التنين الصيني والسطوة الاقتصادية على العالم

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: من الحكم المشهورة جداً المثل القائل "ان طريق الالف ميل يبدأ بخطوة"، وقد خطت الصين هذه الخطوة على طريق النجاح والتطور حتى غدت ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية ومتفوقة بذلك على اليابان، وقد سارع اقتصاد الصين في نموه السنوي حتى قفز الى مستويات قياسية فاقت التوقعات في بلد تحكمة العقيدة الشيوعي في اخر اقوى معقل لها ومنذ تولى ماو تسي تونغ السلطة فيها عام 1949.

وبرغم ان الفكر والنظام الشيوعي في الصين كان اكثر انفتاحاً من الاتحاد السوفيتي الذي انهار بعد ان عاش في عزلة تامه عن الاخرين، حيث ادخلت الصين العديد من التعديلات في جوهر نظامها السياسي والاقتصادي من اجل الانفتاح الاقتصادي على بقية دول العالم، الا انها مازالت تعاني العديد من المشاكل التى قد تعصف بأستقرارها كدولة عصرية ومتطورة، فالصين لها وجه اخر، تبرز بعض ملامحه في سجلها سيء الصيت في مجال حقوق الانسان ومحاربة الحريات العامة والاقليات واحتكار السلطة من قبل نظام وفكر واحد وعدم السماح للأخرين بممارسة السياسة او تبادل الافكار المناهضة للشيوعية والتضييق على الصحافة والناشطين في مختلف المجالات وسيطرة الحكومة على قنوات الاعلام والانترنت والاتصالات وغيرها من الامور التي قد تؤدي الى احداث تغيرات شبيهة بالاحداث العربية.

سطوة الصين الاقتصادية

في سياق متصل كشف استطلاع عالمي للرأي اجرته مؤسسة متخصصة ان القلق من تنامي قوة الصين الاقتصادية في تصاعد، واجرت الاستطلاع مؤسسة GlobeScan/PIPA الدولية، وشمل 28 الف مشارك في 27 دولة، وكشفت نتائج الاستطلاع ان نسبة المشاركين الذين يعتقدون ان تنامي القوة الاقتصادية الصيني هو شيء سيء قد ارتفعت بشكل ملحوظ في عدد من الدول التي تعتبر من شركاء الصين التجاريين الرئيسيين، وعلى وجه الخصوص في الدول الغربية الغنية، فقد اصبح الانطباع السلبي عن الصين هو الغالب في الولايات المتحدة وفرنسا وكندا والمانيا وايطالي، كما ارتفع الانطباع السلبي عن الصين في دول اخرى كبريطانيا والمكسيك مقارنة باستطلاع مماثل اجري عام 2005، الا انه ما زال يمثل اقلية في هذه الدول، ولكن الاستطلاع كشف ايضا ان النظرة الى الصين بشكل عام ما زالت ايجابية، حيث عبر 50 في المئة من مجموع عدد المشاركين عن وجهات نظر ايجابية، بينما لم ينظر سوى 33 في المئة الى الصين نظرة سلبية، وكانت الدولتان اللتان عبر المشاركون فيهما عن افضل الانطباعات عن الصين هما نيجيريا (82 في المئة) وكينيا (77 في المئة)، وحظيت الصين بانطباعات ايجابية في كل الدول الافريقية الخمس التي شملها الاستطلاع، وكذا كان الامر في الدول النامية عدا المكسيك، وفي مجال متصل يثير السؤال حول ما الذي يقف خلف هذه المشاعر ازاء نمو الصين الاقتصادي المتصاعد؟ لا تعطينا نتائج الاستطلاع جوابا شافيا، ولكن هناك مجال للتكهن. بحسب البي بي سي.

