مسلمون بلا إسلام

حيدر محمد الوائلي

(ما أوذي نبي مثل ما أوذيت)...

حديث قاله النبي محمد (ص) متأذياً من ألم الرسالة وأن شر الناس تسيء لخير الناس وتؤذيه وتهينه، وما من يوم عاد لمنزله (ص) في ماضي الزمان، ولما يراه بحالنا بحاضر الزمان إلا وهو مليء بجراح الروح والجسد...

جراح الجسد أيام الدعوة السرية والعلنية من قريش والمشركين والمنافقين...

وجراح الروح اليوم من المسلمين قبل غيرهم...

ما من ساعة يرانا محمد (ص) اليوم وما نفعله وما يقترفه الكثير من الحكام المسلمين.. والمسؤولين المسلمين.. والسياسيين المسلمين.. ورجال الدين المسلمين.. والمفتين المسلمين.. وأحزاب المسلمين.. وقيادات المسلمين.. والناس المسلمين.. من مساوئ كثيرة، وإنتهاكات كبيرة في حق الدين والناس والآخرين، وكثيراً مما ملئت قلب النبي جراحاً...

لذلك لم يؤذى نبي كما أوذي محمد (ص) في أمته وهو خاتم الأنبياء والمرسلين وسيدهم...

أن يصبح الحاكم (المسلم) وخصوصاً في جميع البلدان (العربية) في ماضيها وحاضرها دكتاتوراً ظالماً...

والدكتاتور يصنعه الناس، بسكوتهم عنه وعن مساوئه مرة أولى... وبالتملق له مرة ثانية... وبجهلهم بمخططاته وظلمه مرة ثالثة... وبعدم التصدي لإيقاف ظلمه مرة رابعة...

حينما يصبح الحاكم والمسؤول والوزير والقائد لا أسوة حسنة يُقتفى أثرها، بل حالة سيئة أعاذانا الله من شرها...

بل يصبح ظالماً فاسداً عنيفاً قاسياً مبذراً قاتلاً مجرماً وهو يصلي ويصوم.. وحاشيته تصلي وتصوم.. وحزبه ومسؤوليه وملحقاتهم يصلون ويصومون..

جميعهم يصلون فرائض الصلاة ويصلون على النبي لدى ذكره ويدعون وصلاً برسول الإنسانية والخير والمحبة وحب الإنسان...

ولم يرسل الله محمداً (ص) ليجعل الناس تصلي وتصوم وإنما بعثه ليتمم مكارم الأخلاق، وبعثه للتعليم، وبعثه لتخليص الأنسان من ظلم الأنسان...

يقول (ص): (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، ويقول (ص) أيضاً: (إنما بعثت للتعليم)...

أرسله الله ليخلص الناس من ظلام الجاهلية ومن الظلم والعبودية والفساد وينصر المظلوم ولو كان عبداً حبشياً (بلال) ويحارب الظالم ولو كان سيداً قريشاً (عمه أبو لهب)...

جاء محمد (ص) لأجل الإنسانية ولنشر الخير والفضيلة وطلب العلم والأخلاق الحسنة والأمانة والعدالة والحرية... وما الصلاة والصيام والزكاة والحج والخمس والصدقة وغيرها من العبادات إلا منهج إختباري.. تهذيبي.. تقويمي.. عبادي.. ولن ينال الله منها شيئاً ولكن يناله التقوى منكم...

التقوى أي أن تكون تقياً في حدود الله التي أتى من أجلها محمد (ص)، لا صلاة تبكي بها أو تتباكى وفي داخل نفس النفس التي تبكي تلقاها نفس سوداء قاسية قاتلة سارقة بغيضة محترقة بنار الكراهية والعدوان والسلطة والطائفية والقومية والعنصرية والمحسوبية ومصادرة حقوق الناس.

من الممكن البكاء لأي موقف عاطفي...

محمد (ص) أرسله الله للناس كافة كرسول خير ورحمة لا أن يقتل ويتحارب ويتعارك بسبب إسمه الناس اليوم مما جعل الإسلام ينظر اليه بأنه دين الكراهة والقسوة والعنف والقتل ممن قاسوا الإسلام بتصرف الناس ولم يدركوا معنى الأسلام الحقيقي الغير مطبق اليوم...

من ذلك تأذى... وسيتأذى.. ويبقى متأذياً !!

إن بقيت حالتنا هذي الحالة... وحتى نغير سوء حالنا الى أحسن ما أراد لنا (ص)...

متأذياً مما نفعل ومما نريد، وأن ما نفعله لا ما كان محمد (ص) يفعل، وأن ما نريد لا ما أراد محمد (ص)... !!

وأحاديث محمد (ص) التي كانت دستوراً وواظب بنفسه (ص) وأهل بيته (ع) وأصحابه (رض) على أدائها وتطبيقها، أصبحت فيما بعده أحاديث للاستئناس وزينة القول، وزوراً ونفاقاً وسلعة تباع وتشترى لا منهج يتم التقيد به...

آذته (ص) أن يصبح المعروف منكراً ويصبح المنكر معروفاً...

آذته (ص) أن يأمر الناس بالمنكر وينهوا عن المعروف...

آذته (ص) أن يكره الناس الحق، وأصحاب الحق، وقول الحق حتى صار (أكثرهم للحق كارهون )...

آذته (ص) أن تصبح السلطة مغنماً لا مسؤولية، وأن تصبح غاية لا وسيلة...

