شبكة النبأ: على الرغم من إقرار كل من
بغداد وواشنطن على بنود الاتفاقية الأمريكية المبرمة بين البلدين،
والتي نصت على جلاء جميع القوات الأمريكية من العراق نهاية عام 2011،
الا ان ما يدور حاليا من حراك سياسي ونقاش معلن وغير معلن، يشير الى ان
قادم الأيام سوف يفضي الى واقع مغاير لما لا يزال مفترض تحقيقه.
حيث تراجعت الرغبة بشكل جدي لدى اغلب القوى السياسية في إنهاء
التواجد الأمريكي في موعده المحدد، وهو ما ينسجم مع تطلعات كل من
القيادة الامريكية والعراقية بشكل جلي، سيما بعد الاعلان المتكرر عن
عدم جاهزية القوات العسكرية العراقية لتأمين البلاد في الوقت الحالي.
فيما لا تزال بعض الجهات السياسية تعلن رفضها المطلق لتمديد الوجود
الامريكي، معلنة بشكل صريح عن تبنيها للخيار العسكري في حال لزم الامر
ذلك.
الجيش العراقي يقيم وضعه
فقد قال مصدران مطلعان ان الجيش العراقي يعد تقييما قد يقر بوجود
ثغرات في القوات الامنية في خطوة قد تعزز الرأي المطالب بتمديد الوجود
العسكري الامريكي في العراق. وقال مساعد في الكونجرس ان مراجعة القدرات
العسكرية العراقية تجيء قبل انسحاب مقرر للقوات الامريكية من العراق
بحلول نهاية العام الحالي وانه من المتوقع عرض هذه المراجعة على رئيس
الوزراء العراقي نوري المالكي وكبار الزعماء السياسيين العراقيين.
وأضاف المساعد الذي طلب عدم نشر اسمه "الغرض من هذا هو تخفيف
الاحتقان السياسي في الجدل (حول استمرار وجود القوات الامريكية)
والتركيز على المسألة الحقيقية وهي.. ما هي قدرات الجيش العراقي." وذكر
المصدر أن عملية التقييم في مراحلها الاخيرة.
ووصف شخص اخر مطلع على الامر تحدث من بغداد وطلب عدم نشر اسمه
العملية بأنها عملية "تقييم لمدى التأهب." ولم يتضح ما اذا كانت نتائج
التقييم ستنشر أو يقر بها علنا المسؤولون العراقيون.
وبموجب اتفاق ثنائي موقع بين الجانبين على الولايات المتحدة أن تسحب
قواتها من العراق وقوامها حاليا 48 ألف جندي بحلول 31 ديسمبر كانون
الاول.
وعبر وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس عن أمله في أن يجد العراقيون
صيغة يطلبون بموجبها من الجيش الامريكي البقاء بشكل من الاشكال لكنه
أقر قائلا "سواء رضينا أم لا علينا أن نعترف بأننا لسنا محبوبين كثيرا
هناك." واستطرد جيتس "من أجل مستقبل العراق وأيضا دورنا في المنطقة امل
أن يتوصلوا الى طريقة يطلبون بها" بقاء القوات الامريكية.
وقال "أعتقد ان الولايات المتحدة ستكون على أهبة الاستعداد للموافقة
حين يجيء الوقت" مشيرا الى الرسالة الايجابية التي سيبعث بها الى
المنطقة استمرار الدور الامريكي في العراق.
وبقي جيتس في ادارة الرئيس الامريكي الديمقراطي باراك أوباما بعد ان
كان من المشاركين في ادارة الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش ويعتزم
التقاعد بنهاية يونيو حزيران.
وكان جيتس قد عبر من قبل عن قلقه من قدرة القوات العراقية على
التصدي لمقاتلين قادرين على شن هجمات توقع اعدادا من القتلى. بحسب
رويترز.
وعارض أوباما حرب العراق وقد يرفض عدد كبير من مؤيديه تمديد الوجود
العسكري الامريكي في العراق. وتقوم القوات الامريكية في العراق الان
بدور استشاري ومعاون للشرطة والجيش العراقيين منذ ان انهت عملياتها
القتالية هناك في اغسطس اب من العام الماضي.
وكان المالكي قد كرر مرارا عدم حاجة بلاده الى قوات اجنبية لكنه فتح
الباب فيما يبدو في وقت سابق من الشهر لاستمرار الوجود الامريكي قائلا
ان الكتل السياسية العراقية سيكون مطلوبا منها مناقشة مسألة بقاء
القوات الامريكية الى ما بعد التاريخ المقرر للانسحاب.
