الكساد الاقتصادي هل يجهض ربيع الثورات العربية

 

شبكة النبأ: تمثل منطقة الشرق الأوسط ثقلا اقتصاديا عالميا يعتد به، خصوصا انه يمثل حلقة وصل بين أطراف العالم من جهة، ومنطقة صراعات سياسية ذات تأثير مباشر على أوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى، فضلا عن كونها احد ابرز مصادر الطاقة العالمية.

فيما كانت حركة الاحتجاجات التي عصفت بالمنطقة مؤخرا مثارا لقلق المجتمع الدولي على أكثر من صعيد، سيما الأوضاع الاقتصادية ومدى تؤثره بما يجري، وانعكاساته الاجتماعية والسياسية على تلك الدول العربية وما يحيطها أيضا.

اعادة تقييم المخاطر

فربما تكون محاولة التنبؤ بالمستقبل بدلا من تصور سيناريوهات محتملة له قد أعمت أعين محللي المخاطر عن احتمال اندلاع الانتفاضات الشعبية في أنحاء الشرق الاوسط وشمال افريقيا هذا العام.

وبسبب التركيز على النتائج المحتملة التي كانت المقدمات تشير اليها ومحاولة الاختيار بين هذه النتائج لم يبق الا عدد محدود من الاحداث المتوقعة.. وكأن هناك وكيل مراهنات لا يراهن مطلقا على فوز منافس ضعيف في احدى المسابقات الرياضية.

ويرى بعض المشتغلين بتحليل المخاطر وبعض المستثمرين الذين يستخدمون هذه الابحاث أن حقيقة أن "الربيع العربي" لم يكن واردا في أذهان المحللين التقليديين يجب أن تؤدي الى تغييرات في طريقة عمل محللي المخاطر السياسية.

وقال أحمد علي عبد الرحمن الرئيس التنفيذي لشركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) الكويتية في مصر "كانت معظم مؤسسات تقييم المخاطر ان لم تكن كلها... تشعر بارتياح ازاء الافاق المستقبلية رغم التأكيد على أن 2011 (كانت) هي سنة الخلافة السياسية (في مصر)."

وأضاف أن أكثر السيناريوهات المفترضة تطرفا هي فوز جماعة الاخوان المسلمين المعارضة بالانتخابات التي كان مقررا اجراؤها في وقت لاحق هذا العام. وقال "باستثناء نتيجة الانتخابات لم يكن هناك أي قلق مطلقا بشأن الوضع السياسي."

ورغم أنه في ظاهر الامر كان بقاء الوضع القائم انذاك هو النتيجة الاكثر ترجيحا الا أن المستثمرين كانوا سيستفيدون بمنهج أكثر خيالا يفكر في الاحداث المحتملة التي تعد انحرافا عن السيناريو المؤكد بدلا من التحليلات التي تسعى للتنبؤ بالمستقبل.

وقال نايجل انكستر مدير وحدة التهديدات العابرة للحدود والمخاطر السياسية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "الدرس الرئيسي لشركات استشارات المخاطر السياسية ليس كيفية التنبؤ بطريقة أفضل بنوعية الاحداث التي شهدناها.. هذا ببساطة ليس ممكنا.

"بل ينبغي أن ينظروا الى أنظمة مثل النظام المصري ويطرحوا مزيدا من أسئلة 'ماذا لو' التي لا تفترض أن الوضع القائم سيستمر." وحينئذ سيتمكن المستثمرون وغيرهم من المهتمين ببلد معين من بحث عدد من السيناريوهات المستقبلية والتفكير في كيفية التعامل مع كل من هذه السيناريوهات. بحسب رويترز.

وبذلك سيكونون أفضل استعدادا للتعامل مع مستقبل فعلي من غير المرجح أن يكون مطابقا لاي مما تخيلوه لكنه على الاقل سينطوي على عناصر من بعض هذه السيناريوهات المتخيلة. سيكون تخطيط السيناريوهات أكثر نفعا من محاولة ترتيب النتائج المحتملة من حيث مدى رجحانها.

