مبارك في الذل

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: لقد وجدت الدروس والعبر لكي يتعظ الانسان السوي منها ويأخذ الصالح مع تجنب الطالح، لكن يبدوا ان الطواغيت والمستبدين لا يريدون ان يستلهموا العبر من امثالهم الغابرين او قل (بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)، فبالأمس القريب كان صدام أضحوكة التأريخ بعد ان اخرج من حفرة لا تكفي لجرد، واليوم مبارك (الذي طالما تشدق بانه كان ينصح صدام بان يكف عن مناطحة امريكا والعب بمقدرات بلده وايذاء شعبه)، الذي لم يستوعب الدرس ووقع في فخ اعماله وهو يبحث عن مخرج يقيه محاكمة الشعب المصري ويجنبه الذل والهوان في اواخر حياته من خلال التنازل عن كل ثروته وتقديم الاعتذار للشعب المصري عن سياساته الخاطئة مصحوبة بالندم لانه لم يسمع كلام زوجته بالهروب من مصر كما فعل بن علي من قبل، ويبدو ان حكام الظلم لايرعوون ولايقبلون النصيحة حيث تجد ان القذافي وصالح وغيره مازالو على طريق الدكتاتورية يوغلون في دماء الابرياء من شعوبهم دون النظر الى من خلفهم من اسلافهم الذين كانوا اشد منهم قوة واكثر سطوة.  

مصير مبارك يقلق السلطات

اذ يثير مصير الرئيس المصري السابق حسني مبارك مشكلات للسلطات الجديدة في مصر والموزعة بين ضغط شعبي كبير لمثوله امام القضاء ومحاولة تجنب محاكمة محرجة، واكد الجيش، الممسك بالسلطة في البلاد، ان ليس لديه النية للعفو عن مبارك غداة نشر صحيفة الشروق المستقلة انباء عن ان الرئيس السابق يعتزم تقديم اعتذار للشعب وتسليم ثروته للدولة على امل الحصول على عفو مقابل ذلك، وقال المجلس الاعلى للقوات المسلحة انه "لا يتدخل بصورة او اخرى في الاجراءات القانونية الخاصة بمحاسبة رموز النظام السابق وان هذه الاجراءات خاضعة للقضاء المصري"، وواجه حديث الصحافة عن احتمال العفو عن مبارك عاصفة من الاحتجاج من الحركات الشبابية التي اطلقت الدعوة الى "ثورة 25 يناير" التي اطاحت بالنظام السابق، ما اوضح الحساسية الشديدة لهذا الموضوع، وطالبت "اللجنة التنسيقية لثورة 25 يناير" في بيان بـ"محاكمة الرئيس وعائلته ورجالهم"، وهدد شباب على الانترنت بالنزول مجددا الى الشارع اذا ما تم التفكير في العفو عن مبارك، ويبقى الرئيس السابق، الذي ترك السلطة في 11 شباط/فبراير، قيد الحبس الاحتياطي منذ 13 نيسان/ابريل الماضي في انتظار قرار محتمل باحالته الى المحاكمة، ومازال مبارك في مستشفى شرم الشيخ حيث نقل اثر اصابته بأزمة قلبية، ويتوقف نقله الى السجن على حالته الصحية التي لا تتوافر معلومات دقيقة ومحددة عنه، ويتم التحقيق مع مبارك في اتهامين منفصلين الاول يتعلق بالتحريض على قتل المتظاهرين خلال الانتفاضة المصرية التي راح ضحية محاولات قمعها قرابة 850 شخصا اضافة الى سقوط اكثر من ستة الاف مصاب. بحسب فرانس برس.

