ديمقراطية العراق المفترضة ومخاطر الإحباط الشعبي

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: ما أن تلوح في الأفق السياسي بوادر إنفراج وتقارب بين أطراف العملية السياسية، حتى تظهر أزمة هنا أو هناك لتزيد الشعب إحباطا وامتعاضا من الصراعات التي باتت تشكل إشارات مزعجة للشارع العراقي المتابع لما يدور بين السياسيين القائمين على إدارة العملية السياسية.

والمشكلة أن الجميع يتحدث عن شراكة وطنية، والجميع يقولون بضرورة أن يشترك الكل في عملية صناعة القرار، والكل أيضا يرفضون تهميش الآخر، أو الاستئثار بالسلطة وما شابه، لكن ما يراه الشعب غير هذه الاقوال، أي أن الكلام شيء وما تفرزه الوقائع الملحوظة شيئا آخر تماما.

والمشكلة الاخرى أن الجميع لا يريد أن يعترف بالخطأ، فهذا الطرف يعتبر نفسه بأقواله وأفعاله هو الصحيح دائما، أما الطرف الآخر فهو الخاطئ دائما، ويصح العكس أيضا، وبهذا المعنى فإن لغة الاعتراف بالخطأ غائبة تماما، كما أن لغة الحوار تكاد تفتقد لأهم عنصر داعم لها ألا وهو الثقة المتبادلة بين المتحاورين، حتى يبدو أن الجميع لا يريد أن يثق بالجميع.

كل هذا يحدث من لدن أقطاب العملية السياسية والشعب يتابع ذلك بنوع من اليأس والامتعاض مما يجري، ويبدو أن هؤلاء الساسة لا يمكنهم تقدير ردود الفعل المنعكسة من خلافاتهم على الشعب، لهذا نلاحظ حضورهم الاعلامي المكثف في الفضائيات والصحف والاذاعات لتبرير مواقفهم والدفاع عنها استنادا من مبدأ تخطئة الآخر وليس قبوله او التحاور معه على أساس حضور الثقة المتبادلة، وإذا كانت مثل هذه الاجواء مقبولة ومتوقعة في أوائل سنوات التغيير، فإن ما يحدث الآن من صراعات ومشاحنات بين السياسيين، أي بعد مضي تسع سنوات تقريبا، لم يعد مستساغا أو مقبولا أو متوقعا من لدن الشعب.

إن الشعب محبط وهذا القول ليس لي ولا لأحد أبناء الشعب بل لأحد نواب البرلمان، والسبب هو فشل السياسيين في طريقة ادارة الحوار بينهم، وعدم تقديمهم النموذج الجيد للعلاقة السليمة بين جميع الاطراف، وربما هم لايعون هذا الامر، أي أنهم لايدرون ولا يفهمون بأن عيون الشعب وأسماعه معلقة بهم وبما يجري بينهم وأن الخلافات مهما كان نوعها فإنها ستنعكس على الشعب بصورة مباشرة، خاصة أن وسائل الاعلام وشاشة التلفاز وصلت الى جميع البيوت العراقية، ولم يبق منهم إلا ما ندر من لا يواكب ما يحدث بين السياسيين من صراعات وتجاذبات تثير السخط والنقمة قبل أي شيء آخر.

مطلوب أن تنتهي مهزلة التنافس الذي يأخذ شكل الصراع بين من يشترك اليوم في العملية السياسية بمحض إرادته، ومطلوب أن تسود لغة الحوار الموثوق، ومطلوب أن يحترم الساسة مشاعر الشعب وذكائه وتطلعاته أيضا، عندما يظهرون على شاشات التلفاز ويبدأون بإطلاق التصريحات التي تؤزّم الوضع بدلا من أن تجعله أكثر وضوحا وتطورا ومدعاة للثقة والارتياح.

سيحدث هذا عندما يؤمن السياسيون بلغة الحوار البناء، ولغة الاعتراف بالخطأ، ولغة الايثار، ولغة احترام الآخر والقبول به، وطالما بقي السياسيون يعتمدون لغة التسقيط والتشهير والصراع والمنابزة والاستئثار، فإن إحباط الشعب سوف يتزايد، وعندما يصل الى منتهاه، فإن إعادة الامور الى نصابها قد يصبح صعبا للغاية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 15/آيار/2011 - 11/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م