شبكة النبأ: وجد الكثيرون ممن أنصت
الى كلمة اوباما الأخيرة انها مجرد دعاية انتخابية انتهز الأخير الوقت
لتمريرها الى الشعب الأمريكي، مغتنما ربيع الديمقراطية الذي يجتاح بعض
دول الشرق الأوسط، ناسبا جزء مما يجري الى سياسة إدارته في هذا الفترة،
وما زامنه من انجاز كبير لإدارته تمثل بمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة
بن لادن مؤخرا.
لكن على الرغم من اشتمال كلمة الرئيس الامريكي باراك أوباما الكثير
من القضايا المشتركة للدول العربية، الذي ركز خلالها على مستجدات
الأوضاع السياسية وإسقاطات رياح التغيير في المنطقة، الا ان اغلب
المحللين السياسيين وجدوا ان اسرائيل كانت أكثر الدول تضررا من ذلك
الخطاب بالشكل الذي لم تتوقعه تل أبيب، التي كان رئيس وزرائها على
يستعد للقاء اوباما خلال الساعات اللاحقة.
فمختلف الانظمة العربية التي استهدفها اوباما في كلمته الموجة الى
شعوبها كانت تستشرف اغلب ما تحتويه تلك الكلمة، وهي بشكل وآخر تتفادى
بشكل مستمر الانتقادات الامريكية وتعليقاتها دون اكتراث لعواقب ما يحدث،
خصوصا على صعيد السياسة الداخلية لتلك البلدان وملفات الحقوق والحريات
التي تطالب واشنطن والاتحاد الاوربي بشكل دوري مراعاتها، بالرغم من
اشارة اوباما الى تغيير سياسة بلاده تجاه تلك الدول بما يتناسب مع
تطلعات شعوبها حسب زعمه.
واعتبرت اسرائيل ما قاله اوباما صدمة كبيرة في طبيعة التحالف
الاستراتيجي المحكم بين البلدين، خصوصا بعد تأكيده على ضرورة انسحاب
إسرائيل إلى حدود 1967، واقامة الدولة الفلسطينية بشكل كامل ومستقل،
الامر الذي ترفضه تل أبيب جملة وتفصيلا.
رسالة سياسية
فقد بعث اوباما بسلسلة من الرسائل السياسية التي قد يكون لها صدى في
مسعاه عام 2012 للبقاء في البيت الابيض. لكن الرئيس كان لديه جمهور
مستهدف اخر.. الناخبون الامريكيون.
فبتوضيحه المواقف الامريكية بشأن الحرب في ليبيا والعنف في سوريا
والعقبات التي تعترض عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية خاطب اوباما
جماعات مصالح معينة وناخبين مستقلين حاسمين يستخدمون السياسة الخارجية
معيارا للتصويت. وفيما يلي نظرة على المضامين السياسية في خطاب اوباما.
1- دفع عملية السلام للامام.
وجه اوباما اشارة لكتلة مهمة من الناخبين المسيحيين واليهود الذين
يتابعون العلاقات مع المنطقة عن كثب باعادة بتأكيده على الدعم الامريكي
القوي لامن اسرائيل في حين ضغط على القادة الفلسطينيين والاسرائيليين
للعودة للمحادثات.
لكن لغته الصريحة لاسرائيل بشأن "احتلالها" للاراضي العربية قد تكون
لها نتائج سلبية لدى بعض الناخبين الذين قد يرون رسالته قاسية اكثر مما
ينبغي بالنسبة لحليف رئيسي.
2- اظهار قدرة على القيادة بشأن ليبيا وسوريا.
يواجه البيت الابيض تساؤلات مستمرة بشأن المشاركة الامريكية في
الحرب في ليبيا والتناقض الواضح مع ممانعتها في المشاركة في صراعات
اخرى افرزها "الربيع العربي".
واستغل اوباما كلمته ليذكر الامريكيين بأن العمل العسكري كان ضروريا
لمنع وقوع مذبحة في ليبيا.
وفيما يتعلق بسوريا لم يدع اوباما الى التدخل لكنه مضى الى ما هو
ابعد من ذلك بابلاغ الرئيس بشار الاسد بأنه يتعين عليه قيادة الانتقال
السياسي لبلاده أو "افساح الطريق".
استهدفت هذه التصريحات الرد على اتهامات منتقديه بأن الرئيس لا يكون
دائما واضحا او سريعا في وضع سياسة امريكية متسقة تجاه دول تشهد
انتفاضات مماثلة. بحسب رويترز.
