
شبكة النبأ: القضية الفلسطينية من
اعسر القضايا المعلقة التي يعاني منها الفلسطينيون والعرب على وجه
الخصوص والامم المتحدة والمجتمع الدولي على وجه العموم، وقد امتدت على
مساحة بين قرنين من الزمن ومازالت تنذر بأنها باقية لفترة اخرى لا
يعلمها الا صاحب الغيب والوجود، تدور احداثها بين شعبين من العرب
واليهود يتصارعون من اجل البقاء، بعد ان قامت الحكومة العبرية بأخذ اعز
مايملكه العرب (فلسطين) علانية وفي وضح النهار.
وتستمر احداث الحكاية بعد ان اخذ الاسرائيليون يقتطعون فلسطين قطعة
تلو الاخرى في غفلة او تغافل عن العرب والمجتمع الدولي، حتى بات
الفلسطينيون غرباء في ارضهم، ولم يقتصر الامر على ذلك بل راحت تتحكم
بأرواح وارزاق الشعب العربي في فلسطين من خلال القتل والاعتقال وفرض
الحصار وغيرها من اساليب الابادة الوحشية، مما ولد ردود افعال رافضة
للظلم والاستكانة تجلت في حركات مقاومة مسلحة تصدت لهذا الكيان الغاصب
ولعل من ابرزها فتح وحماس.
لكن وفي نهاية المطاف وبدلاً من ان يكونا سبب في وحدة الشعب
الفلسطيني وتماسكه نحو تحقيق اهدافه المنشودة في تحقيق حلم الدولة
الفلسطينية المنشودة (حتى ولو على ركام فلسطين)، نجدهم اليوم سبب في
تمزيق الوحدة وسبب في تفريق الاشقاء، وبعد ان كانو سبب في قلق اسرائل
وتهديداً لامنه، اصبحوا اليوم يبحثون الوساطة معها من اجل الهدنة
والمصالحة، بل وتعدى الامر الى البحث عن وساطة لتصالح الشقيقين
المتناحرين منذ سنين، وكأن القضية الفلسطينية قد حلت ولم يبقى هناك عدو
شرس يسمى اسرائيل او شعب مغتصب الحقوق، بل يبدو ان الامر تحول الى
مصالح.
طريق المصالحة
حيث يزخر طريق الفلسطينيين نحو الوحدة بالعقبات التي أحبطت جهودا
سابقة للمصالحة بين حركتي فتح وحماس وقد تحبطها مجددا.وتتوقف مسألة ما
اذا كانت الجماعتان تستطيعان التغلب على التحديات هذه المرة على الارجح
على مسار الاضطرابات السياسية التي تجتاح المنطقة والتي أوصلتهما الى
هذه المرحلة مما أدى الى ما وصفه أحد المحللين بأنه اتفاق أبرم بدافع "الحاجة
لا القناعة"، وكون الاتفاق الذي وقع في القاهرة مؤخراً جبهة موحدة فيما
يسعى الفلسطينيون الى اعتراف الامم المتحدة بدولة مستقلة لهم في سبتمبر
ايلول. لكنه لا يقدم حلولا واضحة لبعض أصعب المشاكل التي تواجهها فتح
وحماس، وتمخض صراعهما عن ظهور ادارتين احداهما تحكم قطاع غزة والاخرى
تحكم الضفة الغربية، ولا تبشر البوادر الاولى بالخير. فحركة حماس تقول
ان قوات الامن التابعة للسلطة الفلسطينية التي قمعت نشطاءها في الضفة
الغربية اعتقلت ستة متعاطفين معها منذ ان التقى خالد مشعل رئيس المكتب
السياسي لحركة حماس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في مصر، وتعتبر ادارة
الامن في الضفة الغربية وقطاع غزة أحد الموضوعات المحتمل أن تثير
خلافات في "التفاهمات" التي تم التوصل اليها بوساطة المجلس الاعلى
للقوات المسلحة الذي يدير مصر حاليا والذي تسلم السلطة من الرئيس
السابق حسني مبارك في فبراير شباط. بحسب رويترز.
