مدن تطل على العالم من خلال نوافذ سياحية

شبكة النبأ: يوما بعد يوم تهتم المدن والدول على حد سواء بتطوير مداخلها النقدية عبر وسائل اقل تكلفة ومتاحة بسهولة، خصوصا على صعيد السياحي الذي بات يسهم بشكل كبير في بعض الدول بهذا المرفق وتطويره، فيما نجحت أخرى في تحقيق قفزات سياحية كبيرة بعد ان وفرت معظم مقوماتها. لتدخل التاريخ من أوسع بواباته كمدن تستقطب الوافدين والباحثين عن المتعة والمغامرة، مستغلة اما تضاريسها الجغرافية الاستثنائية، او مناخها وأجوائها الخلابة.

بنغلادش مقصد السياح المحبين للمغامرة

حيث باتت بنغلادش ليست المقصد السياحي الأول الذي يخطر في البال عند التكلم عن آسيا، لكن عدد السياح الذين يزورونها يزداد يجذبهم غياب البنى التحتية ووسائل الراحة، وروح المغامرة.

تقول المنتجة التلفزيونية جويانتا هولادر التي استقبلت في منزلها عشرات السياح بفضل موقع "كاوتش سورفينغ دوت اورغ" الذي يعنى باستضافة المسافرين "يجب أن تكون من محبي المغامرة. هذا ما تنطوي عليه السياحة في بنغلادش".

وتروي ان "احد الأشخاص الذين استقبلتهم لم يحب البلد. وقال انه لن يعود اليه ابدا. كان سائحا عاديا يريد رحلة هانئة، وهذا لا ينطبق ابدا على بنغلادش".

وفي حين يقدم الكثير من الأماكن في الهند وتايلاند وفيتنام وسائل راحة معقولة غالبا ما تترافق مع ارتفاع في الأسعار، يبحث العديد من الرحالة في مكان آخر من آسيا عن التجربة الأصيلة، والأسعار الرخيصة، التي كانت توفرها هذه المنطقة في السابق.

فتذوق أفضل بيرياني في دكا، وهو طبق مكون من الأرز والتوابل، لقاء دولار واحد، والمبيت في فندق متوسط الجودة لقاء 10 دولارات في الليلة الواحدة، أو اجتياز أكبر غابة منغروف في العالم في قارب خشبي تقليدي بكلفة 150 دولارا تشمل كل النفقات لمدة أربعة ايام... كل ذلك يشكل تجربة فريدة وأصيلة بكلفة رخيصة.

ويقول ستوارت باتلر الذي ألف دليل "لونلي بلانيت" عن بنغلادش ان هذا البلد هو احد الأماكن القليلة في المنطقة التي لا تزال توفر تجربة سياحية ريادية.

ويوضح "من السهل خوض تجارب خارجة عن المألوف. انه مكان نستطيع أن نقوم فيه باكتشافاتنا الخاصة والسفر طوال اسابيع من دون مصادفة أي سائح غربي آخر أو أي سائح عموما".

يضيف "بالنسبة الى الكثير من المسافرين، فإن عدم معرفتهم للبلد وغياب البنية التحتية السياحية هما السببان اللذان يجذبانهم اليه بالتحديد".

وقد صنف دليل "لونلي بلانيت" بنغلادش بين المقاصد التي تقدم أفضل نوعية مقارنة بالأسعار للعام 2011.

وزار هذا البلد 267107 سياح أجانب في العام 2009، بحسب آخر الإحصاءات الحكومية التي لا تميز بين السياح الاجانب والبنغلادشيين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية.

قبل عشر سنوات، لم يكن عددهم يتجاوز المئتي ألف، ويتوقع قطاع السياحة أن يستمر هذا الارتفاع.