آذته (ص) أن يحكم الناس أسوأ الناس لا خير الناس... وأن تصبح الناس عبيد الدنيا، وإذا مُحصوا بالبلاء قلّ الديانون...

تعال يا محمد (ص) لنا... يا من كنت متواضعاً، وكان الغريب يدخل مجلس الرسول (ص) قائلاً أيكم محمد !!

لأن لا يوجد ما يميز النبي عن غيره لا في جلسته ولا لبسه ولا هيئته.

تعال لترانا نقدس اللباس.. ونحترم الناس على مقدار اللباس في أحياناً كثيرة لا على أساس العقل والأخلاق وهي أساس الاحترام...

نحترم المعمم لعمامته، ونحترم ذو الملابس الرسمية والرباط لربطته ونحترم ذو القوفية والعقال لعقاله ولا يجلسون إلا في صدر المجلس ويزعلون لو لم نفعل ذلك.. وذوي العلم والأخلاق لو كانوا عاديي اللباس أو (كجوال) لم يعبئ بهم أحد ولا لقولهم...

ونحترم المسميات والألقاب والعناوين الوظيفية لا الأخلاق والعلم والعطاء...

تعال يا من كنت سمحاً خلوقاً طيب القلب جميل الكلام، لترى رجال الدين المسلمين قبل الناس، تراهم ذوي غلظة وفضاضة وقسوة وخشونة...

تعال لنا لترى بلداننا المسماة إسلامية... ترى المساجد تغص وتضج بالمصلين من مسؤولين ومواطنين... وإذا محصوا بالبلاء قل الديانون... فالناس عبيد الدنيا لا عبيد الله، والدين لعق على ألسنتهم...

تمتلئ المساجد بأناس تلعنهم قبل غيرهم... وبأقل إختبار تلقى الصلاة وراء الظهور ولا خير في صلاة تلقى وراء الظهر.. كما لا خير في صلاة يؤديها من لا يعرف قدرها أو يؤديها إسقاط فرض.. ولا خير في صلاة لا تنهى عن فحشاء أو منكر...

وأشد الفحشاء والمنكر ما كان فيه أذى الأخرين وضرر الأخرين، وها هي أمتنا الإسلامية و(العربية خصوصاً) من أكثر الأمم ضرراً بالأخرين وبأنفسهم أيضاً قتلاً وأحقاداً وطائفية وفساداً ورشوة وظلم ودكتاتوريات وسوء خلق... جميعهم معنونين (مسلمين)...

سوء خلق بالوساخة وعدم الالتزام بأدب الطريق وعدم الالتزام بطلب العلم وعدم التمسك بالسلوكيات العامة وعدم تمسك الموظف بأداء واجبه على أحسن ما يكون، وعدم فعل أي فعل ديني أو دنيوي يسبب ولو ضرر بسيط لفرد واحد... حتى لو كان الضرر دخاناً من سيجارة أو صوتاً عالياً ولو كان يصدح بنشيد ديني أو قراءة قران...

سوء الخلق عدم مواساة الناس في أحزانهم، وعدم الفرح لفرحهم، وأن تحب لأخيك (لا) ما تحب لنفسك، وخير الناس من نفع (نفسه) لا خير الناس من نفع الناس...

هذا سوء الخلق لا ما يتصوره أغلب الناس في مجتمعاتنا بأن سوء الأخلاق شابة تلبس خليع وشاب يلهث ورائها... وهذا سوء خلق أيضاً ولكنه فرع صغير تحت العناوين المهمة المذكور أعلاه...

هذا سوء الخلق الذي حاربه الإسلام وقد بعث الله النبي ليتمم مكارم الأخلاق وهي عكس مساوئ الأخلاق المذكور بعضها مثالاً في هذي المقالة.

إسلامك يا محمد خير وإسلامهم شر...

أسلامك يا محمد نور وإسلامهم ظلام...

إسلامك يا محمد خلاص وحرية وإسلامهم سجون وعبودية...

إسلامك يا محمد بالعقل والأخلاق وإسلامهم بالشهوة وقلة الأدب...

إسلامهم إسلام ما تشتهي النفس وتريد... ولو علمت يا محمد بما في نفوسهم وما تريد تلك الأنفس...

لصرت حرباً كحربك أبا لهب وجهل...

لصرت حرباً لهم لأنك تأبى أن يكون إسمك مرفوعاً بمكبرات الصوت وبشعارات قطع القماش ليغطي مفاسد دكتاتوريات وشعوب ورشاواهم وأحقادهم وشهواتهم...

أنت تريد أن تكون مبادئك وتعاليمك مرفوعة لا قطع القماش ومكبرات الصوت...

وها هي أحاديثك الشريفة تتداولها الألسن لا العقول...

تتداولها الألسن لمتعة الكلام ولهو الحديث وفي التطبيق صفر...

صفر اليدين تطبيقاً عملياً ومائة بالمائة كلاماً نظرياً...

مساجد وشعائر وطقوس عبادية أكثرها أفرغها من يؤديها من مغزاها ومقصدها وسبب تشريعها من الله سبحانه...

شعائر وطقوس عبادية لا تؤثر بالواقع ولا بالمجتمع ولا بالحكم ولا بالسياسة ولا تهذبه ولا تزيد خيراً ولا تدفع باطلاً ولا تزيد بالتقوى ولا تحصل علماً ينتفع به ولا إصلاحاً من مفاسد كثيرة لا في المجتمع ولا بمن يؤديها...

