النوم المريح... وصايا طبية وطرق علمية

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: "اصبحت الحياة سريعة"، عبارة يرددها الجميع وسط تزاحم اجواء العمل والسعي نحو متطلبات الحياة العصرية المتنوعة، وبعد ان اكتسبت البشرية العديد من الانجازات وتطورت الامم كثيراً عن سابقاته، فقدو بالمقابل امور كانوا ينعمون بها في سابق الايام وماضي الدهور ومن ابرزها النوم المريح والابتعاد عن الارق المزعج.

وقد تناولت العديد من الدراسات العلمية والاكاديمية موضوعة النوم من خلال تأثيره المباشر على حياة الانسان اليومية سلباً وايجاب، كما درست اهم الاسباب التي تؤدي الى الارق والاضطرابات المسببة لقلة النوم، مع ذكر اهم الحلول المناسبة لتجاوز هذه الازمة والوصول بالانسان الذي يعاني هذه الاعراض الى نوم مريح وصحي.

وبالنتيجة فان اتباع التعليمات العلمية الصحيحة ونظام الغذاء المناسب والابتعاد عن الاجواء المشحونة بالتوتر والقلق وكذلك التقليل من الادمان على استخدام بعض الاجهزة الالكترونية (خصوصاً اوقات النوم)، كلها امور تؤدي الى القضاء على ظاهرة الارق التي باتت تؤرق المجتمعات الحديثة

فوائد النوم المريح

حيث كشفت دراسة حديثة أجراها علماء سويديون أن فكرة "النوم المريح" ليست بالأسطورة، بل هنالك ما يدعم صحتها علميا، لطالما جعل الحرمان من النوم لفترات طويلة الأشخاص أقل جاذبية وأكثر اعتلالا مقارنة بمن يحصلون على قسط كافٍ من النوم، فمفهوم النوم المريح "أمر معروف"، لكن كان يفتقر إلى السند العلمي، فقد قام باحثون من معهد كارولينسكا في العاصمة السويدية ستوكهولم بتصوير المتطوعين المشاركين في الدراسة بعد أن أمضوا ثماني ساعات نياما، ومن ثم عادوا وقاموا بتصويرهم بعد أن أُبقوهم يقظين بدون نوم لمدة 31 ساعة، وطلب الباحثون من مراقبين غير مدربين تصنيف المشاركين الذين حُرموا من النوم بناء على أوضاعهم الصحية التي اكتشفوا أنها كانت اسوأ من أولئك الذين حصلوا على فترات نوم مريح، كما طلب الباحثون من المراقبين أيضا تصنيف 23 من المشاركين والمشاركات الشباب والشابات وفقا لأوضاعم الصحية.

وشمل التقييم وضع درجات للحالة والكيفية التي بدت عليها وجوه المشاركين بعد تصويرهم في أعقاب حصولهم على فترة نوم طبيعي طوال الليل، ومن ثم بعد حرمانهم من النوم لمدة ليلة كاملة أخرى، وكانت معايير وقياسات الصور واحدة، حيث طُلب من كافة المشاركين الوقوف على مسافة واحدة من الكاميرا، وعدم استخدام أي مواد تزيين (ماكياج)، واستخدام أساليب التعبير ذاته، وقد لاحظ المراقبون علامات تعب وإرهاق وقلة الجاذبية وتدني المستوى الصحي للذين لم يحصلوا على أقساط كافية من النوم، وذلك مقارنة بمن ناموا بشكل مريح وكافٍ، وجاء في نتائج الدراسة، التي نُشرت خلاصتها في "المجلة الطبية البريطانية"، "يُنظر إلى الأشخاص الذين يُحرمون من النوم على أنهم أقل جاذبية، وأن أوضاعهم الصحية أردأ، وأكثر إرهاقا مما يكونون عليهم في وضع الراحة"، وقال الباحثون إن النتائج قد تفيد في الأغراض الطبية، إذ يمكن أن تساعد الأطباء على التعرف على علامات اعتلال الصحة لدى مرضاهم.