ولن يدرج الامن على جدول أعمال حكومة التكنوقراط الجديدة المتصورة
في الاتفاق، وستكون مهمتها الاساسية اعادة اعمار غزة واجراء انتخابات
في غضون عام، وفي الوقت الحالي يبدو أن الجانبين وضعا جانبا مسألة
كيفية توحيد قوات الامن الداخلي التابعة لادارتين متنافستين، وهذا يعني
استمرار الامر الواقع مما سيؤدي الى مواصلة حماس السيطرة على قطاع غزة،
ويقول المعلق السياسي الفلسطيني هاني المصري المرتبط بجهود المصالحة عن
كثب انه ستكون هناك حكومة تحكم وضعين مختلفين وان هذا الموقف الذي يشبه
اللغم سيعني أن تتعامل الحكومة الجديدة مع الانقسام لا أن تنهيه، واتفق
الجانبان على انشاء لجنة أمنية عليا غير أن تفاهمات القاهرة لا تحدد
مهامه، واستطاعت السلطة الفلسطينية بمساعدة حلفائها الغربيين بناء قوات
أمن جديدة مدربة على حفظ القانون والنظام في مدن الضفة الغربية
والحيلولة دون تكرار ما حدث في غزة عام 2007 حين اقتنصت حركة حماس
السيطرة على القطاع، وطورت حماس بدورها قوات أمن تابعة لها في غزة مع
الاحتفاظ بجناحها العسكري المكرس للصراع المسلح مع اسرائيل وهو هدف
يعارضه عباس الذي يحبذ التفاوض لا القتال.
ولا يشير اتفاق القاهرة كيف سيعقد الجانبان مصالحة بشأن الاختلاف
الاساسي في المنهج تجاه اسرائيل والذي هو في قلب انقسامهما غير أن
المصري قال ان الاتفاق يشير الى أن حماس قررت وقف اطلاق النار في الوقت
الحالي، ومن النقاط غير الواضحة في التفاهمات ايضا دور كيان القيادة
الفلسطينية الجديد الذي يهدف الى ادارة الامور لحين اصلاح منظمة
التحرير الفلسطينية وهي قضية أخرى احبطت محاولات التوصل الى الوحدة
لفترة طويلة، وتنضوي تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية عدة فصائل
ويقودها عباس وقد قادت المفاوضات مع اسرائيل على مدى العقدين الماضيين،
وحماس ليست عضوا فيه، ويتحدث اتفاق القاهرة عن كيان مؤقت للقيادة لا
يمكن وقف قراراته، وستكون حماس جزءا منه لكن صلاحياته لم تتضح بعد، وقد
يستغرق اتفاق الجانبين على تشكيلة الحكومة الجديدة عدة اشهر، وينص
الاتفاق على أن تكون حكومة تكنوقراط من المستقلين، ويأمل الفلسطينيون
من خلال ابعاد حماس عن الحكومة وابعادها عن السياسة تفادي تكرار
المقاطعة الغربية التي واجهتها السلطة الفلسطينية حين فازت حماس
بالانتخابات التشريعية عام 2006، وربما لا يكون الامر بهذه البساطة،
فقد قال مانحون غربيون من بينهم الولايات المتحدة ان على الحكومة
الجديدة الالتزام بشروط منها الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف، وهما شرطان
ترفضهما حماس، واتخذت اسرائيل التي وصفت اتفاق المصالحة بأنه ضربة
للسلام اجراءات بالفعل فجمدت تحويل عائدات الضرائب التي تجمعها
بالنيابة عن السلطة الفلسطينية، وقال باسم زبيدي المعلق السياسي
الفلسطيني ان "العقبات الخارجية" التي تضعها اسرائيل او المانحون قد
تمثل تحديا كبيرا اخر لاتفاق الوحدة، وأضاف أن التوصل الى اتفاق حقيقي
بشأن القضايا التي تقع في قلب الانقسام ومن بينها تبني جدول أعمال
سياسي مشترك سيستغرق سنوات، ومضى يقول ان هذه الامور كبيرة وشديدة
التعقيد ولن تتم بين عشية وضحايا.وقال ان من الممكن أن يبدأ الجانبان
بخطوات صغيرة مثل تشكيل الحكومة واجراء انتخابات.
