شبكة النبأ: أحيى فلسطينيو الشتات
ذكرى يوم النكبة هذا العام بشكل غير مسبوق، بعد ان جاء متأثرا بسياق
الثورات العربية التي تجتاح المنطقة، والتقلبات في الموازين السياسية
الأخيرة، معيدين بعقارب الساعة إلى الوراء، بعد أن قرروا العودة بالقوة
إلى مساكنهم التي هجر منها آبائهم أواسط القرن الماضي، قبل أن يتصدى
لهم الجيش الإسرائيلي بنيران أسلحته.
ليكون ذلك الحراك الشعبي إشعار واضح للدولة اليهودية بأنها باتت في
خضم الأحداث التي تشهدها الدول العربية وليست بمنئ عما يقع، أملا في
إعادة بلورة أسلوب الصراع القائم بشكل جديد، يعيد القضية إلى واجهة
الأحداث مجددا.
مواجه الربيع العربي
فقد تأسست اسرائيل لتكون وطنا لليهود بعد محارق النازي وتشكلت في
حروب حول الحدود مع قوات عربية وهي تواجه الآن إعادة تعريف للصراع بعد
أن احتشد لاجئون فلسطينيون بلا خوف على حدودها. وتدفق الاف المحتجين من
سوريا ولبنان وغزة وسووا بالارض بعض أسوار المناطق العازلة مما دفع
اسرائيل الى اطلاق النيران عليهم وهو ما جعل كثيرين في البلاد يفكرون
في عواقب وضع أقوى جيش بالمنطقة في مواجهة متظاهرين لا يحملون سوى
الحجارة.
جاءت التجمعات الحاشدة التي لم يسبق لها مثيل لتزيد احياء ذكرى يوم
قيام اسرائيل الذي يطلق عليه الفلسطينيون اسم النكبة سخونة وتم الحشد
لها على غرار انتفاضات "الربيع العربي" الذي رحب به الغرب لتعمق الشكوك
الاسرائيلية في التوصل الى اجراءات مضادة مقبولة. ومن المرجح أن تتكرر
مسيرات يوم النكبة قريبا بالنظر الى حملة الفلسطينيين لتحدي اسرائيل
امام الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر ايلول باعلانهم الاستقلال
اذا ظلت محادثات السلام متعثرة.
واستبعد معظم المحللين الاسرائيليين خيار اعتماد أساليب شرطة مكافحة
الشغب في مواجهة اشتباكات على هذا النطاق الكبير على امتداد خطوط هدنة
متوترة. ونصح البعض بزرع حقول ألغام جديدة. ولمح عاموس جلعاد وهو أحد
كبار مساعدي باراك الى أن اسرائيل ستزداد حدة وربما تشدد من رد فعلها.
وشبه التجمعات الحاشدة بالهجمات الفتاكة التي كان ينفذها مسلحون فيما
مضى ضد اسرائيليين.
وقال لراديو الجيش الاسرائيلي "واجهنا بالفعل تحديات قاسية للغاية
بدت مستحيلة... وقعت هجمات ارهابية من البحر من نوعية لم نسمع بها منذ
عقود بسبب نجاحاتنا (في العمليات). ولسنوات طويلة تعرضنا لهجمات
انتحارية. الان الدولة هادئة ومستقرة."
وفي ظل التساؤلات التي تحيط بدرجة استعداده وهيبته وصف الجيش
الاسرائيلي الذي قتل 13 محتجا على الاقل قبل أن يصد الباقين سلوكه بأنه
يتسم بضبط النفس.
وقال المتحدث باسم الجيش البريجادير جنرال يواف مردخاي "لو كنا
فتحنا النار وحدث حمام دم من عشرات القتلى لوجدنا أنفسنا في واقع مختلف
تماما." وكانت احتجاجات يوم النكبة هادئة نسبيا في الضفة الغربية. وعزا
الاسرائيليون الفضل الى تنسيقهم المستمر مع قوات الامن التابعة للرئيس
الفلسطيني محمود عباس. وكانت الاحتجاجات هادئة في الاردن ومصر ايضا
وهما الدولتان الوحيدتان الموقعتان على اتفاقيتين للسلام مع اسرائيل.