اما الاتهام الثاني الذي يتم التحقيق مع مبارك فيه فيخص الفساد المالي واستغلال النفوذ لتكوين ثروة شخصية كبيرة، ونقلت زوجته سوزان (70 عاما) بدورها الى المستشفى نتيجة اشتباه في ذبحة صدرية بعد صدور قرار بحبسها احتياطيا لمدة 15 يوم، غير ان جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل الذي اجرى التحقيقات معها قرر الغاء الحبس الاحتياطي بعد ان تنازلت عن اموالها في البنوك المصرية للدولة، بيد ان التحقيق حول ثروتها مازال مفتوح، وتم وضع نجليهما علاء وجمال مبارك قيد الحبس الاحتياطي كذلك منذ 13 نيسان/ابريل الماضي الا ان التحقيقات معهما مستمرة ولم تتم احالتهما الى المحاكمة، ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد ان وضع مبارك يسبب حرجا للمجلس العسكري "الذي يريد ان تمر الفترة الانتقالية بشكل هادئ ولكن يتعين عليه التعامل مع وضع غير مسبوق في مصر وهو وجود رئيس قيد الحبس ومحاكمته واردة"، ويعتقد ان اعضاء المجلس العسكري تم تعيينهم في عهد مبارك الذي يعرف كل اسرار البلد الذي قاده لمدة ثلاثين عام، وظل المشير محمد حسين طنطاوي، الذي يترأس المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وزيرا للدفاع لمدة عشرين عاما في عهد مبارك، ويعتقد مصطفى كامل السيد ان "الجيش لم يختر هذا الوضع ويمكننا ان نتخيل ان هناك خلافات داخله حول اسلوب ادارة حالة مبارك واسرته"، وفي الصحف، تبدو الاراء متباينة كذلك، واعرب سليمان جوده في عموده بصحيفة المصري اليوم، عن اسفه ل"روح الانتقام" من الرئيس السابق لدى المصريين في وقت تشهد فيه البلاد مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة، اما الكاتب الشهير محمد حسنين هيكل فاشار في حديث نشر على حلقات في صحيفة الاهرام الى امكانية نفي مبارك، واعتبر هيكل ان احد الحلول قد يكون "الخروج الى مكان آخر يعالج فيه او يعيش فيه ولكن بشروط مقبولة اولها استعادة الاموال" التي حصل عليها بشكل غير شرعي.

البحث عن مخرج

الى ذلك وبعد ان قرر القضاء المصري الافراج عن سوزان ثابت زوجة الرئيس المصري السابق حسني مبارك بعد تنازلها عن جميع الارصدة الموجودة في حساباتها في مصر افادت تقارير صحفية ان زوجها يريد تقديم اعتذار للشعب المصري مقابل العفو عنه، وقال مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع عاصم الجوهرى في بيان انه "قرر إخلاء سبيل سوزان مبارك حرم الرئيس السابق بدون ضمان على ذمة التحقيقات في واقعة تضخم الثروة والحصول عليها بطريق الكسب غير المشروع وذلك لانتفاء مبررات الحبس الاحتياطى بعد تقديمها تنازل عن جميع الأموال التي حصلت عليها بطريق الكسب غير المشروع"، واضاف الجوهرى ان "الجهاز يمارس اختصاصاته ويتحرى الحقيقة ملتزما بتحقيق العدالة وسيادة القانون"، واوضح البيان ان "رئيس لجنة الفحص الذي باشر التحقيقات مع سوزان مبارك قد واجهها بما أسفرت عنه التحريات الرقابية من امتلاكها فيلا وأرصدة بحسابات مصرفية إلا أنها نفت ذلك وقررت أن الفيلا مملوكة لإحدى الجهات السيادية بالدولة وأن الأرصدة التي بحسابها غير مملوكة لها وأنها ملك للدولة باعتبارها حرم الرئيس السابق"، وأكد البيان انه "عندما تبين عدم صحة ما قالته أمر الجهاز بحبسها 15 يوما على ذمة التحقيقات نفاذا للسلطة القضائية كقرار احترازي"، وأوضح الجوهرى أن "محامي سوزان مبارك حضر الى مقر الجهاز وقدم مذكرة ومستندات تفيد أن الفيلا غير مملوكة لها وأنها مملوكة لإحدى الجهات السيادية كما قدم توكيلا رسميا غير قابل للالغاء باسم مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع أو من ينوب عنه لتنازلها عن جميع أرصدتها في جميع حساباتها السرية سواء كانت جارية أو ودائع أو توفير أو غير ذلك لصالح الدولة متمثلة في وزارة المالية والتي تقدر بنحو 24 مليون جنيه"، وتابع البيان ان زوجة الرئيس السابق "أقرت ووقعت بالموافقة على كشف جميع حساباتها بالداخل والخارج الأمر الذي تكون معه ذمتها المالية غير مشمولة بكسب غير مشروع وإلي حين ورود تحريات أخرى أو معلومات عن عقارات أو حسابات بالدولة أو الخارج فإن جهاز الكسب غير المشروع قرر إخلاء سبيلها على ذمة التحقيقات كإجراء طبيعي بعد أن تبين انتفاء مبررات الحبس الإحتياطى"، وقرر رئيس جهاز الكسب غير المشروع عاصم الجوهري حبس سوزان مبارك (70 عاما) 15 يوما على ذمة التحقيقات التي اجراها معها قاضي تحقيق تابع للجهاز الا انها نقلت الى غرفة العناية المركزة في مستشفى شرم الشيخ لاصابتها بازمة قلبية.

