ماذا لو ظلت الأوضاع السياسية في مصر ما بعد ثورة 25 يناير سائرة في
الاتجاه المعاكس الذي تمضي نحوه الآن؟!.
النتيجة ستكون نظاما سياسيا يسمى بالديموغلابية العربية حيث سيعود (حزب
البعث العربي الاشتراكي) القائد من الشباك بعد أن خرج من الباب في صورة
(الجماعة الوحيدة التي..) القائدة محل ذلك الحزب غير المأسوف على ذهابه!!.
تزخر أدبيات الجماعة وأخواتها برفض الديموقراطية القائمة على أساس
حكم الشعب وحقه في إصدار القوانين لأن التشريع حق إلهي وليس من حق
الشعب ولا غير الشعب أن يصدر قوانين تخالف الشريعة الإسلامية!!.
فعلا، ليس من حق الشعب أن يصدر قوانين تحل ما حرم الله وتحرم ما أحل
الله وهذا أيضا ينطبق على الجماعة كما ينطبق على الفقهاء الذين أباحوا
لنا بالفعل ما حرم الله وحرموا علينا ما أباحه الله.
هذا لو كان هؤلاء المشرعون هم من الفقهاء لا من أشباه الفقهاء الذين
ادعوا الفقاهة لا لشيء إلا لوضعهم العمامة على رأسهم.
لنأخذ نموذجا واحدا على ما ندعيه.
الشريعة الإسلامية الإلهية وليست الفقهائية تعطي المرأة البالغة
الرشيدة الحق في تزويج نفسها بل وتشدد على عدم حرمانها من هذا الحق (وَإِذَا
طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ
أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ) ومن البديهي أن الفعل (نكح ينكحن) مسند لصاحبة الشأن
وملحق به نون النسوة لئلا يقول قائل أن الأمر موكل للولي.
عندما أراد الشيخ الشهير فارس غزوات التبشير الشيعي أن يتزوج من
محبوبته لجأ إلى المذهب الحنفي كي يتمكن من نيل مراده وفقا لأحكام
الشريعة الإسلامية، أما تلامذته في شتى أنحاء العالم خاصة أولئك الذين
يهيئون أنفسهم للحكم (بما أنزل الله) فنحن واثقون أنهم لن يأخذوا
بالحكم الإلهي بل سيتجهون للحكم بما (أنزل الفقهاء) بعد أن أصبحت
الشريعة الفقهائية في مرتبة تعلو الشريعة الإلهية.
ليت الشريعة الفقهائية اقتصرت على أحكام الدين الفرعية بل تعدى
الأمر ليصل بهم الحد صوغ المانفيستوهات العقائدية وعرض الناس عليها
(فمن آمن بما أنزله الفقهاء صار مسلما ومن أبى أو تردد صار كافرا وحل
دمه)!!.
ماذا لو فاز هؤلاء المتألهون بالأغلبية الانتخابية؟!.
لقد رأينا تباشير هذه الكارثة عندما امتزجت الشرعية البشرية
الفقهائية المتألهة بالشرعية الانتخابية في غزوة الصناديق حيث جرى
إدراج كل من اعترض في خانة أعداء الدين وطولب بالرحيل وكأنهم يقولون أن
السماء والأرض والدنيا والآخرة ملك لهؤلاء الشيوخ الذين امتلكوا حق
التشريع نيابة عن الله وأن من لم يرض (بقضائي ويصبر على بلائي فليرحل
من تحت سمائي وليلتمس ربا سواي) وطبعا سواي هنا تعني الشيخ يعقوب
وأضرابه!!.
لماذا لا يحق للشعوب أن تحل الحرام وتحرم الحلال ويصبح هذا الحق
مكفولا لهؤلاء الجهلة المتألهين؟!.
(وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا
حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ
الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ).
النحل 116.
إنها الديموغلابية العربية الآتية في أبشع صورها.
www.elnafis.com |