|
شبكة النبأ: لم يكن مفهوم التنوع
البيولوجي قبل الثمانينات من القرن المنصرم معروفا في الاوساط علماء
البيولوجيا والبيئة الا ان جملة التحديات التي فرضتها عمليات التغير
البيئي وانماط التاكل فيها ونقص الغذاء والاحتباس الحراري والتعيرات
المناخية التي اثرت بشكل كبير على الاحياء جعلت هذا المفهوم متداولا
منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
يشمل التنوع البيولوجي كافة أنماط الحياة الموجودة على سطح الأرض،
بل إنه لا يشمل فقط جميع أنواع الحيوانات والنباتات ولكنه يشمل أيضا
التنوع الوراثي لتلك الحيوانات وكذلك النظم الأيكولوجية المعقدة التي
ينتمون إليها.
التعريف الرسمي للتنوع البيولوجي: التنوع بين الكائنات الحية من
كافة الأنواع بما فيها الكائنات الأرضية والبحرية وأنظمة أيكولوجية
مائية أخرى وكذلك التركيبات الأيكولوجية التي تنتمي إليها تلك الكائنات.
يشمل أيضا التنوع بين الكائنات وبين الأنظمة الأيكولوجية. مؤتمر الأمم
المتحدة للبيئة والتنمية، رايو دي جانيرو، 1992، اتفاقية التنوع
البيولوجي، المادة 2.
يمثل التنوع البيولوجي العماد الأساسي الذي يدعم حياتنا جميعا. حيث
يلعب دورا حيويا في بقائنا إلى جانب كونه المقياس الرئيسي لصحة كوكبنا.
تمثل التصرفات البشرية عاملا جوهريا في تغيير تنوع الحياة على سطح
الأرض. في كافة المناطق حول العالم، تزايدت معدلات انقراض الأنواع
وانحدرت الأنظمة الأيكولوجية والتنوع الوراثي.
اتفاقية التنوع البيولوجي هي معاهدة تم فتح باب التوقيع عليها في
مؤتمر قمة الأرض في رايو دي جانيرو في يونيو 1992، ولها ثلاثة أهداف هي:
حفظ التنوع البيولوجي، واستدامة استخدام مكوناته والتقاسم العادل
والمنصف لمزايا استغلال الموارد الوراثية.
في التقديرات الاولية لعلماء البيولوجيا أن الأنواع البيولوجية
تتجاوز الثمانين مليون نوع ولم يصنف العلم منها حتى الآن سوى 1.4 مليون
صنف موزع إلى 750 ألف حشرة و41 ألفا من الفقاريات وربع مليون من
النباتات، والباقي موزع بين الفطريات واللافقاريات والطحالب وغيرها.
وتعتبر المناطق الإستوائية من أغنى المناطق في العالم بأنواع
الأحياء المختلفة خصوصا الثدييات والنباتات المختلفة. ففي أميركا
اللاتينية مثلا يوجد في فدان الغابات الإستوائية الواحد ما بين 40 و
100 نوع من الأشجار، في مقابل 10 إلى 30 نوعا في الفدان في غابات شمال
شرق أميركا.
وفى مساحة لا تزيد عن 15 فدانا من غابات بورنيو بماليزيا يوجد أكثر
من سبعمائة نوع من الأشجار، وهو عدد يفوق عدد أنواع الأشجار الموجودة
بأميركا الشمالية كلها.
وكما تتنوع الحياة في اليابسة وتختلف قلة وكثرة من منطقة إلى أخرى،
فهي كذلك في المياه حيث تزيد أنواع بعض الحيوانات البحرية من 103 أنواع
في المنطقتين القطبيتين إلى 629 نوعا في المناطق الإستوائية.
تساهم الأنواع البرية والجينات داخلها في تطور الزراعة والطب
والصناعة، ويوفر الحطب وروث الحيوانات ما يزيد على 90% من احتياجات
الطاقة في مناطق كثيرة في دول آسيوية وأفريقية.
