شبكة النبأ: يقف حكام دول الخليج وهم
عاجزون عن الحد من تطلعات شعوبها المتزايدة في نيل الحريات السياسية
والمشاركة في صنع القرار بعد عقود طويلة من هيمنة المشايخ على مختلف
السلطات دون رقيب.
فالمزاج العام لشعوب تلك المنطقة الغنية بات يستشعر ضرورة التحول
الديمقراطي والسير قدما في سبيل إنهاء الاقصاء والتهميش الذي يعانون
منه، متأثرين برياح التغيير التي هبت على دول العالم العربي مؤخرا،
وأطاحت بأعتى النظم الديكتاتورية في مصر وتونس وليبيا.
حيث تشهد معظم دول الخليج حراك سياسي غير مسبوق، تمثل في دعوات
تنظيمية واحتجاجات مستمرة، على الرغم من التعتيم الإعلامي المستمر،
وأساليب الحكومات في قمعها، في الوقت الذي تباينت فيه أشكال وأساليب
التعبير الشعبي، كما هو الحال في البحرين والسعودية وعمان واليمن، او
ما يحدث الامارات وقطر.
ثمن الصمت السياسي
ففجأة هبت شابة في قاعة احتفالات باحدى الجامعات المزينة بأعلام
الامارات لتتحدث وسط زملائها الذين يحضرون أول مناقشة سياسية مفتوحة في
حياتهم. تقول الفتاة بصوت عال وسط تصفيق حذر "أحيانا لا يأتي التغيير
بالادب وضبط النفس. في أحيان يجب أن تتسخ يداك."
وحتى الان تفادت الامارات المحصنة ضد المعارضة السياسية بفضل ثروتها
النفطية الهائلة والنمو السريع موجة الاحتجاجات التي تجتاح العالم
العربي وأسفرت عن سقوط رئيسي مصر وتونس.
ويشعر الاماراتيون الاكبر سنا الذين يتذكرون كيف كانت أسرهم تسكن في
قرى متواضعة تعيش على الصيد بالرضا عن التزام الصمت السياسي لان حكامهم
حولوا الدولة الصحراوية الساحلية الى مركز تجاري زاخر بناطحات السحاب.
لكن للمرة الاولى بدأ الجيل الاصغر سنا يتساءل عن ثمن سكوت ابائهم.
وقالت شابة (21 عاما) ترتدي عباءة سوداء "أنا ميسورة الحال. لا
أحتاج الى ثورة لانني جائعة. أريد حريتي وكرامتي." وقالت ان اسمها
علياء لكنها أشارت الى أنه اسم مستعار خوفا من ملاحقة قوات الامن لها.
وأضافت "علياء بعد الثورة المصرية لم تعد كما كانت. الان نعرف ما
يستطيع الشباب القيام به."
وهي ليست وحدها. يتساءل عدد صغير من الطلبة الاماراتيين الاخذ في
الازدياد على موقعي تويتر TWITTER وفيسبوك FACEBOOK كثيرا لماذا لا
يسعون الى الحصول على نفس التغييرات الديمقراطية التي طالبت بها
احتجاجات شعبية في أجزاء أخرى من العالم العربي.
وهم يتساءلون لماذا لا يتمتع الا جزء صغير من المواطنين بالحق في
الادلاء بأصواتهم لانتخاب المجلس الوطني الاتحادي وهو شبه برلمان لا
يتمتع بصلاحيات. وهم يريدون أن يكون لهذا البرلمان صلاحيات تشريعية.
بحسب رويترز.
يقول المحلل الاماراتي والاستاذ الجامعي عبد الخالق عبد الله ان
التغيير لا مفر منه لكنه لن يحدث بين عشية وضحاها. وأضاف "أعتقد أن
البلاد ربما بعد خمس سنوات ستكون اكثر ديمقراطية واستقرارا."
ويقول مسؤولون اماراتيون انه يجب تطبيق الاصلاحات تدريجيا. لكن
الشباب لا يطيق صبرا. وقالت علياء "الزمن تغير وهم بحاجة الى تغيير
عقليتهم... يتصرفون كأننا أطفال. نحن واعون ومتعلمون."
وبعد أول منتدى سياسي أقامته جامعة الامارات والذي اتسمت مناظراته
بالتحفظ مقارنة بمناظرات في أماكن أخرى حرص بعض المشاركين على مناقشة
أفكار لاجتماعات جماهيرية في المستقبل ربما تتعلق بالاصلاح السياسي او
كيفية انفاق الثروة النفطية لبلادهم.
