التدخين... داء أم دواء؟

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: لقد اشارت بعض التقارير والتي صدرت من منظمات عالمية الى تضافر العديد من الجهود الدولية من اجل الحد من تنامي ظاهرة التدخين واثرها القاتل على صحة الانسان في العديد من دول العالم مع التشريعات التي سنتها اغلب الدول من خلال حضر التدخين في الاماكن العامة وفرض الغرامات المالية على المخالفين الى ارتفاع نسبة الضرائب على هذه التجارة والتوعية المستمرة بأخطار التدخين والامراض الفتاكة التي تصيب المدخنين واهمها سرطان الرئة، والتي من المعروف انها لا تصيب المدخنين وحدهم بل تؤثر سلباً على غير المدخنين بما يعرف ب(التدخين السلبي) الذي يزهق ارواح الملايين في كل عام، كما يتعدى اثر هذا التدخين الى الاجنة في بطون امهاتهم اثناء وبعد التكوين من جانب الاب المدخن وبالتاكيد فان الخطر يكون اكبر اذا كانت الام هي من تمارس هذه العادة.

ضحايا التدخين في العراق

حيث تقدم عدد من أعضاء البرلمان العراقي باقتراح قانون جديد لمكافحة التدخين، يقضي بمنع التدخين في الأماكن العامة، وهو الاقتراح الذي آثار كثيراً من الجدل حول مدى أهمية مثل هذا القانون في دولة أصبح صوت التفجيرات والرصاص الحي من الأمور المعتادة فيه، ويعتقد بعض العراقيين، خاصةً بين المدخنين، أن جهود البرلمان لسن تشريع لمكافحة التدخين هي مضيعة للوقت على اعتبار أن هناك مسائل أكثر أهمية من التدخين، بحسب رأيهم، الشاب العراقي أبو علي، البالغ من العمر 37 عاماً والذي كان يدخن الأرجيلة بصحبة أصدقائه في إحدى مقاهي وسط العاصمة بغداد، حين سئل عن رأيه في هذا القانون أجاب، "إن تدخين سيجارة هو أسهل ما يمكن فعله في العراق"، وقال أبو علي "من الصعب تفعيل مثل هذا القانون في العراق، فنحن لسنا مثل الشعوب الأمريكية أو الأوربية المرفهة، فبالنسبة لهم جميع القضايا الرئيسية محسومة وبلادهم تنعم بالاستقرار، "وأشار الشاب العراقي إلى أن معظم أبناء بلده لديهم أموراً أخرى أكثر أهميته يجب النظر إليها قبل قضية التدخين حيث يسقط آلاف الضحايا نتيجة الحروب والأعمال الإرهابية التي تحدث يومياً. بحسب السي ان ان.

أما التدخين فلا يشكل مثل هذه الخطورة، على حد قوله، وبدأ البرلمان العراقي مؤخراً نظر مشروع قانون لمكافحة التدخين، قدمه النائب جواد البازوني، عضو اللجنة الصحية، والذي لم يتوقع أن يثير اقتراحه هذا الجدل الكبير بين المشرعين، لكونه يتعلق بقضية صحية تبدو وكأنها تحظى باتفاق الغالبية عليه، وقال البازوني "إن قضية التدخين هامة جداً، وليست فرعية كما يظن البعض، فعدد ضحايا التدخين، يفوق عدد ضحايا الحروب والعمليات الإرهابية بالعراق"، من دون الإشارة إلى الأعداد الرسمية للضحاي، يُذكر أن قانون مكافحة التدخين في الغرب، يقضي بمنع التدخين في المناطق العامة، ويجبر الشركات المصنعة والموزعة للسجائر على طباعة جملة "التدخين ضار جداً بالصحة" على علب السجائر، ويمنع إعلانات السجائر في وسائل الإعلام المختلفة، وهذا الأمر من الصعب تطبيقه، في بلد لا تتجاوز تكلفة علبة السجائر فيها 33 سنتاً أمريكياً، فالعراق تحتوي أعلى معدل مدخنين في الشرق الأوسط، التدخين يزيد احتمالات الاصابة بسرطان الثدي وقلة الحركة الجسدية سرطان الامعاء.

