الوجبات السريعة تصدع الجسد

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: بعد ان نجحت فكرة مبتكرة وبسيطة من القرن الماضي في اعداد وجبة سريعة ومنوعة ورخيصة الثمن يتناولها من كان على عجلة من امره او من ليس له رغبة في اعداده بنفسه لتتحول الفكرة الى افكار والمطعم الصغير الى سلسلة من المطاعم ومن مختلف الجنسيات (اشهرها ماكدونالد) منتشرة في اغلب دول العالم مع آلاف الاطباق التي جذبت الملايين من البشر والمليارات من الدولارات في استثمار عالمي كبير.

ومع هذا الانتشار الكبير لهذه الوجبات السريعة التى غزت اسواق الغذاء على المستوى العالمي، ظهرت معها الكثير من الدراسات التي اشارت الى خطورة هذه الوجبات على صحة الانسان وحياة لما لها من نتائج سلبية تؤدي الى العديد من الامراض بين مختلف الشرائح العمرية التي تتناول هذه الاغذية وبالاخص بين الاطفال الذين يكونون اكثر عرضة للامراض مع اقبالهم الكبير على تناول هذه الوجبات السريعة التي اخذت تقدم للاطفال مع العديد من المغريات الاخرى.

سرطان الوجبات السريعة

فقد اتبع الأستاذ الجامعي جوناثان شام طريقة سهلة لقياس مدى تفشي سرطان القولون والمستقيم القاتل في بلد م، يقول شام إنه ينظر إلى مطاعم الوجبات السريعة ذات الطراز الغربي، وحيثما وجدها، يدرك أن هناك احتمالا لأن تشهد الدولة المعنية معدلا متزايدا للإصابة بمرض سرطان القولون والمستقيم، أوضح شام، الخبير المتخصص في أمراض السرطان بجامعة هونج كونج، أن ذلك يرجع إلى أن وجود مطاعم الوجبات السريعة دليل على أن البلد الذي توجد فيه يتبنى نظاما غذائيا غربيا، يتضمن اللحوم الحمراء والدهون التي تعرف بأنها تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وفي جميع أنحاء العالم، يزيد معدل الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، أو سرطان الأمعاء، حيث تم تسجيل 610 آلاف حالة جديدة في عام 2008، وحيث أن هذا النوع من السرطان مرتبط بالثراء والرفاهية، فإنه حتى وقت قريب كان أقل انتشار في آسيا منه في الدول الأكثر تقدما وثراء، ورغم ذلك، فإن الثراء المتزايد والإقبال على الأطعمة الغربية في المدن الآسيوية ساهم في ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الأمعاء، ليصبح الآن واحدا من أشد أنواع السرطان فتكا في المنطقة، في هونج كونج، ارتفع عدد حالات الإصابة بهذا السرطان بنسبة ثلاثة في المئة سنويا على مدار الأعوام العشرين الماضية، وقد صار هذا المرض الآن ثاني أكثر أنواع السرطان انتشارا هناك، ليمثل نسبة 4ر16 في المئة من إجمالي حالات الإصابة الجديدة بالسرطان، وثاني أكثر الأمراض تسببا للوفاة، حيث أودى بحياة 1686 شخصا في عام 2008، هذا الاتجاه المنذر بالخطر يتردد صداه في سنغافورة، حيث يمثل سرطان القولون والمستقيم بالفعل أكثر أنواع السرطان تهديدا، إذ بلغ عدد حالات الإصابة بالمرض 6807 حالات من أصل 42 ألف حالة إصابة بالسرطان في الفترة بين عام 2001 و2005. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

