
شبكة النبأ: يوما بعد يوم يشتد الخناق
حول المملكة السعودية بعد أن حاصرتها الثورات العربية من جميع
الاتجاهات، وبات الحلفاء التقليديون يتساقطون الواحد تلو الآخر دون أي
أمل في جدوى إحياء تحالفات جديدة مع القوى الثورية الصاعدة. التي أفقدت
تلك الرياض دون أدنى شك وزنها الدولي والإقليمي على حد سواء، الى جانب
ذلك تعتبر الأخيرة أن الديمقراطيات الفتية مصدر تهديد جدي وفاعل على
مستوى الاستقرار الداخلي، خصوصا أن رياح التغيير أخذت تنقل عدواها الى
شعوب الشرق الأوسط بمختلف مشاربهم ومذاهبهم، مما يمثل ناقوس خطر لتلك
المملكة التي يفتقر مواطنوها الى ابسط الحقوق العامة والشخصية.
حيث كشف العديد من المراقبين للوضع السياسي السائد في تلك المنطقة
ان المملكة السعودية وتحديدا السلطة الحاكمة لم تدخر جهدا في تطويق
واحتواء بعض ما يحدث أملا، في التقليل من الأضرار التي لحقت وسوف تلحق
بها مستقبلا، مسخرة في سبيل ذلك المال والرجال، داخل وخارج حدود
مملكتها. الى جانب مسعاها في التأسيس لحلف جديد على غرار حلف بغداد
الذي أنشئ لمواجهة ثورة الضباط الأحرار والمد الثوري في حينها لجمال
عبد الناصر، في سيناريو قديم قد يعيد التاريخ الى الوراء باختلاف طفيف.
مواجهة إيران والانتفاضات العربية
حيث يرى محللون ان السعودية تستخدم نفوذها السياسي وثروتها الهائلة
لاستقطاب الحلفاء بالمنطقة الى جبهة موحدة لمواجهة ما تعتبره تهديدا من
ايران وحالة الغضب الشعبي التي تجتاح العالم العربي ضد الزعماء
الشموليين.
وانزعج الحكام السعوديون من تغير السياسة الامريكية وموقفها من
الاطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك حليف الولايات المتحدة لزمن
طويل فضلا عن الاحتجاجات التي تشهدها البحرين وسلطنة عمان واليمن في
الفناء الخلفي للمملكة.
وتقول الباحثة والكاتبة السعودية المقيمة في لندن مضاوي الرشيد
"السعودية تستخدم فائض ميزانيتها لإسكات الثورات أو تشكيل نتائجها."
ووعدت الرياض بتقديم مساعدات لمصر قيمتها اربعة مليارات دولار مما
يساعد المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد ويكافح للتعامل
مع الاثار الاقتصادية للاحتجاجات التي أطاحت بمبارك. كما قدمت مساهمة
كبيرة في منحة قيمتها 20 مليار دولار للبحرين وعمان لاقامة مشاريع توفر
فرص عمل.
وتشارك السعودية الولايات المتحدة في مخاوفها من أن ايران تريد
امتلاك أسلحة نووية وقد سعت جاهدة للتكيف مع تصاعد النفوذ الايراني
الاقليمي منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 والذي
أدى الى تشكيل حكومة يقودها الشيعة في بغداد. كما أنها قلقة ايضا من
الاحتجاجات الشعبية. بحسب رويترز.
وقال المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل "المملكة قلقة جدا من
الموجة الثورية. انها لا تريد أن تصل الموجة الى شواطيء الخليج."
ويبحث مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده السعودية ويضم في عضويته ست
دول خليجية منتجة للنفط السماح للاردن والمغرب بالانضمام اليه مما يضيف
مملكتين أخريين للتكتل الذي يضم السعودية والبحرين والكويت وعمان وقطر
والامارات العربية المتحدة.
ويقول محللون ان الدافع وراء دعوة الدولتين غير الخليجيتين وغير
المنتجتين للنفط هو الاحتياجات الدفاعية وليس المنطق الجغرافي او
الاقتصادي. ويحتاج مجلس التعاون الخليجي الذي أرسل قوات الى البحرين في
مارس اذار للمساعدة في اخماد الاحتجاجات التي نظمتها الاغلبية الشيعية
هناك الى مزيد من القوة لصد ما يعتبره تهديدات عسكرية وأمنية من ايران.
