حراك السلفيين في إشعال الفتنة... تطرف ديني أم مآرب سياسة؟

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: منذ الايام الاولى لانتصار الشعب المصري في ثورته المجيدة، سعت بعض الجهات الداخلية التي كانت تقترن بالنظام المطاح مدعومة بدول عربية الى تشويه الانجاز الشعبي والاضرار بمكتسبات مصر.

وهذا الامر يتجلى بالجماعات السلفية وعصاباتها التي باتت تروع بالمجتمع المصري دون واعز ضمير، بالتنسيق مع ازلام الحزب الوطني المنحل كما كشفت عن ذلك التحقيقات الاولية لمن القي القبض عليهم اثر فتنة امبابة.

فيما يشير بعض المحللين الى وقوف السلطات السعودية وهيئاتها التكفيرية المتطرفة وراء النشاط السلفي التدميري في مصر، انتقاما للاطاحة بحليفهم السابق حسني مبارك، الذي كان له له الفضل في رعاية تلك الجماعات وتنميتها.

اختبار لحكام مصر بعد مبارك

فقد يواجه العسكريون في مصر معضلة نتيجة توجه اكثر جرأة يتبناه اسلاميون في حقبة ما بعد الرئيس السابق حسني مبارك مما ادي لتفاقم التوترات الطائفية ومطالبات بحملات على غرار تلك التي قوضت شعبية الرئيس السابق.

واسفرت اشتباكات مسلحة بين مسلمين محافظين ومسيحيين عن مقتل 12 شخصا في احدى ضواحي الجيزة مما اشعل احتجاجات غاضبة لبعض سكان العاصمة الذين طالبوا الجيش بمواجهة المحرضين بقبضة حديدية.

وعمقت اعمال العنف المخاوف بين المسيحيين الذين يشكون من ضعف حماية الشرطة والتسامح مع متشددين اسلاميين في الفترة الاخيرة مما يهدد بتجدد الاشتباكات في البلد الذي يعاني من الفقر وارتفاع الاسعار وتداعي الاقتصاد.

وتخلت الشرطة عن مواقعها ابان الانتفاضة التي اندلعت ضد مبارك في شهري يناير كانون الثاني وفبراير شباط. وعاد عدد كبير من رجال الشرطة لعملهم ولكن كثيرين من المصريين يقولون ان الشرطة فشلت في وقف سرقات وجرائم عنيفة تتفشى مع ترقب مصر لاول انتخابات حرة في سبتمبر ايلول.

وقال المحلل السياسي ايساندر العمراني "يمثل تساهل الدول مشكلة في الوقت الحالي" وتوقع ان تتبني حكومة تسيير الاعمال موقفا صارما مع جماعات سلفية محافظة وغيرها من المحرضين على الكراهية الدينية.

ومضى قائلا "لن تلقى قبولا بين قطاع من المواطنين ولكن الحكومة تضطر للقيام بامور غير مقبولة شعبيا احيانا."

وشهدت مصر التي تعتمد على صورتها كدولة مستقرة لاجتذاب ملايين من السائحين زيادة مطردة في أعمال العنف بين مسلمين ومسيحيين رغم توقفها خلال الانتفاضة.

وتجمع ملايين المسلمين والمسيحيين في ميدان التحرير متحدين الجهاز الامني القوي لمبارك وحملوا لافتات جمعت بين الهلال والصليب. بحسب رويترز.

وادان كثيرون من المسلمين الاشتباكات التي وقعت في مطلع الاسبوع في امبابة والتي بدأت باحتشاد مجموعة من السلفيين لتفتيش كنيسة للاشتباه في احتجاز امراة اشهرت اسلامها بداخلها رغما عن ارادتها.

وقالت امراة محجبة في الاربعينات من عمرها لصديقتها في وسط القاهرة يوم الاحد "لما نشتت انفسنا بمثل هذه الحماقة.. ينبغي ان نكرس جهدنا لبناء البلاد وليس الاحتجاج والاقتتال."