ففي الفترة الفاصلة بين الاستطلاعين اللذين اجريا في عامي 2005 و2011، مر العالم في فترة ركود اقتصادي كبير تسببت فيها الازمة المالية التي ضربت البنوك الغربية، وقد اثر الركود تأثيرا كبيرا على العالم المتقدم، اما عملية التعافي الجارية حاليا، فتقودها دول نامية على رأسها الصين، بينما كانت وتيرة التعافي في الدول الغنية متعثرة، ولن تتمكن هذه الدول من معالجة آفة البطالة التي تسبب فيها الركود الا بعد مرور سنوات عديدة، وقال توم فريدمان، الكاتب البارز في صحيفة نيويورك تايمز، ما من شك في ان صعود الصين في وقت تشعر فيه العديد من الديمقراطيات الغربية الكبرى بالشلل والجمود ولد شعورا بالقلق النفسي لدى شعوب هذه الديمقراطيات، وهناك موضوع اقتصادي محدد اثر على نتائج الاستطلاع، وهو موضوع التجارة، فقد سئل المشاركين حول ما اذا كانوا يعتقدون ان الصين تتوخى العدالة في تعاملاتها التجارية مع الدول الاخرى، فاكثر من 50 في المئة من المشاركين اليابانيين والالمان والايطاليين والكوريين الجنوبيين قالوا إن الصين غير منصفة في تعاملاتها التجارية، بينما عبر 45 في المئة من المشاركين الامريكيين عن هذا الرأي مقابل 24 في المئة قالوا العكس، واكثر ما اثار اهتمام وغضب الاوساط الاعلامية ومجتمع المال والاعمال في الغرب كان الموقف الذي تتخذه الصين ازاء عملتها اليوان، فالغربيون يتهمون الصين بتعمد خفض قيمة اليوان بالتدخل في اسواق التحويل الخارجي من اجل ضمان تفوق تنافسية المنتجات الصينية على منتجات الدول الاخرى في الاسواق العالمية، ولكن لماذا ينظر العالم النامي بايجابية الى الصين؟، فقد يكون السبب الاستثمار الصيني الكبير في دول معينة وفي الدول الافريقية على وجه الخصوص، فهذه الاستثمارات تخلق فرص عمل جديدة وتبني البنى التحتية (ولو ان بعض المنتقدين (في الغرب غالبا) يعيبون على الصين ذلك قائلين إن الاستثمارات الصينية تحرم الافارقة من مواردهم الطبيعية وعلى وجه التحديد موارد الطاقة والمعادن، كما يرحب الكثيرون في العالم النامي بصعود الصين باعتبارها بلدا ناميا تمكن من منافسة العالم الغني والتفوق عليه، من ناحية اخرى، ينظر كثيرون، حتى في الاوساط المنتقدة للصين، الى البلاد بوصفها فرصة هائلة للاسترباح، ففي الصين اكثر من مليار مستهلك سيحتاجون الى المزيد من السلع والخدمات مع ارتفاع مستويات معيشتهم) ولن تتمكن الشركات الصينية لوحدها اشباع هذه السوق الاستهلاكية الهائلة.

الافارقة يرحبون

الى ذلك اظهر استطلاع للرأي ان احتمالات تنامي النفوذ الاقتصادي الصيني تلقى ترحيبا في كافة الدول الافريقية وذلك على عكس اجزاء أخرى من العالم حيث تتراوح الاتجاهات بين سلبية او منقسمة، ولدى سؤالهم كيف يروا امكانية تزايد القوة الاقتصادية للصين قال نحو اربعة من بين كل خمسة نيجيريين وكينيين انهم يتطلعون الى مثل هذه النتيجة وذلك بحسب الاستطلاع الذي اجرته الخدمة العالمية بهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) وشمل أكثر 28 الف شخص في 27 دولة، وجاء في تقرير الاستطلاع "كافة الدول الافريفية ترى تزايد القوة الاقتصادية للصين بشكل ايجابي"، وكانت ايضا الدول الواقعة جنوب الصحراء بافريقيا من بين الدول القليلة جدا في العالم التي ابدى فيها معظم الناس سعادتهم بتعزيز الصين قوتها العسكرية، وتستثمر الصين اموالا كثيرة وخبرة تكنولوجية في الدول الافريقية سعيا لمصدر يعتمد عليه للمواد الخام لدعم نموها الاقتصادي، وعالميا أيد نصف الذين شاركوا في الاستطلاع توقع ان تكون الصين اكثر ثراء واعرب الثلث فقط عن اعتقاده ان هذا سيكون غير مرحب به، والفارق بين الاراء يختلف قليلا عن الاستطلاع السابق الذي اجري في 2005، وعلى الجانب الاخر تنظر الاغلبية في أمريكا الشمالية الى مثل هذا التطور بحذر وهو اكثر مما كان عليه الوضع قبل ست سنوات، وتزايدت وجهات النظر التي لا تفضل تنامي النفوذ الاقتصادي للصين في دول اليابان وكوريا الجنوبية وروسيا المجاورة له، وبشكل عام توقع المشاركون في الاستطلاع ان الصين ستكون شريكا اقتصاديا أكثر اهمية لدولهم بالمقارنة مع الولايات المتحدة أو الاتحاد الاوروبي في خلال عشر سنوات. بحسب رويترز.