يقول توفيق الدين أحمد، رئيس جمعية الشركات السياحية في البلد إن "عدد السياح الاجانب يرتفع بنسبة 10% سنويا. قبل بضع سنوات، لم يكن احد قد سمع ببنغلادش. وكان الناس يعتقدون انها تشكل جزءا من الهند". يضيف "هناك الكثير من السياح الذين لا يحملون سوى حقيبة الظهر ويسافرون بمفردهم".

ويمكن ان تتضمن رحلتهم جولة في النهر لمدة 27 ساعة على متن عبارة "ذا روكيت" من دكا الى خولنا لقاء 15 دولارا في مقصورة من الدرجة الاولى. ومن خولنا، يمكنهم التوجه الى غابة المنغروف في ساندربانز أو مزارع الشاي في سريمونغال، شمالا.

ووفقا لتوفيق الدين أحمد، فإن المشكلة الأساسية في ما يتعلق بالسياحة في بنغلادش هي غياب حملة حكومية للترويج للبلد في الخارج، كما نجحت الهند في الترويج لنفسها بفضل برنامج "انكريدبل انديا". وهو يرى أن "بنغلادش تعاني من صورة سلبية لكن الأمور تتغير شيئا فشيئا".

وبالنسبة الى ميكي لونغ، مؤلف دليل "برادت" عن هذا البلد، لا جدوى من محاولة تغيير سمعة بنغلادش، بل يجب استغلالها.

يقول "الجميع يعرفون ان بنغلادش بلد فقير. لنتمسك بهذه الصورة ونعلن ان +قرارنا السفر الى بنغلادش هو بادرتنا لتغيير العالم+".

نازاريت بلدة سكان اصليين في كولومبيا محظورة على السياح

اما في اقصى جنوب كولومبيا في منطقة الامازون، يكثر الزوار يجذبهم اليها جمال الطبيعة والاطلاع على تقاليد السكان الاصليين، الا ان هذه النعمة السياحية لا ترضي الجميع فيمنع دخول السياح الى بلدة نازاريت حفاظا على ثقافة قديمة.

منطقة الامازون الكولومبية التي تقع عند الحدود مع البرازيل والبيرو، تجذب عددا متزايدا من الاجانب المهتمين ب "السياحة البيئة" بعيدا عن المسارات المألوفة لاكتشاف ثروة حيوانية ونباتية من الاغنى في العالم.

في العام 2010 اتى 35 الف اجنبي لزيارة المنطقة. الا انه بات محظورا على السياح بعد مراقبة القردة والاستحمام بجوار دلافين زهرية في نهر الامازون مثلا، زيارة محمية نازاريت للسكان الاصليين.

فهذه البلدة الواقعة على ضفة الامازون على بعد 20 دقيقة بالمركب من مدينة ليتيسيا (1200 كيلومتر جنوب بوغوتا) ممنوعة عليهم منذ سنتين.

عند مدخلها يقف هنديان مسلحان بالعصا التقليدي لحراس السكان الاصليين، يقطعان الطريق على اي متطفل. حتى الزيارات المرخص لها تخضع لتدقيق شديد مع ابراز الهويات.

يقول ايسايس خوليان بيريرا "الكوراكا"، اي الناطق باسم مجموعة من 800 نسمة يشكل هنود التيكونا 80 % منهم "اتخذ هذا القرار مجلس موسع للسكان".

ويوضح ان القرار نوقش مطولا مع احترام العرف القاضي باتخاذ القرارات جماعيا ومن ثم عرض على "مجلس حكماء". بحسب فرانس برس.

ويتابع قائلا "كنا نواجه الكثير من المشاكل. كان الزوار يأتون ويتركون وراءهم مهملات واكياس نفايات وقناني بلاستيكية. اما الان يمكن للسياح ان يدخلوا هكذا يجب ان يحصلوا على اذن من المجلس".

ويقول احد سكان البلدة يدعى غريمالدو راموس "السياح يأتون ويباغتوننا بكاميرات التصوير". ويوضح "تصوروا انكم جالسون في منزلكم ويأتي غرباء لالتقاط صور لكم. الامر لن يروق لكم".

