في حواره مع الأهرام... النفيس‏: ‏لن نحتمي بإيران‏

شبكة النبأ: التشيع فتح عليه أبواب جهنم‏!..‏ فقد اعتقلته أجهزة الأمن عدة مرات‏، بتهمة التخطيط لإنشاء تنظيم شيعي‏، فلم يتخاذل‏..‏ كاد أن يفقد إحدي عينيه في المعتقل‏، فلم يبال‏!‏عطلوه‏10‏ سنوات لكي يحصل علي الدكتوراه‏، فلم ييأس‏!‏

طاردوه في أبو ظبي، وأعادوه إلي مصر، فلم يتراجع!.. هددوه بإيذاء أسرته، فلم يكترث!.. حاربوه في رزقه، وأنهوا تعاقدات النقابات، والشركات مع عيادته كأستاذ لأمراض القلب، والسكر، والغدد الصماء، فلم يهتم.. وحين يأسوا حاولوا ضمه للحزب الوطني، وتعيينه عميدا لكلية الطب، أو مديرا لأحد المستشفيات الكبري، في مقابل تخليه عن المذهب الشيعي، فلم يستجب.. وما زادته هذه المضايقات من النظام السباق إلا عناد، وإصرار، وتمسكا بالتشيع!!

في برج الحجاز، بميدان الطميهي بالمنصورة، ذهبنا إلي الدكتور أحمد راسم النفيس، زعيم الشيعة في مصر، فتحنا معه ملف الشيعة صفحة، صفحة، تعالوا نقرأه:

في البداية سألناه: تتضارب الأرقام حول عدد الشيعة في مصر، فقد قدرهم تقرير الحالة الدينية الأمريكي بنحو750 ألف، في حين تشير تقديرات أخري إلي أعداد أكبر أو اقل من ذلك، فما هو الرقم الحقيقي لهم في مصر؟

أنا أزعم أنه لا أحد في مصر، يعرف عدد الشيعة، أو يمتلك أي تقدير لهم، بسبب ممارسات النظام السابق، الذي كان يمارس نظام القبضة الحديدية المتواصلة ضد الشيعة، وكانت النتيجة أن الغالبية العظمي منهم دخلت تحت الأرض، في الحقيقة لا يوجد إحصاء رسمي بعددهم، ففي البطاقة لا توجد خانة للمذهب.

أقاطعه: المؤكد أنكم تعرفون بعضكم بعضا؟

إزاي يعني.. هل هناك كنيسة نلتقي فيها يوم الأحد، وفي تقديري يجب أن يسقط السؤال عن عدد الشيعة في مصر في الوقت الحاضر، وإسقاطه في الوقت الحاضر ينبغي أن يكون مقدمة لإسقاطه في المستقبل إن كان هذا المجتمع حريصا علي مصلحة البلد، فلا بد ألا يسال عن عدد الشيعة في مصر.. ما هي المشكلة الحقيقية حاليا من الشيعة أو من غيرهم.. أنا متشيع لأهل البيت، فهل عندي مشكلة حقيقية لن تحل إلا بإبراز هويتي.. ليس بالضرورة!

هل تعتقد أن الصوفيين هم في الأساس شيعة؟

الصوفي شيعي، ومعدل أساس، ولعلك تلاحظ ظاهرة تستدعي التأمل، فأكبر وجود صوفي موجود في مصر، والسبب هو أنه بعد كارثة صلاح الدين الأيوبي، لم يكن أمام الشيعة من شيء يحافظون فيه علي بعض هويتهم، إلا باللجوء إلي عالم التصوف، فالشيعة استتروا بالتصوف، أما نقطة الالتقاء بين الصوفية والتشيع فهي النظرة للإنسان الكامل، وحقيقة التشيع هي الالتفاف حول الإنسان الكامل، والولاء له، فالإنسان الكامل هو الحجة علي الخلائق لقوله تعالي وما كنا معذبين حتي نبعث رسولا إذن هو الرسول، وهو المطبق الأكمل للدين.. والفارق بين الصوفية والتشيع هو أن الصوفية تقول لك أنا استطيع أن أقدم للساحة الإسلامية إنسانا كاملا عبر الرياضة الصوفية، والكرامة، والهبة.. وهذه المسألة عليها تحفظات، فمن الممكن أن يحاول الوصول إلي الإنسان الكامل، لكنه لن يستطيع أن يقدم إنسانا كاملا.. أما الشيعة فيعتقدون أن الإنسان الكامل هو هبة إلهية، فالمولي عز وجل يقول إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا والسؤال: متي تتنزل الملائكة؟ هل تتنزل عن الموت؟ في الحقيقة لا يوجد تأكيد علي ذلك، غير أن الإنسان الكامل عن الشيعة هو الحجة والإمام، والمولي عز وجل يقول يوم ندعو كل أناس بإمامهم، فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيل، وعند الصوفية الإنسان الكامل هو القطب.

