البحرين... بطش السلطة يطال الأرزاق والأعناق

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لم تستثني سلطات البحرين جهة او تشكيل او وسيلة في إجراءاتها التعسفية التي يندى لها جبين الانسانية، ولم تدخر جهدا في قمع الشعب المنتفض وبمختلف الأساليب الهمجية، التي لم يسلم منها شيخ او طفل او إمرأة.

وكان للتعتيم الإعلامي الذي طوقت من خلاله مجريات االامور التي وقعت ولا تزال، اثرا فاعلا في حجب الجرائم الحكومية بحق المدنيين العزل، خصوصا فيما يتعلق باداء الاعلام الخليجي المنحاز الى ديكتاتور البلاد وزبانيتة.

حيث شنت تلك الاجهزة الاعلامية وبشكل منسق حملة موسعة للتحريض السياسي والطائفي، لغرض خلط الاوراق وتشتيت الرأي العام الدولي والمحلي حول حقيقة ما جرى.

محاكمات سياسية

قالت منظمة العفو الدولية إن محاكمات خمسة عشر ناشطاً لدورهم في الاحتجاجات المؤيدة للإصلاح في البحرين والتي بدأت في فبراير/شباط كانت محاكمات وراءها دوافع سياسية، وجائرة.

لقد حكمت محكمة عسكرية في العاصمة البحرينية المنامة على 15 ناشطين في قضيتين منفصلتين أحكاما بالسجن لفترات تتراوح بين سنة وأربع سنوات وذلك "لمشاركتهم في مظاهرات غير قانونية ولإثارتهم الكراهية ضد النظام" خلال الاحتجاجات الشعبية في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار.

أحد الناشطين وهي فضيلة مبارك أحمد هي أول متظاهرة تتم إدانتها بسبب الاضطرابات مؤخرا في البحرين. وقد حكم عليها بالسجن أربع سنوات.

وقال مالكوم سمارت مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية:" تمثل هذه المحاكمات والإدانات دليلا إضافيا على الحد الذي باتت تحرم فيها الآن حقوق حرية التعبير والتجمع في البحرين."

وأضاف سمارت:" يبدو أن هؤلاء الناشطين الثمانية قد حكم عليهم بأحكام بالسجن لأنهم لم يفعلوا شيئا أكثر من ممارسة حقهم الشرعي في التظاهر ضد الحكومة. وإذا كان هذا صحيحا وأدينوا لسبب أوحد هو نشاطاتهم السلمية المعارضة للحكومة، فهم سجناء رأي ينبغي أن يطلق سراحهم فورا ودون قيد أو شرط.

أما جعفر محمد إبراهيم وحسين علي أحمد فقد حكم عليهما بالسجن ثلاث سنوات. كما حكم على محمد ملا أحمد وحسن منصور حسين وهثيم شوبار شرف بالسجن لعامين، بينما حكم على ماجد علي محمد وإبراهيم سلمان عبد الله بالسجن سنة واحدة لكل منهما.

وكان الأشخاص الثمانية قد اعتقلوا دون أوامر بإلقاء القبض عليهم، ولم يسمح لعائلاتهم بزيارتهم أثناء احتجازهم، ولم يسمح لمحاميهم إلا باتصال محدود جدا بهم .

وقال مالكوم سمارت:" إنه لأمر يثير القلق الشديد إزاء تلك الطريقة التي أجريت فيها المحاكمات- إذ حوكم متهمون مدنيون أمام محكمة عسكرية سرية لم يسمح لمراقبين دوليين بحضورها. إن هذا مؤشر على تضاؤل الحيز الخاص بحقوق الإنسان في البحرين الآن."

وقال محتج بحريني آخر وناشط بارز في حقوق الإنسان وهو عبد الهادي الخواجة، قال لمحكمة عسكرية في محاكمة أخرى في المنامة إنه تعرض للتهديد بالاغتصاب من قبل الشرطة أثناء احتجازه في الحبس الانفرادي. وقد نقل على الفور من قاعة المحكمة بعد إدلائه بهذه الأقوال.

وعبد الهادي الخواجة هو واحد من بين مجموعة من 21 من شخصيات بحرينية معارضة يحاكمون الآن لقيادتهم ومشاركتهم في المظاهرات في فبراير/شباط ومارس/آذار. ويحاكم سبعة من الرجال الـ21 غيابيا.

بينما كان عبد الهادي الخواجة رهن الاعتقال قيل إنه طـُلبَ منه تسجيل اعتذار لملك البحرين على شريط فيديو وإنه تعرض لتهديد بالاغتصاب على يد أربعة من رجال الشرطة عندما رفض الطلب.

وقد منعت عائلات عبد الهادي الخواجة و13 عضوا في المعارضة من زيارتهم في السجن. لكن سمح للمحامين بالاتصال بهم بصورة محدودة جدا.

وقال مالكوم سمارت:" يجب على السلطات البحرينية أن تبدأ على الفور تحقيقا مستقلا فيما قاله عبد الهادي الخواجة عن التعذيب ويجب أن تحاكم المسؤولين الضالعين في التعذيب أو إساءة المعاملة. ويجب على الحكومة أن تلتزم بتعهداتها بحماية المحتجزين من مثل هذه المعاملة السيئة."

خرق حرية تكوين الجمعيات

من جهتها قالت هيومن رايتس ووتش إن حكم المحكمة الجنائية البحرينية ضد محمد المسقطي، رئيس جمعية معنية بحقوق الإنسان، يخرق بوضوح الحق في حرية تكوين الجمعيات، ويجب إسقاطه على الفور. المسقطي، رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، أُنزل به الحكم بغرامة ثقيلة جراء إدارة منظمة غير مصرح بها، بعد أن رفضت الحكومة منح التصريح.

وفي 6 مايو/أيار 2010 حكمت المحكمة الصغرى الجنائية بتغريم المسقطي 500 دينار بحريني (1325 دولار أميركي)، بتهمة تشغيل منظمة غير حكومية، في خرق لقانون الجمعيات المدنية، الذي يطالب بتسجيل الجمعيات لدى وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية.

وكانت المنظمة قد تقدمت بطلب تسجيل في عام 2005، لكن الوزارة لم ترد مطلقاً. ومن ثم بدأت الجمعية في مباشرة أنشطتها، ومنها عقد فعاليات عامة وورش عمل بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين ودول الجوار.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "زعم البحرين بأنها تحترم حقوق الإنسان وتدعمها لا يستقيم مع هذا النوع من القيود التعسفية الممارسة ضد جمعية ربما كانت تنتقد السياسات الرسمية". وتابع: "حاول محمد المسقطي الالتزام بالقانون، وردت السلطات بمعاقبته بغرامة ثقيلة".