الى ذلك أظهرت دراسة بريطانية ان المتعلمين والموظفين والراضين عن زواجهم يستمتعون بالنوم أكثر من العاطلين عن العمل وغير السعداء مع شركائهم، يذكر ان العلماء درسوا بيانات تتعلق بـ14 ألف عائلة واكتشفوا ان المتعلمين والموظفين ينامون أفضل من العاطلين عن العمل، ووجدت فرق من الباحثين من جامعة سورّي انه كلما أحب الناس عملهم أكثر وشركائهم أكثر، كلما ناموا بشكل أفضل، وجاء الرضا عن العمل والزواج في رأس لائحة أبرز العوامل التي تحدد نوعية النوم، وتبيّن ان العاطلين عن العمل وغير المتعلمين لا ينامون جيداً، إذ قال 14% من الأقل رضا عن عملهم أنهم ينامون لأقل من ست ساعات في الليل مقارنة بـ8% من السعداء بعملهم، وأظهرت الدراسة ان الرجال ينامون بشكل أفضل من النساء، إلاّ أنهم بعد عمر الخامسة والستين ينامون بالقدر نفسه إذ قال 50% من الرجال والنساء المستطلعين انهم يواجهون مشاكل في النوم. بحسب وكالة برس آسوسييشن.

يُشار إلى أن علماء بريطانيين وإيطاليين كانوا قد حذروا في وقت سابق من العام الجاري من أن الخلود إلى النوم لفترة تقلُّ عن ست ساعات كل ليلة يمكن أن يسبب الموت المبكِّر، لكنهم أكدوا في الوقت ذاته على خطر النوم لساعات طويلة، ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يحصلون بشكل منتظم على قسط أقل من النوم معرضين بنسبة 12 بالمائة لاحتمال الوفاة بعد سن الـ 25 سنة، أو حتى قبل ذلك، وذلك مقارنة بأولئك الذين يمضون فترات "مثالية" من النوم تتراوح ما بين ست وثماني ساعات في الليلة الواحدة، كما اكتشف الباحثون أيضا علاقة بين النوم لمدة تتجاوز التسع ساعات يوميا والموت المبكِّر، وذلك على الرغم من أن النوم الزائد قد يكون مجرَّد مؤشر على اعتلال الصحة.

النوم بين الاكل والارق

من جهتها أظهرت دراسة أميركية جديدة أن الأشخاص الذين يتمتعون بوزن طبيعي يأكلون أكثر عندما ينامون ساعات أقل، وذكر موقع "هلث دي نيوز" الأميركي أن باحثين في جامعة كولومبيا وجدوا أن البالغين الذين ينامون ساعات قليلة يتناولون قرابة (300) وحدة حرارية أكثر من المعدل الطبيعي في اليوم الواحد، مقارنة بمن يأخذون قسطاً وافياً من النوم، وذكروا أن الوحدات الحرارية الإضافية تأتي غالباً من الدهون المشبعة التي قد تشكل مشكلة في محيط الخصر، وأشارت الدراسة الى أن النظام الغذائي للنساء هو الأكثر تأثراً بنقص النوم، فهن يتناولن معدل (329) وحدة حرارية إضافية في اليوم إن لم ينمن بما يكفي، فيما يحصل الرجال على ما معدله (263) وحدة حرارية إضافية في مثل هذه الحالة، وقد توصل الباحثون إلى هذه النتيجة بعد مراقبتهم لـ(13) رجلاً و(13) امرأة يتمتعون بوزن طبيعي، وراقبوا عادات الأكل لديهم لدى نومهم (4) ساعات ليلاً على مدى (6) أيام، وبعدها (9) ساعات على مدى (6) أيام أخرى، وقال الباحثون في بيان نشرته جمعية الصحة الأميركية إنه "في حال الاستمرار على هذا النحو، فإن الخيارات الغذائية من قبل الأشخاص الذين ينامون وقتاً قصيراً قد تعرضهم للسمنة وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب". بحسب يونايتد برس.

