الألغام... ارث فتاك من سنوات الموت

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: مرعبة هي الحقائق التي تشير الى واقع الارقام الفلكية للالغام المنتشرة في العالم عموماً وفي العراق خصوصاً والذي عانى جراء السياسات الحمقاء لصدام ونظامه البعثي المتسلط، بعد ان قاموا بعدة حروب فاشلة مع دول جارة واخرى شقيقة، استمرت لعشرات السنين والتي لم تنتهى الا بنهاية صدام واعوانه، لكنها خلفت اكثر من (20) مليون لغم منتشر على الاف الكيلومترات على طول (15) محافظة عراقية ومايزيد عن (80) الف من ضحايا هذا العدو الغادر والقاتل الخفي.

وبعد ان تنفس العراقيون الصعداء بعد ان ازيح نظام البعث عن صدورهم المرهقة وجاءت الى دفة الحكم شخصيات تم انتخابها من قبل الشعب، وبعد الوعود اثر الاخرى والتي قطعت من قبلهم على تخليص العراق والعراقيين من هذا الكابوس المرعب من اجل النهوض بواقع العراق الجديد والتخلص من المعوقات التي تشل حركته النهضوية والعمرانية، فوجيء الجميع بأن الالغام مازالت تنعم بالهدوء في مكانه، وان الوعود قد تبخرت، وان الوضع مازال على ماهو عليه وبعد مرور اكثر من ثمانية سنوات، وقد وضع ملف الالغام على رف في العراق الانتظار الى اجل غير مسمى من قبل السادة المسؤلين برغم تحذيرات المنظمات الخاصة برفع الالغام وتوصيات الامم المتحدة وتأكيدها بأن رفع الالغام في العراق يحتاج الى جهد دولي كبير ولكادر لايقل عن (19) الف متخصص ولسنوات طويلة.

من جهة اخرى يذكر ان الحال في العراق لايقل سوءً عن غيره من الدول التي عانت ومازالت تعاني من ويلات الالغام نتيجة لحروب سابقة كما في افغانستان والصومال واليونان والجزائر وغيرها العشرات، وقد قامت منظمات دولية بدعم العديد من المبادرات الرامية الى تخليص العالم من خطر الالغام والمنتشرة بالملايين في جميع بقاع العالم لكن الامر يحتاج الى جهود اكبر بكثير مما تم انجازه الى اليوم.

العدو الصامت في العراق

حيث تشهد الألغام في العراق على تركة الحروب التي خاضها هذا البلد مشكلة الألغام في العراق شاهد حي على تركة الحروب الطويلة التي خاضها هذا البلد، فلم يمتد انتشارها على الشريط الحدودي بين العراق وإيران، وصولاً إلى الحدود مع الكويت فقط، بل إنها تعتبر مشكلة أمام التنمية في 15 محافظة عراقية، من جهته لم يكن حكمت معروف قادر، الذي كان يعمل في منظمة ألغام بريطانية، يعرف بأن مهنته ستأخذ جزءاً من جسده وسيكون هو نفسه أحد ضحايا هذا العدو الصامت والخفي المتربص بسكان شمال العراق، ليصبح جليس الكرسي المتحرك طيلة الأيام المتبقية من حياته، فقد كان أحد أيام صيف عام ألفين مختلفا عن باقي أيام حياته، خرج صباح ذلك اليوم، في قرية أحمد كلوان، التابعة لقضاء بنجوين بمحافظة السليمانية، ليزاول عمله المعتاد، وأثناء إزالته لأحد الألغام دوى انفجار شديد انبعثت منه سحابة دخان غطت المكان،  وما أن انقشعت هذه السحابة حتى بانت ساقاه المبتورتان، كما تناثرت بعض أصابع يده المقطوعة في المكان.

وعن تلك اللحظات العصيبة يقول حكمت (37 عاما)، إن "الشظايا المتطايرة من اللغم عند انفجاره أدت إلى فقداني الوعي بصورة مؤقتة، فوجئت بعدها بأني في أحد مستشفيات محافظة السليمانية"، ويضيف حكمت بأن علاجه تعذر داخل العراق فنقل إلى ألمانيا، حيث "مكثت هناك مدة ثلاث سنوات لتلقي العلاج على نفقتي الخاصة"، ويتابع قائلاً "بعد عودتي إلى إقليم كردستان العراق تركت مهنتي السابقة، والتحقت بمنظمة متخصصة بدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أعمل هناك الآن كمدرب"، من حهة اخرى لم يكن حال حكمت معروف قادر أفضل من حال بروين ذكري سليمان، ذات الـ 26 ربيعاً، التي تسكن في منطقة منعزلة بقضاء خابات التابع لمحافظة أربيل، فقبل سنوات، وحين كانت ترعى الماشية في الوديان الخضراء، انفجر لغم أرضي بها مخلفاً إعاقة دائمة في إحدى ساقيه، تتذكر بروين ذلك اليوم المشؤوم، يومها كان عمرها تسع سنوات، والألم والحسرة باديان على وجهها قائلة "كان ذلك يوماً مظلماً من أيام حياتي".