تقرير سري
من جهتها كشفت وزارة الخارجية الإسرائيلية، عما وصفته بـ"تقرير سري"،
يعتبر أن الاتفاق الذي توصلت إليه الفصائل الفلسطينية، برعاية مصرية،
لإنهاء الانقسام بين حركتي التحرير الوطني "فتح"، والمقاومة الإسلامية
"حماس"، يخدم مصالح الدولة العبرية، ويتزامن الكشف عن هذا التقرير مع
الجولة التي قام بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في
عدد من الدول الأوروبية، في محاولة لحشد حملة معارضة دولية لاتفاق
المصالحة بين فتح وحماس، والذي تم الاحتفال بتوقيعه رسمياً، في العاصمة
المصرية القاهرة مؤخر، وذكر راديو إسرائيل أن وزارة الخارجية أعدت "تقريراً
سرياً"، قالت إنه يتضمن توصيات إلى المستوى السياسي، حول النهج الذي
ينبغي أن تتبعه حكومة الدولة العبرية، عقب تشكيل حكومة "الوحدة
الفلسطينية"، بين حركتي فتح وحماس، وأفاد التقرير بأن التحرك الفلسطيني
الأخير، المتمثل في اتفاق المصالحة الفلسطينية، إنما يشكل "فرصة
إستراتيجية إيجابية، من شأنها أن تخدم المصالح الإسرائيلية"، في تناقض
واضح مع النهج السياسي المعارض لاتفاق المصالحة، والذي يقوده نتنياهو،
واعتبر تقرير الخارجية الإسرائيلية أن اتفاق المصالحة "لا يشكل خطراً
أمنياً فحسب، بل أكثر من ذلك، فهو يُعد فرصة إستراتيجية سانحة، لإحداث
تغييرات حقيقية على الساحة الفلسطينية، من شأنها أن تصب في المصالح
الإسرائيلية على المدى البعيد أيضاً. بحسب السي ان ان.
"كما أوصى التقرير بأن "تمتنع إسرائيل عن رفض المصالحة بشكل كلي،
وبأن تتبع إسرائيل نهجاً بناءً، يسلط الضوء على التخبطات التي تعتري
الفلسطينيين"، بحسب ما أوردت الإذاعة الإسرائيلية نقلاً عن صحيفة "هآرتس"،
ويعتقد القائمون على التقرير أنه "إذا أظهرت إسرائيل موقفاً أكثر
إيجابية حيال اتفاق المصالحة الفلسطينية، وأجرت تنسيقاً مسبقاً مع
الإدارة الأمريكية بشأن ردة الفعل حيال حكومة الوحدة الفلسطينية، فإن
ذلك سيعود عليها بالخير في علاقاتها مع الولايات المتحدة"، من جانبها،
ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، أن الحكومة الإسرائيلية جددت
مطالبتها لرئيس السلطة الوطنية، محمود عباس، بـ"إلغاء اتفاق المصالحة
مع حماس فوراً"، وفق ما جاء في بيان صدر عن المتحدث باسم رئيس الوزراء
الإسرائيلي، ونقلت عن أوفير جندلمان قوله "يجب على الرئيس الفلسطيني أن
يلغي على الفور اتفاق الوحدة مع حماس، ليثبت أمام الملأ أنه ما زال
معنياً بالسلام مع إسرائيل"، معتبراً أن المصالحة بين فتح وحماس "يشكل
عقبة هائلة أمام السلام، "وأضاف المتحدث الإسرائيلي أن "عدم استعداد
السلطة الفلسطينية لمطالبة حماس بالانصياع لشروط الرباعية بالاعتراف
بإسرائيل، وبنبذ الإرهاب، وبقبول الاتفاقيات المسبقة بين إسرائيل
والسلطة، دليل واضح على رفض السلطة لمطالب المجتمع الدولي"، ويذكر ان
نتنياهو قد تحدث هاتفياً مع وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون،
التي أجرت بدورها اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام
فياض، دون أن يتم الكشف عن تفاصيل ما دار في الاتصال.
