أزمة الغذاء... نصفها من أخطاء البشر

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: قد يعزو البعض أسباب الأزمة العالمية في نقص الغذاء وارتفاع أسعاره الى مستويات قياسية، الى قلة انتاج الطبيعة او ارتفاع اعداد البشر او التغيرات المناخية وغيرها من الاسباب المتنوعة، لكن السبب الاهم وراء ذلك هو الانسان نفسه بما يتسبب به من هدر كبير في هذه الموارد الاساسية التي يعتاش عليها المليارات، مما يؤدي الى ندرتها وبالتالي الى ارتفاع أسعاره، كما ان السياسات التي يقوم بها الانسان فيما يتعلق بالصناعة وما تطلقه من انبعاثات سامة ادت الى تلوث كبير في الكرة الارضية والتي جرت العديد من موجات الجفاف وبالتالي النقص في المخزون الاستراتيجي للإمدادات الغذائية الأساسية، لذا وقبل ان يلوم الإنسان الطبيعة او غيرها فعلية ان يلوم نفسه اولاً.

بين الهدر والاحتياج

فقدً قدرت دراسة حديثة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) حجم المواد الغذائية المهدرة سنوياً بـ 1.3 مليار طن سنوياً، وهو ما أسمته "تبديداً شديداً للموارد"، وتتقاسم الدول الصناعية والنامية كمية الطعام المهدر بالتساوي تقريب، وبينما ترجع خسائر البلدان النامية إلى حد كبير إلى انتشار الآفات والأمراض وسوء التخزين والنقل غير المناسب للمنتجات الزراعية، يرجع الهدر في البلدان الغنية إلى رفض تجار التجزئة للمواد الغذائية الصالحة للأكل أو إلقائها مع النفايات المنزلية، وفي مثال على مسألة الهدر يمكن المقارنة بين لندن وناميبي، فعلى بعد 20 كيلومتراً تقريباً من الحدود مع أنغولا، في شمال ناميبيا شبه القاحلة، تمكن باولوس أموتينيا، وهو مزارع خضروات صغير، من مضاعفة إنتاجه عن طريق الري بالتنقيط واستخدام تقنيات حفظ التربة على مدى السنوات الأربع الماضية، لكن الزراعة ليست سوى جزءاً من المعركة، فهناك أكوام من الجوز والبصل المتعفن ملقاة في فناء منزله، واشترك أموتينيا في مشروع برنامج الأمم المتحدة الانمائي التجريبي الذي يهدف إلى مساعدة المجتمعات المحلية على التكيف مع تغير المناخ، وعلى الرغم من أنه أصبح أفضل حالاً من ذي قبل، إلا أنه خسر خضروات تساوي آلاف الدولارات سنوياً نظراً لعدم توفر مرافق التخزين البارد وافتقاره إلى سبل الوصول إلى الأسواق لبيع الفائض المتوفر لديه، ومع بداية عام 2011، لم يبدُ الوضع مختلفاً، حيث قال "حاولت حتى في السوبرماركت المحلي في أوتابي (أقرب بلدة، تبعد 45 كيلومتراً)، لكنهم يفضلون جلب الخضروات من الموردين المعتادين في جنوب إفريقيا"، ولكن أموتينيا تواصل بعدها مع 49 من صغار المزارعين الذين استفادوا من مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واتفقوا على تجميع دخولهم بغرض بناء منشأة التخزين البارد وإقامة سوق لبيع الخضراوات، وقام المزارعون بجمع ما يقرب من 19،000 دولار، وساهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأكثر من 200،000 دولار، وأضاف قائلاً "نأمل في فتح السوق قريباً"، كما يعتزم المزارعون أيضاً تزويد المجتمعات المجاورة عبر الحدود في أنغول، ويعتبر المزارعون البريطانيون توفير المبيدات والبذور المحسنة، التي لا يحلم بها نظراؤهم الناميبيون، أمراً مفروغاً منه، ويملك المزارعون في بريطانيا مجففات لمنع تعفن الحبوب ومخازن غلال يمكن التحكم بدرجة حرارتها لأغراض التخزين، وبالإضافة إلى مرافق التخزين البارد، يملك المزارعون البريطانيون شاحنات مبردة لنقل الحليب والمنتجات الأخرى القابلة للتلف، وبالتالي فإن الخسائر على مستوى المزرعة منخفضة للغاية، ويتم بيع أكثر من 75 بالمائة من المواد الغذائية البريطانية عن طريق أربع سلاسل سوبر ماركت كبيرة فقط يمكنها فرض الأسعار والمنتجات. بحسب شبكة ايرين.