وتضيف بروين، بأن الحالة المادية لعائلتها لم تكن تسمح بإجراء عملية جراحية في ساقها المصابة، ما أدى في النهاية إلى "بتر جزء كبير منها نتيجة لتفاقم حالتي الصحية"، وبعد صمت طويل تقول بروين "تلاشت أحلام الطفولة إثر فقداني لإحدى ساقيّ، حيث أصبحتُ عاجزة حتى عن اللعب مع صديقاتي"، وبعد عدة سنوات من الحادث تزوجت بروين من رجل هو الآخر أحد ضحايا الألغام في العراق، ويكبرها بثماني سنوات، وأنجبا أربعة أطفال، وهما الآن يتلقيان العلاج في مركز لتأهيل المعاقين التابع للصليب الأحمر في محافظة أربيل، ويكشف سرود سعاد نافع، مسؤول "مركز إعادة التأهيل البدني التابع لمنظمة الصليب الأحمر في كردستان العراق"، بأن مركزه يضم أكثر من ستة آلاف مصاب تصل نسبة ضحايا الألغام بينهم إلى 52 في المائة، وبالرغم من عدم وجود بيانات أو إحصائيات عن عدد الضحايا في عموم العراق إلا أن نافع يوضح بالقول "المركز كان يستقبل نحو 20 إلى 30 ضحية سنوياً في إقليم كردستان وحده، خلال الأعوام الخمسة الماضية"، مشيراً إلى أن "عدد ضحايا الألغام في انخفاض مستمر في محافظات الإقليم، نتيجة للجهود الكبيرة التي بُذلت لتحديد أماكن تواجد حقول الألغام".

من جانبه يقول مدير قسم التوعية في المؤسسة العامة لشؤون الألغام في العراق، آكو عزيز، إن "القرويين هم الأكثر تعرضاً لحوادث الألغام، لأنهم يسكنون المناطق الجبلية التي تكثر فيها الألغام العشوائية"، ويوضح عزيز بأن "عدد ضحايا الألغام يتباين من منطقة إلى أخرى، فهو يرتفع في بعض الأماكن، لقلة وعي سكان القرى والأرياف وعدم إدراكهم لأهمية إشارات الدلالة على مواقع الألغام، وينخفض في مناطق أخرى نتيجة للمسح الميداني لهذه المناطق"، وتكشف الإحصائيات الرسمية أن ما مساحته 1700 كيلو متر مربع من الأراضي العراقية ملوثة بـ 25 مليون لغم ومليون طن من المقذوفات غير المنفجرة بعد، التي تشكل بمجموعها تهديداً مباشراً لقرابة 2117 تجمعاً مدنياً يعيش فيها قرابة 2.7  مليون مواطن عراقي، والنتيجة الإجمالية، التي توصل إليها المركز، تكشف أن عدد مبتوري الأطراف بسبب الألغام في العراق يتراوح بين 80 و100 ألف شخص، ومما يزيد من خطورة مشكلة الألغام في العراق هو عدم وجود خرائط عسكرية قديمة توضح مكان انتشار حقول الألغام. بحسب ايرين.

