المرأة ودورها المحوري في البناء المجتمعي

إطلالة على فكر الفقيه الشيرازي

اعداد: مؤسسة الفقيه الشيرازي الثقافية

 

شبكة النبأ: هذه الأيام تحل علينا الذكرى الثالثة لرحيل الفقيه الفقيد آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (اعلى الله درجاته)، هذا الرحيل الذي خلف فجوة كبيرة في النفوس واثر حزن لاينقضي ولا يندثر، فقد كان تأثير الفقيه الشيرازي كبيرا على الكثير من الناس مما احدث تغييرا عميقا في سلوكيات فئات كثيرة في المجتمع خصوصا في القضايا التربوية والاجتماعية، فالفقيه المقدس ارسى منهجا تربويا واخلاقيا واجتماعيا مزج بين التوجيه الاخلاقي والرؤية العلمية المعاصرة، مستندا على اساليب التسامح والعفو واللاعنف، وهو منهج فريد متميز ومبدع تثبت الايام مدى حاجة المجتمعات المتأزمة اليه.

هذه الموضوع الذي اعدته مؤسسة الفقيه الشيرازي الثقافية يلقي الضوء على احد الجوانب المهمة في الدور الهام للمرأة في المجتمع:

لم يكتف المصلحون والمفكرون الخالدون، بالخوض في مجال أوحد من مجالات الحياة مما يتعلق بالانسان، فردا كان او جماعة، بل تبقى شؤون الانسانية كافة، محط اهتمامهم وبحثهم وإرشادهم الدائم.

وهذا ما دأب عليه الفقيه المقدس آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته) في بحوثه ومؤلفاته ومحاضراته التي تركها لنا كإرث فكري إنساني خالد، فهو لم يكتف بالخوض في هذا الميدان العملي الفكري او ذاك، بل جعل من شؤون الانسان كافة أهدافا لبحثه ودراساته ومحاضراته القيمة التي تحوّلت الى عدد كبير من المؤلفات التي تهتم بالصحة النفسية والتربية الاجتماعية والدينية والاخلاق والتقوى ومتطلبات عالم الآخرة وغيرها من الحقول والميادين التي تدخل في حياة الانسان.

ومن بين هذه الحقول التي بحث فيها الفقيه الشيرازي هو حقل المرأة ودورها في البناء المجتمعي، وقد حرص الفقيه الشيرازي في بحوثه كافة على تقديم النماذج النسائية الخالدة التي تصلح كفنار مرشد للنساء الأخريات وطبيعة دورهن المجتمعي، وقد كانت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء -عليها السلام- على سبيل المثال، نموذجا رائعا، قدمه الفقيه الشيرازي لنساء الحاضر والمستقبل، وبيّن سمات هذا النموذج الخالد ومواصفاته الفكرية والعملية، لكي يكون على مرأى من النساء الاخريات حتى يقتدين به ويسرن على نهجه.

وقد ورد ذلك في عدد غير قليل من المحاضرات التي خصصها الفقيه الشيرازي للبحث في سيرة الزهراء – عليها السلام- والملكات الانسانية الراقية التي كانت تمتلكها، إضافة الى قدرتها على الصبر في مواجهة الصعاب، ناهيك عن قدراتها العلمية في خطبها البلاغية المهمة، ودورها الكبير في تقديم النموذج للنساء الاخريات، وهكذا الامر مع سيدتنا الحوراء زينب -عليها السلام- ودورها الكبير كنموذج نسائي تربوي أخلاقي قدم للتأريخ والانسانية درسا في الصبر العظيم، ودروسا لا تُحصى في كيفية الحفاظ على النهج الاسلامي الخالد الذي بدأه جدها الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم- ومن ثم أبيها الامام علي بن ابي طالب –صلوات الله وسلامه عليه- لنصل الى الامام الحسين –عليه السلام- وواقعة الطف التي أطاحت بعرش الطغيان الاموي، حيث كانت الحوراء زينب –عليه السلام- النموذج الامثل للمرأة المسؤولة والقادرة أبدا على معالجة الازمات وتجاوز الصعاب والمواقف اللاإنسانية لساسة الحكومة الاموية التي شطَّت وخرجت عن طريق الاسلام الى طريق المادة والجشع والطغيان.

إن الفقيه الشيرازي بتقديمه لمثل هذه النماذج النسائية الخالدة، إنما يريد أن يضع الامور في نصابها امام المرأة المسلمة في عالم اليوم، فالعصر الراهن، عصر القرية الواحدة وعصر التكنلوجيا والمعلومات ووسائل الاتصال، يتطلب أن تأخذ المرأة المسلمة دورها على النحو الامثل بالحياة، ولا يصح أن تنزوي أو تعتزل الحياة، فهي بالاضافة الى دورها التربوي العريق، لابد أن تسهم بفعالية واضحة في بناء المجتمع مع أخيها الرجل بما يناسب قدراتها الجسمانية والروحية، إذ يؤكد الفقيه الشيرازي على أن دور المرأة لا يقل شأنا عن دور الرجل في بناء المجتمع، بل ان المرأة تقوم على اهم مؤسسة في المجتمع من حيث الجانب التربوي، ألا وهي مؤسسة العائلة، التي تمثل خلية مصغرة يتكامل المجتمع بمجموعها، ولهذا السبب وطالما أن المرأة جزء لا يتجزأ من المجتمع فإنها معنية بأعمال البناء المجتمعي كما هو الحال مع أخيها الرجل.

وقد يتجاوز دور المرأة بأهميته في بعض المفاصل أهمية الرجل، لاسيما ما يتعلق بالجانب التربوي، فإذا كان الرجل مشغولا بتوفير لقمة العيش ومصدر الرزق للعائلة وهذا ما يجعل طبيعة عمله وانشغاله خارج البيت، فإن تواجد المرأة على رأس المؤسسة العائلية يلقي عليها أدوارا مضاعفة في الجانب التربوي، وهذا ما أكد عليه الفقيه الشيرازي في معظم طروحاته حول المرأة وأهمية دورها في بناء المجتمع.

إن ما تركه الفقيه الشيرازي في هذا المجال (دور المرأة في بناء المجتمع) يشكل إرثا تربويا خالدا مطروحا أمام المعنيين لاسيما النساء المسلمات حيث يمكن للمرأة أن تطلع على افكار وطروحات الفقيه الشيرازي بهذا الصدد لكي تتكون لها خريطة طريق واضحة المعالم تؤدي في ضوئها دورها الصحيح لبناء المجتمع المتوازن والمعاصر في آن واحد.

http://mr-alshirazi.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/آيار/2011 - 13/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م