3- استخدام المؤثر البصري. من السهل ان "تظهر بمظهر الرئيس" عندما
تكون بالفعل رئيس الولايات المتحدة لكن استخدام ذلك سيلعب دورا يزداد
اهمية مع زيادة سخونة الحملة السياسية.
وباستخدام منبر الرئاسة للدفاع عن اهدافه المتعلقة بالسياسة
الخارجية في بث تلفزيوني حي عزز صورته كزعيم عالمي يسمو فوق المعمعة
الانتخابية في حين يتقاتل منافسوه الجمهوريون المحتملون لنيل ترشيح
حزبهم.
كما عزز اوباما من وضعه كزعيم قوي بالاشارة الى العملية الناجحة
لقتل زعيم القاعدة اسامة بن لادن.
4-جعل الربيع العربي مهما لامريكا. ربما يسأل بعض الناخبين عن سبب
انفاق اوباما كل هذا الوقت الكبير في التركيز على السياسة الخارجية في
حين تهيمن مخاوف داخلية مثل ارتفاع اسعار البنزين وزيادة معدل البطالة
على قلق الناخبين الامريكيين.
وتعامل اوباما على ما يبدو مع هذا التصور بايجاد صلة بين الولايات
المتحدة والعالم الاسلامي قائلا ان مستقبل الولايات المتحدة مرتبط
بالشرق الاوسط وشمال افريقيا.
كما شبه الثورة في تونس بالكفاح من اجل المساواة في الجنوب الامريكي
وسلط الضوء على حقيقة ان موظفا من شركة امريكية كبرى جوجل كان فعالا في
الثورة التي اطاحت بزعيم يمارس حكم الفرد في مصر.
الثورات العربية
وقد قال اوباما في الخطاب المطول الذي القاه في مقر وزارة الخارجية
الاميركية ان "الولايات المتحدة تدعم مجموعة من الحقوق العالمية" التي
يجب ان يتمتع بها الانسان "سواء اكان يعيش في بغداد او دمشق، في صنعاء
او طهران" و"دعمنا لهذه المبادئ ليس مصلحة ثانوية".
وعاد الرئيس الاميركي بالتفصيل الى ابرز محطات الربيع العربي،
مستخلصا منها عبرة اساسية مفادها انه في حال لم تغير الولايات المتحدة
سياستها في المنطقة فهي ستزيد من الشرخ الحاصل بينها وبين شعوب الشرق
الاوسط. واضاف ان "الاحداث التي جرت خلال الاشهر الستة الاخيرة اظهرت
لنا ان سياسات القمع (...) لن تجدي بعد اليوم"، مؤكدا ان "القنوات
الفضائية والانترنت توفر نافذة على العالم، عالم يحقق انجازات مدهشة في
اماكن مثل الهند واندونيسيا والبرازيل". وتابع الرئيس الاميركي ان "الهواتف
النقالة وشبكات التواصل الاجتماعي تسمح للشباب بالتواصل"، مضيفا "ان
جيلا جديدا انبثق وصوته يقول لنا انه لا يمكن رفض التغيير".
وكشف اوباما النقاب عن خطة اقتصادية بمليارات الدولارات مخصصة بشكل
رئيسي لمصر وتونس بهدف دعم العملية الانتقالية الى الديموقراطية في
هذين البلدين. وندد بالعنف الذي مارسه العديد من الانظمة العربية ضد
التظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت ضدها، معتبرا ان "المثال الاكثر
تطرفا على هذا هو ما جرى في ليبيا حيث شن معمر القذافي حربا ضد مواطنيه
وتوعد بمطاردتهم كالجرذان"، وحيث لو لم يتدخل حلف شمال الاطلسي "لقتل
الالاف". كما شن اوباما هجوما مماثلا على الرئيس السوري بشار الاسد
الذي فرض عليه شخصيا عقوبات الاربعاء، مخيرا اياه بين قيادة العملية
الانتقالية الى الديموقراطية او "التنحي جانبا". بحسب رويترز.
وقال اوباما ان "الشعب السوري برهن عن شجاعته بمطالبته بالانتقال
الى الديموقراطية"، مضيفا "امام الرئيس الاسد اليوم خيار: يمكنه ان
يقود العملية الانتقالية او ان يتنحى جانبا". وطالب اوباما دمشق ايضا
بوقف قمع المتظاهرين وبالسماح لمجموعات الدفاع عن حقوق الانسان بالوصول
الى "مدن مثل درعا" معقل الحركة الاحتجاجية ضد الاسد. وقال "على
الحكومة السورية ان توقف اطلاق النار على المتظاهرين وان تسمح
بالتظاهرات السلمية وان تفرج عن السجناء السياسيين وان توقف الاعتقالات
التعسفية وان تسمح لمراقبي حقوق الانسان بالوصول الى مدن مثل درعا وان
تبدأ حوارا جديا لبدء انتقال الى الديموقراطية".