واتهم موشي يعلون نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو
حكومتي لبنان وسوريا بتشجيع المحتجين على الوصول الى الحدود في محاولة
لزعزعة استقرار اسرائيل. وقال مسؤولون اسرائيليون ان الرئيس السوري
بشار الاسد ربما يحاول أن يوفر لنفسه استراحة بتحويل أعمال العنف الى
مرتفعات الجولان المحتلة بعد أن شن حملة طوال أسابيع على الاحتجاجات
المناهضة لحكمه في الداخل.
لكن قضية اللاجئين الفلسطينيين الشائكة ستظل قائمة بغض النظر عن كل
شيء. وطرد مئات الالاف من الفلسطينيين من جراء حرب عام 1948 وهم
يطالبون الى جانب ملايين من نسلهم بحق العودة الى الاراضي التي أخذتها
اسرائيل.
وتستبعد اسرائيل هذا بوصفه انتحارا سكانيا وتداعت جهود السلام التي
ترعاها الولايات المتحدة منذ عقدين مرارا وتكرارا بسبب اقتراحات غير
واضحة لم يسبق أن قبلتها القيادة الفلسطينية رسميا وتنطوي على أن
يستوطن اللاجئون في أماكن أخرى. بحسب رويترز.
لهذا فانه حتى اذا عثر الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي يستقبل
نتنياهو في واشنطن يوم الجمعة على معادلة لاعادة احياء المفاوضات فان
من غير المرجح أن يهديء هذا المحتجين من نوعية المشاركين في احتجاجات
يوم النكبة.
وكتب الكس فيشمان المحلل الدفاعي بصحيفة يديعوت احرونوت يقول "اسرائيل
تفتقر الى سبل منع اختراق عشرات ومئات الالاف من الفلسطينيين لحدودها
والذين سينجحون في التنظيم وتحقيق حلم العودة على أقدامهم."
وأضاف "كلما تحدث الناس عن احتمال الترتيبات الدبلوماسية او اقامة
دولة فلسطينية كلما سيصبح حق العودة راية الكفاح الفلسطيني."
أقوى من خلال الوحدة
من جهتهم اعتبر فلسطينيون ان الاحتجاجات على حدود اسرائيل تمثل لحظة
تاريخية في صراع الشرق الاوسط ونقطة تحول فجرتها الانتفاضات العربية
التي يمكن ان تحدد الاسلوب لمزيد من النشاط. وبعد ثلاثة اسابيع من
موافقة الفصائل الفلسطينية على إنهاء أربع سنوات من الصراع الداخلي قال
فلسطينيون بارزون ان الاحتجاجات ضخت أملا جديدا في صراعهم الوطني فيما
وصلت عملية السلام التي تتزعمها الولايات المتحدة الى طريق مسدود.
ويتوقع البعض المزيد من الاحتجاجات الاكبر في الفترة السابقة على
سبتمبر ايلول -- ما لم تحدث معجزة وتتحقق انفراجة في المفاوضات -- حيث
قال الرئيس محمود عباس انه سيطلب من الجمعية العامة للامم المتحدة
الاعتراف بدولة فلسطينية.
ويقول آخرون انه من السابق لأوانه توقع انتفاضة جديدة أو انتفاضة
بين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي لانه يجب اولا
ان يقتنعوا بأنه قد يكون هناك شيء يمكن ان يكسبوه من الوقوف مرة ثالثة
ضد خصم أقوى.
وأعطى الفلسطينيون الذين احتشدوا على حدود اسرائيل مع سوريا ولبنان
وانتهكوا الحدود مع مرتفعات الجولان التي تحتلها اسرائيل دفعة معنوية
كبيرة لمواطنيهم في الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق أخرى.
وقالت حنان عشراوي العضو البارز في منظمة التحرير الفلسطينية انه
يوجد احساس بالتضامن والوحدة وأنهما مصدر قوة. وأضافت ان حركة الاحتجاج
بدون عنف ستستمر.
وقال مصطفى البرغوثي وهو سياسي فلسطيني مستقل يدعو منذ فترة طويلة
الى الكفاح غير المسلح أو المقاومة الشعبية ان الفلسطينيين اكتشفوا قوة
المقاومة الشعبية السلمية. وقال مسعفون في غزة التي تحكمها حركة حماس
ان نحو 100 شخص اصيبوا بجروح بنيران اسرائيل.