القانون رقم 21 لعام 1989، ينص في المادة 11 على أن عدم الرد على طلب تسجيل خلال 60 يوماً يعني ضمنياً أن طلب التسجيل مرفوض. وكانت السلطات قد استدعت المسقطي إلى المحكمة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، وجاء الحُكم الصادر في 6 مايو/أيار إثر تأخيرات كثيرة في القضية. المادة 89(2) من القانون تنص على غرامة بمبلغ 500 دينار بحريني و/أو الحبس ستة أشهر، لمن ينشئ ويدير منظمة غير حكومية غير مسجلة.

كما استهدفت الحكومة منظمات حقوقية أخرى. في عام 2004 ألغت السلطات الوضع القانوني لمركز البحرين لحقوق الإنسان، وأمرت بحله بعد أن انتقد رئيسه رئيس الوزراء على خلفية مزاعم بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان. ورفضت الوزارة تسجيل اللجنة الوطنية للعاطلين عن العمل ومعها جمعية المسقطي.

وفي 23 مارس/آذار أمرت السلطات بإغلاق جمعية التمريض البحرينية. وكانت الجمعية تخطط للاحتفال بإطلاق سراح إبراهيم الدمستاني، الأمين العام للجمعية، الذي تم القبض عليه بزعم "التستر على" مشتبه به تعرض لأعيرة نارية أثناء مظاهرة ضد الحكومة، وتوفير الرعاية الطبية له. وفي أغسطس/آب 2008، اتهم الادعاء العام الدمستاني وعضو آخر رفيع المنصب بالجمعية بالتشهير بمسؤولي وزارة الصحة.

وفي 2007 تقدمت وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية بمشروع قانون جديد عن منظمات المجتمع المدني، لكن الحكومة لم ترفع المشروع بعد إلى البرلمان. مشروع القانون فيه بعض أشكال التحسن التي طرأت على القانون القائم، لكنه يضم أيضاً أحكاماً لا تتفق مع المعايير الدولية. تم الكشف عن نسخة من مشروع القانون في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، وفيها ما ينص على أن من حق وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية إغلاق أية جمعية دون أمر قضائي لمدة أقصاها 60 يوماً، إذا ارتأت أن الجمعية تخرق القوانين البحرينية، ومنها قانون الجمعيات نفسه.

وهناك أحكام أخرى في قانون الجمعيات القائم تنطوي على مشاكل. المادة 11 ورد فيها أن من حق الوزارة رفض طلب تسجيل الجمعية "إذا كان إنشاؤها لا يتفق مع أمن الدولة ومصلحتها"، من بين أسباب أخرى لرفض التسجيل. والمادة 63 من القانون تحظر تسجيل الجمعيات المشاركة في أنشطة "سياسية" أو "دينية". ولا يوضح القانون ما الذي يُعتبر "سياسياً" أو "دينياً".

هذه العناصر من قانون الجمعيات تخرق المادة 19 (التي تكفل الحق في حرية التعبير) والمادة 20 (الخاصة بكفالة حرية تكوين الجمعيات) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صدقت عليه البحرين في 20 سبتمبر/أيلول 2006. وأية قيود تُفرض على حرية التعبير أو تكوين الجمعيات لا يمكن فرضها إلا في حالات محددة، وأن تُذكر بوضوح في القانون وأن تكون في حدها الأدنى. القيود الفضفاضة مثل تلك الواردة في قانون الجمعيات البحريني، أو الحظر المطلق على الأنشطة السياسية أو الدينية، هي خروقات واضحة للعهد الدولي.

وقال جو ستورك: "على الحكومة أن تُلغي فوراً الحُكم الصادر بحق المسقطي وأن تفعّل سريعاً قانون جمعيات يفي بالتزامات البحرين بموجب القانون الدولي".

(بابكو) فصلت المئات

في سياق متصل عبر كل من مركز البحرين لحقوق الانسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان عن قلقهما البالغ جراء استمرار الحكومة البحرينية باتخاذ الإجراءات والعقوبات التعسفية ضد المواطنين الذين تعتقد بمشاركتهم أو دعمهم للحركة الاحتجاجية السلمية في شهري فبراير ومارس الماضيين، ولا سيما العمال الذين استهدفتهم السلطة بالتسريح التعسفي والفصل أو التوقيف من العمل للمئات منهم، بالإضافة إلى ملاحقتهم قضائياً بتهم جنائية عقاباً لهم على ممارسة حقوقهم المشروعة التي تكفلها المواثيق الدولية التي صادقت عليها البحرين .

ففي العاشر من مايو 2011 أعلن وزير الطاقة البحريني الدكتور عبدالحسين على ميرزا أن شركة نفط البحرين "بابكو" قامت بحل نقابة عمال الشركة وفصل رئيسها – عبدالغفار عبدالحسين - من العمل و 11 عضواً من أعضاء مجلس إدارة النقابة وإحالتهم إلى النيابة العامة من أجل ملاحقتهم و معاقبتهم جنائياً. كما قامت بفصل 293 موظفاً، ووقف 50 آخرين على ذمة التحقيق، وتوجيه إنذار نهائي إلى 17 موظفاً ، وإنذار كتابي إلى 4 موظفين.

وتقوم الشركة حاليا عبر لجان تحقيق شكلتها في شهر أبريل الماضي بعقد جلسات محاسبة متواصلة يوميا مع العديد من العمال تمهيدا لفصلهم حيث يتوقع أن يفصل أعداد إضافية تقارب 150 عامل خلال الأيام القادمة.

ويأتي هذا على خلفية تجاوب العمال مع دعوة النقابة إلى الإضراب العام عن العمل مرتين في 20 فبراير و13 مارس احتجاجاً على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والاعتداء الوحشي على المتظاهرين السلميين في دوار اللؤلوة وفي جميع شوارع البحرين والذي وصل إلى حد نزول الجيش إلى الشوارع وقتله للمتظاهرين حيث راح ضحية هذا الاعتداء 7 مواطنين عند وقت إعلان الإضراب للمرة الثانية في 13 مارس 2011. أُوقف الإضراب الأول في 20 فبراير/ شباط بعد أن انسحب الجيش في من دوّار اللؤلؤة. في 13 مارس / آذار 2011، دعا الاتحاد العام لنقابات العمال البحرينيين مجدّداً إلى إضراب مفتوح تضامناً مع المتظاهرين الذين تم قمعهم بعنف في ميدان اللؤلؤة والمناطق المجاورة لمرفأ البحرين المالي في اليوم نفسه بعد دعوة النظام في البحرين للجيش السعودي بالتدخل و فرض حالة الأحكام العرفية و فرض نقاط تفتيش في العديد من مناطق الاضطرابات ونشر القوات الأمنية والعسكرية التى تجوب المناطق والقرى الشيعية. إلا أن الاتحاد العام للنقابات قرر إنهاء الإضراب العام في 22 مارس بعد أن قدّمت الحكومة ضمانات للاتحاد بعدم مضايقة العمال في أماكن عملهم والتقليل من نقاط التفتيش التي كانت تقوم بإهانة المواطنين وتعتدي على بعضهم بالضرب أو الإعتقال.