ويحدث بعض الإهدار لأسباب تجميلية، حيث يتم التخلص من بعض ثمرات الفاكهة والخضروات لأنها ليست بالحجم المناسب، أو ملتوية جداً، أو مغطاة بالنتوءات، أو لونها غير مناسب، في الوقت نفسه، يقول تقرير الفاو أن القضايا الأساسية، مثل عدم وجود مرافق تخزين وصعوبة الوصول إلى أي سوق تتسبب في جزء كبير من خسائر الأغذية في البلدان النامية، وأفاد شيفاجي باندي، مدير قسم الإنتاج النباتي والحماية في منظمة الفاو، أن البلدان النامية تخسر نحو 630 مليون طن من المواد الغذائية سنوياً، 30 بالمائة منها على مستوى الحقل"، وقال أندرياس شيمبولويني، مدير مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ناميبيا، أن الحد من هذه الخسائر "يجب دمجه في استراتيجيات الحكومات لأن صغار المزارعين لا يستطيعون القيام بذلك بأنفسهم"، وتضطر بلدان نامية عديدة للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، مما يزيد من فرص تعرض المحاصيل للآفات والتلف، وقال باندي أن جميع البذور المتاحة للمزارعين تقريباً في البلدان المتقدمة مقاومة للأمراض وتقلبات درجات الحرارة، ولكن نادراً ما تتوفر هذه البذور في البلدان النامية، منظمة "براكتيكل أكشن" هي واحدة من العديد من المنظمات غير الحكومية التي تبحث عن حلول للبلدان التي لا تكون فيها الكهرباء والثلاجات في متناول معظم الناس، وقال نيل نوبل المسؤول بخدمة المعلومات التقنية التابعة لها أن المنظمة طورت نوعين من أنظمة التبريد يجري اختبارهما في السودان ونيبال، النظام الأول عبارة عن جرة فخارية تتكون من غرفتين إحداهما ممتلئة بالمياه من أجل الحفاظ على برودة المنتجات المخزنة في الغرفة الداخلية، وقد تم تقديم هذه الطريقة على مستوى الأسرة في السودان لمساعدة الأسر على تخزين الخضروات والفاكهة لفترات أطول، أما نظام التبريد الآخر فيتم بناؤه على الأرض بالطوب الطيني باستخدام نفس المبد، وأفاد نوبل قائلاً "يمكنك تخزين كميات أكبر في هذه الحاويات، بما في ذلك الحبوب الأساسية"، ولكن في بريطانيا، يستطيع المزارعون الهروب من طغيان محلات السوبرماركت، ففي سوق للمزارعين أقيم مؤخراً في شمال لندن، اشتمل كشك غاري كوكس على باقات من البصل الأخضر بأوراق ملتوية وبعض الجزر الأبيض غير المنتظم الشكل، ومع ذلك كان هناك أشخاص راغبون بالشراء، ويرى تقرير الفاو أن هذه المبيعات المباشرة هي إحدى الطرق لإحراز تقدم، لأنه يقول أنه على الرغم من أن محلات السوبرماركت تبدو مقتنعة بأن الزبائن لن يشتروا الطعام ذا المظهر غير المناسب، إلا أن الدراسات تشير إلى أن الناس في الواقع أقل تدقيقاً من ذلك.

إطعام مدينة

من جهته قال كوكس "نحن واعون جداً للهدر"، ويبيع كوكس بعض المنتجات مباشرة إلى المطاعم، ويتم تسليم البعض الآخر إلى المنازل، وتذهب أي كميات لا يتم بيعها في سوق الأحد إلى متجر التخفيضات حيث تباع بأسعار زهيدة، وأضاف قائلاً "وما لا يتيسر بيعه، يتم تحويله إلى سماد ووضعه مرة أخرى في التربة، وبالتالي لا يُهدر"، هناك دلائل على أن محلات السوبرماركت الكبيرة آخذة في التغير، إذ تملك إحدى سلاسل السوبرماركت، وتدعى "سينسبري"، الآن مجموعة من المنتجات "الأساسية" الأرخص سعراً، ويتم الإعلان بصراحة عن عيوبه، فهناك البطاطس المشوهة الشكل من الخارج ("ولكنها لذيذة عند الهرس") والجزر غريب الشكل ("اللذيذ لدى تناوله للقرمشة")، مع ذلك، ما زالت بعض المنتجات الجيدة تماماً تُقابل بالرفض، فعلى سبيل المثال، جلب الربيع الدافئ لأحد المزارعين بعض ثمار الخيار الرائعة للغاية، وانتهى المكان بهذا المحصول في "بيبلز سوبر ماركت" في بلومزبري، بوسط لندن، وقال توم سميث، المدير المناوب هناك أن الخيار الضخم يُباع بشكل جيد، "كما يوفر لنا المزارع ثمار الخيار الملتوية التي تحصل عليها في المحصول الثاني، ولا تقترب محلات السوبرماركت الكبيرة مثلاً من هذا الخيار ولكننا نجد أنه يحظى بشعبية كبيرة"، وأخبر باندي من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن الخضروات والفواكه الغضة ذات نسبة السكر المرتفعة هي الأكثر عرضة للتعفن والتي تمثل أكثر الأطعمة التالفة في البلدان النامية، وأشار سميث إلى أنه من حيث الحد من الهدر، كانت الانطلاقة الحقيقية هي قرار الشركة فتح مطبخ في المتجر لاستخدام المنتجات التي لا تُباع، ويعد قسم الأطعمة المطهية أحد أكثر الأقسام ربحية، وبذلك لا يتم التخلص سوى من حوالي 2 بالمائة من المنتجات الطازجة، ويبيع سميث أيضاً المنتجات الطازجة غير المعبأة، بدلاً تعبئتها مسبقاً، وبالتالي يمكن للعملاء شراء ما يحتاجون إليه فقط، ولا يوجد تاريخ يتوجب البيع قبله، وبالتالي لا يتم التخلص من المواد الغذائية قبل الأوان. بحسب شبكة ايرين.