كما قضت محكمة جنح مستأنف مدينة نصر في القاهرة باخلاء سبيل رئيس ديوان مبارك، زكريا عزمي، بضمان مالي قدره 200 الف جنيه مصري (قرابة 34 الف دولار) مع استمرار التحقيقات معه في تضخم ثروته، وكان تقرر حبس عزمي احتياطيا لمدة 45 يوما بقرار من قاضي التحقيقات في جهاز الكسب غير المشروع، ويقضي القانون المصري بألا يتم تمديد فترة الحبس الاحتياطي اكثر من 45 يوما الا بعد عرض الامر على المحكمة، وبذلك سيكون زكريا عزمي اول مسؤول سابق يتم اخلاء سبيله بعد حبسه احتياطيا في قضية فساد، ومن جهة اخرى، قالت صحيفة الشروق المستقلة، نقلا عن مصادر مصرية وعربية لم تكشف عنها، ان الرئيس المصري حسني مبارك يستعد لتوجيه خطاب "يعتذر فيه" للشعب المصري عما يمكن ان يكون ارتكبه من اخطاء تمهيدا "لطلب العفو" من المجلس الاعلى للقوات المسلحة، واضافت الصحيفة ان مبارك وزوجته على استعداد للتنازل عن كل ممتلكاتهما حتى لا يتعرضان لملاحقة قضائية لكنها لم توضح ان كان الامر يتعلق بالممتلكات والارصدة في الداخل والخارج ام في الداخل فقط، واكدت الصحيفة نقلا عن مصدر عسكري ان "جهات كثيرة بعضها مصري وبعضها عربي يتوسط لاتمام" العفو عن مبارك وزوجته مقابل تنازلهما عن ممتلكاتهما "في اطار صياغة قانونية مقبولة"، وتابعت الشروق نقلا عن مصدر خليجي ان "كثيرا من العواصم تلح على القاهرة للنظر في تسوية ممكنة" لوضع الرئيس المصري السابق، وجاءت ردود الفعل سلبية على فكرة العفو عن مبارك مقابل اعتذاره، وطرح ائتلاف شباب الثورة، الذي يضم حركات شبابية اطلقت الدعوة الى "ثورة 25 يناير"، استفتاء على صفحته على فيسبوك حول هذا الموضوع فرفضت اغلبية كبيرة من المشاركين العفو عن الرئيس السابق، اما حركة 6 ابريل الشبابية، التي كانت ضمن من شاركوا في اطلاق الانتفاضة المصرية، فكتبت على صفحتها على فيسبوك تعليقا طويلا ساخرا في صورة رسالة اعتذار تخيلية من مبارك يقول فيها "لو كان مات في الثورة 800 مصري واصيب ألوف المصريين مش لاى سبب غير انهم عايزين يعيشوا بكرامة وأحرار، ولما إتكلمت عنهم قولت شهدائكم ماقولتش شهداء مصر فأنا آسف يا شعب مصر".