التدخين يقلل عمر الامريكيين

في سياق متصل قال خبراء امريكيون ان التدخين وبنسبة اقل البدانة يفسران لماذا لا تطول اعمار الامريكيين مثل الفرنسيين واليابانيين، ووجد التقرير الصادر عن مجلس الابحاث الوطني انه رغم ان نسبة المدخنين بين المواطنين الامريكيين 20 بالمئة فقط حاليا الا ان اكثر من 40 بالمئة من البالغين الامريكيين كانوا يدخنون في 1960 ولا يزال المواطنون يدفعون الثمن، وكتبت لجنة الخبراء المعينة من قبل المجلس، "عوامل اخرى مثل البدانة والنظام الغذائي والتمرينات الرياضية وتفاوت المستوى الاقتصادي من المحتمل انها لعبت ايضا دور في التفاوت الحالي والاختلاف بين الولايات المتحدة ودول أخرى"، وبحث ايلين كريمينس المتخصص في امراض الشيخوخة بجامعة ساوث كاليفورنيا وزملاؤه في احصاءات اسباب الوفاة للوصول الى تفسير، ووجدوا ان التدخين (الذي يقتل بصورة مباشرة وصورة غير مباشرة عن طريق اضرار التدخين السلبي) يبدو كعامل رئيسي، وكتبوا "التدخين يبدو مسؤولا عن قدر لا بأس به من الاختلاف في متوسط العمر المتوقع للمرأة"، واضافوا "قبل خمسين عاما كان التدخين اكثر شيوعا في الولايات المتحدة مقارنة مع اوروبا واليابان، نسبة اكبر من الامريكيين دخنوا ودخنوا بشراهة اكبر عما كان عليه الحال في دول اخرى"، وتابعوا قائلين "التبعات الصحية لهذا السلوك لا تزال تلعب دورا في معدلات الوفيات حتى يومنا هذا"، وتحتل اليابان المركز الاول في مجال متوسط العمر المتوقع حيث ان الطفل المولود اليوم من المحتمل ان يعيش حتى يبلغ 83 عاما في المتوسط وذلك وفقا لتقديرات الامم المتحدة، وتحتل الولايات المتحدة المركز 36 بمتوسط عمر متوقع 78.3 وهو اقل من اغلب الدول الاوروبية وكوريا الجنوبية وتشيلي ويأتي مباشرة بعد كوبا.

الى ذلك دعت لجنة استشارية في إدارة الأغذية والأدوية في الولايات المتحدة إلى سحب منتجات السجائر التي يدخل فيها زيت المينثول ليجعلها بطعم النعناع من السوق بشكل كامل، معتبرة أنها المسؤولة الأولى والأساسية عن ارتفاع أعداد المدخنين بين الأطفال وشرائح أخرى في المجتمع، وقالت اللجنة إن هذا النوع من السجائر غير مرتبط بزيادة نسب الأمراض بين مدخنيه، ولكن خطره الأساسي يتركز في أنه يشجع الأطفال على الإقبال على التدخين، ويزيد بالتالي فرص تحولهم إلى السجائر العادية في المستقبل، وقال جوناثن ساميت، الطبيب المتخصص في اللجنة، إن وجود هذا النوع من السجائر "يؤدي إلى زيادة المدخنين، ويفتح الباب أمام ارتفاع نسب وفاة صغار السن"، من جانبه، قال لورنس دايتون، مدير مركز منتجات التبغ لدى إدارة الأغذية والأدوية، إن التقرير سيخضع للتقييم من قبل إدارة المركز لاتخاذ القرار المناسب حوله ومراجعة كافة المعلومات العلمية المتوفرة حول تأثير المينثول على الصحة، وأضاف دايتون أن التقرير قدم رسمياً في 23 مارس/آذار الماضي، وسيصار إلى تقديم تقييم أولي حوله خلال 90 يوماً، وأشار إلى أنه خلال هذه الفترة لن يكون هناك أي تأثير على توافر منتجات سجائر المنثول في الأسواق، وعلى صعيد شركات التبغ، قالت "رينولدز أمريكان،" التي تمتلك عدة شركات تعمل تحت مظلتها، مثل "بال مال" و"كامل" أنها ستواصل العمل حول القضية مع إدارة الأغذية والأدوية، أما شركة "لوريلارد،" أكبر المصنعين للسجائر المينثول، فقد أعربت عن ثقتها بأن التحقيقات التي ستجريها إدارة الأغذية والأدوية ستؤكد بأن هذه السجائر ليست مضرة أكثر من السجائر العادية، ولا ضرورة لمعاملتها بطريقة مختلفة من قبل السلطات أو سحبها من السوق.