ولا خير في عبادة وطقوس لا تحقق ذلك...

أعرفتم لماذا لم يتأذى نبياً كما أوذي محمد خاتمهم وأفضلهم...

تأذى (ص) حينما رأى الناس تشرك بالله وهم يعبدون الله ويصلون ويصومون ممن أتخذ إلهه هواه وأضله على عمى...

وما فرق عبادة الأصنام عن عبادة السلطة والكراسي والخضوع للظالمين وعدم الاهتمام بأمور الناس و(من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم) كما قالها (ص) الذي كان يهتم بأمور المسلمين ويتأذى لأذاهم ويفرح لفرحهم بغض النظر عن قربهم وبعدهم له وعنه (ص)...

أو ممن جعل مقر حكم الأمة الإسلامية مرتعاً للراقصات العاريات والجاريات الفاتنات وشرب الخمور وطقطقة الأقداح على أصوات غناء وعزف ألحان الغلمان في الصباح والمساء... ويسمون أنفسهم (خلفاء مسلمين) و(أمراء مؤمنين)

كانت كذلك مقرات الخلافة الإسلامية، والتي ألهمت دكتاتوريات اليوم فسادهم وطغيانهم...

مظاهر فساد يحدثنا التاريخ بها ولا نعرف كيف نغطي الفضيحة...

هم أنفسهم من حكموا حاولوا تزييف وتزوير التاريخ والسنة النبوية واشتروا الأقلام الرخيصة وقتها أيام حكم سلاطين (آل أمية) و (بني العباس) وأحفادهم (لليوم)... لتثبت لهم أحقية عرشهم وسلطانهم (وتحريم الخروج عليهم) وتغطية فسادهم بمبررات واهية، وتزييف التاريخ وتحريف الأحاديث وأن يجعلوا الباطل حقاً.. والشر خيراً.. والرذيلة فضيلة...

علماء ووزراء وسياسيين كانوا يصلون ويصومون وقاموا بذلك في التاريخ القديم واليوم يكمل المسيرة علماء ووزراء وسياسيين يكملوا مسيرة السوء الماضية بشكل جديد ولكنهم باقين يصلون ويصومون أيضاً...

وانطلت الحيلة على الجهلة والهمج الرعاع في الماضي واليوم، ولكن وعاها وفهمها الواعين المتفكرين والله يحب المتفكرين ويمقت الجهلة والمزورين...

كانت مقرات حكم المسلمين وبعضها (لليوم) فاسدة بل أكثر فساداً من فنادق وصالات وبارات مدينة الملاهي (لاس فيغاس)...

هل رأى أحداً منكم اليوم وعلانية حاكماً أوربياً أمريكياً أسيوياً أفريقياً يحكم وبجنب كرسي حكمه وأمامه راقصات شبه عاريات ترقص، وقدح خمر يحتسى لا يفرغ إلا لدى نوم (خليفة المسلمين وأمير المؤمنين) وفي العلن وفي مقر الخلافة والحكم حتى في أكثر الأنظمة الأوربية والأمريكية إنفتاحاً...

بل تسمي الأنظمة الأوربية والأمريكية المنفتحة من يقترف ذلك بأنه فاسد، وفي صحفهم يسمون من يفعل ذلك اليوم فضيحة (فضيحة مونيكا لوينسكي مع الرئيس الأمريكي بيل كلنتون، فضيحة برلسكوني اليوم مع فتاة شابة وقد إستدعي للمحاكمة...!!)

ونحن نسمي من يفعل أتعس وأدهى من تلك الأفعال المسماة اليوم (فضيحة) نسميهم (أمراء مؤمنين وخلفاء مسلمين) وبالنسبة للحكام فيحرم الخروج عليهم بفتوى علماء مسلمين ماضين وحاليين، فلا يجوز الخروج على الحاكم الظالم ولو كان فاسداً... !!

ولما حلت الثورات ببلاد العرب والإسلام وهي أكثر البلدان دكتاتورية ترى المفتين ورجال الدين يحللون ثورة ويحرمون أخرى بما تشتهي النفس وتريد...

طوائف بلا اسلام

دين اليوم يا محمد (ص) هو دين (طائفة) لا دين (الله) !!... يعبدون (الطائفة) لا يعبدون (الله)!! وكل طائفة تحب وتكره الآخرين تبعاً للطائفة والدين، وما أنت يا محمد بطائفة بل أمة للنهوض...

وما أنت غطاء لمفاسد الدول الإسلامية الكبيرة من حاكمين وسياسيين ورجال دين التي ترفع كلمات الله وتنسى الله...

وترفع الأذان بصوت (الله أكبر) ولكن الله ليس أكبر من شهواتهم وأحقادهم ومفاسدهم !!

يرفعون (الأذان) صوتاً ويصمون (الأذان) عن أصوات المظلومين وأصوات الحق وأصوات النصيحة...

تضج الجوامع بالصلوات في مجتمعات إسلامية كثيرة تغط بالوساخة والنتانة رغم أن (النظافة من الأيمان ) كما أكد على ذلك النبي محمد (ص)...

مجتمعات تعج بالفساد الإداري والاجتماعي وحاكمين لهم متملقيهم ومغطي مفاسدهم ممن يأمون الناس بتلك الصلوات...

أنت حربٌ لهم يا محمد، وما فرقهم عن المشركين !! فاليوم يشركون بالله باسم السياسة والشهوة والمال والطائفة والقومية...