واضاف "اذا لم يحصل هذا فان الرئيس الاسد ونظامه سيواصل مواجهة
التحدي في الداخل والعزلة في الخارج".
وتابع الرئيس الاميركي ان "سوريا اتبعت حليفتها ايران، لقد طلبت
المساعدة من طهران في مجال اساليب القمع. وهذا يثبت نفاق النظام
الايراني الذي يقول انهم يدعم حقوق المتظاهرين في الخارج ولكنه يقمع
مواطنيه في الداخل. فلنتذكر ان اولى الاحتجاجات السلمية جرت في شوارع
طهران حيث بطشت الحكومة بالنساء والرجال والقت باناس ابرياء في السجن"،
مجددا المطالبة بمنح "الشعب الايراني حقوقه العالمية".
وفي ما خص الوضع في الخليج وقمع السلطات في البحرين واليمن التحركات
الاحتجاجية التي اندلعت ضدها، دعا اوباما الى "حوار حقيقي" بين السلطة
والمعارضة في البحرين والى نقل السلطة في اليمن. وقال "علينا ان نقر
بان اصدقاءنا في المنطقة لم يتصرفوا جميعا ردا على مطالب التغيير وفقا
لمبادئ" حقوق الانسان.
واضاف انه بالنسبة الى البحرين "لقد شددنا في السر والعلن على ان
التوقيفات الجماعية والاستخدام المفرط للقوة لا تتفق والحقوق العالمية
للمواطنين البحرينيين". وتابع ان "الطريق الوحيد للمضي قدما هو ان
تنخرط الحكومة والمعارضة في الحوار، ولا يمكن ان يكون هناك حوار حقيقي
عندما يكون قسم من المعارضة السلمية في السجن"، مشددا انه "على الحكومة
ان تخلق الظروف الملائمة للحوار وعلى المعارضة المشاركة لبناء مستقبل
عادل لكل البحرينيين". واكد اوباما ان على نظيره اليمني علي عبد الله
صالح ان "يمضي قدما في الوفاء بالتزامه نقل السلطة".
وبالنسبة الى مفاوضات السلام الاسرائيلية-الفلسطينية المتوقفة منذ
نهاية العام الماضي بسبب رفض اسرائيل تمديد قرار تجميد الاستيطان في
الضفة الشرقية المحتلة، اكد اوباما دعمه قيام دولة فلسطينية استنادا
الى حدود العام 1967 وان تكون دولة مستقلة "منزوعة السلاح".
وقال ان "الحدود بين اسرائيل وفلسطين يجب ان تستند الى حدود العام
1967 مع تبادل اراض يتفق عليه الطرفان بغية انشاء حدود آمنة ومعترف بها
لكلا الدولتين"، مضيفا ان "الانسحاب الكامل والتدريجي للقوات العسكرية
الاسرائيلية يجب ان ينسجم مع مفهوم مسؤولية قوات الامن الفلسطينية في
دولة سيدة ومنزوعة السلاح". وتابع اوباما "يجب ان يتم الاتفاق على مدة
هذه الفترة الانتقالية ويجب اثبات فعالية الاتفاقات الامنية".
وانتقد الرئيس الاميركي ايضا جهود الفلسطينيين لانتزاع اعتراف
بدولتهم في الامم المتحدة، مؤكدا انها لن تجدي نفعا.
وقال ان "جهود الفلسطينيين لنزع الشرعية عن اسرائيل ستبوء بالفشل.
التحركات الرمزية لعزل اسرائيل في الامم المتحدة في ايلول/سبتمبر لن
تؤدي الى قيام دولة مستقلة". واضاف ان "القادة الفلسطينيين لن يحققوا
السلام او الازدهار اذا اصرت حماس على المضي في طريق الارهاب والرفض،
والفلسطينيون لن يحققوا ابدا استقلالهم بانكارهم حق اسرائيل في
الوجود".
وكان اوباما استهل خطابه بالحديث عن الغارة التي شنتها قوة كوماندوس
اميركية على مخبأ اسامة بن لادن في باكستان في 2 ايار/مايو وقتلت
خلالها زعيم تنظيم القاعدة، مؤكدا ان بن لادن ليس شهيدا بل "قاتلا
جماعيا" وان العرب ينبذون فكر تنظيم القاعدة ويرون في تطرفه "طريقا
مسدودا".
