شبكة النبأ: ما ان تنفس الشعب المصري
عبق الحرية الذي اطاح بالنظام الديكتاتوري المخلوع حتى اجهضت قوى
الظلام التكفيرية والجماعات المتشددة افراح أبنائه التي انتظروها بفارغ
الصبر، حيث باتت هواجس القلق تهيمن على المشهد السياسي والاجتماعي في
تلك الدولة، بعد ان جهدت الحركات السلفية في اثارة الفتن الطائفية وزرع
الشقاق بين المجتمع الواحد، في سعيها الدءوب للإفساد والتخريب الذي
تتصف به، كسيناريو مشابه لما حل بالعراق من اقتتال أهلي تزامن مرحلة
التأسيس للنظام الديمقراطي الذي أعقب الإطاحة بالديكتاتور السابق صدام.
فقوى الجهل التي انطلقت من جحورها اصبحت مصدر تهديد فعلي للسلم
الاهلي في مصر، بعد ان نجحت في اثارة القلاقل في بعض المدن، فيما كان
لتحريضها الطائفي أوكله في احداث صراعات طائفية واشتباكات مسلحة بين
المواطنين، ويتهم اغلب المتابعين لشؤون الجماعات التكفيرية الحركة
الوهابية ومن خلفها المخابرات السعودية في دعم وتوجيه الحراك السلفي
الموبوء لخلق الفتنة في تلك البلاد التي طالما اتسمت بالتسامح بين
افراد مجتمعاتها.
قتل الحلم
فبعد ثورة مثالية وصفها العالم بيضاء ورأى البعض ضرورة تدريسها ضمن
مناهج التاريخ، تشهد مصر بعد ثورة 25 يناير التى أسفرت عن الإطاحة
بنظام دام 30 عاما، حالة من التوترات والصراعات الطائفية التى يقودها
التيارات المتطرفة فى البلاد لتهدد سبل خلق مجتمع مدنى ديمقراطى متقدم.
وتحت عنوان "قوى الظلام تخرج لقتل الحلم المصرى"، تابعت صحيفة
الصنداى تليجراف إستمرار الصراعات الطائفية الناشبة فى مصر التى تهدد
بتدمير آمال المصريين فى بناء وطن أفضل.
ويصف ريتشارد سبنسر مراسل الصحيفة مظاهر الحزن التى إكتست منطقة
إمبابة بعد مقتل العديد من أبناءها فى ذلك الهجوم الذى شنته الجماعات
السلفية المتطرفة على كنيستى مارمينا والعذراء بزعم إحتجاز سيدة قبطية
تحولت إلى الإسلام.
وينقل عن مالك راضيان الذى فقد أخيه رامى أثناء إطلاق مجموعة من
الغوغاء النار على الأقباط الذين إصطفوا للدفاع عن كنيسة مارمينا، قوله:
"هؤلاء الذين هاجموا الكنيسة خضعوا لعملية غسيل دماغ. وأعتقد أنه تم
إغراؤهم بالمال لإحداث الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين".
وأضاف أسامة رمضان، الذى قتل ابنه محمد فى الحادث: "إنها حرب أهلية
أشعلها الجهلة. لكن هؤلاء الذين هاجموا الكنيسة غرباء". وتصر العائلتان
على أن أبناءهم أبرياء وضحايا القتال الذى شنه مجموعة من الغوغاء.
وتشير الصنداى تليجراف أنه منذ الإطاحة بمبارك، تم إطلاق العنان
لقوى الظلام، ولكن ضحاياهم غالبا هم العائلات البسيطة والطبقة العاملة
مثل أسرة مالك ورمضان. فلقد جاء رحيل النظام القديم لتنشط الأصولية
والجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين والجماعات الأشد تطرفا
كالسلفيين، الذين يستوحون أيديولوجيتهم من السعودية.
وتؤكد الصحيفة البريطانية أن السلفيين لعبوا الدور الرئيسى ليطلقوا
شرارة الصراع فى أحداث إمبابة، وتنقل عن شهود عيان أن السلفيين طلبوا
تعزيزات من آخرين بالتليفون. ذلك على الرغم من نفى قادة السلفية
مسئوليتهم عن الحادث.