ويؤكد خوفينسيو بيريرا احد الحراس "يضاف الى ذلك اننا لا نكسب الكثير. يكتفون بشراء بعض القطع الحرفية ويرحلون. وكالات السفريات هي التي تكسب المال".

شعب تيكونا المهدد بالاندثار والذي يضم نحو 30 الف نسمة فقط بحسب الامم المتحدة، يخشى ان تشهد ثقافته تحولا بسبب الزوار.

في قبيلتهم ينبغي ان تكون الحياة منسجمة مع الطبيعة و"العوالم الثلاثة" العالم الاعلى والادنى (مملكة المياه) والاوسط، حيث يعيش الانسان وبعض الشياطين.

ويؤكد هذا الشعب انه يريد ان يتجنب ان يعتمد اطفاله لغة الاجانب وطريقة لبسهم. ويوضح "الكوروكا" "في حال لم نحافظ على ثقافتنا فان كل شيء سينتهي في غضون ثلاثين عاما".

ويعتبر السياح ان طرح الاسئلة على السكان المحليين يأتي من باب الفضول المهذب اما السكان الاصليون فيعتبرونه تطفلا وتدخلا فاضحا. ويوضح الحارس "لا نحبذ ان يسألوا افراد الشعب عن معارفهم التقليدية" ولا سيما الممارسات العلاجية.

في مدينة ليتيسيا التي تتبع لها محمية نازاريت، يؤكد مسؤولون ان "ما من دراسة تثبت عند هذه المرحلة وجود تأثير سلبي لارتفاع عدد السياح على البيئة". الا ان القرار يعود للهنود.

ويؤكد خوان كارلوس بيرنال المسؤول في البلدية المكلف البيئة والتنمية ان القانون الكولومبي يسمح للسكان الاصليين بتنظيم الوصول الى شعوبهم كما يشاؤون.

ويعتبر ان السكان الاصليين لا يريدون ان ينظر اليهم على انهم حيوانات برية الا ان هذه الشعوب لا تعيش معزولة عن ما يحيط بها فمدرستها الابتدائية تديرها راهبات كاثوليكيات على سبيل المثال. ويتوجه افراد المجموعة يوميا الى ليتيسيا للعمل.

النيبال تساهم في تحرر النساء

من جهتهن عندما أطلقت الأخوات الثلاث شهيتري وكالتهن للرحلات الجبلية وقوامها مرشدات من النساء حصرا، بدت الفكرة غريبة مستهجنة بالنسبة إلى النيباليين وقد ظن كثيرون منهم أنها مجرد غطاء لنشاطات بيت دعارة.

أن تنشئ نساء شركتهن الخاصة في النيبال لهو أمر غير مألوف. وأن يقصدن بمفردهن جبال الهيمالايا البعيدة ولأسابيع عدة برفقة سياح أجانب، فهذا أمر لم يشهد من قبل في البلاد.

لكن، إذا ما صدم بداية أهل هذا البلد المحافظ ذي الأغلبية الهندوسية عند إطلاق هذه المبادرة في منتصف تسعينات القرن الماضي، فإن ردود فعل السياح الأجانب أتت إيجابية جدا.

والأخوات الثلاث لاكي وديكي ونيكي اللواتي نشأن في الهند، في حين تعود أصولهن إلى شرق النيبال، بدأن نشاطهن بإدارة فندق صغير في بوكارا (الغرب) وهي قرية صغيرة تتمتع برؤية استثنائية باتجاه قمة أنابورنا.

وبعد أن سمعن تعليقات كثيرة من سائحات أجنبيات اشتكين من مضايقة بعض مرشدي الجبال الثملين، خطرت لهن فكرة إنشاء وكالة للرحلات الجبلية وقد أطلقن عليها اسم "الأخوات الثلاث". أما مرشدو هذه الوكالة فمن النساء حصرا.