وقال اوباما ان زعيم تنظيم القاعدة الذي قتله جنود اميركيون في ابت
اباد قرب اسلام اباد "لم يكن شهيدا. لقد كان قاتلا جماعيا بعث برسالة
كراهية، رسالة تقول بان على المسلمين حمل السلاح ضد الغرب وان العنف ضد
الرجال والنساء والاطفال هو الطريق الوحيد للتغيير". واضاف ان "تنظيم
القاعدة ينبذ الديموقراطية والحقوق الفردية للمسلمين ويؤمن بالتطرف
العنيف"، مؤكدا انه حتى قبل مقتل بن لادن فان تنظيمه "كان يخسر معركته..
لان السواد الاعظم من الناس ادركوا ان قتل الابرياء لا يلبي تطلعهم الى
حياة افضل".
واضاف "عندما وجدنا بن لادن كان قسم كبير من سكان المنطقة بات يرى
في اجندة القاعدة طريقا مسدودا وشعوب الشرق الاوسط وشمال افريقيا اخذت
مستقبلها بيديها".
لا تفهم الواقع
من جهتها قالت اسرائيل ان الولايات المتحدة "لا تفهم الواقع" في
الوقت الذي وصل فيه رئيس وزرائها الى واشنطن. ورد نتنياهو الذي تربطه
علاقات متوترة بأوباما في بيان قائلا ان هذا سيترك اسرائيل في حدود "لا
يمكن الدفاع عنها."
وقال مسؤول كان يرافق نتنياهو في الطائرة التي تقله الى واشنطن "هناك
شعور بأن واشنطن لا تفهم الواقع لا تفهم ما نواجهه." وأضاف "رد فعل
رئيس الوزراء الصارم يعبر عن خيبة أمل لغياب القضايا الاساسية التي
طالبت بها اسرائيل خاصة (قضية) اللاجئين." وتقول اسرائيل انها لا
تستطيع قبول مطلب فلسطيني باعطاء ملايين اللاجئين حق العودة.
وبسؤاله لماذا قدم هذا الرد القوي على تصريحات أوباما قال نتنياهو
للصحفيين على متن طائرته "هناك أشياء لا يمكن اخفاءها." وأكدت اسرائيل
أيضا موقفها باعلانها الموافقة على خطط لبناء 1550 وحدة سكنية في
مستوطنتين يهوديتين في الضفة الغربية حول القدس.
ويمكن لاول اعلان صريح لاوباما عن موقفه حول قضية الحدود المتنازع
عليها أن يساعد على تخفيف الشكوك في العالم العربي حول التزامه كوسيط
نزيه. لكن لم يكن متوقعا ابدا ان تسفر محادثات البيت الابيض عن أي تقدم
ملموس لاحياء محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية المتوقفة منذ فترة
طويلة ولكن يبدو هذا الامل الان اقل من أي وقت مضى. وانهارت محادثات
السلام التي توسطت فيها واشنطن بين اسرائيل والفلسطينيين العام الماضي
بعدما رفض نتنياهو تمديد وقف البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة
الغربية ورفض عباس الاستمرار في المفاوضات. ولم ترد أنباء حول ما اذا
كان نتنياهو الذي يرأس ائتلافا يمينيا يؤيد المستوطنين قد تم تنبيهه
مسبقا قبل الخطاب.
وفي حين أن أوباما قال أيضا كلمات صارمة للفلسطينيين الا ان
المسؤولين الاسرائيليين ذهلوا بشكل خاص من لغته الحادة بما في ذلك
انتقاد "النشاط الاستيطاني" واستمرار احتلال اسرائيل للاراضي العربية.
وقال نتنياهو في بيان "امكانية اقامة دولة فلسطينية لا ينبغي أن تأتي
على حساب وجود اسرائيل."
وقال انه يتوقع "ان يسمع تأكيدا من الرئيس أوباما لالتزامات
الولايات المتحدة التي قدمت لاسرائيل عام 2004" مشيرا الى خطاب من
الرئيس الامريكي السابق جورج بوش يشير الى انه بامكان اسرائيل الاحتفاظ
بالكتل الاستيطانية الكبرى في اطار اي اتفاق للسلام مع الفلسطينيين.
وقال نتنياهو ايضا انه يريد ان يبقي القوات الاسرائيلية في الوادي
الذي يفصل الضفة الغربية عن الاردن حتى بعد اقامة دولة فلسطينية. وقال
انه يرفض أي مناقشة لتنازل اسرائيل عن السيطرة على القدس الشرقية.
ورغم التوترات اقتطع أوباما من وقته ثلاث ساعات خصصها لنتنياهو يوم
الجمعة بما في ذلك غداء عمل. ولكن الزيارات لا تمر بسلاسة دائما.