وقد تناول تقرير الفاو كلتا النقطتين، وانتقد أيضاً محلات السوبرماركت لتقديمها عبوات أكبر حجماً، أو عروض "اشتري واحدة، واحصل على الثانية مجاناً"، التي تشجع الزبائن على شراء أكثر من حاجتهم، بدلاً من مجرد خفض الأسعار، ويبدو أن المهدرين الحقيقيين للمواد الغذائية في المملكة المتحدة هم الزبائن، وليس أصحاب المتاجر، إذ تتخلص الأسر البريطانية من 8.3 مليون طن من الأغذية كل عام، مقابل 6.5 مليون طن تُفقد في سلسلة التوريد، وفقاً للأبحاث التي قامت بها خطة الحد من النفايات، وتقيم سيان في لندن ولديها ثلاثة أطفال تقل أعمارهم عن ست سنوات، وقالت عن محاولتها الحد من هدر الطعام، "إذا لم يأكل الأطفال ما يوضع أمامهم، أشرح لهم أن ما يقومون به هدر للطعام وأن هناك أناس في العالم ليس لديهم ما يكفي من الطعام،ولكن حتى أكبر أبنائي الذي يبلغ من العمر خمس سنوات يعتقد أن كل مكان في العالم يشبه هذا المكان، فهم لا يستطيعون تصور حالة عدم وجود ما يكفي من الطعام"، لكن في نهاية المطاف، وكما جاء في تقرير منظمة الأغذية والزراعة، فإن "أهم سبب لإهدار الطعام على مستوى الاستهلاك في الدول الغنية هو أن الناس ببساطة يستطيعون تحمل نفقات إهدار الطعام".