من جهة اخرى تبرز مشكلة الأرق وصعوبة النوم كواحد من أكثر الاضطرابات التي تزعج كثير من الناس، الذي يرون أن إجبار النفس على النوم أمر في غاية الصعوبة، دون استخدام الأدوية المنومة، غير أن خبيرة في ذلك الشأن تقول إن هناك طرق أكثر سهولة، وتقول الدكتور ليزا شيفز، مؤسسة معهد "نورثشور،" لطب النوم في ولاية إلينوي الأمريكية إن "خبراء النوم يوصون بإزالة التلفزيون والكمبيوتر من غرفة نوم لأن هذه الأشياء تحفز العقل وتمنع الناس من النوم"، وأضافت "نعطي هذه النصيحة للناس ليس فقط لأنها تساعد على الاسترخاء ولكن لأنها ستساعد أيضا أدمغتهم، فعند مشاهدة التلفزيون ليلا أو استخدام الكمبيوتر أو المشي في المنزل مع الأضواء منارة، فإن ذلك يحفز الجزء من الدماغ الذي يتحكم في النوم"، وتابعت شيفز "الضوء هو أحد أقوى الإشارات التي تخبر الدماغ بأنه حان وقت الاستيقاظ، ولأن الناس لا يعرفون كم هو حافز قوي، فإنهم لا يدركون أن معظم الأشياء التي تفعل في وقت متأخر من الليل، مثل مشاهدة التلفزيون واستخدام الحاسوب، أو القراءة مع الضوء الساطع، كل هذه الأمور تبقيهم مؤرقين"، وأوصت شيفز مرضى الأرق بمحاولة "تجنب القيام بأي نشاط قبل النوم بساعة أو ساعتين، وتقليل كمية الضوء في غرفة النوم خلال تلك الفترة، والاستماع إلى الموسيقى المهدئة أو ربما كتاب مسموع"، وقالت "بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الأرق، فمن الضروري أن نفهم الدور القوي للضوء في إدامة مشكلتهم، لكن بالنسبة لكثير من الناس، غالبا ما يكون من الصعب انتقاء ساعة أو ساعتين في الاسترخاء في ظل ضوء خافت". بحسب السي ان ان.

الى ذلك نصحت دراسة الذين يعانون من الارق ويرغبون في نوم افضل بقضاء وقت اقل في الفراش كجزء من علاج سلوكي قصير المدى قد يساعد كبار السن على التغلب على الارق، وقاد دانييل بيسي من كلية الطب بجامعة بطسبرج فريق بحث توصل الى ان زيارات قصيرة ومكالمات هاتفية قليلة مع ممرضة كجزء من علاج سلوكي قصير ساعد على التغلب على الارق المزمن لدى كبار السن، ويصيب الارق واحدا من بين كل خمسة مواطنين امريكيين ويرتفع المعدل الى واحد بين كل ثلاثة من كبار السن ويتم الربط بينه وبين عدد من المشكلات البدنية بدءا من الحوادث ووصولا الى ارتفاع ضغط الدم، ولا عجب انه يضر ايضا بالصحة العقلية، والمفتاح للعلاج السلوكي (كما جاء في دورية الطب الباطني) هو ببساطة فعل عكس ما ينبئك به حدسك، وقال بيسي "عندما يكون نومك قليلا فان اهم شيء يمكنك ان تفعله هو قضاء وقت اقل في الفراش"، واظهرت الابحاث على مدار ثلاثة عقود ان العلاج السلوكي الادراكي له نفس فاعلية القرص المعالج للارق مع اعراض جانبية اقل، وحتى الان استراتيجية تكثيف الوقت والمساعدة (التي تشمل عادة مواعيد تمتد بين ست الى ثماني ساعات مع طبيب نفسي) ليست متاحة بشكل واسع، وبالاضافة الى ذلك فان التكلفة (التي تقدر عموما بمئات الدولارات) ليست في متناول الكثيرين.

