شبكة النبأ: بين فترة وأخرى يحتدم
الجدل والنقاش حول حدود حريات التعبير في الفضاء الافتراضي (الانترنت)
نتيجة لخبر كاذب او إشاعة مغرضة تنال من شخصية عامة قد تكون سياسية او
فنية او رياضية.
في الصحافة المكتوبة وفي الديمقراطيات العريقة الجدل محسوم لمثل هذه
الأمور.. فهناك جملة من القوانين الناظمة لحرية تداول المعلومة
المتعلقة بالشخصيات العامة او المجموعات او الأقليات.. من هنا توجد
التشريعات القانونية المتعلقة بالتشهير وبالقدح والذم والتي تكبد
الكثير من الصحف المشهورة غرامات مالية كبيرة قد تصل الى ملايين
الدولارات، بالمقابل كفلت تلك التشريعات حماية الصحفي ومصادره على ان
تكون تلك المصادر موثوقة وذات مصداقية ولا ننسى وجود الوثائق التي تسهل
عمل الصحفي وتستدعي حمايته من المساءلة.
حتى الان لا توجد مثل تلك التشريعات والقوانين الناظمة لما ينشر على
الانترنت لمجهولية الناشر وعدم القدرة على تجديد مكان معلوم انطلق منه
ما يعتبر اساءة للاخرين.. وهي معضلة قانونية تعاني منها الكثير من
الشخصيات العامة المشهورة في امريكا واوربا.
في بلداننا الوضع يختلف بحكم طبيعة أنظمة الحكم، فجميع القوانين
والتشريعات الجزائية يمكن تطبيقها على ما ينشر في الانترنت على مواطني
تلك الدولة المعينة تارة تحت اسم الحفاظ على الامن القومي او الحفاظ
على السلم الاهلي او الحفاظ على الوطن والمنجزات وتكون العقوبات عادة
اغلاق الموقع والسجن والتشهير.. كما حدث مع الكثيرين من مدونين او
اصحاب مواقع خاصة.
الحدود المفترضة لهذه الحريات في الفضاء الافتراضي دائما ما يتم
استغلالها بصورة سيئة، مثل ما حدث مع النائب في البرلمان العراقي بهاء
الاعرجي ووليمته المزعومة للممثل المصري عادل امام.
ومثل الكثير مما تنشره الصحف العراقية نقلا عن مواد من شبكة
الانترنت دون التحقق من صحتها او ما ينشر هذه الايام بكثرة مرعبة على
صفحات الفيس بوك العراقية.
مجموعة كبيرة من الاشاعات والاخبار الملفقة التي تنتقل من موقع الى
اخر بسرعة لا يستغرق سوى ثانية واحدة او جزءا من الثانية.. لا حدود بين
الخاص والعام ولا بين الحقيقة والخيال او بين الحقيقة والباطل.. المهم
اطلاق تلك الاخبار والاشاعات الكاذبة والصاق التهم جزافا بالاخرين وعلى
الاخرين تصديق ذلك عنوة وبقوة التكرار.
لغرض تجاوز تلك الاشكاليات أعلنت الحكومة البريطانية أخيراً انها
تبحث في إمكان إصدار تشريعات جديدة للسيطرة على محتويات مواقع الانترنت
والمُدوّنات، بعد أن تمكن شخص مجهول من إنشاء حساب على «تويتر» كشف
بواسطته أسماء عدد من المشاهير، زاعماً ان هؤلاء هم الذين حصلوا على
أحكام قضائية تحظّر نشر أي معلومات عن ممارسات «غير أخلاقية» في حياتهم
الخاصة.
في هذه الحالة سنكون أمام ما يمكن وصفه بـ «إرهاب الانترنت»، بمعنى
نشر إشاعات تحريضية تهدف إلى ترهيب شخص ما أو جماعة ما، وفي أقصى
الحالات تشجيع آخرين على إلحاق الأذى بالشخص المُستهدَف أو الجماعة
المُستهدَفة. وغالباً ما تكون المعلومات المنشورة كاذبة، بل مصممة
خصيصاً لتدمير سمعة الآخرين وجعلهم عدواً لدوداً يجب شطبه من المعادلة
نهائياً. ويحدث في أحيان كثيرة أن تتخفى هذه المواقع تحت شعارات دينية
أو وطنية بحيث تعطي الانطباع الخاطئ بأنها تعكس موقف جماعات دينية
وسياسية معترف بها، وذلك من أجل تكثيف الوطأة على الأشخاص المُستهدَفين،
وبالتالي التأثير في متلقي هذه المعلومة كي يتخذ موقفاً عدوانياً قاطعاً
من أولئك الأشخاص. وقد يصل الأمر ببعضهم الى الانتقال من الإلغاء
الافتراضي الى الإلغاء الواقعي إذا أتيحت له الظروف!