الأمر نفسه ينطبق على تايوان، حيثما صار سرطان القولون والمستقيم أكثر أنواع السرطان شيوعا في عام 2006، ليتفوق بذلك على سرطان الكبد، كما أن هناك بوادر بالفعل تشير إلى أن سرطان الأمعاء يجد له موطئ قدم في بلدان آسيوية أخرى، حيث تسجل مدن مثل بانكوك وشنغهاي بالفعل معدلات إصابة بهذا المرض أكبر بكثير من المناطق الريفية في تلك البلاد، يقول شام، "كان هناك ارتفاع هائل في عدد حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، نتيجة للحياة المدنية الحديثة التي يتناول فيها الناس كميات أكبر من اللحوم والدهون الحيوانية، لا سيما لحم البقر، وكميات أقل من الخضروات والفواكه، ولا يمارسون فيها الرياضة بالقدر الكافي"، فقد لوحظ أن هذا العامل وحده يقف وراء تفشي سرطان الأمعاء في اليابان، التي شهدت زيادة في استهلاك اللحوم بمقدار عشرة أمثال في الفترة بين حقبتي خمسينات وتسعينات القرن العشرين، كما يزيد خطر الإصابة بهذا المرض لدى المدخنين ومدمني المشروبات الكحولية، وكذا لدى المسنين، إذ أن ما يقرب من 90 في المئة من حالات الإصابة تخص أشخاصا فوق سن الخمسين عام، ذلك سبب آخر وراء ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الأمعاء في مناطق مثل هونج كونج، تشهد نموا في عدد السكان المسنين، صحيح أن ما يصل إلى 20 في المئة من حالات الإصابة بسرطان الأمعاء ترجع إلى تغير جيني، إلا أنه يقال أن النسبة الباقية "80 في المئة" تظهر بصورة متقطعة، ومن ثم تقل فرص اكتشاف المرض في المراحل المبكرة، التي تزيد فيها فرص معالجة المرض بنجاح، يشير شام إلى أن معظم أعراض الإصابة، مثل حدوث تغيرات في وظائف الأمعاء، لا تظهر إلا بعد وصول السرطان إلى مراحل متقدمة، مما يعني أن ما يتراوح بين 50 و60 في المئة من كافة المرضى ينتهي بهم المطاف إلى الموت، أظهرت بعض الدراسات أن سرطان الأمعاء يحدث في المقام الأول نتيجة لخلل في خلايا القولون، والتي تبدأ في شكل أورام صغيرة تعرف باسم "السليلات المخاطية" أو "البوليبات المعوية"، ومعظم هذه الخلايا غير ضارة، غير أنه في حال إهمالها بدون علاج، فإن نسبة ضئيلة منها قد تسبب الإصابة بالسرطان.

ومع ذلك، يقول الدكتور يوين سيوتسان، الاستشاري الطبي بصندوق مكافحة السرطان في هونج كونج، إن هذا التطور يحدث عادة على مدار نحو عشرة أعوام، وهي فترة زمنية تصب في صالح البشر، كونها تجعل من سرطان القولون مرضا يمكن الوقاية منه، ويمكن الوقاية من هذا المرض من خلال عمل فحص إشعاعي دوري، يعرف باسم منظار القولون أو التنظير السجمي "منظار القولون والمستقيم"، ويتضمن ذلك الفحص تمرير أنبوبة مرنة مزودة بكاميرا عبر القولون كله أو جزء منه من خلال المستقيم، مما يسمح للطبيب باكتشاف "السليلات المخاطية" قبل تطورها إلى سرطان، يقول شام، "نعلم أن معظم الأورام تمر بمراحل مثل مرحلة السليلات المخاطية قبل أن تصبح أورام، لذلك ، إذا أجرى الشخص فحصا دوريا للقولون بالمنظار وخضع لعمليات جراحية لإزالة السليلات المخاطية وقتما تظهر ، حينئذ يمكن أن يقي نفسه من الإصابة بسرطان القولون والمستقيم من الناحية النظرية"، يوصي شام وزملاؤه من الخبراء الناس بإجراء فحص للقولون بالمنظار مرة كل عشرة أعوام ابتداء من سن الخمسين، ورغم ذلك، لا تتحمل الحكومة في هونج كونج، كما هو الحال في العديد من الدول، تكلفة إجراء الفحوصات الإشعاعية ما لم تظهر على المريض أعراض المرض بالفعل أو يكون لديه تاريخ عائلي مع هذا النوع من السرطان، وبينما تتراوح تكلفة الكشف الخاص بين 500 وألف دولار، يرى يوين أن الناس ينبغي عليهم الاستعداد لتحمل هذه التكلفة في ظل التهديد المتصاعد الذي يشكله سرطان الأمعاء، فيقول يوين "تحتاج إلى فحص منظاري للقولون كل عشرة أعوام، فإذا قسمت التكلفة على عشرة أعوام، فإن الحماية من السرطان لن تكلفك سوى تكلفة قضاء ليلة واحدة خارج المنزل كل عام، أرى أن هذا المال ينفق في موضعه المناسب".