أسعار ومفاهيم

في سياق متصل تتاقص المواد التي تضعها ببانو بيبي في سلة التسوق الخاصة بها مرة بعد مرة، فعندما تذهب للتسوق الآن في العاصمة البنغالية دكا، تنفق أكثر مما كانت تنفقه منذ عام، ولكن هذا المال يشتري سلعاً أقل، ففي عام 2010، كانت بانو بيبي تستطيع شراء العدس وصابون الغسيل والأسماك المفضلة لدى أفراد أسرتها مقابل 134 تاكا (1.80 دولار)، أما هذا العام فتضطر لإنفاق 185 تاكا (2.50 دولار) لشراء السلع الأساسية فقط وهي المزيد من الأرز للتعويض عن عدم وجود غيره من المواد الغذائية، والخضروات الأرخص ثمن، تسكن بانو بيبي في واحد من بين ثمانية مجتمعات وقع عليها اختيار فريق البحث التابع لمعهد الدراسات الانمائية في المملكة المتحدة لتتبع آثار ارتفاع أسعار الغذاء والوقود، وبمساعدة المنظمات الشريكة في بنجلاديش وزامبيا وإندونيسيا وكينيا تحدث الفريق على مدى ثلاث سنوات إلى الناس في مجموعة مختارة من المجتمعات الريفية والحضرية حول كيفية تأثير ارتفاع الأسعار على حياتهم، وتجربة بانو بيبي نموذجية إلى حد بعيد، فأسرتها لا تتضور جوعاً، إذ لا يزال لديها طعام، ولكنه ليس الطعام الذي تحبه، كما أنه ليس مغذٍ كما يجب، وكانت الأسرة تأكل كمية أكبر وأنواعاً أفضل قبل صدمة أسعار الغذاء والأزمة المالية في عام 2008، وفي جميع أنحاء العالم، يضطر أرباب الأسر إلى العمل بجدية أكبر، وقضاء وقت أطول في التسوق أو البحث عن الطعام، والتخطيط بعناية أكبر لتعديل ميزانياتهم من أجل إطعام أفراد أسرهم، وقد تكلمت امرأة من لانغو بايا في كينيا، بلسان حال الكثيرين عندما قالت للباحثين "إنك تذهب إلى متجر لشراء شيء بنفس المبلغ الذي دفعته في اليوم السابق، ولكن يُقال لك أن الأسعار قد ارتفعت"، وعلى الرغم من أن أسعار الغذاء والوقود انخفضت بعد الارتفاع الأولي الذي حدث عام 2008، إلا أنها لم ترجع إلى مستوياتها السابقة، بل ارتفعت مرة أخرى هذا العام، وقد تمكنت دولة واحدة فقط من البلدان الأربعة التي شملتها الدراسة وهي زامبيا، من تنفس الصعداء هذا العام، إذ لم يزداد سعر الذرة، الغذاء الرئيسي في البلاد، وبينما ركزت الدراستان السابقتان على الآليات التي استخدمها الناس لمواجهة ارتفاع الأسعار، قرر الباحثون هذه المرة طرح بعض الأسئلة السياسية أكثر مثل، لماذا يعتقد الناس أن الأسعار مرتفعة إلى هذه الدرجة؟ من الذي يُفترض أن يقع عليه اللوم؟ ماذا يتوجب عمله حيال ذلك؟ وقالت نعومي حسين، قائدة فريق البحث، مؤخراً في محاضرة لها في جامعة ساسكس "لقد كان وقتاً مثيراً للاهتمام في ظل الحراك السياسي العربي والاضطرابات المنتشرة في أنحاء مختلفة من العالم، ولذلك أردنا أن نعرف كيف يشعر الناس حيال ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود". بحسب شبكة ايرين.

وقد تزامنت محاضرتها مع نشر تقرير أعدته المؤسسة الخيرية البريطانية "كريستيان إيد" حول أسباب ارتفاع الأسعار العالمية، وقد حلل التقرير التحركات الأخيرة في أسواق السلع الأساسية، وخلص إلى أن صناديق الأموال الاحتياطية التي كثيراً ما يقع اللوم عليها لم تكن المذنب الحقيقي، بل تم توجيه اللوم إلى صناديق التقاعد بالتحديد، فهذه الأخيرة تملك مبالغ ضخمة من المال، وكانت تنسحب من الأسهم المتقلبة وتستثمر في صناديق مرتبطة بسلة من أسعار السلع الأساسية، مما اضطر مديري الصناديق لحماية مواقعهم الاستثمارية عن طريق شراء السلع الآجلة بنطاق يسمح بتحرك السوق بأكمله، وعلى الرغم من أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية أصبح الآن ظاهرة عالمية تُذكر على نطاق واسع في وسائل الإعلام، إلا أن الناس الذين تحدثت إليهم حسين وزملاؤها كانوا يبحثون عن أسباب داخل بلدانهم فقط، فذكروا الاكتناز والمضاربة وتغير المناخ والمشاكل البيئية في مناطقهم، كما ألقت الأغلبية الساحقة باللوم على فشل حكوماتهم في الاهتمام بالفقراء، وقال أحد الأشخاص الذين التقى بهم الفريق في بنجلاديش "لا أصدق قصة السوق العالمية هذه على الإطلاق، إنه مجرد عذر تقدمه الحكومة لعدم قيامها بأي شيء"، وتصف حسين "الفشل الحقيقي للمجتمع المدني العالمي في إقناع الناس بكيفية ارتباط سبل معيشتهم بالاقتصاد العالمي"، وأضافت قائلة "لست مندهشة من أن الناس يفضلون الأسباب المحلية، لأنها تعطيهم شعوراً بالوعي الذاتي، فإذا كانت المشكلة عالمية، فماذا يمكنهم أن يفعلوا؟"، ولكن حسين تُبدي بعض التعاطف مع الحكومات، فعلى سبيل المثال، توجد اليوم خطط للحماية الاجتماعية أكثر من تلك التي كانت موجودة وقت إجراء الدراسة الأولى، على الرغم من أن الحكومات تقلص ميزانياتها، ومع ذلك لا يُنسب إليها إلا القليل من الفضل، ويقترح أولئك الذين يعتقدون أنه يتعين على الحكومة "القيام بشيء ما"، حظر الصادرات والسيطرة على الأسعار ومعاقبة المكتنزين ودعم المواد الغذائية الأساسية، كما وجد الباحثون أن هناك شعوراً بأنه من واجبات الحكومة الأخلاقية أن تُعيل شعبها، ويتم ربط ذلك أحياناً بمفاهيم الديمقراطية، وقد أخبرت امرأة في كينيا فريق البحث أن "الدستور الجديد يعطينا الحق في أن توفر لنا الحكومة المواد الغذائية"، وقد امتد الحس الأخلاقي أيضاً إلى مجتمع الأعمال، فقد أفاد طبيب في منطقة ريفية في بنجلاديش "أن رجال الأعمال يجب أن يكتسبوا بعض التعاليم الأخلاقية، فإذا كانوا يخشون الله ويديرون أعمالهم بأمانة، فإن الوضع سيتحسن"، وتقول حسين أنه بصفة عامة "هناك إجماع شعبي حول ما هو مشروع، فيما يتعلق بالمعايير والالتزامات الاجتماعية، فالناس يضعون حدوداً أخلاقية لحرية الأسواق"، ولكن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ليس خبراً سيئاً للجميع، فقد أشار اكزافيار سيريرا، زميل معهد الدراسات الإنمائية إلى أن ارتفاع الأسعار جاء بعد فترة طويلة من انخفاض أسعار المواد الغذائية، الذي كان قاسياً على المزارعين، وأضاف قائلاً "يجب علينا دائماً أن نطرح هذا السؤال ما هو السعر الحقيقي للغذاء وكيف يمكن للحكومات أن تضمن شبكات أمان أفضل للفقراء، وأن تتأكد في نفس الوقت من أن يعيد التجار فوائد ارتفاع الأسعار إلى المنتجين؟ الدليل على ذلك أن المزارعين يحصلون على بعض الفوائد ويتجاوبون مع هذا التوجه، ولكنهم لا يحققون الاستفادة الكاملة من ارتفاع الأسعار".