التدخين في إندونيسيا

من جهة اخرى تعتبر نسبة المدخنين الصغار في إندونيسيا الأعلى في العالم في الوقت الذي يعرقل فيه الجهل ولوبي التبغ القوي جهود القضاء على إدمان النيكوتين في البلاد، وفقاً للعاملين في مجال الصحة والحكومة، وتحتل إندونيسيا، التي يبلغ عدد سكانها 230 مليون نسمة، المرتبة الثالثة في العالم من حيث عدد المدخنين، بعد الصين والهند، اللتين يبلغ تعداد سكان كل منهما أكثر من مليار نسمة، وفقاً للرئيس السابق لنقابة الأطباء في إندونيسيا، كارتونو محمد، الذي أضاف أنه قد يكون لدى الصين والهند عدد أكبر من المدخنين نظراً لارتفاع عدد سكانهما، ولكن إندونيسيا تضم أعلى نسبة انتشار للتدخين بين الصغار، ووفقاً للملف الصحي الإندونيسي لعام 2008، يدخن 29 بالمائة من الإندونيسيين الذين تبلغ أعمارهم 10 سنوات أو أكثر 12 سيجارة يومياً في المتوسط، وقد بدأ 10 بالمائة من المدخنين التدخين عندما كان عمرهم يتراوح بين 10 و14 عاماً، بينما بدأ 0.1 بالمائة التدخين قبل أن يتجاوزوا الخامسة من عمرهم، وفقاً للتقرير الذي صدر في 2010، وقال محمد، وهو الآن عضو في حملة تابعة لشبكة مكافحة التبغ الإندونيسية، وهي منظمة غير حكومية أن "ثلاثة من بين كل أربعة ذكور بالغين في إندونيسيا يدخنون، وأسوأ شيء هو أنهم يدخنون في وجود الأطفال والنساء الحوامل"، وأضاف في حديثه أن "وضع التدخين في إندونيسيا لم يصل بعد إلى حالة وباء، ولكن الحالات التي تم الإبلاغ عنها في وسائل الإعلام تشير إلى أن الوضع خطير ومثير للقلق لأنها لا تقتصر على منطقة واحدة. بحسب ايرين.

وقد عُرض مقطع فيديو لطفل من جزيرة سومطرة في غرب إندونيسيا يبلغ من العمر عامين وهو يدخن بشراهة أكثر من مليار مرة بعد تحميله على الإنترنت في مايو الماضي، ومنذ ذلك الحين، خضع الطفل للعلاج من إدمان السجائر تحت رعاية لجنة حماية الأطفال في البلاد، وقالت اللجنة في سبتمبر الماضي أن الصبي، آلدي ريزال، قد تغلب على إدمان النيكوتين، ولكن الخبراء يعتقدون أن هذه الحالة تشير إلى مشاكل أكبر في تنظيم صناعة التبغ، وقد صنف قانون الصحة الصادر عام 2009 التبغ كمادة إدمان، ولكن المزارعين في جاوة الوسطى، إحدى أخصب مناطق زراعة التبغ في البلاد، يقاومون إطلاق هذه التسمية في المحكمة الدستورية، بدعوى تهديدها لمصدر رزقهم، وأفاد محمد أن الحكومة كانت مترددة في تنظيم صناعة التبغ بشكل صارم بسبب الضغوط من القائمين على هذه الصناعة، وأضافت ليلى سوليستيواتي، مدير تعزيز الصحة في وزارة الصحة، أنه على الرغم من ذلك، تستعد الحكومة لفرض تنظيم وطني لصناعة التبغ يسعى إلى تقييد إعلانات السجائر ورعاية الشركات المنتجة بغرض تنفيذ القانون الصحي الصادر في 2009، وأفادت أنه "من المستحيل إغلاق مصانع السجائر، ولكننا نسعى إلى توعية الجمهور بأن التدخين يشكل خطراً على صحتهم ويجب أن يفهم الأشخاص الذين لا يستطيعون التوقف عن التدخين ذلك، وألا يعرضوا أسرهم للخطر"، غير أن الصغار في هذا البلد لا يفهمون تلك المخاطر جيداً، حيث قال ديماس رياضي، وهو من أطفال الشوارع ويبلغ عمره 15 عاماً، أن التدخين ساعده على الاختلاط مع أقرانه. "كل أصدقائي يدخنون، لذلك فمن الطبيعي أن أدخن أنا أيضاً".