من جعل القومية العربية سيدة العالم... ومن جعل الفارسية أو التركية سيدة العالم...

لماذا يتفاخرون بلغاتهم وقومياتهم وينسون واقع الناس ودين الله الذي يحرم القومية والعنصرية... ويحب الانسان بما هو إنسان، ويحب الناس بما هم ناس... ويكرم العقل والأخلاق بغض النظر عن الجنسية والقومية...

أبصر بحالنا لترانا قوماً يقتلون قوماً ويتشفون بقتلهم وأذاهم لأنهم أتباع (طائفة إسلامية) ويفجرونها تفجيراً...

ألست يا محمد (ص) من كان صاحبك (سلمان الفارسي) من قال فيه محمد (ص): (سلمان منا أهل البيت) وقربه... وبذات الروح ولكن عكسياً طرد النبي (ص) عمه (ابو لهب) فالنبي محمد (ص) للناس جميعاً لا لقرابة هذا ولا لصلة ذاك...

تعال لترى القومية والمحسوبية والعنصرية والطائفية داء تفشى في المسلمين... بل اصبح أكثر ما يميز المسلمين عن غيرهم...

أقول مسلمين ولا أقول إسلام، فاليوم الإسلام شعاراً ولقباً وقليلاً هم (المسلمين) حقاً !!

كم هو أسفك يا رسول الله (ص) على حالنا وأنت من بعثك الله لإتمام مكارم الأخلاق فقلت حينها (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)... وأنت ترى الكثير جداً من المسلمين بالماضي والحاضر يجتهدون ويبرعون في سوء الأخلاق ونسوا الأخلاق أصلاً وناسي الأخلاق لا يعرف محاسنها...

تعال لترى أن من يتبع أخلاق الإسلام الكثير من مسيحيي أوربا ويهودها وبوذيي أسيا وسيخها في مؤسساتها وشوارعها وحياتها اليومية رغم عدم إيمانهم بالإسلام !!

ونحن من نسمي أنفسنا مسلمين وأن النظام والأخلاق والعلم من أساسيات الدين الإسلامي وترى فينا الظلم والتخلف والفساد والجهل والطائفية والكراهية والمحسوبية والقومية والفئوية والوساخة وسوء الخدمات أمراض متفشية فينا وفي مجتمعاتنا ولأبعد الحدود...

سافر إمام الأزهر الشريف الشيخ (محمد عبدة) الى أوربا ورأى الحياة هنالك وعاد لبلد الإسلام قائلاً قولته الشهيرة قبل عشرات السنين: (ذهبت لأوربا فوجدت إسلام ولم أجد مسلمين، ورجعت إلى بلدي فوجدت مسلمين ولم أجد إسلام) !!

رحم الله الشيخ محمد عبدة الذي توفاه الله قبل عشرات السنين، وأقول له:

(يا سماحة الشيخ زدنا على سوء الماضي سوءاً أكثر، بل أسوأ بكثير !! وتحسن حال أوربا عمّا رأيته حسناً كثيراً بل أحسن بكثير !!)

أيا من صلى عليه وعلى اله الله وكذا صلى الذين أمنوا وسلموا تسليماً... صلى الناس عليك يومها فأوقفتهم وقلت لهم لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا وما الصلاة البتراء ؟!!

فقلت: تقولون اللهمَّ صلى على محمد وتسكتون بل قولوا: (اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد) لم يضف النبي محمد (ص) لآل محمد اخرين...

والقران وهو كلام الله وقول النبي شارحاً وموضحاً، فمثلاً لم يذكر لله عدد ركعات الصلاة فوضحها النبي (ص) بأحاديثه...

بعض من رواة هذا الحديث (الصلاة على النبي محمد واله وسلم): (ينابيع المودة لذوي القربى) و (جواهر العقدين) و (الصواعق المحرقة) و (صحيح البخاري)...

تعال لترى من مشمولين بصلاة (اليوم) على النبي ولإضافات الصلاة عليك !!

ومنهم من لدى ذكر النبي (ص) يقول: (صلع سلم) !!

لكي يتجنوا ذكر ال محمد !! لكي لا يحسبوا على طائفة هذا ولكي يبينوا أنهم من طائفة ذلك !! أو يذكروا الصلاة ويحذفوا (ال محمد) لكي لا يحسبوا على طائفة إسلامية تضيف (الآل) لصلواتها كما أوصى النبي بذلك، وما ينطق النبي عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى...

الى هذه الدرجة دقيقين بالطائفية !!

وأنا أرمز للصلاة بالحرف (ص) لكي يصلي كل من يقرأ مقالتي هذه حسب طائفته !! لأن الحرف (ص) يرمز للصلاة ودلالة ضمينة للصلاة على النبي محمد واله، وليصلي كل على شاكلته من أراد أن يصلي...

ليدخلوا حديثاً على النبي ويا كثر ما زوروا احاديث ونسبوها للنبي ولكن أهل العلم يعرفون أنها مزورة... (أصحابي كالنجوم بأيهم إقتديتم إهتديم)... قالها محمد (ص)... يا ترى وما هو تعريف الصحابي ؟!!

هو كل من شاهد النبي محمد (ص) !! –طبعاً الكثيرين ممن عاصروا الرسول وصحبوه هم اشتهروا بالعدل والأخلاق الإسلامية الجليلة وهم نور يقتدى به-

والغريب أن كل ذي عينين يشاهد النبي محمد حتى ولو كان زنديقاً ومنافقاً وسكيراً...