وقالت اليزابيث ستيفنز مديرة تحليلات المخاطر الائتمانية والسياسية في مجموعة جاردين لويد تومسون للوساطة في التأمين "العديد من المستثمرين وبعض المحللين يستخدمون الماضي القريب كمؤشر على المستقبل وهو غالبا أمر مضلل في أفضل الاحوال."

وكان من بين الامور الجوهرية في الانتفاضات الشعبية في مصر وتونس وليبيا الاستياء الشديد والواسع من الفقر والقمع والحرمان من الفرص بسبب أنظمة تقودها زمر من المسؤولين الفاسدين المسرفين وعائلاتهم.

لكن على مدى سنوات كان ينظر الى المجتمعات التي تعاني من عدم المساواة والحكومات المستبدة على أنها ثمن الاستقرار ونتيجة لذلك لم يكن المراقبون يتوقعون بصورة تذكر أن البؤس في الشارع سينفجر ويصبح انتفاضة.

وقالت ستيفنز من مجموعة جاردين لويد تومسون "من الصعب حساب تداعيات الاستياء لان المظالم الداخلية لا تقود غالبا الى تغيير النظام."

ومن بين الدروس المهمة لمحللي المخاطر أن الصورة الكلية للاقتصاد والسياسة لا ينبغي أن تطغى على الاحداث والمشاعر على الارض.

وقال كريستوفر مككي رئيس مجموعة بي.ار.اس الامريكية لتحليل المخاطر السياسية "ربما لا تكون مقاييس المخاطر الاساسية لتحليل استقرار الانظمة قد تغيرت بالضرورة لكنها باتت أقل وضوحا الان." وأضاف "على المحللين أن يمعنوا النظر في المصادر العديدة للاستياء والامكانات المتاحة في أيدي الغاضبين لاحداث التغيير."

ومن أقوى هذه الامكانات مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت وشبكات الهاتف المحمول التي استخدمها النشطاء في الشرق الاوسط وشمال افريقيا لتنظيم وحشد الاحتجاجات المناهضة للانظمة.

وقال مككي "عليهم (المحللين) أن يدركوا أنه نظرا لانتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال فان ظروف المعيشة المادية باتت عاملا شديد الاهمية في تشكيل التحرك الشعبي الان."

ويعتقد اخرون أنه عند محاولة تخيل السيناريوهات المحتملة ينبغي على المحللين والمستثمرين أن يحاولوا فهم الاتجاهات العالمية والتاريخية الاشمل ووضعها في الحسبان وما اذا كان الحدث المحتمل ينسجم مع هذه الاتجاهات.

ويرى ديفيد مورين مدير الاستثمار في شركة امرجنت اسيت مانجمنت ومؤلف كتاب "فك شفرة التاريخ" أن امبراطورية الغرب والولايات المتحدة العظيمة في تراجع.

ويعتقد أن عجز الغرب عن توقع الاحداث في الشرق الاوسط وشمال افريقيا يرجع الى عدم تكيفه مع تراجع قدراته العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية.

وقد جعله هذا العمى عاجزا عن تصور مستوى العداء والقدرة لدى الانظمة المناهضة له ومستوى الاستياء لدى الانظمة الحليفة للولايات المتحدة.

وقال مورين "اخفاقات الغرب في التنبؤ بالاضطرابات في الشرق الاوسط وشمال افريقيا هي أعراض نظام في حالة انحدار. حين تصبح مسنا تصبح في حالة انكار. الانظمة المسنة في حالة انكار." وأضاف "الانحدار العام لامريكا يعني أن هذه البلدان التي كانت تابعة لها لا تريد أن تظل كذلك. لقد رفضت النفوذ الامريكي ولا رجعة عن ذلك."

وعلى المستوى التطبيقي فان النظرية السياسية التي تستند اليها كتابات مورين والاستراتيجية الاستثمارية لشركة امرجنت تفيد بأن صعود الامم وهبوطها أمر متكرر ويمكن التنبؤ به. وهذا الصعود والهبوط يسبب تقلبا في الاسواق المالية يمثل فرصا استثمارية.

وقال مورين ان مجيء الانتفاضات العربية كصدمة كبيرة لم يكن اخفاقا منهجيا للتحليل لكنه نتيجة لعدم القدرة على رؤية العالم الجديد الذي يتطور كما هو.

