المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله
الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم ومنكري فضائلهم من الأولين
والآخرين.
أما بعد، فهذه باقة عطرة من أخلاقيات سيدنا الشهيد السعيد آية الله
الفقيه الورع الحاج السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (قدس الله روحه
ونور ضريحه) جمعتها بغية أن يكون السيد الفقيد أسوةً وقدوةً لنا ويُتخذ
عِبرة، كما في الحديث الشريف، حيث قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ولئن
يكونوا عِبَراً أحق من أن يكونوا مفتخراً1).
وأسأل الله تعالى أن يحشر السيد الرضا (اعلى الله درجاته) مع أجداده
الطاهرين في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأن يوفقنا للاقتداء به في خدمة
أهل البيت (عليهم السلام) ونشر علومهم للعالَم.
فإنه المستعان، وعليه التكلان..
السيد الرضا في سطور...
* هو العالم الرباني، الفقيه الورع، آية الله الشهيد السيد محمد رضا
الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته)، وهو النجل الأكبر للإمام الراحل
آية الله العظمى المظلوم السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله
درجاته).
* وُلد في كربلاء المقدسة سنة 1379 هـ بجوار الحائر الحسيني الشريف،
على ساكنه آلاف التحية والسلام.
فنشأ وترعرع وتعلّم درس الولاء والتضحية من جده الإمام الحسين (عليه
أفضل الصلاة وأزكى السلام).
* بدأ دراسته الأولية في (مدرسة حفاظ القرأن الكريم) ثم التحق
بالحوزة العلمية في كربلاء المقدسة، حيث درس المقدمات من العلوم
الدينية لدى الأساتذة الكبار.
ثم هاجر بصحبة والده إلى الكويت وذلك بعد الضغوط الكبيرة التي
لاقتها أسرة الإمام الشيرازي (اعلى الله درجاته) من قبل طغاة البعث في
العراق.
* فواصل دراسته (رضوان الله عليه) في الكويت، فحضر الرسائل عند عمه
المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)
والمكاسب عند آية الله السيد مرتضى القزويني (حفظه الله)
* ثم لما هاجر مع أبيه إلى عُشّ آل محمد (عليهم السلام) قم المقدسة
حضر أبحاث الخارج عند والده الإمام الشيرازي الراحل H وعمّه K والمرجع
الديني الشيخ الوحيد الخراساني (دام ظله) والمرجع الديني الشيخ الميرزا
التبريزي (قدس الله سره) وغيرهم من كبار العلماء، وذلك بجوار كريمة أهل
البيت السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام).
* وكان السيد الشهيد (اعلى الله درجاته) من أساطين الأساتذة وكبارها
في حوزة قم المقدسة حيث بدأ بتدريس المقدمات والسطوح العالية، ومن عام
1408هـ شرع بتدريس البحث الخارج في الفقه والأصول على فضلاء الحوزة
العلمية هناك، وكان مستمراً في تدريسه وعطائه العلمي حتى وافته المنية.
* وكان من جملة نتاجه العلمي أن ترك محاضرات علمية وأخلاقية وتربوية
وعقائدية عديدة، تبث عبر عدد من القنوات الفضائية الدينية، وكان لها
الأثر الكبير في تحقيق الاستقرار والاصلاح والتسامح في كثير من الأسر
والمجتمعات الإسلامية.
* كما وترك (اعلى الله درجاته) كُتُباً علمية قيمة، نال عنها عدة
إجازات في الاجتهاد. كما طبعت بعض محاضراته على شكل كتب أو كراسات، من
آثاره:
1. التدبر في القرآن، وطبع مؤخراً في دار العلوم بيروت، في ثلاثة
أجزاء.
2. الترتب، وهو الكتاب الأصولي المعمق الذي نال بسببه إجازات
الاجتهاد.
3. ومضات.
4. تبيين الأصول. 3 مجلدات.
5. خطب الجمعة.
6. الرسول الأعظم رائد الحضارة الإنسانية.
7. السلسلة المهدوية.
8. كيف نفهم القرآن؟
9. التسامح في أدلة السنن.
10. فقه النظر.
11. حاشية على منطق المظفر.
12. حاشية على موسوعة الفقه للإمام الشيرازي الراحل.
13. الإمام الحسين (عليه السلام) عظمة إلهية وعطاء بلا حدود.
14. لماذا الغيبة؟.
15. من مواعظ الإمام الحسين (عليه السلام).
1(اعلى الله درجاته). فاطمة الزهراء $ المقامات الغيبية والوجه
الحضاري.
17. أمير المؤمنين (عليه السلام) الحقيقة الخالدة.
وغيرها كثير.
* توفي (اعلى الله درجاته) شهيداً مظلوماً صبيحة يوم الأحد 2(اعلى
الله درجاته)جمادى الأولى من سنة 1429هـ الموافق 1/6/2008 في قم
المقدسة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب
ينقلبون والعاقبة للمتقين.
نسأل الله تعالى أن يرحم فقيدنا فقيد الأمة، ويحشره مع محمد وآله
الطاهرين وأن ينفعنا بعلومه وسيرته، وأن يطيل في عمر سيدنا المرجع
الكبير آية الله العظمى الحاج السيد صادق الشيرازي (دام ظله) ويبقيه
ذخراً للأمة إنه سميع مجيب.
التقوى والعبادة
التقوى: هي مخالفة الله تبارك وتعالى، وبمعنى آخر: التقوى أن تعلم
أن الله تبارك وتعالى ناظر إليك في كل عمل وكل فعل تود فعله فتحذر،
وبعبارة أخرى: العمل بالواجبات وترك المحرمات، إذ هي تعني طاعة الله
تعالى.
لذا ورد في الخبر عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)
أنه قال: (لاتذهب بكم المذاهب، فوالله ماشيعتنا إلا من أطاع الله عزوجل)(
(2.
كان من الصفات البارزة في السيد الفقيد (رحمة الله عليه) أنه كان
متقياً ورعاً يخاف الله تعالى، فكانت صفة التقوى بارزة عليه في كل
مجالات حياته، وخاصة في جانب الحكم الشرعي فإنه كان لا يجيب على
المسائل الشرعية إلاّ بعد التأكد منها، وربما يؤخر الجواب لغد أو ما
أشبه حتى يراجع ويتأكد.
يقول العلامة السيد حسن القزويني (حفظه الله تعالى):
(لقد جسد الفقيد الرضا (رحمه الله) معنى التقوى تجسيداً حقيقياً من
خلال سيرته وسلوكه الكريمين، ولعمري لقد عاشرت هذا السيد الجليل سنوات
طويلة فما رأيته يمارس عملا ينافي التقوى، بل كان يصدر كل أفعاله
وأقواله بل حتى حركاته وسكناته عن تقوى الله ومخافته، وقلّ أن رأيتُ في
حياتي مثله في خوفه وخشيته من الله، والتزامه جانب الاحتياط ومراعاة
الحكم الشرعي..
لقد سئل أحد العلماء ذات يوم عن عدالة أحد الأتقياء من أهل العلم
والفضل؟
فأجاب: لا تسألوني عن عدالته ولكن سلوني عن عصمته. حقاً لقد وجدت
الفقيد مصداقاً لهذا القول..