أتعرفون لماذا فعلوا كل ذلك ؟!!

لكي لا يسمون رافضيين لسلطة وحكم بني امية وبني العباس (وقتها) فكانوا يزوقون ويزورون لملوك بني امية وبني العباس ويزينون لهم سلطانهم وكل من رفض حكمهم فهو: رافضي.. خارجي.. شق عصا الطاعة.. خرج على امام زمانه -يقصدون الحاكم-.. خرج على الحاكم مفترض الطاعة ولو كان ظالماً...!!

ونسبوا بذلك أحاديث للرسول... لأن من رواها صحابياً شاهد الرسول بعينيه !!

كان المعنى السائد من (التسليم) في زمن الرسول محمد (ص) هو التسليم (لله)، ولكن تحول معنى التسليم فيما بعد وفاة الرسول محمد (ص) الى التسليم (للخليفة)...!! حتى لو كان فاسداً.. ظالماً.. مجحفاً.. مزوراً.. ضعيفاً.. مغفلاً.. شهوانياً !!

ها هو التاريخ يأبى إلا أن يحدثنا بمفاسد الأمة الإسلامية الكثيرة، رغم كونها أمة سيد الأنبياء وخيرهم وخاتمهم محمد (ص)...

حروب الفتوح الإسلامية وسيل الدماء وقتل الناس وإكراههم على الدخول في الإسلام رغم أن الله يقول (لا إكراه في الدين)... ليعود في حد المرات قائد أحد جيوش الفتوحات الإسلامية من غرب الأرض ومعه (1000 جارية) !! له فقط !!

( 1000) جارية كانت غنيمته لفرض الإسلام بتلك الأراضي التي لا تدين به، وهذه الألف فقط لقائد الجيش، ولكم أن تتخيلوا كم استحوذ بقية العشرات الآلاف من الجنود...!!

أليس هذا احتلالا، يا من تدعون أنكم حرباً للاحتلال اليوم !!

وإن كانت الجواري (1000) لقائد الجيش فقط فكم سيكون عدد القتلى !!

أسيكون مثل عدد قتلى الحروب الصليبية التبشيرية (المقيتة) التي قتلت في امريكا الجنوبية فقط (20 مليون إنسان) بمباركة البابا وقتها لتحويلهم للمسيحية !!

أليس رجال الدين المسلمين ينتقدون الحروب الصليبية، فما بالكم تباركون فتوحات إسلامية قتلت الالاف من الناس...

ضعوا هذا الرقم بالبال وسآتيكم برقم جديد وهو (1000) قتيل من المسلمين والكافرين هو حصيلة (25) سنة من رسالة رسول الإنسانية والسلام محمد (ص)...

بخمسة وعشرين سنة سقط (فقط) (1000) قتيل حصيلة جميع حروب الرسالة الإسلامية بقيادة النبي محمد (ص) وجميع حروبه كانت (دفاعية) ولصد هجوم مسلح على المدن الإسلامية...

حروب دفاعية ولم يبدأهم النبي (ص) يوماً بقتال...

تخيلوا أن معاوية حشد (60) الف مقاتل لقتال علي خليفة رسول الله في حرب صفين فقط !!

وأبن معاوية (يزيد) قتل فقط في واقعة الحرة الشهيرة حوالي (12) الف انسان من المسلمين حتى سالت الدماء ولامست أستار الكعبة !!

غيروا معالم الإسلام وقواعده بما يتماشى مع شهواتهم وبقاء سلطانهم... كما غيروا معنى التسليم من تسليم لله الى التسليم لخليفة الله...

ويا لله من خليفة هو يكون في صدارة من يهدر ويبذر ويفسد ويحطم مبادئ وأركان التسليم لله...

كان أغلب من امن برسول الله محمد (ص) في بادئ الأمر من المحرومين والمستضعفين ومن ضحايا الأرستقراطية والاسترقاق والتعصب القبلي، وكان كبراء العرب مستهزئين بمحمد ويؤذوه...

ولا أعرف كيف يحكم الإسلام ويسمونه خليفة الإسلام من (قصره) فاق نظيره ما لأباطرة أوربا وملوكها... وثروته لا حد لها...

أحد الصحابة ممن امن بمحمد (ص) وكان لا يمك شيئاً ولكن بعد وفاة الرسول (ص) قد عاصر هذا الصحابي الخلفاء الأربعة وحارب الخليفة الرابع (علي بن ابي طالب) بمعركة الجمل، ولما قُتِل تبين أن له (1000) عبد يعملون تحت سلطته وهو يدفع أجورهم يومياً... !!

تخيلوا حجم ثروته...!!... وكيف جمع تلك الثروة... !!

أول من بنى قصراً في الإسلام هو معاوية بن أبي سفيان، وقد إهتم ببنائه غاية الاهتمام واستخدم معماريين من الروم وإيران وكان يشرف عليه شخصياً ويحضر هنالك يومياً يطيل النظر إليه تلذذاً، وكان الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري (رض) يحضر عنده كل يوم –وكان أبو ذر يوماها منفياً الى الشام لكثرة اعتراضاته على فساد الخلافة الإسلامية وولاة المدن وقتها-

كان أبو ذر يصرخ بمعاوية الواقف قرب قصره قائلاً:

(إن كان هذا من مالك فقد سرقت، وإن كان من مال الناس فقد خنت)

لم يكترث معاوية الذي أستسلم يوم الفتح أكثر من كونه أسلم ولم يعر أدنى إهتمام لأقدم الصحابة ومن أكرمهم عند رسول الله (ص) ولا لنصائحه... وأكمل معاوية بناء القصر وسماه القصر الأخضر نسبة الى لونه... فلم يدم له ولم يطل حكمه فيه...

