شبكة النبأ: تتواصل الدراسات والابحاث
الاجتماعية والنفسية في التحذير من التلفزيون والكثير مما بعرض على
شاشته، ومرد تلك التحذيرات تعود الى اسباب كثيرة ومشاكل سلوكية عديدة
بدأت تطفو على سطح المجتمعات وخصوصا العربية منها وما تحمله من اثار
على اجيال عديدة من خلال مجموعة من القيم والمحمولات الاخلاقية التي لم
تكن معروفة سابقا او كانت على اضيق ما يكون وتقابل بالزجر والاستهجان.
تجمع اغلب الدراسات والابحاث المرموقة ان التلفزيون وما يقدم من
خلاله هو فارغ من المضمون المعرفي والثقافي وانه عبارة عن صور متلاحقة
تعمل على تسطيح الوعي وتشكيله عبر صور نمطية معينة..
التلفزيون وعبر الصورة التي هي ابقونة العصر دون منازع استطاع ان
يخترق حياة الناس وثقافتهم ويعيد تشكيل الكثير من ملامحها بالشكل الذي
يريده القائمون على صناعة الوعي وتعليبه..
لم يكن التلفزيون في بداية ظهوره معنيا بالدرجة الاساس بايديولوجية
التغيير واعادة تشكيل الوعي عبر صتاعة اخذة بالنمو المضطرد بل كان في
الدرجة الاساس يبحث عن تقديم المتعة البصرية مع كمية كبيرة من المعلومة.
باتساع مساحات التكنولوجيا وتطور الفنون البصرية دخلت مسائل جديدة
على التلفزيون ليس اقلها الترفيه المستمر وبرامج التوك شو مع استغلال
كامل لدقائق البث عبر الاعلانات المكلفة والتي تستهدف شرائح اجتماعية
كثيرة. واصبح التلفزيون صناعة واصبح مايقدم من خلاله سلعة يتفنن صانعها
في تقديم قوالبها الى المشاهد عبر الصور المتلاحقة والمعلومة المبتسرة.
في صناعة التلفزيون لايريد الباث – كما يرى سعيد بنكراد – تقديم خبر
محايد كما لاينتظر من المتلقي ردا ما بل هدفه الاساس هو التاثير فيه
والدفع به الى تبني موقف ما تجاه منتج او تجاه قضية او خدمة ما..
فالخبر طاقة مضمونية محايدة والتواصل تبادل متكافىء بين قطبين اما
التواصل الفعال فهو تضمين الارسالية قوة اقناعية غير مرئية هي الاساس
في كل تماس بين طرفين. وفي هذه الحالة يتم الانتقال من الخبر الى
الاقناع بشكل ضمني لكي يستقر الامر عند هيمنة الباث على المتلقي.
اعود الى الثقافة التلفزيونية التي يمكن ان تفدمها برامجه ومسلسلاته.
ترى الشاعرة السعودية ملاك الخالدي: (أن ما يقدمه التلفزيون من ثقافات
أمر يتعاطى معه المتلقي بسلبية، وقالت: إن ما يبثه التلفاز عادة برامج
استهلاكية أو سطحية أو ترفيهية لا تمثل مشاريع بناء بل أشبه بألعاب
نارية (قد تغري الرائي بألوانها الزاهية إلا أنها تتلاشى دون أن تُحدث
تأثيرا هاما أو عميقا.
وفي ظل تعدد الخيارات والتسارع التقني في الوسائط وأثرها على مستقبل
الثقافة الجادة وطريقة التفكير والحوار، هناك انحسار للثقافة الجادة في
وسائل الإعلام سواء في بعض القنوات المتخصصة أو غير الربحية، لأن
الإعلام التلفزيوني هو ربحي في معظم أحيانه والثقافة الجادة غير مغرية
للمشاهد وليست ذات حظوة لدى الإنسان العربي لذا لن تجد لها حضورا عريضا
في القنوات العربية).
في دراسة للباحث عبدالكريم آل عبد المنعم حول مجموعة قنوات ال mbc كانت
النتائج على الشكل التالي:
1 – هل لهذه القنوات اتجاه فكري وسياسي محدد؟
يتضح أن هذه القنوات محل الدراسة أمريكية الصنع والمنشأ.. وهي تريد
تلميع المجتمعات الأمريكية ونشر القيم الأمريكية في المجتمعات المسلمة..
في سنة واحد كلمة أمريكا أو أحد مدنها ستتكرر في MBC2 عدد 14040 مرة..