ففي مارس اذار من العام الماضي اثارت اسرائيل غضب واشنطن عندما تم
الاعلان عن خطط لبناء مئات الوحدات السكنية في مستوطنة خلال زيارة قام
بها نائب الرئيس الامريكي جو بايدن.
وبعد ذلك بوقت قصير ظل نتنياهو ينتظر طويلا بينما ذهب أوباما الى
مقر اقامته في البيت الابيض لتناول العشاء مع عائلته واعتبر ذلك على
نطاق واسع في اسرائيل معاملة فاترة.
وقال أوباما في خطاب يوم الخميس "نعتقد أن حدود اسرائيل وفلسطين يجب
ان تستند الى حدود 1967 مع مبادلات يتفق عليها الطرفان."
وبينما كانت هذه رؤية خاصة في واشنطن طويلا ذهب أوباما أبعد مما ذهب
اليه مسؤولون أمريكيون في الماضي القريب عندما وصفوا هذا الحل باعتباره
مطمحا فلسطينيا لكنهم لم يتبنوه بأنفسهم.
وستتيح المبادلات المتفق عليها لاسرائيل الاحتفاظ بمستوطنات في
الضفة الغربية في مقابل منح الفلسطينيين أراض أخرى.
وقال بعض المعلقين الاسرائيليين ان نتنياهو قد يكون لمح الى وجود
مجال للمناورة في هذه القضية في كلمة ألقاها أمام البرلمان (الكنيست)
يوم الاثنين.
وقالوا ان اصراره على ان اسرائيل يجب ان تحتفظ "بالكتل الاستيطانية"
-وهي المرة الاولى التي يستخدم فيها عبارة كتل- يمكن أن يشير الى
استعداده لاخلاء مستوطنات صغيرة معزولة.
واوضح أوباما في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) بعد
خطابه ان اسرائيل يجب ان "تشعر بالثقة بشأن أمنها" قبل ان يتوقع منها
أن توافق على ترتيب الحدود.
ولطمأنة الاسرائيليين التزم أوباما بأمن اسرائيل وقال ان أي دولة
فلسطينية في المستقبل يجب أن تكون "منزوعة السلاح" الامر الذي طالب به
نتنياهو. ولكنه حذر اسرائيل قائلا "لا يمكن تحقيق حلم دولة يهودية
ديمقراطية مع احتلال دائم."
كما بعث أوباما برسائل يصعب على الفلسطينيين استيعابها عندما اشار
الى أن عليهم تقديم الكثير من الشرح حول اتفاق المصالحة مع حركة
المقاومة الاسلامية (حماس) التي تعتبرها الولايات المتحدة جماعة
ارهابية.
ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بجهود أوباما لاستئناف المفاوضات
ويعتزم عقد اجتماع "طارئ" مع مسؤولين فلسطينيين وعرب لدراسة مزيد من
الخطوات.
ولكنه لم يعلق على رفض أوباما الصارم لسعي الفلسطينيين للاعتراف
بدولتهم في الامم المتحدة في سبتمبر أيلول في الاجتماع السنوي للجمعية
العامة للامم المتحدة.
الصحافة الاسرائيلية
فيما رأت الصحافة الاسرائيلية الجمعة ان الرئيس الاميركي باراك
اوباما "تحدى" رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عندما دعا الى
اقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 فيما انقسمت الصحافة الفلسطينية
حول مضمونه.
وعنونت صحيفة يديعوت احرونوت الاكثر مبيعا عددها بكلمة "المواجهة"
في اشارة الى ان خطاب الرئيس الاميركي هو بالضبط "ما لا يريد نتانياهو
سماعه" قبل لقائهما المرتقب الجمعة. واشارت الصحيفة "صدمة المقربين من
نتانياهو ورد فعله العنيف على الخطاب".
واضافت الصحيفة ان "زيارة نتانياهو لواشنطن بدات بداية سيئة حيث
سيستقبل ببرودة في البيت الابيض على الرغم من انه سيستقبل بالتصفيق في
الكونغرس ومن قبل ممثلي الايباك" اقوى لوبي موال لاسرائيل.
وعنونت صحيفة معاريف ايضا بكلمة "مواجهة" قائلة "لن يتوان نتانياهو
من الان وصاعدا عن محاولة منع اعادة انتخاب باراك اوباما".
اما صحيفة "اسرائيل هيوم" المقربة من رئيس الوزراء من ناحيتها
فاشارت الى "خيبة الامل التي سببها الخطاب" في اوساط نتانياهو ونقلت عن
عضو في حزبه (الليكود) وصفه للخطاب "بجوهر النفاق".