يستعمل الإنسان أكثر من سبعة آلاف نوع من النباتات للطعام وتشكل 20
نوعا منها 90% من الغذاء المنتج في العالم، ومن بين هذه النسبة توجد
ثلاثة أنواع هي الأكثر استهلاكا وهي القمح والذرة والأرز حيث تستحوذ
على أكثر من 50% من غذاء الإنسان. وتستغل النباتات البرية في صناعة
الأدوية بما تقدر قيمته بحوالي 40 مليار دولار سنويا.
ويذكر أن كل أسد في حديقة قومية أفريقية يجني من ريع الزوار سنويا
نحو 27 ألف دولار أميركي، ويجني كل قطيع من الفيلة ما يقدر بحوالي 610
آلاف دولار.
خضعت أنواع النباتات والحيوانات لعمليات تطور مختلفة ونفوق على مر
العصور الجيولوجية، وقد انقرضت الديناصورات مثلا في العصر الطباشيري (قبل
65 مليون سنة من الآن).
وفى تاريخنا الراهن نفقت حيوانات وانقرضت نباتات، إذ إنه منذ 1600
حتى الآن انقرض 724 نوعا بيولوجيا. ويوجد 3956 نوعا مهددا بالخطر و3647
نوعا معرضا للخطر و7240 نوعا نادرا. وهنالك 25% من التنوع البيولوجي
معرض لخطر الانقراض خلال عشرين إلى ثلاثين سنة قادمة.
تلافي الخطر وصلت المناطق المحمية في العالم إلى حوالي عشرة آلاف
محمية تغطي ما يقرب من 6% من مساحة الأرض. وهنالك عدة معاهدات عالمية
تسعى الدول عبرها إلى تعميق الحفاظ على التنوع البيولوجي، ومنها:
الاتفاقية الدولية لتنظيم صيد الحيتان لعام 1946 والمعدلة عام 1956.
الاتفاقية الأفريقية لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية الموقعة عام
1968.
اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة الموقعة عام 1979.
الاتفاقية الإقليمية لحماية بيئة البحر الأحمر وخليج عدن الموقعة
عام 1982.
اتفاقية التنوع البيولوجي التي تم التوقيع عليها أثناء قمة الأرض في
1992.
في العام الماضي وافقت حكومات الدول الأطراف في اتفاقية التنوع
البيولوجي، والبالغ عددها 193 دولة، على بروتوكول آيشي بشأن إفساح
المجال للحصول على الموارد الجينية وتوخي العدل والإنصاف في تقاسم
المنافع الناجمة عن استخدامها.
وقال الأمين العام للامم المتحدة (إن الغابات مخزون ضخم للتنوع
البيولوجي، لم يصنف منه بعد إلا النزر اليسير، ومن شأن التصديق على
برتوكول آيشي وتنفيذه بصورة مبكرة أن يدعم حماية الغابات واستخدام
التنوع البيولوجي استخداما مستداما الأمر الذي سيسهم بدوره في التخفيف
من وطأة الفقر وتحقيق التنمية الوطنية المستدامة).
واضاف (إن الغابات تزخر بمنافع لا تعد ولا تحصى، فعلاوة على تخزينها
للمياه فهي تثبت التربة وتؤوي أشكال التنوع البيولوجي وتقدم إسهاما
مهما في تنظيم المناخ وغازات الاحتباس الحراري التي تتسبب في تغير
المناخ).
وأشار بان كي مون إلى ازدياد الوعي بأن الحد من إزالة الغابات يمكن
أن يلعب دورا في التصدي لخطر تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي،
مشيدا بأن الغابات في التنمية المستدامة.
