أسماؤنا هي كل ما نملكه... هلا نحسن اختيارها لأبنائنا؟

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: كثيرا ما اعتبر الاسم هوية لحامله، سواءا كان اسما صحيحا او اسما للدلع او مضافا الى صفة ما.. وهو هوية بالفعل لا تستطيع التخلي عنها او مفارقتها الا بمراجعات عديدة للدوائر المختصة ونشر اعلان يفيد النية في التغيير وعدم وجود ممانعة من احدهم لذلك.

قبل ايام كنت في احد مكاتب الصيرفة (بيع وشراء العملات) اصر الموظف ان يكون الاسم ثلاثيا خشية التشابه.. احد الموظفين علق بان اسم سلمان داود او العكس موجود بكثرة مثله مثل اسم جواد كاظم او حسين علي وغيرها الكثير من الاسماء.

في العراق ومنذ الثمانينات على ما اذكر اختفى اسم صباح او كاد من الاسماء لدى العراقيين وكان السبب في ذلك حملة الاعتقالات التي شملت كل من يحمل هذا الاسم للاشتباه به في تفجير الجامعة المستنصرية الذي ادى الى توتر العلاقات مع ايران في العام 1979 اضافة الى اسباب اخرى غيرها.

ترافق ذلك الاختفاء القسري لهذا الاسم واسماء اخرى خاصة الشيعية منها الى بروز اسماء جديدة تقليدا لاسماء القيادات السياسية البعثية التي حكمت العراق.. وكان على راس تلك الاسماء (هيثم) تيمنا باسم الابن الاكبر لاحمد حسن البكر رئيس الجمهورية، ثم استأثر السيد النائب بالحصة الاكبر من استعارة اسمه للمواليد الجدد قبل ان يصبح القائد الضرورة وتتفجر تقاليد التيمن باسمه. وحمل الكثير من اطفال العراق اسم صدام.. ثم سمى العراقيون ابناءهم على اسماء ابناء القائد الضرورة، فكانت اسماء عدي وقصي وحلا ورغد هي الاكثر شيوعا لاطفال الثمانينات العراقية.

وقد شجع النظام الحاكم للعراق وساهم في انتشار مثل تلك التسميات.. فكانت هناك هدايا لمن يحمل اسم صدام او لمن يولد يوم 28 نيسان عيد ميلاد القائد الضرورة. وانتقلت عدوى تلك الاسماء وخصوصا صدام الى بعض دول الجوار وخاصة الاردن التي تجد فيها الكثير من هذا الاسم وخاصة سنوات الحرب العراقية الايرانية وحرب تحرير الكويت وقل مثل ذلك عن الكثير من ابناء الفلسطينيين او البعض من المصريين الذين عاشوا وعملوا في العراق في عقد الثمانينات.

بعد العام 2003 وسقوط الطاغية شعر الكثيرون من الذين حملوا اسمه وكان يوما محل تفاخرهم انهم معزولون عن اوساطهم الاجتماعية واصبحوا يشعرون بالخوف من مناداتهم بهذا الاسم في مكان عام. فعمل الكثيرون من هؤلاء على تغيير اسم صدام الى اسماء اخرى.. ولا تتوفر لدى الكاتب ارقام دقيقة حول عدد تلك الاسماء وحامليها.

حول الاسماء والتيمن بالقادة السياسيين ظهر في البوسنة جدل حول ذلك حيث نشرت رويترز تقريرا عن اسم القذاقي ومدى انتشاره في البوسنة وتبعات هذا الاسم على حامله وذكرت انه ابان الحقبة الاشتراكية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي اطلق عشرات الاباء في كوسوفو على ابناءهم اسم الزعيم الليبي معمر القذافي الشخص الذي اعجبوا به لموقفه غير المنحاز وحبه للاسلام.

وفي ظل قتال حلف شمال الاطلسي المؤيد لاستقلال كوسوفو لنظام القذافي الان ودعوته لترك السلطة فان هذه أوقات صعبة لاولئك الذين يحملون اسمه.

وقال طالب يدرس الاقتصاد اسمه قذاف عبديلي (22 عاما) "أحبت امي اسم القذافي لانها كانت تعتقد انه كان زعيم المسلمين جميعا." واضاف "أنا أعتبره ديكتاتورا... المعركة على السلطة كل شيء بالنسبة له. انه ديكتاتور ينتمي للقرن الماضي."

وقال مسؤول بوزارة الخارجية ان كوسوفو بها أكثر من 100 شخص يحملون اسم قذاف. وعشرات منهم لهم صفحات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك على الانترنت. وقال قذاف لاتيفي (25 عاما) وهو مهندس معماري من العاصمة بريشتينا "في رأيي ليس جيدا ان يكون لدينا أسماء قادة لان الامور قد تتغير كما هو الحال الان." وفي السنوات الاخيرة تحول الاباء في كوسوفو أيضا الى اسماء زعماء سياسيين اخرين.

واليوم هناك أطفال تسمى "كلينتون" على اسم الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون و"توني بلير" على اسم رئيس الوزراء البريطاني الاسبق و"أولبرايت" على اسم وزيرة الخارجية الامريكية السابقة مادلين أولبرايت.