وكم من معاوية اليوم (وما أكثرهم) من حكام ومسؤولين وأحزاب ورجال دين وكم (أبو ذر) يصرخ بهم ناصحاً ويعطونه (الأذن الطرشة)...

 وها هو أحد أمراء المؤمنين وخليفة المسلمين كان قد أهدى لزوجته (نائلة) قلادة تفاخرت هي بها بأن قيمة تلك القلادة تعادل قيمة ثلث خراج أفريقيا... !!

هذا ما يحدثنا به التاريخ وكتب الحديث وهي موجودة في كتب معتبرة فقط راجعوها..!!

واليوم... وما إن توضح تلك الحقائق التاريخية الغير مزورة والمحققة والمدروسة علمياً حتى يتهموك بالطائفية...!! وما أن توضح فساد التاريخ، وفساد الحكام المسلمين الماضيين حتى يسموك فاسقاً...!!

وفي الكثير من الأحيان القتل أو التفجير أو هدر الدم !!

وما إن تفصح عن الحقيقة حتى تصبح كلباً ابن ستين كلب..!!

دين الطائفة لا دين الله

أراك يا رسول الله تبكي على سوء حالنا... وأنا صرنا لا ما أردت لنا أن نصير.. وأردنا لا ما أراد الله والرسول، وأنا رجعنا القهقرى من بعدك، وعدنا نعبد (هبل واللات والعزى) جدد بمسميات الطائفة والسياسة والقومية والنفس وما تشتهي...

ونقول لا اله إلا الله وننافق، وأنت تكره المنافقين... وأنت حرباً ضد المنافقين، فالمنافقين أشد خطراً من المشركين لذلك أسكنهم الله الدرك الأسفل من النار.

تصوروا أن لليوم هنالك من يسمي هكذا فاسدين ظالمين فضحهم التاريخ بأسامي (خلفاء إسلام) و(أمراء مؤمنين)، لا بل يمجدوهم، لا بل يحرم من يخرج عليهم وعلى أمثالهم من حكام فاسدين ولليوم !!

لذلك كان الظلم والفساد هو الميزة الأبرز لأغلب الحكام المسلمين قديماً وحديثاً والعرب خصوصاً، فمطالعة بسيطة لتاريخ بني امية وبني العباس تراها تلهم الظلم والعدوان وسفك الدماء وملأ السجون لأجل كرسي الحكم...

سوّل لهم الشيطان فأعمى أبصارهم... وكما زينوا لدكتاتور الأمس فهم زينوا لدكتاتور اليوم (حفظه الله ورعاه) !!

بالرغم من أن تلك الحقائق مثبتة في الكثير من الكتب التاريخية المعتمدة، ولكنهم اليوم يبررون لهم جرائم التاريخ التي كررها بعض حكام المسلمين اليوم وما فرق اليوم عن البارحة.

وبداية النفاق تبريراً مخادعاً...

ها هو الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة كان مخطئاً وشق عصى الطاعة على مولاه يزيد بن معاوية السكير العابث بالقرود والكلاب والغواني وخليفة مسلمي اللهو والمرح...

هكذا يفتي كبار العلماء اليوم، والمفتين...

لكن الشباب اليوم وفي العام (2011) عام الثورات المباركة ضد الأنظمة الغير المباركة، قد ضربوا تلك الفتاوى والآراء والتاريخ المنحل المزور عرض الحائط وأخرسوا علماء السوء.. وحكام السوء.. وحاشية السوء.. ووسائل إعلام السوء.. وثاروا ضد الحكام الظالمين (المسلمين) وأنظمتهم (المسلمة) الفاسدة في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين والسعودية وسوريا والأردن وعمان...

أضطر بعض اولئك العلماء وتلك الأنظمة وتلك العصابات للتنازل والإفتاء بجواز ثورات الشباب ضد الحاكم (ليس كلها) فبعض الثورات ظلت حراماً لأنها ثورات من غير طائفة المفتي والعالم الإسلامي الجليل !!

ولكن لم تزيد فتاواهم من عزيمة الشباب ولا من إرادتهم... لأن الشباب ثاروا من دون الحاجة إليها فهم يتبعون الفكر السليم الذي كان معطلاً عشرات السنين... كتعطيل وتغييب ذكر علماء دين عاقلين مفكرين...

تعال يا رسول الله محمد (ص) لترى بعض علماء الدين المسلمين اليوم تناصر ثورات ضد حكام أيدوها من قبل بفتاوى مباركة !! ليعود اليوم نفس من أفتى بتأييد ثورة فحرم ثورات أخرى ضد حاكمين بنفس فساد ذاك الحاكم... ولكن الفرق طوائف وتوجهات وأن هذه الثورة ليست من طائفة هذا المفتي... (وكلها طوائف إسلامية) !!

أراك يا محمد (ص) تأمر بلالاً أن يتسلق ويرتقي أشرف مكان على الأرض، ليؤذن بالناس لأقدس صلاة...

