عمالة الأطفال... وجه مشوه لبعض المجتمعات

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: الاطفال قادة وبُناة المستقبل، جملة نسمعها كثيرا من افواه الجميع، معنيون او غيرهم، ونقرأها كثيرا أيضا، لكننا في الوقت نفسه، نلاحظ عدم السعي لتكوين الركائز العملية المناسبة التي تحوّل هذه المقولة الى حيّز التطبيق الفعلي، أو ضعفها في افضل الاحوال، لاسيما من لدن الجهات والمؤسسات والمنظمات والشخصيات المعنية بهذا الامر، فلم نلمس جهدا فعليا جادا لانقاذ الاطفال من خطر العمالة وفقدرا فرص التعليم في عالم لم يعد يقبل الاميين بين صفوفه!

لقد (أطلقت منظمة العمل الدولية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال في عام 2002 لتركيز الاهتمام على مدى إنتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة).

وتم تحديد يوم الـ 12 من حزيران يوما عالميا سنويا تلتقي فيه الجهود الدولية لمكافحة عمالة الاطفال في عموم العالم، وعندما نأتي للحديث عن مجتمعاتنا الاسلامية والعربية، فإننا – للأسف- نلاحظ انتشارا مؤسفا لهذه الظاهرة، وفي مقابلها نلاحظ إهمالا كبيرا من لدن المعنيين بمحاصرة هذه الظاهرة والقضاء عليها، على الرغم من أن الثروات والموارد المالية كبيرة وهائلة في الدول العربية والاسلامية، لكن سوء ادارة هذه الموارد والاموال والثروات، وانتشار الظواهر المسببة لظاهرة عمالة الاطفال، مثل ظاهرة (الرشوة) والفساد المالي والاداري، وغسيل الاموال والتجاوز على ثروات وحقوق الشعوب، كلها ظواهر وعوامل مساعدة لانتشار عمالة الاطفال عربيا واسلاميا، ومع ذلك فإن هذه الظاهرة لا تقتصر على دول بعينها، بل العالم أجمع يعاني منها، وخاصة الدول الفقيرة، او تلك التي تُدار من قبل حكومات فاشلة او فاسدة.

لذلك (أكد اعتماد منظمة العمل الدولية لاتفاقيتها رقم 182 في عام 1999 على توافق الآراء العالمية بشأن القضاء على عمل الأطفال. واستفاد الملايين من الأطفال العاملين من الاتفاقية، إلا أنه ما يزال هناك الكثير مما ينبغي فعله. فآخر التقديرات تشير إلى أن هنالك 215 مليون طفل يمارسون العمل، 115 مليون طفل منهم منخرطين في الأعمال الخطرة. وقد حددت الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية هدف القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2016. ويتطلب تحقيق هذا الهدف زيادة كبيرة في الجهد والالتزام).

إن هذه الجهود الدولية الحديثة للقضاء على ظاهرة عمالة الاطفال، تأتي في الاتجاه الصحيح تماما، لكي تصبح مقولة (الاطفال قادة وبُناة المستقبل) في محلها الصحيح، وهذا يتطلب من الدول الغنية، جهدا كبيرا ومسعى حقيقيا في القضاء على هذه الظاهرة، وفي حالة توافر الاموال اللازمة لتنمية المشاريع الحامية للاطفال، واستخدام هذه الموارد والاموال بالطرق الصحيحة، ضمن مشاريع تنموية مخطط لها من قبل لجان وكفاءات متخصصة، فإن فرص القضاء على عمالة الاطفال سوف تتضاعف، ويصبح عالم الانسان خاليا من الامية وعمالة الاطفال معا.

إن عمالة الاطفال تعني ببساطة حرمان الطفل من التعليم، كونه لايجد وقتا كافيا لذلك، إضافة الى فقره وقلة موارده التي لا تسمح له بمواصلة دراسته وتعليمه، ولا يتوقف الامر عند هذه الاسباب فقط، بل هناك الدور العائلي الذي يتسبب بحرمان الاطفال من الدراسة وزجهم في مضامير العمل المختلفة حتى الخطيرة منها، والسبب عجز الاب والام عن القيام بدورهما الصحيح، وخمولهما ولا مبالاتهما واتكالهما على الاطفال في توفير مصدر الرزق العائلي، هذا يعني أن العائلة تشترك في كثير من الاحيان في اهدار فرص التعليم للطفل وتفقده فرصة الانسجام مع عالم اليوم الذي يكاد لايقبل غير المتعلم، إلا في الاعمال العادية التي لا تتطلب مهارات معينة ينبغي توافرها لدى الاطفال.

لذا لابد أن يتعامل الجميع مع هذه الظاهرة من منطلق المسؤولية العالية تجاه بُناة المستقبل، (ففي الثاني عشر من حزيران/يونيه من كل عام، وهو اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، تجتمع الحكومات وأرباب العمل ومنظمات العمال والمجتمع المدني، فضلا عن الملايين من الناس من مختلف أنحاء العالم، لتسليط الضوء على محنة الأطفال في أماكن العمل وما يمكن القيام به لمساعدتهم).

وعلى الرغم من درجات ونسب النجاح المشجعة، التي احرزها المجتمع الدولي في مقارعة هذه الظاهرة، إلا أن الجهود الحقيقية المتواصلة لا تزال مطلوبة، ولابد أن يكون هناك تعاون عالمي في هذا الصدد، بالاضافة الى التعاون داخل الدول على انفراد ناهيك عن الدور العائلي، والمنظماتي وما شابه، وكما يذكر أحد الكتّاب في هذا الخصوص:

(في نهاية المطاف، إن مستقبلا خال من عمل الأطفال هو في المتناول. فقد أُحرز تقدم كبير في جميع أنحاء العالم في مجال مكافحة عمل الأطفال. ومع ذلك، فهناك حاجة إلى حركة عالمية مستدامة وقوية من أجل دفعة إضافية نحو القضاء على عمل الأطفال) كليا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/حزيران/2011 - 10/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م