
شبكة النبأ: مرت ليبيا ومازالت بضروف
صعبة اثناء عملية التغيير للتخلص من نظام القذافي المتسلط، وبين
المتشائمين والمتحمسين لنهاية الامور وخواتيم الاحداث تصر ليبيا الثورة
والتغيير على موقفها في مقارعة الدكتاتورية ونيل الحرية مع طول الزمن
واستمرار الحرب التي ولدت الكثير من المعانة للشعب الليبي جراء القصف
بصواريخ كراد من قبل النظام على المناطق السكنية والنزوح الجماعي
للمواطنين اللذين اتخذ الكثير منهم الكهوف بديلاً امناً عن الحياة
العصرية، كما برز خطر الذخائر التي لم تنفجر شرق ليبيا والمنتشرة في كل
مكان مما يهدد سلامة الكثيرين ويتطلب جهوداً دولية للمساعدة في التخلص
منه، ومع استمرار العمليات القتالية على ارض المعركة بين الكر والفر
واستعانة القذافي بالمرتزقة والمهاجرين الافارقة بعد ايهامهم بأنهم
يقاتلون تنظيم القاعدة من جهة ومواصلة زحف الثوار نحو طرابلس وقصف قوات
التحالف المواقع الرئيسية للقيادة والتحكم لكتائب القذافي من جهة اخرى،
تبقى جميع الاحتمالات مفتوحة والادوار متنوعة في طريق "ليبيا الحرة"
أنهم يقاتلون القاعدة!
فقد قال مهاجرون أفارقة ألقى المعارضون الليبيون القبض عليهم
وسجنوهم بعد قتالهم في منطقة الجبل الغربي الليبية إنهم خدعوا وأجبروا
على القتال في صفوف قوات الزعيم الليبي معمر القذافي ظنا أنهم يواجهون
غزوا لتنظيم القاعدة، وفي روايات مقاتلين يطلق عليهم المعارضون
الليبيون اسم المرتزقة قال خمسة من اقليم دارفور بغرب السودان ومن تشاد
إنهم كانوا يعملون في مجال البناء والديكور بليبيا ثم تورطوا في الصراع
بعد بدء الاحتجاجات على حكم القذافي المستمر منذ أربعة عقود، وقص
الخمسة رواياتهم في سجن مؤقت بمدرسة ثانوية في مدينة الزنتان التي
تسيطر عليها المعارضة، ولم يتصل أي منهم بأسرته ولا بجماعات مساعدة
ويقول عاملون في المجال الطبي بالمدينة انه لم يسمح لهم بالكشف عليهم
الا بشكل محدود، وبدا أن بعض ما قاله الخمسة بشأن تلقيهم العلاج في
السجن كان هدفه ارضاء محتجزيهم، وقام حارس في لحظة ما بتزويد مدفعه
الرشاش بالطلقات وأخذ وضع الاستعداد لاطلاق النار على السجناء، وقال
محمد وهو سجين من دارفور يعمل في مجال الديكور انه انضم لصفوف قوات
القذافي في ابريل نيسان بالعاصمة الليبية طرابلس، وأضاف "ذهبت في
طرابلس الى المعسكر رقم 77، دربوني على كيفية استخدام الاسلحة وقالوا
لنا اننا سنحرس نقاط تفتيش وحسب، قالوا لنا انهم (المعارضون) من
الجزائريون والفرنسيون ومقاتلون في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب
الاسلامي"، وأضاف "لم نجد شيئا من هذ، خدعن، لم يكن هذا صحيحا"، وينفي
مسؤولو الحكومة الليبية استخدامهم المرتزقة في الصراع ويقولون ان بعض
أفراد قوات الامن الليبية من ذوي البشرة السمراء لذا اختلط الامر على
البعض حيث ظنوا بأنهم مرتزقة من منطقة افريقيا جنوب الصحراء. بحسب
رويترز.