وهناك اتهامات مشتركة ضد مبارك بإثارة هذه الصراعات، لكن تلفت
الصحيفة إلى أنه من الطبيعى شيوع نظريات المؤامرة كرد فعل طبيعى
لإنهيار الأمن منذ الثورة والذى اتخذ أشكالا عديدة.
وينتقد د. عماد جاد، رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام
للدراسات السياسية والإستراتيجية، تعامل القوات المسلحة مع السلفيين
والإخوان المسلمين. مشيرا إلى أن تراخيهم فى التعامل شجع السلفيين
والتيارات الإسلامية المتطرفة على تدمير القيم المصرية ليدفعوا
المصريين للندم على القيام بالثورة التى أطاحت بالفساد.
تدمير الثورة
من جهته عبر سعيد شعيب، مدير مركز صحفيون متحدون، عن غضبه من مسألة
الحديث عن حقوق الأقباط فقط، قائلا' لا يجب الخوف من السلفيين، ولابد
من الحديث عن جميع المصريين، فأين حقوق البهائيين واللادينيين،
والملحدين، فهؤلاء مصريون يجب أن يتمتعوا بكافة الحقوق بعيدا عن إرهاب
السلفيين فهذه دولة للجميع.
وقال إيهاب الخولى، عضو الهيئة العليا لحزب الغد، فى كلمته بمؤتمر
اتحاد المنظمات القبطية الأوروبية، إن السعودية هى من تمول السلفيين
والإخوان لتدمير إنجازات الثورة، لمنع قيام ثورة مشابهة على أرض
المملكة ونحن سوف نقف بالمرصاد لهذه التمويلات الوهابية ومن يتحدث عن
مرجعية دينية فهو مخطئ يجب أن نبنى دولة على مرجعية إنسانية ولابد
الخروج من هذا المؤتمر بتوصيات منها إصدار القانون الموحد لدور العبادة
وإصدار قانون لتجريم التمييز الدينى والمطالبة بتقديم شيوخ التطرف
للمحاكمة العاجلة.
وشنت الكاتبة فاطمة ناعوت، هجوما شديدا على الدولة وموقفها الذى
وصفته بالسلبى اتجاه ما يحدث من قبل التيارات الدينية المتشددة، التى
تبث سمومها وتدمر كيان الدولة، وتبنى أفكار خارجية وهابية.
وأشارت إلى أن المجتمع المصرى لا يقبل بالدولة الدينية، ومحاولات
التفرقة بين المصريين جريمة كبرى لأن الأقباط هم الأخ الأكبر، وبالبحث
عن أصلنا وأجدادنا سنجد أننا ذوو أصول الأقباط أو لعرب دخلوا مع عمرو
بن العاص، وأصبحوا مستوطنين مصريين أو أنهم أشهروا إسلامهم، مشيرة إلى
أنها لا تعلم أصل جدها أيا من الجانبين.
وأضافت أن حدس المواطن المصرى يميل لتركيبة الدولة المدنية بالفطرة
ويعشق الحياة، رغم أنه متدين بطبيعته، لكن لا يعرف ما يسمى بدعاوى
أصحاب الجلباب القصير السلفيين، وأن الدولة تتحمل المسئولية لظهور هذه
التيارات الوافدة والغريبة عن المصريين ومسئولة عن شعور الأقباط بكونهم
مواطنين درجة ثانية وإذا كان البعض يحمل القبطى المسئولية عن ذك فهذا
لكونه متسامحا لا يعرف العداء أو الكراهية.
وقالت ناعوت إن الدولة أخضعت الأقباط عندما سلمت لهم كنيسة صول
بأطفيح أفضل ما كانت عليه مقابل عدم المطالبة بالجناة وتساءلت متعجبة
إن بناء كنيسة صول لم يستغرق شهرا وتم بكل سهولة فلماذا يجد الأقباط
معاناة فى بناء كنائسهم التى تستغرق سنوات، مشيرة إلى كنيسة الرحاب
التى مازالت منذ سنوات لم تبن، وطالبت ناعوت بتسليم كنيسة العذراء
بإمبابة ومعها تسليم الجناة وأنه يجب إصدار القانون الموحد لدور
العبادة فى أقرب وقت والتصدى للدعوة السلفية التى أصابت المجتمع بحالة
عجز وأثارت الفتنة وإراقة الدماء.