وهذا القرار محفوف بالمخاطر بالنسبة لرئيس الوزراء العراقي. فرجل
الدين الشيعي مقتدى الصدر المناهض للولايات المتحدة مشارك بكتلته في
الحكومة الائتلافية العراقية. وقال مساعدوه الشهر الماضي انه يمكنه ان
يطلق عنان ميليشيا جيش المهدي الذي يتزعمه اذا لم ترحل القوات
الامريكية بنهاية العام.
عون عسكري
من جهته قال نائب رئيس الوزراء العراقي حسين الشهرستاني إن البحرية
والقوة الجوية العراقيتين غير قادرتين على الدفاع عن البلاد ضد هجوم
خارجي، وان العراق سيكون بحاجة الى عون عسكري امريكي لاجل الدفاع عن
منشآته النفطية.
وتعتبر تصريحات الشهرستاني التي ادلى بها لوكالة رويترز اوضح اشارة
من مسؤول عراقي بارز بأن البلاد ستظل بحاجة الى دعم عسكري امريكي بعد
عام 2011. وقال نائب رئيس الوزراء إن القوة الجوية العراقية لا تتمكن
من تأمين الاجواء العراقية او حمايتها في حال وقوع اعتداء اجنبي، والشئ
نفسه يمكن ان يقال فيما يخص القوة البحرية.
ولكن الشهرستاني قلل في الوقت نفسه من احتمال تعرض العراق لاعتداء
اجنبي قائلا إن لا علاقاتنا السياسية ولا الجو العام في المنطقة يشيران
الى احتمال تعرض العراق لعدوان خارجي.
وأكد الشهرستاني ان العراق لن يسمح لاحد ان يستخدم اراضيه لمهاجمة
اي دولة اخرى، وذلك في اشارة الى ايران.
وكان رئيس لجنة الاركان المشتركة الامريكية الادميرال مايك مالن قد
قال في الشهر الماضي عند زيارته لبغداد إن على الحكومة العراقية التوصل
الى قرار خلال اسابيع حول ما اذا كانت تريد لبعض القوات الامريكية ان
تبقى في العراق لما بعد نهاية العام الحالي.
تمديد
الى ذلك المح رئيس الوزراء العراقي الى ان الكتل السياسية قد تطلب
من القوات الاميركية التمديد موضحا ان اتفاق الغالبية على هذا الامر
سيرغم الباقين على الاختيار بين الموافقة او الانسحاب من العملية
السياسية. وقال خلال مؤتمر صحافي في بغداد "اتفاقيتنا تنتهي بنهاية
العام الحالي (...) وهذه اتفاقية لا يمكن تمديدها، لذا فانها لن تجدد
ولن تمدد".
لكنه شدد على انه في حال "اراد العراقيون شيئا جديد (...) فيجب
التوصل الى اتفاقية جديدة" مع الاميركيين، مشيرا الى انه سيجتمع قريبا
بالكتل السياسية لتحديد الموقف من هذه المسالة.
بدوره قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري خلال مؤتمر صحافي
مشترك مع نظيره الايراني علي اكبر صالحي في بغداد ان "الاتفاقية مقررة
ومنجزة وستخرج جميع القوات الاميركية من العراق نهاية العام 2011".
واضاف "اما هل ستنسحب اميركا بسفاراتها وقنصلياتها ونفوذها من العراق
فلا وستبقى بالتاكيد (لان) هناك علاقات واتفاقيات تعاون طويل الامد بين
العراق والولايات المتحدة".
ومن المقرر ان تغادر القوات الاميركية وعديدها حوالى 47 الف عسكري
اخر كانون الاول/ديسمبر 2011، وفقا للاتفاقية الامنية الموقعة بين
بغداد وواشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر 2008.
ويدعو المسؤولون الاميركيون نظراءهم العراقيين الى تحديد موقفهم من
امكانية الطلب من القوات الاميركية المتبقية تمديد فترة وجودها في
البلاد، علما ان ايا من القادة العراقيين لم يقدم دعما علنيا لمثل هذا
الطلب.
وفي هذا السياق، قال المالكي ان "الاميركيين يريدون كلمة نهائية
بحلول آب/اغسطس المقبل" لاتخاذ قرار بهذا الصدد. لكن الزعيم الشيعي.