اضطرابات النوم

في سياق متصل اظهرت دراسة جديدة ان الاجهزة الالكترونية من هواتف ذكية وكمبيوتر تؤثر سلبا على نوم الاميركيين، فقد قال 95 % من الاشخاص الذين شملهم استطلاع "ناشونال سليب فاونديشن" انهم يلعبون الالعاب الالكترونية او يشاهدون التلفزيون او يستخدمون الهواتف الذكية او اجهزة الكمبيوتر المحمولة في الساعة التي تسبق النوم، ويقول الطبيب تشارلز تشيزلر من كلية هارفرد للطب "هذه الدراسة تظهر ان الشاشات التي تصدر اشعة ضوئية خفيفة تستخدم بشكل كبير في الساعة الاساسية التي تسبق النوم"، ويضيف ان "اجتياح هذه التكنولوجيات ذات المفعول المنبه لغرفة النوم قد تكون السبب وراء النسبة الكبيرة من الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع الذين قالوا انهم ينامون اقل من حاجتهم"، فالتعرض للنور الصادر عن هذه الشاشات يلغي افراز هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم ويزيد من حدة اليقظة مما يزيد من صعوبة النوم على ما يوضح الطبيب ذاته. بحسب فرانس برس.

واظهر استطلاع الرأي ان 43 % من الذين تتراوح اعمارهم بين 13 و64 عاما يقولون انهم نادرا ما يحصلون على ليلة من النوم الكافي خلال الاسبوع، فالاكبر سنا هم من يميلون الى مشاهدة التلفزيون في حين يفضل الشباب اجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية او اجهزة الالعاب الالكترونية، وتقول لورين هايل من المركز الطبي لجامعة ستوني بروك (ولاية نيويورك شمال شرق الولايات المتحدة) ان استخدام هذه الاجهزة "قد يكون له انعكاسات خطرة على الصحة الجسدية والتطور الادراكي وعلى مؤشرات اخرى للراحة والرفاهية"، ويشتبه الباحثون في ان اجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والالعاب الالكترونية اكثر تنبيها من التلفزيون، والاشخاص الذين يعانون من نقص في النوم بسبب هذه الاجهزة يميلون الى احتساء القهوة والى القيلولة لمكافحة هذا التعب على ما اظهر الاستطلاع الذي شمل 1508 شخصا بين سن الثالثة عشرة والخامسة والستين مع هامش خطأ بحدود 2،5 نقطة.

الى ذلك خلصت دراسة طبية حديثة إلى أن سبب "البهر" والمقصود به توقف التنفس أثناء النوم، قد يكون ناتجاً عن الاستيقاظ أثناء الليل عدة مرات والتبول، خاصة مع الرجال الذي يعانون تضخم البروستاتا الحميد، وقد تضمنت عينة البحث عدداً من الرجال ممن تتراوح أعمارهم بين 55 إلي 75 عام ويعانون تضخم البروستاتا الحميد ويسجلون كثرة التبول الليلي، وتم مقارنتهم بمجموعة تحكم ممن لا يعانون أي من المرضين، وقد وجد الباحثون أن 57.8% من الرجال عينة البحث ممن يعانون تضخم البروستاتا ربما يكون لديهم مشكلة البهر أثناء النوم (توقف التنفس أثناء النوم)، وأن اضطرابات النوم ربما يكون السبب وراء الاستيقاظ أثناء النوم عدة مرات، والتي يظن أنها بسبب الرغبة في التبول، البهر المعوق للنوم يتصف بالشخير وتوقف عملية التنفس لفترات قصيرة مسبباً للاستيقاظ والشعور بالنعاس أثناء اليوم، إذا كانت حدة مشكلة كثرة التبول الليلي راجعة لاضطرابات في النوم يمكن الآن علاجها للمساعدة علي تحسين نوعية حياة المرضي،" وعلق د.هوارد تانديتر الباحث في طب الأسرة بالجامعة بقوله، إذا ما سجل مرضى التبول الليلي مرات استيقاظ عدة أثناء الليل للتبول فعلى الأطباء أن يشكوا في احتمالية إصابتهم بالبهر (توقف التنفس أثناء النوم) ومعالجتهم على هذا الأساس. 