وأضاف "التحليلات التفصيلية لا تجدي. عليك أن تنظر الى العملية برمتها وترى ما هي القوى الكبيرة المؤثرة. حين تنمو ترى الصورة أكثر شمولا وتصبح أقوى. وحين تنكمش تنشغل كثيرا باخماد الحرائق لدرجة أنك تعتقد أن الصورة الكلية لا تزال كما هي لكنها ليست كذلك."

قلق بشأن التغيرات

وفيما يتعهد مسؤولون ماليون بدعم الدول العربية في مستهل حقبة سياسية جديدة ولكن خلف الكواليس يظلون مترددين في الانخراط في منطقة ربما يتجاهل حكامها المستقبليون نصائحهم.

فقد اجتمع وزراء مالية من عدد من الاقتصاديات الكبرى مع مسئولين من بعض الدول في الشرق الاوسط وشمال افريقيا لمناقشة الاضطرابات في المنطقة حيث أطاحت الاحتجاجات الشعبية برئيسي مصر وتونس بينما يصارع زعماء اخرون من أجل البقاء في السلطة.

وقالت فرنسا والولايات المتحدة نيابة عن المشاركين في الاجتماعات "ندرك أن هذه التحولات تتعلق بمنح الشعوب فرصا وحريات." وتابعتا "نحن على استعداد لدعم هذه الدول باستجابات منسقة مع المؤسسات الدولية التي يمكنها ان تقدم موارد وخبرة هائلة وتسهم في التحولات."

ولم يقدم البيان تعهدات بزيادة المساعدات المالية ولكنه دعا "لخطة عمل مشتركة" لتطوير البنوك لتوجيه الاستثمار بشكل يدعم توفير وظائف وتحسين الحكم الرشيد والاصلاحات الاقتصادية.

والصياغة الدقيقة ربما تعكس مخاوف بشأن ما سيحدث في المستقبل في دول مثل مصر حيث يعد المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتولى ادارة شؤون البلاد بانتخابات نزيهة يصعب التكهن بنتيجتها وفي دول مثل سوريا واليمن حيث يصارع رئيساها لاحتواء الاضطرابات الشعبية.

وقال فاريبروز غدار الخبير في الشؤون المالية للشرق الاوسط بالمركز الامريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية "اذا أردت حلا فان الحديث لن يكون كافيا." بحسب رويترز.

وقال محسن خان المدير السابق للشرق الاوسط في صندوق النقد الدولي ان اعلان المساعدة ترك مبهما على الارجح لان المانحين والمقرضين لا يعرفون من سيقود هذه الدول في المستقبل ويدرسون ما يمكنهم أن يمنحونه لمنطقة لا تحتاج سيولة بقدر حاجتها للخبرة والاستثمار.

وقال خان "من يمثلون مصر وتونس والموجودون في واشنطن حاليا ليسوا من سيتواجدون في غضون ستة أشهر. ولا تعرف كيف ستكون الاستراتيجية الاقتصادية لذا من الصعب قطع أي التزامات."

وقال مسؤول بوزارة الخزانة الامريكية ان من المتوقع تقديم بعض المساعدات الثنائية ولكن المسؤولين الماليين الذين حضروا الاجتماع ومن بينهم مسؤولون من الولايات المتحدة وفرنسا وكندا واليابان وروسيا ومصر وتونس اتفقوا على أن مؤسسات الاقراض العالمية في أفضل وضع لمساعدة المنطقة على الاسراع بوتيرة النمو.

وقال المسؤول الامريكي الذي رفض نشر اسمه "اعتقد أن المؤسسات في وضع يحضها على تحقيق توازن" بين الاندفاع نحو تقديم المساعدات والتحرك بحذر وسط حالة من عدم اليقين.

وتحدث رئيس البنك الدولي روبرت زوليك بحماس عن الحاجة لتحرك سريع لدعم المنطقة وأقر البنك بالفعل قرضا قيمته 500 مليون دولار لتونس. وفي كلمة لمح الى أن البنك سيبدأ العمل مباشرة مع جماعات مدنية محلية لديها معرفة وخبرة مباشرة بالوضع على أرض الواقع.