الفتنة الطائفية
من جهتها عنونت صحيفة «الأهرام» الحكومية، «نيران التعصب الطائفي
تهدد مصر بمخاطر شديدة»، بينما كتبت جريدة «الأخبار» الحكومية في صدر
صفحتها الأولى «مصر في خطر».
أما صحيفة «الشروق» المستقلة، فجاء عنوانها «نار إمبابة تحرق قلب
مصر»، وعنونت «المصري اليوم» المستقلة «التطرف يحرق الثورة».
وكان 12 شخصا نصفهم من المسلمين والنصف الآخر من المسيحيين، قتلوا
في اشتباكات طائفية، استخدم فيها الرصاص الحي وزجاجات المولوتوف.
ووقعت المواجهات، التي أصيب خلالها كذلك أكثر من 200 شخص، في محيط
كنيسة مار مينا بحي إمبابة الشعبي، بعد ان حاول متظاهرون يرفعون شعارات
إسلامية اقتحام الكنيسة، إثر انتشار شائعة عن احتجاز مسيحية اعتنقت
الإسلام داخلها.
ووقعت صدامات طائفية عدة، منذ إطاحة الرئيس المصري السابق حسني
مبارك في 11 فبراير الماضي، خصوصا في قرية أطفيح بمحافظة الجيزة (جنوب
القاهرة)، ثم في حي الزبالين بمنطقة المقطم في العاصمة المصرية، وفي
أبوقرقاص بمحافظة المنيا بصعيد مصر، إلا أن اشتباكات إمبابة كانت
الأكثر دموية.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة «المصري اليوم»، قال مفتي مصر الشيخ علي
جمعة، إن «هناك أيادي خفية تسعى لنشر الفوضي». وحذر من «احتمال نشوب
حرب اهلية، بسبب محاولات الخارجين عن القانون التعدي على هيبة الدولة».
ودعا المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أحد
المرشحين لانتخابات الرئاسة محمد البرادعي، في تعليق كتبه على صفحته
على شبكة «تويتر»، إلى مواجهة «التطرف الديني وممارسات العصور الوسطى».
وطالب ائتلاف شباب الثورة، الذي يضم حركات شبابية كانت صاحبة الدعوة
الى التظاهرات التي بدأت في 25 يناير، وانتهت بعد 18 يوما بإسقاط نظام
مبارك، بـ«إعلاء قيم حرية العقيدة ودولة القانون». واعتبر ان ضحايا
مواجهات إمبابة «سقطوا بسبب التعصب والجهل والشائعات». واعتبر الائتلاف،
في بيان نشره على صفحته على شبكة «فيس بوك»، أن «هذه الأحداث المؤسفة»،
دليل على «الكارثة الأمنية»، التي تعانيها مصر. وانتقد «القيادة
التنفيذية والسياسية»، لأنها «لم تقف موقفا حازما» من قضية غياب الأمن».
وأكد البيان ان «الظرف الراهن» يدلل على صحة مطلب ائتلاف شباب الثورة «منذ
اللحظة الأولى لسقوط الرئيس السابق (...)، الذي مازلنا نراه الأنسب
لإدارة هذه الفترة الانتقالية الحرجة والصعبة، وهو تشكيل مجلس رئاسي
مدني ووضع دستور جديد للبلاد قبل الانتخابات البرلمانية، لأن الأخطار
التي تهدد هذه الفترة تحتاج إلى إدارة سياسية». وكان هذا المطلب الذي
تبناه كذلك محمد البرادعي، قوبل بالرفض من قبل المجلس الأعلى للقوات
المسلحة، الممسك حاليا بالسلطة.
وقد أصدر هذا المجلس إعلانا دستوريا مؤقتا، حتى تسليم السلطة
التشريعية إلى برلمان ينتخب في سبتمبر المقبل، والسلطة التنفيذية بعد
ذلك إلى رئيس يفترض ان ينتخب قبل نهاية العام الجاري، وانتقدت
صحيفة«الأهرام» بشدة غياب قوات الأمن.