إلا أن السلطة قد قد بدأت بعد ذلك حملة انتقام مفتوحة ولا تزال قائمة ضد كل من شارك في هذه الاحتجاجات أو ساندها من أبناء الشعب وخصوصا الطبقة العاملة من عمال ومهندسين وأطباء وممرضين ومدرسين ورياضيين وصحفيين وغيرهم، وعلى رأسهم النقابيين، فقام بفصل وتوقيف أكثر من 2000 عامل من العديد من الوزارات والهيئات الحكومية و الشركات الخاصة التى تسيطر عليها الدولة، ما أوقع ضرراً معيشيّاً بما يعادل 12000 مواطن عندما يؤخذ متوسط عدد أفراد العائلة 6 أفراد.

ففي شركة بابكو المملوكة بالكامل لحكومة البحرين والعاملة في مجال صناعة النفط والتي يبلغ عدد موظفيها ما يقارب 3200 موظف أقدمت إدارة الشركة على فصل وتوقيف ما يصل إلى 300 موظف على دفعات، حيث أقدمت أولا على فصل رئيس مجلس إدارة النقابة الوحيدة بالشركة السيد عبد الغفار عبد الحسين بتاريخ 2 ابريل 2011 ، ثم فصلت 11 عضوا من أصل 14 عضوا بتاريخ 5 أبريل 2011.

وفصلت ما يقارب ال 200 موظف من موظفيها عبر الاتصال تلفونيا بهم كدفعة أولى من غير إجراء أي تحقيق إداري معهم أو إنذارهم مسبقا بحسب التدرج في الإجراءات الداخلية ، وأوقفت 50 آخرين ، ثم بعد ذلك قامت الشركة بفصل ما يقارب ال 100 موظف إضافي على دفعات بعد التحقيق معهم في لجان تحقيق إدارية شكلتها الشركة ، حيث تتكون كل لجنة من موظف من دائرة الموارد البشرية ومحامي من مكتب المحاماة الذي تتعامل معه الشركة ، ويقوم محامي الشركة بالتحقيق مع الموظف ويقوم الموظف بإدارة الموارد البشرية بكتابة محضر التحقيق. ثم ترفع هذه اللجنة تقريرها الى لجنة أعلى تتكون من مدير بالشركة بالإضافة الى عضو من مكتب المحاماة ، بعدها ترفع هذه اللجنة توصياتها الى لجنة عليا تتكون من مديرين عامين إثنين ومسؤول بالهيئة الوطنية للنفط والغاز للتصديق على التوصيات ، لترفع هذه اللجنة أخيرا تقريرها الى الرئيس التنفيذي للشركة للموافقة النهائية على الفصل.

وقد تلقى مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان عدة شهادات من موظفي بابكو الذين تم التحقيق معهم، وقد كانت إفاداتهم متطابقة تفيد بأن التحقيق معهم تضمن أسئلة حول مدى مشاركتهم في المسيرات السلمية المطالبة بالديمقراطية و بالحقوق السياسية التي جرت في شهري فبراير ومارس 2011، بالإضافة الى الإنتماء السياسي للموظف، وقد قامت لجان التحقيق بمواجهة بعض الموظفين بصور لهم أثناء مشاركتهم في تلك المسيرات ، وركزت لجان التحقيق أيضا على مدى إستجابة الموظف للإضراب الذي اعلنت عنه نقابة العاملين في شركة نفط البحرين (بابكو) والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في العشرين من فبراير 2011 وفي الفترة من 13 حتى 22 مارس 2011.

وقد حصل مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان على العديد من محاضر التحقيق الذي أجرته شركة نفط البحرين بابكو والتي تضمنت أسئلة حول مشاركة الموظف بالإعتصامات والمسيرات التي جرت بشهري فبراير وديسمبر الماضيين، وكذلك حصل المركز والجمعية على العشرات من الوثائق يظهر فيها ملخص توصيات لجان التحقيق وتكشف هذه الوثائق بوضوح أن العديد من الموظفين تم فصلهم بسبب مشاركتهم في المسيرات أو الاعتصامات، ومن ضمن الوثائق أيضا عينة للصور التي تعرض على بعض الموظفين أثناء التحقيق معهم ويظهر فيها الموظف في مسيرة معينة وقد أحيط وجه الموظف بإطار ومكتوب فيها مكان عمل الموظف بالشركة أو إسمه.

وهذه الإجراءات الانتقامية التعسفية التي قامت بها السلطات مخالفة إلى القوانين المحلية إذ لا تخلو من الانتقام للموقف السياسي للموظفين و ممارستهم حقوقهم التي يكفلها الدستور و المواثيق الدولية وهي مخالفة لقانون العمل البحريني لسنة 1976 وخصوصا المادة رقم 110 التي تشترط تسليم صاحب العمل للعامل قرار فصله أو إخطاره بذلك بخطاب مسجل أو بأية وسيلة أخرى تـثبت الاستلام ، ومخالفة أيضا للمادة (113 -4) التي تشترط الإنذار النهائي قبل الفصل. وهي إنتهاك للحقوق والحريات النقابية مما جعل القواعد العمالية داخل الشركة من دون أي تغطية نقابية للدفاع عن حقوقهم والحفاظ على مكتسباتهم. وأيضا تعد كل هذه الإجراءات سواء ضد النقابيين والعمال انتهاكات خطيرة لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية الضامنة لحرية العمل النقابي كاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111 الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة فى المادة رقم 1 (عدم التمييز على أساس الرأي السياسي الذي يسفر عن إبطال أو انتقاص المساواة في الفرص أو في المعاملة علي صعيد الاستخدام أو المهنة).