وقال سجين ثان لم يذكر اسمه انه من تشاد وانه كان يعمل في مجال
البناء بمدينة الزنتان عندما استوقفته قوات تابعة للقذافي وهو في طريقه
الى طرابلس، وأضاف "ليس عندي أوراق رسمية، قضيت في السجن أربعة أشهر،
وقالوا لي اذا أردت الخروج من السجن انضم الينا ونعطيك أوراقا وتعمل
معنا"، وأوضح أنه نقل الى مكان وصفه بأنه بيت للضيافة ثم أرسل الى جبهة
القتال بمنطقة الجبل الغربي الليبية التي يسيطر المعارضون على معظم
الهضبة العليا فيها بينما تسيطر قوات القذافي على السهول الصحراوية في
الاسفل، وقال مشيرا الى سجين اخر من تشاد "هنا بدأت المشاكل، رأيت
عندما اعتقلوا صديقي، ووضعت أسلحتي جانبا وسلمت نفسي"، وقال سجين اسمه
اسماعيل (30 عاما) انه غادر دارفور متوجها الى طرابلس في مارس اذار
2009 للعمل في مجال الديكور، وأضاف أنه انضم للجيش بعدما قيل له ان
عليه محاربة القاعدة، وقال "لم يعطوني أي مال، كان هناك طعام وسجائر
ولكن ليس المال"، هناك من يقاتلون مع القذافي من السودان وتشاد، انهم
يصدقون الاكاذيب"، وذكر اسماعيل مثل السجناء الاخرين أنه عومل بشكل جيد
منذ اعتقاله وأنه يحصل على ثلاث وجبات في اليوم، وعند سؤاله عما اذا
كان طبيب قد كشف عليه أجاب بالنفي، وعند سؤاله عن تمكنه من الاتصال
بأسرته وزوجته وابنتيه قال "أسرتي لا تعلم أني هن، لم أتحدث الى أي شخص
خارج السجن"، وألقي القبض على الخمسة بعد معارك بالقرب من الزنتان يوم
15 ابريل نيسان وأول مايو أيار، ولم تظهر عليهم علامات توضح تعرضهم
للضرب، وكانت ساق أحد السجناء ملفوفة بضمادة كبيرة وبدا أنها متورمة،
وتحدث السجناء الخمسة بلطف لكن بدا أنهم متوترون، وكان هناك ما يقدر
بنحو 1.5 مليون مهاجر افريقي في ليبيا قبل الحرب، وتقطعت السبل بكثير
منهم بسبب الصراع أو تم اجلاؤهم الى معسكرات على الحدود، ويتهم
المعارضون الليبيون القذافي أيضا بجلب مرتزقة من مالي وتشاد للقتال في
الصراع الذي جعل حلف شمال الاطلسي يشن غارات جوية على ليبي، وبدا أن
المعارضين غير متأكدين من عدد السجناء المحتجزين في المدرسة وقالوا ان
من بينهم أفارقة سود وليبيون، وبعد الحاح قال موسى ادويب وهو معارض يصف
نفسه بأنه متحدث باسم المجلس العسكري في الزنتان ان هناك نحو 50 سجينا
في المدرسة لكن بعضهم أطلق سراحه.
مهاجرون يواجهون الموت
الى ذلك يقول المهاجرون الذين فروا من الصراع في ليبيا إلى النيجر
أنهم مضطرون إلى التسول أو السرقة أو بيع ما تبقى لديهم من الحيوانات
أو قطع الأراضي من أجل البقاء ولكي لا يشكلوا عبئاً على أسرهم الفقيرة
أصلاً، والتي يعاني معظمها من انعدام الأمن الغذائي، وقد عاد نحو
66،200 من مواطني النيجر إلى بلادهم من ليبيا منذ نهاية فبراير، وقد
وصل معظمهم إلى بلدة ديركو في شمال شرق البلاد، ومن هناك بحثوا عن
وسائل نقل لتقلهم إلى قرى وبلدات في مختلف أنحاء النيجر، وفقاً للمنظمة
الدولية للهجرة، وكان غالبيتهم يعملون في مجال الزراعة في ليبيا،
ويكسبون ما يصل إلى 216 دولاراً (100،000 فرنك إفريقي) في الشهر، وقال
أحد العائدين ويدعى محمد الأمين "اضطررت للأسف لمغادرة ليبي، لا أستطيع
أن أتحمل فكرة الاعتماد على والدي المسنين من أجل البقاء على قيد
الحياة، سوف أعود في أقرب وقت ممكن"، ومعظم العائدين الآن عاطلون عن
العمل والكثير منهم غارقون في الديون، بعد دفع تكاليف النقل المبالغ
فيها أثناء الرحلة التي تستغرق ثلاثة أسابيع تقريباً عبر الصحراء،
بالإضافة إلى التكاليف الإدارية العالية لدخول البلاد، وفقاً لتقييم
مشترك بين الوكالات أجري في إدارتين بمقاطعة جنوب وسط زيندر من قبل
الحكومة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومنظمة
كير غير الحكومية الدولية، وقال عبد القادر موسى، أحد العائدين في
أغاديس وسط البلاد، "لقد غادر آلاف الرجال من أجل العودة إلى البطالة
في النيجر، ليس لدينا خيار سوى التسول في الشوارع أو السرقة، في ليبيا
تواجه القنابل، لكنك تواجه الموت في النيجر"، وجاء معظم المهاجرين من
جنوب النيجر، بما في ذلك مناطق تاهوا وزيندر وتيلابيري ومارادي، التي
عانت جميعها من انعدام الأمن الغذائي في أعقاب الجفاف الذي قلص بشدة
المحاصيل في عامي 2009 و2010، وفقاً للتقييم. بحسب ايرين.