بين الكفاية والقيلولة

على صعيد اخر يعتقد بعض الناس أنهم ينامون بشكل قليل جداً، إذ أوضح 35٪ من الأشخاص الذين شاركوا في الاستطلاع الذي أجرته شركة «فيليبس» من أجل «مؤشر الصحة والرفاهية»، أنهم لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم، ما يؤثر بالسلب فيهم ذهنياً وجسدياً على حد سواء، وأوضحت شركة فيليبس الشرق الأوسط وإفريقيا في دبي، أن هذا الاستطلاع شمل 31 ألف شخص من 23 دولة، من بينها الإمارات والسعودية، وأرجع نصف المشاركين في الاستطلاع تقريباً سبب الحرمان من النوم إلى أنهم ينامون بشكل سيّئ بوجه عام، الأمر الذي قد يكون مؤشراً على المعاناة من أحد اضطرابات النوم مثل «انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم»، ووفقاً للتقديرات، يعاني 4٪ من البالغين من هذا المرض، يشار إلى أن انقطاع النفس الانسدادي يحدث نتيجة لارتخاء قاع اللسان أكثر من مرة أثناء النوم، وبالتالي انسداد مجاري التنفس العلوية، الأمر الذي يؤثر بالسلب في التنفس، ومن ثم على جودة النوم أيض، وإذا لم يتم علاج هذا الاضطراب، فإنه يمكن، بحسب البيانات المعلنة، أن يعزز من فرص حدوث متاعب أخرى من قبيل ارتفاع ضغط الدم والسكري والأزمات القلبية والسكتات الدماغية، كما ينبغي عدم إهمال الشخير لدى الأطفال بأي حال، لأنه قد يكون مؤشراً إلى الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، ويعد النوم مهماً بالنسبة للصحة في جميع مراحل العمر، ولهذا السبب أطلقت «فيليبس» حملة حول نوم الأطفال بالتعاون مع الباحثة في مجال النوم ومديرة المركز الاسترالي لتدريس النوم، والجمعية العالمية لطب النوم سارة بلاندن.

من جهتها تساعد الغفوة القصيرة التي يأخذها الموظف خلال فترة الظهيرة، على العمل بكفاءة وفعالية، وفقاً لما ينصح به الباحث في مجال النوم في حديثه لمجلة «مدير الموارد البشرية»، يورغن تسوللي، الذي أوضح أن مدة القيلولة ينبغي أن تراوح بين 10دقائق ونصف ساعة، مؤكداً ضرورة أن ينعم الموظف خلالها بالاسترخاء وصفاء الذهن، ويقول تسوللي إن «نوم المرء فعلاً خلال القيلولة يعتبر مسألة أخرى، وربما لا يكون مهماً على الإطلاق»، ويلفت تسوللي إلى أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ونستون تشرشل، كان يحرص بشدة على أخذ غفوة قصيرة خلال فترة الظهيرة، وكان يعتبر الأشخاص الذين لا يأخذون قيلولة أثناء الظهيرة أغبياء، وكان يعتقد أنه من خلال القيلولة يمكن للمرء أن يقسم يومه إلى يومين، ولكن ينبغي ألا تزيد مدة القيلولة على نصف ساعة، وإلا فسيحدث هبوط في الدورة الدموية، ومن ثم سيجد الموظف صعوبة في مواصلة العمل بنشاط مرة أخرى. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وبشكل عام ينصح تسوللي بأن يأخذ الموظف فترة راحة قصيرة لمدة خمس إلى 10 دقائق بعد العمل لـ90 دقيقة، موضحاً أن الإنسان يستطيع العمل بكامل تركيزه طوال هذه الفترة فقط.وأضاف «فترة الراحة القصيرة هذه ينبغي أن تكون إضافية للقيلولة»، وفي الواقع العملي لاحظ عالم النفس الألماني أن قليلاً من الموظفين هم مَن يمنحون أنفسهم فترات الراحة هذه، وأن كثيراً منهم لا يلاحظون تحت وطأة ضغط العمل مراحل التدهور البيولوجي التي تحدث لهم، ومن ثم يواصلون العمل بلا انقطاع، ويقول تسوللي «كثيراً ما يترتب على ذلك احتمالية أن يعيد الموظف كل شيء مرة أخرى»، كما نصح باحثون أمريكيون بالنوم لكل من يرغب في تعلم أمر جديد، وذكر موفع «هيلث داي نيوز» الأمريكي انه بحسب نتائج دراسة جديدة فان من يرغب في حفظ كلمة جديدة مثلاً ان يدرسها ويخلد الى النوم فتترسخ في دماغه، وأشارت الى ان الباحثين علموا بعض المتطوعين كلمات جديدة في المساء واختبروا مباشرة مدى تذكرهم لها، ثم طلب منهم النوم في المختبر فيما يتم تسجيل نشاطات أدمغتهم.