مخاوف

من جهتها تواجه مقاطعة "شاندونغ"،  فى شمال شرقي الصين، أهم مناطق زراعة الحبوب في تلك الدولة الآسيوية، أسوأ موجة جفاف منذ 60 عاما، ما دق ناقوس الخطر من احتمال أكبر دول العالم إنتاجاً للقمح لأزمة، وروسيا، لا تزال تعاني من موسم جفاف خفض إنتاجها من القمح بقرابة 40 في المائة،  ودفع الحكومة، الصيف الماضي، إلى حظر الصادرات، ورغم الآمال في أن تؤدي سلالة من تلك الحبوب لاستئناف موسكو صادراتها من القمح، إلا أن التربة التي تضررت من الجفاف تعني أن قرابة 10 في المائة من حقول زراعة القمح لن تجري زراعتها هذا العام، وإلى جانب ذلك، انتشرت ثورات شعبية أطاحت بحكومتي تونس ومصر ليسري المد الثوري في أرجاء منطقة الشرق الأوسط، كانت الشرارة التي أشعلتها ارتفاع معدلات البطالة والفساد وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وقال نغوزي أوكونجو-إويالا، المدير المنتدب لدى البنك الدولي "ينبغي علينا الحذر، وكمجتمع دولي، بأن لا نسمح لأسعار المواد الغذائية بأن تصبح تهديداً أمنياً قومياً لدول فحسب بل تهديد للأمن الدولي، ولقد دفع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بما يقرب من 44 مليون شخص إلى براثن الفقر منذ  يونيو/حزيران الماضي، وفقا لتقديرات البنك الدولي صدرت مؤخراً ، أدى بدوره إلى زيادة أعداد من يعانون من الجوع المزمن إلى مليار شخص حول العالم، وارتفعت أسعار الغذاء العالمية بنسبة 29 العام الماضي، مدفوعة بكوارث مناخية كالجفاف في روسيا وقرارها بحظر تصدير القمح، فضلا عن الاقبال المتزايد على الوقود الحيوي وارتفاع الطلب من الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل والهند والصين، وقاد السكر والقمح هذه الزيادات حيث ارتفعت أسعارهما بواقع 20 في المائة، والدهون وزيوت الطبخ بنسبة 22 في المائة ووقد أدى ارتفاع الأسعار عن طريق السكر والقمح وبنسبة 20 ٪. ارتفعت الدهون والزيوت المستخدمة في الطبخ 22 ٪ ، وفقا للبنك الدولي، ومؤخراً، أطلقت الأمم المتحدة تحذيراً من أن العالم قد يشهد أزمة غذائية، ربما تكون أكثر قسوة من تلك التي شهدها عام 2008، كما جاء في تقرير حكومي أصدرته وزارة الزراعة الأمريكية، أشار إلى أن مخزون الولايات المتحدة من الحبوب الغذائية عند أدنى مستوياته، بمثابة مفاجأة للتجار الأمريكيين، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الذرة وفول الصويا إلى أعلى معدل لها خلال الـ30 شهراً الأخيرة، وجاء هذا الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية بعد صدور تقرير آخر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، تضمن تحذيراً من الأزمة الغذائية التي شهدها عام 2008، وتسببت في اضطرابات بمختلف أنحاء العالم، قد تتكرر إذا ما واصلت أسعار الغذاء ارتفاعها. بحسب السي ان ان.