وفي إدارة تانوت في مقاطعة زيندر، حيث أُعيد توطين 15،000 عائد، تم
تصنيف ما يقرب من نصف القرى على أنها مستضعفة، وفقاً للتقييم الذي
أُجري في شهر أبريل الماضي، وهذا يعني أن القرويين فقدوا بالفعل أعداداً
كبيرة من الماشية ويواجهون نقصاً في المياه، كما عانوا من عجز زراعي في
عامي 2009 و2010، وهم يواجهون الآن صعوبات في شراء الغذاء بسبب ارتفاع
أسعار المواد الغذائية، وقال مامادو داودا، ممثل المنظمة الدولية
للهجرة في ديركو، أن "عودة هؤلاء المهاجرين سيؤدي إلى تفاقم ضعف هذه
المجتمعات، ففي بعض الحالات، كان اقتصاد هذه القرى بأكمله يعتمد على
التحويلات المالية"، وتساعد المنظمة الدولية للهجرة العائدين على السفر
إلى قراهم، وأفاد داودا أن مخزونات الحبوب أقل من أن تلبي احتياجات
جميع العائدين، كما شهدت غوريه وتانوت ستة مواسم متتالية مع العجز
الزراعي، وتقوم العديد من الأسر ببيع الحيوانات القليلة التي تمتلكها
من أجل إعالة من عادوا مؤخر، وأفاد أحمد حماديتان، والد أحد المهاجرين
الذين عادوا مؤخراً إلى أغاديس، "لقد نفد طعامنا، وقررنا بيع قطعة أرض،
ولكن لا يوجد مشتر في الوقت الراهن، لم يعد ابني بشيء سوى المرض"، وكان
المهاجرون يرسلون ما يصل إلى 217،000 دولار (أو 100 مليون فرنك إفريقي)
أسبوعياً إلى إدارة غوريه، أما الآن فقد جف منبع هذا المال، وأخبر
الحاج أمارما، الذي يساعد العمال على تحويل الأموال إلى أسرهم في
أغاديس، أن لديه الآن عمل قليل أو لا عمل على الإطلاق، وأفاد معظم
الرجال الذين تحدثو أنهم كانوا يرسلون ما بين 108 و216 دولاراً في
الشهر إلى أسرهم، وقال أدامو حابي، وهو عضو لجنة تدير شؤون اللاجئين
تمثل محافظ أغاديس، "إنها أوقات صعبة للغاية، نحن نتعرض لضغط شديد
نتيجة لتدفق الناس، كما نبذل قصارى جهدنا بمساعدة عدد قليل من الأفراد
الذين أعانوا الناس على العودة إلى ديارهم، لكنني لا أعتقد أننا قادرون
على الصمود لفترة أطول من ذلك بكثير، نحن بحاجة في الحقيقية إلى
مساعدات"، ودعت الحكومة المانحين الدوليين لمحاولة دعم العائدين وأسرهم،
وأكد مسؤولون حكوميون أن على الحكومة ووكالات الإغاثة والجهات المانحة
الاستجابة قبل منتصف يونيو، الذي يعتبر عادة بداية الموسم الأعجف في
النيجر، وقد تقلص عدد العائدين الذين يعبرون الحدود إلى النيجر في
الآونة الأخيرة، كما أفاد داودا، بمعدل دخول 500 شخص إلى البلاد يومياً،
مقابل 1،200 في منتصف أبريل ومع ذلك، فإن أعداداً أكبر من النساء
والأطفال تعبر الحدود الآن، مما يشير إلى أن العمال يحضرون أسرهم معهم.