وقال محلل في الرياض "هذا ليس له أي معنى من الناحية الاقتصادية.
المغرب لا علاقة له بالخليج وبعيد جدا. السعوديون يريدون أن يدعموا
حليفين."
وعلى الرغم من أن العلاقات بين السعودية وسوريا حليفة ايران يشوبها
التوتر عادة فان حكام المملكة يشعرون بالقلق من تداعيات الاحتجاجات ضد
الرئيس بشار الاسد ويخشون أن تزعزع استقرار جيران مثل الاردن والذي شهد
ايضا بعض الاحتجاجات.
وقالت الرشيد "يريدون دعم الاردن. أعتقد أنهم قد يستخدمون الاردن
كمنطقة عازلة ضد سوريا غير المستقرة."
وحاولت الرياض ابعاد سوريا عن ايران فعرضت عليها التعاون الاقتصادي
بعد زيارة الملك عبد الله لدمشق عام 2009 . لكن لم تقم اي شركة سعودية
باستثمارات كبيرة في سوريا المتحالفة مع ايران. بل ان المسؤولين
الامريكيين اتهموا ايران بمساعدة سوريا على سحق الاحتجاجات وهو الاتهام
الذي نفته الدولتان.
وتهدف المساعدات المالية السعودية لمصر الى تفادي انعدام الاستقرار
في اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان واثناء حكام مصر الجدد عن تحسين
العلاقات مع ايران. وقالت الرشيد "اكثر ما يقلقهم هو أن تعيد مصر
علاقاتها مع ايران."
وكانت المملكة السنية تعتمد على مبارك في احتواء ايران الشيعية.
وساند الملك عبد الله مبارك في البداية حين انتفض المصريون ضد رئيسهم.
كما استضافت المملكة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي
اجبر على التنحي. وبعد أيام من حزمة المساعدات السعودية احتجزت مصر
لفترة قصيرة دبلوماسيا ايرانيا واستجوبته بشأن مزاعم تجسس.
وقال الناشط الكبير الداعي للديمقراطية محمد القحطاني "من المثير
للاهتمام كيف أن مصر ألقت القبض على الدبلوماسي بعد أن أعلنت السعودية
عن الحزمة المالية."
وحث الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مصر على اعادة بناء العلاقات
الدبلوماسية مع الجمهورية الاسلامية قائلا ان ظهور "قوة عظيمة" جديدة
سيجبر "الصهاينة" على مغادرة المنطقة.
وتنظر السعودية الى الداخل ايضا فبعد عودة الملك عبد الله من رحلة
علاجية طويلة بالخارج في فبراير شباط أعلن عن مجموعة مساعدات قيمتها
130 مليار دولار لتوفير فرص عمل ومساكن للمواطنين الذين تتنامى اعدادهم
بسرعة.
وقال الدخيل ان السعي لتحقيق الامن في المملكة التي تحظر التجمهر
يمكن تطويره من خلال اتاحة المزيد من الحرية واجراء اصلاحات في الداخل
بدلا من البحث عن أصدقاء في الخارج.
وأضاف "افضل طريقة لحماية الملكية هي حمايتها من الداخل وليس من
الخارج سواء من حيث القدرات العسكرية او السياسية او الاصلاح الاقتصادي.
الاردن والمغرب لا يستطيعان توفير اي حماية للسعودية."
الحد من الاضطرابات
من جهتها نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريرا حول دور
السعودية في مواجهة موجة الثورات التي تجتاح العالم العربي، جاء فيه: "تستعرض
المملكة العربية السعودية قوتها المالية والدبلوماسية عبر الشرق الأوسط
في محاولة واسعة النطاق لاحتواء مد التغيير، وحماية الممالك الأخرى في
المنطقة من السخط الشعبي وتجنب الإطاحة بأي من الزعماء الذين يحاولون
تهدئة بلدانهم المضطربة.. من مصر، حيث خصصت السعودية 4 مليارات دولار
لتقوية المجلس العسكري الحاكم، إلى اليمن، حيث تحاول المساعدة في تنحية
الرئيس صالح، إلى مملكتي الأردن والمغرب، اللتين دعتهما إلى الانضمام
إلى مجلس التعاون الخليجي بصفته ناديا للممالك الخليجية، تسعى السعودية
لمنع حدوث تغيير أكثر راديكالية ومنع انتشار النفوذ الإيراني".