لم يلتفت محمداً (ص) يومها أن بلال عبداً أسود !! ولم يعر أدنى إهتمام لذلك، فالمرء على قدر عطائه ومساهمته في المجتمع...

رغم أن العبودية كان متفشية يومها في الجزيرة العربية وما حولها بل في كل أغلب بلدان العالم، فجاء محمداً ليخلص العبيد ويجعلهم أحراراً رغم أنف الملوك والرؤساء والقبائل ولم يكترث للتيجان والعروش والقصور...

تعال يا رسول الله (ص) لترانا نقرب (الشريف) ونقصي (الضعيف) رغم نهيك وقولك (ص):

(إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد)

وكم في يومنا من سارق مكرم ومحترم وممدوح، وكم من شريف ونزيه مذموم ومكروه...

تعال لترانا نقرب ونكرم الشريف (الغني.. المسؤول.. الحاكم.. المدير.. الموظف الكبير في الدولة ) رغم فساده وظلمه وجهله، ونقصي ونطرد الضعيف (النزيه.. العاقل.. المؤدب.. الخلوق.. الناصح.. الناطق بالحق.. الفقير) رغم كرامته وعلمه وأدبه... فالتعامل بمحسوبية رسمية ونسمي أنفسنا مسلمين...

كتب المستشرقين أن محمداً كان شغوفاً بالنساء، فثار ذلك إمتعاض بعض الباحثين المسلمين المطلعين... لماذا يسمون النبي محمداً (ص) كذلك ؟!!

ولماّ راجع اولئك الباحثين كتباً تسمى (الصحيح) وأسانيد معتبرة عند البعض ولليوم، وجدوا أن النبي كما وصف المستشرقين... مع الأسف !! ثبتوا التزوير في كتب أثرت فيها السياسة أكثر من الدين.

كتب الكاتب المصري (صالح الورداني) كتابين فيما يخص هذا الموضوع، الكتاب الأول أسماه (الخدعة) والكتاب الثاني أسماه (تصحيح العبادات) في الكتاب الثاني ترى المأساة والتزوير والتلفيق وبدعم مباشر من أئمة الزور ومن خلفهم السلاطين المسلمين والخلفاء المسلمين وأمراء المؤمنين...

في أحد الأحاديث باختصار شديد أن النبي (ص) كان سائراً فوقع في قلبه شيء من امرأة مرت من جنبه في الطريق فأكمل النبي طريقه وكان معه مجموعة من أصحابه فسار هنيئة فأستأذن من أصحابه لدى وصوله لمنزل أم سلمة ليواقعها، فدخل ليواقع ام سلمة وترك أصحابه منتظرين بالباب !!!

سامحني يا رسول الله لنقل هذا التزوير نقلاً عن كتاب (الخدعة) ولكني يجب أن أنقل ما أعرف وأترك النتائج على الله...

رواية مذهلة وأكثر ما أذهلني فيها أنها موجودة في صحيح (.....).

أي عاقل يصدق ذلك... ؟!!

وماذا تركنا للأنجيل والتوراة المحرفتين واللتان تصفان أنبياء بني إسرائيل ومغامراتهم الجنسية علانية...!!

نبي يسترق النظر على نساء، أمام مرأى أصحابه، ويغير مسيرته ليذهب ليواقع زوجته ويترك أصحابه منتظرين بالباب !!

يقول الكاتب المصري (صالح الورداني) بعدة إيراده عدة روايات مشابهه في أسانيد كتاب (مسلمين): (ولا غرابة أن نرى المستشرقين يصفون النبي بزير نساء فبصحاح المسلمين أحاديث مزورة ومدسوسة تثبت ذلك) !! –مع الأسف- !!

تخيلوا أن ما ذكرت هي رواية واحدة فقط !! ولكم أن تكملوا وتطالعوا بقية الكتاب !!

ينسبون تلك الأفعال للرسول والرسول منها براء بلا نقاش، لكي يكون حلالاً لخلفاء بني امية وبني العباس والملوك والأمراء والوزراء أن يعبثوا بما يحلوا لهم، ويحلوا لهم ما يعبثون، فقد صوروا للناس أن الرسول مثلهم...!!

ولكن يبقى الرسول الأكرم محمد (ص) ورغم أنفهم أعظم خلق الله أخلاقا وأكثرهم أدباً وسماحة... ما دام للعقل السلم بقية وإلا فلا...

هكذا صوروك يا رسول الله محمد في كتبهم ولما بانت الفضائح اليوم لباحثين وكتاب تصوروا أنهم لم يطعنوا بتلك المؤلفات ولا بمؤلفيها ولكن أخفوها... (لأنها صحاح) !!

يستحون ويخافون من كتاب وكتابات مزيفة ومحرفة ولا يستحون منك يا رسول الله... لأنها كتب ومؤلفات معتمدة (كلياً) لدى طائفة معينة ويخافون على الطائفة من أن تضعف أو يصيبها الهوان ولا يخافون على الرسول الأكرم وكرامته !!

هذا هو دين اليوم... دين الطائفة لا دين الله.

لترجع وتثور ثائرتهم ضد الدنمارك ورسام كاريكاتوري دنماركي صور النبي أنه إرهابي، لكثر ما رأى من بشاعة أخبار وصور الذبح والتفجيرات والتفخيخات وفتاوى التكفير وتحليل سفك الدم بأسم (الله) و (محمد) وبعلامات وشعارات المجاهدين والمقاومين كما يسمونهم والتي كثيراً ما بثتها قناة العربية السعودية المسلمة والجزيرة القطرية المسلمة...