وفي في MBC4 عدد 39960 مرة.. وفي في MBC ACTION عدد 20520 مرة.. وراجع
بقية البنود المتعلقة بأمريكا تجد أنها تعبر عن واقع خطير لهذه القنوات
2 – هل في برامج هذه القنوات محاربة للتدين ومظاهره؟
تظهر الأرقام السابقة أن هذه القنوات تدعو للحرية والتفلت عن القيم
والاعتقادات الدينية.. انطلاقاً من تسليط الضوء على مجتمع يغلب عليه
الانحلال الخلقي.. ففي سنة واحدة قد نشاهد الخمر في صور متعددة 44280
مرة في mbc2.. والمراقص الليلية سترى 31320 مرة في نفس القناة.. وتأمل
في بقية البنود ذات الصلة تجد أنها حرب على الدين ومظاهر التدين في
المجتمع المسلم.
واشتغلت الدراسة المذكورة على ثلاثة محاور:
أولاً: عقائد فاسدة
تحتوي قنوات mbc محل الدراسة على عدد من الانحرافات العقيدة ومن
أبرزها... تقديس الصليب واللجوء له في أحلك الظروف.. فذلك الجندي الذي
يطلب منه التقدم في أرض المعركة وفي نقطة قتل فيها كثير من أصدقائه
يقبل الصليب ثم ينجو من موت محقق.. إن المظاهر النصرانية واضحة في هذه
القنوات من خلال إظهار كنائسهم وتوديعهم لموتاهم ومقابرهم التي ينتشر
فيها الصليب ففي فيلم City hall يظهر العمدة وهو يقبل تابوت الصغير
الذي قتل أثناء تبادل لإطلاق النار بين الجندي وأحد المجرمين.. ثم يفعل
إشارة الصلاة النصرانية باسم الأب والابن وروح القدس..
ومن الأفكار التي شاهدتها في هذه القنوات الدعوة للكهانة والسحر ففي
إعلان للمشاركة في فيلم Harry Potter هذا الفيلم يحتوي على دعوة صريحة
للسحر والشعوذة وتعلمها.
ومن الأفكار التي بثتها هذه القنوات تعظيم الأصنام وعبادتها والعكوف
عندها واعتقاد أنها هي التي تصرف الكون كما في فيلم The Ttiumph of
love.
بل نجد أن الدعوة لإنكار الخالق سبحانه وتعالى نلمسه في بعض الأفلام
كفلم Quanfum Leap جاء في مقدمة الفلم قولهم: وتسير قوة مجهولة لتغير
التاريخ نحو الأحسن.
ثانياً: أمركة المجتمع
1 – كل الأفلام التي تم رصدها هي أفلام أمريكية وتصور حال المجتمع
الأمريكي وتحاول من خلال نشر هذه الأفلام نشر القيم والأخلاق الأمريكية
كما أن تعظيمها للشرطي الأمريكي وقدرته الفائقة والخيالية على الإنجاز
وتجاوز الأزمات والنجاح يسبب حالة من الهزيمة النفسية في نفوس المسلمين.
2 – نلاحظ في النتائج تكرار العلم الأمريكي وكلمة أمريكا أو أحد
مدنها وكلمة CIA والمباحث والشرطة الفيدرالية…
ثالثاً: نشر الفاحشة والشهوات
ففي فيلم Jake in progress حث على الزنا الصريح وإقامة العلاقات
المحرمة حتى المرأة الحامل لكي يأتيها الطلق عليها أن تعاشر شخصاً غير
زوجها.. إن تلك الصورة التي تجمع تلك المرأة الحامل مع ذلك الشاب الذي
دعته.. وقد أقاما علاقة محرمة تثير الاشمئزاز وتدعو للفحش والعهر، وفي
فيلم Popular شباب وفتيات يتنافسون على الصداقة والعلاقة المحرمة، وفي
فيلم Star Raving mad دعوة صريحة للفاحشة أيضاً.. تقول الفتاة في
ملابسها الفاتنة لذلك الرجل قوي البنية: إذا سُمح لك بارتكاب خطيئة غير
أخلاقية وغير حضارية.. وفي اليوم التالي لن يذكر أحد ذلك فماذا ستفعل؟!..
وفي فيلم Clook stoppers نرى ذلك الشاب وهو يريد التعرف على فتاة جميلة
أجنبية ولم يستطع الظفر بها.. وتم بينهما لقاء أولي وبعد وقت تكونت من
خلاله صداقة بينهما حتى أنها رافقته في مطارداته ومواقفه الصعبة.