ونتيجة ذلك فإن هذه المشكلة تلقي بظلالها على جهود الحكومة العراقية للبدء بثورة عمرانية أفقية للحد من أزمة السكن، كما أن انتشار هذه الألغام في بعض المناطق الحدودية الغنية بالنفط يحد من فرص استثمارها في المزارع الجنوبية والشمالية، وفي ضوء هذا أوصى تقرير لمنظمة الأمم المتحدة بأن التخلص من الألغام في معظم المحافظات العراقية يعتبر واحداً من أهم الأهداف التي تسبق عمليات التطوير والإنماء الداخلي، يذكر ان آكو عزيز يرى أن القرويين هم الأكثر تعرضا لحوادث الألغام، وتشير بيانات الأجهزة الأمنية في العراق إلى أن عددا من منفذي العمليات الانتحارية في العراق يستخدمون تلك الألغام في تفخيخ السيارات "فهي قنابل رخيصة ومتوافرة بكثرة في أيدي الإرهابيين"، كما قال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ على هامش إطلاق مبادرة وطنية، انطلقت مؤخراً لتخليص بلاد الرافدين من هذا العدو الصامت، وأضاف الدباغ أن هناك إحصائيات تشير إلى وجود قرابة عشرين مليون لغم منتشرة في 15 محافظة عراقية ذات كثافة سكانية عالية، ووفق تقرير لمنظمة الأمم المتحدة، يتطلب البحث عن هذه الألغام نحو 19 ألف متخصص في إزالته، وهو رقم أعلى بستين ضعفاً من العدد المتوفر حالي، ويكشف التقرير أن هذه المهمة تستلزم عشر سنوات للتخلص من جميع الألغام، يُذكر أن عضوية العراق في منظمة أوتاوا لحظر الألغام تلزمه بالتخلص من جميع الألغام الموجودة في أراضيه، في نهاية عام 2018 بموجب قوانين المنظمة.

مساحات العراق ملوثة بالالغام

في سياق متصل قال أحدث تقرير أصدره الصليب الأحمر الدولي مؤخراً أن مخلفات الحرب القابلة للإنفجار تنتشر على مساحة  1730 كيلومترا مربعاً من الأراضي العراقية، ولفتت التقرير إلى أن من بين هذه المخلفات، الألغام الأرضية والقذائف المدفعية غير المنفجرة، وقذائف الهاون وغيرها .واستند التقرير إلى دراسة دولية نفذت بين عامي 2004 و2006، وأشارت الدراسة  إلى أن 1730 كيلومترا مربعاً من الأراضي العراقية " ملوثة " بشكل كبير بمخلفات الحرب القابلة للإنفجار ، وتشمل هذه المساحة 13 محافظة - أي ما يعادل نحو واحد ونصف ضعف مساحة مدينة بغداد، ورأت الدراسة إنه ونتيجة لذلك، أصبح الخطر يُحدق بسلامة وسبل عيش أكثر من 1.6 مليون عراقي، ويقع معظم التلوث، الذي هو إرث عن الاضطرابات الداخلية والنزاع الدولي، على طول الحدود العراقية مع إيران وتركي، ولا تشمل المناطق الملوثة الأراضي الزراعية الخصبة فقط وإنما أيضا المناطق الريفية الجبلية أو الصحراوية .

ويرى خبير اللجنة الدولية المعني بالتلوث بالأسلحة "سرديان يوفانوفيتش"، إن " الألغام الأرضية لا تشكل سوى جانب واحد من المشكلة، ذلك أن القذائف المدفعية غير المنفجرة، وقذائف الهاون وغيرها من مخلفات الحروب السابقة تشكل خطراً كبيراً " .

من جهته أكد الأستاذ ميثم لفته الفرطوسي رئيس لجنة الصحة و البيئه في مجلس محافظة ميسان بأن البيئه سوف تشهد انتعاشاً واضحاً هذا العام لأنها الوعاء الذي تعيش فيه كل الكائنات ولابد من العناية والإدامة والحفاظ على بيئتن، وقد شهد بداية هذا العام عقد مؤتمر خاص للبيئة في المحافظة كان الغرض منه معرفة المشاكل البيئية وكيفية الحصول على حلول له، وأكد الفرطوسي إن من أهم الأشياء التي تقلقنا كحكومة محلية هي مسالة التلوث بالإشعاعات والغازات ومسالة الألغام والتي مازال الملايين منها مزروع في ارض ميسان ونحصد منها في كل أسبوع العديد من الإصابات لأهلنا من أبناء المحافظة مجدداً مناشدته للجميع لتضافر الجهود لرفعها وبأسرع وقت، من الجدير بالذكر إن لجنة الصحة والبيئه في مجلس المحافظة أخذت على عاتقها موضوع رفع الألغام من ارض ميسان ورعت إزالة وتفجير عدة ألاف من تلك الألغام اللعينه وبالتعاون مع عدة جهات وطنيه محليه ولكن هذا العمل لازال ليس بمستوى الطموح ويحتاج إلى وقفه جاده وحقيقيه مؤكدا انه تم تخصيص مبالغ لهذا المشروع من البترودولار، وكذلك تم إعطاء الضوء الأخضر لبيئة ميسان لعمل مشاريع بيئيه سريعه لتقليل التلوث الحاصل في المحافظة.