تؤكد السعودية بشدة على الاستقرار النسبي للممالك، وذلك ضمن جهودها
الرامية لتجنب أي تغير جذري عن النموذج الاستبدادي، الذي يمكن أن يثير
أسئلة صعبة حول وتيرة التغيير السياسي والاجتماعي في الداخل السعودي.
مقترح السعودية لضم الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي المؤلف
من ست دول- والذي سمح للسعوديين بإرسال قواتها لقمع تمرد شيعي كبير في
مملكة البحرين السنية- يهدف لخلق "ناد للملوك". يقول محللون إن الفكرة
هي إرسال رسالة إلى إيران الشيعية أن الملوك السنة العرب سيدافعون عن
مصالحهم.
وقال الأمير الوليد بن طلال آل سعود، وهو رجل أعمال وعضو بارز في
العائلة المالكة المتحفظة عادة لطاقم المحررين في صحيفة "نيويورك
تايمز": "نحن نرسل رسالة بأن الممالك ليست المكان الذي يجري فيه هذا
(في إشارة إلى الاضطرابات)، نحن لا نحاول الحصول على مرادنا بالقوة،
لكننا نحمي مصالحنا".
نطاق التدخل السعودي غير عادي، بينما تدفع الثورات الرياض لإقامة ما
يسميه بعض المعلقين في مصر وغيرها "ثورة مضادة". ويجد بعض المحللين
السعوديين والأجانب أن هذا المصطلح يعبر عن أكثر مما قام به السعوديون
عمليا، على الرغم من أنه لا مثيل لما يقومون به في المنطقة وخارجها،
فالسعودية تمد يدها للتحالف مع الدول الإسلامية غير العربية أيضا.
وقال المحلل والكاتب السعودي خالد الدخيل: "أنا متأكد من أن
السعوديين لا يحبون هذه الموجة من الثورات- لقد كانوا خائفين حقا،
لكنهم واقعيون هنا".
في مصر، حيث نجحت الثورة بالفعل في إسقاط حليف قوي للسعودية هو حسني
مبارك، يخصص السعوديون مبالغ للمساعدات وإصلاح الروابط والمساهمة في
تفادي العروض الجيدة التي يقدمها الإخوان المسلمون من أجل الانتخابات
البرلمانية المقبلة. ويخشى السعوديون من أن قوة جماعة الإخوان المسلمين
يمكن أن تؤثر على شرعية النظام السعودي من خلال تقديم نموذج عن الشريعة
الإسلامية مختلف عن التقليد الوهابي بمنح السلطة المطلقة للعاهل.
وقال المحامي السعودي عبد العزيز الجاسم: "إذا قال نموذج آخر
للشريعة إن عليك أن تقاوم، فإن ذلك سيشكل صعوبات عميقة".
كما يخشى المسؤولون السعوديون من أن سياسة مصر الخارجية تتغير، مع
اتصالها بـ"حماس" وتخطيطها لاستعادة العلاقات مع إيران, ويعتقد محللون
أن العاهل السعودي الملك عبد الله لديه مصلحة شخصية في حماية مبارك.
افد بدأ الربيع العربي في كشف تحالف بين ما يسمى بالدول العربية
المعتدلة بقيادة السعودية ومصر، التي كانت تنوي العمل مع الولايات
المتحدة للترويج للسلام مع إسرائيل. كما تسبب الدعم الأميركي للثورات
في توتر العلاقات بين البلدين، مما حث السعودية على الانفصال عن واشنطن
في بعض القضايا بينما تطرح تساؤلات بشان اعتمادها طويل الأمد على
الولايات المتحدة لحماية مصالحها.