ثاروا ضد رسام كاريكاتوري جعلوه مشهوراً فهو لم يكن ولا رسموه معروفات، ولم يثوروا ضد من إستغل الإسلام بصورة بشعة وقذرة ومن زيف وزور الدين، بل ثاروا ضد من فهم الإسلام مما يراه اليوم من مساوئ غطت المجتمعات الإسلامية...

يا رسول الله أراك حزين على حالنا وغبائنا وسذاجة تفكيرنا وأكيداً لم تعر إهتماماً لرسم كاريكاتوري لرسام دنماركي كما لم يؤثر بك أبا لهب ولا أبا سفيان ولا أبا جهل ولا جراح السنين...

لم يحركوا ساكناً لواقع الأمة الإسلامية السيئ وحكام السوء الجالسين على رقاب الناس غصباً وقهراً، وعلى تاريخنا المزيف والمحرف والمسيس...

بل ثاروا ضد تصريح من رجل دين في قناة لا معروفة ولا مشهورة..!!

تعال لنا يا رسول الله (ص) لترى أن أرقى جامعات ودراسات العالم لا في أرضي أجدادنا العلماء بل عند أحفاد السحرة والمشعوذين والمتخلفين في أوربا يوم كان المسلمين مخترعين...

تعال لتراهم اليوم أسياد العالم بالاختراعات والعلم والمعرفة وحقوق الأنسان... ونحن وطوائفنا وحكامنا المسلمين ورجال الدين والسياسيين فيقتلون بعضهم بعضاً وبالآلاف...

تمتلأ السجون عندنا لمجرد التكلم برأي يخالف هوى ومزاج الحاكم المسلم الجائر، ولمجرد مظاهرة ضده فهي كفيلة بإلغاء حياة عشرات الآلاف من الناس رغم أن حرمتهم عند الله أشد من حرمة الكعبة، كما صرح بذلك الرسول (ص)...

تعال لترى لجوء المسلمين من اللاجئين سياسياً ودينياً لبلدان أوربا وأمريكا غير المسلمة، ففي بلداننا ميزة مصادرة الحريات وتقييدها وقوانين الطوارئ وحضر التجوال والبراعة بالتعذيب والسجون...

هل سمع أحد منكم يوماً لجوء أوربي أو أمريكي أو كندي الى بلد إسلامي و(عربي) حصراً !!

طبعاً غمرتني الضحكة لدى ذكري فكرة أن يطلب أوربيون اللجوء مثلاً في السعودية بلاد المشاعر المقدسة وبيت الله الحرام ومحل مرقد خاتم الأنبياء والمرسلين...!!

حقيقة فكرة مضحكة ومستحيلة...!!

ها ها ها !!! أوربي يطلب لجوء في السعودية ليمارس كامل حريته الدينية والسياسية (فقط لا غير) في المملكة السعودية !!!

في أرض فيها طوائف إسلامية محاربة ومراقبة ومسجونة لكونها طائفة تخالف مزاج علماء الدولة في المملكة، فيصادرون حقوقهم لهذا السبب الشنيع، ولكم أن تتخيلوا كيف سيكون الحال مع غيرهم من غير المسلمين ؟!!

تخيلوا المفاجأة !!

سيكون حال غير المسلمين في بلاد المسلمين أفضل بكثير من علاقة طوائف إسلامية ومسلمين فيما بينهم !!

فدين اليوم جعلوه دين (كراهية.. وبغض.. وحقد.. وغضب) لا دين (سلام.. ومحبة.. وتآخي.. ومسامحة.. والتعامل مع الناس على أنهم بشر أولاً وأخيراً وإحترام الاختلاف) وهذا ما أكد عليه النبي الكريم محمد (ص) مراراً وتكراراً...

تعال لترى رجال الدين المسلمين يلعبون بالدين كلعب الطفل بالكرة، ولا يحرصون عليه وأنت الحريص يا رسول الله ووصفك الله بأنك: (حريص على المؤمنين)

تعال لترى علماء الدين عبيد السلطان والأمير والحاكم على مر السنين...

أراك تبكي علينا أننا لا شيء... أننا أصفاراً في معادلة الحياة، والصفر لا شيء... وعار علينا أننا لا شيء...

تبكي علينا ترى المسلمين أيام كانت أوربا غارقة في وحل الجهل والتخلف وكان علماء المسلمين يبدعون في الكيمياء والطب والجبر والفيزياء والترجمة والتأليف والطباعة وبالمكتبات...

فتعال لترانا اليوم مستهلكين مستوردين لكل شيء وصناعاتنا الوطنية فاشلة وليست أصلية ومغشوشة...

وأكثر إعلاناتنا التلفزيونية في القنوات ذات المشاهدة الجماهيرية وإعلاناتها حول (البطن) فقط !!

دعاية نستلة وعصير ومشروبات ومأكولات (ومش حتئدر تغمض عينيك) !!

ومن كان همه ما في بطنه كان قيمته ما يخرج منها.

دين اليوم دين طوائف لا على أساس أن الطائفة منهج يسلكه العباد لعبادة الله، بل على أساس أن الطائفة تعبد من دون الله وبغض النظر عن رضا الله...

نعم هكذا يفكر البعض (وكثيراً ما هم) اليوم...

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/حزيران/2011 - 2/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م