من جهة اخرى قالت صحيفة الفايننشيال تايمز، إن مقتل زعيم تنظيم
القاعدة أسامة بن لادن الذى يتزامن مع التمرد المدنى والمطالبة
بالديمقراطية فى الأراضى العربية، لا يسلط الضوء على فشل القاعدة وإنما
سيمنح الفرصة لكل من الولايات المتحدة وأوروبا للوقوف على الجانب
الصحيح من التاريخ بدعمهم للحرية والحقوق العربية، وترى فى الربيع
العربى، أنه أنهى تواطؤ الغرب مع الطغاة الذين حرموا شعوبهم من الحريات
التى طالب بها الغرب، كما أنه سيحرم المتطرفين الإسلاميين من ذلك الشخص
الذى كانوا يعولون عليه فى جذب المزيد لتنظيماتهم الإرهابية ومنع سم
الجهادية من التسرب إلى للمسلمين العاديين، ولكن ترى فى التعامل بتوازن
مع الصراع الملتهب بين الإسرائيليين الفلسطينيين، والذى يعد السبب
الرئيسى لعدم استقرار المنطقة، دعما للثورة العربية، وتنتقل للحديث عن
السياسة الخارجية لمصر بعد الثورة التى جذبت أنظار الغرب ولاسيما
إسرائيل، قائلة، إن مصر لن تأتى بعد السياسة الأمريكية والإسرائيلية فى
المنطقة فلقد اتخذت قرارها بفتح الحدود مع غزة منهية تواطؤها فى الحصار
الذى تفرضه إسرائيل ويؤيده الغرب بعد فوز حماس فى الانتخابات
البرلمانية 2006 باكتساح وسيطرتها على القطاع، وتتابع أن قدرة الجيش
المصرى سريعا على عقد اتفاق مصالحة بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين
عقب الإطاحة بالنظام القديم يظهر كيف كان نظام مبارك عائقا أمام
المصالحة الفلسطينية ، وهنا تؤكد الفايننشيال تايمز أن الولايات
المتحدة وحلفائها عليهم الاختيار إما أن تكون وسط هذه الأحداث أو
السماح لها باتخاذ مسار خاطئ قد يؤدى بها إلى تصادم، وتؤكد الصحيفة، أن
مصر التى كانت تمثل قلب العروبة النابض عائدة من جديدة، فالعصر الذى
شهدت فيه المنطقة التنافس على السلطة الإقليمية بين إسرائيل وإيران
وتركيا مع وقوف العرب كمتفرجين وأمريكا كحكم قد انتهى، وتختتم مشيرة
إلى توافق دولى على أن السلام بالمنطقة يتطلب تقسيم الأراضى بين
الفلسطينيين وإسرائيل وفقا لمعايير بيل كلينتون التى وضعها فى 2002
ومبادرة السلام العربية لعام 2002، والذى ينص على منح الفلسطينيين جولة
فى الضفة الغربية وقطاع غزة بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة لها، مع
تبادل الحد الأدنى ليسمح لإسرائيل بدمج بعض المستوطنات حول
القدس.وتتوقع الصحيفة البريطانية، أن تقر الجمعية العامة للأمم المتحدة،
سبتمبر المقبل، هذا الحل مع أو دون موافقة إسرائيل.