وعلق المالكي على مقتدى الصدر الذي هدد برفع تجميد جيش المهدي اذا
لم تنسحب القوات الاميركية من العراق في الموعد المحدد، قائلا ان "هذا
القرار سيتحمله الوسط السياسي بشكل عام لان مقتدى الصدر جزء من الوسط
السياسي". لكنه استدرك موضحا "لو ان ثمانين الى تسعين بالمئة من
العراقيين قالوا نعم، فان على العشرة بالمئة الباقين ان يمشوا مع
الاخرين او ان ينسحبوا من العملية السياسية ويمارسوا دورهم بالشكل الذي
يرونه مناسبا، اكان موافقا او مخالفا للدستور او خروجا عن القانون".
ويملك التيار الصدري 40 مقعدا في البرلمان المؤلف من 325 مقعد.
وكان المالكي دعا خلال استقباله وفدا من الكونغرس الاميركي في بغداد
الى "تفعيل مسارات التعاون" بين العراق والولايات المتحدة "بعد
الانسحاب" الاميركي. وفي 26 نيسان/ابريل اكد وجود نقص لدى قواته لحماية
البلاد من الاعتداءات الخارجية، لكنه اعرب عن اطمئنانه من عدم وجود خطر
يهدد بلاده من الدول المجاورة بعد انسحاب القوات الاميركية.
معضلة كركوك
من جهتهم حذر مسؤولون امنيون ومحليون في محافظة كركوك الغنية بالنفط
شمال العراق، من "خطورة" انسحاب القوات الاميركية المقرر نهاية العام
2011، كونه "يهدد استقرار الاوضاع" في المحافظة المتنازع عليها.
وقال قائد شرطة المحافظة بالوكالة اللواء تورهان يوسف عبد الرحمن ان
"تنظيم القاعدة يسعى الى زعزعة الاوضاع الامنية من خلال ضرب مكونات
كركوك بهدف اثارة الفتنة الطائفية عبر تفجير سيارات مفخخة وعبوات ناسفة
واعمال الخطف واستهداف القادة الامنيين"، واضاف "ندعو القادة السياسيين
في كركوك الى التوصل لاتفاق بهدف عدم تأجيج الاوضاع"، مؤكدا "انهم رغم
خلافاتهم يتفقون على الابقاء على القوات الاميركية في كركوك لتساعد في
حل المشاكل العالقة" بين مكوناتها.
وحذر مصدر امني رفيع المستوى في كركوك من ان "الانسحاب الاميركي من
العراق عموما ومن كركوك خصوصا، خطر قاتل". واضاف ان "الجميع يرى ان
مصدر الثقة هو الاميركيون الذين يتوجه الكل اليهم لنقل مشاكلهم
ومعاناتهم بسبب التداخلات السياسية في الاجهزة الامنية، الى جانب
الخلافات السياسية".
من جهته رأى اللواء عبد الرحمن ان "عدد القوات المشتركة المنتشرة في
كركوك حاليا محدود، ولا اعتقد انه سيطرأ عليه اي زيادة في الوقت الحاضر".
واكد ان "الحل الامثل هو بقاء القوات الاميركية في كركوك لحين التوصل
الى حل سياسي".
ويطالب الاكراد بالحاق كركوك الغنية بالنفط باقليم كردستان العراق
فيما يعارض العرب والتركمان هذا الامر بشكل كامل. بحسب فرانس برس.
وراى عبد الرحمن ان "اكبر التحديات التي تهدد امن كركوك هي تدخل
الاحزاب وقلة الدعم المقدم من قبل حكومة بغداد، الامر الذي ادى الى
اضعاف الاجهزة الامنية في كركوك".
وقال رئيس مجلس محافظة كركوك حسن توران (تركماني) ان "الاوضاع
الامنية في عموم العراق وفي محافظتنا على وجه الخصوص هشة ونحن بحاجة
الى تنظيم ادارة الملف الامني عبر قرارات توافقية بين مكونات كركوك".
واضاف ان "شرطة كركوك تعاني من نقص في العدد".
وينتشر اكثر من 11 الفا و300 شرطي في كركوك فيما تحتاج المحافظة الى
اكثر من 3500 شرطي اضافي، وفقا لمسؤولين امنيين.
وراى محافظ كركوك نجم الدين عمر كريم (كردي) ان "الارهاب اصبح واقعا
نعيشه في كركوك، لان الجماعات الارهابية تنشط كلما يحدث انفراج وتقارب
سياسي بين المكونات، بهدف ايصال رسالة بعدم وجود امل بالتوصل الى حل
وبالتالي فان اتفاقاتنا لا قيمة لها".