حيث أعرب المدير العام لمنظمة العمل الدولية، خوان سومافيا، عن قلقه البالغ إزاء إعلان حالة الطوارئ في البحرين، قائلا إن هذه الخطوة تشكل تراجعا خطيرا للحريات المدنية بما في ذلك حق ممارسة نقابات العمال لأنشطتها.

وعبر مركز البحرين البحرين لحقوق الانسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان عن بالغ قلقهما من إجراءات الفصل التي قامت بها شركة نفط البحرين (بابكو) وذلك لكون إجراءات التحقيق ونوعية الأسئلة الموجهة للموظفين إستندت على البعد السياسي والشخصي للموظف، ولم تلتزم بالقوانين المحلية واللوائح الداخلية للشركة.

وابدت الجمعية قلقها الشديد لكون جميع المفصولين من الطائفة الشيعية ، إذ بلغت نسبة الموظفين الشيعة المفصولين من شركة بابكو ما يقارب ال 30 بالمئة حتى الآن. وعلمت الجمعية أن لجان التحقيق بشركة بابكو قد اعدت قائمة جديدة تتكون من أكثر من 150 موظف شيعي تنوي فصلهم خلال الأيام القادمة إنتظارا لموافقة الرئيس التنفيذي للشركة.

كما طالب المركز والجمعية السلطات البحرينية بالتالي:

1. وقف الفصل التعسفي في شركة بابكو وبقية أماكن العمل وإرجاع جميع المفصولين إلى أعمالهم.

2. وقف المقاضاة الجنائية للنقابيين والعمال والتي جاءت على إثر مواقفهم السياسية وقيامهم بالدفاع عن الحقوق الأساسية للمتظاهرين في الاحتجاجات السلمية.

3. تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في إجراءات الفصل لمعرفة إن كان لها دوافع سياسية أو طائفية.

4. مطالبة منظمة العمل الدولية بالتدخل العاجل لإجراء تحقيق محايد في أسباب فصل العمال والمطالبة بإيقاف عمليات الفصل التعسفي وإعادة المفصولين إلى أعمالهم وضمان حقوقهم المشروعة في العمل.

5. مطالبة الاتحاد الدولي للنقابات بالتدخل العاجل لإيقاف تسريح النقابيين وضمان حقوقهم المشروعة في العمل و ممارسة نشاطهم النقابي.

6. مطالبة الإدارة الأمريكية بوقف إتفاقية التجارة الحرة مع البحرين ما لم تتراجع البحرين عن مخالفتها الصريحة للبنود المتعلقة بضمان الحقوق العمالية والنقابية التى تشترطها بنود الاتفاقية المتعلقة بالجانب العمالي.

التحريض الطائفي

وبيان لاحق عبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد جراء حملة التحريض الطائفي والتحريض على الكراهية والتشهير بالمعارضين والمحتجين وكل من تعاطف معهم أو قام بفضح انتهاكات السلطة لحقوق الإنسان من النشطاء والصحافة والجمعيات، وكذلك حملة بث المعلومات المغلوطة عبر نشر فبركات لصور ومشاهد وأفلام تضليلية تعتمد على الكذب المنظم والتي تقودها هيئة الإذاعة والتلفزيون عبر شاشة التلفزيون الرسمي منذ انطلاق الاحتجاجات الواسعة المطالبة بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في البحرين في 14 فبراير الماضي. واستهدفت برامج التلفزيون الرسمي في البحرين الإساءة وتحريف مطالب الشعب ووصمها بالطائفية ، في ظل احتكار السلطة لوسائل الإعلام المرئي و المسموع في البحرين، وامتناعها عن بث أي آراء أو معلومات لا تعكس أراء وتوجهات السلطة، في تناقض تام مع دور الإعلام في تعزيز حرية الرأي ودعم السلم والتفاهم.

وقال البيان، بدأت هذه الحملة تحديدا مع بدء الإعلان عن ثورة الغضب في الرابع عشر من فبراير 2011 حيث قام التلفزيون الرسمي بنقل وجهة نظر الحكومة فقط متجاهلا مطالب المحتجين وفعالياتهم السلمية الواسعة.

وتعاظمت وتيرة تعاطي الإعلام المنحازة مع انطلاق القمع الدموي للمحتجين وفض اعتصام دوار اللؤلؤة السلمي بالقوة في مارس الماضي ، حيث نصّب تلفزيون البحرين نفسه محققاً ثم قاضياً متجاهلاً بذلك صلاحيات الجهاز القضائي، ممهداً الأرضية لحملة اعتقالات تعسفية شاسعة شملت المئات من البحرينيين ممن تم وصمهم رسمياً بالخيانة وعدم الولاء للوطن.

دور التلفزيون في التشهير والتهجم وإدانة كل من شارك في الاحتجاجات السلمية أو مساندته للمحتجين:

برنامج الراصد هو أحد البرامج التحريضية التي يعرضها تلفزيون البحرين، ويقوم في كل حلقة باستهداف شريحة من قطاعات الشعب من مثقفين ورياضيين وأدباء وكتاب وصحفيين وأطباء ونقابيين ونشطاء في مجالات شتى ممن شاركوا في الانشطة الاحتجاجية وخصوصا الذين شاركوا في اعتصام دوار اللؤلؤة أو المسيرات السلمية. ويتهم مذيعي البرنامج وضيوف حلقاته وغالبا ما يكونون من العاملين في أجهزة النظام أو المقربين من السلطة والمحسوبين عليها بأن من شاركوا في الاحتجاجات السلمية هم فئة ضالة، وتحركهم أجندات خارجية ويصفونهم بالخونة وكثير من تلك الحلقات كانت ذات طابع تحريضي وانتقامي وغالباً ما يعقب تلك الحلقات تحرك أمني واعتقالات فورية للأفراد الذين تناولتهم تلك الحلقات التلفزيونية بشكل يوعز أن هذه البرامج تعد من قبل جهات أمنية ومخابراتية.

استهداف الطاقم الطبي:

استضاف البرنامج وزيرة الصحة فاطمة البلوشي في مساء يوم الاثنين من تاريخ 11 من ابريل وخصصت الحلقة لكشف مزاعم التجاوزات بمستشفى السلمانية، حيث دار الحديث حول مجموعة من الأطباء، الذين كان لهم الدور البارز في تسيير الحركة بالمستشفى وإسعاف الجرحى. وشارك ضيوف الحلقة والمتصلين المعدين سلفا بتلفيق التهم والمزاعم محاولين إلصاق تهم تدعم إدانة موظفو مستشفى السلمانية بتهم هم لم يرتكبوها. وزعمت الوزيرة في المؤتمر الصحفي الذي سبق الحلقة في 11 أبريل 2011 أن بعض العمليات الجراحية التي أجريت لبعض الجرحى كانت غير ضرورية، وإنما كان الغرض منها تضليل الرأي العام وتهويل الإصابات التي تعرض لها المحتجون. وأدت هذه العمليات الغير ضرورية على حد زعمها لوفاة اثنين من المحتجين.