وتشرح لاكي شهرتي (46 عاما) لوكالة فرانس برس "لم تكن أية واحدة منا تملك أدنى فكرة عن إنشاء شركة ما. تابعنا دراساتنا وكان من المتوقع أن نصبح مدرسات أو ممرضات.. مهن مضمونة وواضحة لا تتضمن أية مجازفة".

في البداية، كانت الأخوات يتجهن إلى مرافقة السياح الأجانب لسد هوة في اللغة والثقافة بين هؤلاء ومرشديهم الذكور. لكن سريعا، تبين أن السياح من الجنسين يرغبون في أن تصبح هؤلاء الأخوات أيضا مرشداتهم، وهي مهنة لم يكن مهيئات لها، بحسب ما يعترفن اليوم. بحسب فرانس برس.

ديكي (44 عاما) هي الأكثر حماسة بين أخواتها. فتابعت دورة دراسية تنظمها الحكومة لتدريب مرشدي الجبال. كانت المرأة الأولى التي شاركت في تلك الدورات.

وتعترف ديكي "عندما بدأ الأمر، لم أكن أعلم ماذا تعني الرحلات الجبلية". وتتذكر أنه "في البداية كانت الفنادق ترفض تأجيري غرفة، فكنت أضطر للنوم في الصالة حيث كان الرجال يحتسون الكحول ويشتكون من وجودي".

وذاع صيتهن عبر تناقل الأخبار، وسرعان ما عجزن عن تلبية إقبال العملاء بمفردهن. فطلبن مساعدة نساء أخريات وأعدين تدريبا خاصا بهن يجمع ما بين المعرفة المتعلقة بالسلامة في الأماكن المرتفعة وما بين أساسيات اللغة الإنكليزية ودورات حول النبات والحيوانات.

لكن ذلك أيضا لم يجر من دون مشقات. نساء الجبال معتادات على المشي، الذي يعتبر بالنسبة إلى كثيرات وسيلة نقلهن الوحيدة. لكن الأحكام المسبقة في المجتمع النيبالي ذات تأثير كبير، وقد تطلب الأمر محاولات إقناع كثيرة حتى توافق عائلاتهن على انضمامهن إلى فريق العمل.

أما اليوم، فتؤكد الأخوات شهرتي أن الأهالي يشجعون بناتهم حتى يصبحن مرشدات، بعدما وجدوا في الأمر مصدر دخل مضمون.

نيرما راي في الثلاثين من عمرها وهي تعمل لصالح "الأخوات الثلاث" منذ العام 2002. تشير إلى أن "عائلتي تدعمني، لكنني أعتقد أحيانا بأن الرجال يحسدونني على ما أحققه من مكاسب مالية. فيقولون، أنت صغيرة جدا. كيف يمكنك القيام بهذا العمل؟". وحاليا تتابع نيرما تدريبا يخولها بلوغ أعالي القمم.. مهنة ذات مدخول أهم.

من بين النساء اللواتي يعملن مع الأخوات شهيتري والبالغ عددهن مئة تقريبا، هناك الكثيرات من الحائزات على شهادات في التعليم العالي. وبالنسبة إلى هؤلاء الأخوات فإن مساعدة النساء الفقيرات على الحصول على مهن طموحة في السياحة، شكلت أحد الأوجه الأكثر إرضاء لمغامرتهن هذه.

بالنسبة إلى جودي ملام مدرسة الرياضيات البريطانية وهي إحدى عميلاتهن، فإن "مرشداتهن مدربات بشكل جيد. لكننا لا نجد هنا مجرد مؤسسة تجارية، فهن وضعن لأنفسهم هدف مساعدة أهالي المنطقة ودفع النساء إلى الإمساك بزمام أمورهن".

في النيبال، تواجه النساء دائما بتحديات كبيرة. وامرأة واحدة فقط من أصل أربع نساء تتقن القراءة والكتابة، مقابل 62% من الرجال.