وقال رمضان حبيبة وهو محاسب ملتح يرتدي بزة خارج احد المساجد "ادعو الله الا يفرق بيننا اي خلاف. اذ ترك اي شخص ديانته فحسابه عند الله وليس لي او اي شخص اخر ان نحاسبه. في الاسلام نقول لكم دينكم ولي دين."

واشار الجيش لموقف اكثر صرامة واعلن عن محاكمة 190 شخصا امام محاكم عسكرية بسبب اعمال العنف في امبابة.

ويمثل القرار تحولا عن الممارسة السابقة حيث كانت الحكومة في عهد مبارك تلجأ لشخصيات دينية تتفاوض للمصالحة بين مسيحيين ومسلمين لانهاء منازعات طائفية.

وقال مصطفي السيد استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة " اعتقد ان مثل هذا التوجه يشجع المتطرفين على تصعيد هجماتهم."

ورغم قمع حكومة مبارك للاسلاميين اتهمت جماعات حقوقية مسؤوليه بالفشل في معالجة العنف الطائفي بشكل مباشر باحتجاز مرتكبي حوادث العنف او معاقبة المحرضين عليها. وعزت الجماعات الحقوقية هذا الموقف الحذر للخوف من اثارة ضغينة الاسلاميين ضد الدولة بصورة أكبر.

وذكر شهود في موقع الاشتباكات التي وقعت يوم السبت ان الجيش شكل طوقا حول الكنيسة التي استهدفها السلفيون حين بدا اطلاق النار ولكنه فشل في التدخل حين هاجم المحتشدون مقهي ومخبزا يملكهما مسيحي. واضرمت النار في كنيسة اخرى في اعمال العنف التي اسفرت عن سقوط اكثر من 238 مصابا.

وقال العمراني "تبرز جميع هذه الاحداث حاجة حقيقية لعودة الشرطة للشارع. لا يملك الجيش مهارات العمل الشرطي. جزء من الفراغ الامني منذ الثورة يتمثل في غياب اشارات الانذار المبكر."

واقام سلفيون "صلاة الغائب" في مسجد النور في حي العباسية في القاهرة على روح اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي قتلته قوات امريكية خاصة في مخبأه في باكستان في الثاني من مايو أيار.

وهرع عشرات من افراد الشرطة العسكرية لوقف الصلاة في المسجد وهو رمز لمساعي السلفيين لبسط نفوذهم ولكنهم وقفوا بلا حول ولا قوة فيما اقيمت الصلاة تحت لافته تحمل صورة بن لادن. وعلى مدار اسابيع منع سلفيون امام المسجد الذي تعينه الحكومة من اعتلاء المنبر لالقاء خطبة الجمعة.

وربما يهدف تعامل الجيش المتساهل مع السلفيين حتى الان تفادي مواجهات دينية في ظل التوازن الاجتماعي الهش في مصر. ويقول محللون ان عيوب هذا الاسلوب ظهرت في امبابة.

وقال السيد "في هذه الحالة استغلت حرية التعبير لاشاعة الكراهية ضد المسيحيين. هذه ليست روح حرية التعبير ولكن لا اعتقد ان ذلك خطر على اذهان اعضاء المجلس الاعلى (للقوات المسلحة الحاكم)."

تظاهرة "شيعية صوفية"

على صعيد متصل تظاهر مئات من الشيعة والصوفية أمام السفارة السعودية بالقاهرة احتجاجاً على ما وصفوه بـ "الممارسات السلفية ذات التمويل الوهابى داخل مصر"، كما نددوا بموقف السعودية من الثورات العربية فى اليمن وسوريا والبحرين وتونس .

وطالب المتظاهرون بوقف التدخل السعودى فى الشأن المصرى عبر دعم التيار السلفى المسبب للفتنة الطائفية والضغط من أجل عدم محاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك، كما دعوا الى الإفراج الفورى عن كافة المعتقلين المصريين فى السجون السعودية.