اتفاق محاط بالمخاطر
في سياق متصل وفي الوقت الذي احتفى فيه الفلسطينيون باتفاق لانهاء
الصراع بين حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) وحركة فتح تدفعه
الاضطرابات التي تجتاح المنطقة، قد يهدد بدوره المساعدات الغربية ويكون
سببا في بدء مرحلة جديدة من المواجهة مع اسرائيل، ويعتقد الفلسطينيون
أن اتفاق الوحدة المفاجيء الذي كشف النقاب عنه مؤخراً في القاهرة سيقوي
من موقفهم اذ يسعون الى الحصول على دعم دولي لقيام دولتهم لانه سيسمح
لهم بتقديم جبهة متحدة وانهاء انقسام سبب انتكاسات لمسعاهم انشاء
دولتهم، لكن الدول الغربية التي يحتاج الفلسطينيون بشدة لمساندتها
للحملة السياسية للاعتراف بدولتهم والتي تقدم لهم الدعم المالي ايضا في
انتظار أن ترى شكل الحكومة التي سيتمخض عنها الاتفاق الذي أثار قلق
اسرائيل، ولاتزال التفاصيل غير واضحة، وتشمل المعلومات التي جرى الكشف
عنها حتى الان تشكيل حكومة جديدة من المستقلين تهدف الى اعادة اعمار
قطاع غزة وجمع المساعدات الاجنبية التي تم التعهد بها من أجل هذا الغرض
لكنها لم تدفع بعد واجراء انتخابات في غضون عام، ويتوقع بعض
الفلسطينيين أن تواجه صعوبات الحكومة التي ستوحد الضفة الغربية وقطاع
غزة تحت ادارة واحدة للمرة الاولى منذ عام 2007 حين اقتنصت حماس
السيطرة على القطاع من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويجب أن تقنع الحكومة الجديدة الدول الغربية بأنها ملتزمة بالسلام
وفي الوقت نفسه تحصل على موافقة حماس التي تعارض مفاوضات السلام مع
اسرائيل التي يسعى اليها عباس بهدف الحصول على الاستقلال للفلسطينيين،
وواجهت الحكومة التي قادتها حماس عام 2006 مقاطعة غربية أغرقت السلطة
الفلسطينية في أزمة مالية بسبب رفض الحركة الاعتراف باسرائيل ونبذ
العنف وهي شروط ترفض حماس الاذعان لها حتى الآن، وهناك خطر مالي آخر
مصدره اسرائيل، حيث ذكرت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية ان اسرائيل
علقت تحويلات الضرائب الى الفلسطينيين، وقالت الصحيفة ان وزير المالية
الاسرائيلي يوفال شتاينتز ألغى احدث عملية تسليم روتيني لمبلغ 300
مليون شيقل (88 مليون دولار) من قبل اسرائيل من عائدات الجمارك والمكوس
الاخرى التي تم جمعها بالانابة عن الفلسطينيين، ويقول بعض المراقبين
الفلسطينيين ان من السهل الالتفاف على مخاوف الدول الغربية واسرائيل
لان الحكومة الجديدة لن تضم أعضاء من حماس، لكن اخرين أقل ثقة، وقال
المحلل الفلسطيني هاني المصري الذي ساعد في التوسط في الاتفاق الذي تم
التوصل اليه نتيجة موجة التغيير الهائلة التي تجتاح العالم العربي انه
يجب أن تقر حماس برنامج الحكومة وبالتالي سيكون الوضع صعبا. بحسب
رويترز.
ويرى كثيرون أن الانتفاضات التاريخية على حكام مصر وسوريا اللتين
تتنافسان اقليميا لعبت دورا مهما في احراز التقدم لتختلف هذه المحاولة
للمصالحة الفلسطينية عن غيرها التي فشلت في الاعوام القليلة الماضية،
ويقول فلسطينيون ان تشكك الرئيس المصري السابق حسني مبارك في حركة حماس
كان أساسيا في الموقف الذي لا يلين الذي تبناه عباس تجاه المصالحة،
والان بعد أن رحل مبارك خفف عباس من حدة موقفه، ويبدو أن حماس هي
الاخرى تحركها الاضطرابات التي تجتاح المنطقة، ويواجه الرئيس السوري
بشار الاسد الذي يعد الى جانب ايران أحد الداعمين الرئيسيين لحماس
احتجاجات لم يسبق لها مثيل تشبه تلك التي أطاحت بمبارك من الحكم في
فبراير شباط، وقال المعلق السياسي الفلسطيني سميح شبيب "حماس تعتقد أن
الحل الامثل هو عودة الوحدة الوطنية"، كما أن الاحتمالات القاتمة التي
تواجه عملية السلام شجعت حماس على توقيع الاتفاق الذي توسط فيه المجلس
الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير مصر حاليا والذي تحاول الحركة كسب وده،
وانهارت الجولة الاخيرة من الجهود الدبلوماسية المدعومة من الولايات
المتحدة في سبتمبر ايلول، اما عباس الذي بنى حياته السياسية حول فكرة
التوصل الى تسوية مع اسرائيل من خلال التفاوض فلم يخف خيبة أمله في نهج
واشنطن تجاه المفاوضات.