وقال البرغوثي في اشارة الى الاتفاق الذي تم التوصل اليه بوساطة
مصرية ويهدف الى إنهاء الخلافات بين حركتي فتح وحماس ان الفلسطينيين
اتحدوا حول فكرة الكفاح الشعبي السلمي وان هذا جاء نتيجة لاتفاق
المصالحة.
عودة عقارب الساعة الى الوراء
واعادت الاحتجاجات على الحدود الاسرائيلية مع سوريا ولبنان ايضا
تسليط الضوء على الفلسطينيين في الشتات وهي قضية جرى تهميشها في
السياسة الفلسطينية منذ عودة ياسر عرفات من منفاه الى الضفة الغربية
وقطاع غزة قبل عقدين.
وعندما اقتحم بعض المحتجين الحدود من سوريا الى اسرائيل في مشاهد
أذيعت على الهواء مباشرة على قنوات فضائية بدا الامر للفلسطينيين وكأن
المستحيل يتحقق حتى ولو لفترة قصيرة. وقال عبد القادر البيشاوي (50
عاما) اللاجئ من قرية بيت دجن في يافا ويسكن في مخيم بلاطة للاجئين "هذه
رسالة لكل واحد يفكر في التنازل عن حق اللاجئين." واجبرت اسرة البيشاوي
على الفرار من ديارها في حرب عام 1948 التي ساهمت في رسم حدود دولة
اسرائيل وتسببت في فرار مئات الالاف من اللاجئين الفلسطينيين الى الدول
العربية المجاورة.
وقال البيشاوي وهو واحد من 4.8 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الامم
المتحدة في الاردن ولبنان وسوريا والاراضي الفلسطينية المحتلة "لاول
مرة اشعر ان الامة العربية بخير. لاول مرة أشعر انه ممكن أن نرجع على
البلد بعد ما بلغت القلوب الحناجر من اليأس والقنوط."
ومثل قضية مصير القدس تظل مسألة اللاجئين واحدة من المسائل الرئيسية
في قلب الصراع العربي الاسرائيلي. لكن اللاجئين راودتهم الشكوك طويلا
في امكانية ضياع قضيتهم وسط مفاوضات عملية السلام في الشرق الاوسط التي
تستهدف اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل في الضفة الغربية وقطاع
غزة. وبالنسبة لاسرائيل تعتبر فكرة العودة الجماعية للاجئين فكرة غير
مقبولة من شأنها ان تدمر اسرائيل. وتقول اسرائيل ان اي حل لمسألة
اللاجئين يجب ان يتحقق في حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية ووصفت
الاشتباكات التي وقعت بأنها استفزاز حرضت عليه ايران.
يوم حداد فلسطيني
وشيع الفلسطينيون في لبنان عددا من الضحايا الذين سقطوا على الحدود
اللبنانية برصاص اسرائيلي وارتفع عدد الذين قتلوا في اطلاق النار
الاسرئيلي في بلدة مارون الراس الحدودية، الى احد عشر شخصا، بعد ان
توفي فلسطيني ليلا متاثرا بجروحه في مستشفى بنت جبيل في جنوب لبنان،
بحسب ما افاد مصدر طبي.
وفي مخيم البص للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور (85 كلم جنوب بيروت)،
شيع الالاف الشاب محمود محمد سالم (17 عاما)، وسط هتافات "لا اله الا
الله، الشهيد حبيب الله"، و"يا شهيد ارتاح، ارتاح، نحن نواصل الكفاح".
وسار المشيعون وسط اطلاق نار كثيف في الهواء، من داخل المخيم الى
جبانة صور حيث ووري الثرى، وسط زغاريد النساء وبكاءهن، ووسط نثر الارز
والورد.
في المخيم، لا تزال اللافتات الخاصة "بمسيرة العودة الى فلسطين"
معلقة. وفي مقدمة موكب التشييع، رفعت جنبا الى جنب اعلام حركتي حماس
وفتح والاعلام الفلسطينية.
وقال زياد زيداني، وهو استاذ مدرسة، انه يشعر ان العودة الى فلسطين
اليوم باتت فعلا "اقرب من اي وقت مضى"، كما قال الامين العام لحزب الله
حسن نصرالله، وذلك نتيجة "حصول المصالحة الفلسطينية، فالوحدة ظاهرة بين
الناس، والمصالحة هذه المرة جدية".