كثيرا ما تعرض الشيعة لاعتقالات في عهد النظام السابق، فما السبب في تقديرك؟

لقد كانت استراتيجية النظام السابق تقوم علي السيطرة، وأذكر أن حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق قال ذات مرة: لا توجد سياسة في مصر، توجد سيطرة من فوق، وسمع وطاعة من تحت!!، وفي العموم كان دائما يجري اعتقال الشيعة بتهمة العمل علي إقامة تنظيم شيعي في مصر، وقد سبق اعتقالي في30 مايو من عام1987 م، حين وقعت محاولة اغتيال اللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية الأسبق، وكان الأجهزة الأمنية قد رأت وقتها في هذه المحاولة فرصة تاريخية لاستدعائي، وتعذيبي

إذن.. هناك تنظيمات شيعية في مصر؟

خير وسيلة للتنظيم ألا يكون هناك وسيلة للتنظيم.. في الحقيقة لم يكن هناك تنظيم للشيعة كما كان نظام الرئيس السابق وأعوانه من أجهزة الأمن يزعمون، لا تنظيم ولا يحزنون، فقد انطلقت حملات ضد الشيعة، وكذلك ضد الشيخ حسن شحاتة، وفي المغرب جرت حملات مكثفة لاعتقال الشيعة، وقد كشف موقع ويكيليكس هذه الوثائق مؤخر، وحين تراجع عمليات الاعتقال التي كانت تجري ضد الشيعة سوف تكتشف أنه كانت هناك خطط لتلفيق قضايا التنظيمات الشيعية.

مصر والنموذج الإيراني

هل تميل إلي تطبيق نموذج الدولة الإيرانية في مصر؟

أميل أو لا أميل متفرقش كتير.. بمعني أنه إذا قررنا أن نقيم الجمهورية الإسلامية المصرية، فهل لديك الأدوات التي تمتلكها إيران، والتي تمكنك من إقامة نموذج مماثل أو مشابه.. بالطبع لا.. فأهم أوجه عدم التماثل هو أن إيران لديها مؤسسة دينية قديمة، وكبيرة تستطيع أن توفر بدلا من الولي الفقيه اثنين وثلاثة، والذين يتحدثون عن ولاية فقيه في مصر أقول لهم: إزاي يعني؟ وهذا الأمر غير مطروح لا للتفكير، ولا للتداول، ولا للتطبيق من باب أولي، نحن فقط نتحدث عن دولة مدنية ديمقراطية تسع الجميع في إطار واحد، هذه مبادئ دينن، ونحن في رؤيتنا السياسية لدينا قدر كبير من المرونة، والإسلام كذلك، ذلك أن دولة الإسلام دولة قيم وأخلاقيات، وليست دولة أشكال، بمعني أنه ليس ضروريا أن تقيم شكلا معينا ثم تقول هذه دولة إسلامية، والدولة الإسلامية ذ--- أن يكون70% من المصريين تحت خط الفقر، وهل من العدل أن يكون في مصر هذا الكم من الأميين، وهذا الكم من الفساد، ثم بعد ذلك تتحدث عن ولاية فقيه أيا كان.. ويسألني: هل خلقنا ربنا بلا إمكانات، ولا آليات، ألا توجد إلا ولاية الفقيه هي التي تمكننا من تحقيق الانجاز، والعدالة، والمساواة، والأخذ بيد المستضعفين؟ لا طبع، فالعراق لديه كم كبير من المشايخ، والعلماء، لكنه لم يقم دولة ولاية فقيه، ولاشك في أن عالم الدين يمكن أن يقوم بدور سياسي.. نريد رجل الدين مرشدا وليس متسلط، وإذا أراد أن يدخل في السياسة مباشرة فأهلا وسهل، لكن عليه أن يخلع المنصب، فالقضية ليست قضية زي أوملابس معينة

الشيعة والعمل السياسي

قلت لي في اتصال هاتفي: لقد آن الأوان لندخل معترك السياسة.. فماذا تقصد بذلك؟

في عالم السياسة، لابد أن نخلع الأردية المذهبية، وأن نعمل سلاح العقل، والفكر، وهنا دعني أقول إن آليات المشروع الإسلامي واحدة، شاء من شاء وأبي من أبي، لا فيه سنة ولا شيعة، هناك فقط برهان ودليل، ولاشك في أن الإطار الأوسع والأرحب هو المشروع الأخلاقي، والفكري، والسياسي، وهذه مسألة لا ترتبط بعنوان، وإذا كنت تتكلم عن العدالة، والحرية، والمساواة، فهذه أمور لا ترتبط بأن يكون القائل شيعي، أو سني، أو مسيحي، نحن نبحث عن دولة العدل، واقصد بنحن أننا كفريق فكري ممكن نكون سنة، أو شيعة.