وفي افتتاحية بعنوان «قبل أن يحترق الوطن»، كتب رئيس مجلس إدارتها
لبيب السباعي «أصبحنا اليوم امام لحظة حاسمة، تتطلب المصارحة بعد أن
استمر الانفلات الأمني متصاعدا ودافعا لتيارات تهدد بالفعل أمن الوطن».
وهو يشير بذلك خصوصا إلى التيار السلفي الذي نظم تظاهرات عدة، خلال
الأسابيع الأخيرة، للمطالبة بما سماه «إطلاق سراح» كاميليا شحاتة وهي
زوجة قس قبطي، يقول السلفيون إنها اعتنقت الإسلام قبل أن تتم إعادتها
إلى الكنيسة القبطية واحتجازها في دير وتنفي الكنيسة ذلك، وأضافت «الأهرام»،
أن «القوى المعادية للثورة، التي أصبحت مصالحها مهددة، تركز بشدة الآن
على كل ما يشعل الفتنة الطائفية، ويعرض الوطن للحريق وهو ما لم يعد
مقبولا معه أن ننتظر عودة الشرطة»، ودعت الصحيفة خصوصا إلى تفعيل قانون
«الدفاع الشرعي عن النفس بالنسبة لرجال الشرطة»، ويقول رجال الشرطة إن
غيابهم عن الشارع يعود إلى انهم لا يستطيعون الآن التدخل لبسط الأمن،
خوفا من التعرض لملاحقات قضائية في حالة استخدامهم السلاح للتصدي
للخارجين على القانون. وكانت قرارات رسمية صدرت اخيرا وضعت قيودا على
استخدام الشرطة للسلاح، بعد سقوط نظام مبارك والاتهامات الواسعة التي
وجهت إلى جهاز الأمن بالإفراط في استخدام القوة واللجوء إلى التعذيب
بشكل منهجي.
وأعلنت الحكومة المصرية أنها «ستضرب بيد من حديد»، من أجل بسط الأمن،
ومنع الاعتداءات على دور العبادة، ووأد أي فتنة طائفية.
توحيد قواعد بناء دور العبادة
في سياق متصل اعلنت الحكومة المصرية انها ستعد خلال ثلاثين يوما
مشروع قانون لتوحيد قواعد بناء دور العبادة، وهو ما يطالب به الاقباط
منذ عقود، كما ستعد مشروع قانون اخر يجرم "التحريض والتمييز الديني".
وتعهدت الحكومة المصرية في بيان اصدرته بعد الظهر ب"الوقوف بكل حزم ضد
التحريض على الكراهية والتمييز والطائفية" وباصدار "قانون موحد لدور
العبادة وقانون اخر ضد التمييز والتحريض الديني" مشيرة الى انها ستتصدى
"للقضايا التي اهملها النظام السابق". وكلفت الحكومة لجنة باعداد
مشروعي القانونين و"بانجازهما خلال ثلاثين يوما".
ويطالب الاقباط المصريون منذ عقود باصدار قانون يوحد معايير وشروط
بناء دور العبادة للمسلمين وغير المسلمين ليحل محل قانون "الخط
الهمايوني" الموروث من العهد العثماني والذي ينص على ضرورة الحصول على
موافقة مسبقة من رئيس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) لبناء كنيسة
جديدة او توسيع او ترميم اي كنيسة قائمة. بحسب فرانس برس.
وكان الرئيس السابق حسني مبارك الذي اطاحته انتفاضة شعبية في 11
شباط/فبراير الماضي فوض صلاحياته في اصدار تصريحات بناء او توسيع او
ترميم الكنائس الى المحافظين الذين كانوا بدورهم يعتمدون في قراراتهم
على تقارير جهاز امن الدولة السيء السمعة الذي تم حله في اذار/مارس
الماضي.
ويرى الاقباط ان القيود المفروضة على بناء الكنائس تشكل تمييزا ضدهم
خصوصا انه ليست هناك اية قيود على بناء المساجد.