سياحة فريدة من نوعها في كوريا الشمالية

من جهة اخرى وبعيدا عن السياحة الجماعية التي تشهدها الأماكن الثقافية أو المنتجعات الشهيرة في آسيا، بدءا من أنغكور وات وصولا الى فوكيت، يصطحب نيكولاس بونر حفنة من المسافرين الى كوريا الشمالية، البلد الاكثر انعزالا في العالم، في رحلة مختلفة وخارجة عن المألوف.

هذه الرحلات التي بدأت في العام 1993 مع 12 سائحا فقط تنظمها مجموعة "كوريو" التي أسسها بونر، مهندس المناظر الطبيعية البريطاني السابق. وقد عرفت 1300 سائح العام الماضي بهذا البلد الذي لم يفتح ابوابه للغربيين قبل العام 1987.

السياح الذين انطلقوا بقلق الى هذا البلد المعروف بقساوته والمعرض للمجاعات بانتظام، عادوا منها وكأنهم كانوا على كوكب المريخ. وهم بمعظمهم من الرجال، وربعهم من الأميركيين ولا يضمون أي صحافيين.

هذا ما حصل مع دنيس مورفي، وهو مهندس كيميائي بريطاني ذهل بالمعاملة التي لقيها خلال إقامته، ويقول انه عومل وكأنه "مسؤول رسمي". بطبيعة الحال كانت الزيارة منظمة ومضبوطة بحذافيرها الا انها "كانت ساحرة في علم مختلف تماما"

في البداية، لم يكن بإمكان شركة "كوريو" اصطحاب سياحها إلا إلى بيونغ يانغ في المنطقة منزوعة السلاح وإلى جبل ميوه يانغ، على ما شرح نيك بونر لوكالة فرانس برس في مكتبه في بكين.

واضاف بونر الذي ينظم رحلاته بالتعاون مع شركة "كوريا انترناشونال كومباني" الحكومية "شيئا فشيئا، بدأ يسمح لنا بدخول أماكن أخرى. كان ذلك رائعا، ومبنيا على الثقة".

بفضل 40 مرشدا محليا متعدد اللغات، اتسع نطاق الرحلات، لينتقل الى الساحل الغربي والساحل الشرقي وشواطئه الساحرة، وحتى الى مدينة شونغجين الصناعية، وهايجو في الشمال.

وتمر الرحلات ايضا في كايسونغ، ومدينة نامفو الساحلي وجبل بايكدو، وهو جبل مقدس بالنسبة الى الكوريين الشماليين ولد كيم جونغ ايل في جواره، وكان محظرا في السابق على الزوار... الاميركيين. وحتى الآن لا يسمح لهؤلاء بمغادرة كوريا الشمالية بالقطار.

هامهونغ، ثاني اكبر المدن في كوريا الشمالية والتي لم تفتح ابوابها للأجانب الا العام الماضي، مدرجة ايضا في مسار الرحلة. وكذلك راسون، وهي منطقة تبادل حر نادرا ما يزورها السياح.

وفي ايلول/سبتمبر المقبل، سيتمكن الغربيون من التنزه على الدراجات الهوائية بالقرب من جبل بايكدو. يقول نيك بونر "هذا لم يحصل من قبل. انه تحد حقيقي. في بيونغ يانغ، لا يسمح للنساء بركوب الدراجات لأن ذلك يعتبر خطرا وغير أنيق".

برنامج "كوريو" فريد من نوعه: زيارة تتمحور حول 21 آذار/مارس "ذكرى الغاء ضريبة الدخل"، و"استرخاء في مصح قديم على الساحل الشرقي" أو زيارة مصنع لتوضيب ثمار البحر أو مزرعة تعاونية.

انها من الصور الايجابية التي توافق كوريا الشمالية على اظهارها للغربيين، وهو بلد لا يمكن التنقل فيه من دون مرشد محلي.

