أكدت منظمة الصحة العالمية إن تقريراً لوزارة الصحة العراقية اظهر
أرقاماً عن حصيلة الإصابات بحوادث الطرق في العراق لعام 2009 بما يقارب
أربعة أضعاف عن أعداد ضحايا العمليات الإرهابية.
إنه خبر مفزع، لم تصدر الجهات المحلية المعنية نفياً له، أو تشكيكاً
به، لذا سيكون من المقلق جداً أن لا تتوقف الحكومة عنده بأسئلة المصائر
لآلاف الأبرياء، وتسعى بما أوتيت لتكثيف الجهود وتسديدها تقليلاً من
نسب تلك الأعداد؛ وهي تضع (الدولة العراقية) في مصاف الدول البدائية!.
بالطبع الدولة تتحمل المسؤولية الأولى عن عديد الضحايا، فهي
المتحكمة بالتشريعات والقوانين المرورية المنظمة للسير، وهي المسؤولة
عن الطرق وسلامتها واعمارها ورقابتها، وعن متانة العجلات عبر قوانين
الفحص السنوي، ومراقبة شروط السلامة العامة والحرص على تنفيذها.
وبالنتيجة فالحكومة تتحمل وفق هذه المعطيات عبء المساءلة الواجبة عن
خلل (مرور) الدولة، لأن بمقدورها إعادة الأمور إلى نصابها السليم، فخطط
فرض القانون التي اتخذتها وتحقق بموجبها الأمن الظاهر الآن، تسترعي أن
يكون لنا مثيلها لفرض المرور الآمن في عموم العراق.
ولأن القضية قضية رأي عام ومصير آلاف تتخطّفهم أقدار الفوضى
المرورية، فالواجب يحتم على الدولة أن تشرك جميع الجهات الفاعلة لتحقيق
هذه الغاية، وعليها أيضا اتخاذ أشد سبل ردع المخالفين، جاعلةً أمن
الطريق مثالاً يسرّ الناظرين ويكون قدوة لهم.
نداء منظمة الصحة العالمية يتزامن وإطلاق الأمم المتحدة برنامج
تعاون مشترك مع العراق لمدة عشر سنوات؛ إيجازاً لخطوات تحسين سلامة
الطرق والمركبات، وتعزيزاً لخدمات الطوارئ، وتطويراً لإدارة السلامة
العامة (في طرق لابد من الإقرار بعدم أهليتها، ومركبات لا أمان فيها).
والمسؤولية هنا جماعية، تنفيذاً للبرنامج الدولي بنواحيه الإدارية
والصحية والاجتماعية والقانونية والتربوية.
صحياً لا مهرب من توفير أقصى شروط الاحتياط الوقائي لتخفيض نسبة
وفيات تحدث في الغالب نتيجة تأخير الإسعاف، أو نتيجة انعدام تلك الشروط
جهلاً بالإسعافات الأولية.
واجتماعياً نحتاج إلى وعي عام يبلِّغ فيه أهل الجاه وأصحاب النفوذ
ويتداخل في الحياة بين الرغيف والملح، ويصبح هما لرجال الدين والفاعلين
والمؤثرين بالشارع.
وعلى المستوى القانوني لابد من انشغال مجلس النواب بهذه القضية
وتفعيلها من جهة أعداد الضحايا التي بلغت حداً يتطلّب استدعاء من
يعنيهم الأمر إلى البرلمان، حالاً بحال مع من تم استدعاؤهم واستضافتهم
للتحقيق والمساءلة في قضايا أمن البلد والإرهاب، فالقضية تعادل بمستوى
الأهمية أربعة أضعاف الارهاب حسب التقارير العالمية.
وعلى الجانب التربوي – وهو الأهم - مع نهاية العشر سنوات المقبلة
(حسب البرنامج الأممي) سيكون طالب الصف الأول الابتدائي حاملاً لرخصة
القيادة، وما أشدّه من حريص حين يتشرّب القوانين والواجبات المرورية
بمرور تلك السنوات، ليعايشها في كلّ وقت، وينهل من جديدها المؤثر فيه
وبمحيطه.
|