وأضاف ديماس، الذي يكسب رزقه عن طريق تقديم عروض في الشارع لسائقي السيارات عند تقاطع مزدحم وسط العاصمة جاكرت، "لم أصب بمرض نتيجة للتدخين"، وقال محمد أنه وفقاً لبحث حكومي أجري عام 2005، يتم إنفاق ما يقرب من 20 مليار دولار سنوياً على خدمات الرعاية الصحية المرتبطة بالتدخين، أي ثلاثة أضعاف الضرائب المفروضة على السجائر التي تحصلها الدولة، ولا يغطي التأمين علاج الأمراض المرتبطة بالتدخين، كما أظهر الملف الصحي الحكومي لعام 2008 أن 60 بالمائة من الوفيات في إندونيسيا حدثت بسبب أمراض غير معدية  (بما في ذلك التدخين) مقارنة بـ 48.5 بالمائة في 2001، وفي جميع أنحاء العالم، تسببت الأمراض غير المعدية في حوالي 60 بالمائة من الوفيات و43 بالمائة من عبء المرض قبل عقد من الزمن، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، واستناداً إلى الاتجاهات الحالية، من المتوقع أن تصبح هذه الأمراض مسؤولة عن 73 بالمائة من الوفيات و60 بالمائة من عبء المرض في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2020، وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية.

التدخين في السعودية

من جهته أكد عضو مجلس الشورى السعودي المهندس محمد القويحص أن هناك لوبي في المملكة يدعم استمرار التدخين الذي يكلف البلاد سنويا 12 مليار ريال، وأكد المهندس محمد القويحص، في تصريحات نشرتها صحيفة "الوطن" السعودية مؤخراً، وجود من يحارب صدور نظام مكافحة التدخين لمصالح شخصية، مضيفا أن النظام ظل معطلا منذ 11عاما على الرغم من موافقة مجلس الوزراء عليه، وقال القويحص إن" مستشفى الملك فيصل التخصصي يدفع لعلاج حالات التدخين من المرضى والأمراض التي يسببها، أكثر من 50 مليون ريال سنويا"، وأضاف،"هناك لوبي في المملكة يدعم استمرار التدخين"، وتحتل السعودية المركز 29 عالميا في أعداد المدخنين بـحوالي ستة ملايين مدخن، بينهم مليون امرأة، ويستهلك المدخنون السعوديون 40 ألف طن تبغ سنويا، بكلفة مالية تتجاوز 12 بليون ريال، ويستهلك السعودي 2130 سيجارة سنويا، وينفق المدخنون على شراء التبغ 18 مليون ريال يومي، وبلغ عدد السعوديين الذين يموتون من التدخين سنويا نحو ألفي شخص، بينما يتجاوز عدد المتوفين من التدخين السلبي سنويا خمسة آلاف شخص، وأصدرت السعودية مؤخرا تعليمات للحد من استخدام التبغ في المملكة حيث رفعت الجمارك عليه بنسبة 100 بالمئة ومنعت التدخين في الوزارات والأماكن المغلقة والإدارات الحكومية والمطارات للحد من هذه الظاهرة السيئة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

كما كشف تقرير أعدته الجمعية الخيرية للتوعية بأضرار التدخين بمكة المكرمة (غرب) أن نسبة المدخنات في السعودية تجاوزت 7ر5% من جملة الإناث بالمملكة، ليصل عددهن قرابة مليون ومئة ألف مدخنة، الأمر الذي يجعل المملكة تحتل المرتبة الثانية خليجيا والخامسة عالميا من حيث عدد النساء المدخنات، وأوضح التقرير، الذي نشرته الصحف الإلكترونية، ان المملكة تحتل المركز 29 عالميا في أعداد المدخنين، وأكد التقرير، الذي وزعته الجمعية على زوار معرض التوعية بأضرار التدخين والمخدرات، المقام حالياً بثانوية الحسين بن علي بمكة المكرمة، أن عدد الوفيات سيصل إلى عشرة ملايين شخص سنوياً نتيجة التدخين في العالم في عام 2020 منها 70% في دول العالم الثالث، وتحديدا البلدان العربية والإسلامية، وأشار التقرير إلى أن أعلى نسبة من شريحة المدخنين في دول مجلس التعاون سجلها قطاع الأطباء والعاملين في القطاع الصحي وطلاب وطالبات كليات الطب بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 50%، بينما تصل نسبة الطبيبات الخليجيات المدخنات إلى حوالي 15% من إجمالي شريحة المدخنين، فيما جاءت شريحة المدخنين من طلاب المدارس الثانوية ما بين 15 إلى 27% من إجمالي شريحة المدخنين، وحذر التقرير من أن نسبة الوفاة الناتجة عن التدخين وتحديدا أمراض سرطان الرئة قد بلغت 30 ألف حالة وفاة، فيما بلغت النفقات العلاجية التي تصرفها دول مجلس التعاون على الأمراض الناتجة عن التدخين أكثر من 15% من ميزانياتها الصحية.