لقد كانت مخافة الله سبحانه السمة الأبرز من صفات هذا السيد الجليل
حتى قيل إن فيه شَبَهاً بجده التقي آية الله العظمى السيد مهدي
الشيرازي (قدس سره) الذي كان آية في التقى والزهد والورع ومخافة الله،
إذ تروى عنه الكثير من القصص التي تشير كلها إلى أنه كان وحيد زمانه
وفريد دهره في التقى والورع وشدة الاحتياط للدين)([3]).
وكما أن السيد الفقيد (اعلى الله درجاته) كان تقياً حتى في صلاته
وفرائضه اليومية، فكان يحتاط في صلاته المكتوبة، حيث جاء في وصيته (رضوان
الله تعالى عليه):
(قضاء جميع صلواتي وصيامي) فقد كان يشعر السيد الرضا (اعلى الله
درجاته) بأنه لم يقدم شيئاً إلى الله تعالى، وربما كان يعيد بنفسه بعض
عبادته..
لذا نقل سماحة آية الله السيد مرتضى القزويني (دامت بركاته) في
خطابه حول الفقيد الراحل: (إن آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (رحمه
الله) كان يعيد صلاته احتياطاً في الكويت عندما كان يصلي بالناس جماعة)([4]).
ويقول العلامة الخطيب الشيخ عبد الرضا معاش (حفظه الله): (إن السيد
(رحمه الله) بعد انتهائه من الصلاة الجماعة عندما كان في الكويت، كان
يعيد صلاته في غرفته، وقد اكتشف سماحة الشيخ ذلك صدفة وعندما سأله عن
ذلك قال السيد: (إني أحب أن اطمئن من صلاتي أكثر)([5]).
وأذكر قضية أخرى شاهداً على تقواه وإخلاصه من صغره، يقول العلامة
الخطيب الشيخ جلال معاش (حفظه الله): (كان لسماحة السيد المقدس
الشيرازي تعلق خاص مع والدي وهو خاله الحاج عبد الرزاق معاش (رحمه الله)
ـ وأنه في إحدى المرات حل ضيفا عندنا في منزل الوالد بكربلاء، وكان
عمره آنذاك لم يتجاوز العشر سنين، وكان سماحة السيد محمد رضا (رضوان
الله عليه) حافظاً لسورة البقرة، فأخبرت أصدقائي الصغار بذلك.. فقال لي
السيد: لماذا أخبرتهم بذلك؟! لأنه كان لايريد أن يعرف بالأمر أحد..
فعلمت منذ طفولتي ومن هذا الموقف في حياة هذا السيد الجليل أسرار
الإخلاص ونبذ الرياء والتباهي (اعلى الله درجاته).
وكان السيد (رضوان الله عليه) متقياً حتى في تعامله مع الحيوانات
الصغار من مخلوقات الله تبارك وتعالى..
قال سماحة الشيخ جلال معاش (حفظه الله): لما كنت في الكويت قبل
رحيله (رحمه الله) بثمان سنوات، قال لي عمي الوجيه الحاج عبد الرسول
معاش ـ وهو خال السيد المقدس ـ رأيت اليوم عجباً من السيد محمد رضا؟
قال: وماذا رأيت؟!
قال: كنت أعيش معه في المنزل لغياب وسفر عائلته الكريمة، وكان النمل
منتشراً بكثافة في البيت حتى على كتبه وملابسه. فقلت: سيدنا، أتسمح لي
أن أضع شيئاً من السم وما أشبه حتى نقضي على النمل؟
فقال السيد المقدس: لا، اتركها، لا تتعرض لها أبدا.
فكان سماحته (أعلى الله درجاته) لايريد أن تتأذى منه حتى النمل، وإن
كانت تؤذيه وتؤثر على حياته)([7]).
هذا في جانب التقوى، حيث كان قمة في ذلك..
أما في جانب العبادة، فقد كان السيد الفقيد (اعلى الله درجاته) من
العبّاد والزهّاد، وكان متأسياً بأجداده الطاهرين (عليهم السلام) حيث
كانوا في أعلى قمم العبادة والإخلاص لله ومتقربين له بالصلاة وسائر
العبادات.
يقول النجل الأكبر للسيد الرضا (رضوان الله عليه) وهو السيد محمد
حسن: (كان يعطي للصلاة في أول الوقت أهمية كبيرة، إذ كان يترك ما بيده
من أعمال ويبادر إلى الصلاة فوراً)([8]). وكان يقول أيضا: (من الأدب أن
تجيب دعوة المولى قبل أن يناديك)، ثم يصلي بعد أن يرفع صوته بالأذان،
وكنت أنا وأخي نفرش السجادة ونصلي خلف الوالد جماعة، ولا زلنا نضع
سجادة أبينا أمامنا عندما نريد أن نصلي)([9]).
وكان (رضوان الله تعالى عليه) دعّاءً.. كما كان صاحب مناجاة
واستغفار وتهليل وتكبير ومناجاة مع ربه، وكان مداوماً على كثير من
الأدعية المأثورة.
تنقل إحدى كريماته عن حالة السيد الفقيد (رحمه الله) فتقول: (في
إحدى ليالي الجمعة سمعت صوتاً حزيناً باكياً ففتحت باب الغرفة فرأيت
السيد مشغولاً بقراءة دعاء كميل وهو يبكي بكاءً شديداً، وكنا نراه في
عصر الجمعة حين استماعه الى دعاء السمات في حالة من التفكير والتأمل في
عظمة الله)([10]).
وكان السيد الرضا (قدس الله نفسه) من المتهجدين في الليل
والمستغفرين بالأسحار.
يقول ولده الأكبر السيد محمد حسن:
(إن والدي (رحمه الله) كان يصلي صلاة الليل دائماً، وكان ملتزما بها
منذ أيام شبابه) ([11]).
وتقول زوجته الفاضلة: (إن المرحوم في تهجده كان شديد البكاء في حال
السجود خاصة، وكنت ألاحظه، وكي لا يزعج أحداً كان يكتم صوت بكائه قدر
الإمكان، ولكن أكتافه كانت تحكي عن دموعه الساخنة التي يسكبها على
الأرض وهو ساجد لله ومتضرع إليه عزوجل)([12]).
زهده وتواضعه
الزهد في الدنيا: هو الانصراف عن ملذاتها المحظورة وشهواتها
الممقوتة([13])، بل حتى ترك الملذات المحللة وعدم الاعتناء بها.
فالإنسان المؤمن حينما يُعرض عن زخارف الدنيا وملذاتها التي حذر
منها الشارع المقدس ويكون مترفعاً عن شهوات النفس الأمارة بالسوء، يكون
قد نال بعض المقامات العالية التي أمره المولى بأن يسمو إليه. عن أبي
جعفر (عليه السلام) قال: أمير المؤمنين (عليه السلام): (عليه السلام)إن
من أعون الاخلاق على الدين الزهد في الدنيا)([14]).
لذا قال عمّه المرجع المبجل سماحة آية الله العظمى السيد صادق
الحسيني الشيرازي (دام ظله الوارف): (كان الفقيد (اعلى الله درجاته)
مثالاً للعالم الزاهد، وآية في الورع والتقوى)([15]).
من هنا يتبين أن المقدس الشيرازي (رضوان الله عليه) كان في غاية في
الزهد، وقد عُدّ من أكابر الزهاد. يقول سماحة الشيخ جلال معاش (حفظه
الله): (أحد الأصدقاء في الكويت قال لوالده المرجع آية الله العظمى
السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره): سيدنا قل لولدكم السيد محمد
رضا أن يأكل الطعام.. فإنه لا يأكل إلا قليلاً. فقال سماحته (قدس سره):
(إن ولدي محمد رضا لم يخُلق لهذه الدنيا وإنما خُلق للآخرة )(16).