وقال زوليك "الانتظار حتى يستقر الوضع يعني اهدار فرص. في اللحظات الثورية لا يحقق بقاء الامر الواقع النصر."

وانتزعت حكومة تسيير الاعمال في مصر -التي جاءت الى واشنطن سعيا للحصول على تمويل قدرة 10 ملايين دولار واعلان عن تقديم مساعدات - التزامات محدودة من وزراء المالية خلال الاجتماعات نتيجة القلق من افتقار مصر لخطة اصلاح شاملة تطمئن المجتمع الدولي الى أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح.

وقال غدار ان الشرق الاوسط الضعيف يحتاج "خطة مارشال عالمية" بمساعدة الدول المنتجة للنفط في المنطقة ودول اسيوية مثل الصين تعتمد على نفط الشرق الاوسط.

وربما تأتي المساعدات والاستثمارات من اوروبا التي تخشى موجة من الهجرة عبر البحر المتوسط والولايات المتحدة الحريصة على تفادي ارتفاع الاسعار في اسواق النفط العالمية وضمان الا يتيح عدم استقرار تربة خصبة للمتشددين.

وحذرت مولي وليامسون الدبلوماسية الامريكية السابقة البارزة من أن الحكومات الغربية التي تكافح لحل مشاكلها المالية الخاصة لن يمكنها على الارجح تقديم مساعدات جديدة كبرى.

فالرئيس الامريكي باراك اوباما على سبيل المثال يواجه معركة شرسة مع الجمهوريين بشأن خطط خفض تريليونات الدولارات من الميزانية الامريكية. وقالت وليامسون "لا نملكها ونحن الاثرياء."

مصر والأوقات الصعبة

الى ذلك استطاع عبد المنعم أحمد أخيراً شراء 10 أرغفة من الخبز المدعم بعد وقوفه في طابور لمدة ساعة ونصف مع 30 شخصاً آخر خارج أحد المخابز في العاصمة المصرية القاهرة. أما زينب فأخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنها انتظرت لساعتين للحصول على بعض الخبز وأضافت قائلة: "تستطيعون أن تروا المشكلة بأنفسكم".

ويعد المشهد الذي يحدث في حي السيدة زينب رمزاً لمشكلة كبرى. ففي الأسابيع القليلة الماضية، شهدت مصر- التي تستورد ما يقرب من نصف غذائها وتدعم أسعار الخبز- نقصاً حاداً في هذه السلعة الأساسية.

ويثبت سعر رغيف الخبز أو "العيش" كما يسميه المصريون، عند خمسة قروش (أقل من سنت أمريكي للرغيف) مقابل 50 قرشاً للرغيف غير المدعوم. ويقول خبراء الاقتصاد أن الأسر المصرية تنفق حوالي 40 بالمائة من دخلها الشهري على الغذاء.

وقال أحمد النجار، هو خبير اقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ورئيس تحرير النشرة السنوية التي يصدرها المركز تحت عنوان ’التوجهات الاستراتيجية والاقتصادية‘ أن "السبب الحقيقي في التضخم الحالي في الأسعار هو أن الحكومات – وحتى الحكومة الحالية - لم تقم بحماية المستهلك من استغلال التجار".

وقد تعرض الاقتصاد المصري لضربة قوية نتيجة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد بداية هذا العام مما أضر بعائدات السياحة وأثر سلباً على التجارة. وقال النجار أن "ذلك أدى إلى انخفاض الصادرات بنسبة 6 بالمائة في يناير وفبراير".

ووفقاً لوزارة المالية، ارتفع التضخم في أسعار السلع الاستهلاكية في المناطق الحضرية إلى 11.5 بالمائة خلال فترة 12 شهراً المنتهية في مارس، هو أعلى ارتفاع منذ أبريل 2010 بعدما كان 10.7 بالمائة في فبراير.

وتقول سميرة أبو زيد، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 45 عاماً: "لم نعد نشتري اللحوم أو الدجاج... أقول لأولادي أن علينا التكيف مع نظام غذائي خالٍ من هذين الصنفين".