ورأى زيداني ان المسيرة التي تمت امس من كل المخيمات الفلسطينية في
اتجاه الحدود الهدف منها التركيز على "اهمية حق العودة واظهار ذلك
للعالم"، مضيفا "كان لا بد من التنظيم اكثر لكن الحماس والاندفاع ادى
الى ما ادى اليه".
وقال عصام مرعي وهو موظف في دار ايتام من جهته "كان هناك قرار
اسرائيلي باطلاق النار على المتظاهرين ولو لم يفعلوا شيئا. بالاضافة
الى ذلك، كان هناك حماس كبير من الشباب عندما راوا الحدود". ومعظم
القتلى في العشرينات وما دون، ولا يعرفون فلسطين الا من اخبار ذويهم
واجدادهم. وفي مخيم البرج الشمالي ، تم تشييع الشاب محمد سمير الصالح
(16 عاما).
وقال فرج جمال، وهو صيدلي في الخمسين من عمره، انه شارك في المسيرة
الاحد مع افراد عائلته وان ابنه البالغ من العمر عشر سنوات فقط ركض حتى
"الخط الفاصل وعاد ليخبرني، ففرحت معه ولم اؤنبه، بل شجعته". واضاف "هذه
المرة، جاءت سلمية، لكن المرة المقبلة، ستكون بالسلاح".
في مخيم عين الحلوة، اكبر مخيمات لبنان، في مدينة صيدا المجاورة حيث
تم تشييع ثلاثة قتلى، هتف المشيعون "عالقدس رايحين، شهدا بالملايين".
واقفلت كل المؤسسات التجارية والتربوية في المخيمات التي اعلن فيها
الحداد. ورفعت لافتة كبيرة في مخيم عين الحلوة كتب عليها "فلسطين تستحق
دماءنا. هنيئا لكم الشهادة".
وواكب عشرات المسلحين التشييع الذي حضره السفير الفلسطيني في لبنان
عبدالله عبدالله.
وقال مسؤول حركة حماس في لبنان علي بركة لوكالة فرانس برس "اننا
نحمل جيش الاحتلال المسؤولية عما جرى من سفك دماء ونعتبرها مجزرة ضد
عزل"، مضيفا "لم يستخدم احد في الجانب اللبناني من الحدود اي سلاح
باستثناء الحجارة". بحسب فرانس برس.
وقال بركة "انها مجزرة مفتعلة داخل الاراضي اللبنانية"، مطالبا "الحكومة
اللبنانية بالتدخل الفوري لطلب محاكمة مجرمي الحرب".
وكان الامين العام لحزب الله حسن نصرالله توجه في بيان للفلسطينيين
مؤكدا لهم ان عودتهم الى ارضهم اصبحت "اقرب الى الانجاز من اي وقت مضى"،
محييا "شجاعة وبسالة الذين تظاهروا الاحد على الحدود اللبنانية
والسورية مع فلسطين". واكد نصر الله المضي "سويا في طريق المقاومة
لنكمل درب الانتصارات ولنحرر كل ارضنا ومقدساتنا".
ووزع في بيروت بيان صادر عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (اونروا)
شجب فيها مفوض الاونروا فيليبو غراندي ما حدث من مواجهات بين الجيش
الاسرائيلي والفلسطينيين في عدد من الدول. وقال غراندي "انني اشجب
عمليات القتل التي طالت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومرتفعات
الجولان المحتلة والاراضي الفلسطينية المحتلة".
واضاف "ان هذه الاحداث المؤسفة تبين مرة اخرى هشاشة الوضع الذي
يعيشه اللاجئون الفلسطينيون الذين نقوم على خدمتهم. كما انها تشدد على
ضرورة الحاجة للتوصل الى حل عادل ودائم مستند الى قرارات الامم المتحدة
لمحنة شعب عانى من غياب الدولة ومن النفي والطرد طيلة ثلاثة وستين عاما".
وعبر عن خشيته من ان "الفشل في ذلك لن يؤدي الا الى مزيد من عدم
الاستقرار والمزيد من الخسائر في الأرواح". وفيما عاد الهدوء تماما الى
بلدة مارون الراس، سجل تحليق طيران اسرائيلي كثيف في كل اجواء الجنوب.