يذكر انه وفي ظل الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده الصين فقد أظهر تقرير صيني سنوي ان عدد أصحاب الملايين في الصين يقارب المليون، وذكرت صحيفة "تشينا دايلي" ان التقرير السنوي للثروة الذي تصدره مجموعة "أم نولدج هورون" للعام 2011 أظهر ان عدد الصينيين الذين تبلغ ثروتهم 1.5 مليون دولار أو أكثر بلغ 960 ألف شخص نظراً للنمو الاقتصادي المتنامي، وارتفعت نسبة أصحاب الملايين في الصين عام 2011 بنسبة 9.7% على أساس سنوي، إذ بلغ عددهم عام 2010 ، 875 ألف مليونير و825 ألف عام 2009، ومن بين الـ960 ألف مليونير صيني، صنّف 60 ألفا بأنهم أثرياء جداً بثروة شخصية تبلغ 15 مليون دولار أو أكثر، وأعاد التقرير ارتفاع الثروات الشخصية للصينيين إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي، وأوضح ان 55% من اصحاب الملايين في الصين اكتسبوا ثرواتهم من مشاريع خاصة و20% من مشاريع عقارية و15% من استثمارات في الأسهم و10% بسبب وظائفهم كمدراء تنفيذيين في شركات كبيرة.

الصين وحقوق الإنسان

من جهة اخرى دافعت الصين عن سجلها في مجال حقوق الانسان في ردها على الانتقادات الامريكية في أعقاب محادثات ثنائية في هذا الصدد مؤكدة على ان الشعب الصيني مؤهل للحديث عن هذه القضية كما دافعت عن احتجازها لفنان صيني، وكان المسؤول الامريكي الذي قاد المحادثات الثنائية قد عبر مؤخراً عن "قلقه العميق" بشأن حملة الصين على المعارضين وعلى المحامين المدافعين عن حقوق الانسان وقال ان التوترات يمكن ان تعوق العلاقات بين البلدين.لكن الصين والولايات المتحدة لديهما الكثير من المصالح المشتركة من التعامل مع الطموحات النووية لكوريا الشمالية لانعاش الاقتصاد العالمي ومن غير المرجح ان يخرج الخلاف على قضية حقوق الانسان عن نطاق السيطرة، وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان مقتضب نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) ان الجانبين اتفقا على ان "المحادثات كانت صريحة ومنفتحة وبناءة"، وأضافت "الجانب الصيني والشعب الصيني مؤهلان بدرجة عالية للتحدث عن الموقف المتعلق بحقوق الانسان في الصين وان السلطة القضائية الصينية ستواصل النظر في القضايا بما يتفق مع القانون"، وقال الجانب الصيني انه فقط بالالتزام بروح المساواة والاحترام المتبادل يمكن ان يحقق الحوار بشأن حقوق الانسان تقدما ايجابيا"، ولم يشر تقرير الوكالة الى قضايا بعينها قالت الولايات المتحدة انها أثارتها في المحادثات من بينها احتجاز الفنان اي ويوي ومحامو حقوق الانسان المفقودون مثل تينغ بياو، واحتجز اي في مطار بكين في الثالث من ابريل نيسان الماضي وتحقق معه السلطات للاشتباه في ارتكابه جرائم اقتصادية، ونشرت صحيفة تشاينا ديلي رسالة من السفارة الصينية في العاصمة البريطانية لندن جاء فيها ان قضية اي لا صلة لها بحرية التعبير، وفي وقت سابق من الشهر قالت صحيفة في هونج كونج ان الشرطة الصينية لديها أدلة على تهربه من الضرائب.