ويعتزم اخرون الاجتماع سرا تجنبا لاثارة انتباه قوات الامن. ولم
تغفل الدولة عما يدور بينهم همسا فحاولت تحسين جودة الحياة في ظل
الثورات العربية التي تجتاح دولا قريبة ومن أسبابها المشاكل الاقتصادية.
وفي البداية كان يبدو أن الاحتجاجات بعيدة سياسيا وجغرافيا عن منطقة
الخليج لكن الاضطرابات المستمرة وصلت البحرين وسلطنة عمان في حين شهدت
السعودية والكويت احتجاجات محدودة.
في منطقة الخليج لم تتأثر الامارات وقطر بهذا حتى الان. وتتمتع
الامارات بثامن اكبر نصيب للفرد من الدخل على مستوى العالم. وتعهدت
الامارات مؤخرا بتخصيص 1.6 مليار دولار للبنية التحتية في شمال
الامارات الاقل نموا والذي يعتبر اكثر عرضة للاضطرابات من دبي المركز
التجاري او ابو ظبي العاصمة الاتحادية.
ورفعت الحكومة معاشات التقاعد للعسكريين بنسبة 70 في المئة وتدعم
الخبز والارز. وتعتزم زيادة نسبة المواطنين الذين يجب ان تعينهم
الشركات العاملة في البلاد التي يمثل الاجانب 85 بالمئة من سكانها.
وتقترح فاطمة وهي صديقة علياء التركيز على المشاكل الاقتصادية التي
تعد اكثر الحاحا بالنسبة للمواطنين في ثالث اكبر مصدر للنفط في العالم
والذين يشتكون من أن خدمات الصحة والتعليم دون المستوى على الرغم من
ثروة الامارات.
ويشكو كثيرون من البطالة التي تبلغ نسبتها 23 في المئة على الرغم من
أن الاحصائيات الرسمية تقول ان المعظم عاطلون باختيارهم.
وقالت فاطمة التي ترتدي ملابس عصرية تحت عباءتها "الشباب لا
يستطيعون الحصول على وظائف. المستشفيات سيئة... وهذه دولة غنية.."
ويقول نشطاء طلابيون ان حاجز الخوف هو العقبة الاكبر. ويستغل مؤيدو
الوضع القائم أيضا شبكة الانترنت لتأكيد وجهة نظرهم.
ونشرت على موقع فيسبوك صور لوجوه بعض النشطاء واسمائهم فوق حبل
مشنقة مصحوبة برسالة تطالب باعدامهم بوصفهم "خونة."
وألقت الشرطة القبض على خمسة نشطاء وقعوا التماسا في ابريل نيسان
يطالب بالاصلاح الديمقراطي. واتهموا باهانة زعماء الامارات وتهديد
الامن القومي. وفي الاعوام الماضية تم سحب الجنسية من بعض النشطاء
وفصلهم من وظائفهم. وقالت فاطمة "نحاول لكنني لست متفائلة... الناس
خائفون جدا حتى ولو كان لديهم دافع داخلي."
شركة بلاكووتر
في سياق متصل قالت صحيفة نيويورك تايمز إن ولي العهد في أبوظبي
الشيخ محمد بن زايد ال نهيان استعان بمؤسس شركة بلاكووتر الامريكية
الخاصة للامن لتشكيل كتيبة من 800 فرد من القوات الاجنبية للامارات
العربية المتحدة.
وأضافت الصحيفة أنها حصلت على وثائق تظهر أن شركة ريفلكس رسبونسيز
الشركة الجديدة لاريك برينس تؤسس هذه الوحدة بتكلفة 529 مليون دولار من
الامارات سيجري استخدامها في احباط التمرد الداخلي والقيام بالعمليات
الخاصة وحماية خطوط النفط الدولية وناطحات السحاب من الهجمات.
وذكرت الصحيفة ان قرار الاستعانة بوحدة من الجنود الاجانب اتخذ قبل
موجة من الاضطرابات الشعبية التي تجتاح العالم العربي بما في ذلك
البحرين وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية. ولم تشهد الامارات
ذاتها اضطرابات. ويتألف أغلب السكان من عمال اجانب.
وساءت سمعة شركة بلاكووتر - التي كانت تحظى بعقود مربحة لحماية
مسؤولين أمريكيين في العراق - بالمنطقة عام 2007 عندما فتح حراسها
النار على الحركة المرورية في بغداد مما أسفر عن مقتل 14 على الاقل
فيما أسمته الحكومة العراقية "مذبحة".
