طبعا لم يكن البطاوي سوى "أداة قتل" عشوائية صالت وجالت وقتلت
بأبناء العراق على اختلاف طوائفهم ومللهم ونحلهم ؟ واستخدمت تلك الأداة
بشكل دقيق من قبل ضعفنا وتهاوننا وعدم شعورنا بالمسؤولية.. فليس
البطاوي من قتل الضباط العراقيين في سجن مكافحة الإرهاب بل ضعفنا
وتهاوننا وعدم شعورنا بالمسؤولية هو من أردى أولئك الضباط وإخوانهم
شهداء على منحر الغباء السياسي وهو ذاته الذي صنع من الزرقاوي والبطاوي
والبغدادي وبن لادن المقبور أبطالاً في بلد مؤمن وأهل صابرون يناضلون
من اجل لقمة عيشهم ويجاهدون في سبيل الثبات على الأرض التي أتخمتها
الزلازل السياسية والبراكين الطائفية.
كيف بدأت قضية سجن مكافحة الإرهاب في مساء السبت الأسود، والذي من
المفترض أن يكون من أقوى السجون وأكثرها تشدداً وأن رجالها من أكثر
الرجال حنكة وشعوراً بالمسؤولية بل وأكثرهم خبرة في التعامل مع أدق
التفاصيل الأمنية ومن ذوي الحس الأمني العالي لا تثنيهم عن مسؤولياتهم
ثانية ولا تكل لهم يد في الضرب بها من حديد على رؤوس من اتخموا المقابر
بأجسادنا وأهلنا...
تهاون بسيط من قبل أحد الرجال أدى الى هزة قوية في منحنى الثبات
الأمني الذي كلما قارب أن يستقيم يضرب الإرهاب ضربته لتطيح بثباته الهش..
لقد تنوعت العمليات الإرهابية وفي يوم السبت بدأت العمليات الإرهابية
تنفذ في داخل السجون في أكثر العمليات قسوة وتأثير على الملف الأمني
العراقي وهو يجاهد لغرض الثبات على طريق خروج القوات الأمريكية في
نهاية هذا العام.
إن التنوع الكبير في العمليات الإرهابية التي طالت الكثير من مناطق
العراق خلال الأسبوع الأخير تدل وبشكل قاطع على أننا بحاجة الى الكثير
والكثير من الرؤى الحديثة لإدارة الملفات الخطرة في العراق، الأمنية،
والتي تمثل بالنسبة لوضع مثل وضع العراق أساسية وإستراتيجية لكون
الكثير من الملفات التنموية الأخرى تعتمد عليها ومن ضمنها الملفات التي
تخص الاستثمار حيث ستتسبب العمليات الإرهابية في ابتعاد المستثمرين وفي
إبقاء العراق ضمن أدنى المؤشرات العالمية التي تعتمد عليها الكثير من
الدول في الدخول لبناء علاقاتها الدولية.
وفي ظل التخبط الأمني الواضح والذي كفله عدم وجود الشعور بالمسؤولية
الكامل وعدم وجود الحس الأمني الذي يمثل الجدار الواقي للشعب ,..
فانفجار الحلة الأخير مثلاً أطاح بالكثير من الشرطة عندما استهدف
تجمعهم انتحاري فبخّر الكثير من أجسادهم والمفترض أن يكونوا قادرين على
تأمين أنفسهم قبل أن يتولوا مهمة حماية أبناء شعبهم..
ان عدم الشعور بالمسؤولية من قبل الكثير من رجالنا ما هو إلا
الجرثومة التي تنخر وتتسبب بهشاشة الوضع الأمني.. أنها مشكلة كل قواتنا
الأمنية باستثناء بعض قوات النخبة فالتوجيه والمراقبة المستمرة
والتدريب المتواصل على أحدث مرتكزات الخطط الأمنية الحديثة قد يكون
كفيلاً بعدم صناعة أبطالاً جدد غير الذين قبرتهم يد قواتنا الأمنية في
يوم السبت ولكن خسارتنا كانت أكبر فكم هي كبيرة على نفوسنا أن يموت
ضابط برتبة كبيرة مشهود له بحسن الخلق فهوا يعادل كل إرهابيّ العالم لو
اجتمعوا.. ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل.. فقد قتلناهم بأيدينا !!
zzubaidi@gmail.com |