معلقو الانترنت والعقيدة الشيوعية

من جهتها فأن بكين التي تستعين بجيش من "شرطيي الانترنت" لفرض الرقابة على الشبكة العنكوبتية تستخدم ايضا افواجا من "المعلقين" للترويج لدعايتها ولتمرير مبادئ الحزب الشيوعي بكثير من المهارة، مع نصف مليار مستخدم للانترنت قريبا بينهم اكثر من 300 مليون مدون تشكل الشبكة العنكبوتية منتدى رائعا لتمرير الرسائل، هذا الامر استرعى انتباه الحزب الشيوعي الذي يهتم كثيرا للنقاشات التي تقوم على الشبكة رغم الرقابة الصارمة، بطريقة مغفلة او من خلال استخدام اسماء مستعارة ينشر المتناوبون على الدعاية الرسمية عبر الانترنت افكار نظام الحزب الواحد، ويتم ذلك في غالبية الاحيان في مقابل اجر مادي، لكن من هم هؤلاء الذين يعملون في الكواليس وكم منهم يتسلل الى المدونات والمنتديات والمدونات الصغيرة عبر بوابات سينا وسوهو وتنسنت ونيتياز او على مواقع الصحف؟ ويقول جيريمي غولدكورن مؤسس موقع على وسائل الاعلام، "اللغز كبير! وهولاء الاشخاص لا يقومون باي تصريح الى الصحافة ولا يمكن القيام باحصائهم"، ويعتبر لي مينغ المدون المستقل "يمكن تقدير عددهم بما لا يقل عن عشرات الالاف"، هم خصوصا من الطلاب الذين غالبا ما يكونون من الطامحين الى الانضمام الى الحزب "الذين يقومون بعمل بدائي يشبه النسخ كما يحصل مثلا على صعيد التسويق عبر الهاتف في الغرب" على ما يوضح رونو دو سبينز خبير الانترنت في الصين، وثمة موظفون رسميون صغار وعاملون في شركات عامة ومتقاعدون وحتى ربات منازل، ولا يتم العمل بشكل مركزي على ما يضيف الخبير موضحا ان "المقاطعات والمدن والاقاليم او حتى وحدات العمل هي التي تشكل جيشها الصغير" على الانترنت. بحسب فرانس برس.

وفي العام 2010، وحدها مقاطعة غانسو حاولت استخدام 650 "معلقا عبر الانترنت" بدوام كامل، قبل فترة قصيرة اعرب سليل شطي الامين العام لمنظة العفو الدولية عن قلقه من رؤية دول مثل الصين "تستثمر موارد كبيرة لاقامة شبكات مدونيين مؤيدين للحكومة"، في منتصف العقد الاول من الالفية عندما بدأت المدونات تنتشر في الصين كان هناك الشخص الذي كان تقاضى خمسة سنتات في مقابل نشر الخطاب الرسمي للدولة فلقب هؤلاء بـ"وو ماو" اي (خمسة سنتات)، وبرز من بعدها "معلقو الانترنت" وهم يعرفون ب "جنود الانترنت" الذي كانوا اكثر براعة في تمرير الرسالة، فبدلا من ارسال تعليقات من نوع "فليحيا قادتنا" و"فليحيا الحزب" كانوا يعتمدون موضوعا ما ويطورون حججا عقلانية حوله، راهنا وبشأن الضربات على ليبيا التي تعارضها بكين يتحدثون عن رياء الغرب الذي لا يهاجم هذا البلد الا للسيطرة على نفطه، ويقول دو سبينز "هناك نوع من تأثير لا ادراكي يدخل الاذهان حتى اذهان المنشقين، خصوصا الامر الذي له معنى منطقي"، وينشط المعلقون في هذه الايام على قضية مقتل بن دلان وعلى حاملة الطائرات الصينية المقبلة والمساواة في الفرص في المدرسة والفضائح الاغذية وسعر الخضار، وعلى خدمة ويبو اي مرادف تويتر في الصين يشوهون سمعة ايي ويوي الفنان المعارض المسجون في مكان سري من دون اي اتصال بالعالم الخارجي، وينقسم الخبراء حول فاعلية هذه الطريقة، ويقول رونو دو سبينز "حول المواضيع الرئيسية بعد ثلاثة ايام على المعركة لا يبقى عمليا الا الدعاية" مما يعطي "رأيا عاما غير صحيح"، الا ان جيريمي غولدكورن يعتبر ان رواد الانترنت الصينيين "يعرفون كيف يحكمون على الامور، ولا يصدقون الجميع"، لكن "عندما تكثر التعليقات التي تندرج في اطار النهج الرسمي من الواضح ان الذين لديهم موقف مختلف سيواجهون صعوبات اكبر في اسماع صوتهم"، والعملية هذه قد تكون سيفا ذا حدين فمستخدم الانترنت المؤيد للحكومة الصادق يمكن ان يتهم بانه "وو ماو" وهي شتيمة كبيرة تعني انه "خائن ومرتش".