ويمثل المتظاهرون قوى صوفية وشيعية، منها "جبهة التصدى للمخططات السعودية" و"المجلس الأعلى لرعاية شئون أل البيت" و"الجبهة الشعبية لتحرير إيلات" و "حركة أشراف بلا حدود" و"مركز الأمام لحقوق الانسان" وعدد من مشايخ الطرق الصوفية بالاضافة إلى تواجد عدد من الاقباط المعتصمين امام ماسبيرو.

ورفع المتظاهرون لافتات تعبر عن مطالبهم ومنها: "يا وهابى اطلع برة أرض بلادى هتفضل حرة" و"دولتنا دولة مصرية ابعدى عنا يا سعودية" و" أنا مصرى ضد تدخل السعودية فى الشئون المصرية" و"رب واحد قرأن واحد مصير واحد فكفانا جدلا أيها المتلحفون بالإسلام" و"الكنايس والجوامع بيوت الله اسمع ياللى مانتش سامع".

واستعان المعتصمون بشاشة عرض ما اعتبروه انتهاكات تمارسها السعودية فى البحرين واليمن وضد السعوديين المطالبين بالحريات، كما استخدموا "دى جى" لإذاعة أغان وطنية ومقاطع من خطب مبارك قبل تنحيه.

من جانبه قال محمد الدرينى – رئيس المجلس الأعلى لشئون أل البيت- " لبوابة الوفد": إن التيار الوهابى السعودى مسئول عن أحداث الفتنة الطائفية فى امبابة، مطالباً بعودة أموال مبارك من البنوك السعودية. وأضاف أن "السلفية الوهابية تحاول بممارستها الأخيرة ضد الاقباط وأد مكتسبات ثورة 25 يناير".

وحذر السيد الطاهر الهاشمى – الأمين العام لمشيخة الطرق الهاشمية- من المحاولات السلفية لضرب الثورة موضحا دعم السعودية للنظام البائد، وقال: "الوهابية يد من أيادى أمن الدولة التى تحاول بها القضاء على الثورة".

وأكد جورج إسحاق –القيادى بحركة كفاية- حرص ثورة25 ينايرعلى العلاقات بين الشعبين المصرى والسعودى، محذرا فى نفس الوقت السلطات السعودية من التدخل فى الشأن المصرى قائلا: "لسنا بيروت أو البحرين ولن نصمت أمام ضربكم للوحدة الوطنية. وأحاطت القوات المسلحة بالسفارة السعودية خشية اى احتكاكات بين المعتصمين والعاملين بها.

توقيف العقل المدبر للمواجهات الطائفية

الى ذلك اعلنت رئاسة الوزراء المصرية انه تم توقيف "العقل المدبر" للمواجهات الدامية بين المسلمين والاقباط التي اوقعت مساء السبت 12 قتيلا واكثر من 200 جريح. وقال مجلس الوزراء، في بيان مقتضب على صفحته على فيسبوك، ان "وزارة الداخلية القت القبض على العقل المدبر الذى خلق شرارة التصادم بين المسلمين والمسيحيين بامبابة" من دون ان تكشف عن هويته. واضاف البيان ان "14 آخرين ممن شاركوا فى أحداث الفتنة المؤسفة تم توقيفهم كذلك"، اضافة الى 190 شخصا سبق القاء القبض عليهم واحالتهم للنيابة العسكرية.

وقالت صحيفة المصري اليوم المستقلة نقلا عن "مصدر عسكري" ان "القوات المسلحة توصلت الى معلومات مؤكدة تفيد بتخطيط رموز الحزب الوطني المنحل لادخال مصر في حرب اهلية".

كما أعلنت الحكومة المصرية عن اتخاذ اجراءات للتصدي للعنف الديني، وألغى رئيس الوزراء المصري عصام شرف جولة خليجية ليترأس اجتماعا لمجلس الوزراء تقرر خلاله نشر المزيد من قوات الامن قرب الاماكن الدينية وتشديد قوانين تجرم الهجوم على دور العبادة.