وما حكايتكم مع حزب التحرير؟

لقد قررنا دخول معترك السياسة من خلال حزب التحرير، الذي لم يتقدم أحد بتأسيسه حتي الآن، وإنما وكيل المؤسسين هو أحد شباب ثورة25 يناير ويدعي وليد عادل محمود عويضه، ويضم الحزب شخصيات لا تنتمي إلي تيار معين، فمعنا أساتذة بالأزهر، وأقباط، وقيادات من المتصوفين، ونحن نريد حقنا في العدالة والحرية لان أرضية اللقاء في عالم السياسة ليست بالضرورة هي الحسينية، ولا المسجد، إنما أرضية اللقاء هي المبادئ العامة للدين في إطاره الأرحب والأوسع، وهذه المبادئ جاءت للإرشاد والتقويم، وليس للتمييز بين الناس، ولا لتقيم دويلات داخل الدولة، فما أحوجنا لهذه المبادئ، والقيم.

العلاقات المصرية الإيرانية

بعد سنوات من القطيعة، هناك جهود لكي تعود العلاقات المصرية الإيرانية بشكل طبيعي. فكيف ترون هذه الخطوة، وهل تعتقدون أنها تطمئن الشيعة في مصر؟

الشيعة في مصر، حمدوا الله يوم أن رحل الطاغية المسمي بمبارك، وهنا أناس مسئولون في الحكم، ويديرون الأمور لعدة شهور قادمة، ونعتقد أن هذه الفترة كافية لان يقدم الشيعة علي المشاركة في ظل وجود عصر جديد، بعد الثورة، لا يضطهد فيه إنسان لمجرد أنه شيعي، ونحن لا ولن نحتمي بإيران، وليس من الذكاء أن نحتمي بها مع احترامنا لإيران، ومع تقديرنا لقيمة العلاقات الدولية.. وإذا لم تكن الحماية هي حمايتك أنت داخل المجتمع، فلن يفعل لك أحد شيئا.

ما قولكم في أحد الشيعة الذي أعلن أنه تربطه علاقات بالتيار الصدري في العراق، والشيعة الزيدية في اليمن.. فهل كل الشيعة في مصر يرتبطون بعلاقات مع التنظيمات الشيعية في الخارج؟

لا يعنيني أن يكون لبعض الشيعة علاقات، وليس لدي علم بذلك، لكن بالنسبة لن، فقد كان لنا موقف مساند للشيعة الزيدية في اليمن خلال معركة صعدة، أنا شخصيا ساندتهم من خلال مقالاتي، وليس الشيعة فقط هم الذين ساندوهم، لكن هناك من ساندهم من طلاب الحق، والعدل، والحقيقة.. وأذكر أنني انتقدت مقتدي الصدر أكثر من مرة في بداياته.

أقاطعه: لماذا؟

كان لمقتدي الصدر تصرفات، قيل فيما بعد أنه جري توريطه فيها من قبل بعض المندسين عليه، لكننا كنا نعتقد أن دخوله في المعارك مع الدولة العراقية لم يكن قرارا صائب، كمعركة البصرة، وما كان له أن يدخل هذه المعركة، وعلي أية حال سواء مقتدي الصدر أو غيره أن يكون شيعيا فهذا لا يعني أن كل تصرفاته علي العين والرأس من الناحية السياسية.. والزبدية لهم نفس الوضع، ومشكلتهم مشابهة للأزمة التي تعيشها مصر كقضية السلفيين.

هل زرت إيران من قبل؟

زرتها مرات عديدة، وتم منعي من السفر إلي هناك مرتين في أيام الرئيس السابق

وهل كان الهدف من الزيارة، هو الالتقاء بالمرجعيات الشيعية هناك؟

لا.. فقد سافرت لتلبية الدعوة، والمشاركة في العديد من المؤتمرات العلمية والثقافية، وسوف اذهب في منتصف الشهر الحالي للمشاركة في مؤتمر عن حقوق الإنسان والإرهاب، وللعلم تربطني صداقة مع عدد من الإيرانيين، وكانت آخر مرة منعت فيها من السفر لإيران في أغسطس الماضي، حيث دعوني للمشاركة في مؤتمر عن المساجد ودورها في تحقيق الآمن، لكن أجهزة الأمن في مصر حالت بيني وبين المؤتمر.

