خرج اخواننا المسلمون في البحرين الى الشوارع مطالبين برحيل النظام
الديكتاتوري الظالم وإقامة النظام الذي يحفظ حقوقهم وكرامتهم، فتعرض
للهراوات والغاز المسيل للدموع، لكنه واصل وأصرّ رافعاً الاعلام
البحرينية لا غير تعبيراً عن حبهم لبلدهم وايمانهم ان الوحدة الوطنية
والتماسك الاجتماعي كفيل بان ينقذ البلاد من التمييز الطائفي والطغيان،
فجاء الجواب هذه المرة بالرصاص الحيّ، ففُتحت الصدور وزاد التحدي قوة،
فأعيت سلطات البحرين الحيلة وباتوا حيارى ماذا يفعلون...؟!
فاستدعوا القوات السعودية لمساعدتهم على اسكات صرخات المحتجين،
وفعلاً تم اسكاتها في الشوارع، لكن الاصوات خرجت من أسطح المنازل هذه
المرة، فباتت اصوات التكبير (الله اكبر) تتعالى الى عنان السماء في
ليالي البحرين، فهاجت وحشية السلطات الامنية وثارت سبعيتهم فبادروا الى
القاء القنابل ذات الغازات السامة والخانقة على أسطح المنازل علّها
تسكت تلكم الاصوات، فاستشهد من استشهد واصيب من أصيب والمسيرة متواصلة،
حتى أقدمت السلطات الحاكمة في المنامة على سحب آخر سهم من جعبتها
واعتقلت قادة المعارضة وفي طليعتهم سماحة الخطيب الشيخ محمد علي
المحفوظ امين عام جمعية العمل الاسلامي.
كل ذلك والرأي العام الاسلامي والدولي يتفرج ، عكس ما نجده من ردود
فعل كبيرة وصاعقة على ما يجري في سوريا واليمن وليبيا حالياً. فهل يليق
بابناء الشعب العراقي ان ينضموا الى صفوف النائمين او المتغافلين، وهم
يسمعون نداءات يا للمسلمين من ابناء علي والحسين عليهما السلام وممن
يلبون قبل غيرهم نداء الحسين عليه السلام أيام عاشوراء والاربعين؟
ان السلطات الحاكمة في المنامة ترى ضالتها في الوضع الراهن، حيث
تسعى للايحاء بان شعب البحرين ومعارضته ومطالباته تقف امام طريق مسدود،
وليس لهم سوى التراجع والقبول بالامر الواقع وما يمليه عليه حكام
المنامة وغض الطرف عن كل الدماء الزكية التي سُفحت والاعراض التي
انتهكت.
لكن ليعلم الجميع ان البحرين بحكم موقعها تتأثر بشدة بالاجواء
السياسية الخليجية، والموقف السياسي الخليجي اليوم في وضع غاية في
الخطورة والحساسية بفضل الصلابة التي يبديها الشعب اليمني الرافض
للوساطة الخليجية التي تهدف قبل كل شيء لانقاذ (الرئيس الصديق) علي عبد
الله صالح من حافة السقوط، وعدم تكرار تجربة مبارك وبن علي في بلد
ملاصق للدول الخليجية.
فلا يهمنا الاعلام وكثافة التغطية في جانب معين من هذا العالم
وتهميش آخر على الشاشة الصغيرة، فيمكننا اختراق شاشة اخرى هي الانترنت
وعلى المواقع المعروفة والكتابة ما امكن عن أي شيء او رأي يساند ويعاضد
مطالبة شعب البحرين الحقّة. ونعرف ان شبكة الانترنت في العراق ليست كما
هي في الدول الاخرى التي تعيش مشاكل سياسية واجتماعية، فامامنا فرصة
عدم وجود المحدودية في التحدث على مختلف المواقع، وهي بالحقيقة نعمة
الحرية التي ننعم بها، وزكاتها نشر التضامن ولو بالكلام والدعاء
لاخواننا في البحرين، فكثرة التعليقات والنقر على اخبار وموضوعات
بحرينية من شأنها ان تشعل شموع وسط كل هذا الظلام والتعتيم الظالم.
وليعلم الجميع انه في حال انهيار النظام الحاكم في البحرين، فان هذا
البلد الوديع والصغير لن يقدم الى العالم مشاهد الفوضى والتناحر
والاخلال بالأمن، لكن الذي سيهتزّ وبشدة هو النظام السياسي الخليجي
برمته، بمعنى ان البلطجة وعصابات القتل والاختطاف ربما تقف على ابواب
البحرين في حال حصول طارئ لتكون بديلاً عن قوات (درع الجزيرة). وهذا إن
حصل سيكون بحد ذاته دليلاً آخراً على سلامة المطالبات الجماهيرية في
البحرين وخبث الطوية والنوايا الشريرة لدى السياسيين المجاورين. |