هذا ما دفع السائح الاسترالي لاكلان اوليف الى التساؤل ان كان قد رأى "الوجه الحقيقي لكوريا الشمالية" عند زيارته مزرعة نموذجية زارها الرئيس السابق كيم ايل سونغ مرارا.

لكن بالنسبة الى الجميع، أجمل لحظات الرحلة هي "الالعاب الجماعية"، تلك اللوحات الحية التي تجمع 100 ألف مشارك يؤدون الرقصات الأفضل تصميما في العالم.

هذه الرحلات المكلفة (990 يورو لأربع ليال) تتيح لنيك بونر تمويل مغامرة اخرى تتطلب أموالا كثيرة: افلام وثائقية يتم تصويرها في كوريا الشمالية وتحظى بالاستحسان في مهرجانات مثل مهرجان ساندانس.

وهنا لا بد من التساؤل "هل يجب الذهاب الى كوريا الشمالية؟" ذلك البلد الانعزالي والمتهم بانتهاك حقوق الانسان؟

بالنسبة الى بيتر بسياخوس، وهو محام يوناني عاد من كوريا الشمالية للتو، فإن تنمية قطاع السياحة هي أفضل وسيلة للحد من انعزال هذا البلد.

ويشرح "هذا سيزيل قليلا الشعور بالخوف من الاجانب لدى الكوريين الشماليين ويعلمنا ان كوريا الشمالية ليست عدوتنا". وبالنسبة الى لاكلان اوليف، شكلت هذه الرحلة مفاجأة سارة.

يقول "رأيت أن سكان بيونغ يانغ يعيشون حياة بسيطة، لكنني لم أر فقرا أو بنى تحتية متداعية كما في مانيلا مثلا".

السياحة البيئية لإنعاش الإقتصاد

الى ذلك قد تصبح رأس كولكا في لاتفيا وهي منطقة شهيرة بالفعل خزانة عرض لطموح البلاد كي تصبح رائدة في السياحة 'الخضراء'. فكل عام تجتذب المنطقة وحديقة سليتير الوطنية المحيطة بها آلاف المسافرين. وهم يأتون إلى المنطقة التي تبعد نحو 200 كيلومترا من العاصمة ريغا على أمل إلقاء نظرة على تشكيلات 'الأمواج المتقاطعة' الغريبة التي تتكون حيث يلتقي بحر البلطيق بخليج ريغا.

وتسعى وكالات السياحة والحكومة إلى الحفاظ على الشخصية البكر للمكان ولأجزاء أخرى من لاتفيا التي تجتذب المزيد من الزوار. هذه السياحة البيئية قد تساعد في وضع بذور خضراء لإنتعاش إقتصادي في بلد مضطرب ماليا. وأحد جوانب الميراث الغريبة من العهد السوفييتي في منطقة البلطيق هو الحفاظ غير المتعمد على الحياة البرية. فالحدود والمناطق العسكرية ممنوع الإقتراب منها ونتيجة لذلك فإن المناطق مثل سليتير أحتفظت بشخصيتها البدائية.

ويقول جانيس دامبيتيس وهو مرشد رسمي متحمس في منطقة سليتير 'هذه منطقة محظورة بشكل صارم. فحرس الحدود السوفييت كانوا يفتشون الرمال كل ليلة لإكتشاف أي آثار أقدام'.  وقاد دامبيتيس مؤخرا جولة للسياح على ممشى خشبي عبر غابة صنوبر بدائية مشيرا إلى النباتات النادرة عبر الطريق. وحتى فترة قريبة كان حظر الوصول للمناطق خلال العصور الشيوعية يعني أن سليتير تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لتقليل أثر أعداد السياح المتزايدة. وقد تغير ذلك مع برنامج قادته مجموعة سياحية لتوفير تلك التسهيلات مثل موقف إنتظار للسيارات ومركز معلومات ولافتات متعددة اللغات باللغات اللاتفية والإنكليزية والليفونية.