اموال الضرائب
من جهة اخرى وافقت إسرائيل على الافراج عن ملايين الدولارات من
تحويلات الضرائب المجمدة للسلطة الفلسطينية بعد تلقي تأكيدات بان هذه
الاموال لن تصل إلى يد حركة المقاومة الاسلامية (حماس).
واوقفت إسرائيل في وقت سابق من الشهر الجاري عملية التسليم الروتيني
لنحو 300 مليون شيقل (800 مليون دولار) من اموال الجمارك والضرائب
الاخرى التي تجمعها بالانابة عن الفلسطينيين بعد ابرام الرئيس
الفلسطيني محمود عباس اتفاقية وحدة مع حماس.
وقال يوفال شتاينتز وزير المالية الاسرائيلي في ذلك الوقت انه لن
يسمح بهذا التحويل الا بعد تلقي ضمانات بان هذه الاموال لن تصل الى
حماس التي تدير قطاع غزة ويدعو ميثاقها الى تدمير اسرائيل.
ووافق شتاينتز يوم الاحد على استئناف التحويلات قائلا في بيان ان
اسرائيل "تلقت توضيحات ملائمة" بان هذه الاموال لن تصل الى حماس او
تستغل لتمويل ما وصفه بـ "نشاط ارهابي."
ووصف التجميد الذي استمر اسبوعين بانه "كارت اصفر" للسلطة
الفلسطينية وحذر من انها اذا شكلت في نهاية الامر حكومة وحدة مع حماس
او اذا بدأت في تمويل نشاط متشدد فان اسرائيل ستجمد مرة اخرى هذه
التحويلات. وكان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض قد سعى الى تدخل
دولي لوقف الاجراء الاسرائيلي.
وتعتمد السلطة الفلسطينية ايضا اعتمادا كبيرا على المساعدات التي
تحصل عليها من مانحين من بينهم الولايات المتحدة التي قالت ان
مساعداتها في المستقبل ستعتمد على شكل الحكومة الفلسطينية الجديدة
المتوقع تشكيلها بموجب اتفاقية الوحدة. وقال زعماء اسرائيل ان اتفاقية
الوحدة الفلسطينية ضربة لجهود السلام.
وتوفر تحويلات الضرائب للسلطة الفلسطينية ما بين مليار و1.4 مليار
دولار سنويا. وقال المسؤولون الفلسطينيون انهم لن يتمكنوا من الوفاء
بالتزاماتهم ومن بينها دفع الرواتب بدون هذه الاموال.
اسرائيل قلقة
كما ابقت اسرائيل الاثنين قواتها في حالة تأهب قصوى على الحدود مع
لبنان وسوريا، مدركة فجأة هشاشة حدودها غداة اعمال عنف وقعت خلال احياء
ذكرى النكبة الفلسطينية.
واثار تسلل مئة متظاهر قادمين من سوريا الى هضبة الجولان التي
تحتلها اسرائيل قرب بلدة مجدل شمس، انتقادات شديدة في وسائل الاعلام ضد
"عدم جهوزية" الجيش الاسرائيلي.
وابرزت الصحف "تطويق" اسرائيل التي تتعرض "لهجوم من كل النواحي"
وشددت على تسلل المتظاهرين من الجولان بقوة واعتبرته سابقة.
وعنونت صحيفة يديعوت احرونوت في جملة مثيرة انه "لم تبق حدود" بينما
تحدثت صحيفتا معاريف واسرائيل هيوم الواسعتا الانتشار، عن "معركة حول
السياج".
وفي مقالة كتبت هآرتس ايضا ان "السوريين عند السياج" في عبارة تشير
الى الصدمة التي اثارها هجوم الجيش السوري المفاجئ بداية حرب تشرين
الاول/اكتوبر 1973.
من جانبه صرح وزير الشؤون الاستراتيجية موشي يعالون للاذاعة ان على
اسرائيل "ان تبلغ الذين يحاولون الدخول بقوة الى بلادنا، سواء كانوا
مسلحين ام لا، ان اسرائيل بلد ذو سيادة".
وحذر الوزير من انه "يجب علينا ايقافهم عند الخط (الفاصل) والا
فانهم قد يدخلون بلدة اسرائيلية مع ما يمكن ان يترتب عن ذلك من مجزرة".