وتبين من التجارب التي أجريت في صباح اليوم التالي ان المشاركين قادرون على تذكر والتعرف على عدد أكبر من الكلمات مما فعلوا بعد تعلمها مباشرة، وأشار الباحثون ان هذا التحسن لم يظهر عند المتطوعين الذين لم تتح لهم فرصة النوم وانما اختبر مدى تعلمهم للكلمات في أوقات مختلفة، واظهرت بيانات تسجيل نشاط الدماغ ان النوم العميق يساعد في تعزيز القدرة على تذكر الكلمات الجديدة، واكتشف الباحثون نشاطاً دماغياً أطلقوا عليه اسم «مغزل النوم» وهو يلعب دوراً في القدرة على تذكر الأسماء الجديدة، وقال الباحثون انه كلما كثرت مغازل النوم التي يختبرها المرء خلال فترة النوم كان أكثر نجاحاً في استخدام كلمات جديدة في حديثه اليومي، من جهة اخرى قال باحثون أميركيون ان النحل، تماماً كما البشر، لا يستطيع تقديم أفضل ما لديه عندما يحرم من النوم لفترة كافية، وعمد الباحثون في جامعة تكساس إلى دراسة تصرفات النحل ووجدوا انها تجد صعوبة في التواصل مع بعضها وأداء الرقص المعتاد بطريقة مناسبة لإرشاد أقرانها إلى مكان الزهور الغنية بالرحيق.

وقال باريت كلاين المشارك في الدراسة انه "عندما يحرم البشر من النوم، يتراجع أداؤهم لمجموعة متنوعة من المهام بما في ذلك التواصل بوضوح ودقة"، وأضاف كلاين "اكتشفنا ان النحل المحروم من النوم يشكو من مشاكل في التواصل أيضاً، وهو يدل باقي النحل إلى مكان الغذاء بطريقة أقل دقة"، وأشار إلى انه بالنسبة للنحل فإن التواصل بدقة أقل قد يؤثر على نجاحها في تحديد مكان الطعام ما يؤدي بالتالي إلى وجود مستعمرة نقل أقل منافسة، يشار إلى ان كلاين ابتكر آلة مغناطيسية ومررها بهدوء فوق النحل خلال الليل لحرمانها من النوم، ووجد ان أدائها عند الرقص لتحديد مكان الرحيق تراجع في اليوم التالي، وأوضح كلاين ان "الرقص لم يكن خاطئاً بالضرورة وإنما أقل دقة من الرقصات التي اعتاد النحل الذي لم يحرم من النوم على أدائها".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 11/آيار/2011 - 7/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م