خطر الذخائر المتناثرة
من جهة اخرى تتناثر الكثير من الذخيرة والذخائر غير المنفجرة في
أنحاء شرق ليبيا، مما يشكل تهديداً خطيراً لسلامة السكان المحليين لدى
عودتهم إلى ديارهم، مع ذلك، يقول الخبراء أنه من الصعب تحديد الكميات
بدقة بسبب استمرار القتال، وفي هذا الإطار، قال تكيميتي غيلبرت،
المتحدث باسم دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، "يوجد في
طبرق وبنغازي مستودعات للذخائر دمرتها القوات [الحكومية] قبل فرض منطقة
حظر الطيران، قصفت قوات القذافي المستودعات لمنع الثوار من الحصول على
الأسلحة، ونتيجة لذلك، تنتشر الكثير من الذخائر في منطقة واسعة على
الأرض"، وأضاف، "بسبب سهولة الوصول إلى المستودعات، يفتش السكان
المحليون عن الخردة المعدنية لإعادة بيعها، وكذلك المتفجرات التي يمكن
استخدامها لصيد الأسماك"، وتعمل دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة
بالألغام مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الليبي
وشركاء آخرين في محاولة لاحتواء المشكلة، وقال غيلبرت أن "إزالة
الذخائر غير المنفجرة قد بدأت في اجدابي، ولكن المشكلة تتمثل في السكان
الذين يفتشون داخل مستودعات الذخيرة غير الآمنة، والمناطق الواسعة
الواجب تغطيته، قد تضم منطقة واحدة ما بين 10 و50 مستودعاً ويمكن أن
تغطي مساحة 20 ملعب كرة قدم"، وتتناثر القذائف غير المنفجرة، بما في
ذلك الصواريخ والقذائف ومدافع الهاون، عبر الأماكن العامة والمناطق
السكنية في مصراتة واجدابيا وبنغازي، وفقاً للجنة الدولية للصليب
الأحمر، وفي اجدابيا، يمثل وجود الذخائر غير المنفجرة تهديداً في محيط
المنازل وحتى بداخله، وقد حصل السكان المحليون على الذخائر التي كانت
مخزنة في قواعد الجيش في اجدابيا وبنغازي وطبرق، قبل الانسحاب منها في
بداية شهر مارس الماضي. بحسب ايرين.
كما انفجرت بعض المخازن فتناثرت الذخائر على مساحات شاسعة، بالإضافة
إلى ذلك، تم العثور على قذائف غير منفجرة في المركبات القتالية المدرعة
التي تم تدميرها وقاذفات الصواريخ المحمولة على شاحنات وغيرها من
المركبات العسكرية، وفي منتصف أبريل، تم العثور على قذائف غير منفجرة
في ثلاثة منازل في اجدابيا، بما في ذلك بقايا صواريخ من نوع بي إم 21
التي انغرست في الجدران، كما تم العثور على المزيد من القذائف في منازل
أخرى وتدمير عشر قنابل كبيرة و18 صاروخاً أصغر حجماً في محيط بنغازي،
ولا يتم الإبلاغ عن هذا الوضع بالقدر الكافي، وفقاً لدائرة الأعمال
المتعلقة بالألغام، لأن معظم المناطق الملوثة بالذخائر غير المنفجرة
تقع في مناطق القتال ولا يمكن الوصول إليه، وأضاف غيلبرت قائل، "لا
يمكننا رؤية التأثير الفوري لذلك لأن سكان البلدات داخل مناطق القتال
قد غادروها واتجهوا شرقاً إلى بنغازي، فاجدابيا، وغيرها أصبحت مدناً
فارغة إلى حد كبير، لكن المشكلة تتمثل في مواجهة خطر الذخائر غير
المنفجرة لدى عودة النازحين إلى ديارهم"، وقال غيلبرت أنه قد "تم تكليف
الفريق الاستشاري المعني بالألغام MAG بفحص طائرة مقاتلة أجرت هبوطاً
اضطرارياً على بعد 40 كيلومتراً شرق بنغازي، كانت لا تزال تحمل ذخيرة
حية وأسلحة على متنه، وبمساعدة المجلس العسكري الوطني، طوق مسعفون
المنطقة للسماح بتدمير الأسلحة، كما فحص الفريق الاستشاري المعني
بالألغام طائرة مقاتلة حكومية سقطت بالقرب من بنغازي"، ويعمل الفريق
الاستشاري المعني بالألغام جنباً إلى جنب مع الفريق السويسري لإزالة
الألغام "دان تشرتش إيد" واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقال هيربي
إلمازي، مندوب إزالة الذخائر التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر، "سيتم
توسيع نطاق هذه الجهود لتشمل مصراتة التي يمزقها الصراع في المستقبل
القريب"، وفي اجدابيا، تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر داخل المدينة
لإزالة الذخائر المتروكة والذخائر غير المنفجرة قبل أن يعود معظم الناس،
بينما بدأت شراكة بين المنظمة الدولية للعمل من أجل المعوقين والحركة
الكشفية للاضطلاع بتثقيف المجتمع بواسطة فرق التوعية، ومنذ اندلاع
الصراع في ليبيا في منتصف فبراير الماضي، ظهرت العديد من التقارير عن
استخدام الألغام المضادة للمركبات والألغام المضادة للأفراد والذخائر
العنقودية والذخائر الأخرى من كلا الجانبين، والحكومة الليبية ليست من
الدول الموقعة على معاهدة عام 1997 لحظر الألغام ولا اتفاقية حظر
الذخائر العنقودية، وقد أصدر المجلس الوطني الانتقالي، الذي يسيطر على
الشرق، توجيهات "بعدم استخدام أي قوات تحت قيادته وسيطرته للألغام
المضادة للأفراد أو الألغام الأرضية المضادة للمركبات".