وهكذا كان السيد محمد رضا (رضوان الله عليه) يكتفي من الطعام بأقل
ما يمكن، كربع قرص الخبز، وكانت لقمه صغيرة جدا.
أما ملبس السيد الفقيد فقد كان في غاية البساطة وكان جملة من ملابسه
احتوت على بعض الثقوب والشقوق. تقول كريمة السيد الفاضلة:
(وكان السيد الوالد متأسياً بالأئمة الطاهرين (عليهم السلام) فكان
يحافظ على مظهره ولكن كانت ثيابه متواضعة جداً، حتى أنها كانت مرقعة
أحيانا، فكان يخيطها بنفسه فلم يكن يسمح لنا بخياطتها وكان مصراً على
خياطتها بنفسه)([17]).
ويقول السيد محمد جواد الفالي (حفظه الله): (إن السيد (رحمة الله
عليه) لم يُبدل نعله حتى كانت تبلى بحيث لا تلبس عادة، وهكذا في ملابسه
فكانت عادية جداً)([18]).
وأما تواضع السيد (رحمه الله) فقد كان مثالاً فيه، وقد تأسى في
التواضع بالأنبياء والصالحين والأئمة الطاهرين(عليهم السلام) ولا يخفى
أن التواضع هو رأس الفضائل، ويدل على كبر النفس وسموها. جاء في حديث
شريف عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): (إن التواضع يزيد صاحبه
رفعة، فتواضعوا يرفعكم الله)([19]).
(يقول السيد الفقيد المقدس الشيرازي (قدس الله روحه) في أول
محاضراته لشرح العروة الوثقى: (نبدأ بأذن الله في كتاب الاجتهاد
والتقليد ونذكر في هذا الكتاب وبقية الكتب ما يحتمل أن يكون شرحاً
لعبارات المصنف (رحمه لله)... وفي هذا التعبير منتهى التواضع حيث يجعل
ما يشرحه احتمالاً لمراد المصنف)([20]).
ويقول سماحة السيد حسن القزويني (حفظه الله): (وكنت ألمحه ـ أي
السيد الرضا ـ من بعيد وهو يمشي في الزقاق وحده، إذ كان يحرص أن يخرج
وحده لا مع كوكبة من الحاشية، أو الحرس، أو المريدين الذين يتبركون
بمصاحبته ومماشاته، كل ذلك ابتعاداً عن الأضواء والرياء والسمعة،
وتواضعاً منه، وحتى في مشيته فقد كان يمشي الهوينا، مشي الصالحين الذين
وصفهم القران الكريم بقوله تعالى: [وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ
يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ
قَالُوا سَلَامًا]([21]). ([22]).
ومن تواضعه في المجالس يقول السيد محمد جواد الفالي (حفظه الله): (كان
من عادة السيد الفقيد (رضوان الله عليه) المشاركة في المجالس الحسينية،
وأحياناً ولظروف طارئة عليه كان يتأخر بالحضور للمجلس، فكنا نراه عندما
يدخل المجلس يجلس بقرب موضع (الأحذية) وكنا نطلب منه أن يجلس في صدر
المجلس، فكان يرفض ذلك)([23]).
ويقول الشيخ محمد جواد العطار:
(كان مجلس السيد (رحمه الله) في غرفته عند الباب، وهذا يدل على عظم
تواضعه بحيث إن الشخص الذي كان يمر من أمام الغرفة وينظر إلى داخلها
ربما لم ير السيد لقربه من الباب، حيث لم يكن (رحمه الله) يتصدر المجلس)([24]).
وهكذا كان (اعلى الله درجاته) قمة في التواضع واللين مع الآخرين.
3
ورعه (اعلى الله درجاته) عن المحرمات والرذائل
الورع: هو ترك ما حرم الله والابتعاد عنه.
(وقد سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الورع من الناس؟ فقال:
الذي يتورع عن محارم الله عزوجل)([25]).
فالحرام كالحية لين مسّها قاتل سمّها، كما أن لونها يسر الناظرين
ولكن القرب منها يعني الهلاك.
فقد كان السيد الرضا (رضوان الله عليه) ورعاً تقياً مخلصاً مجتهداً
يقول مولانا الصادق (عليه السلام): (لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه)([2(اعلى
الله درجاته)]).
من جملة القضايا التي تنقل في ورعه (رحمة الله عليه) يقول سماحة آية
الله السيد مرتضى الشيرازي (حفظه الله): إن السيد الأخ كان يتورع في
الذهاب إلى مجلس قد يكون فيه غيبة.. وأما إذا اضطر في الذهاب إلى هذا
المجلس فكان عند جلوسه يطرح موضوعاً علمياً معيناً حتى لا يكون هناك
مجال للغيبة)...
كما أن السيد الفقيد (رحمه الله) مضافاً إلى تورعه عن المحرمات كان
يتورع حتى عن المكروهات أيضاً تأسياً بأولياء الله تعالى.
ونقل سماحة العلامة الشيخ طالب الصالحي والسيد محمد جواد الفالي: (إن
السيد (رحمه الله) أحياناً كان يأتي بدفتر خاص له ليقرأ بعض الأحاديث
أو بعض المعلومات التي يريد ذكرها في محاضراته، فكان يلصق على غلاف
الدفتر ورقة بيضاء من أجل تغطية بعض التماثيل أو الرسومات لبعض
الحيوانات ذوات الأرواح كصورة سمكة أو غزال أو ما أشبه، وذلك لشدة
تورعه عن أن يحمل شيئاً فيه صورة لذات روح وهو وإن لم يكن من المحرمات،
ولكن كان السيد يبتعد عنها لورعه حتى عن مثل هذه الشبهات)([27]).
ويقول فضيلة الشيخ حامد علي تقي بور، وهو من الفضلاء الساكن في مشهد
الإمام الرضا (عليه السلام):
(إن في سفرة لجناب السيد (رحمه الله) إلى مشهد الإمام الرضا (عليه
السلام) عندما أراد أن يغادرها بعد تمام الزيارة، طلب من الشيخ حامد
بعد أن أعتذر منه كثيرا، أن يعطي أمانة للسيد العلوي لإيصالها إلى
صاحبها، يقول الشيخ حامد: فقلت سمعاً وطاعةً. فأعطاني السيد (رحمه الله)
ثلاث حصيات! فتعجبت منها، فقال: هذه حصيات الخبز([28]) الذي جاء به
السيد العلوي، وبما ان الخباز يستفيد من هذه الحصيات فأرجو إرجاعها
إليه فاني لا أعرف محل الخباز)([29]).
ولاعجب من ذلك فإن ورعه (رحمه الله) فاق ذلك.
ولائه لأهل البيت (عليهم السلام)
الولاء: هو الإتباع أو المتابعة في القول والفعل.
فلولاء لأهل البيت (عليهم السلام) ليس حبهم فقط بل اتباعهم في القول
والفعل حتى يصدق أنه ولاء حقيقي.
وولاء آل البيت (عليهم السلام) واتباعهم، هو سعادة في الدنيا
والآخرة، وفي المقابل تركهم ومخالفتهم هو الجحود والخسران العظيم..
يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من أراد التوكل على الله
فليحب أهل بيتي، ومن أراد أن ينجو من عذاب القبر فليحب أهل بيتي، ومن
أراد الحكمة فليحب أهل بيتي، فوالله ما أحبهم أحد إلا ربح في الدنيا
والآخرة)([30]).