كما ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة كما كان متوقعا بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة لكن ليست هناك مؤشرات قوية حتى الان على ارتفاع التضخم بشكل واسع النطاق يثير قلق مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي)، وقالت وزارة العمل الامريكية ان مؤشرها لاسعار المستهلكين ارتفع 0.4 بالمئة بعدما ارتفع 0.5 بالمئة في مارس اذار، وكان اقتصاديون قد توقعوا في استطلاع أجرته رويترز أن يرتفع المؤشر 0.4 بالمئة الشهر الماضي، وارتفع المؤشر الاساسي لاسعار المستهلكين الذي يستثني الغذاء والطاقة 2 ر0 بالمئة بعدما زاد 0.1 بالمئة في مارس وهو ما وافق توقعات المحللين، وتترواح الزيادة الشهرية في المؤشر الاساسي لاسعار المستهلكين بين 0.1 بالمئة و0.2 بالمئة منذ نوفمبر تشرين الثاني، ويراقب الاحتياطي الاتحادي قراءة المؤشر الاساسي عن كثب كأحد عوامل السياسة النقدية، ويعتقد مسؤولو الاحتياطي الاتحادي أن ارتفاع أسعار السلع الاولية الذي أثر سلبا على النمو الاقتصادي في الربع الاول من العام لن يكون له أثر ممتد على التضخم، وشكلت أسعار البنزين نحو نصف الزيادة في التضخم الكلي الشهر الماضي اذ ارتفعت 3.3 بالمئة الا أن معدل الزيادة تباطأ بعد زيادة بنسبة 5.6 بالمئة في مارس، وارتفعت أسعار الغذاء 0.4 بالمئة بعدما ارتفعت 0.8 بالمئة في مارس، وفي 12 شهرا حتى ابريل ارتفع المؤشر الاساسي لاسعار المستهلكين 1.3 بالمئة بعد ارتفاعه 1.2 بالمئة في مارس، لكن مسؤولي الاحتياطي الاتحادي يريدون أن يروا هذه النسبة أقرب الى اثنين بالمئة، وبلغ التضخم الكلي لاسعار المستهلكين 3.2 بالمئة على أساس سنوي بعدما سجل 2.7 بالمئة في مارس.

دول عربية

بدوره قال مسؤول بوزارة الاقتصاد ان الامارات العربية المتحدة تعتزم مكافحة ارتفاع أسعار السلع على مستوى العالم بتثبيت أسعار نحو 400 سلعة من المواد الغذائية في 70 منفذا للبيع، وهذه الخطوة هي الاحدث ضمن مجموعة من الاجراءات التي اتخذتها الامارات لخفض الاسعار ودعم المواد الاساسية، واصبح ارتفاع أسعار المواد الغذائية أمرا بالغ الحساسية على مستوى العالم اذ يسهم في اثارة احتجاجات مثل التي أطاحت بالرئيسين التونسي والمصري في وقت سابق هذا العام ومع انتشار الاضطرابات في شمال افريقيا والشرق الاوسط، ومن المتوقع أن يساعد هذا الاجراء الذي يبدأ العمل به اعتبارا من الاول من يونيو حزيران وتقرر حتى الان أن يستمر العمل به حتى نهاية العام باعة التجزئة ومنهم سلسلة متاجر كارفور الفرنسية وأن يستوعب بسهولة في هذه الدولة الغنية بالنفط التي تستورد أغلب احتياجاتها من الغذاء وتدعم بالفعل منتجات استهلاكية أخرى، وقال محمد الشيحي وكيل وزارة الاقتصاد في مؤتمر ان هذه المنافذ تشمل كارفور والجمعيات التعاونية وسلاسل متاجر اللولو وسبينيس التي تسيطر على 75 بالمئة من سوق التجزئة في الامارات، وأضاف أن الوزارة تلقت اشارات من العديد من المنظمات على أن اسعار أغلب السلع سترتفع في الفترة من 2011 الى 2015، ولم تورد الوزارة تفاصيل عن المبلغ الذي سيخصص للدعم أو ما اذا كان سيمول بشكل مستقل في كل امارة على حدة، ولكن الشيحي قال ان هذه المبادرة لا صلة لها بالاضطرابات التي تهدد بالاطاحة برئيس اليمن المجاور والتي أثارت مخاوف في السعودية. بحسب رويترز.