الوجبات السريعة تستهدف أطفال

من جهته قال باحثون إن مطاعم الوجبات السريعة تكثف جهود تسويق نفسها والمنتجات الغذائية غير الصحية للاطفال والصغار باعلانات التلفزيون ومواقع الانترنت وحتى قوائم أطعمتهم الخاصة، وقال الباحثون إن الجهود التي تبذلها هذه الصناعة لتنظيم نفسها قد فشلت وحثوا المسؤولين الحكوميين على جميع المستويات على اعلان أن الاطفال مجموعة محمية وعلى وقف الجهود التسويقية التي تغذي بدانة الاطفال وهي مشكلة صحية خطيرة في الولايات المتحدة، وقالت جنيفر هاريس من مركز رود لسياسات الاغذية والسمنة بجامعة ييل في كونيتيكت "وجدنا في بيانات التسويق كمية هائلة من الدعاية للوجبات السريعة التي تبدأ عندما يكون الاطفال في سن عامين"، وقضت هاريس وزملاؤها عاما في دراسة 12 من سلاسل مطاعم الوجبات السريعة الكبيرة وقاموا بتحليل السعرات الحرارية والدهون والسكر والصوديوم في عناصر قوائم الطعام وتركيبات وجبات الاطفال ودرسوا ما طلبه الاطفال والمراهقون، ويخلص التقرير الى أن الصناعة أنفقت أكثر من 4.2 مليار دولار في 2009 على التسويق والدعاية على شاشات التلفزيون وعلى الانترنت والمواقع الاجتماعية وتطبيقات الهاتف المحمول، وقالت هاريس "برغم تعهدات تحسين ممارساتهم التسويقية يبدو أن شركات الوجبات السريعة تكثف جهودها لاستهداف الاطفال"، يشاهد اليوم من هم في مرحلة ما قبل المدرسة اعلانات وجبات سريعة على شاشة التلفزيون أكثر مما شاهدوه في عام 2003 بنسبة 21 بالمئة ويشاهد الاطفال الاكبر نسبيا اعلانات أكثر بنسبة 34 بالمئة، "وتقول المراكز الامريكية لمكافحة الامراض والوقاية منها ان ثلثي البالغين في الولايات المتحدة و 15 بالمئة من الاطفال يعانون من زيادة الوزن او السمنة. ويزيد معدل السمنة لدى الاطفال في بعض الولايات عن 30 بالمئة، وحثت سيدة أمريكا الاولى ميشيل أوباما التي تقود مبادرة لمكافحة بدانة الاطفال مصنعي المواد الغذائية على اعادة النظر في عناصر الغذاء لتكون صحية أكثر للاطفال. بحسب رويترز.

كما حذرت دراسة حديثة اخرى من مخاطر ما تقوم به شركات الوجبات السريعة التي تربط بين منتجاتها وبين شخصيات كرتونية مشهورة، الأمر الذي يدفع الأطفال إلى الارتباط بتلك الوجبات التي تؤدي إلى السمنة مع الوقت، بسبب حبهم لشخصياتهم المفضلة، وقالت الدراسة التي اعتمدت على مسح آراء عشرات الأطفال، إن نصفهم على الأقل قال بأن الوجبات الموضوعة في علبة تحمل صورة شخصية كرتونية ألذ من نفس الوجبات الموضوعة في علب عادية، ما دفع الدكتور توماس روبنسون، أخصائي طب الأطفال في جامعة ستانفورد، "إذا ربطنا أطعمة معينة بشخصيات محببة للأطفال ستصبح مقبولة أكثر"، من جهتها، قالت كريستيان روبرتو، أستاذ السياسات الغذائية في جامعة "يال" إن الأهل لا يرغبون عادة بشراء الأطعمة السريعة للأطفال، ولكنهم يضطرون لذلك تحت ضغط بكاء وصياح أبنائهم في المتاجر بسبب انجذابهم لشخصيات كرتونية مصورة على العلب، وأضافت روبرتو، التي شاركت في إعداد الدراسة المنشورة بمجلة "طب الأطفال،" إن 50 إلى 55 في المائة من الأطفال المشاركين في الدراسة أكدوا بأن الوجبة تصبح ألذ إذا كانت في علبة تحمل رسماً كرتونياً، كما أن 85 في المائة منهم اختاروا الحصول على وجبات موجودة في علب مماثلة، بينما اقتنع 15 في المائة فقط بعلب عادية، وعلقت أخصائية التغذية والصحة بجامعة نيويورك، ماريون نستلة، قائلة، "يدرك المسؤولون عن حملات الترويج أن الأطفال يحبون الشخصيات الكرتونية، ولذلك يستخدمونها، ولكن هذه الدراسة قدمت لنا اليوم أدلة علمية على مخاطر الأمر، وبات لديها ما نرتكز عليه لنطالب بحظر استخدام هذه الصور بالوجبات السريعة"، ولكن الغريب في الدراسة هو أن استخدام الشخصيات الكرتونية لم يساعد في ترويج الأطعمة الصحية لدى الأطفال، إذ لم يرغب المشتركون في الاختبار بالحصول على الجزر المسلوق رغم أنه موضوع في علبة تحمل صورة شخصية كرتونية، وهو أمر رجح القائمون على الدراسة أن يكون مرتبطاً باعتياد الأطفال على المأكولات السريعة.