فلقد كان سيدنا الفقيد (رضوان الله عليه) موالياً لأهل البيت (عليهم
السلام) بالولاء المذكور، محباً لما يحبون، مبغضاً لما يبغضون.. وكان
متبعاً لهم وداعياً إليهم بالحكمة والموعظة الحسنة.
يقول نجله السيد محمد حسن:
(كان والدي (رحمه الله) بعمله وسلوكه يحيي في أذهاننا حياة الأئمة (عليهم
السلام) وكذلك في خطبه ومواعظه العديدة التي خلفها وقد تركت أثراً
كبيراً على الناس، لأنه كان يفعل ويطبق كل ما يقوله أولاً، ثم يطرحه
ويقوله للآخرين. وكان (رحمه الله) يسعى أن يكون سلوكه مطابقاً لسلوك
الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وحسب ما أمروا به)([31]).
كما أنه (اعلى الله درجاته) كان دقيقاً في الأمور التي ترتبط بقدسية
أهل البيت (عليهم السلام) ومكانتهم..
ذكر الشيخ المهتدي البحراني (حفظه الله ونجّاه من معتقلات آل خليفة
في البحرين) نقلاً عن مصادر قريبة من عائلته الكريمة:
(كنا نجد بيده (رضوان الله عليه) فتات أوراق ممزقة كلما دخل المنزل!
وإذا هي أوراق المنشورات والإعلانات التي تسقط على الأرض وعليها اسم
الجلالة. فكان هو يمشي ويلتقطها ويقطع ما فيها من آيات قرآنية أو أسماء
الله وأسماء الأئمة (عليهم السلام) كي لا تداس في الطريق)([32]).
وكان الفقيد (رضوان الله عليه) يجسد قولهم (عليهم السلام): (كونوا
دعاة لنا بغير ألسنتكم)، يقول الحاج إبراهيم اللاري:
إن أحد المؤمنين استأجر مجموعة من العمال المصريين في بيته لعمل
معين.. وأثناء الصلاة أكتشف أنهم يصلون كما يصلي الشيعة! فسألهم عن ذلك؟
فقالوا: نعم نحن شيعة. وسبب تشيعنا أننا كنا نعمل في منطقة بنيد
القار (في الكويت) قبل فترة، وكان هناك إمام في المسجد القريب من موقع
عملنا يسكن في شقة قرب المسجد، فكان يأتينا بالطعام ويسقينا بنفسه من
الماء الذي كان يحُضره معه ويتكلم معنا بأخلاق طيبة. فتأثرنا بأخلاقه
الفاضلة وأحببناه وأحببنا مذهبه، وبعد التحقيق صرنا مسلمين شيعة بسببه.
ثم ذكروا اسم امام المسجد وقالوا إنه: (السيد محمد رضا الشيرازي)([33]).
وكان سيدنا الرضا (رحمه الله) في أيام وفيات المعصومين (عليهم
السلام) واستشهادهم حزيناً، كئيباً وبكّاءً.
يقول نجله الأكبر السيد محمد حسن:
إن الوالد (اعلى الله درجاته) كان يعطل الدرس أيام الوفيات، حتى إذا
كان الدرس خاصاً ولأقرب الناس، ويقتصر في عمله على حضور مجالس العزاء
وما أشبه)([34]).
وكان (اعلى الله درجاته) شديد التأثر بمصائب أهل البيت (عليهم
السلام)، يقول السيد حسن الفالي:
(كنت يوماً أمشي خلف السيد الفقيد وهو ذاهب الى بيت الجد بحيث لا
يراني فعند ما وصل إلى الدار وأخرج المفتاح لكي يفتح الباب واذا بصوت
تعزية لمصائب آل البيت (عليهم السلام) فوقف السيد هنيئة وبدأ بلطم صدره،
ثم دخل الدار، فدخلت بعده فسلمت على السيد فرأيته متأثراً وأثار البكاء
عليه ظاهرة)([35]).
هكذا كان السيد الرضا (اعلى الله درجاته) عاش على حب محمد وآل محمد
ومات على حبهم.
علاقته بالامام الحسين (عليه السلام)
قال الإمام الحسين (عليه السلام):
(أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلاّ أستعبر)(36).
إن أي إنسان مهما كانت ديانته ومعتقده تراه عند ما يُذكر عنده
الإمام الحسين (عليه السلام) وما جرى عليه، أو هو يذكره ويتذكر مصائبه،
يتأثر وربما خنقته العبرة وجرت دموعه..
فكيف إذا كان الباكي على الإمام الحسين (عليه السلام) إنساناً مسلماً
موالياً يعتقد بالله تعالى وبرسالة الإسلام ويحب النبي (صلى الله عليه
وآله وسلم) وآل بيته الكرام (عليهم السلام)..
لذا نلاحظ أن السيد الرضا (رضوان الله عليه) كانت له علاقة خاصة
بسيد الشهداء (عليه السلام) وكانت دموعه تنهمر على خديه عند ذكره وذكر
مصابه (عليه السلام).
يقول العلامة السيد محمد جواد الفالي (حفظه الله):
(لم يشرب سماحة السيد الرضا (رحمه الله) طيلة حياته ماءً بارداً
مواساة لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وكنت أرى الشايجي وفي عز
الحر يأتي للسيد بالماء الفاتر. فعلمنا بعد ذلك أنه لماذا لم يشرب
الماء البارد، فإنه إن لم يستطع مواساة أبي عبد الله الحسين المظلوم (عليه
السلام) بترك شرب الماء مطلقاً، لكنه كان يمكنه أن لا يشرب الماء
البارد مواساة له (عليه السلام).
ولم يكن السيد (رحمه الله) يشتري حاجات بيته في أيام شهادات
المعصومين (عليهم السلام)، وكان (رحمه الله) يضع على بيته قطعة سوداء
والمصباح الأحمر علامة للحزن في أيام محرم وصفر والمناسبات الأليمة
المرتبطة بأهل البيت (عليهم السلام) كما في حادثة تهديم القبة الشريفة
والمنارتين المقدستين في الروضة العسكرية المباركة.
وكان (رحمه الله) مواظباً لحضور المجالس الحسينية وكان يجلس بأدب
فيها.
وإن لم يستطع الحضور فيها فكان يسألنا: ما ذا قرأ الخطيب الفلاني
وما ذا طرح من موضوع ومصيبة، وكان يشارك يوم عاشوراء في مسيرة العلماء
الحفاة إلى روضة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) مشياً على
الأقدام حافياً حزيناً لاطماً على صدره ودموعه جارية، مع أن الجو كان
بارداً جداً، وربما وصلت الدرجة إلى (30) تحت الصفر، مع العلم أنه (رحمه
الله) كان حساساً بالنسبة إلى البرد وكان يتأذى منه)([37]).
ويقول فضيلة السيد محمد جواد الفالي:
(كان الفقيد السعيد (رحمه الله) من المحيين للشعائر الحسينية
والمشجعين عليها، وقد سألته بنفسي: سيدنا هل كنتم تقيمون شعيرة التطبير
بنفسكم؟
فأجاب: نعم. وقد رأيت بنفسي آثار تلك الشعيرة المقدسة على رأسه
الشريف حيثما كنا نستعد لتجهيزه لدفنه)([38]).
هكذا كان مع الحسين (عليه السلام) في حياته، ومعه إن شاء الله في
الآخرة.