والليف هم أصغر جماعة عرقية من السكان الأصليين في أوروبا يعيشون في بضعة قرى ساحلية صغيرة في لاتفيا. وهم يضيفون عنصرا ثقافيا إلى القائمة الطويلة من أنواع النباتات والطيور المحمية في الحديقة الوطنية. وتتساءل أسنات زيميلي رئيسة رابطة السياحة في ريف لاتفيا والتي قادت مبادرة سليتير 'هل نحن نريد سياحة في المناطق المحمية؟'. وأضافت 'وكيف نريدها؟هل التنمية الإقتصادية مهمة في المناطق المحمية كما في أي منطقة أخرى؟'. ونظمت زيميلي مؤتمرا يومي 22 و23 آذار/مارس لمناقشة تلك الأسئلة وضم كل المسؤولين عن حماية الطبيعة وممثلي صناعة السياحة من 19 دولة. وتقول إن التعاون بين أنصار البيئة ورجال ألأعمال يمكن أن يكون مفيدة للطرفين.

وقالت زيميلي 'حتى في البلدان القديمة من النادر أن تجتمع السياحة وحماية الطبيعة حول نفس الطاولة. وعادة المشهد يتضمن واحدا أو الأخر. ولذا فإن نجاح هذا الحدث يكمن فى أن المتابعين متساوون '. ويقول ريتشارد بارتينغتون من شركة يوروبارك للإستشارات ومقرها بريطانيا إن بعض الإجراءات منخفضة التكاليف مثل اللافتات متعددة اللغات في سليتير يمكن أن تحدث فارقا كبيرا. وهو يضع كتابا إرشاديا بعنوان 'كيف لإتحاد اليوروبارك' وهي منظمة أوروبية للمناطق المحمية. بحسب الوكالة الالمانية للانباء.

ويقول 'في أوقات كثيرة يتم عمل أشياء شيقة في المجال، ولكن لا أحد يثني على أو يحلل ما ما يتم فى الغالب باساليب بسيطة ولكن فعالة'. ويضيف إنه بتقديم معلومات عن الخدمات المحلية وأماكن السكن والمحميات الطبيعية يمكن أن تجتذب المزيد من الزوار وتساعد الإقتصاد المحلي. ويقول أرماندس سلوكينبيرغز مدير وكالة تطوير السياحة اللاتفية إن تدعيم السياحة الخضراء يمكن أيضا أن يكون لها أثر على صناعة السياحة. ويرجع الفضل في حدوث زيادة العام الماضي في عدد الزوار في لاتفيا إلى جهود توسيع الاتجاه للسياحة البيئية. ويأمل أن يتواصل هذا الإتجاه. وأحدي الإستراتيجيات تعرف باسم 'ريغا بلس' وهي جلب زوار إلى العاصمة وتمضية يوم واحد على الأقل خارج ريغا.

فريوس.. استكشاف الساحل الـفرنسي

في حين نجد هواء البحر المتوسط العليل يهب من النافذة، وأشرعة القوارب تتمايل مع الرياح في عرض البحر، وتُعد الشقق في مارينا بورت فريوس الفرنسية محببة لقلب عشاق الرياضات المائية. أما مَن لا يجلب معه قارباً إلى المارينا الواقعة بين المدينتين القديمتين «فريوس»، و«سانت رافاييل»، فسيجد هناك أيضاً مكاناً مثالياً لقضاء عطلة شاطئية رائعة تتاح له خلالها الفرصة لاستكشاف إقليم بروفنس والريفيرا الفرنسية. وفي مراحل اليوم المريحة يمكن إضافة زيارة كان أو أنتيب أو نيس أو سانت تروبيه أو موناكو.

ويعتبر بورت فريوس عالماً صغيراً مستقلاً بذاته، وقد تم تشييد الميناء بهدف إعادة المنفذ البحري لمدينة فريوس القديمة؛ إذ تحول الميناء الحربي الروماني التاريخي إلى يابسة منذ عهد طويل. ويجمع بورت فريوس بين الطراز المعماري المميز لمنطقة البحر المتوسط وبين مفهوم المنتجعات السياحية قبل 100 عام. وحول حوض الميناء كثير الزوايا تشكل المحال التجارية والمطاعم كواليس أنشطة القباطنة في أوقات فراغهم، ويشار إلى أنه يُحظر ركوب الدراجات داخل المارينا.