كما أصبح غاز الطهي، هو سلعة أخرى حيوية، نادراً وأكثر تكلفة. وقال عماد أبو العز، وهو ينتظر شراء اسطوانة غاز في المدينة الصناعية جنوب حلوان: "اختفت اسطوانات الغاز فجأة، وإذا لم استطع الحصول على اسطوانة من هذا المركز سأضطر إلى دفع الكثير من النقود للحصول على اسطوانة من الخارج".

وسيضطر أبو العز، وهو عامل بمصنع اسمنت في السابعة والثلاثين من عمره وأب لطفلين، إلى دفع ستة أضعاف سعر اسطوانة الغاز المدعوم في حالة شرائها من مكان آخر.

وتلقي الحكومة باللائمة على الوضع في ليبيا وغزة. فقد أشار جوده عبد الخالق، وزير التضامن الاجتماعي، مؤخراً إلى أن سبب ندرة اسطوانات الغاز في مصر هو تهريبها إلى ليبيا وغزة حيث تستورد مصر 60 بالمائة من الغاز من السعودية والجزائر.

وقال حسام عرفات، رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية باتحاد الغرف التجارية: "يستفيد المهربون من فرق سعر الاسطوانات داخل مصر. وما يسهل ذلك دعم الحكومة في مصر حوالي 90 بالمائة من قيمة الاسطوانات".

كما ارتفعت أسعار السلع الأخرى بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة. فقد ارتفعت أسعار الطماطم والبصل والفلفل الأخضر والليمون والباذنجان والكوسة والفول إلى ثلاثة أضعاف، في حين أصبحت بعض السلع مثل العدس بعيدة عن متناول الكثيرين.

ويقول رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن "المستقبل قد يكون أسوأ. فالأسعار قد ترتفع أكثر من ذلك".

وذكر البنك الدولي في 14 أبريل أن أسعار الغذاء العالمية كانت أعلى بنسبة 36 بالمائة عن مستوياتها منذ عام مضى ولا تزال هذه الأسعار متقلبة ومدفوعة جزئياً بارتفاع تكاليف الوقود نتيجة الأحداث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأضاف البنك الدولي أن زيادة أخرى بمقدار 10 بالمائة في الأسعار العالمية ستؤدي إلى نزول 10 ملايين شخص إضافي تحت خط الفقر (يعيشون على 1.25 دولار في اليوم).

وقال روبرت زوليك، رئيس البنك الدولي أن "المزيد من الفقراء يعانون، وهناك المزيد من الأشخاص الذي قد يصبحون فقراء بسبب ارتفاع الأسعار وتقلبها. علينا أن نضع الغذاء في المقام الأول ثم حماية الفقراء والضعفاء الذين ينفقون معظم أموالهم على الغذاء".

وقد ذكرت الحكومة على لسان رئيس الحكومة عصام شرف في خطاب له مؤخراً أنها ستحاول تخفيض الأسعار. ودعا عبد الفتاح الجبالي، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى حماية المستهلك قائلاً أن عدداً قليلاً من التجار يحتكر إمداد السوق ببعض السلع مما أثر على ديناميكية السوق.

وأضاف قائلاً: "خلال الفترة الماضية، وبالتحديد منذ بداية الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس مبارك، لم يعد المجتمع ينتج على الإطلاق، وكان العرض أقل من الطلب وبالتالي أدى ذلك إلى زيادة في الأسعار".

عُمان وتحسين الأوضاع المعيشية

في سياق متصل أكد الوزير العماني المسؤول عن الشؤون المالية "درويش بن إسماعيل البلوشي"، أن الإجراءات المالية التي اتخذتها الحكومة العُمانية بعد حركات واعتصامات احتجاج، كلفت الموازنة العامة لهذا العام مليار ريال عُماني.

وتوقع ارتفاع حجم الإنفاق لهذا العام ليصل إلى نحو 9.1 مليار ريال، مقارنة بحجمه المعتمد في الموازنة العامة للعام المالي الحالي والمقدر بـ8.1 مليار، ما سيرتب زيادة في عجز الموازنة إلى 1.9 مليار ريال، مقارنة بعجز معتمد مقدر بنحو 850 مليون ريال.