محبته للامام المهدي (عليه السلام)
جاء في دعاء الندبة:
(عَزيز عَلَيّ أن أرَى الخلقَ ولاتُرَى ولا أسْمَعُ لَكَ حَسيساً
ولا نجوَى... هل إليك يا ابن أحمدَ سبيلٌ فتُلقَى.. )([39]).
هذا هو شعار الإنسان المؤمن الحزين على فقد عزيزه وإمامه، فيدعوه
ويناجيه ويتمنى لو يحصل على سبيل إلى لقائه حتى يكحل عينه بنظرة له..
وهكذا كان فقيدنا الغالي مشتاقاً إلى رؤية إمامه الغائب (عجل الله
فرجه الشريف) ومتلهفاً إلى نيل فيضه المبارك، فكان (رحمه الله) مداوماً
على ذكره كل يوم، وكان يقرأ دعاء الندبة في كل جمعة.
يقول سماحة السيد محمد جواد الفالي:
(كان يُقام بتشجيع من السيد (رحمه الله) مجلس دعاء الندبة، وكان
السيد بنفسه يقرأ بعض المقاطع من الدعاء، وأذكر أن السيد (رحمه الله)
كانت تتغير نبرات صوته عند خطابه لمولانا المهدي (عجل الله فرجه الشريف))([40]).
ويقول نجله السيد محمد حسن:
(وكان الوالد (رحمه الله) يوصينا بقراءة دعاء الندبة أيام الجمعة،
وكان يجلس وسط الحجرة على ركبتيه ويقرأ الدعاء بصوت شجي وحزين)([41]).
كما كان الفقيد (رضوان الله عليه) كثير التوسل بمولانا الإمام
المهدي (عجل الله فرجه).. يقول السيد أحمد المير داماد (حفظه الله): (في
عز الصيف كنت في زيارة لمسجد جمكران فرأيت سماحة السيد (رحمه الله)
يكتب رقعة في قطعة من الورق قرب البئر المشهور هناك، فلما رآني أحسست
أن السيد يحاول عدم إظهار نفسه أمامي. وبعد أن سلّمت عليه قلت: إن
الناس عادة يأتون أيام الأربعاء لزيارة هذا المسجد.
فأجابني بجواب عام، وبعد ذلك توادعنا، وقبل أن يذهب السيد قال (رحمه
الله): (ماكو داعي تنقلون هذا الأمر لأحد) ولذا لم أنقل هذا الأمر حتى
رحيله)([42]).
ونقل بعض أقرباء السيد (اعلى الله درجاته):
(إنه رأى السيد الرضا (رحمه الله) في مسجد جمكران وهو يكنس باحة
المسجد بنفسه)([43]).
وكان (اعلى الله درجاته) قد ألقى عدة محاضرات مهمة في مسألة
الانتظار والمهدوية. وكان يسعى لتقريب الناس إلى إمامهم (عليه السلام)..
وإذا كانت هذه علاقته بإمامه (عليه السلام) في حياته، فما هي مكانته
عند الإمام (عجل الله فرجه) في استشهاده ورحيله.
يقول العلامة الشيخ المهتدي البحراني في كتابه (المقدس الشيرازي):
(هل حضر ولي الله الاعظم الإمام المهدي الحجة بن الحسن (عجل الله
فرجه الشريف) تشييع السيد محمد رضا الشيرازي (طاب ثراه)؟
قال لي أحد كبار العلماء: شيخنا توقع حضور الإمام (روحي فداه).. لأن
الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) حضر تشييع المرأة الصالحة (شطيطة)
في مدينة نيشابور الإيرانية، وذلك لإخلاصها في الولاء لأهل البيت (عليهم
السلام) فصلى الإمام على جنازتها وقام بتلقينها ثم رجع بنحو الإعجاز
إلى المدينة المنورة.. فهل كانت أرفع درجة من المقدس الشيرازي الذي
أعطى وجوده فكراً وقولاً وفعلاً وجهاداً من أجل العقيدة والولاء، وكان
إخلاصه مما أجمع عليه المؤمنون... ولا أبالغ أني قد شعرت ببعض نفحات
ذلك الوجود المبارك من مصدر الفيض الإلهي)([44]).
تعامله مع الناس وعائلته
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (عليه السلام)المؤمن نفسه منه في
تعب، والناس منه في راحة)(45).
هكذا كان السيد الرضا (رضوان الله عليه) مصداقاً لهذا الحديث الشريف،
حيث كان يتعب نفسه، ولا يتعب الآخرين بل كان الناس منه في راحة.
وهذا واضح من خلال تعامله الحسن مع الناس عموماً، ومع عائلته
وأقربائه بشكل خاص. يقول نجله السيد محمد حسن:
(كان والدي الحنون آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (أعلى الله
درجاته) يتعامل مع الجميع بأخلاقه الحسنة وعطفه ومحبته، حتى إذا كان
يتعرض من قبل شخص لسلوك غير مناسب أو إهانة فإنه كان يتعاطى معه بهدوء
خاص، وأخلاق عالية، كما قال تعالى: [وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ
قَالُوا سَلَامًا] (46).
ويقول أيضا: (إن الوالد كان يتبسم دائماً، وإذا ارتكب أحد خطأً بحقه،
أو تحدّث معه بطريقة غير أخلاقية كان يعفو عنه ويقول له بعطف ولين: إن
هذا السلوك خاطىء ويوضح له الطريق الصحيح)([47]).
أما تعامله الحسن مع أصدقائه ومعارفه فكان نموذجاً، وقمة في التواضع
ولين الجانب والأخلاق..
يقول سماحة العلامة الشيخ حسين الأميري (حفظه الله):
(ومن مميزات الفقيد السعيد (رحمه الله) رعاية الموازين الاجتماعية،
فعندما كنت أتصل به ولا أجده كان يعاود الاتصال بي، وأحياناً لا أكون
موجوداً فكان يقول قولوا إذا جاء الشيخ إن السيد رضا اتصل به، مع أن له
تلك المكانة العظيمة المعروفة والمشاغل الكثيرة، والكم الهائل الذي
يتصلون به، ومع هذا يراعي الحالة المذكورة)([48]).
ويقول سماحة الشيخ جلال معاش (حفظه الله):
(من مميزات سماحة السيد (قدس سره) أنه إذا ركب في سيارة كان يرفض أن
يفتح السائق الباب له احتراماً، فيقول له: لا تقوم بهذا العمل، ويفتح
الباب بنفسه..
وأحياناً عندما كنا نخرج من اللقاء يكون السائق نائماً فلا يقبل
إيقاظه ويقول: إنه تعبان فلنذهب مشياً على الأقدام)([49]).
* أما تعامله مع الشباب، فكان يهتم بهم اهتماماً كثيراً، وكان يحثهم
على التقوى وطلب العلم والتزود بالثقافة والوعي.
يقول آية الله الشيخ فاضل الصفار (حفظه الله):
(أحياناً كان يأتي عنده (أي عند السيد الفقيد (اعلى الله درجاته))
جمع من الشباب وكانت لديهم نظرة سلبية عن بعض رجال الدين، فكان السيد
يخصص لهم مقداراً جيداً من الوقت فيستمع إليهم ويرد تلك الإشكالات التي
في أذهانهم، لأنه كان حريصاً على أن لا يتشوه صورة الدين وحملته)([50]).