البصرة تطالب برفع الالغام

طلبت محافظة البصرة من شركات النفط الاجنبية العاملة فيها تبني مشروع لازالة الالغام التي زرعها النظام البائد بكثافة في حدود المحافظة، وجاء طلب محافظة البصرة على لسان محافظها لدى اجتماعه بعدد من ممثلي الشركات العالمية المتخصصة بازالة الألغام والعاملة مع الشركات النفطية في البصرة، ونقل بيان حكومي عن قوله ان هناك الملايين من الألغام التي زرعت في مناطق مختلفة جراء الحروب العبثية التي خاضها النظام البائد، واضاف ان عمل المنظمات الانسانية الدولية المختصة بازالة الألغام في الفترة السابقة لم يكن كاملا بسبب الأوضاع الأمنية المتردية حينها موضحا ان البصرة تشهد الآن استقرارا امنيا عاليا يسهل عمليات ازالة الألغام، واقترح محافظ البصرة على الشركات النفطية الفائزة بعقود جولات التراخيص النفطية والغاز بتمويل مشاريع لازالة الألغام في مناطق البصرة التي لا تعمل فيها ضمن تخصيصاتها للمشاريع الاجتماعية في البصرة. بحسب وكالة الانباء الكويتية.

من جانبه أبدى رئيس شركة (حلول - العراق) البريطانية نيل ماكينالي استعداد شركته لازالة الألغام وتأهيل البنية التحتية لمدينة البصرة فيما طالب مدير منطقة الشرق الأوسط في شركة (اس فور جي) البريطانية ستيف هيوز بالاسراع بتحديد المنطقة التي يتعين ازالة الألغام منها لارسال الفريق الفني للشركة لبدء العمل في أسرع وقت ممكن، يذكر ان جميع شركات ازالة الالغام هذه تعمل بالتعاقد مع الشركات النفطية العالمية التي فازت بجولات التراخيص في البصرة وهي كل من شركة (لوك أويل) الروسية وشركة (رويال داتش شل) الهولندية وشركة (اكسون موبيل) الأمريكية وشركة (ايني) الايطالية، وكانت كافة الشركات النفطية قد نفذت مشاريع سابقة لتنظيف مناطق عملها من الالغام قبل المباشرة بعملها في البصرة، يذكر ان محافظة البصرة قد منحت موافقتها على عمل شركات دولية بإزالة الألغام ورفعها في مناطق قضاء شط العرب، بحسب مصدر في إعلام المحافظة، وقال المصدر إن شركتي (IRAQ –SOLUTIONS) و(G4S) "منحتا الموافقات الرسمية للمباشرة برفع العمل على رفع الألغام الحربية ورفعها في قضاء شط العرب (شرق مدينة البصرة) المحاذي للجانب الإيراني"، مشيرا إلى أن الشركتين "تعملان لحساب الشركات الحائزة على جولات تراخيص النفط في البصرة وأسهمتا في التخلص من الألغام في مناطق عمل الشركات النفطية شمالي البصرة"، وذكر أن ملايين الألغام "تنتشر في مناطق مختلفة من محافظة البصرة بسبب الحروب السابقة ولم تتمكن  المنظمات الإنسانية الدولية من إزالة الألغام كافة"، مبينا أن مشكلة الألغام في بعض مناطق البصرة "تعود لعدم تخصيص أي مبالغ لإزالتها"، وتقع مدينة البصرة، مركز المحافظة، على مسافة 590 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد.

أفغانستان وعمال في خط النار

فقد قال مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان أن مسلحي طالبان والمجموعات المسلحة الأخرى والعصابات الإجرامية في البلاد يستهدفون على نحو متعمد المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال إزالة الألغام وخاصة في الأقاليم الجنوبية المضطربة. ويقول مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان أن 10 من عمال إزالة الألغام على الأقل قتلوا وأصيب 23 آخرون بينما جرى اختطاف 12 منهم في عام 2010، وتختلف أرقام مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان عن الأرقام التي صدرت من مركز تنسيق الإجراءات المتعلقة بالألغام في أفغانستان التابع للأمم المتحدة الذي قال أن 17 من عمال إزالة الألغام لقوا حتفهم وأصيب 35 آخرون بينما تم اختطاف 73 منهم في عام 2010، وقال نيك لي مدير مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان أن "[المعارضة المسلحة لأنشطة إزالة الألغام] غالباً ما تكون ضد أنشطة تطهير المناطق التي تريد إمارة أفغانستان الإسلامية أن تتركها دون المساس بها ربما لأنها الجهة التي قامت بزرع تلك الألغام أو لأنها تستفيد من كون تلك المناطق غير مستخدمة من قبل القوات الأخرى". بحسب ايرين.