وتتجنب حماس عملية السلام المدعومة من الولايات المتحدة بوصفها
مضيعة للوقت تهدف الى تعزيز مصالح اسرائيل وتتطلع الى المواجهة
العسكرية اذ أطلقت صواريخ على اسرائيل مما أدى الى موجات لا نهاية لها
من الانتقام العنيف، ولا توجد مؤشرات على أن حماس مستعدة لترك سلاحه،
غير أن قرار الحركة التوقيع على اتفاق المصالحة يظهر ارادة للعب دور في
أشكال أخرى من الدبلوماسية الدولية تهدف الى دفع القضية الفلسطينية قدم،
وتنطوي هذه الجهود على خطة لمحاولة كسب الاعتراف بالدولة الفلسطينية
خلال اجتماع للجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر ايلول وهي فكرة
تعارضها الولايات المتحدة واسرائيل، وقال جورج جقمان المحلل السياسي
الفلسطيني "حماس تريد أن تنضم الى العملية السياسية"، وأضاف "قررت
الانضمام الى جهود السلطة الفلسطينية للاعتراف بالدولة وأن تكون ضمن
المشروع وليس خارج المشروع"، وقال المصري ان الفلسطينيين اذا اتحدوا
فسيتمكنون بدرجة اكبر من دفع قضيتهم في الهيئات الدولية ومن أن يحشدوا
وراءهم أشكالا أخرى من النشاط السياسي مثل مقاطعة اسرائيل، وأضاف "هذا
قد يؤدي الى مواجهة مع اسرائيل، مواجهة سياسية وليس مواجهة عسكرية"،
ومضى يقول "هناك أمل، المسألة ليست سهلة لكننا انتقلنا من اليأس الى
الامل."
فلسطينيون بين الاحتفال والفتور
فمن جهتهم وبعد توقيع الاتفاق بين الطرفين المتنازعين أطلق السائقون
في غزة أبواق سياراتهم احتفالا بالمصالحة بين حركتي فتح وحماس بينما
كان الفلسطينيون بالضفة الغربية أقل حماسا حتى أن البعض شكك في نجاح
الاتفاق، ففي غزة معقل حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي ازدادت
قوتها خلال العقد الماضي لتشكل تحديا خطيرا لحركة فتح وزع الطلاب
الحلوى ابتهاجا بتوقيع اتفاق المصالحة في القاهرة، لكن بدلا من أن يوقع
زعيما فتح وحماس على الوثيقة التي وقعها قبل ذلك مسؤولان كبيران من
الحركتين ثار جدل طوال الليل بشأن مراسم التوقيع ولم يوقع الزعيمان على
الوثيقة كما كان متوقعا الى حد كبير، وكان الفلسطينيون قد شهدوا آمالهم
في الاستقلال وإقامة دولة تتبدد وسط العداء الناجم عن أربع سنوات من
الشقاق بين فتح وحماس التي خاضت حربا قصيرة عام 2007 حتى تمكن مقاتلوها
من طرد جنود فتح خارج قطاع غزة، ويدعو الاتفاق الى تشكيل حكومة مؤقتة
من مستقلين للاعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال عام، ولوح
آلاف الفلسطينيين في غزة بالاعلام الفلسطينية وهتفوا "تحيا الوحدة"
احتفالا بالحدث قبل أن يذيع التلفزيون صور مراسم توقيع الاتفاق من
القاهرة. بحسب رويترز.