واعتبارا لما تشهده السوق العالمية من نمو متزايد لحجم المبادلات
التجارية وتطور لوسائل النقل بالإضافة إلى التغييرات الهامة في
المنظومات البيئية نتيجة لارتفاع درجة الحرارة على مستوى سطح الأرض،
أصبحت الأصناف الغريبة والغازية تمثل تهديدات على التنوع البيولوجي،
على المستوى الدولي، وهو ما ترجمه شعار اليوم الدولي للتنوع البيولوجي
لهذه السنة. كما بينت الدراسات المنجزة على المستوى الدولي اندثار ما
يناهز 110 نوعا من الفقريات نتيجة تغيرات خصائص المنظومات ووظائفها
بتأثير الأصناف الغريبة والغازية. وعملا على تطبيق الحذر، يتم حاليا
إنجاز عديد الدراسات الوطنية لتحديد الأصناف الغازية المتواجدة.
وضمن الجهود الرامية لتعزيز طرق ووسائل الحفاظ على التنوع البيولوجي شدد
المدير العام للويبو، السيد فرانسس غري، على التزام المنظمة بالعمل
لضمان أن يضطلع نظام الملكية الفكرية بدور إيجابي في الحفاظ على التنوع
البيولوجي، واستخدام عناصره بشكل مستدام واقتسام المنافع الناجمة عن
الانتفاع بالموارد الوراثية.
وتشارك الويبو بنشاط في المناقشات الدولية المتعلقة باتفاقية التنوع
البيولوجي. ويرمي برنامج الويبو المتعلق بالمعارف التقليدية والموارد
الوراثية وأشكال التعبير الثقافي التقليدي إلى تمكين الدول والمجتمعات
الأصلية والمحلية من التفاوض للحصول على نصيب عادل من المنافع الآتية
من استغلال التنوع البيولوجي والمعارف التقليدية المقترنة به. ولدعم
ذلك، تضطلع الويبو بناء على طلب من الدول الأعضاء بمجموعة واسعة من
الأنشطة الرامية إلى تعزيز القدرات.
في إبريل 2002، في مؤتمر الأطراف في الاتفاقية المتعلقة بالتنوع
البيولوجي تعهدت الحكومات “أن تحقق انخفاضا كبيرا بحلول عام 2010 في
المعدل الحالي لضياع التنوع البيولوجي على المستوى العالمي والإقليمي
والقومي مساهمة منها في تخفيف نسبة الفقر لصالح جميع أنواع الحياة
الموجودة على الأرض" ((قرار 6/26)) وقد تم التصديق على "هدف التنوع
البيولوجي لعام 2010في المؤتمر العالمي للتنمية المستدامة وتمت مناقشته
في الهدف 7 من الأهداف الإنمائية للألفية بهدف (تقليل ميزانية فقد
التنوع البيولوجي).
وقد تم الاهتمام بهدف التنوع البيولوجي لعام 2010 أثناء المناقشات
التي تمت في الخطة الإستراتيجية لاتفاقية التنوع البيولوجي في
الاجتماعات السابعة والثامنة والتاسعة لاتفاقية التنوع البيولوجي
ومؤتمر الأطراف. وفي مؤتمر الأطراف التاسع 9، قامت الأطراف بتقييم
الخطة الإستراتيجية لما بعد عام 2010 قرار9/9.