وتابعت حركة 6 ابريل "لو كان أبوك مات بالسرطان، وإترمي في مستشفى حكومي ع الأرض مش على سرير حتى في الوقت اللي قرارات العلاج على نفقة الدولة بتروح لعمليات تجميل زوجات الوزراء، فأنا آسف يا شعب مصر"، واضافت الحركة "لو كنت بتكره اليوم اللي جيت فيه للدنيا واليأس أكل روحك وإنت قاعد على قهوة مش لاقي شغل، في الوقت اللي فيه ولادي بيكنزوا في المليارات والعربيات والعقارات، فأنا آسف يا شعب مصر"، ويحمل العديد من النشطاء وخصوصا "ائتلاف شباب الثورة"، الذي يضم حركات شبابية اطلقت الدعوة لتظاهرات الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي، مبارك مسؤولية اصدار الاوامر باطلاق النار على المتظاهرين ما ادى الى مقتل 846 شخصا واصابة اكثر من ستة الاف اخرين، وفقا لحصيلة رسمية، وقرر النائب العام المصري عبد المجيد محمود في 13 نيسان/ابريل الماضي حبس مبارك ونجليه علاء وجمال احتياطيا على ذمة التحقيقات الجارية معهم غير انه تم التحفظ عليه تحت الحراسة في مستشفى شرم الشيخ لاسباب صحية بينما نقل ولداه الى سجن مزرعة طرة في القاهرة، وكان النائب العام قرر قبل ذلك منع الرئيس السابق وزوجته ونجليه وزوجتيهما من مغادرة البلاد، وتجرى التحقيقات مع مبارك في اتهامات بالتحريض على قتل المتظاهرين وبالفساد المالي، وقد تتناقل وسائل الإعلام المصرية أخبارا تتعلق باستعداد الرئيس السابق محمد حسني مبارك للتنازل عن ممتلكاته مقابل إعفائه من المحاكمة، وتشير تلك الأخبار المنسوبة إلى مصادر لم يكشف عنها إلى أن هذا جزء من مبادرة خليجية، وقالت صحيفة الشروق اليومية المستقلة إن خطابا يجري إعداده حاليا ليسجله مبارك ويبث صوتيا عبر قنوات مصرية وعربية يقدم فيه مبارك اعتذارا باسمه ونيابة عن أسرته عما يكون قد بدر منه من إساءة لأبناء الوطن بسبب سوء تصرف ناجم عن نصيحة بعض المستشارين أو معلومات خاطئة بحسب ما جاء في تقرير الصحيفة، وقالت الشروق إنها تستند في نقل هذا الخبر إلى مصادر مصرية وعربية رسمية، وأضافت أيضا ان صحفيا مصريا كبيرا يعكف على صياغة خطاب الاعتذار الذي سيبدي فيه الرئيس السابق وزوجته الرغبة في التنازل عن كل ممتلكاتهما لصالح الشعب المصرى، كما يشير الخطاب إلى تاريخ مبارك العسكري وسعي زوجته سوزان للإسهام في الأعمال الخيرية، وقالت الشروق إن الهدف من الخطاب التقدم للمجلس الاعلى للقوات المسلحة بطلب لكى «ينظر فى العفو» عن الرئيس السابق وقرينته، كما نشرت الصحف المصرية خبرا يفيد بتنازل سوزان مبارك، زوجة الرئيس السابق، بالفعل عن ممتلكاتها للدولة المصرية، ومن الملفت أن الخبر نسب إلى موظف في السجل المدني كانت مهمته الحصول على التوقيع، ولم ينسب إلى مسؤول في المجلس العسكري ولا الحكومة، وفسر مراقبون ذلك بأنه محاولة لتهيئة الرأي العام المصري لصفقة تعفي مبارك وزوجته من المساءلة أمام القضاء بخصوص ثروتهما.

التحقيقات مازالت جارية

في سياق متصل قالت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية المصرية ان المحققين حققوا مع مبارك الذي ينفي ارتكابه لاي مخالفات لثلاث ساعات متواصلة في منتجع شرم الشيخ على البحر الاحمر وحققوا مع زوجته سوزان ايضا بعد ان امر بأحتجازها على ذمة التحقيق، وهذا أول امر باحتجاز زوجة الرئيس السابق على ذمة التحقيق لكن النائب العام امر في 13 ابريل نيسان باحتجاز مبارك نفسه في اطار تحقيق منفصل في استغلال المال العام وقتل محتجين، واشارت بعض التقارير الاعلامية الى أن ثروة عائلة مبارك قد تصل الى عدة مليارات من الدولارات وهو سبب رئيسي لاثارة الاحتجاجات في بلد يعيش نحو 40 في المئة من سكانه على اقل من دولارين يومي، وقال محمد احمد (23 عاما) الذي يعمل في احد بنوك القاهرة بعد سماع الامر بحبس سوزان مبارك "توقعت ذلك لكن من الجيد ان اسمعه"، واجبرت احتجاجات حاشدة مبارك على التنحي عن الحكم في 11 فبراير شباط كما ادت الضغوط الشعبية على المجلس الاعلى للقوات المسلحة الحاكم في البلاد الى سماحه بفتح التحقيق مع مبارك واسرته في مصادر ثرواتهم، واعرب بعض المصريين عن استيائهم من الطريقة التي يعامل بها مبارك الذي حكم مصر لثلاثة عقود، وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط ان عشرات المتظاهرين تجمعوا امام مسجد كبير في القاهرة وطالبوا بوقف اجراءات محاكمة مبارك، وامر جهاز الكسب غير المشروع بحبس سوزان مبارك 15 يوما على ذمة التحقيق. بحسب رويترز.