وأضاف لي أنه في بعض الحالات كان يسبق الهجوم على عمال إزالة الألغام إطلاق تحذيرات وأحياناً كان يتم استهداف ومهاجمة مركبات دعم عمليات إزالة الألغام ظناً من المهاجمين أنها تابعة للأمن، وينصح مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان المنظمات غير الحكومية بأن تنشد الأمن من خلال الحوار الشفاف مع جميع الأطراف المتحاربة وتجنب الاشتراك في أنشطة مكافحة أعمال العنف المسلح، وقال لي، "لم نقم بتوجيه أية توصيات إضافية لهم [عمال إزالة الألغام] على وجه الخصوص سوى توضيح أن الهجمات ضدهم تشكل نسبة كبيرة من الهجمات ضد المنظمات غير الحكومية، مضيفاً أن منظمات إزالة الألغام تعمل بمهنية وتتفهم المخاطر التي تواجهه، وقد انخفضت الهجمات على المنظمات غير الحكومية في عام 2010 بنسبة 27 بالمائة عنها في عام 2009 ولكن الوفيات ارتفعت بنسبة 42 بالمائة، ونسبة كبيرة من تلك الوفيات كانت بين عمال إزالة الألغام.

وطبقاً لما ذكره مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان فإن من بين أعضاء المنظمة الـ 28 الذين قتلوا، كان هناك ثمانية أجانب ونصف الباقين من عمال إزالة الألغام الأفغان. وقال تقرير مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان الذي يغطي الربع الرابع من عام 2010 والمقرر نشره قريباً على الموقع الإلكتروني للمكتب أن "الهدف من بعض الهجمات دون شك هو بالضبط ما يبدو أنه قتل أو جرح موظفي المنظمة غير الحكومية"، وأضاف التقرير، "يشير تقييمنا إلى أنه من بين 51 حالة تحت الدراسة تقع ثماني حالات    (14 بالمائة) ضمن أسوأ الفئات، ولكن ما ينذر بالخطر هو أن سبعاً من تلك الهجمات استهدفت منظمات إزالة الألغام، وهذا يعكس المعارضة الواضحة والمباشرة لعمل منظمات إزالة الألغام"، وقد أوضح تقرير الربع الثالث لمكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان المخاطر التي يواجهها عمال إزالة الألغام، حيث قال "تشير البيانات إلى أن أكبر خطر للهجوم الحركي يظل موجهاً نحو المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال إزالة الألغام الذين قد يتعرضون للهجوم لدورهم الواضح في تطهير أرض المعركة وللتشابه الظاهري لقوافل مركباتهم بقوافل القوات الأمنية، في حين أن الآخرين معرضين لخطر، الاستهداف العرضي وخاصة بالعبوات الناسفة، او المواجهات الظرفية مع مجموعات المعارضة المسلحة في نقاط التفتيش، او القتل بواسطة مجموعات المعارضة المسلحة في منطقة ينعدم فيها القانون.

وتوضح البيانات أن موظفي المنظمات غير الحكومية الوحيدين الذين تم استهدافهم عن عمد من قبل إمارة أفغانستان الإسلامية هذا العام هم عمال إزالة الألغام"، وقال مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان أن العنف المسلح قد وصل إلى مستويات غير مسبوقة في أنحاء البلاد في عام 2010 بمعدل 800 حادث أمني في الشهر ولا يوجد أية مؤشرات على تراجعه في عام 2011، وقد قامت منظمات إزالة الألغام باكتشاف وتدمير ملايين الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من المتفجرات الأخرى في أفغانستان خلال العقود الثلاثة الماضية ولكن في بعض أجزاء البلاد لا تزال الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من المتفجرات تقتل وتشوه عشرات الناس كل شهر، وفي تصريح له، قال حيدر رضا مدير مركز تنسيق الإجراءات المتعلقة بالألغام في أفغانستان التابع للأمم المتحدة أن ما يزيد عن 14،000 شخص يعملون في منظمات إزالة الألغام في أفغانستان، مضيفاً أن اللوم الأكبر في سقوط الضحايا بين عمال إزالة الألغام يقع على البيئة العامة لغياب الأمن والإجرام.