واعتبر عدد من المعلقين ان احداث الاحد قد تشكل "تهيئة" قبل ايلول/سبتمبر
عندما ينوي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان يطلب من الامم المتحدة
الاعتراف بدولة فلسطينية بعد فشل المفاوضات مع اسرائيل. وكتب معلق
هآرتس ألوف بين في هآرتس ان "الثورة العربية تدق ابواب اسرائيل".
وميدانيا اعلن الناطق باسم الجيش الاسرائيلي الجنرال يوعاف مردخاي
ان الجيش ابقى "حالة الاستنفار القصوى في المناطق العسكرية في الشمال
والجنوب (غزة ومصر) والوسط (الضفة الغربية)". وقال الجنرال ان "الجيش
مسؤول على الدفاع عن الحدود".
وانتشر مئات الشرطيين الاسرائيليين في مجدل شمس في الجولان يفتشون
المنازل بحثا عن "مشتبه فيهم قد يكونون تسللوا الاحد من سوريا" كما قال
الناطق باسم الشرطة ميكي رزنفلد.
وعلى الصعيد الدبلوماسي رفعت اسرائيل شكوى ضد سوريا ولبنان الى
رئاسة مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة. وقال متحدث باسم
الوزارة ان "السلطات السورية واللبنانية لم تتحمل مسؤولياتها على رغم
هذه التحذيرات".
وقام لبنان بخطوة مشابهة امام الامم المتحدة ضد اسرائيل داعيا مجلس
الامن الى ان "يتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين والضغط
على إسرائيل من اجل حملها على الإقلاع عن سياستها العدوانية
والإستفزازية تجاه لبنان"، بحسب الوكالة الوطنية للاعلام في لبنان.
ودان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني اليوم
الاثنين "الاعتداء الاسرائيلي الوحشي" على المتظاهرين الفلسطينيين قرب
الحدود مع لبنان وسوريا وقطاع غزة.
ونقل بيان عن الزياني "استنكاره الاعتداء الاسرائيلي الوحشي على
المتظاهرين الفلسطينيين بالقرب من الحدود الاسرائيلية مع كل من لبنان
وسوريا وقطاع غزة ما ادى الى مقتل وجرح عدد كبير من الشباب الابرياء
كانوا يتظاهرون في ذكرى النكبة".وقال ان "التظاهرات (...) لم تنتهك امن
اسرائيل وما كان ينبغي مواجهتها بهذه الوحشية المفرطة".
وناشد الامين العام "الامم المتحدة واللجنة الرباعية للسلام في
الشرق الاوسط التدخل الفوري والضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها".
واطلقت البحرية الاسرائيلية عيارات تحذيرية باتجاه سفينة مساعدات
ماليزية لدى اقترابها من قطاع غزة الاثنين ما ارغمها على تحويل مسارها
الى مصر.
وقال شمشول ازهر من مؤسسة "بردانا غلوبال بيس" وهي الجهة المستأجرة
للسفينة لوكالة فرانس برس ان "سفينة ام في فينش التي كانت تقل انابيب
للصرف الصحي الى غزة تعرضت لاطلاق عيارات تحذيرية من القوات
الاسرائيلية في المنطقة الامنية الفلسطينية صباح اليوم عند الساعة
06,54 (03,54 تغ)".
واشار الى ان "السفينة كانت في المنطقة الامنية الفلسطينية على بعد
نحو 400 متر من سواحل غزة عندما اعترضتها قوات البحرية الاسرائيلية"،
موضحا انها الان راسية على بعد 30 عقدة بحرية في المياه المصرية.
وقالت متحدثة عسكرية اسرائيلية ابحرت سفينة تجارية ترفع علم
مولدافيا من مرفأ العريش المصري حيث كانت راسية منذ ايام عدة". بحسب
فرانس برس.
واضافت "اتصلت سفينة دورية تابعة للبحرية بالسفينة التي اكدت انها
في طريقهاالى سواحل غزة"، موضحة ان البحرية الاسرائيلية بادرت الى
اطلاق "عيارات تحذيرية" عقب امتناع السفينة عن التقيد باوامر للعودة
ادراجها مرغمة هذه السفينة على العودة الى العريش. |