وقالت مصادر امنية وقضائية ان زوجة الرئيس السابق ستنقل الى أحد سجون القاهرة، ويرقد مبارك (83 عاما) في مستشفى في شرم الشيخ منذ اصابته بوعكة صحية خلال بداية التحقيق معه، وامر النائب العام الشهر الماضي بنقل مبارك الى مستشفى سجن طرة لكنه قال ان الامر قد يستغرق شهرا على الاقل لاعداد مستشفى السجن لاستقبال الرئيس السابق، وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط ان مبارك سئل عن ملكيته لفيلا في شرم الشيخ قدر ثمنها بأكثر من 36 مليون جنيه مصري (6.1 مليون دولار) وعن مزاعم استخدامه بشكل شخصي لحساب تملكه مكتبة الاسكندرية، وقالت الوكالة ان الرصيد في الحساب يبلغ 145 مليون دولار، واضافت ان التحقيقات جرت مع سوزان مبارك بشأن ملكيتها لفيلا بالقاهرة و20 مليون جنيه في حساب مصرفي، وقالت الوكالة نقلا عن عاصم الجوهري رئيس جهاز الكسب غير المشروع ان التحقيقات شهدت مواجهة مبارك وزوجته بتحقيقهما "ثراء غير مشروع مستغلين الصفة الوظيفية لمبارك كرئيس سابق للبلاد"، ويصر اعوان الرئيس السابق على عدم ارتكابه لاي مخالفات، وقالت الوكالة ان مبارك وقرينته قاما "خلال التحقيق معهما بالتوقيع على اقرارات باللغات العربية والانجليزية والفرنيسة للكشف عن حسابتهما بالداخل والخارج"، وقالت وزارة الخارجية المصرية انها امرت سفاراتها في دول عربية وغربية في 22 فبراير شباط بتجميد أصول الرئيس السابق واسرته، وقالت وزارة الخارجية السويسرية في وقت سابق من هذا الشهر ان سويسرا عثرت على 410 مليون فرنك سويسري (462.5 مليون دولار) يملكها مبارك في حسابات في بنوك سويسرية.

مبارك نادم!

من جهته ذكر تقرير أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك قال أنه نادم لأنه لم يسمع كلام زوجته سوزان وقرر البقاء في مصر وعدم الهروب للسعودية أو الإمارات، ووفقاً لصحيفة "دنيا الوطن" قالت مصادر من داخل مستشفى شرم الشيخ، أن مبارك اعترف أنه أخطأ في حياته مرتين، الأولى عندما قرر التنحي عن الرئاسة وتسليمها للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والثانية عندما لم يسمع كلام زوجته سوزان وقرر البقاء في مصر وعدم الهروب للسعودية أو الإمارات، وأضافت المصادر أن مبارك قام في حركة هستيرية بضرب يديه فوق رأسه عدة مرات، وهو يقول "أنا اللي جبت ده كله لنفسي"، ثم يصمت ويقول "خونة، كلهم باعوني واعترفوا علي"، وكان مصدر طبي بالمستشفى قال إن مبارك قرر الإضراب عن الطعام لقرب ترحيله إلى مستشفى طرة، كما أنه طلب من النائب العام تمكينه من زيارة قبر حفيده محمد علاء مردداً قوله "كلنا إلى زوال"، وطلب مبارك من النيابة بقاءه بمستشفى شرم الشيخ وعدم "بهدلته " في أيامه الأخيرة وأنه "بيتمنى الموت قبل ترحيله إلى سجن طرة " وأنه "على استعداد للتنازل عن كل أملاكه كتابة مقابل إخلاء سبيله ونجليه" كما طلبت زوجته سوزان ثابت التوسط من بعض رؤساء العرب لدى الحكومة المصرية للإفراج عنه، من ناحية أخرى، صرح المستشار عبد العزيز الجندي وزير العدل في إحدى الفضائيات أن كل رموز النظام السابق سيتم التحقيق معهم وأنه إذا ثبت من التحقيقات تحريض مبارك على قتل الثوار سوف يواجه عقوبة الإعدام وأن عدد المحبوسين من رموز النظام السابق بسجن طرة بلغ عددهم 35 معظمهم من الوزراء وكبار الشخصيات، كما أكد المستشار عاصم الجوهري مساعد الوزير لجهاز الكسب غير المشروع أن ثروة مبارك أقل بكثير من ثروة نجليه علاء وجمال، وأضاف أنه تم تشكيل لجنة فنية على مستوى عال للانتقال لمعاينة القصور والفيلات والأراضي التي تمتلكها أسرة مبارك لتقدير قيمتها الحقيقية. بحسب رويترز.