أنجزت احدى الباحثات رسالتها في الماجيستير حول موضوع " علاقة تعرض
الشباب للصحافة المطبوعة والالكترونية باتجاهاتهم نحو ظاهرة الارهاب "،
وقامت بتحليل 354 مادة صحفية منشورة في صحف الأهرام والأخبار والوفد،
كما قامت بتحليل 124 مادة منشورة في مواقع الجزيرة نت – اسلام اونلاين
– BBC باللغة العربية.
كانت بعض النتائج على الشكل التالي:
مدى ثقة المبحوثين في المضمون المقدم عبر
الإنترنت
أشارت نتائج التحليل الإحصائى إلي أن 67.8% من إجمالى العينة يثقون
" إلى حد ما " فى المضمون المقدم عبر شبكة الإنترنت، بينما يثق 26.3%
بدرجة كبيرة فيما تقدمه شبكة الإنترنت، بينما لا يثق مطلقاً فى المضمون
المقدم عبر الإنترنت حوالى 6% من إجمالى عينة الدراسة.
ولعل أسباب الثقة وعدم الثقة فى مضمون الإنترنت يرجع لتشكك بعض
المستخدمين فى هوية الكثير من المواقع المتاحة عبر الشبكة، أو لعدم
توثيق المضمون المقدم من قبل كبار الكتاب والمفكرين، أو لعدم صحة
المعلومات فى بعض الأحيان، الأمر الذى يولد عدم ثقة من قبل المستخدم
لبعض المواقع فيما بعد.
الإنترنت كوسيلة آمنة لتوصيل المعلومات
أكدت نتائج الدراسة الميدانية أن 48.8% من إجمالى عينة الدراسة تري
أن الإنترنت " أحياناً " يكون وسيلة آمنة لتوصيل المعلومات، بينما أجاب
43% بأنه بالفعل وسيلة آمنة، بينما يرى 8.3% أنه وسيلة غير آمنة لتوصيل
المعلومات، ولعل هذا يرجع فى نظر البعض لعدم توثيق المعلومات المتاحة
على الإنترنت، وعدم الثقة فى بعض الأحيان فى هوية أغلب المواقع التى
تقدم معلومات معينة فى بعض المجالات كالمجال الدينى والطبى تحديداً.
اما فيما يتعلق بالاشاعة والاخبار الكاذبة والملفقة والتي تتسيد
الكثير من مواقع الانترنت وصفحاته فيمكن تعريفها بانها:
كل خبر مقدم للتصديق يتناقل من شخص لآخر, دون أن يكون له معايير
أكيدة للصدق, فهي بث خبر من مصدر ما في ظروف معينة ولهدف يريده المصدر
دون علم الآخرين. وهي الأحاديث والأقوال والأخبار والقصص التي يتناقلها
الناس, دون أمكانية التحقق من صحتها أو كذبها. فالإشاعات تنتقل وتنتشر
كلما ازداد الغموض ونقص المعلومات حول الأخبار التي تنشرها هذه
الإشاعات.
كل خبر يشكك به يمكن أن يصبح أو يتحول إلى إشاعة وبغض النظر عن أنه
صادق وصحيح أم كاذب وملفق.
الإشاعة هي رسالة تحمل أخبار ومعلومات يرسلها شخص أو جماعة إلى شخص
أو جماعة أخرى لهدف وغاية معينة, يراد بها التأثير على (المتلقي) ليقوم
باستجابات وتصرفات معينة, وتأثير هذه الرسالة تابع لمضمون هذه الأخبار
على المتلقي..
وطريقة وأسلوب نشر الأخبار هامة جداَ في تحقيق تقبل المتلقين لهذه
الأخبار, وكذلك موثوقية مرجعها ومكانته وقوته وسلطته لها تأثير أساسي,
وكثيراً ما يستخدم ناشر الخبر مصداقية وقوة مصدر الخبر فيرجعه إلى
الآلهة أو الأنبياء أو العلماء. |