ايقاف مسلسلات الجاسوسية

حيث طلبت السلطات الصينية من جميع محطات التلفزيون في البلاد وقف عرض مسلسلات الجاسوسية والجريمة بصورة فورية لمدة ثلاثة أشهر ولحين إشعار آخر، وأكد مسؤول في التلفزيون الحكومي الصين أن تعليمات شفهية بهذا الصدد قد صدرت وبدأ تنفيذها بالفعل، وتزامن القرار مع استعدادات الحزب الشيوعي الصيني للاحتفال بمرور 90 عاما على إنشائه ، وترغب الحكومة الصينية في تكريس التلفزيون الحكومي لبث مواد دعائية لصالح الحزب، وتبدو السلطات حريصة على أن تكون المادة الإعلامية المقدمة لنحو مليار مشاهد للتلفزيون الصيني هي وجبة دسمة من الدعاية الوطنية التي تمجد الحزب وتشيد بإنجازاته قبل الاحتفالات الرسمية في الأول من يوليو/تموز القادم، وصرح وانج ويبنج نائب رئيس قطاع الدراما في التلفزيون الصيني بأن القرار يتناسب مع فترة من الدعاية، وهناك عشرات من الأعمال الدرامية الجيدة التي تتناول تأسيس الحزب وتاريخه، وصرح مسؤول في محطة أورينتال تي في التي تبث من شنغهاي أن المحطة قررت تأجيل عرض مسلسل جاسوسية يحمل اسم كنيج مانج كان مقررا عرضه بعد عشرة أيام، وستعرض بدلا منه مسلسلا كوميديا عن الحماة وزوجة الإبن، وأوضح المسؤول أن من المعتاد أن تصدر الحكومة أوامر لمحطات التلفزيون فيما يتعلق بما يذاع أو لا يذاع، ولا يمكن للمحطات أن تسأل عن السبب، بل يجب أن تكون مستعدة لتنفيذ الأوامر في غضون وقت قصير، وأهم ما سيعرض على التلفزيون الصيني خلال الفترة القادمة هو المسلسل التاريخي دونج فانج، الذي يرصد لفترة من حياة زعيم الحزب الشيوعي الصيني ماتسي تونج تمتد بين تأسيسه للحزب وزيارته الثانية للاتحاد السوفيتي السابق بعد اثنتي عشرة سنة من قيام دولة الصين، ويتناول المسلسل خلال تلك الفترة تطور الماركسية اللينينية في الصين على المستوى الفكري، وأيضا انجازات الحزب الشيوعي الصيني في الاقتصاد والسياسة والعسكرية والدبلوماسية الإقليمية والدولية. بحسي البي بي سي.

