نصف الحقيقة

رفعت الواسطي

كتب الكثير عن عراق ما بعد 2003 بين معارض وبين مؤيد كل يحاول ان يعكس حقيقة شعوره تجاه الآخر فالمعارض للعملية السياسية يعكس شعورا بعدم الرضا مما آلت اليه الاوضاع في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين وهناك من ترحم على تلك الحقبة الزمنية من تاريخ العراق المظلم ليسوا طائفيين بل من رحم الشقاء الجنوبي وهم ممن وقع عليهم ظلم النظام السابق وهي معادلة تثير اكثر من علامة استفهام وألم مما وصل اليه حال من استبشروا خيرا بدخول القوات الامريكية محررة لهم كما وصفت بعملية تحرير العراق.

نقيض هؤلاء الممتعضين الرافضين للعملية السياسية وان كانوا لايفقهون مصطلح العملية السياسية يقف المؤيدون لعملية التغيير وقيام النظام البرلماني التعددي او الديمقراطي التعددي الذي يتحدث عن صناديق الاقتراع بشكل يثير الحماسة الوطنية أن عصرا من الديمقراطية يعيشه العراق بعد العام 2003.

لكن المتفحص للمشهد العراقي من الداخل وعن كثب يدرك ان جرائم حقيقية تحدث في العراق تحت عناوين الشراكة الوطنية او حكومة الوحدة الوطنية فأول العنوان (الوطن) مغيب من ضمير من يقودون العملية السياسية ومن يليهم وهناك شعارات لغرض الاستهلاك المحلي ترفع على واجهات المباني الحكومية والشوارع الخربة فكل مايحيط بك يثير التقزز والتقيؤ لمشاريع وهمية.

 لقد سمعت كثيرا من المواطنين العراقيين يتحدثون عن الحفريات في شوارع مدن العراق المتكررة وشبكات المجاري تثير احساسا بالازدواجية كما هي الشخصية العراقية المعبر عنها في علم الاجتماع ذلك الاحساس بين الضحك والبكاء فشبكات المجاري مثلا يكون قطرها لاينسجم ومفهوم شبكة المجاري من حيث المهنية والمواطن العادي يثير تساؤلا كهذا فكيف بمن مختص بالامر؟.

فضيحة المواد الغذائية المتجددة للبطاقة التموينية هي الاخرى حاضرة بقوة دون اي معالجة فالمافيا الوطنية تفتك بصحة المواطن العراقي دون اي رادع قانوني هناك اطباء متورطين بما يسمى بفضائح الفساد المالي والاداري من خلال تسهيل دخول المواد الغذائية المنتهية صلاحياتها بسبب تعمد حجزها عند الحدود من قبل المعنيين من وزارة الداخلية وهذا التداخل في الفسادين الاداري والمالي يفتك بالمواطن العراقي دون العملية السياسية.

اننا لانلمس مصطلح العملية السياسية في العراق لان السياسيين العراقيين لاتتوفر فيهم شروط السياسي فهم عبارة عن شخصيات فاشلة وهزيلة بمواقفهم على صعيد توفير الخدمات اليومية للمواطن العراقي ومعالجة الازمات والمشاكل مع دول الجوار.

 فعلى سبيل المثال يتحدث رئيس عن مفهوم دولة القانون ونقد المحسوبية في حين يتم تعيين نجله بمنصب رفيع وتستمر مهزلة الواقع السياسي من خلال تعيينات تستند على أساس الانتماء الأسري لرئيس الوزراء  المنتهية صلاحيته اسوة بالمواد الغذائية المنتهية صلاحيتها. ان كثيرا من التعليمات الصادرة عن مجلس الوزراء لاتجد طريقا للتنفيذ في الدوائر الفرعية التابعة لدوائر الدولة.

هناك مشاهدات فظيعة حدثت صدفة خلال مراجعاتي لدوائر الدولة وعلى سبيل المثال في دائرة الهجرة والمهجرين فرع الرصافة سمعت موظفا واقفا عند بوابة الدائرة يتحدث الى احدى المراجعات بقوله كل المعاملات موجودة في المديرية الفلانية ولكن الموظف عاصي بالمعاملات فتعالي بعد شهر!.

 ترى كم من الموظفين في دوائر الدولة  (عاصي) بالمعاملة وأين ماتذهب تجد البوسترات تتحدث عن حرمة الرشاوى وحلية تسهيل وترويج المعاملات؟. هناك مسألة خطيرة أيضا لمستها وهي حين تراجع دائرة من الدوائر اول شيء تسأل عنه من قبل الموظف او المسؤول في أي دولة تعيش؟ وسؤاله لا علاقة له نهائيا بمحل العيش والسكن من حيث الاصول القانونية لترويج المعاملات. للحديث بقية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/آيار/2011 - 25/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م