وشهرت الوزيرة بمجموعة من الأطباء والممرضين بذكر أسمائهم بشكل علني وعلى رأسهم الدكتور علي العكري، متهمة إياه بأفعال مخلة بواجبات المهنة والقيام بأعمال إجرامية، تهدف إلى تسييس المستشفى وتحويله من ملجأ للمرضى إلى مكان يخدم الأغراض السياسية والتخريبية، إضافة إلى الدعايات الإعلامية المغرضة مشيرة بذلك إلى بعض القنوات التي كانت تتصل بالأطباء لمعرفة ما يجري في المستشفى آنذاك ما يعكس انزعاج السلطة من التقارير التي عرضتها تلك القنوات، والتي كشفت عن إصابات خطيرة في صفوف الجرحى بالرصاص الحي وفي أماكن حساسة. وادعت البلوشي بأن التحقيقات التي تم إجراؤها من قبل الإدعاء العام العسكري مع الأطباء والممرضين المعتقلين من الجنسين كشفت الكثير من التجاوزات الخطيرة.

هذا وكان وزير الصحة السابق الدكتور "نزار البحارنة" كان قد استقال من منصبه، احتجاجاً على سيطرة الأجهزة الأمنية على المستشفى، والاعتداءات المتكررة على الطاقم الطبي بالمستشفى، مما أعاق عملهم وأدى إلى تراجع الخدمات الطبية في ذلك الوقت.

البحارنة تعرض لحملة تحريض ممنهجة بهدف تشويه سمعته بتهمة تعاونه مع آخرين في الإساءة لسمعة البحرين في المحافل الدولية. وكان الوزير فيصل بن يعقوب الحمر هو الذي يرأس وزارة الصحة قبل إقالته وإعادة تعيين البحارنة، على خلفية مسيرة الأطباء والممرضين التي طالبت بإقالته، بعد ما تردد عن منعه لسيارات الإسعاف من الخروج لإسعاف جرحى الهجوم على اعتصام دوار اللؤلؤة بتاريخ 17 فبراير الماضي، والذي نتج عنه وفاة خمسة وجرح المئات. بينما صرح الحمر لتلفزيون البحرين بأنه لا يوجد سوى سبع حالات إصابات طفيفة.

وعرض برنامج الراصد في حلقة أخرى حول الطاقم الطبي حيث تم استضافة نبيل الأنصاري وهو الرئيس المعين من قبل السلطات لجمعية الأطباء البحرينية بعد حل مجلس إدارتها وتعيين آخر بعد اعتقال رئيسها المنتخب الدكتور أحمد جمال. ووجهت في هذه الحلقة العديد من الاتهامات لموظفي وزارة الصحة من الطاقمين الطبي والإداري واتهمتهم بالخيانة والتواطؤ مع المحتجين وتضخيم الأحداث وتوزيع أدوية محددة الفعالية لجرحى الاحتجاجات لتهويل الواقع. الامر الذي نتج عنه اعتقال 47 من الكادر الطبي.

هذا وأصدرت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان الأميركية بياناً عن الحملة الشرسة التي يتعرض لها الأطباء وقال مديرها هانس هوغرف ان هذه الوقائع “مقلقة للغاية وتبرر فتح تحقيق دولي فوري”. واضاف ان “الهجمات على المستشفيات وسيارات الاسعاف والعيادات تعتبر مساسا ببنية المجتمع وتلحق الضرر بالصحة في كل انحاء البلاد”.

ويعتقد من السياق الذي جاءت به حلقات تلفزيون البحرين إنها كانت موجهة لتشويه صورة الأطباء وتدخل في نطاق المحاكمات العلنية على الشاشة والإدانة المسبقة والتشهير مجتمعيا بمتهمين قبل أن يفصل القضاء في التهم الموجهة إليهم، وقد جاءت متزامنة مع حملة الاعتقالات الشرسة ضد الطواقم الطبية والتمريضية، من أجل إضفاء المشروعية على عملية القمع غير المسبوقة أمام الرأي العام.

استهداف التربويين:

هذا ولم يسلم التربويون من حملات التحريض التي شنها تلفزيون البحرين، فقد استضاف في إحدى الحلقات وكيل وزارة التربية والتعليم الدكتور عبدالله المطوع، ونائب رئيس جامعة البحرين الدكتور محمد البستكي، ووجهت خلال هذه الحلقة اتهامات عديدة إلى جمعية المعلمين البحرينية التي اعتقل رئيسها السيد مهدي أبو ذيب وأعلنت السلطات عن حلها رسمياً إضافة إلى العديد من العاملين في الوزارة من التربويين والإداريين الذين تعاطفوا مع الاحتجاجات أو استجابوا لدعوة جمعية المعلمين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في دعوتهم للإضراب العام. وخلال هذه الحلقة توعد الضيفان بملاحقة ومعاقبة جميع من تثبت صلته بالاحتجاجات من موظفين وطلاب كما أنهما تحدثا بالأرقام عن لجان التطهير الطائفي التي أنشأت في وزارة التربية وجامعة البحرين والتي أوكلت لها عملية التحقيق مع الطلاب والموظفين وتحدثوا أيضا بالأرقام عن الذين تم فصلهم من عملهم كمدرسين ومدرسات أو الذين تم فصلهم من دراستهم بسبب مشاركتهم في دوار اللؤلؤة.

وجرت خلال الآونة الأخيرة حملة اعتقالات واسعة النطاق في صفوف التربويين من الجنسين ولم يسلم من ذلك طلاب المدارس والجامعات في مختلف المراحل الدراسية، كما تم فصل مئات الطلبة من جامعة البحرين إلى جانب العديد من الأكاديميين والإداريين بالجامعة.