التدخين دواء ام داء؟

على صعيد اخر وفي عيادة خاصة في جاكرتا، تبعث مساعدة في الرعاية الصحية الدخان في فم امرأة تعاني من مرض شديد، ففي إندونيسيا إحدى آخر جنات مصنعي التبغ، يعالج مرضى السرطان أيضا بالسجائر، وهذه المريضة الغربية تعاني من النفاخ الرئوي بعدما استهلكت السجائر على مدى عقود من الزمن، وإلى جانب السرطان والتوحد، يعتبر هذا المرض الرئوي أحد الأمراض التي تدعي عيادة "غريا بالور" معالجته، وقد يحظر إنشاء عيادات مماثة في قارات عديدة، ولكن ليس في إندونيسيا أحد البلدان الناشئة التي تشكل ملاذا لكبار مصنعي التبغ في العالم الذين تتناقص أرباحهم في الغرب، وتحتل عيادات مماثلة ل"غريا بالور" مواقع مهمة ورائجة في البلاد بما أن عادة استهلاك التبغ تنتشر في البلاد لا سيما سجائر القرنفل أو سجائر "كريتيك"، بالإضافة إلى تشريعات خاصة ضعيفة ومليارات الدولارات التي تحصدها الحكومة جراء ذلك، وتؤكد الدكتورة غريتا زهار أن عيادتها عالجت منذ عشر سنوات 60 ألف مريض بواسطة دخان السجائر، اما الدكتورة زهار وحائزة على شهادة دكتوراه في كيمياء النانو من جامعة بادجادجاران في باندونغ غرب جاوة، فبالنسبة إليها يمكن معالجة أمراض كثيرة من بينها السرطان بالإضافة إلى محاربة عملية الشيخوخة، عبر التحكم بمستوى الزئبق في التبغ، وتشدد على أن "الزئبق هو علة جميع الأمراض، وسجائرنا التي نطلق عليها (السجائر الإلهية) تحتوي على مواد فاعلة تستخرج الزئبق من جسم" الإنسان. بحسب فرانس برس.

وعلى موقعها الإلكتروني، تشير إلى أنها ليست بحاجة إلى إخضاع أساليبها لاختبارات سريرية ولا إلى نشرها في المجلات المتخصصة، اضافة إلى ذلك هي لا تملك المال الكافي "لمواجهة علماء الطب الغربي"، والأندونيسيون شبابا كانوا أم مسنين يتفاعلون بحماسة مع الحملات الدعائية لمصنعي التبغ، وكأنهم يجهلون أن التبغ يولد إدمانا ويلحق الضرر بالصحة، وهم يدخنون في مراكز التجميل وفي قاعات الانتظار عند أطباء الأسنان، كما يعطي بعض الأهالي صغارهم سجائر حتى يبقوا هادئين، وتوزع السجائر مجانا للمراهقين عندما يشترون بطاقات لحفل موسيقي م، من جهة أخرى يندر تطبيق حظر التدخين في بعض الأمكنة، كما تنتشر إعلانات التبغ لتحتل المشهد كله على الطرقات كما على شاشات التلفزة، وتبلغ كلفة علبة السجائر دولارا واحدا، ويأتي التبغ ثانيا في سلم الإنفاق بعد المواد الغذائية، في العائلات الأكثر فقرا في هذا البلد الواقع جنوب شرق آسي، وبحسب منظمة الصحة العالمية، تضاعفت نسبة المدخنين في إندونيسيا ست مرات خلال السنوات الأربعين الماضية، ويقضي سنويا 400 ألف شخص نتيجة لأمراض مرتبطة بالتبغ، لكن إندونيسيا تبقى البلد الآسيوي الوحيد الذي لم يصدق على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ والتي انضمت إليها 172 جهة، الأمر الذي يجعلها إحدى الاتفاقيات التي حصدت أكبر نسبة مصادقات في تاريخ الأمم المتحدة.من ناحية أخرى، حصل أكبر مصنع إندونيسي للسجائر "سامبويرنا" على جائزة "فيليب موريس العالمية" الذهبية، وفي العام 2009، اشترت "بريتيش أميريكان توباكو" المصنع الرابع في البلاد "بينتويل" لقاء 494 مليون دولار، في كل عام تحصد الحكومة ضرائب بقيمة سبعة مليارات دولار من هذا القطاع الذي يوظف آلاف المستخدمين حول مدينة تيمانغونغ، وسط جاوة، وبالنسبة إلى مناهضي التبغ، فإن صناعيي هذا القطاع يلجأون في البلدان الناشئة إلى الحيل ذاتها التي كانت تستخدم في الغرب قبل عقود عدة، فيستهدف الرجال عبر جعل السيجارة رمزا للرجولة، في حين تستهدف النساء والأطفال من خلال تصوير السجائر على أنها مثيرة، حتى أن الأمر قد يصل إلى حد اعتبارها مفيدة للصحة، وفي العام 2009 لم يشر مشروع قانون تنظيم قطاع التبغ إلى الإدمان الذي يولده التدخين، لكن الحكومة أكدت حينها أن ذلك "سقط سهوا"، قبل أن يعدل القانون.