في اجتماعها المنعقد في عام 2004، تبنت اتفاقية التنوع البيولوجي
ومؤتمر الأطراف 7 إطار عمل يوصي باستخدام مجموعة من المؤشرات (قرار
7/30)، وطالبت اللجنة الاستشارية العلمية لديها بالعمل من خلال تلك
المؤشرات ووضع فريق متخصص لهذا الغرض بالتحديد وبناء على توصيات 10/5،
طور مؤتمر الأطراف 8 في عام 2006 (قرار 8/15) هذا الإطار وأعلن عن
تأسيس 2010 شراكة مؤشرات التنوع البيولوجي لعام (2010 شراكة مؤشرات
التنوع البيولوجي لعام). و2010 شراكة مؤشرات التنوع البيولوجي لعام هي
مبادرة عالمية لتطوير ودعم مؤشرات تهدف إلى الرصد والتقييم المتناسق
للتنوع البيولوجيوقد تأسست 2010 شراكة مؤشرات التنوع البيولوجي لعام
بدعم رئيسي من صندوق البيئة العالمية، وكانت أهداف 2010 شراكة مؤشرات
التنوع البيولوجي الرئيسية الثلاثة هي:
- إيجاد معلومات حول اتجاهات التنوع البيولوجي المفيدة لواضعي
السياسة؛
- التأكد من تنفيذ وإتاحة المؤشرات العالمية المعدلة للتنوع
البيولوجي؛
- الربط بين مبادرات التنوع البيولوجي على المستويات القومية
والإقليمية للمساعدة على بناء الكفاءة وتحسين الاداء، وتبرز الصلة
واضحة بين التنوع الزراعي والأمن الغذائي في سياق ظاهرة التغيير
المناخي حيث يعمل ذلك على فقدان التنوع البيولوجي الذي يؤدي بدوره الى
تهديد طعام البشرية.
وتكمن المشكلة الكبري في أن يتسبب التغيير المناخي في تقلبات متطرفة
لأحوال الطقس تضع المحاصيل تحت وقع ضغوط قوية. فحتى وإن كانت
التكنلوجيات توفر حلولا لأحد هذه الضغوط من خلال بذور معدلة جينيا
وعالية المقاومة للجفاف مثلا، إلا أن المحاصيل تتعرض لنوع آخر من
الضغوط علي شكل موجات من البرد القاسي أو الأمطار الغريزة.
وما يزيد من خطورة هذا الوضع أن التغيير المناخي سيأتي بأخطر
تداعياته علي المناطق التي تعتبر شديدة التعرض لإنعدام الأمن الغذائي،
ومنها أفريقيا جنوب الصحراء وإقليم جنوب آسيا. لكن التنوع البيولوجي
قادر علي تقديم الحلول المناسبة.
ففي المقام الأول، يوفر تنويع المحاصيل في الحقول "بوليصة تأمين"
للمزارعين نظرا لإتاحته المزيد من الفرص لأن يكون جزءا على الأقل من
المحصول قادرا على الصمود في وجه الضغوط التي تصيبه، وهو أمر لا ينطبق
على زراعة المحصول الواحد الصناعية.
وقد يترتب علي ذلك أن ينتج المزارعون كميات أقل في موسم زراعي ما،
لكنه يضمن أيضا زيادة في الإنتاج علي المدي المتوسط وفقا للدارسات.
يضاف إلي ذلك أن تنويع المزروعات يفيد أيضا في الحد من أخطار الآفئات
والأمراض وتحسين مستوي خصوبة التربة، وبالتالي في خفض الحاجة لإستخدام
المبيدات والأسمدة العالية الكلفة والمضرة بيئيا. وكل ما سبق يكتسب
أهمية كبيرة في الإعتبارات الغذائية.
هذا ولقد أشارت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلي
أن عدد الجوعى في العالم يتجاوز المليار شخصا، ثلاثة أرباعهم من فقراء
الريفيين في البلدان النامية، في وقت يزيد فيه عدد الأهالي الذين
يقاسون من سوء التغذية كثيرا عن هذا العدد.
وقد صرح ايميل فريسون، مدير عام منظمة (التنوع البيولوجي الدولية)
أن فقراء المزارعين (لا يتوفر لديهم أي إحتياطي، وبالتالي فيصبح التنوع
البيولوجي وسيلتهم الوحيدة لمعالجة المخاطر، وهو ما يتوجب تغيير
منظورنا للتنوع الزراعي).
وأضاف الخبير (هذا التنوع يمكن أن يأتي بالعديد من الفوائد، لا من
حيث الإستدامة الزراعية فحسب، بل وأيضا علي شكل المزايا المترتبة علي
ذلك كتنويع الغذاء وتحسين مستويات التغذية والأحوال الصحية، التي تعتبر
مشاكلا بالغة الأهمية في الكثر من البلدان النامية). |