وقال رضا أن "عمال إزالة الألغام يلقون الاحترام بصورة واسعة في أفغانستان كعاملين محايدين في المجال الإنساني"، مضيفاً أن "القائد الأعلى" لطالبان الملا محمد عمر قد أصدر قراراً بدعم أنشطة إزالة الألغام في عام 1996، وقال فريد هومايون، مدير منظمة "هالو تراست الدولية" غير الحكومية لإزالة الألغام أن منظمته متفهمة لحساسية المطالب المحلية وقامت بالتركيز على ألغام ما قبل عام 2001 "لقد عملنا بصورة وثيقة مع المجتمعات المحلية وقمنا فقط بتطهير المناطق التي يريد الأهالي منا تطهيره، نحن نطهر الألغام الأرضية التي تركها الروس (1979-1989) وألغام الحروب الأهلية (1992-2001) فقط"، وقال هومايون "لا نعتقد أن مهاجمتنا تتم عن قصد، فنحن لسنا مستهدفين"، مضيفاً أن أحد عمال إزالة الألغام في منظمة هالو تراست قد قتل العام الماضي وتم اختطاف العديد من العمال الآخرين ولكن تم إطلاق سراحهم لاحقاً.

 ولم يكن أي متحدث رسمي باسم طالبان متاحاً على الفور للتعليق على موقف الحركة من منظمات إزالة الألغام على الرغم من أن أنشطة إزالة الألغام كانت مسموحة تحت نظام طالبان في الفترة من 1995 إلى 2001، وطبقاً لما ذكرته الأمم المتحدة ومجموعات حقوق الإنسان الأخرى، من المعروف أن المسلحين قاموا باستخدام العبوات الناسفة والألغام الأرضية في قتالهم ضد القوات الموالية للحكومة التي تسببت في إيذاء المدنين على نحو غير متناسب، وتعد أفغانستان من الدول الموقعة على اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام الأرضية وتقول الحكومة أنها دمرت بالفعل جميع مخزوناتها من الألغام الأرضية وتوقفت عن استيراد واستخدام تلك الألغام، وقد وضعت منظمات إزالة الألغام عام 2013 كموعد نهائي للتخلص من جميع الألغام الأرضية في أفغانستان، ويقول الخبراء أنه نظراً للعنف المتنامي، فإننا لا نملك سوى الانتظار لنرى ما إذا كان بالإمكان تحقيق هذا الهدف.

ارتفاع عدد ضحايا في الصومال

من جهته يواجه إقليم أرض الصومال، الذي أعلن استقلاله الذاتي، زيادة في حوادث انفجار الذخائر غير المنفجرة والألغام الأرضية وسط دعوات المسؤولين لتوعية الأطفال حول الألغام في المدارس، بعد أن باتوا الضحايا الرئيسيين لهذه الحوادث، وقال أحمد علي، مدير مركز الأعمال المتعلقة بالألغام في أرض الصومال أن "عدد الأطفال ضحايا الألغام الأرضية قد ارتفع في أرض الصومال خلال الشهرين الماضيين، وقد قتل حوالي 93 طفلاً جراء الألغام الأرضية خلال السنوات الثلاث الماضية"، بدوره قال فرحان عبدي، مسؤول حماية الأطفال في منظمة التأهيل الشامل للمجتمع في أرض الصومال، وهي منظمة غير حكومية محلية، أن ثلاثة أطفال لقوا مصرعهم وجرح خمسة آخرون بواسطة ألغام الأرضية في يناير، كما جرح طفلان آخران في ديسمبر 2010، وأضاف أن "الوفيات والإصابات الناجمة عن انفجار الذخائر غير المنفجرة والألغام الأرضية قد زادت مؤخراً في البلاد" وأن "هناك نسبة مرتفعة من الضحايا من الأطفال طبقاً للمعلومات والبيانات المسجلة خلال الشهرين الماضيين".  بحسب ايرين.

موضحاً أن هناك حاجة لتدخلات استراتيجية تشمل التوعية المستمرة بمخاطر الألغام وإعادة التأهيل النفسي للضحاي، وكان الحادث الأخير قد وقع في 27 يناير في مستوطنة شيداها في منطقة كودبور في هرجيسا وأدى إلى مقتل طفل واحد وجرح اثنين آخرين عند انفجار لغم أرضي في ملعب، وقال إبراهيم أحمد، وهو أب لخمسة أطفال أصيب أحدهم في صدره خلال الحادث، "ذهب ابني للعب الكرة في المساء كالمعتاد، وفجأة استقبلت مكالمة تليفونية تخبرني أنه قد جرح بعد الانفجار"، وطبقاً لمركز الأعمال المتعلقة بالألغام في أرض الصومال، زرعت الألغام الأرضية في أرض الصومال خلال عقدين من الزمن وأثناء النزاعات الثلاثة المختلفة التي شهدتها المنطقة، وقد وقع النزاعان، الأول (1964) والثاني (1977-1978) بين جمهورية الصومال الديمقراطية وإثيوبيا حول ما يسمى الآن بالمنطقة الصومالية لإثيوبي، أما النزاع الثالث (1981-1991) فوقع عندما شنت الحركة الوطنية الصومالية صراعاً مسلحاً ضد الجيش الوطني الصومالي في عهد الرئيس الصومالي محمد سياد بري، وتم تحديد ما لا يقل عن 24 نوعاً من الألغام المضادة للأفراد من 10 دول مختلفة في أرض الصومال ويوجد ما بين 400،000 و800،000 لغم أرضي مزروع في أرض الصومال في الفترة بين عامي 1988 و1991 وحدها، طبقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