انفاق المدخرات على الاساسيات
من جانب اخر ينوء المتسوقون بحمل مواد غذائية وصناديق زجاجات مياه
في السوق الرئيسية في بنغازي، وتلقى مبيعات بطاقات الهاتف المحمول التي
تهديء روع الاسر القلقة رواجا بينما تزدحم الشوارع القريبة من السوق
بسيارات تتسابق على اماكن الوقوف، واذا توغلت أكثر في سوق العرب وهو
سوق الجملة في مدينة بنغازي التي تسيطر عليها المعارضة في الشرق تهدأ
الحركة، يجلس اصحاب متاجر الملابس يتجاذبون اطراف الحديث ويدخنون
السجائر او يحتسون الشاي، ونادرا ما يأتي زبائن، وقال حسام فرج العامل
في متجر لبيع الملابس "لا تشجع الحرب الزبائن على القدوم وشراء الملابس،
كان ثمة رواج قبل الحرب، الان نزلت المبيعات للنصف"، وأضاف أنه خفص
الاسعار بنسبة 40 بالمئة دون جدوى تذكر، واقتصاد بنغازي وبقية الشرق
الذي تسيطر عليه المعارضة في حالة مزرية بعد أكثر من ثلاثة اشهر من
الحرب الاهلية التي قسمت البلاد حيث لا يزال غالبية الغرب يخضع للزعيم
المحنك معمر القذافي، وكانت المعارضة تأمل ان تتقدم سريعا صوب طرابلس
ولكن قوات القذافي الافضل تسليحا اوقفت تقدمه، وتوقف انتاج النفط في
الشرق وهو مصدر رئيسي للايرادات، وتسدد قوات المعارضة الاجور بشق
الانفس، وما من مؤشر على تحسن وشيك، وقال عبد الله شامية مسؤول
الاقتصاد في اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني الانتقالي "ليس لدينا
احتياطيات لان القذافي اخذ كل شيء"، ولا يبشر الوضع بخير لسكان الشرق
الذي يعتمدون مثل بقية مواطني ليبيا على الاجور التي تسددها الدولة
التي توظف العدد الاكبر من العمالة في البلاد، وتجد المعارضة صعوبة في
دعم مؤسسات الدولة وتمويله، وقال شامية انه يتفاوض مع بنوك في قطر التي
اضحت أكبر دولة تدعم الشرق اقتصاديا وسياسيا لتسهيل التحويلات المالية
الدولية، وتهدف الخطوة الى توفير سيولة، وعرضت الدول الغربية المساعدة،
وزارت كاثرين اشتون مسؤولة السياسية الخارجية بنغازي وتعهدت بدعم
قيادات المعارضة، وتعهدت واشنطن التي لعبت دورا رئيسيا في صدور قرار
الحظر الجوي في الاجواء الليبية بتقديم المزيد من المعونة وعرضت تقديم
قروض لتمويل المعارضة بينما ضغطت من اجل تشديد العقوبات على حكومة
القذافي في طرابلس، وقال مساعد وزيرة الخارجية الامريكية لشؤون الشرق
الادني الذي التقى مع قادة المعارضة في بنغازي ان الولايات المتحدة
قدمت 53.5 مليون دولار لمواجهة الازمة الانسانية الناجمة عن الحرب و25
مليون دولار اخرى على هيئة "امدادات عسكرية غير قتالية"، وفي الوقت
الحالي يخزن متسوقون في بنغازي المواد الغذائية والسلع الاساسية دون
غيرها. بحسب رويترز.