اعلانات المنتجات الفاخرة

بدورها منعت بكين اللوحات الاعلانية التي تتناول نمط حياة مترفا وحظرت استخدام كلمات مثل "ملكي" او "فاخر" في الدعايات في وقت تعرب فيه الحكومة عن قلقها من اتساع الهوة بين الاغنياء والفقراء على ما ذكرت صحيفة "تشاينا ديلي" مؤخر، واعطت ادارة بكين للصناعة والتجارة مهلة للمعلنين لتصحيح اعلاناتهم والتوقف عن "الترويج لمذهب المتعة" و"الافتتان بالمنتجات الاجنبية" في العاصمة انتهت بنهاية 15 نيسان/ابريل الماضي على ما ذكرت الصحيفة من دون الدخول في التفاصيل، واعتبرت الادارة ان هذه الاعلانات تبث اجواء "غير سليمة" مهددة المخالفين بغرامة قد تصل الى 30 الف يوان (3400 يورو)، ومن الكلمات التي باتت محظورة "ملكي" و"ممتاز" "فخامة" التي غالبا ما تستخدم في الترويج للسيارات والمنازل والنبيذ، وكانت مدينة شونغكينغ (جنوب غرب) منعت ايضاً استخدام كلمات مثل "الافضل" و"الفريد من نوعه" و"لا مثيل له" من الاعلانات لعقارية، وكان وسطاء في شركة "ال اس ايه-ايجا -باسيفيك ماركتس" اعتبروا في كانون الثاني/يناير ان الصين ستصبح اكبر سوق للمنتجات الفاخرة بحلول العام 2020 مع 44 % من المبيعات العالمية، الا ان الحكومة الصينية تقلق اكثر فاكثر من اتساع الهوة بين الاغنياء والفقراء في وقت يقضم التضخم من الاجور المتدنية، واوضح رئيس الوزراء وين جيباو ان الهدف الاساسي للخطة الخمسية 2011-2015 التي اقرت للتو هو "حل مشكلة التباين في العائدات". بحسب فرانس برس.

المفرزة النسائية الحمراء

على صعيد اخر تجلس بان شيانينغ بجسمها النحيل بين اثنين من ابنائها وقد غزت التجاعيد وجهها ولا يبدو للوهلة الاولى ان هذه السيدة المسنة قد تجذب السياح، الا ان هذه السيدة التي يشارف عمرها على المئة وهي ام لسبعة ابناء واحدة من ثلاثة عناصر لا يزلن على قيد الحياة من المفرزة النسائية الحمراء، وضمت هذه المفرزة مجموعة من النساء من جزيرة هاينان (جنوب) شاركن في الصين في ثلاثينات القرن الماضي في الكفاح المسلح ضد الحزب القومي الحاكم (غوميندانغ)، هذه الملحمة النسائية الكبيرة تستخدم الان لجذب السياح في رحلة تمزج بين التاريخ والدعاية الثورية على هذه الجزيرة الاستوائية المعروفة اكثر بشواطئها وفنادقها الفخمة، وتقيم السيدة بان في منزلها البسيط جدا وسط حقل من اشجار النخيل في هاينان، وفي غياب اي سجلات يمكن الوثوق بها تقدر عائلتها عمرها بحوالى 95 عام، وكانت في سن الخامسة عشرة عندما انخرطت في صفوف المفرزة الحمراء التي ضمت 140 مقاتلة في اوجه، تتحدث الجندية السابقة بلغة محلية مع ارتفاع مفاجئ في الصوت احيانا مما يشير الى بعض الارتباك، ويقول نجلها "ليست في حالة جيدة اليوم"، ويروي ابناؤها للزوار كيف ان بان التي كانت الاصغر في المفرزة قاتلت بشكل متواصل طوال النهار والليل في احدى المرات فيما كانت زميلاتها يسقطن من حوله، ويتم التشديد على روح التضحية والزمالة فضلا عن الشعور بالمساواة الذي كان يطغى في المفرزة، وقد اضطرت المفرزة النسائية مئة في المئة الى حل صفوفها مع تقدم القوميين ما ارغم الشيوعييين الى العيش متخفين، الا ان اعضاء هذه المفرزة اعتبرن بطلات لاحقا بعدما تولى ماو تسي تونغ السلطة العام 1949، وكانت المفرزة لاحقا مصدر الهام لعرض باليه شهير تحول الى "احد العروض الثمانية النموذجية" اي المسرحيات او عروض الاوبرا او الباليه الوحيدة التي يسمح بها النظام الشيوعي. بحسب فرانس برس.