استهداف الرياضيين المشاركين في الاحتجاجات:

وقام تلفزيون البحرين ببث العديد من الحلقات والبرامج لاستهداف الرياضيين المشاركين في الاحتجاجات عموماً ومسيرة الرياضيين في دوار اللؤلؤة خصوصاً. وفي إحدى الحلقات استضاف التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة وعبر الاتصال بالهاتف عدة رياضيين وكوادر في الأندية الرياضية ومنهم اللاعبين الدوليين لكرة القدم الكابتن علاء حبيل، والسيد محمد عدنان، ووجه لهما المذيع وضيوف الحلقة اتهامات بالإساءة إلى أمن وقيادة وسيادة مملكة البحرين، إضافة إلى اتهامهما بالدعوة إلى إسقاط النظام. ولم تخلو الحلقات مما يشبه أجواء التحقيق الأمني مع بعض الضيوف المشاركين أو المتعاطفين مع الحركة الاحتجاجية. ونشرت خلال البرنامج صور عديدة لمجموعة من الرياضيين وقد وضعت دائرة حول وجه العديد من الرياضيين المشاركين في مسيرة الرياضيين التي انطلقت تضامناً مع مطالب الشعب البحريني وكتب فوق الدائرة أسمائهم. وأعقب هذه الحلقة حملة اعتقالات طالت الكثير من الرياضيين.

وتلقى التلفزيون وأثناء البرنامج حول الرياضيين مكالمة هاتفية من رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية البحرينية الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة وهو أحد أبناء الحاكم الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة يتوعد ويهدد فيها بملاحقة جميع المشاركين في الاحتجاجات الذين لن يستطيعوا الإفلات من العقاب فالبحرين جزيرة صغيرة على حد قوله، وأضاف بان كل من نادى باسقاط النظام ستسقط على راسة "طوفة ".

دور التلفزيون في التشهير والطعن في مصداقية الصحافة ومؤسسات العمل المدني التي فضحت الإنتهاكات:

"من الضروري، لكي تحترم حرية الرأي والتعبير والإعلام ولكي يعكس الإعلام كل وجهات النظر، نشر وجهات نظر أولئك الذين قد يرون أن المعلومات التي نشرت أو أذيعت علي الملأ بشأنهم قد ألحقت ضررا جسيما بالنشاط الذي يضطلعون به في سبيل دعم السلام والتفاهم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان أو في سبيل مكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض علي الحرب." – المادة 5 من المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض علي الحرب.

ولم يتوقف دور التلفزيون عند التشهير بالمعارضين والمحتجين بل تعدى ذلك إلى التهجم والطعن في مصداقية كل من يدافع عنهم أو يدعم حقوقهم المشروعة في التعبير عن آرائهم، وكل من عمل على فضح الإنتهاكات الحاصلة في البحرين من الصحافة والإعلام ومنظمات العمل المدني ومنظمات ونشطاء حقوق الإنسان، كل ذلك دون أن يوفر التلفزيون لهم فرصة الرد على هذه الإتهامات.

استهداف الصحيفة المستقلة الوحيدة ورئيس تحريرها:

وجه تلفزيون البحرين في العديد من برامجه أصابع الاتهام إلى صحيفة الوسط –الصحيفة المستقلة الوحيدة في البحرين حيث حرصت الجريدة إبان الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد على تغطية الأحداث بحيادية وموضوعية. واستضاف تلفزيون البحرين في أكثر من برنامج شخصيات موالية للسلطة ذات طابع رسمي بينهم إعلاميين وتوجهوا بكيل الاتهامات للصحيفة ورئيس تحريرها وإدارييها بل حتى العاملين فيها.

وقد بث تلفزيون البحرين حلقة خاصة في تاريخ 3-4-2011 من برنامج الراصد اتهم فيها الصحيفة بأنها تفبرك أخبار تابعة لدول ثانية وتنسبها للبحرين ويشكك في مصداقيتها ويتهمها بالكذب وتضليل القراء، وأعقبه صدور تقرير من هيئة شئون الإعلام يتضمن اتهامات مماثلة للصحيفة بنشرها فبركات لأخبار وصور تتعلق بالاحتجاجات. وبناءاً على ذلك أصدرت هيئة شئون الإعلام قراراً بإيقاف جريدة الوسط بعد حوالي نصف الساعة من وقت انتهاء البرنامج التحريضي ضد الصحيفة في التلفزيون الرسمي. كما تم حجب موقع الصحيفة بعد انتشار التقرير الذي يتحدث عن تعمد صحيفة الوسط للكذب وتضليل القراء ونشر الأخبار والصور غير الصحيحة والمفبركة.

وقال رئيس تحرير صحيفة الوسط البحرينية السابق الدكتور منصور الجمري بأن تلفزيون البحرين لم يتح له أو للصحيفة الفرصة لعرض وجهة نظرها وتبيان الحقيقة، موضحاً أنه حاول طوال فترة بث البرنامج –الراصد- الاتصال لعرض وجهة نظر الصحيفة ولكن دون جدوى. واعتبر الجمري ما يقوم به تلفزيون البحرين ما هو إلا حملة ممنهجة للنيل منه شخصياً بهدف ضرب الرسالة الإعلامية وقمع الأصوات المستقلة المنادية بالإصلاح في مملكة البحرين. وكانت الصحيفة تعمل في ظروف قاسية خلال فترة الأزمة السياسية حيث تعرض العاملين فيها لاعتداءات جسدية متكررة وتلقت إدارتها تهديدات من شخوص مختلفة، وتم الاعتداء على مطبعتها بالتخريب والتكسير في تاريخ 15 مارس 2011.

استهداف نشطاء حقوق الإنسان:

كما بث تلفزيون البحرين حلقة خاصة في تاريخ 16 أبريل 2011 ضمن حلقات برنامج الراصد تناولت الوضع الحقوقي في البحرين وتم توجيه التهم والتشهير بمجموعة من النشطاء الحقوقيين في البحرين ومن بينهم الأستاذ عبدالهادي الخواجة المعتقل في سجون السلطة -الممثل السابق لمنظمة فرونت لاين الدولية- و السيد نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان. حيث اتهموا على شاشة التلفزيون بالعمل على تشويه سمعة البحرين وإنجازاتها في الداخل والخارج. وركز مقدمو البرنامج وضيوفه على أن الأستاذ نبيل رجب شخصيا متهمينه بأنه طائفي ويحرض على الطائفية وعلاقاته الدولية الواسعة بالمنظمات الحقوقية الإقليمية والعالمية تشكل مساساً بالأمن القومي لمملكة البحرين.