وقالت صحيفة جيروزاليم بوست الناطقة بالانكليزية والموالية للحكومة
ان "رئيس الوزراء كان غاضبا عندما غادر الى واشنطن" بعد سماع الخطاب.
اما في معسكر المعارضة فقد وصفت صحيفة هآرتس اليسارية خطاب اوباما
بانه "تاريخي" وانتقدت "نتانياهو لعدم تفويته فرصة تفويت فرصة" وهي
صيغة استخدمتها اسرائيل في الماضي لانتقاد القيادة الفلسطينية. ورد
نتانياهو على خطاب اوباما بلهجة حادة مستبعدا اي "انسحاب الى حدود عام
1967".
اما الصحافة الفلسطينية فكان رد فعلها مقتضبا حيث رحبت صحيفة القدس
الاكثر مبيعا بخطاب اوباما الذي اوضح فيه ان الدولة الفلسطينية ستقام
في حدود 1967 معتبرة انه "يشكل خطوة ايجابية يرحب بها الشعب الفلسطيني
وكان ينتظرها خلال الشهور القليلة الماضية".
وتساءلت الصحيفة "هل ستعترف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية
خلال التصويت الدولي على هذه المسالة؟....ان كان الرد على هذا السؤال
بالايجاب (...) فستقطع عملية السلام شوطا بعيدا". وتكمل الصحيفة "اما
ان كان الرد سلبيا وهذا ما لا يرجوه احد-عدا اسرائيل بطبيعة
الحال-فستعود القضية الى المربع الاول (...) لكن شعبنا سيواصل مسيرته
في الحالتين وسيحصل على دولته المستقلة".
اما في صحيفة الحياة الجديدة انتقد عدلي صادق الخطاب قائلا ان
الخطاب المح ان "الفلسطينيين توقفوا عن الدخول في المفاوضات (بلا اسباب
في النص) ولا اشارة الى توسع استيطاني وسفالات احتلالية ولا الى انقلاب
عنصري على العملية السلمية". وتابع صادق "كاتب الخطاب جون فافريو يبدأ
فقرة صغيرة بتعبير زجري او حاسم ثم سرعان ما يصبح الفحوى كاريكاتوريا +بسبب
صداقتنا مع اسرائيل، يجب ان ننطق بالحقيقة+ ثم استانف متحدثا عن مسالة
فرعية (...) +ان عددا متناميا من البشر يعيش في غرب النهر، فيما
المنطقة تواجه تغيرات جوهرية والمجتمع الدولي اصيب بالارهاق من هذا
النزاع+".
الدنمارك ستعترف بدولة فلسطينية
من جهته اعلن المتحدث باسم الحزب الاجتماعي الديموقراطي الخميس ان
الدنمارك ستعترف بدولة فلسطينية في حال عودة اليسار الذي يعتبر الاوفر
حظا الى الحكم، نتيجة الانتخابات التشريعية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر
على ابعد تقدير.
واكد المتحدث باسم الحزب جيبي كوفود لصحيفة "برلينغسكي تيدندي" "نعتقد
منذ سنوات ان للفلسطينيين الحق في دولة وعندما سيطلبون منا الاعتراف
بها فسنقوم بذلك".
واكد اشتراكيو حزب الشعب والمتطرفون استعدادهم ايضا للاعتراف بدولة
فلسطينية. ورأت وزيرة الخارجية لين اسبيرسن ان هذا الاجراء الاحادي
الجانب يسفر عن عواقب سلبية اكثر منها ايجابية. وانتقدت الخلافات في
الاتحاد الاوروبي للاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية.
وقالت اسبيرسن لوكالة فرانس برس "يربح الاتحاد الاوروبي كثيرا من
البقاء موحدا حول هذه المسألة، ومن الاعتراف المنسق في الوقت المناسب
بدولة فلسطينية في مرحلة من المفاوضات توفر لنا يقينا كبيرا بالتوصل
الى حل". واضافت ان "الوقت لم يحن بعد، اقله بالنسبة الى الدنمارك،
لتغيير سياستها والاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية".
وقالت ان "من الضروري جدا التمسك بالخط المشترك الذي يتبعه الاتحاد
الاوروبي حتى الان، اي العمل من اجل حل تفاوضي من دولتين وممارسة ضغوط
على الطرفين للتوصل الى هذه الغاية".