وقد ورد الموقف السعودي المتوتر تجاه واشنطن في مقال رأي حديث كتبه
نواف العبيد، وهو محلل سعودي، في صحيفة "واشنطن بوست"، وأشار فيه إلى
أن الرياض كانت مستعدة للمضي وحدها لأن الولايات المتحدة أصبحت "شريكا
لا يعتمد عليه".
لكن ذلك يبدو على الأقل جزئيا تعبيرا عن الاستياء السعودي، لأن
الترتيبات المبنية على النفط مقابل المساعدات العسكرية التي حددت
العلاقات بين البلدين للعقود الستة الماضية من غير المرجح أن يتم
استبدالها قريبا. وتتفاوض السعودية من أجل شراء أسلحة اميركية متقدمة
بقيمة 60 مليار دولار، وكان من الملحوظ أن الرئيس الأميركي باراك
أوباما لم يذكر السعودية خلال خطابه الذي طالب فيه الحكام المستبدين
بالاستجابة لمطالب الشعوب بالديموقراطية. وكان السفير السعودي عادل
الجبير يجلس بشكل بارز في الصف الأول.
وتتعامل السعودية مع كل ثورة بدورها، دون الاعتماد على خطة واحدة.
في البحرين، لجأت إلى العنف، مرسلة قواتها لقمع ثورة الشيعة لأنها خشيت
من قيام حكومة معادية – مثل كوبا شيعية- على بعد 20 ميلا فقط من بعض من
حقول نفطها الرئيسية، حكومة متعاطفة مع إيران، إن لم تكن متحالفة معها.
وقد استخدمت الدبلوماسية في ثورات أخرى، وبقيت على الحياد في بعضها
الآخر. كما أنها تنفق مبالغ من المال، قد تصل إلى 20 مليار دولار من
أجل استقرار البحرين وعمان، التي شهدت مظاهرات أيضا.
وفي اليمن، انضمت السعودية إلى تحالف يطالب بتنحي الرئيس علي عبد
الله صالح لأنها تعتقد أن المعارضة قد تمثل جارا جنوبيا أكثر موثوقية
وأقل تحديا. لكن دبلوماسيين عربا أشاروا إلى أن المواقف السعودية زودت
صالح بمبررات للبقاء، كونه ترجمها على أنها دعم. فخلال هذا الشهر على
سبيل المثال، أرسل السعوديون شاحنات للمساعدة على مواجهة نقص في
الوقود.
وفي سوريا، أعقب بيان أولي من الملك عبدالله يدعم فيه الرئيس بشار
الأسد بالصمت، إضافة إلى الدعاء في صلاة الجمعة أحيانا بأن يساعد الله
المتظاهرين هناك. ويعكس الصمت تناقضا عميقا، وفقا لمحللين. فالعائلة
المالكة السعودية تكره بشار الأسد بصفة شخصية- وتمتعض من علاقاته
المقربة مع إيران، وترى ان لسوريا يدا في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني
الأسبق رفيق الحريري، وهو حليف للسعودية. لكنهم يخشون من أن الإطاحة به
ستطلق العنان لعنف طائفي دون ضمان أن يتضاءل النفوذ الإيراني.
وفي ليبيا، بعد أن ساعدت في الضغط من خلال الجامعة العربية من أجل
تدخل دولي، وقفت السعودية جانبا وتركت جارتيها قطر والإمارات العربية
المتحدة تنضمان إلى التحالف العسكري الداعم للثوار. وقد حافظت حتى الآن
على مسافة عن تونس أيضا، على الرغم من انها منحت اللجوء لرئيسها
المخلوع زين العابدين بن علي.
كما أن هناك شكوكا بأن المملكة تمنح المال سرا لجماعات متطرفة من
أجل منع التغيير. وينكر المسؤولون السعوديون ذلك، على الرغم من أنهم
يقرون باحتمالية تدفق الأموال الخاصة.
وفي عام 1952، بعد ان اطاح جمال عبد الناصر بملك مصر، سعى للتأثير
على استقرار جميع الملوك، مما ادى إلى قتل ملك العراق، والإطاحة بالملك
إدريس في ليبيا بعد ذلك. وقد علقت السعودية في حالة مواجهة مع مصر طوال
الستينيات، وهي لا تريد العودة إلى تلك الفترة.
