خطاب أوباما وموقف حماس

حسام الدجني

بعد دقائق معدودة من خطاب أوباما استضافت قناة الجزيرة الفضائية المتحدث باسم حركة حماس الدكتور سامي أبو زهري ليصدّر موقفاً فحواه بأن خطاب أوباما فاشل وهدفه ذر الرماد في العيون، وعلى الرغم من أن موقف أبو زهري هو أسرع موقف فلسطيني وإقليمي ودولي، وهذا يتنافى مع الفقه الدبلوماسي والسياسي، بحيث يجب أن يتم دراسة الخطاب كلمة بكلمة، ودراسة سلوك الرئيس أوباما أثناء تأديته للخطاب، وقراءة البيئة السياسية المحيطة للرئيس أوباما وللحزب الديمقراطي الأمريكي، ومن ثم الخروج بموقف سياسي جامع يعبر عن موقف الحركة الإسلامية، والتي تمثل شريحة عريضة من الشعب الفلسطيني، وفاعل رئيسي في المنطقة.

هذا يطرح تساؤلات حول رؤية حركة حماس للموقف الأمريكي تجاه إسرائيل؟ وكذلك مرتكزات وثوابت السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي؟

أعتقد أن حركة حماس تنطلق في تشخيصها لطبيعة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية من زاوية أيديولوجية وسياسية وتاريخية وثقافية، فمن ناحية الدين فقد شكل البعث اليهودي جانباً مهماً من المرتكزات الفكرية لبعث الأمة الأمريكية في نهايات القرن الثامن عشر ميلادي، فكان واضحاً أثر العهد القديم على الفكر الأمريكي منذ ولادته، وإرهاصات ذلك تتكشف اليوم، حيث يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من أربعين مليون مسيحي بروتستانتي، موزعين على عدة مذاهب، تتقاطع في معظمها مع الديانة اليهودية من خلال الكتاب المقدس (العهد القديم)، وهذا دفع رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبين إلى دعم هجرة اليهود للاستيطان في فلسطين من منطلقات دينية، فالتعاليم البروتستانتية التي تؤمن بالنبوءات التوراتية دفعت الرئيس الأمريكي السابق ويلسون للقول: " "إن ربيب بيت القسيس ينبغي أن يكون قادراً على المساعدة في إعادة الأرض المقدسة لأهلها". ويقصد هنا عودة اليهود إلى فلسطين.

وهاهي اليوم تدفع الرئيس باراك أوباما للتحذير من مغبة محاصرة إسرائيل وعزلها سياسياً عبر التلويح من قبل القيادة الفلسطينية باللجوء إلى الأمم المتحدة لانتزاع اعتراف دولي بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967م، والتي يعتقد بأن أكثر من 140 دولة سوف تعترف بدولة فلسطين، ولكن الفيتو البروتستانتي الأمريكي لن يسمح لأحد من المساس بمصالح إسرائيل الحيوية.

ومن هنا ينطلق الموقف السياسي لحركة حماس من العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، والتي لا يمكن بحال من الأحوال أن يتحرك هذا الموقف في صالح القضية الفلسطينية، ولكن ربما العولمة هي من دفعت السيد باراك أوباما إلى صبغ خطابه بعبارات دبلوماسية فضفاضة حول الدولة الفلسطينية المنتظرة.

إن مرتكزات وثوابت السياسية الخارجية الأمريكية تقوم على حماية أمن ومصالح إسرائيل، ودعم الاستيطان من منطلقات عقائدية، والضغط على النظام الإقليمي لرسم خارطة سياسية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط تكون إسرائيل دولة مركز فيها.

لذلك فإن من العبث المراهنة على الموقف الأمريكي، دون وضع إستراتيجية عربية وإسلامية موحدة للانطلاق نحو انتفاضة دبلوماسية تقوم على حث الدول التي تقف بجانب القضية الفلسطينية لحث رعاياها في الولايات المتحدة للضغط على إدارة أوباما لتغيير سياساتها تجاه الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في فلسطين، فالولايات المتحدة دولة تجميعية يعيش فيها أكثر من 309 مليون نسمة من كل القوميات والطوائف والديانات، ونستطيع تشكيل لوبيات ضغط تؤثر على الحياة السياسية والعامة توازي لوبيات الضغط اليهودي داخل أمريكا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/آيار/2011 - 21/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م