ويلي رد الفعل هذا تصريحات منها تلك التي ادلى بها الرئيس الفرنسي
نيكولا ساركوزي الذي المح في تصريح ادلى به اخيرا لمجلة اكسبرس الى
امكانية اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية في الخريف، في حال لم تستأنف
عملية السلام حتى ذلك الحين. بحسب فرانس برس.
وقالت وزيرة الخارجية الدنماركية "برأيي، اذا كان يتعين على الاتحاد
الاوروبي الاضطلاع بدور في عملية السلام، فنحن مضطرون للتوافق على الخط
الذي يتعين اتباعه والتحدث بصوت واحد"، والا "خسرنا ورقة اساسية
لاستخدامها" في عملية السلام.
وسبق ان اتخذت دول في اميركا اللاتينية قرار الاعتراف من جانب واحد
بدولة فلسطينية ويمكن ان تحذو دول اخرى حذوها في ايلول/سبتمبر، اخر
مهلة حددتها الاسرة الدولية لتوقيع اتفاق بين الجانبين الاسرائيلي
والفلسطيني.
واشار عدد من الاستطلاعات المتطابقة قبل الانتخابات المقبلة ان
احزاب الوسط واليسار هي الاوفر حظا للعودة الى الحكم الذي تتولاه منذ
العام 2001 حكومة من يمين الوسط تحظى بدعم حزب الشعب الدنماركي (يمين
متطرف).
ايران سياسة واشنطن المتناقضة واليائسة
الى ذلك انتقدت ايران خطاب باراك اوباما، مؤكدة انه يعبر عن سياسة "الياس
والتناقضات والتضليل" التي تنتهجها الولايات المتحدة في المنطقة، كما
افاد التلفزيون الرسمي. واعلن سعيد جليلي امين المجلس الاعلى للامن
الوطني المكلف خصوصا القضايا الاستراتيجية في البلاد ان "اليأس
والتناقضات والتضليل واضحة في خطاب اوباما ودعمه الدولة اليهودية يدل
بوضوح على الطبيعة العنصرية لسياسة الولايات المتحدة". واضاف جليلي ان
"على الولايات المتحدة ان تعلم ان كامل ارض فلسطين ملك للفلسطينيين،
انه مطلب شعوب المنطقة التي لن تقبل باقل من ذلك". ولا تعترف ايران
باسرائيل ودعا كبار المسؤولين الايرانيين مرارا خلال السنوات الاخيرة
الى زوال دولة اسرائيل.
ردود فعل
عز الدين شكري فيشر استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية
بالقاهرة: "اعتقد ان هذا يذهب ابعد كثيرا مما قاله اوباما في خطابه في
القاهرة عام 2009 حيث حدد فقط ايقاع الادارة الجديدة وتحدث عن المبادئ
العامة للسياسة الامريكية الجديدة تجاه العالم العربي. اعتقد هذه المرة
انه يخرج بإشارة قوية عن سياسة بشأن الموضوعات الكبرى التي يواجهها
العالم العربي. هذا جديد وفي الحقيقة ان الامر يتعلق باستعادة القيادة."
عصام العريان العضو الكبير في جماعة الاخوان المسلمين المصرية: "خطاب
مخيب للامال. لا جديد. الاستراتيجية الامريكية كما هي. الغطاء الامريكي
للرؤساء الطغاة كما هو في سوريا واليمن والبحرين. ربما أشد لهجة كانت
تجاه ليبيا. الوعود الامريكية مجرد وعود. لا يوجد قرار حاسم بالانسحاب
الفوري من العراق او افغانستان. التهديد لايران كما هو."
شادي حامد مدير الابحاث في مركز بروكينجز في الدوحة على موقع تويتر:
"توقعي بشأن خطاب اوباما (عن الشرق الاوسط).. انه لن يعجب القادة العرب
كثيرا. ولن يعجب الاصلاحيين العرب كثيرا. "هذا هو اسلوب اوباما.. ان
تحاول ارضاء الجميع وينتهي بك الامر وقد خيبت امال الجميع. "اوباما
يقول ان المصالح الرئيسية للولايات المتحدة تنسجم مع الامال العربية.
حسنا. لماذا لم تنسجم لخمسة عقود.. "اوباما يقول ان سياسة الولايات
المتحدة ستكون دعم الاصلاح في انحاء المنطقة. والاصلاح بالطبع ليس هو
نفسه الديمقراطية."
