
شبكة النبأ: حلت يوم السبت 28
أيار/مايو المنصرم، الذكرى السنوية الثالثة عشر للاختبار النووي الأول
الذي أجرته باكستان عام 1998. وتعرف هذه الذكرى بـ "يوم التكبير" وتعني
"يوم الإحياء". وقد أحيت باكستان هذا العام حملة طويلة وسيئة بين
العالم الباكستاني المثير للجدل عبد القدير خان والدكتاتور العسكري
السابق برويز مشرف الذي وضع خان رهن الإقامة الجبرية عام 2004، متهماً
إياه بنشر أسرار نووية إلى ليبيا وإيران وكوريا الشمالية.
يقول سايمون هندرسون في تحليله المنشور في معهد واشنطن لجراسات
الشرق الادنى: خلال عطلة نهاية الأسبوع أفادت صحيفة باكستانية بأنه
عندما دعا خان الجنرال مشرف لمشاهدة اختبار إطلاق صاروخ غوري الذي
صممته كوريا الشمالية في نيسان/أبريل 1998 كان مشرف مخموراً. وحيث إن
شرب الكحول هو ضد القانون في باكستان، فليس لدى الصحفيين مخزون
التعبيرات التي ربما يستخدمها نظراؤهم الأمريكان لتغطية مثل هذه الظروف.
بيد، أضافت الصحيفة بأن "الجنرال مشرف...لم يكن في وعيه." وقال له خان،
"نحن نتلو آيات من القرآن، وتتم الآن تأدية فريضة الحج في مكة، ففي أي
وضع أتيت إلى هنا."
ويتابع: إن الكحول أو عدمه هو أحد المؤشرات الرئيسية على ما يحدث في
الجيش الباكستاني الذي أصبح الآن -- عن عمد أو خلافاً لذلك -- معروفاً
بأنه قدم الملاذ الآمن لأسامة بن لادن في مدينة أبوت أباد العسكرية في
جوهرها.
ويقول هندرسون: في مشهد من فيلم "حرب تشارلي ويلسون"، يزور عضو
الكونغرس (الذي أدى دوره توم هانكس) الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق
المعروف بأنه مسلم ناسك. وعندما يسأله الخادم إذا ما كان يحب أن يشرب
شيئاً، يطلب تشارلي ويلسون ويسكي. لكن ضياء يبلغه باقتضاب بأنه لا توجد
خمور. وقد ذكّرني ذلك بلقائي بضياء لأول مرة في عام 1977 بعد أسابيع
قليلة من استيلائه على السلطة في انقلاب عسكري. ولسبب ما فإنه قد أحبني،
وقد كنت في ذلك الحين مراسلاً للـ "بي بي سي" ودعاني لتناول العشاء.
وقد تهرب ضياء من الإجابة عن أسئلتي ولم يكن متحدثاً لبقاً، ولذا كان
العشاء وجبة مؤلمة. لقد كان بإمكاني استخدام الويسكي، وأنا وتشارلي
ويلسون كان يمكن أن نكون أكثر حظاً لو كنا قد التقينا مشرف الذي كان
معروفاً حتى قبل تقرير هذه الصحيفة بأنه يحب شرب الكحول بهدوء. وبسبب
ذلك، وكما كتب شوجا نواز في دراسته عام 2009 بعنوان "السيوف المتقاطعة:
باكستان وجيشها والحروب الداخلية" فإن 'الوكالات' (وهي صيغة مختصرة لـ
"وكالة الاستخبارات الباكستانية" وجماعات استخباراتية أخرى) قد أفادت
أن [مشرف] لم يكن "مناسباً" لمنصب [رئيس أركان الجيش]."