ورغم تهاوي الاقتصاد واضطرار المواطن العادي في شرق ليبيا شد الحزام
على البطن يقول كثيرون ان هذه المصاعب تهون من اجل الاطاحة بقبضة
القذافي الحديدية، وتقول ربة المنزل فتحية البوسي (50 عاما) ان أسعار
المواد الغذائية ارتفعت منذ بدء الانتفاضة واضافت "الزيادة طبيعية في
ظل ظروف الحرب، ونحن مستعدون لتحملها مادمنا احرارا"، وتنامت المخاوف
من نقص الغذاء في شرق ليبي، وفي الشهر الماضي حذر برنامج الاغذية
العالمي من ان مخزون المواد الغذائية لا يتم احلاله بمعدلات طبيعية،
وقال محمد اياد صاحب متجر مواد غذائية "يخزن السكان هنا (المواد
الغذائية) بصفة خاصة في بداية الثورة، الان وصلت بعض المساعدات
الاجنبية ويعود التهافت على الشراء للمستويات العادية ببطء"، ويقول
اصحاب المتاجر ان وتيرة زيادة الاسعار خفت، وقال اللافي عبد السلام
الذي يعمل بمتجر للمواد الغذائية "في بداية الحرب ارتفعت الاسعار لان
المسألة برمتها كانت تخضع للعرض والطلب، والان بدأت تتراجع مرة اخرى
لان الناس ادركت انها ظروف صعبة"، والطلب كبير ايضا على شرائح الهاتف
المحمول بعدما تعرضت شبكات المحمول لتلاعب ادى لعدم مرور الاتصالات
الهاتفية بالسنترالات في المناطق التي يسيطر عليها القذافي، ويعني
الترتيب الجديد ان الاتصالات الهاتفية مجانية في الوقت الحالي ولكن ليس
هذا السبب الرئيسي للاقبال، ففي وقت الاضطرابات يشيع الاتصال بالاهل في
البلاد المقسمة، وقال حسن العريبي الذي يبيع شرائح الهاتف المحمول "ثمة
اقبال هائل على شراء شرائح الهاتف المحمول والاسعار ترتفع، لا يهتم
المواطنون بالثمن طالما يستطيعون الاتصال بالاهل والاحباب"، ويقول
زميله احمد الكويفي ان السعر ارتفع كثيرا حتى ان بعض اصحاب الشرائح
يبيعونها للحصول على مال لشراء المواد الغذائية والمواد الاساسية ويقول
"الناس هنا يقولون ان شريحة الهاتف المحمول اعلى قيمة من الذهب"، ويذكر
بائعون ان شريحة الهاتف المحمول تباع بما بين 150 و200 دينار ليبي
(120-160 دولارا) بارتفاع نحو 50 دينارا عن سعرها قبل الانتفاضة، كما
تزدهر اعمال وسام على الذي يدير احد مقاهي الانترنت القليلة في بنغازي
التي يقطنها 750 الف نسمة، وقال "ثمة اقبال أكثر من ذي قبل، جميع اجهزة
الكمبيوتر في مقهاي وعددها 11 مشغولة طوال اليوم"، وقال فتحي المنيفي
الذي يملك متجرا لبيع اجهزة الهاتف المحمول ان مكاسبه أقل كثيرا منها
قبل الانتفاضة ولكنه لا يشكو، وتابع ان الاقتصاد في ظل حكم القذافي كان
يتدهور يوما بعد يوم حتى بدون قتال، وأضاف "نحن من اردنا قيام هذه
الثورة حتى وان التهمت دخلن، على مدار 42 عاما تدهورت الاوضاع يوما بعد
يوم ولم تستقر احوالن، سوف اتحمل اي مصاعب في المستقبل كي يرحل معمر من
هنا"، ولكن اخرين حققوا منافع فورية، وقال صالح الطرحوني "رغم ان
الاحوال صعبة فاني ادفع ايجارا وضرائب أقل مما كنت ادفعه في ظل حكم
القذافي وهو امر مفيد، لذا في النهاية تتعادل الامور".