ولفت إلى أن الزيادة في الإنفاق الحكومي التي تمثل 12 بالمائة عن تلك المعتمدة في الموازنة، ستنشّط الحركة التجارية والخدمية في القطاعات الاقتصادية، وستساهم في دفع نمو الاقتصاد الوطني.

وأكد "البلوشي" أن الوضع المالي والاقتصادي للسلطنة متين وثابت وقادر على مواجهة المستجدات على الصعيدين المالي والاقتصادي، مستنداً إلى عوامل الارتفاع المتواصل في معدلات إنتاج النفط يومياً.

وأوضح أن البيئة الاستثمارية للسلطنة ساعدت على رفع مستويات الاستثمار ومعدلاته، إذ ارتفع خلال فترة الخطة السابعة 2006- 2010، إلى نحو 21 مليار ريال مقارنة بالاستثمار المخطط والمقدر بنحو 14 مليار ريال، مسجلاً زيادة 51 بالمائة، كما زاد حجم الاستثمار الأجنبي المباشر من 929 مليون ريال عام 2003 إلى 5 مليارات ريال عام 2009.

أصول البنوك العربية

في حين كشف رئيس اتحاد المصارف العربية، أن مجموع أصول البنوك العربية 3.2 تريليون دولار، الثلث منها سوف يكون للبنوك الإسلامية خلال العام 2012، وهي تمثل الآن نسبة 20 بالمائة، حسبما ذكرت صحيفة "الشرق القطرية".

قال "عدنان أحمد يوسف" على هامش مؤتمر صحفي قبيل انطلاق فعاليات المؤتمر المصرفي العربي لعام 2011 في الدوحة: "إن الاتحاد تأسس في 1974 بهدف دعم التعاون العربي وتقديم المؤسسات العربية للعالم الخارجي".

وأكد أن مؤتمر الدوحة يعتبر من أهم المؤتمرات التي قام بها الاتحاد وذلك للظروف المحيطة بالدول العربية خاصة الظروف السياسية، مشيراً إلى أنه رغم أن الدول العربية تغلبت على المشاكل الاقتصادية التي سببتها الأزمة المالية العالمية إلا أنها دخلت في إشكالات سياسية مثل مصر وتونس واليمن.

وبخصوص اتفاقية بازل، أكد "يوسف" أن البنوك العربية خاصة القطرية والخليجية تعتبر من أوائل البنوك بمنطقة التي طبقت "بازل 2" وعلى وشك تطبيق "بازل 3"، كما تعد من أوائل البنوك في المنطقة التي طبقت مبادئ الشفافية والحوكمة.

وأشار إلى أن 80 بالمائة من البنوك العربية لا تواجه عقبات في تطبيق "بازل 3" وذلك لعدة أسباب من بينها أن رأس مالها مرتفع مقارنة بالبنوك الغربية، كما أن الدول العربية ليس هناك تصنيفات لرؤوس الأموال.

وعن استيراد أموال بعض المسؤولين السابقين في الدول العربية التي قامت بها ثورات، أكد أن الاتحاد العربي للمصارف ليس له علاقة بهذا الموضوع، لكنه أشار إلى أن الإعلام في كل من مصر وتونس قام بتضخيم مثل تلك الأمور وأن الاتحاد العربي للمصارف يقوم بتقديم البيانات الصحيحة لوكالات التصنيف، وأن البنوك المصرية توجد بها نسبة سيولة تزيد عن 50 بالمائة.

ولفت إلى أن قبل الأزمة المالية العالمية كانت معظم استثمارات البنوك العربية في الدول الغربية والأوروبية كاستثمار للأجيال القادمة، لكن بعد الأزمة العالمية اختلفت النظرة وأصبح هناك توجه نحو الاستثمار في الدول العربية.

وفيما يتعلق بالمصارف الإسلامية، أوضح رئيس اتحاد المصارف العربية أنها شهدت نقلة كبيرة في الصرافة، وأكد أن التغيرات التي حدثت السنوات الأخيرة كانت هامة حيث إن البنوك الإسلامية شهدت ثورة كبيرة في عمليات الصرافة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/آيار/2011 - 15/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م