بينما أظهرت بيانات صدرت مؤخراً أن التضخم السنوي في السودان تراجع الى 16.5 في المئة في أبريل نيسان من 17.1 في المئة في مارس اذار، لكن أسعار الغذاء لا تزال مرتفعة مما يزيد من التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد بعد تصويت جنوبها على الانفصال، وقال المكتب المركزي للاحصاءات في بيان ان التضخم الشهري تسارع 0.4 في المئة في أبريل، وارتفعت أسعار الغذاء التي تشكل أكثر من نصف مؤشر أسعار المستهلكين 18.8 في المئة في أبريل منخفضة قليلا من 20.4 في المئة في مارس، وهبطت نفقات الخبز والفاكهة والخضروات واللحوم قليلا لكثير من السودانيين العاديين لكن الغذاء لا يزال مرتفع، وأظهرت البيانات أن نفقات المطاعم والفنادق ارتفعت 18.7 في المئة في أبريل من 15.5 في مارس، وارتفعت نفقات الاسكان والمياه والكهرباء 7.5 في المئة في أبريل من 7.3 في المئة في مارس، وصوت جنوب السودان حيث توجد معظم الثروة النفطية على الانفصال اعتبارا من يوليو تموز ليصبح دولة مستقلة، ولم يتفق الشمال والجنوب بعد على كيفية تقاسم ايرادات النفط رغم أنه يوجد الان مزيد من التفاؤل حول التوصل الى اتفاق، وقال محللون ان ارتفاع أسعار الغذاء يمكن أن يثير استياء الاشخاص الذين يعانون بالفعل من البطالة وانخفاض قيمة العملة وشح النقد الاجنبي والعقوبات الامريكية، ويتم استيراد معظم الغذاء.وقال مصرفيون في الخرطوم ان تدفقات النقد الاجنبي من البنك المركزي ارتفعت قليلا مؤخرا مدعومة بارتفاع الاسعار العالمية لنفط البلاد وانتاجها الاضيق نطاقا من الذهب.

ارتفاع أسعار القمح

من جانبهم أفاد مسؤولون أن ارتفاع تكاليف دقيق القمح المستورد يسهم في انعدام الأمن الغذائي في أفغانستان بسبب اعتماد العديد من الأسر في المناطق الحضرية عليه، وكانت تكلفة دقيق القمح المستورد في شهر مارس لا تقل عن ثمانية أفغاني (0.18 دولار) وهو ما يفوق تكلفة كيلو القمح المنتج محلياً، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وأفاد مسؤولون في وزارة الزراعة والري والثروة الحيوانية أن المزارعين أنتجوا 4.5 مليون طن من القمح في العام الماضي (أي أكثر من 80 بالمائة من الــ 5.2 مليون طن المطلوبة سنوياً على الصعيد الوطني)، لكن هذا الإنتاج فشل في تقديم ما يكفي من دقيق القمح للأسواق في المناطق الحضرية التي يغزوها الطحين المستورد، وقال مجيد قرار، المتحدث باسم الوزارة أن "نقص المطاحن الصناعية وانعدام الأمن وسوء حالة الطرق ومرافق النقل وقلة الكهرباء وانعدام الاستثمار الخاص في قطاعات تجهيز القمح وتسويقه هي من بين الأسباب الرئيسية التي تجعل القمح المنتج محلياً رخيصاً وأقل جاذبية للمزارعين"، ويستهلك معظم القمح المنتج محلياً من قبل الأسر الزراعية، ويصل أقل من 10 بالمائة من الناتج إلى أسواق المواد الغذائية على المستوى الوطني، وفقا لمسح أجراه نظام الإنذار المبكر من المجاعة عام 2007، وطبقاً للمسح، يوجد أقل من 15 مطحنة صناعية في أفغانستان في حين تضم باكستان المجاورة أكثر من 700 مطحنة، وتستورد أفغانستان، وهي بلد غير ساحلي، ما بين 500،000 و700،000 طن من دقيق القمح من باكستان سنوي، كما يتم استيراد بعض القمح والدقيق من كازاخستان وأوزبكستان ودول المنطقة الأخرى، وقال جون سيشيتانو، وهو مدير برامج لدى نظام الإنذار المبكر من المجاعة أن "الدقيق المنتج في كازاخستان وباكستان أفضل نوعية من الدقيق الذي يصنع من حبوب القمح الأفغانية، وهذا يتطلب سعراً أعلى، والفرق في الشكل (الدقيق مقابل الحبوب) وكذلك النوعية يفسران الفرق في السعر". بحسب ايرين.