وتسببت عمليات توسيع الكنائس او بناء كنائس جديدة في العديد من
المواجهات الطائفية خلال السنوات الاخيرة. واكد بيان الحكومة المصرية
انها قررت اعداد هذين القانونين على وجه السرعة "بعد الاحداث المؤسفة
التي شهدتها مصر خلال الايام الاخيرة.
كما قررت الحكومة المصرية، حسب البيان، "حظر التظاهر والتجمهر امام
دور العبادة وتفعيل القوانين التي تحظر استخدام الشعارات الدينية في
الدعاية الانتخابية والحزبية".
حملة ضد "الفئات الضالة"
من جانبه تعهد المجلس العسكري الحاكم في مصر يوم الجمعة باستخدام
كافة الامكانيات والقدرات لقمع "الفئات الضالة" التي تهدد امن واستقرار
البلاد. ويأتي هذا الاعلان في اعقاب شكاوى واسعة النطاق من بطء معالجة
المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى السلطة بعد ان اطاحت انتفاضة
شعبية بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط لانهيار امني تبث
خلاله فلول النظام القديم واسلاميون وبلطجية الخوف والصراع في مصر.
وقال البيان ان "ما تمر به البلاد الان من مشكلات في الامن
والاقتصاد وهما الركيزتان الرئيسيتان لتحقيق امال واحلام المصريين انما
هو ناتج عن الدور المشبوه لاعداء البلاد بالداخل والخارج والتي تعرضت
فيها مصر لمؤامرات مدروسة من الداخل والخارج." وخص البيان بالذكر
الهجمات على مراكز الشرطة ومن ينشرون الشائعات لاثارة صراع طائفي.
وقال المجلس انه "سيسخر كل امكانياته وقدراته ضد الفئات الضالة التي
تعرض امن المجتمع للخطر والقضاء نهائيا على هذه الظاهرة وفي اسرع وقت."
واضاف المجلس "انه تم توقيع اقصى العقوبات خلال الايام السابقة والتي
شهدت اول حكم بالاعدام والاشغال الشاقة المؤبدة." ولم يذكر البيان
تفصيلات بشأن ذلك. بحسب رويترز.
وكان المجلس قد قال في وقت سابق انه سيعيد النظر في الاجراءات
القانونية التي استخدمت في محاكمة نشطين شبان بعد الاطاحة بمبارك
وسيفرج عن بعضهم.
ويلبي هذا الاجراء بعض مطالب نشطاء مناهضين للفساد نظموا اعتصامات
في مارس اذار وابريل نيسان للضغط من اجل محاكمة مبارك ومسؤولين كبار
اخرين سابقين.
واتهم كثير من المتظاهرين الجيش باعتقال محتجين مناهضين للفساد في
مارس اذار وابريل نيسان حين تحدوا حظرا للتجول فرضه الجيش واعتصموا في
خيام بميدان التحرير بؤرة الاحتجاجات التي اطاحت بمبارك والمحور
المروري المهم في العاصمة التي تختنق بزحام السيارات.
وقال المجلس في بيان بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ان
رئيس المجلس أمر "باعادة الاجراءات القانونية الخاصة بمحاكمات جميع
شباب الثورة وخاصة المقبوض عليهم في أحداث شهري مارس وابريل". وجاء في
الرسالة أيضا أنه سيتم "الافراج فورا عن كافة الشرفاء من شباب هذه
الثورة."
وحظي الجيش بتأييد كبير منذ تولى السلطة في 11 فبراير شباط فور تنحي
مبارك لكن الشكاوى تزايدت من استمرار احتجاز بعض المحتجين في حين يتردد
المجلس في تقديم مبارك للمحاكمة.
وامر النائب العام المصري بحبس مبارك في ابريل نيسان لكن الرئيس
السابق ما يزال في مستشفى بمنتجع شرم الشيخ على البحر الاحمر والذي
انتقل اليه منذ تنحيه.