وهكذا كان السيد (رضوان الله عليه) آية من الأخلاق الطيبة والكلمة
الحسنة، في كل وقت، حتى أخذ كل من لاقاه يلمس منه العرفان الجميل وحسن
المعاشرة..
وهكذا كان (اعلى الله درجاته) يعاشر عائلته ومن هو بيته أيضاً، يقول
صهره العلامة الشيخ الميرزا حامد النواب: (ونفس هذه الأخلاق والآداب
التي تعامل بها مع الناس كانت تسود في بيته المكرم، إذ كان يتعامل مع
أولاده بالأخلاق الحسنة والوقار، فلم يعاملهم بخشونة ولو لمرة واحدة
طول حياته، وكان لا يشكو ولو شكوى مختصرة من أمور البيت، ولا يتوقع من
أحد شيئاً، ولا يظلم أحداً ولو بكلمة، ولذا أضحى مصداقاً لقول أمير
المؤمنين (عليه السلام):
(عليه السلام)المؤمن النفس منه في تعب والناس منه في راحة)(51).
وتقول حرم السيد (رحمه الله):
1. لم ينتقد قط عن قصور أو تقصير في البيت، أياً كان السبب، لمرض
أحد الأطفال أو بكائهم المتكرر أو ما أشبه.
2ـ وكان يقول: الطعام والأعمال المنزلية ليست مهمة، وأي شيء صار
نأكله.
3ـ وكثيراً ما كان يساعدني في أعمالي المنزلية حيث يقول: لاتغسلي
الملابس.. أنا أغسلها، وكان يعينني على نشر الغسيل.
4ـ ويسألني دائماً إن كان هناك عمل يمكن أن يساعدني فيه، ولكني كنت
أقدر طبيعة عمله وإرهاقه وتعبه.
5ـ وإذا رأى أحد أولاده أو أحفاده يبكي كان يأتي بشيء من الحلويات
أو ما أشبه ويعطيه بيديه الكريمتين، وربما يأخذه لتنويمهِ بنفسه)([52]).
كما أن السيد الفقيد كانت علاقته بوالده المرجع الراحل H وبأمه
المكرمة (حفظها الله) علاقة الولد البار بأبويه، حيث كان يحترمها
ويتفقدها يومياً ويقرأ لها بعض أحاديث العترة الطاهرة (عليهم السلام)
كفضائل أمير المؤمنين (عليه السلام).
وهكذا كان مع الكل، حتى ملك قلوب الكل، فأصبح محبوباً للكل، كما قال
تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ
لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا] {سورة مريم: 96}.
أدبه في درسه
ذكر الشيخ الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي(رفع الله تعالى
درجته وأسكنه خلده) في كتابه القيم (منية المريد) آدابا عدة للأستاذ
الذي يتصدى لمهام التدريس والتعليم، منها:
1ـ التقوى: فعلى الأستاذ أن يكون من المتقين، ومن أهل طاعة الله جل
ثناؤه.
2ـ الأخلاق: فينبغي على الأستاذ أن يكون على درجة عالية من الخُلُق
الرفيع، وأن تكون أخلاقه كأخلاق الأنبياء (عليهم السلام) وخصوصاً
الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي نعته القرآن الكريم
بالخُلُق العظيم.
3ـ العلمية: فينبغي للأستاذ الذي يتصدى للتدريس أن يكون محيطاً
بجوانب المواد التي يدرسها حتى يستطيع أن يبين تلك المادة العلمية
ويكشف عن أسرارها وما تحويه من نكت وفوائد. إلى غيرها من الآداب
والمقومات التي ينبغي أن يتحلى بها الأستاذ.
وكل هذه الأمور متوفرة وموجودة في شخص السيد الرضا (رضوان الله عليه)
وقد لمسها كل من درس عنده أو تربى على يديه.
يقول سماحة الشيخ جلال معاش (حفظه الله): (درست عنده سنوات عديدة في
الحوزة العلمية دروس الفقه والأصول والفلسفة والعقائد والتدبر في
القرآن وما أشبه... فوجدته في طريقة تدريسه أستاذاً نموذجياً متميزاً
عن غيره من الأساتذة الكرام في حوزة قم المقدسة من حيث الأسلوب والطرح،
وفهرسة المواضيع، وإيصال الفكرة، مضافاً إلى تعامله الأخلاقي الرفيع مع
طلابه... وأكثر من ذلك تواضعه العلمي الغريب، الذي نادراً ما نجده عند
الأساتذة الأفاضل.. وكان يدرسني مع إخواني دروساً خاصة في منزله: دروساً
فكرية أخلاقية لسنوات عديدة، وكانت لها الأثر الكبير في حياتي
الاجتماعية والتبليغية.. فلم يكن مدرساً وحسب بل يربي الطالب على سلوك
التقوى ودعوة الخير والعمل الصالح والفكر والثقافة.
وإذا غاب الطالب عن الدرس، أو لم يره في الاجتماع سأل عنه.. وإذا
علم أنه مريض، أسرع إلى الاتصال به ثم زيارته في بيته، وكان (رضوان
الله عليه) يتفقد طلابه وأصدقائه دائماً، ولم يكن في مجالسه ليضيع وقته
بكلام الدنيا، ولم يخرج أحد في مجلسه إلاّ وهو قد استفاد منه علماً)([53]).
ونقل لي العلامة الشيخ طالب الصالحي (حفظه الله):
إنني في أيام التحصيل قد درست كتاب اللمعة عند السيد الرضا (قدس سره)
وكنت قد حضرت عدة دروس عند غيره، فوجدت هناك فرقاً شاسعاً كالفرق بين
السماء والأرض بين أسلوب السيد الفقيد وغيره ممن حضرتهم.
ويقول الشيخ (حفظ الله):
(إنني لاحظت السيد أحياناً كثيرة في درسه ـ أو محاضراته ـ عندما كان
المصنف يستشهد ببعض الأشعار الغزلية، كان السيد لايأتي بتلك الكلمات
التي قد يكون فيها خدشة لمقام الحياء، فعندما كان يصل أحيانا إلى كلمة
(ليلى) مثلا كان يسكت بمقدار ذكر الكلمة، أو يقول فلانة، ولم يكن
مستعداً لأن يأتي بكلمة قبيحة أو ما يشم منها بعض القباحة، وهذا منتهى
الحياء والورع)([54]).
هذه هي أخلاقه مع تلامذته ومن تربى في كنفه ورعايته من الذين فازوا
بالتتلمذ على يديه ونهلوا من نمير علمه.
اهتمامه بشؤون العراق
قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):
(من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم)([55]).
إن للمسلم على أخيه المسلم حقوقاً كثيرة، منها: أن يكون دائماً
السؤال عنه وعن أحواله وأحوال ذويه ومن يحيط به، وأن يدخل السرور على
قلبه بقدر المستطاع...
هكذا كان السيد الرضا (رضوان الله عليه) مهتما بأمور المسلمين في كل
مكان، وخاصة بما يرتبط بأمر المؤمنين العراقيين،
فالعراق وقضاياه كان يشكل اهتماما خاصاً من قبل سماحته.
يقول نجل السيد الفقيد، السيد محمد حسن:
(والدي (رحمه الله) كان يولي اهتماماً خاصا لمسائل الشيعة، وخاصة
شيعة العراق، فكان يشرح لنا أوضاع وأخبار العراقيين دائماً، وكان يصيبه
الحزن والألم أثناء الحديث عما يجري على العراق..