وأقر حارس سابق في بلاكووتر بذنبه في اتهامات بالقتل الخطأ في هذه
الواقعة ووجهت محكمة أمريكية اتهامات ضد خمسة اخرين في الشهر الماضي.
ومنذ ذلك الحين باع برينس الشركة التي غيرت اسمها الى اكس اي. وتنفي
الشركة ارتكاب أي أخطاء.
وقالت الصحيفة أن الامارات تلقى بعض الدعم في واشنطن بالنسبة لمشروع
برينس الجديد لكن لم يتضح ما اذا كانت تحظى بموافقة أمريكية رسمية.
ورفض مسؤولان بحكومة الامارات اتصلت بهما رويترز التعقيب على الفور
على تقرير نيويورك تايمز كما أن السفارة الامريكية في الامارات لم يكن
لديها تعقيب على الفور. ولم يتسن الوصول الى برينس للتعليق.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي على دراية بالبرنامج قوله "دول
الخليج والامارات على وجه الخصوص ليس لديها خبرة عسكرية كبيرة. من
المنطقي أن تتطلع الى خارج الحدود للمساعدة."
وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية لصحيفة تايمز
ان الوزارة تتحرى لمعرفة ما اذا كان المشروع يخالف أي قوانين أمريكية.
ويتطلب القانون الامريكي ترخيصا من أي مواطن أمريكي لتدريب قوات أجنبية.
بحسب رويترز.
وقال القوات المسلحة الاماراتية في بيان ان كل ارتباطات القوات
المسلحة الاماراتية مع المؤسسات الدولية تتمشى مع القانون الدولي
والمواثيق المتصلة. ولم يذكر البيان بلاكووتر او برنس.
وذكرت الصحيفة أن تونر قال كذلك ان اكس.اي (بلاكووتر سابقا) دفعت
غرامة بلغت 42 مليون دولار عام 2010 لتدريبها قوات اجنبية في الاردن
دون ترخيص.
ويقول موظفون سابقون في المشروع ومسؤولون أمريكيون استندت اليهم
تايمز في تقريرها ان الجنود نقلوا من كولومبيا وجنوب افريقيا ودول أخرى
الى معسكر للتدريب بالامارات ابتداء من صيف عام 2010 .
ويقوم بتدريبهم أفراد متقاعدون من الجيش الامريكي وأفراد في
العمليات الخاصة من المانيا وبريطانيا والفرقة الاجنبية الفرنسية.
وأضافت الصحيفة أن الشيخ محمد أصر على عدم الاستعانة بمسلمين في
القوة لانه "لا يمكن الاعتماد عليهم في قتل مسلمين مثلهم." وقال موظفون
سابقون أيضا للصحيفة ان الامارات تأمل باستخدام هذه القوة في مواجهة أي
خطر من جانب ايران.
وعلى الرغم من أن صحيفة تايمز قالت ان الوثائق التي حصلت عليها لا
تذكر اريك برينس بالاسم فان موظفين سابقين قالوا للصحيفة انه تفاوض حول
العقد مع ولي العهد الشيخ محمد.
وتابعت الصحيفة أن مسؤولين من الامارات اقترحوا توسيع القوة لتصبح
لواء من عدة الاف في حالة عدم نجاح الكتيبة الاولى.
قوات عمانية تعتقل العشرات
الى ذلك قال شاهدان ان قوات الامن في سلطنة عمان اعتقلت العشرات من
المحتجين الذين طالبوا بتوفير الوظائف وزيادة الرواتب في مدينة صلالة
مطلع الاسبوع بعد موجة من الاعتقالات في المدينة الساحلية الواقعة في
جنوب البلاد في الايام القليلة الماضية.
واضطرت قوات الامن الى اطلاق النار في الهواء لابعاد المحتجين
المعتصمين أمام مكتب المحافظ ودمرت خيامهم واعتقلت العشرات وربما
المئات. واندلعت اشتباكات جديدة في صلالة.
وقال شاهد طلب عدم نشر اسمه "استخدمت قوات الامن هراواتها ونقلت
المحتجين على متن ثلاث حافلات تابعة للجيش." بحسب رويترز.