وقال وزير العدل محمد عبد العزيز الجندي في بيان بثه التلفزيون بعد اجتماع مجلس الوزراء انه تقرر "منع التجمهر حول دور العبادة حفاظا على قدسيتها وعلى أمن المواطنين ودرءا للفتنة الطائفية."

الإسلاميون استغلوا ثورة 25 يناير

من جانبها قالت صحيفة وول ستريت جورنال، إن التوترات الطائفية فى مصر زادت حدتها بالتوازى مع ارتفاع صوت الحركة السلفية، ذلك الاتجاه المتطرف من الإسلام الذى يميل ليرى أن غير المسلمين أقل استحقاقا للحقوق المدنية الكاملة فى مجتمع مسلم مثالى.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن حسام بهجت، مدير مركز المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قوله، إن العنف هو محاولة لتخويف المسيحيين، الذين كان يعتبر البعض أن حماية النظام السابق لهم معاملة تفضيلية.

وأضاف، أن المتشددين الإسلاميين يريدون أن يظهروا للمسحيين أنهم بحاجة إلى حماية المسلمين، وأن الغرب لن يحميهم، "إذ أنهم يريدون أن يعلموا الأقباط درسا"، وأنهم لم يعد لديهم الامتيازات التى يعتقد كثير من المتطرفين أن الأقباط تمتعوا بها فى عصر مبارك.

فثورة الديمقراطية بمصر، بحسب الصحيفة، سمحت لصفوف الإسلاميين بالجرأة لمد أرجلهم فى الحياة العامة، بعد أجيال من القبوع فى الظل.

فلأول مرة فى التاريخ المصرى سيختار الناخبون المصريون فى الانتخابات البرلمانية المقبلة بين قائمة متنوعة من الخيارات الإسلامية، التى قد تشمل عدة أحزاب سياسية سلفية.

وأكد كمال حبيب، الذى يصف نفسه بأنه "سلفى حديث"، أن الثورة المصرية منحت السلفيين الفرصة قائلا: "نحن نستغل هذه الفرصة الآن".

وحبيب قضى معظم الثمانينيات فى السجن لانتمائه لجماعة "الجماعة الإسلامية"، التنظيم المتطرف الذى شن هجمات على الحكومة المصرية والسياح فى التسعينيات.

ويتوقع حبيب أن يفوز الإسلاميون بمن فيهم الإخوان المسلمين بما لا يقل عن ثلث مقاعد البرلمان المقبل، مشيرا إلى أن مؤيدى السلفية فى مصر بالملايين، وأن عددهم قد يفوق مؤيدى جماعة الإخوان المسلمين.

ويتورط السلفيون فى سلسلة من الهجمات ضد مسيحى مصر فى الأشهر القليلة التى أعقبت الثورة، وأبرزها أزمة محافظة قنا، وهدم كنيسة أطفيح، وقطع أذن مسيحى، وهى الحوادث التى تشكل تحديا كبيرا للقيادة العسكرية التى تولت السلطة بعد الرئيس مبارك.

ولم يقم المجلس العسكرى بمعاقبة الأشخاص الذين قاموا بحرق وهدم كنيسة أطفيح، وهو ما يراه الكثيرون السبب فى تكرار مثل هذه الاعتداءات.

وتلفت الصحيفة إلى أن العمالة المصرية المهاجرة الذين عاشوا وعملوا بالخليج فى الثمانينيات، هم الذين جلبوا السلفية إلى مصر، حيث عادوا بوفرة من الأيديولوجية الأصولية "المتشددة"، فيما تحظى القنوات الفضائية الدينية الممولة من السعودية وغيرها من دول الخليج بشعبية واسعة فى مصر.

اجراءات صارمة

الأقباط يواصلون اعتصامهم

فيما اعتصم مئات من الأقباط في مصر التجمع أمام مبني الإذاعة والتلفزيون بوسط القاهرة احتجاجا على أعمال العنف الطائفي التي أدت إلى مقتل 12 شخصا وحرق كنيستين.