كما تم تحديد ما لا يقل عن 24 نوعاً من الألغام المضادة للأفراد من 10 دول مختلفة في أرض الصومال ونصف الألغام الأرضية المزروعة في الإقليم على الأقل مصنوعة من البلاستيك، ولكن لم يتم الاحتفاظ بسجلات لحقول الألغام وهو ما ساهم في المشكلة حيث تبقى المواقع غير معروفة على وجه التحديد.في 20 يناير، تسبب انفجار لغم أرضي بجرح طفل من بين خمسة أطفال كانوا يرعون الماشية في إحدى المناطق، وعن ذلك، قالت سيدة محمد، وهي أم لسبعة أطفال من جنوب وسط الصومال، "كنت مع ابنتي وكنا نرعى أغنامنا عندما وقع انفجار ضخم بالقرب من ابنتي، ركضت باتجاهها ولكن بعد فوات الأوان، فقد تسبب الانفجار في قطع قدميها ويدها وكانت تنزف بغزارة"، وقد دعت منظمات المجتمع المدني ووكالة إزالة الألغام الوطنية إلى برامج لرفع التوعية بالألغام وخاصة في المدارس، وفي تصريح له قال مجاهد عبد القادر، مسؤول التوعية بالألغام بمركز الأعمال المتعلقة بالألغام في أرض الصومال أن برامج التوعية بالألغام ينبغي تندرج في المناهج التعليمية الوطنية.

الغام من الماضي

الى ذلك فقد ساعدت الامم المتحدة قبرص التى قسمتها الحرب فى ازالة 27 الف لغم خلال السنوات الست الماضية، ما مكن الطائفتان المتناحرتان فى الجزيرة من التحرك بحرية أكثر، وخلال اجتماع بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الالغام عقد فى المنطقة العازلة الواقعة تحت سيطرة الامم المتحدة، شرح أفراد ازالة الالغام لوسائل الاعلام كيفية اكتشاف والتخلص من الالغام والمعدات العسكرية من اجل تحقيق هدف قبرص خالية من الالغام، ومنذ بداية برنامج عمل الامم المتحدة لازالة الالغام فى نوفمبر2004، تم التخلص من وتدمير اكثر من 27 الف لغم على ايدي افراد الامم المتحدة لازالة الالغام فى قبرص، وبوجه عام، تم تطهير 74 حقل الغام فى جميع انحاء المنطقة العازلة على مساحة 180 كم. وفتح هذا التطهير الكثير من الاراضي للزراعة، وذكرت (ليزا ام بوتنهايم)، الممثلة الخاصة لامين عام الامم المتحدة فى قبرص، انه " رغم القيام بعمل كثير واتخاذ خطوات واسعة رئيسية ، الا انه مازالت هناك حاجة لبذل جهود اكبر للتوصل الى هدفنا المرجو، وهو منطقة عازلة خالية من الالغام ، وفى النهاية قبرص خالية من الالغام". بحسب وكالة الانباء الصينية.

وأكدت على دعوة امين عام الامم المتحدة بان كي-مون للقوات التركية والحرس الوطني القبرصي فتح حقول الالغام الاربعة المتبقية من اجل تسليم منطقة عازلة خالية من الالغام الى جميع القبارصة، وتم تقسيم قبرص منذ عام 1974 عندما دخل الجيش التركي واحتل شمال الجزيرة عقب انقلاب قامت به مجموعة من ضباط الجيش اليوناني، ووفقا لتقديرات الامم المتحدة، فإنه يمكن ان يكون هناك 15 الف لغم باقية فى الجزيرة، واحتمال وجود مليونى متر مربع من الارض ملوثة بالغام ومعدات عسكرية لم تنفجر بعد، بيد ان العمليات الحالية لازالة الالغام التى تقوم بها الامم المتحدة فى قبرص ستنتهي الشهر القادم بسبب عدم وجود اتفاقية تسمح للافراد بالعمل فى حقوق الالغام المتبقية، جدير بالذكر ان معظم قوات ازالة الالغام تابعة لموزمبيق وزيمبابوي، وقد فقد احدهم ساقه فى حادث، وتوفي قائد فريق من موزمبيق قبل عام، ويمول الاتحاد الاوربي معظم هذا المشروع، وقد ساهم فيه باكثر من 11 مليون يورو        (15 مليون دولار امريكي).