وقال الطالب أحمد ابو عرار انها كانت "رسالة للاحتلال الاسرائيلي
بأن تهديداتكم لن تردعنا عن تحقيق المصالحة"، وقالت زميلته أماني رباح
ان الشكوك والمعاناة ستفسح الطريق ليحل مكانها التفاؤل، وأضافت "اليوم
يرى الناس ان هناك قدرا من الأمل، شيئا مختلفا عن الماضي، الشعب
الفلسطيني سعيد وخاصة في قطاع غزة"، وفي رام الله العاصمة الادارية
للضفة الغربية كان المناخ أقل حماسا حيث تجمع بضع عشرات فقط من الاشخاص
يحملون الاعلام في وسط المدينة للاحتفال بتوقيع الاتفاق، وبين هؤلاء
موفق عبد الفتاح (35 عاما) الذي يعمل في مجال العلاج الطبيعي الذي قال
ان الثورات التي اندلعت في عدة أماكن بالعالم العربي هذا العام جعلت
الفلسطينيين يتفاءلون بأن الاتفاق سينفذ.واضاف عبد الفتاح "ليس هناك
شيء مستحيل، لا يوجد امكانية لانهاء الاحتلال بدون المصالحة، الثورات
التي حصلت وتحصل في العالم العربي تجعلنا متفائلين بتطبيق الاتفاق
اضافة الى التغيير الذي حصل في مصر"، لكن جمال غانم (42 عاما) وهو مدرب
قيادة سيارات قال انه يعتقد ان الاتفاق سيفشل.
واضاف "لا أتوقع ان يكون هناك تنفيذ للاتفاق، سيكون هناك ضغط خارجي
ومن الطابور الخامس لعدم تنفيذ هذا الاتفاق"، وتابع غانم "لا يوجد هناك
ما يؤشر على انه سيتم تنفيذ الاتفاق لم نرى الافراج عن المعتقلين (من
حماس لدى السلطة في الضفة الغربية ومن فتح لدى حماس في غزة)"، ولم يكن
هناك أنصار لحماس في الاحتفال في رام الله، ولم يفهم الفلسطينيون لماذا
لم يوقع الرئيس محمود عباس زعيم حركة فتح وخالد مشعل زعيم حماس الذي
يقيم في دمشق اتفاق المصالحة علن، وقال مصدر فلسطيني بالقاهرة "الخلاف
استمر طوال الليل بشأن مكان جلوس الزعيمين لكن يبدو أن مشعل وافق في
النهاية على عدم الجلوس على المنصة حتى لا يفسد الاحتفالات"، وقال
مساعدون ان التوقيع الرئاسي ليس ضروري، وفي لفتة لاثبات حسن النية سمحت
قنوات التلفزيون التابعة لفتح وحماس في كل من غزة والضفة الغربية
لبعضها بنقل مراسم توقيع اتفاق المصالحة على الهواء مباشرة الى مناطق
الجانبين للمرة الاولى منذ عام 2007، وقال حسن أبو حشيش من المكتب
الصحفي التابع لحماس في غزة ان هذا البث كان "تصريحا لمرة واحدة"، كما
تغيرت لغة وسائل الاعلام حيث استخدم مقدمو برامج تلفزيون حماس تعبير "الرئيس
محمود عباس" بدلا من وصف "عباس الرئيس المنتهية ولايته".
حقائق
ان اهم النقاط الاساسية في اتفاق المصالحة بين فتح وحماس يمكن
ايجازها بالنقاط التالية:
- تشكيل حكومة فلسطينية من شخصيات مستقلة، والمهام الرئيسية للحكومة
ستشمل الاعداد لانتخابات والتعامل مع القضايا الداخلية الناجمة عن
الانقسام الفلسطيني على أن يلي ذلك اعادة اعمار قطاع غزة ورفع الحصار
المفروض على القطاع وتوحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية
وقطاع غزة.
- اجراء انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني والرئاسة والمجلس
الوطني الفلسطيني وهو مجلس يمثل الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية وفي
المنفى خلال عام من تاريخ التوقيع.
- الاتفاق على أعضاء لجنة تشرف على الانتخابات.
- تشكيل مجلس أعلى للامن يضم ضباطا ذوي خبرة كخطوة تجاه اصلاح
القوات الامنية التي تديرها كل من فتح وحماس.
- استئناف اجتماعات المجلس التشريعي الفلسطيني الذي لم يجتمع منذ
سيطرة حماس على قطاع غزة في أعقاب اقتتال بين فتح وحماس في قطاع غزة
عام 2007 .
- الافراج عن كل السجناء السياسيين المحتجزين لدى كل من فتح وحماس
في الضفة الغربية وغزة، وينفي مسؤولون من الجانبين وجود معتقلين
سياسيين في سجونهم، وستدرس لجنة قوائم بالاسماء وتتأكد من أسباب سجنهم.