أتذكر يوما من الايام ونحن على المائدة، أخذ يقص لنا قصة طفل عراقي
لم يستطع أن ينام من شدة الحر وعدم توفر وسائل التبريد، وبعد نقل هذه
القصة ظل والدي (رحمه الله) متأثراً ولم ينم إلى الصباح..
كان (رحمه الله) يبشر العراقيين بمستقبل زاهر ومشرق، وكان يذكر
العراق وأهله في محاضراته وخطبه)([5(اعلى الله درجاته)]).
ويقول سماحة الشيخ جواد الإبراهيمي (حفظه الله):
(كان (رحمه الله) يؤكد على أن على المجتمع العراقي أن يلتفّ حول
منهج أهل البيت (عليهم السلام) فإن خلاصهم بذلك لا بيد الحركات ولا
التحزبات وما أشبه)([57]).
ويقول الأستاذ الشيخ علي الفدائي(دام عزه):
(كان سماحة السيد (رحمه الله) يسألنا دائماً عن القضية العراقية
وذلك عند ما كنا نزور قم المقدسة قادمين من العراق، وكان يبين وجهات
نظره فيها، وكان متفائلا بها، وله أمل كبير بمستقبل العراق)([58]).
هكذا كان العراق وشعبه المظلوم يعيش في قلبه ووجدانه (رضوان الله
تعالى عليه).
من وصاياه النافعة
إن للسيد الفقيد (رضوان الله عليه) وصايا نافعة جداً على اختصارها،
وهي تنفع المجتمع بمختلف طبقاتها منفعة خاصة وعامة، حيث إنك تلمس فيها
المصداق الواضح لروايات أهل البيت (عليهم السلام) نشير إلى بعضها.
يقول نجله السيد محمد حسن: (كان السيد الوالد (رحمه الله) وبعد كل
صلاة واجبة أو مستحبة يقرأ تسبيح الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
ويوصينا أن لا ننسى قراءتها بعد كل صلاة.
وكان يوصينا بقراءة آية الكرسي، ويقول كلما أردتم الخروج من البيت
قولوا: (بسم الله) واقرؤوا (آية الكرسي) خمس مرات.
وكان (اعلى الله درجاته) يوصينا بقراءة دعاء الندبة أيام الجمعة،
ويقول: أكثروا من الصلوات على محمد وآل محمد، خاصة في يوم الجمعة.
وكان يوصينا دائماً: اسعوا في كتمان عباداتكم حتى تكون خالصة لله،
وكذا في قراءة الزيارات والأدعية المأثورة عن الأئمة (عليهم السلام).
وفي شهر محرم كان (رحمه الله) يقول لنا: لابد أن تلبسوا السواد حزناً
على الإمام الحسين (عليه السلام)، وكان هو يلبس السواد في تمام شهري
محرم وصفر، وكان يقول لنا: احضروا مجالس الإمام الحسين (عليه السلام)
وامشوا حفاة يوم عاشوراء حتى وإن سقط الثلج، وأرقوا المنبر، واخطبوا،
واقرؤوا مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام).
وكان الوالد (رحمه الله) يقترح علينا أن نذهب كل جمعة لزيارة واحد
من الأرحام)([59]).
ومن وصاياه ما كتبه (رحمه الله) تلبية لطلب أحد الأخوة الأفاضل من
سلطنة عمان، وهذا نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
1ـ التقوى من الله تعالى.
2ـ الأخلاق الحسنة.
3ـ تعلم الخطابة وإتقانها.
4ـ تعلم الكتابة والتأليف بما فيه احتياجات المجتمع والشباب بالخصوص.
5ـ تأسيس المؤسسات الثقافية والاجتماعية والدينية حتى يكون لكل فرد
مشروع ومؤسسة.
(اعلى الله درجاته)ـ تخصيص خمس دقائق كل يوم لمحاسبة النفس.
7ـ مطالعة أحوال أولياء الله تعالى.
8ـ الاهتمام بشؤون الفقراء والمعوزين والأيتام([(اعلى الله
درجاته)0]).
والله ولي التوفيق / محمد رضا الشيرازي
ومن وصاياه (قدس الله نفسه الزكية) لأحدى كريماته قبل أشهر من
ارتحاله:
بسم الله الرحمن الرحيم
1ـ (أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله).
2ـ (جهاد المرأة حسن التبعل).
3ـ [وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ
يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا] {سورة الإسراء: 79}.
4ـ (اللهم اجعلني عندك وجيهاً بالحسين عليه السلام).
5ـ (أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج).
6. (أول العلم معرفة الجبار وآخر العلم تفويض الأمر إليه).
7ـ (اغتنم خمساً قبل خمس: صحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك
قبل فقرك، وشبابك قبل هرمك، وحياتك قبل موتك).
8ـ (رحم الله من احيا أمرنا).
9ـ [وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا
وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ
إِمَامًا] {سورة الفرقان: 74}
10ـ [وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ
يُحِبُّ المُحْسِنِينَ] {سورة آل عمران: 134} ([(اعلى الله درجاته)1]).
طبت وطابت وصاياك (رضوان الله تعالى عليك).
وصايا أخرى
وله (رضوان الله عليه) جملة أخرى من الوصايا ذكرها في محاضراته حول
الإسلام وعاشوراء الإمام الحسين (صلوات الله عليه) منها:
* يجب علينا أن نربط أجيالنا بتاريخنا وقادتنا، بالنبي الأعظم (صلى
الله عليه وآله) وبأهل البيت (عليهم السلام) وبالإمام الحسين (عليه
السلام).
* إن الاهتمام بقضية عاشوراء وسيد الشهداء (صلوات الله عليه) سبب
لنجاتنا بإذن الله في الدنيا والآخرة.
* إن الشعائر الحسينية هي جزء من شعائر الله تعالى، بل إنها من أهم
شعائر الله تعالى، فليس للإمام الحسين (صلوات الله عليه) وجود غير ما
يدل على وجود الله تعالى.
* إن عظمة سيد الشهداء الامام الحسين (صلوات الله عليه) هي من عظمة
الله تعالى، لذا علينا أن نربط أنفسنا بالله وبهؤلاء الأطهار الذين
ارتبطوا بالله سبحانه.
* ينبغي علينا سواء كنا مؤلفين أو علماء أو خطباء أو تجاراً أن نفكر
ماذا نقدم في سبيل الأمام الحسين (عليه السلام)؟ لأننا قد نندم فيما
بعد.
* إذا تمكنا أن نوصل قضية الإمام الحسين (عليه السلام) بوضوح وننشر
معارف أهل البيت (عليهم السلام)، بإمكاننا أن نحول الأمويين إلى علويين،
لأن قضية الإمام الحسين (عليه السلام) قوية وهائلة في التأثير.
* لنحاول أن ننذر أولادنا للإمام الحسين (عليه السلام) فكما أن
احدهم طبيب أو مهندس أو كذا، فليكن أحدهم من طلبة العلوم الدينية ومن
الذين يرفعون راية سيد الشهداء (عليه السلام) هذا فخر لكم.
* إن في هذه الأيام ليس المطلوب منا أن نُقتَل وأن نجاهد في سبيل
الله جهاداً بالمعنى الأخص، بقدر ما تكون وظيفتنا وواجبنا هو أن نقدم
ما نستطيع من العطاء لسيد الشهداء (عليه السلام).
* ينبغي على الأسر والعوائل أن تشكل مجلساً حسينياً لهم وفي بيوتهم
وبشكل دوري، فيجتمعون ويخطبون ويقرؤون مصيبة الإمام الحسين (صلوات الله
عليه).