تزايد الحملات الترويجية

في سياق متصل لفتت دراسة أمريكية إلى تزايد الحملات الدعائية لترويج الوجبات السريعة للأطفال، التي كلفت العام الماضي وحده أكثر من 4 مليارات دولار، وحذرت في ذات الوقت، من أن الوجبات التي تقدمها سلسلة المطاعم المشهورة غير صحية للغاية، ونظرت الدراسة، التي أعدها "مركز رود لسياسة الغذاء والسمنة" بجامعة "ييل" في تركيبة أكثر من 3 آلاف وجبة مخصصة للأطفال تقدمها سلسلة من المطاعم المعروفة، ووجدت أن 12 وجبة فقط تفي بالمعايير الغذائية اللازمة للأطفال في سن ما قبل المدارس، وحددت مديرة مبادرات التسويق بمركز "ييل"، تلك الوجبات غير الصحية، "أسوأها جاء من "ديري كوين"، أنها شطيرة برغر بالجبن، وبطاطا مقلية بالإضافة إلى مشروب غازي محلى ولوح شوكلاتة ديلي، بسعرات حرارية بلغت 973 سعرة"، وجاءت الوجبة المقدمة من "دجاج كنتاكي" وتعرف بـ"بوب كورن الدجاج"، في المركز الثاني، وهي تقدم مع قطعة بسكويت وصودا بجانب قطعة جبن، وتصل السعرات الحرارية للوجبة 840 سعرة"، وعلى صعيد أفضل الوجبات الصحية للأطفال، جاءت وجبة "فيجي ديلايت" التي تقدمها سلسلة مطاعم "ساب ووي" من حيث السعرات الحرارية الأقل، وبلغت 285 سعرة، وهي ذات السعرات الحرارية التي تحويها وجبة المعكرونة بالجبن من "بيرغر كينغ"، وبالإضافة إلى القيمة الغذائية. بحسب السي ان ان.

كما سلطت الدراسة الضوء أيضا على الحملات الترويجية لتسويق الوجبات السريعة للأطفال في حملات دعائية ارتفعت مشاهدة أطفال ما دون سن المدارس لها بنسبة 21 في المائة عما كان عليه الحال عام 2003، وبلغت 50 في المائة بين أطفال الأمريكيين السود عن نظرائهم البيض.

