السايكو دراما... طريق للعلاج النفسي

عبد الكريم العامري

 

شبكة النبأ: هنالك ارتباطا وثيقا وقديما بين الإنسان والفن، دلائل هذا الارتباط ماثلة في الآثار المكتشفة لرسوم الإنسان في الكهوف أو المسارح، الآلات الموسيقية.. مهما كانت غاياتها. واضح أيضا من ممارسة فن التمثيل، الأناشيد في حياة الشعوب البدائية والمعاصرة، تشكل امتدادا لم ينقطع لأنماط الحياة، استمر حتى يومنا هذا.

القدم والاستمرارية للفنون بأنواعها، لابد لنا أن نجد ما ينوه بأن الفن يخدم أغراضا حياتية هامة في حياة الإنسان. لعل حصيلة هذه الأغراض، الفن من نوع أو آخر يحفز الإنسان الإقبال على الحياة ويساعده في التغلب على أعبائها.

هناك نظريات مختلفة عن الطرق التي يحقق فيها الفن فعله في حياة الفرد أو المجتمع. أعتقد، أقربها تفيد بأن الفن يحقق أغراضه عن طريقين:

الأول: طريق الإيقاع أو (الهارموني). الفنون على العموم تشترك في خاصة أساسية هي الهارموني في الصوت، اللون، التناسق في الشكل، هذا التناغم، من صفات الطبيعة والكون والطبيعة البايولوجية للإنسان. لهذا قد يكون في ممارسة الإنسان للفنون، من خلق أو مشاركة، ما يمكنه من الإبقاء على حالة التناغم في نفسه وطبيعته من جهة وبين الهارموني في الطبيعة والكون من جهة أخرى.

الثاني: هو الإحساس بالجمال. فعل الجمال الذي تتصف به الفنون له أثر كبير في النفس، منها؛ إطلاق العاطفة الكامنة، بالتالي إرضاء النفس وراحتها، كذلك يساعد على البقاء، لأن الحياة الخالية منه لا تشجع الإنسان على البقاء أو الخلق.

(الدرامي)، أسلوب علاجي بدأه مورينو Moreno الذي ينظر إليه كأول من بدأ الطريقة (العفوية) في السلوك والتعبير، التي دخلت بشكل ما في معظم الطرق العلاجية الفردية والجماعية التي تلتها. المبدأ العلاجي الذي يرتكز عليه العلاج الدرامي هو نفسي، ان على كل فرد أن يلعب أدوارا متعددة، ربما متضاربة على مسرح الحياة، منها دور الطفل، دور الأب، المعلم، الصديق، المسيطر، المحب.. الى غير ذلك من الأدوار والصفات. غير ان واقع الحياة يحتم علينا أن نلعب هذه الأدوار بالشكل والصورة التي تتوافق مع مقتضياته وقيوده.

هو واقع مرير لا يتيح فرصة التخلص من الصراعات التي يمكن أن تكمن بين هذه الأدوار المختلفة، بذلك فان هذه الصراعات تظل مكبوتة، محبوسة، قائمة بدون تبديد أو حل. المريض قد يستطيع مثل هذا التبديد والتخلص، فيما لو تمكن من تمثيل هذه الأدوار المختلفة بشكل تلقائي وفي جو جماعي أفضل، إضافة الى ان مشاهدته ومشاركته لتمثيل هذه الأدوار من قبل غيره من المرضى يعطيه الفرصة لإيضاح مشاكله النفسية وتمكينه من السيطرة عليها.

في تمثيله لهذه الأدوار بان لا يقتصر في ذلك على النطق وإنما التعبير بالحركة أيضا، يتم ذلك في جو يفضل جماعي من المشاركة والمشاهدة. هذه الطريقة العلاجية لها الكثير من المزايا التي تميزها من الطرق العلاجية الأخرى، إذ بالامكان تحديد أو توسيع مجالها العلاجي ليشمل أعدادا قليلة أو مختارة للمشاركة في العلاج، كما ان بالامكان استعمالها في المحيط العائلي كأسلوب من أساليب العلاج العائلي، تساعد على إنهاء التوترات والصراعات العائلية، تعيد وسائل الاتصال الطبيعي بين المريض وغيره من أفراد المجتمع عن طريق اكتشاف أوجه الاختلال والاضطراب القائم في هذه الصلات.

إذن، السايكودراما، هي العلم الذي يكتشف الحقيقة بالطرق الدرامية، هذه الطريقة تستعمل خمس أدوات هي: المسرح، المريض، المخرج، الهيئة المساعدة، الجمهور، الحضور. السؤال، أين النص المسرحي؟

الكلام أو النص، اعتقد هو المعاناة القابعة في اللاشعور، تلك التي تؤثر سلبا على الإنسان، فيكون فريسة لها، بشكل غير مرئي. المسرح يعطي الفرد الفرصة للتعبير عن نفسه بحرية، سواء كان يقوم بتمثيل أو يستعيد مشهدا سابقا في حياته أو مشكلة حالية قائمة، أما المخرج فمهمته أن يكون مخرجا ومعالجا ومحللا في آن واحد، أما الهيئة المساعدة فتساعد المخرج بتمثيلها الأدوار اللازمة لشخصيات تقع ضمن التجارب الحياتية للمريض، أما الحاضرون فانهم يمثلون الرأي العام، وتتاح لهم فرصة مشاهدة مشاكلهم وهي تعرض أمامهم.

نلاحظ، استفادة علم النفس كثيرا، من المسرحيات خاصة الإغريقية، لا تزال أسماء المواقف الدرامية لها وجود في التحليل النفسي، منها العقد. لذلك، ينصح المريض نفسيا بان (يمسرح) حياته؛ السلوكات كافة، الحركات، الأصوات.. عند اختلاطه بالمجتمع، خاصة الخجول أو الإنطوائي أو المكتئب، لحين استقرار نفسيته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/آيار/2011 - 18/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م