وقال محمد القحطاني، وهو ناشط سياسي في الرياض: "لقد عدنا إلى فترة
الخمسينيات وبداية الستينيات، حين قاد السعوديون المعارضة ضد الثورات
القومية العروبية".
تقوض دور السعوديين
من جانبها، اعتبرت صحيفة وول ستريت جورنال، أن فشل المملكة العربية
السعودية لإيجاد توافق فى الآراء بين أعضاء أوبك لرفع الإنتاج يسلط
الضوء على أن التوتر السياسى فى الشرق الأوسط قد يكون له القوة للتأثير
على قدرة الرياض فى السيطرة على قرارات أوبك.
ورغم أن أوبك تضم 12 بلدا، كبار الدول المنتجة للنفط، إلا أن
قراراتها فى السنوات الأخيرة الماضية بدت مطاطية وتخضع لرغبات المملكة
التى تعد أكبر منتج للنفط.
وتقود كلا من إيران والمملكة العربية السعودية كتل معارضة لبعضهم،
حيث تقود المملكة العربية السعودية منظمة OPEC نحو مزيد من أسعار أكثر
اعتدالا للنفط وهو الاتجاه الذى يفضله الغرب، فيما تضغط إيران من أجل
ارتفاع الأسعار.
وتضيف أن فشل الجهود السعودية لتعزيز OPEC، فى أعقاب الإنتفاضات
المطالبة بالديمقراطية، يثير تساؤلات حول العلاقة بين الانقسامات
بالمنطقة، وتلك التى تشهدها منظمة الدول المنتجة للنفط.
إحياء حلف بغداد لمواجهة مصر الثورية
الى ذلك ترى الكاتبة سمية غنوشى فى مقالها بصحيفة الجارديان
البريطانية، "لم تكن السعودية تدرك أن أقوى ضربة استراتيجية لنفوذها
الإقليمى ستأتى من القاهرة أقرب صديق إقليمى لها، وليس من طهران أو
وكلائها فى بغداد".
وتقول إن الإطاحة بمبارك لم تكن تعنى فقط خسارة حليف قوى، ولكن
انهيار توازن القوى القديم. فلم يعد من الممكن تقسيم المنطقة بين محور
القاهرة – الرياض أو محور دمشق – طهران.
فقد ضربت الثورات كلا المحورين، فى مصر وتونس المعتدلتين وفى دمشق
وطرابلس المتشددتين. ولم يعد التحدى الأساسى الذى يواجه النظام السعودى
هو نفوذ سوريا وإيران أو حزب الله ولكن عدوى الثورات.
وتمضى الكاتبة فى القول إن السعودية لا تدخر جهداً لاحتواء الثورات
القائمة ومنع المشاكل المحتملة. وعلى الرغم من خوفها من مصر بعد
الثورة، فإنها قدمت مؤخراً لها مساعدات بأربعة مليار دولار لاسترضاء
حكامها العسكريين، وتم تقديم 20 مليار للبحرين وعمان، و400 مليون
للأردن.
وبالنسبة للرياض، فإن الثورات العربية تمثل سابقة خطيرة لكل النظم
الملكية ويجب تجنبها مهما كانت تكلفة هذا الأمر. ورغم أن النظام
السعودى مشغول لآن بمواجهة التهديد الإيرانى، إلا أن عينه على مصر
والثورات العربية الأخرى سواء القائمة بالفعل أو المحتملة. ولا تخشى
المملكة أكثر من العودة إلى ما كان عليه الوضع فى فترة الخمسينيات
والستينيات عندما كانت مصر تقود الثورة فى الملكيات العربية المحافظة
الموالية للولايات المتحدة.
وتسعى الرياض الآن إلى إعادة صياغة حلف بغداد من جديد الذى تشكل عام
1955 لمواجهة عبد الناصر وضباطه الثوريين وجمع حكام السعودية والأردن
وشاه إيران وملك العراق إلى جانب تركيا وباكستان. بالطبع بعض اللاعبين
قد تغيروا بعد أن حل التوجه الإسلامى محل القومية العربية إلا أن لعبة
الهيكل الاستراتيجية لا تزال قائمة. |