السلفيون ظهروا لجمع الغنائم
الى ذلك حذر الكاتب الصحفى أسامة هيكل، رئيس تحرير جريدة الوفد، من
خطورة ارتداد بعض المواطنين عن فكرة ضرورية الثورة نتيجة الانفلات
الأمنى غير المبرر، لافتاً إلى بعض الإحصائيات التى ترصد أراء
المواطنين حول الثورة وتداعياتها، بأن هناك 87% يرون أن قرار الثورة
ضرورى، و42% أكدوا أنها كانت ثورة شعبية ولم تكن ثورة جياع، فالفقراء
كانوا نصف المتظاهرين.
وأرجع هيكل سبب ظهور "السلفيين" الذى فضل وصفهم بـ"المتشددين" إلى
دخول مصر مرحلة جديدة، وهى مرحلة جمع الغنائم مثلما حدث فى غزوة أحد،
ما أدى إلى ظهور بعض التيارات.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدها نادى لاجون بالإسكندرية للكاتب أمس
"الخميس"، تحت عنوان "مستقبل مصر بعد الثورة"، وأدارها اللواء هاشم أبو
الفضل مدير عام النادى.
ووصف هيكل ثورة 25 يناير قائلاً "الثورة المصرية ثورة نموذجية بكل
المقاييس، لأنها جعلت العالم يضرب تعظيم سلام لمصر". وأضاف هيكل أنه
كان هناك اتهامات للمصريين من الإسرائيليين بأن جندى73 غير شباب مصر
الحاليين، ولذلك فإن الثورة غيرت التقييم بالنسبة للقدرة البشرية
للمصرى على مستوى العالم.
وتابع: "مصر قدمت الغاز لإسرائيل كما لو أنه هدية، لأن لشعب لم يكن
رقم فى معادلة النظام بشكل عام"، مشيراً إلى إهدار الـ"30" سنة الأخيرة
من عمر مصر لانفصال الحاكم عن الشعب، مما أدى إلى أن مصر كانت دولة غير
محددة الهدف.
وحذر من تعرض مصر لأزمة اقتصادية عقب "10" شهور إذا استمر توقف
التصدير، أضاف أن الاحتياطى من النقد الأجنبى فى عام 2010 كان 43 مليار
دولار، وصل إلى 30 مليار فى 30 إبريل الماضى لتوقف التصدير والسياحة،
وأنه فى حالة الاستمرار على هذا النحو فستتعرض مصر إلى مشكلة بعد "10"
شهور، لذلك كان يجب أن يكون للثورة قائد ليتابع تنفيذها، لأن الثورة
تمت وتم تسليمها للقوات المسلحة لتنفيذ مطالب الثورة، و"بصراحة القوات
المسلحة تظلم لأن ليس لديها علاقة بملاحقة المجرمين والبلطجية".
وطالب بالوقوف صفاً واحداً من أجل تخطى الأزمة، للتحول من مجتمع كان
يساق إلى مجتمع يفكر لاتخاذ قرار مشيراً الى ان أصعب تحدى على مصر الآن
هو تحقيق الأمان، فبعد نكسة 76 تعرضت القوات المسلحة لموقف محرج، ولكن
الفريق محمد فوزى نفذ أحكام عرفية وبعضهم أعدم واستعادت القوات المسلحة
انضباطها بنسبة 100% فى خلال شهرين، وأن الشرطة الآن تحتاج إلى الفريق
محمد فوزى وشخصية مثله تعيد الانضباط، لأن النظام السابق وضع الضباط فى
المواجهة.
وقال هيكل "الخطوط الحمراء فى الصحافة فكرة وهمية صنعناها لأنفسنا،
والرقيب هو الضمير فقط، لكن النظام السابق صنف الصحفيين لحكومة ومعارضة".
وأضاف أن الحزب الوطنى كان بمثابة البوابة الوحيدة للوصول الى المناصب،
ومنها رئاسة تحرير الصحف، وأنه فى عام 2005 أجريت حركة تغييرات صحفية
فى رؤساء تحرير الصحف، وكان وقتها موجود "17" صحفيا بالحزب الوطنى، وفى
عام 2010 وصلوا إلى 710 صحفيين، ما أدى إلى ظهور كثير من "المتحولين"
على الفضائيات، مشيراَ إلى أن هناك كثيرا من الأخبار التى تنشر عن صحة
الرئيس السابق حسنى مبارك، لخلق نوع من التعاطف معه. |