وقالت هاريس إن قطاع الوجبات السريعة أنفق على الدعاية والإعلان 4.2 مليار دولار، خلال عام 2009، وهي حملات ذات مردود إيجابي، إذ يطلب 40 في المائة من أطفال ما دون المدارس تناول وجبة من "مكادونالدز" على أساس أسبوعي، و15 في المائة على أساس يومي، كما أن 84 في المائة من أولياء الأمور قالوا بأنهم اصطحبوا أطفال لتناول وجبة سريعة، مرة واحدة على الأقل، ووجدت الدراسة أن معظم مطاعم الوجبات السريعة تقدم كذلك خيارات صحية، إلا أنه يصعب إيجادها، وذكرت في هذا الصدد "أكثر من 80 في المائة من المتسوقين الذين ذهبوا لتناول وجبة سريعة، قدمت لهم البطاطس المقلية تلقائياً كاختيار جانبي، وعرض على النصف كوباً من الصودا، رغم وجود خيارات صحية ، وحتى لم يجر سؤالهم عما إذا كانوا يريدون تلك الخيارات"، وحول ما هو الأفضل الذي قد تقدمه سلسلة مطاعم الوجبات السريعة، قالت هاريس "من بين الأشياء التي شهدناها الجهد القليل المبذول من جانبهم لتشجيع الغذاء الصحي، نوصيهم في المقام الاول بوضع الخيارات الصحية كقائمة خيارات رئيسية لوجبات الأطفال".

علاقة البرغر بالربو

من جانب اخر قد تبدو شطائر الهامبرغر وجبة شهية، سريعة وزهيدة الثمن، إلا أن وجبة أمريكا المفضلة قد يترتب عنها آثار صحية تتعدى انسداد الشرايين أو الإصابة بعسر الهضم، حيث ربط  باحثون أوربيون بين الاستهلاك المرتفع للبرغر مع تزايد معدل انتشار الربو المزمن بين الأطفال، كما تقول الدراسة التي نشرت في الإصدار الأخير للدورية الطبية "ثوراكس"، وصنف الباحثون الاستهلاك المرتقع للبرغر بتناول ثلاثة وجبات أو أكثر في الأسبوع، وقام د. غابريل ناغل من "معهد علوم الأوبيئة" في جامعة أولم بألمانيا وزملاؤه في دراستهم التي هدفت لاستكشاف كيفية تأثير الحمية الغذائية على الربو أو الحساسية ضد بعض أنواع الغذاء، وذلك بتحليل بيانات 50 ألف طفل من 20 دولة غنية وأخرى فقيرة على مدى عشرة أعوام، وجرى الاستفسار من الآباء بشأن النظام  الغذائي المعتاد لأطفالهم وإذا ما جرى تشخيص إصابتهم بالربو أو المعاناة من أزيز الصدر وضيق التنفس، ووجدت الدراسة أن الأطفال الذين يتناولون ثلاثة أو أكثر شطائر برغر في الأسبوع، هم الأكثر عرضة، وبواقع  42 في المائة، للإصابة بالربو مقارنة مع أولئك الذين يتبعون نظام غذائي صحي، ومع ذلك، فإن النظام الغذائي الذي يعتمد عموماً على تناول نسبة كبيرة من اللحوم، لا يزيد من خطر الإصابة بالمرض، الذي قد تتراجع فرص الإصابة به بين من يعتمدون حمية غذائية صحية كالإكثار من الفواكه والخضروات والأسماك، وفسر الأطباء ذلك إلى أن، "الوجبات السريعة غنية بالدهون النباتية المهدرجة صناعيا مثل المارغرين ولحوم من الحيوانات المجترة التي هي المصادر الغذائية للأحماض الدهنية غير المشبعة"، وإلى جانب ذلك، يحمل دعاة الصحة شطائر البرغر والوجبات السريعة تبعة ظاهرة السمنة المنتشرة بين الأطفال والبالغين، على حد سواء، ويرى باحثون أن السبب قد لا يمكن فقط في البرغر، بل قد ينظر ايضاً الى وتيرة استهلاكه او قد ينظر إليها كوكيل لأنماط حياة غير معروفة قد تتفاوت استناداً  للسياق الاجتماعي، والعوامل البيئية وأنماط حياة أخرى. بحسب السي ان ان.