اما في الجزائر ووفق حصيلة للجيش الجزائري يتم سنويا كشف وتدمير حوالي 000 100 لغم كل سنة بالجزائر يعود تاريخها إلى العهد الاستعماري وذلك عن طريق وحدات الجيش الشعبي الوطني التي انطلقت في عمليات إزالة الألغام منذ استقلال البلاد سنة 1962.وحسب ذات الحصيلة، فإن وحدات الجيش الجزائري قامت إلى غاية سنة 2010 باكتشاف وتدمير 309 525 لغم في حين كانت قد اكتشفت ودمرت مجموع 633 431 لغم الى غاية سنة 2009 اي قامت باكتشاف وتدمير 646 91 لغم خلال سنة 2010 لوحده، ويسجل حسب الإحصائيات المفصلة المقدمة في كل مرحلة أن عدد الألغام المضادة للأشخاص تأتي على رأس الألغام المكتشفة والمدمرة في كل مرة وكان عددها سنة 2010 فقط 111 86 لغم.

الغام وكوارث نووية

على صعيد اخر حثت روسيا حلف شمال الاطلسي على التحقيق في الفيروس الذي هاجم اجهزة الكمبيوتر العام الماضي في المفاعل النووي الذي بنته روسيا في ايران قائلة ان الواقعة كان من الممكن ان تتسبب في كارثة نووية على نفس قدر كارثة تشرنوبل، وقال ديمتري روجوزين سفير روسيا لدى حلف شمال الاطلسي ان الفيروس الذي اصاب نظام الكمبيوتر في مفاعل بوشهر تسبب في خروج اجهزة الطرد المركزي عن السيطرة، وقال "الفيروس، وهو سام للغاية وخطير وكان يمكن ان يحدث انعكاسات خطيرة للغاية"، واصفا تأثير الفيروس بانه مثل الالغام المتفجرة، وقال "هذه (الالغام) كان من الممكن ان تؤدي الى تشرنوبل جديدة" في اشارة الى الحادث النووي الذي وقع عام 1986 في اوكرانيا التي كانت جزءا مما عرف بالاتحاد السوفيتي، واضاف "يجب على حلف شمال الاطلسي ان يحقق في الامر، هذا ليس موضوعا خاصا". بحسب رويترز.

وبدأت ايران في تزويد بوشهر بالوقود في اغسطس اب الماضي وقال مسؤولون ان المفاعل كان سيبدأ في توليد الكهرباء مطلع هذا العام بعد تأخير لعدة اشهر عقب انتشار فيروس الكمبيوتر العالمي الذي يعتقد انه اثر على ايران بشكل كبير، وأكد المسؤولون الايرانيون ان فيروس ستاكس نت اصاب اجهزة الكمبيوتر في مفاعل بوشهر ولكنهم قالوا انه لم يؤثر على الانظمة الرئيسية، ويقول خبراء امنيون ان الفيروس ربما يكون هجوما من دولة ما على برنامج ايران النووي وربما يكون مصدره الولايات المتحدة او اسرائيل، من جهتها كشفت مصادر مطلعة بهيئة المحطات النووية أن الهيئة طالبت مؤخراً الجهات المعنية بإرسال فريق من الخبراء لإزالة الألغام من منطقة الضبعة، موقع المحطة النووية الأولى، إلا أن الفريق ذهب إلى هناك وعاد دون البدء فى المهمة، الأمر الذى أثار لغطاً كبيراً بين أهالى المنطقة الذين ظنوا أن المشروع النووى فى طريقه للإلغاء، ونفت المصادر علمها بسبب تراجع الفريق عن مهمة نزع الألغام بالمنطقة، وشددوا على أن المشروع النووى يمضى فى طريقه للتنفيذ، قاطعين الطريق على شائعات الإلغاء التى أثارها أهالى الضبعة، ومن المنتظر أن تطرح هيئة المحطات النووية كراسة الشروط والمواصفات التعاقدية للمحطة النووية الأولى خلال الأيام القليلة المقبلة عقب الانتهاء من مراجعتها القانونية بمجلس الدولة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/آيار/2011 - 5/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م