واستمرت الاشتباكات العنيفة بين قوات الامن العمانية ومحتجين حتى
الساعات الاولى من صباح يوم السبت. وقال شاهد اخر "قوات الامن ما زالت
هناك صباح اليوم لضمان عدم عودة أي محتج. لكننا سمعنا أن معظم من
اعتقلوا يوم الخميس تم الافراج عنهم."
وركز المحتجون على مطالب بتوفير المزيد من الوظائف وتحسين الاجور
والقضاء على الكسب غير المشروع وحثوا أيضا على اجراء المزيد من
الاصلاحات الديمقراطية في السلطنة.
وفي ابريل نيسان تعهد السلطان قابوس بن سعيد الذي يحكم سلطنة عمان
منذ 40 عاما بانفاق مبلغ 2.6 مليار دولار وذلك بعد مظاهرات استمرت
قرابة شهرين واستلهمت احتجاجات مماثلة في أنحاء العالم العربي.
وقال الكثير من المحتجين الذين لم يرضهم رد السلطان قابوس على
مطالبهم ان التغييرات اما جزئية أو بطيئة للغاية. واعتقلت الشرطة
العمانية الاسبوع الماضي ستة أشخاص شاركوا في مظاهرة للمطالبة بتوفير
وظائف وزيادة الاجور في بلدة جعلان بني بو علي في شرق عمان.
القطريون يتوجهون لصناديق الاقتراع بتوقعات
محدودة
من جهتهم توجه القطريون الى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في
المجلس البلدي المركزي وسط فتور تجاه المجلس الذي يتمتع بصلاحيات
محدودة. تنافس 101 مرشحا بينهم أربع نساء على 29 مقعدا يتألف منها
المجلس الذي يقدم التوصيات في القضايا المتعلقة بالصحة العامة والبنى
التحتية والبيئة لكنه لا يتعامل مع القضايا الوطنية الأوسع. ولم تتأثر
قطر بالانتفاضات التي تشهدها بلدان عربية أطاحت حتى الآن بزعيمي تونس
ومصر.
ورغم رغبة بعض القطريين في رؤية مزيد من الاصلاحات الديمقراطية لا
توجد مؤشرات قوية على استياء شعبي. وقال ديفيد روبرتس نائب مدير المعهد
الملكي للخدمات المتحدة ومقره الدوحة "بالقطع يعلم الناس أن صلاحيات من
يتم انتخابهم محدودة الى حد كبير."
وكان أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قد استولى على السلطة
من والده في انقلاب أبيض عام 1995 واستحدث نظام الانتخابات البلدية
لتمهيد الطريق أمام إجراء ديمقراطي.
وتؤجل قطر منذ وقت طويل إجراء أول انتخابات نيابية بها اذ تتردد
الأسرة الحاكمة في تخليها عن احتكارها للسلطة.
وقال الموظف الحكومي أحمد مفتاح (38 عاما) "لا أدلي بصوتي. لم نر أي
فوائد من الانتخابات الماضية. الشوارع في منطقتي سيئة للغاية ولم يتم
إصلاحها. هؤلاء الناس مجرد مظهر وكل ما يفعلونه في جلساتهم هو العراك."
وقال سالم (40 عاما) وهو موظف حكومي ايضا "نفس الشيء كل مرة. الكثير
من الكلام لكن دون نتائج لا شيء يحدث."
ويقول محللون ان التصويت في بلد يبلغ عدد ناخبيه المسجلين 32 الفا
فقط من مجموع السكان البالغ 250 الفا سيسير وفقا للخطوط القبلية ويتوقع
ان يقل الاقبال عن 50 في المئة.
وقال القطريون المشاركون في الاقتراع انهم يودون أن يروا تحسنا في
شبكة الطرق بالبلاد وكذا مزيدا من الخدمات الصحية وزيادة في رواتب
العاملين بالقطاع العام. وقال خالد عبد الله (46 عاما) قبل ادلائه
بصوته في مركز مدينة الوكرة الانتخابي "اتمنى زيادة الرواتب. كل شي صار
مرتفع الثمن هنا".
وساهمت احتياطيات الغاز الطبيعي الغزيرة في قطر في جعلها واحدة من
أغنى بلدان العالم واكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال. وقطر حليف وثيق
للولايات المتحدة وتوجد على أراضيها قاعدة عسكرية امريكية كبيرة.
وتعززت المكانة الدولية لقطر باطلاق خدمة شبكة الجزيرة التلفزيونية
واستضافة دورة الالعاب الاسيوية عام 2006 وكذا الفوز باستضافة بطولة
كأس العالم لكرة القدم عام 2022. |