وكل هؤلاء من الساسة الذين لعبوا دورا في تدخل حلف شمال الاطلسي ضد صربيا عام 1999 الامر الذي الذي مهد الطريق لاستقلال كوسوفو في نهاية المطاف.

من المعروف ان تسمية المولود الجديد في العائلة يخضع الى الكثير من الاعتبارات الاجتماعية والدينية والسياسية.. وهي تقاليد دأبت عليها العوائل في تسمية ابنائها.

اذكر ان اصغر اخوتي سمي باسم جمال تيمنا بجمال عبد الناصر الذي توفي ليلة ولادة اخي.. والكاتب سمى اصغر ابنائه باسم (آدم) احتجاجا على الاقتتال الطائفي في العراق سنة 2006..

لكن ماهو الاسم؟ في العربية نعثر على هذا التعريف:

الاسم: هو اللفظ الموضوع على الجوهرِ أو العَرَضِ لتَفْصِل به بعضَه من بعض، كقولك مُبتدئاً: اسم هذا كذا، وإن شئت قلت: اُسْمُ هذا كذا، وكذلك سِمُه وسُمُه، والاسم لفظة تطلق على الإنسان أو الحيوان أو الشيء، تدل على ماهيته وشخصيته، وتستطيع من خلاله تمييز المسمَّى عن سواه.

ذكرنا سابقا ان الاسماء تخضع لاعتبارات اجتماعية ودينية وسياسية يمكن اجمالها على الشكل التالي:

التسمية حسب شكل المولود أو ظروف الحمل والولادة..

التسمية حسب ظروف العائلة عند قدوم المولود..

بعضهم يهوى الأسماء التي تنمُّ عن الشجاعة والقوة والرجولة أملاً بأن يصبح المولود الجديد رجلاً تعتمد عليه العائلة أو التي تخصُّ الحياة العسكرية أو الأسماء التي تدل على الحسن والجمال أو التي تدل على اليُمن والبركة..

التسمية التي ترتبط بأحرف الاسم أو بوزنه الموسيقي أو بالاثنين معاً، مثلاً التشابه في الحرف الأول والأخير وفي الوزن أو التشابه في الحرف الأول والتفعيلة أو التشابه في الحرف الأخير أو التشابه بحرفين.

التسمية التي ترتبط باسم الوالد أو بأفراد الأسرة، مثلاً أن يسمّوا المولود على وزن اسم الوالد أو مشتق من نفس مصدر اسم الوالد أو الوالدة أو الأخوة أو أن يكون بمعنى أسماء الأخوة أو بنفس معنى اسم الوالد أو كتأنيث للاسم المذكر.

 التسمية باسم الجد والجدة خاصة الابن البكر إكراماً لهما وحرصاً على شجرة النسب العائلية، أو التسمية باسم أحد الأقارب المميزين في العائلة، أو للشبه بين المولود وأحد أفراد أسرته، أو لوفاة فرد من العائلة تخليداً للمتوفى خصوصاً في عوائل الشهداء.

التسمية بأسماء المرموقين والمشهورين من العرب، شعراء، أبطال، حكماء، رؤساء، فنّانين، قادة.

التسمية استجابة لرؤيا في المنام، أو وفاءً لنذر نذروه قبل الحمل أو خلاله، أو بكتابة مجموعة من الأسماء المفضلة على قصاصات من الورق ونثرها وانتقاء اسمٍ منها.

التسمية بأسماء المدن والأماكن وخاصة المقدس منها، أو التي لها علاقة بوجدان الأمة وتاريخها.

التسمية التي ترتبط بأحداث ومناسبات معينة.

يحرص كثير من الأهل على تسمية أولادهم بأسماء غير متداولة، وتمتلك معنى جميلاً ولحناً موسيقياً لطيفاً ويصعب تحريفها في اللهجات العامية، خصوصاً اللهجات التي تفقدها حلاوة اللفظ وجمالية المعنى، بتشويه نطق بعض الأحرف.

من طرائف الاسماء والتسميات ما كشفته إحدى الدراسات التي نشرتها مجلة مصرية عن وجود عدد كبير من الأسماء الغريبة في مصر، حيث اتضح وجود 12 شخصاً يحملون اسم نابليون، وعشرة جنكيز خان وواحد هولاكو.

كما كشفت الدراسة أن عدداً من المصريين يحملون أقوالاً دينية شائعة كأسماء لهم، مثل: صلي على النبي، يازين ما أعطى، يا رب خلي، ما شاء الله، الحمد لله، وكله على الله. كما لم يتردد المصريون في إطلاق أسماء طريفة على أبنائهم، مثل: بامية وكفتة وطعمية ومشمش وترمس وبقلاوة. لا بل إن هناك أسماء يمكن وضعها في خانة الغريبة جداً، مثل: كتكوت، وفيل، وحرامي، وشاي، وكيف وليه.

وفي فرنسا، كانت العائلات مجبرة على اختيار أسماء المواليد من قائمة محددة وضعتها وزارة الداخلية. ويأتي هذا الإجراء لحماية اللغة الفرنسية من الأسماء الدخيلة، خصوصاً الإنجليزية منها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/حزيران/2011 - 4/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م