روبرت دانين بمجلس العلاقات الخارجية متحدثا: "انه مهم جدا. للمرة
الاولى تتكلم الولايات المتحدة بوضوح عما ينبغي ان يكون الاساس
الاقليمي لتسوية بين اسرائيل والفلسطينيين وحددت بوضوح خط حرب الايام
الستة (1967) كأساس للحدود. هذا لم يحدث من قبل ... هذا تطور مهم وهذا
في الحقيقة يمثل تبنيا للموقف الفلسطيني بشأن الحدود. "ولموازنة ذلك
مال الرئيس أساسا نحو الموقف الاسرائيلي من الترتيبات الامنية داعيا
الى دولة (فلسطينية) منزوعة السلاح وقائلا ان المخاوف الامنية
الاسرائيلية يجب أن تراعى وقائلا انها يجب ان تراعى فعلا ويجب أن تظهر
بوضوح.. ولذلك فهذا مهم. "لقد اثار تحديا ضخما بالنسبة الفلسطينيين
بقوله... كيف يمكن للمرء ان يتفاوض مع طرف يظهر عدم استعداده للاعتراف
بحقك في الوجود.. لقد قال اساسا ان هذا سؤال عادل وعلى الفلسطينيين ان
يجيبوا عليه بطريقة معقولة."
حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: "كان خطابا عظيما
بليغا جدا ومليئا بالامل. كان هناك التزام حقيقي بالتحول الديمقراطي في
العالم العربي. لكننا سمعنا الكثير من الخطابات الجميلة من اوباما من
قبل ولم نعد نعرف الان ما اذا كان يستطيع تحقيق ما يقول." واضاف ان
اوباما غض الطرف عن دول الخليج الحليفة للولايات المتحدة في كلمته. "ربما
لا توجد هناك انتفاضة لكن ذلك لا يعني انه لا يجب ان يتحدث عن
الديمقراطية في هذه الدول." وقال ان السياسيات الامريكية فيما يتعلق
باسرائيل والاراضي الفلسطينية لم تتغير بطريقة مجدية. واضاف انه سعيد
بالالتزام الاقتصادي بمساعدة مصر لكنه ما زال قلقا لان كثيرا من
المساعدات الامريكية السابقة جاءت مع "تصور امريكي خالص لكيفية أداء
الاعمال او كيفية ادارة البلاد."
المصري محسن السحراوي (36 عاما) الذي يعمل مستشارا للتسويق: "في
محاولة لتلميع صورته الملطخة امام الشعب العربي يقدم اوباما كلمات
جوفاء لا تحمل الكثير من المعنى للعالم الشجاع الجديد. سيكون عليه بذل
المزيد اذا كان سيقدم دعما حقيقيا لحقوق الانسان في المنطقة وللتحولات
السلمية نحو الديمقراطية."
احمد س. على تويتر: "اعتقد ان اوباما يجب الا يشير الى الرصاص
وقنابل الغاز لانها صنعت في الولايات المتحدة."
جنزير على تويتر: "ما الدور الذي ستلعبه امريكا.. ان تبيع المزيد من
السلاح للحكومات العسكرية.."
يوسف حماد (42 عاما) الموظف التنفيذي في شركة مصرية للعقارات:
"اعتقد بشكل عام انه مشجع جدا لانك اذا نظرت الى ما يقوله عن مصر وتونس
فهم (الامريكيون) يدعمون الاصلاح وسوف يساعدوننا على الجانب الاقتصادي
وهو ما اعتقد انه امر رائع. الشيء الاخر المهم جدا هو ان امريكا لن
تتبع بعد ذلك منهجا تدخليا كما فعلت في العراق وافغانستان وان السياسة
قد تغيرت. "ما يشعرني بخيبة الامل قليلا هو موقفه عندما قال انه لن
يدعم الفلسطينيين لاعلان قيام دولة حرة في سبتمبر في الامم المتحدة. لن
يدعم ذلك وهذا مفهوم في ظل الضغوط التي يتعرض لها. لكن كما تعرفون هو
في النهاية مضطر للعمل مع حماس وفتح معا. اعتقد ان هذا امر مهم جدا.
عليك ان تدخل في حوار مع الاثنتين. الفكرة المتداولة هي انك لا تعقد
سلاما مع صديق لك. انت تعقد سلاما مع عدوك."
زازي حافظ (32 عاما) الكاتبة المسرحية بالقاهرة: "اشعر بخيبة الامل
لذكر اوباما لاسرائيل في خطابه لان هذا الخطاب يتعلق بفتح صفحة جديدة
مع العرب اولا."
عثمان الشرنوبي على فيسبوك: "اوباما يثرثر عن ثوراتنا بمصطلحات
ليبرالية امريكية ضحلة. هذا يثير غثياني."
جيجي ابراهيم الناشطة المصرية على تويتر: "الالتزام تجاه الاصدقاء
والحلفاء - الالتزام تجاه اسرائيل والسعودية." |