واعترف بتردي الاوضاع الامنية قائلا ان "هناك خرقا امنيا في كركوك
وعلينا التنسيق وتطوير قواتنا الامنية وتامين فرص العمل لشبابنا لكي لا
ينجروا الى اشياء لا نريدها".
وتشهد كركوك اعمال عنف شبه يومية، وتعرض اللواء تورهان منتصف
الاسبوع الماضي الى محاولة اغتيال بانفجار عبوتين ناسفتين اعقبها
انفجاران مماثلان ما ادى الى مقتل احد عناصر الشرطة واصابة ثلاثين
اخرين.
واكد رئيس اساقفة المسيحيين الكلدان في كركوك والسليمانية لويس ساكو
"اهمية" استمرار تواجد القوات الاميركية. وقال "اننا امام تحد كبير
فالانسحاب الاميركي سيترك فراغا يجب ان نملاه بالتوافق والمصالحة (...)
لاننا امام مجهول مخيف على كل العراقيين".
وتسبب التوتر بين الاطراف السياسية في كركوك بعدم اجراء انتخابات
مجالس المحافظة في 31 كانون الثاني/يناير 2009، اسوة ببقية محافظات
العراق.
وتتراكم في كركوك التي تبعد 255 كلم شمال بغداد ويعيش فيها حوالى
900 الف نسمة يمثلون معظم اطياف المجتمع العراقي، تحديات ومشاكل مختلفة
ابرزها التنازع على السلطة.
الدروع البشرية
من جهة اخرى قال مشرعون عراقيون ان البرلمان العراقي وافق على دفع
مبلغ 400 مليون دولار لتعويض امريكيين اتهموا نظام الرئيس العراقي
السابق صدام حسين باستخدامهم كدروع بشرية خلال حرب الخليج بين عامي
1990 و1991. واقر نواب البرلمان قانونا يسمح بدفع مبلغ التعويض لتسوية
كافة المطالبات التي تقدم بها امريكيون قال بعضهم انهم تعرضوا للتعذيب
على ايدي انصار صدام.
ويأمل العراق بان يساعد هذا الاتفاق في حماية امواله بالخارج خاصة
امواله في صندوق الامم المتحدة للتنمية الخاص بالعراق. وما زال القانون
يحتاج الى توقيع الرئيس العراقي جلال طالباني.
وقال حامد المطلق عضو البرلمان عن كتلة العراقية ان اغلبية اعضاء
البرلمان صوتوا لصالح القانون الخاص بتسوية مطالبات لامريكيين. وكان
العراق قد احتجز عشرات الامريكيين عام 1990واستخدمهم كدروع بشرية
لتفادي غارات الحلفاء الجوية.
وزعم المسجونون السابقون في دعاوى رفعت امام محاكم امريكية تعرضهم
لتهديدات بالقتل وبايهامهم بأنهم سيعدمون والتجويع والحرمان من النوم
والحرمان من الرعاية الطبية.
ووقعت الحكومة العراقية اتفاقا للتسوية مع الولايات المتحدة بشأن
هذه الدعاوى في سبتمبر ايلول الماضي وهو ما ساهم في تمهيد الطريق أمام
رفع عقوبات الامم المتحدة التي فرضت في عهد صدام الذي اطاح به الغزو
الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
وبعد حرب عام 1991 امر مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة
العراق بدفع تعويضات للدول التي تضررت نتيجة لغزوه للكويت. ويخصص
العراق حاليا خمسة في المئة من عائداته النفطية لسداد التعويضات. ويذهب
معظم هذا المبلغ الى الكويت.
وقالت مفوضية الامم المتحدة للتعويضات التي انشأها مجلس الامن
لتقييم المطالبات عن الخسائر المتعلقة بحرب الخليج يوم الخميس ان
العراق سدد 880 مليون دولار اضافية لمطالبات حكومة الكويت وشركات
كويتية. بحسب رويترز.
ويرفع هذا المبلغ مجموع ما دفعه العراق الى أفراد وشركات ودول من
خلال المفوضية التي تتخذ من جنيف مقرا لها الى 32.2 مليار دولار.
واضافت المفوضية ان العراق ما زال مدينا بمبلغ 20.1 مليار دولار
كتعويضات أقرتها المفوضية ويسددها من عائداته النفطية.
وقال احد نواب عن التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى
الصدر ان نواب الكتلة لم يصوتوا لصالح القانون. |