الفرار الى الكهوف
في سياق متصل كان محمد في الخامسة والاربعين من عمره ويعمل ضابطا
بالشرطة عندما بنى منزله وانتقل اليه من الكهف الذي نشأ فيه، والان عاد
الى الكهف وهو متقاعد يبلغ من العمر 74 عاما ومعه أسرة مؤلفة من 12
فردا بحثا عن مأوى من قصف قوات الزعيم الليبي معمر القذافي العشوائي
لبلدة الزنتان الواقعة تحت سيطرة المعارضة، تعرضت مشارف الزنتان
الواقعة عند الطرف الشرقي للجبل الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة للقصف
مرارا منذ اندلاع الانتفاضة ضد القذافي في فبراير شباط، وفر أكثر من 40
ألفا من المنطقة الجبلية وخلال اقترب القصف من وسط الزنتان حيث مركز
قيادة المعارضة المسلحة، واعتادت بعض العائلات على النوم في خنادق تحت
الارض وعادت الى الكهوف التي عاش فيها أجدادها من قبل والمنحوتة في حي
عيال هدية الجبلي في الزنتان، وزاد شعور العودة بالزمن للوراء جراء
انقطاع الكهرباء في معظم أنحاء الجبل الغربي، وبات العديد من العائلات
يعتمد على الابار في الحصول على الماء وعلى الشموع في انارة المنازل،
وهناك نقص بالفعل في امدادات الغذاء والوقود التي تصل عبر معبر حدودي
واحد مع تونس تسيطر عليه المعارضة على بعد أكثر من 200 كيلومتر من
الزنتان، وتقول عائشة زوجة محمد "لا يريد أحد أن يعيش بهذه الطريقة"
مضيفة وهي تجلس على وسائد في الكهف الذي توفر جدرانه الباردة نوعا من
الراحة لها من حرارة الجو بالخارج "القصف شديد، ذهب أبنائي للقتال
وجئنا الى هنا"، وتسيطر قوات القذافي على السهول الصحراوية وأقرب نقطة
لتمركزها هي الرياينة على بعد ما بين عشرة و15 كيلومترا من وسط بلدة
الزنتان، وبعد فرض الحظر الجوي على ليبيا والذي يشرف حلف شمال الاطلسي
على تنفيذه تصارع قوات القذافي لاستعادة السيطرة على المنطقة من
المعارضة، ولجأت قوات القذافي لقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة
بصواريخ جراد على ما يبدو، وتصيب بعضها منازل ولكن معظمها يسقط في
الصحراء في تكتيك لا يحقق مكاسب عسكرية تذكر، ويقول سكان ان قوات
القذافي تستخدم المباني المدنية كدروع، ومن سطح منزله قال رجل اكتفى
بذكر اسمه الاول وهو أحمد انه شاهد اطلاق نيران المدفعية وسط منازل قرب
مسجد وخزان مياه في الرياينة وهي مواقع يجري اختيارها لتفادي تعرضها
لغارات جوية من طائرات حلف شمال الاطلسي، وتابع "نرى ذلك بكل وضوح،
خاصة أثناء الليل"، ويقول بعض قادة المعارضة ان انقطاع الكهرباء وتزايد
القصف يشيران الى هجوم بري وشيك تستعد قوات القذافي لشنه على الزنتان،
ويعتقد اخرون أن قوات القذافي غير قادرة على السيطرة على الزنتان مثلما
تعجز المعارضة عن التقدم صوب العاصمة الليبية طرابلس على بعد 150
كيلومترا الى الشمال الشرقي. بحسب رويترز.
وقال فتحي الاياب أحد أفراد المعارضة المسلحة في الزنتان عن امكانية
شن القذافي هجوما بريا "لا أعتقد أن هذا هو التكتيك، بل الهدف هو زيادة
معاناة الناس وترويعهم حتى يفروا الى تونس"، وسافرت زوجته وابنه البالغ
من العمر تسعة شهور الى تونس قبل عشرة أيام، لكن لا يخطط كثير من
الرجال في الزنتان للرحيل، وقال خالد الزنتاني (25 عاما) الذي انتقل
الى كهف للفرار من القصف الذي يتعرض له الحي الذي كان يقيم به "عندما
نسمع النداء من المسجد نتجه على الفور الى خط الجبهة"، ويطهو هو وشقيقه
الطعام على نار يستخدمان الخشب في اشعالها ويسحبان الماء من بئر قريب،
وتابع "لن نرحل من هنا وسنموت هنا"، من جهة اخرى حيث لا يمكن أن يخطر
على بال أحد أن العقيد القذافي يمكن ان يبني ملجأ قيادته تحت ملعب
للاطفال، وعلى بعد 40 قدماً من الحفرة التي نجمت عن قصف طائرات حلف
الاطلسي، وكان الاولاد والبنات يلعبون حول ارجوحة كبيرة، وتم استدع
الصحافة للدخول الى المجمع الذي يتضمن قيادة القذافي، والذي تبلغ
مساحته نحو ميل مربع في وسط طرابلس، ليكونو شهوداً على ما سماه «جنون
الناتو»، الذي يقصف النساء والاطفال، ولكن تلك الرحلة نجحت فقط في
إثبات انه إذا كان هناك من يعرض المدنيين للخطر فإنها الحكومة الليبية،
وكان هناك فوق موقع الملجأ المغطى بالعشب العديد من المدنيين الذين تم
احضارهم للعيش فوق المكان في الخيم، ومستعدون للتضحية بحياتهم من أجل
قائدهم، وأصر المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى ابراهيم «إنه مكان
للترفيه، انها حديقة عامة، حيث يأتي سكان طرابلس غالبا»، ولكن هذه «الحديقة
العامة» يمكن الوصول إليها عن طريق المرور عبر اربع دوائر متحدة المركز
من الجدران المضادة للانفجارات، وعبر نقاط التفتيش و ابراج حراسة،
وهناك حراس مسلحون يقفون على المحيط، حيث يطردون اي عابر سبيل إذا تكهن
بانها مكان للعب.