ويقول مراسل بي بي سي في القاهرة إن المعتصمين سيطلبون من الحكومة والجيش توفير حلول أكثر واقعية واتخاذ اجراءات أكثر شدة مع المتسببين في حوادث الاعتداءات على الأقباط وممتلكاتهم.

وكان مئات من الشبان المسيحيين قد توجهوا إلى المبنى الاذاعة والتلفزيون مطالبين بتنحي المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير امور البلاد منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير / شباط الماضي.

وأضاف المراسل إن الاعتصام هذه المرة يختلف عن الاعتصامات السابقة فهو أكثر تنظيما وقد بدأ المعتصمون في التجمع بعد أعمال العنف الطائفي التي شهدها حي إمبابه السبت.

من جانبه أعلن وزير العدل المصري عبد العزيز الجندي أن الحكومة ستضرب بيد من حديد من أجل بسط الأمن ومنع الاعتداء على دور العبادة ووأد أي فتنه طائفية.

وجاء إعلان الجندي بعد اجتماع عاجل للحكومة دعا إليه رئيس الوزراء عصام شرف الذي أرجأ زيارته إلى عدد من دول الخليج عقب وقوع أعمال العنف.

وأوضح الجندي أن الحكومة قررت التطبيق الحازم للقوانين التي تمنع التعرض لدور العبادة وحرية العقيدة لحماية البلاد من خطر الفتنة الطائفية.

كما أعلن أن الحكومة ستطبق المواد الخاصة بمكافحة الارهاب في قانون العقوبات المصري قانون مكافحة البلطجة وهي مواد تتضمن عقوبات مغلظة تصل إلى حد الاعدام ضد من يعرض الامن الداخلي للخطر.

نظام مبارك مسئول عن الطائفية

من جهته حمل الأمين العام لجامعة الدول العربية، والمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عمرو موسى، نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، مسئولية انتشار العنف الطائفى فى مصر، مشيراً فى حوار لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية نشرته اليوم إلى أن ما شهدته مصر من مجازر فى إمبابة مؤخراً هو نتاج لسوء إدارة المجتمع والدولة فى ظل النظام السابق.

ورداً على سؤال حول مدى صحة الطرح القائل بأن ممارسات الأجهزة الأمنية فى عهد مبارك وراء شعور السلفيين بالسخط على المجتمع، قال موسى: 'لدينا مشكلة فأنا واثق من أن الغالبية العظمى فى المجتمع المصرى لا تريد أن ترى مثل هذا الصراع الطائفى القائم على مبدأ الدين'.

واعتبر موسى، أن مشكلة النظام السابق الرئيسية كانت بالنسبة للجميع إعداد جمال مبارك ليخلف والده، فلو لم يكن هناك ثورة فى يناير، لكانت الثورة حدثت فى مايو أو يونيو، فعندما وضحت نية النظام القديم ترشيح جمال مبارك ليخلف والده فى رئاسة البلاد لم يقبل أحد بالأمر، وأعتقد أن هناك حاجة لإنشاء النظام الرئاسى أولاً أكثر من النظام البرلمانى وأنا أعتقد فى إقامة نظام رئاسى – برلمانى مثل النظام فى الولايات المتحدة الأمريكية، القائم على الديمقراطية، فالشعب المصرى هنا يختلط عليهم الأمر بين الديكتاتورية والديمقراطية، فمبارك كان ديكتاتوراً وليس جزءاً من النظام الرئاسى.

وتحدث موسى، من ناحية أخرى، عما تنويه الجماعات العلمانية فى مصر بشأن الانتخابات البرلمانية المقبلة، قائلا إنه كان من الضرورى أن تسبق الانتخابات الرئاسية الانتخابات البرلمانية كما كان ينبغى انتخاب رئيس مدنى لقيادة مقاليد الأمور والإشراف على وضع شكل تمهيدى للدستور الجديد وإنشاء إطار جمهورى جديد.