ويشير: الى جانب الخمور هناك مؤشر آخر للتوجه الذي يسير عليه الجيش
الباكستاني وهي درجة الالتزام الديني. ويُعرف عن ضياء بأنه قد جعل
الجيش أكثر إسلاموية، بينما قام مشرف بتطهير العديد من ضباط الجيش
الإسلاميين. وحتى الآن من الصعب تحديد الاتجاه الذي يتبعه رئيس أركان
الجيش الحالي الجنرال أشرف كياني، ويقود الجيش نحوه. إن أحد مقاييس
التقوى للمسلم هي اللحية، التي هي أكثر شيوعاً في الرُّتب الأدنى،
والأقل بين ضباط كياني. وقد كانت هناك صورة في الإعلام عن اجتماع كياني
مع كبار قادته بعد مقتل بن لادن في أبوت أباد أظهرت أن جنرالاً واحداً
فقط كانت له لحية.
ويؤكد: إنني على يقين من أن الجيش الباكستاني لا يحب الولايات
المتحدة لكنه أكثر قلقاً من الهند، العدو التقليدي لباكستان، التي
يعتبرها تهديداً وجودياً ومصدراً للاستياء، حيث أن كل حرب خاضها الجيش
مع الهند قد أسفرت عن جمود أو ما هو أسوأ من ذلك وهو الهزيمة. ويبدو أن
الجيش الباكستاني مصمماً على التفوق على الهند في المراوغة، وذلك هو
السبب في دعمه للجهاديين الذين يقاتلون في إقليم كشمير المتنازع عليه،
وفي تدريبه وسيطرته على الإرهابيين الذين ألحقوا دماراً شديداً في
مومباي عام 2009. وتقدر ترسانة باكستان بأكثر من 150 قنبلة نووية وبذلك
تتخطى ترسانة الهند. إن وجود الأسلحة هناك هو لاستخدامها في حرب تنوي
باكستان هذه المرة كسبها.
ويتابع: في التسعينات من القرن الماضي التقيت خان مرتين، ومنذ
اعتقاله في عام 2004 تدعي مراسلاته إنه قد عمل فقط بناءاً على تعليمات
الإدارات العسكرية والمدنية المتعاقبة. وعموماً فإني أميل إلى تصديقه.
فتقاسم التكنولوجيا النووية كان وسيلة لإقناع إيران بأنه على الرغم من
علاقات [إسلام أباد] مع الولايات المتحدة إلا أن باكستان ليست عدواً [لإيران].
أما الروابط مع ليبيا فقد كانت امتناناً لدعم العقيد القذافي لعائلة
بوتو أثناء سنواتها في المنفى والمعارضة. وقد تم تبادل التكنولوجيا
النووية مع كوريا الشمالية مقابل تكنولوجيا الصواريخ. فهل علمت أكبر
القيادات المدنية والعسكرية الباكستانية بهذا الانتشار؟ البعض كانت
تعلم، لبعض الوقت.
ويرى هندرسون: يشمل هذا الخبر الأحدث من الصحيفة الباكستانية سخرية
أخرى من قبل خان تجاه مشرف. فمع بدء خان خط إنتاج محلي لصاروخ "غوري"
بمدى 900 ميل، كان يعمل أيضاً على نسخة أطول بقليل في مداها، وهو صاروخ
"غوري 2"، ونسخة أخرى بمدى 2000 ميل وهو "غوري 3"، الذي هو نسخة من
صاروخ "نودونغ 2" الكوري الشمالي. إلا أن مشرف الذي شن انقلاباً في
تشرين الأول/أكتوبر عام 1999 "قد أوقف تمويل" المشروع في أيار/مايو
2000.
ووفقاً لخان فإن إلغاء المشروع قد نتج عنه أيضاً طرد مهندسي كوريا
الشمالية وفنييها الذين كانوا يعملون في مشروع الصواريخ ويتعلمون في
الوقت نفسه تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم. إن هذه النقطة تسلط الضوء
مباشرة على الأزمة الحالية في العلاقات الأمريكية الباكستانية. إن مشرف
كان على ما يبدو مستعداً لتقديم بعض الخدمات الدبلوماسية لواشنطن. هناك
دلائل قليلة على أن القيادة العسكرية الحالية في باكستان لديها الميل
لأن تحذو حذوه.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |