|
جاءت الثورات العربية جواباً بليغاً على أنظمة الفساد والاستبداد
والتبعية. انها أنظمة عبادة الفرد وإعادة الهيكلة الاقتصادية التي
أفقرت شرائح اجتماعية واسعة وأضعفت الطبقة الوسطى وأفشت الفساد المالي
لصالح إفراد متواشجين مع السلطة.. أنها أنظمة تنهج سياسة الانبطاح إمام
الغرب كما نفضت يدها عن واجبها القومي في فلسطين.
ومثل هذه الأسباب والدوافع كافية لان تطلق الاحتجاجات الغاضبة التي
كانت سلمية وحضارية تعبر عن سلوك أخلاقي على العكس تماماً من سلوكيات
الأنظمة الساقطة.
وستستمر هذه الاحتجاجات ما دامت هذه الأسباب قائمة. ولدى الشعوب
العربية كامل الاستعداد لتخوض معركتها اليوم من اجل الديمقراطية واثقة
من نصرها. ولها ان تفخر انها صاحبة تراث ثوري حين فجرت ثورات وانتفاضات
تحررية منذ القرن العشرين مع قدوم المستعمر الغربي وعلى امتداد القرن.
لم يخفِ الإسرائيليون هلعهم من الثورات العربية خاصة وإنها أطاحت
بأعز صديقين للدولة التلمودية فأصبحت المتضرر الأول من هذه الثورات اذ
تهدد وجوده مستقبلاً.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فهي الأخرى ستفقد أنظمة صديقة رغم
أنها ديكتاتورية لكنها مهادنة وتلتزم اقتصاد السوق وفق وصفات صندوق
النقد والبنك الدوليين و"تتعاون " مع الشركات العابرة القومية.
سيسعى رد الفعل الأمريكي – الصهيوني لإجهاض الثورات العربية ولن
تكون هناك مفاجآت قادمة مثل الثورتين التونسية والمصرية. ستكون
الأجندات المعادية للثورات العربية هي استنزافها من خلال الحروب
الأهلية أو الطائفية.
كما ستسعى لتشويه صورة هذه الثورات الديمقراطية بالاستعانة بالنظام
الثيوقراطي السعودي لتحفيز الجماعات السلفية المتطرفة والمخربة لتتطفل
على ثورات الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بغية حرفها عن منحاها
السلمي الحضاري وإعطاء المبررات للديكتاتوريات اللاشرعية لتعلن الحرب
على شعوبها كما يحصل اليوم في ليبيا وسوريا الجريحتين.
رغم ايماني بقدرة شعوبنا العربية على الكفاح والصمود وتقديم
التضحيات لكنني لا استطيع إن اخفي قلقي وخوفي على ثوراتنا المجيدة وهي
تواجه أعداءً استثنائيين يتربصون بنا منذ أكثر من قرن ويخططون للتدخل
في شؤوننا والتحكم بنا خاصة وان المافيات الحاكمة عندنا لا تمتلك ادنى
شعور بالمسؤولية الوطنية ولا تحترم شعوبها لتستجيب لمطالبها ولا يهمها
ان تضيع الأوطان بالتدخل الأجنبي بعد تدويل الأزمة كما فعل المقبور
صدام حسين.
* كاتب عراقي |