وأشار إلى أن قرار المجلس العسكرى بإجراء انتخابات البرلمانية أولا ثم بعدها الانتخابات الرئاسية، أيدته التعديلات الدستورية، والتى تم الموافقة عليها من خلال استفتاء عام حاز بأغلبية كبيرة على عكس أولائك الذين عارضوا تلك التعديلات 'من أمثالى، وآخرين غيرى وأنا أرى من وجهة نظرى ضرورة أن تسبق الانتخابات الرئاسية الانتخابات البرلمانية'، وأعرب موسى عن أمله فى أن يعاد النظر فى إجراء الانتخابات البرلمانية أولا.

وعن إمكانية إعادة المجلس العسكرى للنظر فى ترتيب الانتخابات قال موسى إن المجلس لديه السلطة التى تمكنه من فعل ذلك، لاسيما وأنه يحكم مصر الآن، وعندما سئل عن مدى عدم تنظيم العديد من الجماعات السياسية أكد أن هذا سبب أدعى لأن تحظى هذه الجماعات بوقت أطول حتى تعكس الانتخابات البرلمانية المقبلة عناصر المجتمع الحقيقية.

وعن احتمالية فوز جماعة الأخوان المسلمين فى انتخابات سبتمبر المقبلة قال موسى إنهم ربما يفوزون وربما لا، 'فهناك العديد من الأحزاب التى تزيد من سرعة الوتيرة التى يعدون بها أنفسهم، ولكنى فى الوقت عينه لا أعتقد أن تلك القوى لديها الوقت الكافى لأن تتبوأ مكانة كبيرة فى البرلمان'.

ومن ناحية أخرى، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى فى حديثه مع صحيفة 'واشنطن بوست' أن استراتيجية التعاون بين مصر والولايات المتحدة ستتغير بعد ثورة 25 يناير، محملاً فى الوقت نفسه نظام الرئيس السابق حسنى مبارك مسئولية الأحداث والتوترات الطائفية بين عنصرى الأمة، المسلمين والمسيحيين.

وأكد موسى للصحيفة أن الرؤية الاستراتيجية للتعاون بين مصر والولايات المتحدة سيعاد النظر بها خاصة بعد رياح التغيير التى هبت على السياسة المصرية. وقال إن التغيرات فى العالم العربى يجب أن توضع فى الاعتبار فى الوقت الذى يجب أن تتواصل فيه متانة العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، مشددا على ضرورة أن يستند التعاون بين البلدين على التفاهم والتعاون فى الفترة المقبلة وألا يقتصر على مجرد مكالمة هاتفية لشخص واحد سيرد بنعم أو لا.

وحول التحول فى الموقف المصرى فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران، قال موسى 'إيران ليست العدو الطبيعى للعرب ولا ينبغى أن تكون كذلك'.. مضيفاً 'أن مصر ستجنى الكثير من خلال العلاقات السلمية أو علاقات أقل توترا'.

وفيما يتعلق بالملف النووى الإيرانى والخطر النووى الذى تشكله إيران، قال الأمين العام للجامعة العربية إن القضية النووية فى الشرق الأوسط لا تعنى إيران فقط بل كل من إيران وإسرائيل.

وعن الشأن الداخلى سئل موسى ما إذا كان سيبقى على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إذا ما أصبح رئيساً لمصر فأجاب قائلاً 'المعاهدة هى معاهدة، وقد وقعت مصر على المعاهدة من أجل عملية السلام، ولكن ذلك يعتمد كذلك على الجانب الآخر من المعاهدة.. وإن سألت عن نوع العلاقة التى تجمع العالم العربى وإسرائيل، سأفضل أن أقول إن الموقف العربى الذى تعتبر مصر طرفاً فيه بشكل مميز يرتكز على المبادرة العربية لعام 2002.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 11/آيار/2011 - 7/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م