كما اشارت صحيفة أخبار البيئة الكندية ENS الى المواد الكيميائية المستخدمة في تغليف الوجبات السريعة وأكياس المايكرويف وانتقالها إلى تلك الأطعمة وتدخولها الى الدم رغم أنها ضارة جد، حيث تستخدم مواد كيميائية يعالج فيها الورق ومواد تغليف الوجبات السريعة لعزل تسرب السوائل و الزيوت في الوجبات السريعة، لكن باحثون في جامعة تورنتو وجدوا أن تلك المواد الضارة تنتقل إلى الطعام وبالتالي إلى دم زبائن هذه المطاعم لتظهر فيه على شكل ملوثات خطرة، وتستخدم ذات المواد في عزل السجاد وتغليف بعض المنتجات، وسبق لخبير الكيمياء سكوت مابوري وزميلته جيسيكا ديون، أن أظهرا في دراسة عام 2007 أن مواد التغليف المستخدمة في مطاعم الوجبات السريعة هي مصدر هذه الملوثات في دم الإنسان، لكن دراستهما الجديدة تكشف انتقال هذه المواد إلى الطعام، وهي مواد كيميائية مثل PFOA وأخرى اسمها إسترت الفوسفات الفلورألكيل، وتختصر بالعبارة PAPs، تستخدم هذه المواد في ورق تغليف الأطعمة وأكياس الذرة (البوب كورن- البوشار) المستخدم في فرن المايكروويف، ويرتبط ارتفاع معدلات هذه المواد في الدم مع تغيرات في الهرمونات الجنسية والكوليسترول وفقا للوكالة الحكومية الأمريكية للمواد السامة فضلا عن الموت المبكر وتأخر النمو وفقا لذات الوكالة،  وتشير الصحيفة إلى أن حيوانات الاختبار التي تعرضت لتلك المواد ظهرت لديها أورام سرطانية إلا أن الباحثين لم يتمكنوا من تأكيد احتمال حدوث ذلك لدى البشر، ويشير  مابوري  إلى أن هذا الاكتشاف مهم جدا للتحكم بتعرض الناس للمواد الكيميائية لكن ذلك لا يمكن إلا من خلال معرفة مصادر هذا التعرض لتلك المواد الخطرة.

احذروا الوجبات السريعة

على صعيد متضل ذكر بحث علمي أمريكي أن الإكثار من تناول الوجبات السريعة، قد يؤدي إلى تردي المستوى الأكاديمي للتلاميذ، بما ينعكس سلبياً على قدرتهم على التحصيل العلمي، اعتمد البحث على قيام أكاديميين من جامعة "فاندربيلت" في ولاية تنيسي، بمتابعة النمط الغذائي لأطفال تراوحت أعمارهم بين سن العاشرة والـ11 عاماً، ومقارنة أدائهم في القراءة والرياضيات، وحصل التلاميذ الذين تناولوا الوجبات السريعة، كشطائر الهمبرغر والبطاطا المقلية، ثلاث مرات في الأسبوع، على معدلات أقل، ووضع البحث العلمي، الذي شمل أكثر من 5500 طالب من تلاميذ المدارس الابتدائية، قيد الاعتبار وزن الطالب وعرقيته ودخل الوالدين، وأظهر تدني قدرات الأطفال الحسابية وفي القراءة، بنحو 16 في المائة، وقدمت الدراسة واحدة من أكثر الأدلة الحاسمة، حتى اللحظة، التي تربط بين النمط الغذائي الهزيل، ومستويات التحصيل العلمي، في وقت تتنامي فيه المخاوف بشأن صحة الطفل وظاهرة السمنة الشائعة بين تلك الفئة، وتفصيلاً أظهر البحث أن أكثر من نصف الطلاب تناولوا وجبات في مطاعم الوجبات السريعة، كماكدونالد، ثلاثة مرات على الأقل، في الأسبوع الذي سبق إجراء الدراسة، وأن واحداً من بين عشرة، تناولوا وجبات هناك ما بين أربعة إلى ستة مرات، وفي واحدة من أكثر المفاجآت إثارة بالنسبة لفريق الباحثين، قال اثنان في المائة من الطلاب إنهم يرتادون تلك المطاعم أربعة مرات أو أكثر يومي، وفي المتوسط يحرز الطلاب في اختبارات القراءة، ما بين 58 نقطة و181 نقطة، أي حوالي 141.5 نقطة في المتوسط، وفي هذا الصدد، تدنت نقاط الطلاب الذين تناولوا وجبات سريعة ما بين أربعة إلى ستة مرات في الأسبوع، بسبع نقاط عن المتوسط، بينما ارتفعت إلى 16 نقطة بين أولئك الذين يتناولون وجبة واحدة على الأقل يومياً هناك، وبلغ التراجع أوجه، وبـ19 نقطة، بين الذين يتناولون الوجبات الثلاث في تلك المطاعم، أما فيما يتعلق باختبارات الرياضيات، حيث يحرز الطلاب ما بين 47 إلى 151 نقطة، أي بمتوسط نتائج 115 نقطة، تراجع معدل فئة متناولي الوجبات السريعة، ما بين 6.5 و18.5 نقطة. بحسب السي ان ان.