ويتم استئجار مئات من الشقق الكائنة في البنايات المكونة من أربعة طوابق في الغالب من شركات سياحية كبيرة أو من ملاك خاصين. وبالقرب من المارينا مباشرة تقع شواطئ مسطحة تعانق مياه البحر المتوسط، ويوجد بالمارينا مطار قديم يضم مرافق ترفيهية بين جنباته من قبيل صالة سباحة وملاعب، وكما هو معتاد بالساحل الفرنسي المطل على البحر المتوسط، يُشكل المصطافون المحليون غالبية المترددين على المارينا في فترة العطلات الصيفية.

وانطلاقاً من فريوس يمكن تنظيم جولة جميلة ليوم واحد إلى مدينة جراس التي تعتبر مركزاً تاريخياً لصناعة العطور؛ حيث يمكن للسياح هناك إلقاء نظرة على قاعات العمل في العديد من المصانع التي تبدع خُلاصات عطور ذات روائح ذكية. ويمكن أن يتضمن جدول زيارة مدينة جراس تفقد الوادي العظيم لنهر «فيردون». ومَن لديه وقت لمشاهدة المزيد من المناظر الخلابة، فمن الأفضل أن يخصص يوماً كاملاً ليمتع ناظريه بجمال هذا الوادي الذي شقته مياه نهر فيردون ذات اللونين الأزرق والفيروزي في أحضان الصخور الجيرية.

أما مَن يستهوه إيقاع حياة المدن الكبرى أكثر، فيمكنه التوجه من فريوس إلى مارسيليا في رحلة تستغرق قرابة الساعتين. وهناك يستطيع السائح أن يمتع نظره برؤية الميناء القديم من فوق كنيسة« نوتردام دو لا غارد » ذات الطراز المعماري الفريد. وخلال الرحلة من فريوس إلى الاتجاه الآخر تتبدى للسائح معالم الريفيرا الفرنسية سريعاً. وأثناء التنزه بمحاذاة شارع «لا كروزيت»، مروراً بمركز المؤتمرات ذائع الصيت الذي يحتضن فعاليات المهرجان السينمائي كل سنة، يشعر السائح للحظة كما لو كان ينتمي إلى العالم الأنيق الواقع في أحضان الريفيرا الفرنسية. ويكتشف السائح بعد ذلك أن الشاطئ المنخفض عن جدار الحماية ضيقاً وكثير الحجارة وأن تذكرة الدخول إليه باهظة. بحسب الوكالة الالمانية للانباء.

خلال الرحلة إلى نيس يتبدى للسائح شيء يُشكل واجهات جميع سواحل فرنسا؛ ألا وهي قلاع البنايات الشاهقة الزاخرة بالشقق. فعلى سبيل المثال يتألف خليج الملائكة الواقع في بلدية «فيلنوف لوبيه» من أربعة مجمعات سكنية عملاقة مقوسة الشكل، ويضم بين جنباته شاطئ ومارينا أيضاً.

وبعد بضعة كيلومترات تتواصل الرحلة إلى نيس مروراً بالمطار الدولي. ويمتاز شارع الإنجليز بالفخامة والأبهة، كما تعج المدينة القديمة في نيس بالأسواق والمطاعم والمقاهي والمحال التجارية. ولزيارة بلدية أفينيون التي تضم بين أركانها قصر البابا، يُفضل أن يكون هناك فاصل زمني مقداره يوم واحد بين السفر إليها ومغادرتها، لأن المسافة بينها وبين فريوس تكون كبيرة جداً على رحلات اليوم الواحد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10/آيار/2011 - 6/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م