وفي نظرة فاحصة للإعلانات التجارية نجد أنها تسوق المواد الإعلانية
عن طريق إثارة شهوات الجمهور.. وإلا ما شأن مشروب البيبسي بذلك الرقص
المثير من الشباب والفتيات وما الرابط بين إعلان لمكيف وبين عارضة
الأزياء.. بل رأينا في إعلان سفن أب امرأة شبه عارية مضطجعة على ماء
الشلال الراكد وبجوارها سرير آخر يأتي شخصية سفن أب ويضطجع بجوارها وهي
تنظر إليه بإعجاب وميل وكأنها تنظر لشاب في غاية الجمال.
في الجانب الاجتماعي وللظواهر التي تسببها تلك القنوات ببرامجها
ومسلسلاتها، فقد شهدت عدة دول عربية بينها السعودية عدة حالات طلاق
بسبب الغيرة من أبطال المسلسلات التركية المدبلجة، بعد أن طلبت النساء
من أزواجهن أن تتم معاملتهن برومانسية على غرار ما يفعل (مهند)، بطل
المسلسل مع زوجته في مسلسل(نور)، أو أن يبدون عواطف جياشة كالتي يطلقها
يحيى بطل مسلسل (سنوات الضياع).
وتعود آخر حالات الطلاق بسبب المسلسل إلى 24-7-2008؛ حيث شهدت مدينة
المكلا اليمنية حالتي طلاق بعد شعور الأزواج بالغيرة من بطل المسلسل
مهند، وإهمال الزوجات، ورفض تلبية طلبات الأزواج وقت بث المسلسل.
كما وصلت موجة الإعجاب بالملابس التي يرتديها أبطال المسلسلات
التركية إلى الشارع السعودي؛ حيث لوحظ انتشار ملابس نسائية، وأخرى
شبابية تحمل صور أبطال المسلسلات التركية «سنوات الضياع»، و«نور».
وفي نفس السياق أكد مصدر قضائي أن نحو 300 شكوى تتضمن تهما بالخيانة
الزوجية أودعت منذ بداية 2011 لدى الجهات القضائية في الجزائر، وأكد
المصدر أن الضحية في هذه القضية غالبا ما يكون الرجل.
وهي ظاهرة دخيلة على المجتمع الجزائري لأن حسب المختصين في القانون
تعودت أروقة العدالة على أن تكون الضحية هي الزوجة وليس الزوج، حيث
أوضح بعض المحامين أن الخيانات الزوجية بشكل عام ارتفعت في السنوات
الأخيرة خاصة بعد رواج أجهزة الاتصال الحديثة كالهواتف النقالة
والانترنت بصفتها قرائن قوية لإثبات الاتهام، حيث قدر المختصون في
قضايا الفرع الاجتماعي في المحاكم حوالي 750 قضية خيانة زوجية طرحت
خلال سنة 2010، 80 بالمائة منها كان مصيرها الطلاق، و20 بالمائة الضحية
فيها هو الرجل كانت لديه الأدلة الكافية لاتهام الزوجة كالرسائل
الالكترونية عبر الهاتف والانترنت أو كضبطها متلبسة رفقة عشيقها أو أي
رجل تربطه بها علاقة غير شرعية. وقد سجلت محكمة الحراش لوحدها مؤخرا ما
يفوق 10 قضايا منها قضية شخص بلغ عن زوجته وضبطت متلبسة رفقة شابين في
منزله بحي الحفرة بالحراش، وقضية مواطن من براقي قدم شكوى الأسبوع
الفارط أمام قاضي التحقيق الغرفة الثانية بالحراش يتهم زوجته بخيانته
مع شرطي.
وقال بعض المختصين في علم الاجتماع، إن للمسلسل التركي المدبلج
(العشق الممنوع) تأثير كبير على الزوجات صغيرات السن اللواتي لم يخرجن
بعد من سن المراهقة، كما أثر المسلسل بشكل سلبي أيضا على تفكير الأزواج
الرجال الذين تتبعوا المسلسل بشغف حيث تولد لديهم نوعا من الشك خاصة في
ظل وجود الهواتف النقالة والانترنت، وهنا أكد محامٍ لقضية خيانة زوجية
رفعها مواطن من برج البحري ضد زوجته أمام العدالة أن مجرد الشك الذي
خلفه له مسلسل (العشق الممنوع) جعله يتفحص هاتف زوجته ليكتشف الخيانة.
ورصد المختصون الاجتماعيون في الجزائر حسب تأكيد أحدهم، رواج الخيانة
الزوجية أكثر لدى زوجات المسؤولين السامين ورجال الأعمال ومن بين
أسبابها الانشغال عن الزوجة بالمناصب وتدرجها وبالسفريات وإفراغ
الرغبات الجنسية للزوج في علاقات غير شرعية، وأمام الفراغ الذي تعيشه
الزوجة تلجأ للخيانة التي تراها أنها مشروعة. |