النساء المدخنات

بدورها شددت دراستان نشرتا مؤخراً ان النساء اللواتي انقطع عنهن الطمث وهن من المدخنات الحاليات او السابقات يزيد لديهن احتمال الاصابة بسرطان الثدي في حين ان الاشخاص الذين لا يمارسون نشاطا جسديا يزيد لديهم احتمال الاصابة بسرطان الامعاء، واظهرت دراسة نشرتها على موقعها الالكتروني مجلة "بريتيش مديكال جورنال" ان النساء اللواتي انقطع عنهن الطمث ويدخنن او كن يدخن وهن شابات، يزيد لديهن احتمال الاصابة بسرطان الثدي بنسبة 16 % مقارنة باللواتي لم يدخن بتات، والمخاطر تزداد ايضا لدى النساء اللواتي تعرضن بشكل كبير في مرحلة ما من حياتهن، لدخان الاخرين، وشملت الدراسة نحو 80 الف امرأة تراوح اعمارهن بين 50 و79 عاما تمت متابعتهن لفترة عشر سنوات، واظهرت دراسة اخرى تستند الى 20 عملا بحثيا ونشرت في "بريتيش جورنال اوف كانسر" ان الاشخاص النشطين جدا يتراجع لديهم بنسبة ثلاث مرات احتمال الاصابة باورام في الامعاء قد تسبب الاصابة بالسرطان، وشددت كاثلين ولين من كلية الطب في جامعة واشنطن في سانت لويس (ميسوري الولايات المتحدة) "نعرف منذ فترة طويلة ان اسلوب الحياة الذي يتضمن حركة كبيرة يمكنه حماية الفرد من الاصابة بسرطان الامعاء الا ان هذه الدراسة هي الاولى التي تظهر ان تراجعا في هذه الاورام المخاطية في الامعاء هي التفسير المرجح لذلك"، واوضحت المشرفة الرئيسية على الدراسة ان "النشاط الجسدي له الكثير من المنافع فهو يحفز نظام المناعة ويخفض الالتهابات المعوية ويساعد على خفض مستوى الانسولين وهي كلها عوامل تؤثر على احتمال الاصابة باورام مخاطية"، الا ان ذلك لا يعني الحاجة الى ممارسة الرياضة بشكل مكثف، فقد اعتبرت "كانسر ريسرتش يو كاي" المنظمة غير الحكومية ان نصف ساعة من النشاط الجسدي "المعتدل" يوميا والمحافظة على وزن معقول يحد من المخاطر. بحسب السي ان ان.