بينما نفى المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية الذي يدير شؤون البلاد تكهنات بأنه سيعفو عن الرئيس السابق حسني مبارك الذي يخضع للتحقيق بتهم فساد واستغلال النفوذ قائلا انه لن يتدخل في عمل القضاء، ومبارك (83 عاما) محبوس على ذمة التحقيق في مستشفى بمنتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الاحمر بعد ان قال مسؤولون انه يعاني من مشكلات بالقلب، واشعل مرض الرئيس السابق وزوجته المتزامن الذي حال دون نقلهما الى السجن الى جوار غيرهما من كبار المسؤولين نقاشا حول معاملة مبارك واسرته معاملة خاصة، وقال المجلس الاعلى للقوات المسلحة في رسالة على صفحته على موقع فيسبوك "يؤكد المجلس الاعلى للقوات المسلحة انه لا صحة مطلقا لما نشر في وسائل الاعلام عن اتجاه المجلس للعفو عن الرئيس السابق محمد حسني مبارك واسرته"، واضاف المجلس في رسالته "المجلس الاعلى لا يتدخل بصورة أو بأخرى في الاجراءات القانونية الخاصة بمحاسبة رموز النظام السابق وان هذه الاجراءات خاضعة للقضاء المصري"، وأكد المجلس في رسالتة على "أهمية الحذر الشديد من الاخبار والشائعات المغرضة التي تهدف الى احداث الانقسام والوقيعة" بين الشعب وقواته المسلحة، وكان مبارك يشغل الى جانب منصبه كرئيس منصب القائد الاعلى للقوات المسلحة كما له تاريخ عسكري طويل حيث كان قائدا للقوات الجوية المصرية في حرب عام 1973 ضد اسرائيل، ويقول بعض المحللين ان المجلس العسكري الذي يرأسه المشير محمد حسين طنطاوي الذي ظل وزيرا للدفاع في عهد مبارك لعقدين سيحجم عن اهانة قائده السابق بالقائه خلف القضبان، لكن المجلس خضع لضغوط شعبية لمحاسبة مبارك واخرين بعد سلسلة من المظاهرات الحاشدة تلت الاطاحة به في 11 فبراير شباط، ويجري التحقيق مع مبارك في تهم استغلال السلطة والاستيلاء على المال العام ودوره في قتل متظاهرين خلال الاضطرابات التي استمرت 18 يوما وادت الى تنحيه عن السلطة، ووجهت الاتهامات الى زوجته باستغلال نفوذ زوجها للاثراء بشكل شخصي، وينفي كلاهما التهم الموجهة اليه، ونظرا لمرضهما المفاجئ لم يقض مبارك وزوجته وقتا في السجن على ذمة التحقيق على الرغم من صدور أمر بحبسهم، ونقل نجلاهما علاء وجمال الى السجن لينضما الى عدد من كبار المسؤولين السابقين ويجري التحقيق معهما في تهم فساد وتهم اخرى.