* يجب علينا أن نربط شبابنا وأبناءنا بالقيم الحسينية، فالشاب الذي
يرتبط بعلي الأكبر (عليه السلام) لا ينحرف.
* إن أول الخطوات التي يقوم بها الأجانب الكفار لسحق هويتنا، هي
محاولة إبعادنا عن الإمام الحسين (عليه السلام) وعن شعائره المقدسة.
* هناك آثار أخروية عجيبة لزيارة عاشوراء، وفيها بركات دنيوية، فهذه
الزيارة تدفع الآفات وتجلب البركات.
* إن من المهم جداً أن نربي أولادنا وعوائلنا جيلا حسينيا، وهذه
المهمة تقع على عاتق الأبوين قبل كل أحد.
* على الإنسان أن يسعى لتوثيق الارتباط والعلاقة بالإمام الحسين (عليه
السلام) من خلال الحضور في المجالس وقراءة زيارة عاشوراء وبناء المساجد
والحسينيات وما أشبه.
* ستنقضي هذه الأيام وتنقضي أعمارنا ولايبقى لنا عند الله تعالى إلاّ
هذه الأعمال الصالحة التي تكون في خدمة الإمام الحسين (عليه السلام).
الخاتمة
وما عساي في الختام إلاّ أن أقول:
هذا غيض من فيض من أخلاقيات العالم الرباني الشهيد الورع فقيه أهل
البيت (عليهم السلام) آية الله الحاج السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي
(قدس الله روحه ونور ضريحه)..
أسأل الله تعالى أن يتغمده بوافر رحمته، ويحشره مع أجداده الطاهرين..
كما أسأله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى..
وهذا آخر ما أردناه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد
وأهل بيته الطاهرين.
* بلدة الإمامين الكاظمين –بغداد/ طبع هذا
الكراس بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة للفقيد السعيد
.............................................
المصادر
1ـ القرآن الكريم.
2ـ الكافي. لثقة الإسلام الكليني.
3ـ روضة الواعظين. للفتال النيشابوري.
4ـ جامع الأخبار. للشيخ محمد السبزواري.
5ـ الفضيلة الإسلامية. للسيد محمد الشيرازي.
6. مجلة بشرى. لجمعية الازدهار والمودة النسوية
7ـ بين يدي الرضا. للسيد حسن القزويني.
8ـ هكذا كان أبي. للسيد محمد حسن الشيرازي.
9ـ فقيد العلم والتقوى. هيئة طلاب العلوم الدينية.
10ـ مفاتيح الجنان. للشيخ عباس القمي.
11ـ المقدس الشيرازي. للشيخ عبد العظيم المهتدي
البحراني.
12ـ بحار الأنوار. للعلامة الشيخ المجلسي
[وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ] {سورة
آل عمران: 1(اعلى الله درجاته)9}
..........................................
الهوامش
([1]) بحار الأنوار: ج74 ص432.
([2]) أصول الكافي: ج2 ص379 ب224 ح1(اعلى الله
درجاته)20.
([3]) بين يدي الرضا: ص25.
([4]) في رحاب فقيد العلم والتقوى: الإصدار الثاني،
ص27.
([5]) في رحاب فقيد العلم والتقوى: الإصدار الثاني،
ص27.
(6) المقدس الشيرازي: ص(اعلى الله درجاته)(اعلى الله
درجاته).
([7]) المقدس الشيرازي: ص(اعلى الله درجاته)(اعلى
الله درجاته).
([8]) هكذا كان أبي: ص85.
([9]) هكذا كان أبي: ص85.
([10]) مجلة بشرى: العدد الخاص بالسيد الفقيد في
السنة الأولى لذكرى وفاته، ص72.
([11]) هكذا كان أبي: ص84.
([12]) المقدس الشيرازي: ص97.
([13]) الفضيلة الإسلامية: ص129.
([14]) أصول الكافي. ج2 ص410 ب249 ح1895.
([15]) هكذا كان أبي: ص89.
(16) في رحاب فقيد العلم والتقوى: الإصدار الثاني،
ص13(اعلى الله درجاته).
([17]) مجلة بشرى / عدد خاص: ص7.
([18]) انظر (في رحاب فقيد العلم والتقوى) الإصدار
الثاني: ص139.
([19]) أصول الكافي: ج2 ص40(اعلى الله درجاته) ب247
ح18(اعلى الله درجاته)4.
([20]) في رحاب فقيد العلم والتقوى: الإصدار الثاني،
ص142.
([21]) سورة الفرقان. (اعلى الله درجاته)3.
([22]) بين يدي الرضا: ص18.
([23]) في رحاب فقيد العلم والتقوى: ج2 ص14(اعلى
الله درجاته).
([24]) في رحاب فقيد العلم والتقوى: ج2 ص14(اعلى
الله درجاته).
([25]) أصول الكافي: ج2 ص381 ب225 ح1(اعلى الله
درجاته)35.
(26) أصول الكافي: ج2 ص381 ب225 ح1(اعلى الله
درجاته)2(اعلى الله درجاته).
([27]) في رحاب فقيد العلم والتقوى. ج2، ص131.
([28]) هذا في الخبز المسمى بـ (سنكَكَـــ) المعهود
في إيران، حيث يفرش العجين على تنور مفروش بالحصا. ثم بعد إخراج الخبز
يقوم العامل بتنظيف القرص من تلك الحصيات إذا كانت لاصقة، ومع ذلك قد
يبقى بعض الحصيات القليلة جداً بحيث يرميها المشتري للخبز ولا يرجعها
على الخباز عادة، فإنه لا قيمة لها.
([29]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص133.
([30]) جامع الأخبار: ص(اعلى الله درجاته)2 ف7 ح77.
([31]) هكذا كان ابي: ص88.
([32]) المقدس الشيرازي: ص10(اعلى الله درجاته).
([33]) المقدس الشيرازي: ص93، في رحاب فقيد العلم
والتقوى: الإصدار الثاني، ص158.
([34]) هكذا كان أبي: ص87.
([35]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص159.
(36) روضة الواعظين: ص197.
([37]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص127.
([38]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص1(اعلى الله درجاته)4.
([39]) مفاتيح الجنان: ص(اعلى الله درجاته)12.
([40]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص1(اعلى الله درجاته)2.
([41]) هكذا كان أبي: ص87.
([42]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص1(اعلى الله درجاته)0.
([43]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص1(اعلى الله درجاته)1.
([44]) انظر (المقدس الشيرازي): ص88.
([45]) بحار الأنوار: ج72 ص52 ح10.
(46) هكذا كان أبي: ص82. والآية في سورة الفرقان:
(اعلى الله درجاته)3.
([47]) هكذا كان أبي: ص83.
([48]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص112.
([49]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص123.
([50]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص115.
([51]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص10(اعلى الله درجاته).
([52]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص110.
([53]) المقدس الشيرازي: ص(اعلى الله درجاته)8.
([54]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص154.
([55]) الكافي: ج2 ص1(اعلى الله درجاته)3.
([5(اعلى الله درجاته)]) هكذا كان أبي: ص90.
([57]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص171.
([58]) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص172.
([59]) هكذا كان أبي: ص93.
(60) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص17(اعلى الله درجاته).
(61) في رحاب فقيد العلم والتقوى، الإصدار الثاني:
ص180. |