
شبكة النبأ: في التوصيف الفلسفي
للانسان قيل قديما (الانسان حيوان ناطق) اي مفكرا تمييزا له عن بقية
خلق الله من الحيوانات والجماد، وعلى وزن تلك المقولة ظهرت اخريات
غيرها كثيرات، فالانسان حيوان ضاحك، والانسان حيوان متشكك، والانسان
حيوان سياسي، وهو حيوان اجتماعي وغيرها الكثير.
في المواقف السياسية تتعد توصيفات الانسان فهو حيوان منافق، وهو
حيوان براغماتي، وهو حيوان دبلوماسي، وهو حيوان خجول جدا، وقد نحته
الكاتب في مقالة سابقة نشرت على هذا الموقع قبل اشهر قليلة سخرية من
تصريح احد السياسيين العراقيين المشاركين في الحكومة.
ومن وحي الاحداث الجارية في منطقتنا العربية منذ شهور يمكننا ان
ننحت مصطلحا جديدا هو (الانسان حيوان لا يستحي)... قيل الكثير عن
الحياء وعد احيانا شعبة من الايمان وكلنا يردد هذا القول المأثور (اذا
لم تستح اصنع ما شئت) في الكثير من المواقف الحياتية التي نعيشها.
كثرت الكتابات والتحليلات عن ربيع الثورات العربية على صفحات
الجرائد اليومية، ومواقع الانترنت.. تواكب ذلك مع تغطيات على مدار
الساعة من قبل الفضائيات العربية وبدرجة اقل محطات التلفزة الاجنبية.
ظهر الكثير من المحللين معلقين ومشاركين في الندوات والبرامج
الحوارية وكل يدلي بآرائه حول ما يحدث عبر شباك ضيق (الشباك لا يتيح لك
رؤية المنظر امامك بجميع مكوناته)، ونشرت جريدة الشرق الاوسط يوم
الجمعة 10 حزيران 2011 موضوعا وهو عبارة عن تغطية خبرية حمل عنوان (إعلاميون
وسياسيون لبنانيون يحلون ضيوفا «دائمين» على التلفزيونات السورية..
ويدافعون عن النظام).. وكان العنوان الفرعي (رفيق نصر الله يشرفني أن
أكون في «لوائح العار» إذا كانت التهمة انتمائي للمقاومة).
العراقيون لا يتفاجئون من هذه التصريحات فقد خبروها على مدار عقود
طويلة من حكم حزب البعث العراقي ومواكب الوفود الرسمية وغير الرسمية
التي كانت تتقاطر على العراق مشاركة في مهرجانات السلطة واحتفالاتها
العديدة والتي كانت تغطي الكثير من ايام العام الواحد.
ولاننا شهود احياء، على الاقل حتى الان، على ما جرى طيلة تلك العقود
ونحن شهود على ما يجري الان في الكثير من الدول في اعادة للسيناريو
العراقي (سيناريو العام 1991) وسيناريو العام 2003 لا يسعنا الا
التذكير ببعض المواقف التي سجلتها ذاكرتنا المتخمة بتفاصيل هذا الحيوان
الذي لا يستحي.
في كتابه (الخاكية.. من اوراق الجريمة الثقافية في العراق) للكاتب
المبدع عباس خضر نلمس كما كبيرا من عدم الحياء العربي تجاه ما كان
يعانيه الانسان العراقي تحت حكم الحزب الواحد والقائد الضرورة.
في الباب الثاني من الكتاب والمعنون (نماذج شعر الخاكي العربي..
تمظهرات ايديولوجيا الصحراء) نقرأ للشاعر اللبناني عصام عدي:
صدام يا قائد الاحرار تسكنني
حكاية فوق ما يروى ويحتمل..
يقول عباس خضر:
كانت فئة كثيرة من المثقفين العرب تؤمن بان صدام حسين هو امل العرب
في دخول الحضارة.. في ذهنية ثقافة الحقبة، السلطة العراقية وحربها كانت
مكملة للنموذج القومي وصورة البطل التاريخي الذي سيذيق القوى الكبرى
الذل ويحقق القوة والمجد للعرب، كان هذا التصور ينخر في الثقافة
العربية طولا وعرضا تغذيه الهزائم على صعيد السياسة، وانتكاسات
اقتصادية، وانحسار عام.
ما لذي تغير بعد كل تلك السنوات والكثير من الاحداث؟ لاشيء برأي
الكاتب...
بعد العام 2003 اصبح العنف العراقي سيد الحضور على الشاشات، والخبر
الاول والابرز تحت عن عنوان (عاجل).. وكان العراقيون يتساقطون كل يوم
بفعل نيران المقاومة الوطنية الشريفة لانهم وجدوا في المكان الخطأ
والزمان الخطيئة.. وكانت المنابر مفتوحة للقتلة وهم يجاهرون بالحديث عن
الجهاد ومقاومة المحتل عبر المرور من خلال دماء العراقيين.. لا احد كان
يعترض على قلة الحياء تلك.. فالتغطية الإخبارية يجب ان تتواصل حتى لو
كانت اعداد القتلى تسجل ارتفاعا وصعودا بين يوم وآخر..
الكثير من الكتاب وقفوا خلف الزرقاوي وحارث الضاري وجماعات القتل
العديدة تحت مسكيات تنهل من التاريخ والايديولوجية الدينية مدافعين عن
سلاحهم المقاوم الذي يسلب حياة الالاف من العراقيين لتحريرهم من
محتليهم... هل تغير شيء؟ لم يتغير.
بالعودة الى ما نشرته جريدة الشرق الاوسط وتعليقا على إيراد معارضي
النظام السوري اسمه ضمن «لائحة العار»، أكد الصحفي اللبناني رفيق نصر
الله أن (تأييده للنظام السوري ناتج عن دعم هذا النظام للمقاومة ضد
إسرائيل).
وقال ان «كل مواقفه ناتجة عن عروبته وقوميته العربية وإيمانه بقضية
إسرائيل وليست لأي هدف آخر»، واكد «يشرفني أن أكون في طليعة لائحة
العار إذا كانت تهمتي انتمائي لعروبتي وقوميتي». |