من جهته ثار جيم سكينر، مدير عام "ماكدونالدز" ضد اعداء قائمة الطعام المخصصة للاطفال التي تقدمها سلسلة مطاعم الوجبات السريعة هذه، قائلا في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" انها حائزة على ثقة الأهل الذين يدخلون مطاعمه، وجاء كلام سكينر ردا على تصويت بلدية سان فرانسيسكو في تشرين الاول/اكتوبر لمنع تقديم هدايا مع قائمة طعام الاطفال، بدءا من كانون الاول/ديسمبر 2011، ان لم تكن تحترم بعض المعايير في ما يتعلق بنسبة السعرات الحرارية والملح والدهون والسكر التي تحتويها، وذلك في اطار حملة مكافحة البدانة، وتهجم على "الشرطة الغذائية" ومحاولات "املاء التصرفات من خلال القوانين"، واكد "سنستمر في بيع وجبات (هابي ميلز) المخصصة للاطفال التي تحظى بدعم الاهل منذ سبعينات القرن الماضي"، وشرح "نحن نبيع خيارا في قائمة الطعام يجعل مستهلكينا اكثر رضى عن نمط حياتهم"، وقال سكينر ان المرسوم الصادر في سان فرانسيسكو يحرم العائلات من امكانية اتخاذ قراراتها بنفسه، هذه المدينة الكاليفورنية هي الوحيدة في مسعاها هذا بالرغم من ازدياد حالات البدانة لدى الاطفال وبالرغم من الجدال الوطني الواسع حول هذا الموضوع، وفقا للاحصاءات الرسمية، كانت البدانة تطال 19،6% من الاطفال بين سن السادسة والحادية عشرة في العام 2008، اي بزيادة ثلاثة اضعاف في غضون 30 عام، وقد حاولت مطاعم ماكدونالدز تحسين صورتها من خلال اضافة التفاح الى لائحة طعامها ليحل مكان البطاطس المقلية او السلطة، لكنها لا تزال رمزا للاطعمة السريعة.

الوجبات السريعة والمهاجرين

بدورها أظهرت دراسة اميركية ان العديد من الاجانب الذين يقطنون في الولايات المتحدة يعتمدون المطبخ الاميركي عالي الوحدات الحرارية، ليس لأن سوقه رائج فحسب وإنما لأنه يشكل وسيلة جيدة للاندماج، وبحسب الدراسة التي تنشرها مجلة "سايكولوجيكال ساينس" قريباً، فإن المهاجرين يستهلكون في المعدل العام 182 وحدة حرارية و7 غرامات من الاحماض الدهنية المشبعة إضافية في الوجبة الواحدة مقارنة مع وجبات مطابخ البلدان التي يتحدرون منه، وهذا ما يعرضهم للاصابة بالبدانة او الوزن الزائد، كما هي حال ثلثي الاميركيين، واشارت الدراسة التي أعدها باحثون من جامعات واشنطن وكاليفورنيا-بيركلي وستانفورد، الى ان أطفال المهاجرين الذي يعيشون في الولايات المتحدة منذ 15 عاما يعانون من معدلات البدانة نفسها التي يعاني منها أطفال الاميركيين، وثلث هؤلاء يعانون من البدانة او الوزن الزائد، وأجرى الباحثون تجارب على آسيويين من أجل معرفة الطريقة التي "يختار تبعها المهاجرون المأكولات الأميركية وكم يستهلكون منها، وذلك حتى يشعروا بانهم يشكلون جزءا من النسيج الاميركي"، وللقيام بذلك، طلبوا من مجموعة ان تؤكد انتماءها للثقافة الاميركية، فيما لم يطلب من مجموعة أخرى اي شيء، ثم دعي المشاركون في الدراسة الى اختيار وجبات، واختار افراد المجموعة الاولى الوجبات الاميركية مثل الهامبرغر والهوت دوغ والدجاج المقلي، وتخلوا عن الوجبات التقليدية مثل السوشي وغيرها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/آيار/2011 - 27/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م