بحسب رويترز.
اما ما يخص حركتي فتح وحماس اشد المتنازعين على السلطة في فلسطين
وبعد ان تم توقيعهما على اتفاق الوحدة الذي من المؤمل ان ينهي اربعة
اعوام من الشقاق والصراع المتبادل بين الطرفين فنذكر اهم الحقائق
المتعلقة بهما:
1.فتح:
- تمثل فتح التيار الرئيسي للحركة الوطنية الفلسطينية التي أسسها
عام 1965 الزعيم الراحل ياسر عرفات، وهي حزب علماني وأكبر الفصائل
الفلسطينية التي تكون منظمة التحرير الفلسطينية. وحماس ليست عضوا في
منظمة التحرير الفلسطينية.
- كانت فتح تؤيد في الاساس الكفاح المسلح لانشاء دولة فلسطينية
لكنها في وقت لاحق قادت جهود صنع السلام مع اسرائيل للتوصل الى اتفاق
لانشاء دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة تكون القدس الشرقية عاصمة لها
(وهي الاراضي التي احتلتها اسرائيل في عام 1967) .
- وقع عرفات زعيم حركة فتح أول اتفاق سلام مؤقت مع اسرائيل في عام
1993 لكن رغم جهود الوساطة المتكررة التي تزعمتها الولايات المتحدة فان
التوصل الى اتفاق شامل بدا بعيدا حيث تبادل كل من الاسرائيليين
والفلسطينيين اللوم في الفشل المتكرر، وانهارت اخر جولة من المحادثات
المباشرة في سبتمبر ايلول الماضي.
- توفي عرفات عام 2004 وحل محله في رئاسة فتح محمود عباس في عام
2005، وورث حزبا منقسما فقد التأييد الشعبي وغرق في فضائح الفساد.
- بعد عقود من الهيمنة خسرت فتح انتخابات برلمانية عام 2006 لصالح
حماس، وبعد عام طردت حماس قوات فتح من قطاع غزة، وتراجعت قوة فتح في
الضفة الغربية نتيجة للصراع الداخلي المستمر وضعف نفوذها مع ظهور رئيس
الوزراء التكنوقراطي سلام فياض.
2.حماس :
- حماس هي أكبر الحركات الاسلامية المتشددة، تأسست عام 1987 اثناء
الانتفاضة الفلسطينية الاولى، وركزت في الاساس على الكفاح المسلح ضد
اسرائيل بقيادة جناحها المسلح (كتائب عز الدين القسام) وعلى برامج
رعاية اجتماعية عديدة، غير انها سرعان ما دخلت معترك الساحة السياسية
الداخلية.
- تؤمن حماس بانه يتعين على الفلسطينيين استخدام القوة في كفاحهم مع
اسرائيل وتعارض المفاوضات، ويدعو ميثاق تأسيسها الى تدمير اسرائيل،
وتقول حماس منذ ذلك الحين انها ستقبل قيام دولة فلسطينية بجوار اسرائيل
وهدنة طويلة "كحل مؤقت"، وتقول أيضا انها "ستحترم ارادة الشعب" فيما
يشير الى انها ستقبل اجراء استفتاء لاقرار حل الدولتين مع اسرائيل.
- بسبب رفضها نبذ العنف والاعتراف باسرائيل تنظر كثير من الدول
الغربية الى حماس على انها منظمة ارهابية، وشنت حماس موجة من التفجيرات
الانتحارية ضد اسرائيليين في التسعينات وأثناء الانتفاضة الثانية التي
تفجرت في عام 2000 .
- حماس جزء من تحالف اقليمي يضم ايران وسوريا وحزب الله في لبنان
والذي يعارض بصفة عامة السياسة الامريكية في الشرق الاوسط.
- تمكنت حماس من الاستمرار في حكم غزة بعد هجوم عسكري اسرائيلي في
2008 - 2009 جاء ردا على هجمات صاروخية على اسرائيل، وقتل نحو 1400
فلسطيني بينهم مئات المدنيين و13 اسرائيليا في الصراع، ويقول محللون ان
التأييد لحماس في غزة تقلص بعد سنوات من الحصار والعزلة. |