وذكر الناشط الحقوقي نبيل رجب على موقعه في التويتر أنه حاول الاتصال مرارا بالبرنامج إلا انه لم يتمكن من ذلك مبيناً أن الاتصالات كانت انتقائية ومبرمجة للنيل منه شخصياً ومن النشاط الحقوقي المؤثر في البحرين. وتأتي هذه الحلقة بعد أن كانت وكالة أنباء البحرين قد نشرت خبراً عن تحويل نبيل رجب إلى النائب العام العسكري إثر اتهامه بنشر صور مزورة تظهر آثار التعذيب على جسد الشهيد صقر الذي توفي في السجن، وذلك على صفحة تويتر الخاصة به. وهي المزاعم التي أكد عدم صحتها صحفيي الوكالات الأجنبية الذين شاهدوا الآثار نفسها وأكدوا صدق الصور.

استهداف المنظمات الحقوقية الدولية والتشكيك في مصداقيتها:

وبعد تزايد البيانات الدولية المنددة بانتهاكات حقوق الإنسان، وتزايد الضغوط الدولية على الحكومة في البحرين تم تخصيص برنامج للنيل من المنظمات الدولية التي أصدرت هذه البيانات. ففي برنامج كلمة أخيرة الذي يعرض على تلفزيون البحرين تم استضافة وزيرة التنمية الاجتماعية والقائم بأعمال وزير الصحة الدكتورة فاطمة البلوشي، وهي ذاتها الوزيرة المسئولة عن ملف حقوق الإنسان في الحكومة البحرينية. حيث اتهمت مقدمة البرنامج سوسن الشاعر وهي صحفية محسوبة على السلطة وتعمل في صحيفة الوطن احد الصحف التي جاء ذكرها في تقرير البندر، منظمات حقوق الإنسان الدولية ومنها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش الدوليتين ومنظمة أطباء بلا حدود، بالانحياز السافر وعدم الحيادية، وإصدار بيانات تعتمد على وجهات نظر أحادية المصدر، كما اتهمتها بأنها تمارس معايير مزدوجة وتحمل أجندات خاصة. وقالت البلوشي إن مملكة البحرين ليست معنية بالتفاعل مع ما تنشره هذه المنظمات. يذكر أن الوزيرة قامت بحل مجلس إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان المنتخب وتعيين رئيس مؤقت للجمعية؛ لمنعها من رصد الانتهاكات الحقوقية إبان الأحداث التي تشهدها البحرين مؤخراً.

كذلك بث تلفزيون البحرين تقريراً اتهم فيه ست منظمات حقوقية (ذكر منها العفو الدولية، هيومن رايتس ووتش، أطباء بلا حدود، منظمة حقوق الإنسان الأوروبية، NDI) ببث و نشر معلومات غير صحيحة تستهدف تشويه سمعة البحرين أمام الرأي العام و"تأليب الشعب البحريني على قيادته"، واتهمها بتلقي تمويلاً للقيام بهذه المهمة دون تحديد الممول. وجاءت هذه الاتهامات على لسان عبدالله الدوسري عضو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة للحكومة، والتي كانت شبه غائبة عن أحداث الساحة البحرينية والانتهاكات الحاصلة فيها إلا ببيانات نادرة تشيد فيها بمواقف الحكومة.

استهداف الجمعيات السياسية:

لم تقتصر الحملة الإعلامية التي يقودها تلفزيون البحرين على الإساءة للمشاركين في الاحتجاجات من الشباب والنشطاء فحسب، بل تعدت ذلك إلى استهداف الجمعيات السياسية المرخصة رسمياً. وعلى الخصوص الجمعيات المعارضة وفي مقدمتها جمعية العمل الوطني الديمقراطي وجمعية العمل الإسلامي إلى جانب جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، التي حصلت على أكبر تمثيل شعبي في البرلمان البحريني وفازت بـ 18 مقعد نيابي من أصل 40 مقعد. كما تم الهجوم على الجمعيات الأخرى التي شكلت تحالفاً سباعياً مع الوفاق من أجل توحيد قرارات الجمعيات، واتهمتهم بالتحريض على كراهية النظام، وبث الأكاذيب، والإساءة للرموز السياسية في البلاد إضافة إلى مساندة الاحتجاجات. ولم يشفع لتلك الجمعيات ترخيصها من قبل وزارة التنمية ودخولها رسمياً في مظلة قانون الجمعيات السياسية الذي يفرض عليها قيوداً كثيرة.

وبعد عرض الحلقة أصدرت وزارة العدل والشئون الإسلامية وهي الوزارة المعنية بتنظيم عمل الجمعيات السياسية بيانا قالت فيه أنها رفعت دعوى قضائية لحل جمعيتي الوفاق الوطني الإسلامية، وجمعية العمل الإسلامي (أمل) المعارضتين وذلك لمخالفتهما القوانين الوطنية والدستورية بمملكة البحرين. ولكن الحكومة البحرينية سرعان ما تراجعت عن ذلك بعد حملة انتقادات دولية واسعة أبرزها ما جاء على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية الذي عبر فيه عن قلق الإدارة الأمريكية من هذه الخطوة، وقال بأن الولايات المتحدة سترحب بتراجع السلطات البحرينية عن هذه الخطوة. وهو ما تحقق فعلا ً من خلال تصريح وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد آل خليفة وصدور بيان آخر عن وزارة العدل ينفي مضمون البيان الأول.

دور التلفزيون في فبركة المعلومات وتشويه صورة الإحتجاجات والمحتجين:

وبعيداً عن برنامج الاستهداف الممنهج لوظائف ومهن معينة لم يتوانى تلفزيون البحرين عن فبركة المسرحيات والمشاهد التي تخدم أغراض الجهاز الأمني، وتلصق التهم بالمتظاهرين، والنشطاء، والنقابيين وكل من كانت له وجهة نظر مختلفة مع السلطة.

وكان من بين هذه الفبركات شريطاً بثه تلفزيون البحرين مدعياً بأنه عملية قام بها الشباب المتظاهرين لدهس أحد رجال الشرطة، وكان من الواضح إن اتهام المتظاهرين بذلك تهمة لا دليل عليها، خاصةً بملاحظة ظروف ومكان الحدث، والمكان إضافة إلى تضارب الأسماء والشهادات بالنسبة للقتيل المزعوم. والدليل الوحيد على المتهمين هي الاعترافات التي يعتقد بانها اخدت قسرا تحت التعذيب خصوصا بعد سقوط شهيد من المتهمين في هذة القضية تحت التعذيب و وصول معلومات الى مركز البحرين لحقوق الانسان عن اثار التعذيب التي كانت على اجساد المتهمين في الجلسة التي سبقت حكم الاعدام .و عرض تلفزيون البحرين الشهيد علي صقر يعترف على نفسة بانة من دهس الشرطي هو مساس بمشاعر أسرة الشهيد و في نفس الوقت دليل قاطع بان المتهمين يخضعون لتعذيب ممنهج بهدف تسجيل اعترافات وبثها لتحقيق أهداف سياسية.