اضافة الى ذلك فأن العديد من الدراسات العلمية التي صدرت مؤخراً، وجهت تحذيراً مفاده أن تلك المخاطر ترتفع لدى مرضى السكري، أو المعرضين للإصابة به أكثر من غيرهم من المدخنين العاديين، وعادةً ما ينصح الأطباء مرضى السكري بضرورة الإقلاع عن التدخين، بعدما أثبتت الدراسات أن المدخنين من مرضى السكري، يكون لديهم مستويات أعلى من السكر في الدم، والتي يصعب معها السيطرة على المرض، مما يعرضهم لمخاطر كثيرة، منها الإصابة بفقدان البصر، أو تلف الأعصاب، أو الفشل الكلوي، أو المشاكل القلبية، وعرض الدكتور سايو-شون ليوي، أستاذ الكيمياء بجامعة ولاية كاليفورنيا للعلوم التطبيقية بالولايات المتحدة الأمريكية، دراسةً جديدة، استندت إلى نتائج عينات دم مدخنين من مرضى السكري، وجد فيها أن النيكوتين، إذا أضيف إلى دم الإنسان، يزيد من مستويات "الهيموغلوبين" بنسبة تصل إلى 34 في المائة، وقال ليوي، أثناء عرضه لنتائج دراسته، إنه كلما زادت نسبة الهيموغلوبين في الدم، ازدادت نسبة البروتينات المركبة الأخرى، التي تتراكم في أنسجة الجسم المختلفة، من أوعية العينين والقلب، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى انسداد في الدورة الدموية، ومضاعفات أخرى كثيرة، كما ذكر ليوي أن الدراسة خلصت أيضاً إلى أن المدخنين يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من غيرهم، المثير في هذه الدراسة أنها أشارت إلى أن المنتجات البديلة للسجائر، مثل ملصقات النيكوتين، والسجائر الإلكترونية، ليست خياراً آمناً لمرضى السكري، نظراً لأنها ترفع مستوى الهيموغلوبين في الدم، مثل السجائر تمام، وأكدت الدراسة أن الخيار الوحيد لتقليل فرص تطوير مرض السكري أو مضاعفاته، يتمثل في الإقلاع عن التدخين.

التدخين السلبي وموت الاجنة

الى ذلك قالت دراسة كندية إن النساء الحوامل اللاتي تعشن أو تعملن مع مدخنين قد تكون أكثر عرضة لانجاب أجنة ميتة أو اطفال أصغر حجما أو برأس اصغر، ويعتقد أن التدخين السلبي يعرض نحو واحد بالمئة من الناس للدخان الذي يستنشقه المدخنون وتضيف الدراسة دليلا على ان التدخين السلبي يمكن أن يضر حتى الاجنة في ارحام امهاتهم، وكتبت جوان كرين من ايسترن هيلث في سان جون بكندا في دورية أمراض النساء والتوليد "هذه المعلومات هامة للنساء واسرهن ومقدمي الرعاية الصحية"، واضافت "يحتوي الدخان الكثيف على العديد من المواد الكيميائية الضارة بتركيز أكبر من استنشاق دخان السجائر من خلال مرشح"، واشارت كرين وزملاؤها الى أن هذه المواد الكيميائية قد تضر الجنين بطرق مختلفة مثل تقييد تدفق الدم وربما الحاق الضرر بالمشيمة، وباستخدام قاعدة بيانات لنساء حوامل من اقليمي نيوفاوندلاند ولابرادور بكندا فحصت كرين وزملاؤها معدل الاجنة الميتة وكذلك نتائج المواليد الاخرى مثل محيط الرأس الذي يرتبط بالنمو الفكري للاطفال فيما بعد، ومن بين حوالي 12 الف امرأة على قاعدة البيانات قالت 11 بالمئة انهن تعرضن للتدخين السلبي، وبلغ معدل الاجنة الميتة (عندما يموت الجنين خلال الربع الثالث من فترة الحمل) 0.83 بالمئة في المدخنات سلبيا و0.37 بالمئة في غير المدخنات سلبي، ولا يثبت هذا أن التدخين نفسه هو السبب لكن عندما نظر الباحثون في عوامل الخطر الاخرى بما في ذلك السن وشرب المرأة للكحوليات او تعاطيها للمخدرات ظلت احتمالات تعرض المدخنات سلبيا لولادة أجنة ميتة ثلاثة امثال غير المدخنات، بعبارة أخرى اذا كان التدخين هو السبب سيموت طفل اضافي في رحم امه بين كل 117 امرأة تتعرض للتدخين السلبي، وقال هاميسو ساليهو الخبير في ولادة الاجنة الميتة بجامعة ساوث فلوريدا في تامبا "هذه نسبة هائلة"، واضاف "يمكننا الان ابلاغ المرضى أن التدخين السلبي يعني انهن قد يفقدن وليدهن"، وقال ساليهو الذي لم يشارك في الدراسة هيلث ان هذا الارتباط لم يكن راسخا حتى تأكد الان، وكشف الباحثون الكنديون ايضا أن الاطفال الذين يولدون لمدخنات سلبيا يقل وزنهم 54 جرما عن الاطفال الذين يولدون لامهات لا تدخن سلبيا. بحسب رويترز.