حبر على ورق

من جانبه أكد الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون الدولى المصري بجامعة عين شمس عضو اللجنة القانونية لاسترداد أموال مصر فى الخارج لصحيفة "الشروق" المستقلة، أن علاقات رموز النظام المصري السابق القوية ببعض مسؤولي عدد من دول العالم التي أعلنت عن تجميد أرصدة عائلة الرئيس المصري السابق حسني مبارك وعدد من المسؤولين فى نظامه لديها تؤخر أي تجميد حقيقي للأموال تحت ادعاء عدم استيفاء الحكومة المصرية للإجراءات اللازمة لشروط معاهدة الفساد، وأعرب عيسى عن قلقه وأسفه آزاء عدم إعلان  الحكومة المصرية أي تفاصيل بهذا الشأن وهي التي تملك المعلومات الخاصة بهذا الملف وما تم إنجازه فيه حتى الآن، وأضاف، "على الرغم من تصريحات الدول المختلفة عن تجميدها ثروات عائلة مبارك، فإن كل المعلومات المتوافرة لدينا من بعض هذه الدول مثل إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا تؤكد أن هذه التصريحات ليست إلا (حبرا على ورق) ولم يتم اتخاذ أى إجراء فعلي، ولدينا معلومات موثقة من زملائنا، والعاملين بالأجهزة الخارجية يؤكدون عدم مخاطبة الحكومة المصرية لأي من هذه الدول"، وعن السبب وراء هذا التأخير، كشف عيسى أن "المشكلة فى الحقيقة تكمن في مصر، وعلى الحكومة أن تقوم بتوفيق أوضاعها بأقصى سرعة ممكنة وعليها تشكيل لجنة وطنية تضم ممثلين للحكومة وآخرين عن المجتمع المدنى لتحدد ما هو المطلوب والنقاط التى علينا استيفاؤها لاستعادة الثروات المنهوبة"، وأضاف قائلا "كم مرة صرخنا وطالبنا أثناء ولاية حكومة أحمد شفيق بتجميد أموال مبارك وعائلته قبل تهريبها ولم يحدث، وكانت النتيجة أن يخرج علينا الرئيس السابق بحديثه (المتبجح) مؤكدا أنه لا يملك أي أرصدة خارجية باعثا رسالة واضحة أن الأموال تم تحويلها إلى مكان آمن، فلنلحق البقية المتبقية قبل فوات الأوان". بحسب رويترز.

وأوضح إن قضية استرداد الأموال محورها الإرادة السياسية القوية والضغط الشعبى المتواصل وعلى الحكومة المصرية إطلاق قذائف مستمرة من الرسائل إلى هذه الحكومات مستغلة الغضب الشعبى لإلزامها بالتجميد والضغوط لها أشكال متعددة ولكن الضغط الشعبي أقواه، وعن سبل إعادة هذه الأموال، قال عيسى إنه يجب  تشجيع الدول الأجنبية على رد هذه المبالغ من خلال طمأنتها بأن المبالغ الموجودة في بنوكها لن يتم استردادها مرة واحدة بل على أقساط  وأن الأموال المنهوبة ضرورية لمعالجة آثار الفساد "الذي نهش فى ثروات مصر على مدى 30 سنة متواصلة" وآثار الثورة وما تبعها من تدهور في بعض القطاعات الأساسية مثل السياحة، وأقترح عيسى إنشاء صندوق حكومي يتم وضع الأموال التي يتم استردادها فيه على أن يتم تحديد المجالات التي ستستخدم فيه، وأعلن عيسى رفضه لما يتردد عن أن الحكومة تدرس إمكانية إصدار قانون للتصالح مع رجال الأعمال المتهمين، ووصف هذا الإجراء بأنه " كارثة بكل المقاييس، وسيكون أكبر خديعة للشعب المصري"، ولتجنب تكرار عمليات الفساد ونهب ثروات البلاد ، أكد عيسى ضرورة إعادة تنظيم الدولة على أساس الديمقراطية والشفافية، وفي سياق الموضوع فقد كشف الخبير الاقتصادى الدكتور 'عبد الخالق فاروق'، ملفات خطيرة يرجع تاريخها إلى عام1971، تؤكد حصول الرئيس المخلوع 'مبارك' على عمولة غير قانونية أثناء تفاوضه فى صفقة طائرات فرنسية مع ليبيا كلفه بها الرئيس الراحل 'أنور السادات'، عام 1971، مؤكداً أن المخابرات الفرنسية سجلت بالصوت والصورة طلب مبارك الحصول على عمولة خاصة لحسابه أثناء التفاوض على الصفقة، وأشار 'فاروق' إلى أن ليبيا فى ذلك الوقت لم تكن تمتلك من يستطيع التفاوض فى مثل هذه الصفقات، مما دفع الرئيس الراحل 'أنور السادات' بتكليف اللواء طيار 'محمد حسنى مبارك' بتولى المهمة، لافتاً إلى أن الرئيس المخلوع حصل بالفعل على العمولة، وأكد فاروق أنه واثق كل الثقة من ثبوت هذه الواقعة على الرئيس السابق، وأنه يتقدم ببلاغ للمجلس العسكرى بالتحقيق فى الأمر، ولديه من المستندات ما يثبت صحة كلامه، كما طالب فاروق المخابرات المصرية بمخاطبة المخابرات الفرنسية لتزويدها بنسخة عن الملفات والتسجيلات الصوتية.