والباليه هذا كان من اشهر هذه العروض وقد قدم خصوصا امام الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون خلال زيارته التاريخية للصين العام 1972، وقررت السلطات المحلية في كيونغاي الاستفادة من شهرة المفرزة النسائية الحمراء من خلال تنظيم مسار سياحي جذب 360 شخص، وتمر "الرحلة" في مواقع "ثورية" مر بها الجيش الاحمر الناشئ، ويوضح زاو كيكسين الطالب الجامعي البالغ 20 عاما الذي دفع 138 يوان (14 يورو) للقيام بالرحلة على خطى المفرزة الحمراء "عندما تروى الاحداث في الكتب لا يمكننا ان نشعر فعلا بها"، المرشدون السياحيون الذين يحيطون بالزوار يعتمرون قبعة خضراء تحمل نجمة حمراء يمكن شراؤها بعشرة يوان    (1،1 يورو)، ويمكن للشغوفين ايضا الاستثمار في بزة ثورية كاملة كلفتها مئة يوان (11 يورو)، السياحة الثورية ليست جديدة في الصين فمدينة شاوشان مسقط رأس ماو في مقاطعة هونان او قاعدة ينان الشيوعية في مقاطعة شانشي تجذبان السياح كثير، وفي الاول من تموز/يوليو المقبل تحتفل الصين بمرور 90 عاما على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني مما يزيد من ظاهرة "التجدد" الثوري هذه، فقد امرت بلدية شونكغينغ في وسط الصين الغربي مثلا التلزيون والاذاعة العامين بالترويج لتعلم "الاغاني الحمراء" التي تتغنى بالحزب الشيوعي، نشت دوشو صاحب وكالة السفر التي تنظم الزيارات على جزيرة هاينان يؤكد انه يلبي طلب الجمهور، ويوضح قائلاً "الصينيون لا يريدون نسيان تاريخهم والطريقة الفضلى لذلك هي القيام بزيارات ودراسة هذا التاريخ، هذه هي جذور السياحة الحمراء".

انفجارات للبطيخ في الصين

الى ذلك شهدت الصين موجة غريبة من انفجارات ثمار البطيخ، قد يكون سببها استخدام مادة كيميائية، ما يهدد بتعزيز مخاوف الصينيين المتنامية حيال اغذيتهم، وسجلت خسارة 50 هكتارا من زراعة البطيخ، في مدينة دانيانغ الواقعة في اقليم جيانغسو الشرقي، جراء هذه الظاهرة، التي قد يعود سببها الى الاستخدام المفرط لمادة "فوركلورفينورون" المسرعة للنمو، وقال مزارع يدعى ليو مينغسو في تحقيق عرضته محطة "سي سي تي في"، أنه "في 7 أيار/مايو، سجلت انفجار 80 ثمرة بطيخ، وحتى حلول بعد الظهر كان العدد قد بلغ المئة"، واوضح ليو انه رش ثمرات البطيخ خاصته في الليلة السابقة بهذه المادة الكيميائية المسموح بيعها، والتي تعزز انقسام الخلايا وتساعد على زيادة حجم الثمار وتحسين الوانها وانتاجيته، لكن المحطة التلفزيونية وغيرها من وسائل الاعلام تحدثت عن هطوال غزيرة قد تكون السبب وراء انفجار البطيخ، الذي اشتكى منه أيضا مزارعون لم يستخدموا المادة الكيميائية، ومهما كان السبب، فإن موجة انفجار البطيخ هذه قد تعزز الشكوك التي يعرب عنها الصينيون حيال منتجاتهم الزراعية حيث هناك استخدام مفرط للأسمدة الكيميائية، وحيال نظامهم الغذائي برمته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/آيار/2011 - 25/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م