراق، وهو جهد بلغ أقصاه اليوم.
ما بين مد وجزر في الحديث حول انسحاب هذه القوات التي من المفترض ان
تنسحب نهاية العام الجاري ووفق ما نصت عليها الاتفاقية بين الطرفين
يتساءل محللون سياسيون عما إن كانت الولايات المتحدة ستنسحب حقا من
العراق؟ فإن نقاشا حاميا يدور خلف الأبواب المغلقة في البيت الأبيض
بشأن صواب فكرة الانسحاب من هذين البلدين.
يقول الكاتب سايمون ديستيل ان يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما
تحديا فريدا اليوم، فهو يفكر جديا في طريقة يسحب بها القوات الأميركية
من العراق وأفغانستان بأقل الخسائر البشرية الممكنة، وبنفس الوقت يستغل
الانسحاب لإرسال رسالة قوية، أما تجنب مرحلة من الفوضى تتبع الانسحاب
الأميركي فإن تحقيق ذلك سوف يكون جائزة أوباما الكبرى.
أوباما من جهته يواجه معضلة كلفة الحرب الباهظة في أفغانستان
والبالغة ملياري دولار أسبوعيا أي 110 مليارات دولار سنويا، وهو ما لن
يستطيع تحمل الالتزام به في حملته الانتخابية لعام 2012، كما أن
البريطانيين كما هو الحال مع الأميركيين وصلوا إلى مرحلة الجزع من
الخسائر البشرية المستمرة في صفوف قواتهما.
فأن أوباما لا يستطيع مقاومة فكرة اعتبار مقتل أسامة بن لادن بمثابة
إنجاز لمعظم الأهداف التي شنت الولايات المتحدة بسببها الحرب، خصوصا إن
المواجهة التي تدور رحاها في أروقة البيت الأبيض ووزارة الدفاع
الأميركية هي بين معسكرين، الأول لا يؤيد تقليصا للقوات او انسحابا.
من جهة أخرى، هناك معسكر معارض يمثله جوزيف بايدن نائب الرئيس الذي
كان ضد فكرة زيادة القوات أصلا، ويدعمه في المطالبة بخفض القوات بشكل
واسع والانسحاب في الموعد المحدد كل من توماس دونيلون مستشار الأمن
القومي وليون بانيتا، وزير الدفاع الذي سيخلف غيتس.
ففي العراق يوجد 46 ألف عسكري أميركي من المقرر أن ينسحبوا في 31
كانون الاول فإن القادة العسكريين يقولون إن الانسحاب جنوبا نحو الكويت
ينطوي على خطر كبير، حيث ستكون القوات المنسحبة هدفا سهلا للجماعات
المسلحة، وفي هذا الوقت يتصاعد العنف في العراق مع اقتراب موعد
الانسحاب.
كما لم توجد اتفاقية لحد الآن تؤمن إسكان وحماية 17 ألف دبلوماسي
وموظف أميركي مدني سيبقون في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية.
اما حكومة نوري المالكي في العراق ضعيفة ومتفككة، وتواجه تحديا
متصاعدا. كما أن المالكي ليس بمنأى عن فصل عراقي يمتاز بالاحتجاجات على
الفساد والظروف المعيشية والاقتصادية السيئة وانعدام الخدمات الأساسية
كالكهرباء والماء.
هذا قد يدفع محللون سياسيون إلى عدم الاستغراب من دعوة بعض الساسة
السنة والأكراد لتأجيل انسحاب القوات الأميركية والى أجل غير مسمى، أما
الولايات المتحدة فتقول إنها مستعدة لاحتضان الفكرة.
يقول قال ليون بانيتا مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية
المرشح لشغل منصب وزير الدفاع إنه يعتقد أن الحكومة العراقية ستطلب
تأجيل انسحاب القوات الأمريكية من العراق باعتبار أن الوضع الأمني
مازال هشاً في العراق. موضحا أن نحو 1000 من أعضاء تنظيم القاعدة
موجودون حاليا في العراق.
ورجح خبراء عسكريون أن العراق يفكر في إمكانية الطلب من الولايات
المتحدة إبقاء بعض القوات. وانه من شأن الحكومة العراقية أن تحدد نوع
الدعم الذي تحتاجه ولأي فترة من الزمن. فاذا طلبت حكومة رئيس الوزراء
العراقي نوري المالكي ان المحافظة على التواجد هناك فيجب ان يفكر
الرئيس الأمريكي في ذلك بجدية.
أن الاعوام الثمانية التي مضت منذ الغزو الأمريكي والغربي للعراق
علمت الجيش الأمريكي درسا يصعب تعلمه وهو أن القوات الأمريكية لا
تستطيع تأمين المناطق الواسعة دون مساعدة العراقيين لذلك وضع القادة
إستراتيجية للخروج من العراق، فإن القادة يأملون في إطار إسدال الجيش
الأمريكي الستار على حربه في العراق نجاح المهمة المتبقية الأكثر
خطورة ألا وهي سحب آخر أفراد القوات الأمريكية من هناك بسلام. |