ولم تكن محاولة النظام الحصول على دروع بشرية مثير للدهشة، وبعد أن
بلغت الانتفاضة الليبية شهرها الرابع، يبدو من الجلي انه لن يكون هناك
حل إلا في طرابلس، وبعد أن علق الثوار في معارك كر وفر قرر حلف الناتو
تغيير استراتيجيته من مساعدة الثوار الى قصف مراكز التحكم والسيطرة،
والأهداف الأخرى في طرابلس نفسه، وخلال الفترة الماضية، وحسبما ذكرته
شخصيات من «الناتو» استهدفت طائرات الحلف 39 هدفاً مهماً داخل طرابلس
وحولها، مقارنة بثمانية أهداف لما قبل ذلك، وتضمنت هذه الاهداف سبعة
مراكز تحكم وسيطرة في العاصمة، وقال احد كبار المسؤولين في النظام
«لايستطيع احد ان ينكر أنهم يريدون قتل القذافي مهما انكروا ذلك، وهو
امر غير شرعي بموجب القانون الدولي ومواد قرارات الامم المتحدة»، وفي
الساحة الخضراء في طرابلس، مركز الثورة، يظهر رجال النظام في محاولات
خرقاء للترويج له، وكان احد الرجال يحمل لافتة رسم عليها فئران مذعورة،
يمثل كل منها احد قادة حلف شمال الاطلسي، في حين ان آخر كان ممسكاً
بصورة كبيرة للعقيد، اضافة الى اعلانات تدين الرئيس الاميركي باراك
اوباما والفرنسي نيكولاس ساركوزي، لكني تمكنت من مراوغة مرافقي لبضع
دقائق والتحدث مع ثلاثة اشخاص يحتقرون القذافي ويريدونه ان يذهب، وقال
رجل تفقد جواز سفري اولاً ليتأكد من أنني بريطاني «انه مجنون، لقد دمر
الدولة»، وقال تاجر آخر «ساركوزي وكاميرون يفعلان ما نريد جميعا القيام
به، ونحن لا نعارض القصف مطلقاً، لاننا نريد تغيير النظام»، وشخص ثالث
قال إن اصحاب المتاجر في السوق تلقوا اوامر حكومية كي تظل متاجرهم
مفتوحة دائماً، حتى إذا لم تكن هناك حركة في السوق، وذلك بهدف الحفاظ
على مظهر يشير إلى ان الامور في حال طبيعية، وحتى في مواقع القصف لا
تبدو على احد مشاعر العدائية للغرب، خصوصاً انه بعد شهرين من القصف
تقريباً لم يتضرر الا عدد قليل من المدنيين، وقال احد الزبائن في متجر
«ندرك ان النظام يدعي ان هناك الكثير من الاصابات في صفوف المدنيين،
وهناك الكثير من المعارضين للقذافي في طرابلس»، ومع ذلك يبدو ان الحرب
بعيدة عن النهاية بالنسبة للعقيد، وبعد ظهوره الاخير على شاشة التلفزة
مؤخراً، والتي ادت الى قصف مجمعه، اصبح الرجل يكتفي بتسجيلات صوتية فقط،
ولايزال يسخر من الحلفاء ويتحداهم، وقال «إنه يسكن في مكان لايستطيعون
الوصول اليه»، وكانت طائرات «الناتو» قد ارتكبت اول أخطائها، حيث اعلن
النظام إن 11 إماماً قتلوا في مدينة البريقا، وكانت هناك مشاهد غضب
خلال مراسم دفنهم في طرابلس. |