من جهتهم وجد الباحثون بجامعة نوتينجهام أن النساء الحوامل اللاتي يتعرضن للدخان في العمل أو المنزل يزيد لديهن احتمال أن يلدن جنينا ميتا بنسبة 23 بالمئة، واحتمال أن يلدن جنينا مشوها بنسبة 13 بالمئة، واستخدم الباحثون 19 دراسة سابقة أجريت في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وآسيا وأوروب، وركزت جميع هذه الدراسات على نساء غير مدخنات لكن كن مدخنات سلبيات لتواجدهن بالقرب من شريك حياة مدخن أو زميل عمل مدخن، وأشارت البيانات التي تم جمعها من الدراسات إلى أن التعرض لأكثر من عشر سجائر في اليوم كفيل بأن تزيد مخاطر الإصابة، ولم تخلص الدراسة الجديدة إلى أن احتمالات سقوط الحمل أو وفاة الطفل حديث الولادة لا تزيد مع التدخين السلبي، ولم تشر نتائج الدراسة إلى وجود رابط بين التدخين السلبي ونوع محدد من التشوهات الخلقية، وقال الباحثون إنهم ليسوا على دراية حتى الآن بالمرحلة التي يبدأ فيها تأثر الجنين بالتدخين السلبي، وتوصلت أبحاث سابقة إلى أن تدخين المرأة أثناء فترة الحمل يتسبب في مخاطر صحية خطيرة لأطفالهم الذين لم يولدوا بعد، ومن هذه المخاطر انخفاض وزن المولود والولادة السابقة لموعدها، فضلا عن احتمال الإصابة بتشوهات خلقية مثل الحلق المشقوق والتواء الأقدام ومشاكل في القلب، من جانبهم قال باحثون فنلنديون وكنديون إنهم يطورون دواء يبطئ التمثيل الغذائي للنيكوتين في الجسم ما قد يساعد المدخنين على الإقلاع عن هذه العادة المضرة بالصحة، وقال الباحث في جامعة "ايسترن فينلاند"، هونو رونيو، الذي يجري الدراسة مع زملاء له في كندا "إننا نعمل على تطوير عامل مثبط يدعى 'سي واي بي 2 ايه 6' في دواء هادف سيكون فعالاً فقط في أجزاء محددة من الجسم"، وأضاف أن لديهم صورة واضحة جدا عن بنية هذا المثبط، وسيتمكنون من استخدام طرق نموذجية عبر الكمبيوتر لتصميم الجزيئات التي ستلتصق بشكل خاص بالهدف من دون إحداث ضرر بأية وظائف للجسد، وقال إن العلماء اكتشفوا حتى الآن عدة جزيئات في طريقهم نحو تطوير الدواء لكن الأمر ما زال بحاجة لبعض الوقت والمال، وأشار إلى أن النيكوتين الموجود في السجائر يجري امتصاصه بسرعة عبر بطانة الفم والرئتين حيث تعبر بسرعة إلى الجسم والدماغ.

التدخين أوالسجن

فقد أعطى قاض أميركي حتى مهلة لسيدة بأن تتوقف عن التدخين وإلاّ أعادها إلى السجن لتمضي عقوبة بتهمة السرقة، وذكرت صحيفة "نيويورك بوست" الأميركية ان دايان ماكلاود والبالغة من العمر (48 عاماً) أطلق سراحها في يناير/كانون الثاني من قبل قاضي مقاطعة ناسو في نيويورك، فرانسيس ريكيغليانو بعد أن قال لها طبيبها ان ستعيش أقل من 6 أشهر إذا لم تزرع قلباً جديد، وجاء إطلاق سراحها في الشهر السابع من حكمها بالسجن لمدة 15 شهراً بتهمة السرقة، ولكن في الآونة الأخيرة أبلغ طبيبها القاضي ريكيغليانو بأن ماكلاود لا تزوره بشكل دوري وأنها لا تتناول أدويتها في الوقت المناسب ولا تجري الفحوصات اللازمة ورفضت وقف التدخين، وفي المحكمة اعترفت ماكلاود انها تدخّن 4 سجائر يومياً وهو ما دفع القاضي للطلب منها أن تتوقف وإلاّ أعادها إلى السجن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/آيار/2011 - 25/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م