وتوالت فبركات تلفزيون البحرين فعرض في وقت آخر مقطعاً من شهادات لرجال شرطة مزعومين ويتحدثون في الظلام ولا تظهر ملامحهم، يدعون إنهم تعرضوا لاعتداءات من المتظاهرين، وكانت الشهادات غير واقعية وبها الكثير من الأخطاء التي استطاع أبناء الشعب البسطاء تحليلها في غضون دقائق، وما يثير الشك في هذه الشهادات هو إخفاء وجوه هؤلاء الشرطة. كما لم يسمح تلفزيون البحرين للمعارضين بالتواصل مع البرامج التي يعرضها ويتم التعامل مع كل ما يعرض في تلفزيون البحرين على أنه حقيقة دامغة.

وعرض تلفزيون البحرين في إحدى البرامج برنامجاً إدعى مقدمه في تحريض طائفي واضح أن المتظاهرين قد هاجموا المساجد في البحرين معرباً عن استهجانه واستنكاره لتلك الهجمات، كما انه قال بأن من يقوم بذلك أشخاص غير معروفين وهم أصلاً خارج ملة الإسلام. بينما تظهر مقاطع الفيديو التي انتشرت على موقع اليوتيوب قيام رجال أمن وقوات الجيش البحريني والسعودي بهدم المساجد التي زعمت فيما بعد بأنها غير مرخصة.

وقد نشر تلفزون البحرين العديد من المشاهد التي يظهر فيها عناصر من ما بات يعرف بال (بلطجية) وهم عناصر مدنية تتبع الأجهزة الأمنية محاولا ايهام المجتمع المحلي والدولي على أنهم متظاهرون لنزع صفة السلمية عن التظاهرات الا انهم تابعين للنظام في حقيقة الأمر. ولم يظهر التلفزيون البلطجية الذين كانوا يرافقون قوات الأمن ويحملون السلاح الأبيض والعصي وهم ملثمين هي الفترة التي سبقت نزول الجيش والدي أرسل فيه النظام الكثير من البلطجية للهجوم على الناس والإيحاء بانعدام الأمن بعد سحب كل رجال الأمن وإدخال البلاد في فوضى وهو التبرير الذي كان يحتاجه النظام لإنزال الجيش وإعلان حالة الطوارئ.

أما بالنسبة للغة البرامج ومقدميها فقد اعتمد معظم القائمين على البرامج ومقدميها لإستخدام لغة التشهير وعدم مراعاة الجوانب القانونية ولا الأخلاقية التي تحضر التشهير والمساس بخصوصيات الأفراد فأخذ مقدموا البرامج في التشهير وكيل التهم لعدة شخصيات بحرينية ومارسوا مخالفات صارخة للعديد من مواد قانون العقوبات وخصوصاً مواده رقم (364، 365، 92، 216) حيث تنص المادة رقم (364) من قانون العقوبات على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على السنتين أو بالغرامة التي لا تجاوز مئتي دينار من أسند إلى غيره بإحدى طرق العلانية واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو الازدراء، وتكون العقوبة الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين إذا كان ماساً بالعرض أو خادشاً لسمعة العائلات، أو كان ملحوظاً فيه تحقيق غرض غير مشروع. وإذا وقع القذف بطريقة النشر في إحدى الصحف أو المطبوعات عد ذلك ظرفاً مشدداً». كما يعد مخالفة صارخة للعديد من مواد قانون العقوبات، ناهيك عن المواد الدستورية ذات الصلة بحرية الرأي والرأي الآخر.

وقد أمعن تلفزيون البحرين في منع أي صوت مخالف لتوجهات السلطة من الحديث على الشاشة، بل تم قطع إتصال من ينتقد ما يعرضه التلفزيون، ولم يتم استضافة شخصيات معارضة، في ظل احتكار كامل من الدولة لوسائل الإعلام المرئي. وكانت السلطة في سبتمبر الماضي قد حجبت موقع جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بعد إعلان نيتها إطلاق خدمة إعلام مرئي ومسموع عبر الانترنت، كذلك منعت صحيفة الوسط من بث تقارير صوتية ومرئية على موقعها الإلكتروني. وقامت بزج عددا من النشطاء في السجن لمجرد قيامهم بنقل صور فيديو للإنتهاكات الجارية في البحرين إلى وسائل إعلام مرئية خارج البحرين. يُذكر أن آخر ظهور لمعارض ناقد وهو إبراهيم شريف على تلفزيون البحرين في عام 2008 قد لحق تلك الحلقة عزل وزير الإعلام في ذلك الوقت جهاد أبوكمال من منصبه، ويدير شؤون هيئة الإعلام حالياً الشيخ فواز آل خليفة الذي يضع السياسة الإقصائية الطائفية لتلفزيون البحرين.

وبناءاً على التفاصيل المذكورة في هذا التقرير يعتقد المركز أن تلفزيون البحرين قد لعب دوراً هو على النقيض من المبادئ المهنية في الإعلام المرئي وبدلا من دعم السلام والتفاهم عمل على التحريض ضد فئة كبيرة من المواطنين والنشطاء والمهنيين وحجب أصوات المختلفين معه، وعمل على تزييف الحقائق والمعلومات ، وبعد اتضاح الدور الهابط والخطير الذي يقوم به الإعلام الرسمي في البحرين عموماً وتلفزيون البحرين بشكلٍ خاص فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يوصي بـ:

1. بضرورة محاسبة المسئولين في هيئة الإذاعة والتلفزيون والوقف الفوري للحملة التحريضية الطائفية التي يوم بها تلفزيون البحرين. والتزام الحيادية والموضوعية في النشر والعرض.

2. محاسبة المسئولين في هيئة شئون الإعلام والمتورطين في نشر الأكاذيب والتحريض الطائفي.

3. الابتعاد عن التشهير والقذف والممارسات التي تحث على الكراهية والتفرقة والعنصرية والإقصاء.

4. الالتزام بمواثيق الشرف العالمية في الحقل الإعلامي وكافة المعاهدات والمواثيق الدولية وعلى رأسها العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية.

5. اتاحة الفرصة على قدرٍ متساوٍ لكافة أطياف المجتمع للتعبير عن آرائها إزاء مختلف القضايا دون إقصاء لأي فئة بناءاً على أسس مذهبية أو فكرية أو سياسية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/آيار/2011 - 20/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م