كما كشف فاروق النقاب عن أحد الملفات الأخرى التى يرى أنها تفسر خضوع الرئيس السابق الذى وصفه بـ'الخضوع التام' للولايات المتحدة الأمريكية على مدار الثلاثين عاماً الماضية، حيث أشار إلى قضية المعونة الأمريكية التى جاءت فى أعقاب اتفاقية كامب ديفيد، موضحاً أن الرئيس السابق أدار فى الخفاء شركة 'أسكوا' عام 1981، من خلال 'حسين سالم'، الذى كان بمثابة الواجهة التى يختبئ 'مبارك' خلفها، مشيراً إلى أن هذه الشركة أدارت أعمالاً غير مشروعة بقيادة 'حسين سالم' وعدد آخر من شركاء مبارك غير الظاهرين على الساحة مثل 'منير ثابت'، وتابع 'فاروق' أن وزارة العدل الأمريكية اكتشفت تلاعبًا فى الفواتير الخاصة بالشركة وقامت بإعداد مذكرة بعمليات القبض والملاحقة المالية لرؤساء الشركة، مشيراً إلى أن البيت الأبيض اجتمع وقتها اجتماعاً موسعاً للنظر فى الأمر الذى رأى الجميع أنه سيكون بمثابة تورط مباشر للرئيس السابق فى أعمال غير مشروعة فانتهى الأمر بتغريم 'حسين سالم '7 ملايين جنيه، وأكد فاروق أن هذه الواقعة هى نقطة البداية التى تم من خلالها تطويع مبارك إلى السياسة الأمريكية تطويعاً تاماً، والدليل على ذلك عدم معارضة مبارك للسياسات الأمريكية طوال فترة حكمه، مطالباً بمباشرة التحقيق السياسى فى هذه الواقعة الخطيرة، ومؤكداً أن لديه المستندات التى تثبت صحة هذه الاتهامات، ذكر فاروق، أن رجل الأعمال الهارب حسين سالم، كان يدير شبكة غير شرعية لإدارة مشاريع أسرة مبارك فى مجال النفط والغاز الطبيعى، وكان ذلك واضحاً فى اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل.

سحب الدكتوراه الفخرية

على صعيد متصل وفي حين أمرت النيابة العامة المصرية باحالة الرئيس السابق حسني مبارك وابنيه علاء وجمال الى محكمة الجنايات طالب عشرات الاساتذة بجامعة القاهرة بسحب الدكتوراه الفخرية التي منحتها الجامعة في سبتمبر أيلول 2010 لسوزان زوجة مبارك، وقال الاساتذة في بيان "ان عدم تراجع الجامعة عن منح الدكتوراه الفخرية (لسوزان) يمثل أقصى درجات المهانة لاسم جامعة القاهرة"، وكانت الجامعة شهدت يوم 26 فبراير شباط الماضي (حين فتحت أبوابها لاول مرة بعد الاحتجاجات الشعبية التي استمرت 18 يوما وأطاحت بمبارك) مظاهرات تتهم ادارة الجامعة باهدار المال العام وقال المحتجون انذاك ان حفل منح الدكتوراه لسوزان تكلف 6.5 مليون جنيه مصري، ولكن رئيس جامعة القاهرة حسام كامل قال في اليوم نفسه في مؤتمر صحفي ان الحفل لم يكلف الجامعة أكثر من 200 ألف جنيه مصري (نحو 35 ألف دولار بسعر عام 2010) نظير "بعض الديكورات التي تم عملها خلال الحفل، كما هو مثبت بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات" عام 2010، وقبل منح الدكتوراه الفخرية لسوزان وقع أساتذة من جامعات مصرية بيانا قالوا فيه ان ذلك "اهانة واستغلال اسم الجامعة في مظاهر النفاق السياسي، وان من أبسط مبادئ الخلق العلمي والاكاديمي ألا يمنح التكريم الجامعي لاصحاب السلطة"، ونشرت صحيفة الاهرام المسائي أن 50 من الاساتذة بالجامعة طالبوا رئيس الجامعة بسحب الدكتوراه الفخرية من سوزان "بعدما ظهر ضلوع سوزان مع زوجها في نشاطه الاجرامي ضد مصالح الشعب" معتبرين منح هذه الدرجة "جريمة" في حق الجامعة وأساتذتها وطلابها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 31/آيار/2011 - 27/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م