وحذر مسؤولون في وزارة الزراعة من أن احتمالية حدوث الجفاف وقلة الحقول البعلية والكوارث الطبيعية التي تلوح في الأفق كغزو الجراد قد تشكل تهديداً لمواسم حصاد هذا العام، وقال قرار أن "الكثير من القمح ودقيق القمح المستهلك محلياً يأتي من خارج البلاد، فارتفاع الأسعار في الأسواق الخارجية من شأنه أن يؤثر علينا بالتأكيد، وهذا أمر يثير القلق"، وحسب تقييم المخاطر ومواطن الضعف الوطني لعام 2008، يعيش ما لا يقل عن تسعة ملايين أفغاني (36 بالمائة من السكان) على أقل من دولار واحد في اليوم، وثمة خمسة ملايين "من غير الفقراء" يعيشون على 2،100 أفغاني (43 دولاراً) في الشهر، وقال أسد الله أزهري، المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي في كابول "قد يكون الحصاد الجيد أمراً مهماً، إلا أن الأمن الغذائي لا يتعلق بالإنتاج فحسب،" مضيفاً أن القدرة على تحمل التكاليف وإمكانية الحصول على الغذاء أمران مهمان للغاية، ويعتزم برنامج الأغذية العالمي إطعام أكثر من سبعة ملايين أفغاني من المستضعفين والذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في عام 2011، غير أن المنظمة تواجه عجزاً تمويلياً خطيراً ومباشر، وكانت الجهات المانحة قد قدمت 8 ملايين دولار فقط منذ أن دعا برنامج الأغذية العالمي لتقديم 257 مليون دولار في 14 أبريل، ولكن أزهري قال أن المنظمة "متفائلة" بقدوم المزيد من الأموال، كما يعاني الملايين حول العالم من مجاعات قاتلة، بينما ترتفع أسعار الأغذية وتتضخم بشكل شبه يومي تقريباً، الأمر الذي يقلق الحكومات، وخاصة في الدول النامية، التي بات أمنها الداخلي مهدداً جراء الفقر المتزايد، ولكن الحقيقة الصادمة التي أعلنها تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة هي أن العالم يرمي سنوياً ثلث إنتاجه من الطعام.فبحسب التقرير، يتخلص البشر، وخاصة في الدول المتقدمة، من 1.3 مليار طن من الأغذية سنوياً، ولتقريب الصورة إلى الأذهان، يمكن للناس التخيل أن كل مواطن من الشعب الصيني الذي يبلغ تعداده 1.3 مليار شخص يقوم سنوياً برمي طن من الأطعمة بسلة المهملات.وبحساب الأرقام، فإن الدول الغربية الصناعية ترمي أكبر كمية من لأغذية نسبة لأعداد السكان، بحيث يتخلص كل فرد من كميات تتراوح بين 95 و115 كيلوغرام من الأطعمة سنوي، في حين أن الدول النامية، وخاصة في آسيا وفي جنوبي الصحراء الأفريقية، وهي من بين الأفقر في العالم، فلا تتجاوز حصة الفرد فيها من الأغذية المرمية سنوياً إلا 11 كيلوغرام، وترمي مجموعة الدول الأكثر ثراء في العالم سنوياً 222 مليون طن من الأغذية، ما يعادل تقريباً كامل إنتاج دول جنوبي الصحراء الأفريقية البالغ 230 مليون طن من الأغذية سنوي، وتأتي هذه الأرقام في وقت يشتكي فيه العالم من ارتفاع مفرط وتضخم في أسعار الأغذية، فقد أعلنت الصين أن تلك الأسعار ارتفعت 11.5 في المائة بأسواقها مقارنة بالعام الماضي، بينما ارتفع الأسعار بنسبة 8.5 في المائة في الند بالفترة نفسها، و ستة في المائة بالولايات المتحدة مقابل 15 في المائة بجنوب أفريقيا، ما يظهر الحاجة لتوفير الغذاء، وتقدم منظمة الأغذية العالمية التابعة للأمم المتحدة مجموعة من النصائح لمواجهة هذا الواقع، بينها الدعوة إلى عدم تشديد القيود المتعلقة بشكل ومنظر الفاكهة والخضار المعدة للتصدير، إذ غالباً ما يصار إلى التخلص من المنتجات الزراعية التي تظهر بعض الخدوش على قشرتها الخارجية لمجرد أن الدولة المستوردة سترفضها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/حزيران/2011 - 6/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م