وكيف تتواصل مع أصدقائك الإيرانيين.. هل تتحدث الفارسية؟

هم يتحدثون العربية، مثل عدد كبير من المسئولين الإيرانيين، كما أن اللغة العربية هي اللغة الثانية في التعليم الإيراني.

كيف كان النظام السابق يتعامل مع الوجود الشيعي في مصر؟

كان النظام السابق يعتبر الشيعة كفار، وأنهم طائفة ممتنعة، ويبدو أن حبيب العادلي وأجهزته الأمنية كانوا يستقون أفكارهم من ابن تيمية، كما أن أتباع ابن تيمية في وزارة الداخلية المصرية تعاملوا مع الشيعة كملف أمني. وكان الرئيس السابق يستخدم النظام وأمن الدولة للتغطية علي جرائمه.

متي تركت جامعة الإخوان المسلمين، ولماذا؟

قبل أن أجيب، كان عليك أن تسألني سؤالا جوهريا وهو: أيه اللي خلي مرشد الإخوان إماما للمسلمين؟ وقائدا واجب السمع والطاعة، ومن الذي منح للجماعة هذه الشرعية.. أما لماذا تركت الإخوان، فبسبب السمع والطاعة، التي يلزمونك بها يمينا ويسار، ثم تكتشف كما هائلا من التناقض في الواقع والسلوكيات، والحقيقة أنه لا يوجد أي دليل شرعي ولا ديني علي وجوب السمع والطاعة لهم، وأسألهم: ماذا قدمتم للبشرية؟ وقد سمعت بأذني الشيخ محمد الغزالي حين كان في زيارة لمنزلنا بالمنصورة يقول لأحد أعضاء الجماعة مصطفي مشهور لو حكم مصر مش هيكون أحن عليك من مناحم بيجن!!

ومشكلة الإخوان، أن هناك قرارات كثيرة يتم اتخاذه، والمنطق الوحيد لها هو السمع والطاعة، حتي لو كانت هذه القرارات للتحالف مع نظام الرئيس السابق، كما حدث منهم أثناء الثورة، أواثناء مبايعة حسني مبارك في عام87، أو الدخول في علاقات مع أعداء تاريخيين بالنسبة لهم كحزبي الوفد والناصري.. وهكذا تجد لدي الإخوان ماكينة تبرير لا تكل ولا تمل، ويذهبون من تبرير علي تبرير، وقلت لنفسي بعد9 سنوات من انتمائي إليهم، كفاية كده، مع أننا قدمنا لهم أجل الخدمات السياسية، وكانت آخر خدمة الغز علقة!!

تعيش أنت وأسرتك علي عائد تأليف الكتب، وأشياء أخري ككتابة المقالات، وممارسة مهنة الطب باعتبارك أستاذا بكلية طب المنصورة، فما هو إنتاجك الفكري؟ وهل كان النظام السابق يسمح لك بطباعة مؤلفاتك في مصر؟

لقد الفت30 كتاب، منها الطريق إلي مذهب أهل البيت، ورحلتي مع الشيعة والتشيع في مصر، وبيت العنكبوت، والجماعات الإسلامية محاولة استمساخ الأمة الإسلامية، والشيعة والثورة( ما بعد استشهاد الإمام الحسين، والجمل، وفقه الطابور الخامس، والمصريون والتشيع الممنوع، ونقض الوهابية، والمهدي المنتظر ومعركة تحرير القدس، وغيره، وبطبيعة الحال لم يكن يسمح النظام بطباعة هذه الكتب، ولا بتوزيعها في مصر، فقد كان يجري طباعتها في دار المحجة البيضاء ببيروت،ثم كان يجري تهريبها إلي دول الخليج، وبقية الدول العربية، وكان يتم تهريبها إلي داخل مصر، وتباع سر، ولكن بعد ثورة25 يناير تم حل الأزمة، وفك الحصار علي كتبي.

الخلاف السني الشيعي

في تقديرك..ما سبب الخلاف بين السنة والشيعة؟

لابد لأي تعريف أن يكون له3 صفات، وهي أن يكون مختصر، وجامع، ومانع، ثم دعني أسالك من هم السنة؟، ومن الناحية المذهبية والفقهية عندنا مذاهب شتي، وعقائديا كذلك، فالعقيدة السائدة الآن في مصر صنفان: الأولي عقيدة العوام وهي الصحيحة في رأيي، وهي التي تؤمن بأنه ليس كمثله شيء، ثم العقائد التيموية التي تقول بأن الله له يد ليست كيد البشر، ورجل ليست كرجل البشر، إلي آخر ذلك من تعدد الصفات الزائدة عن الذات، فهل هناك تيار علمي أو معرفي نقل عنه أنه أهل السنة.. إن كل المسلمين من غير أهل شيعة أهل البيت يسمون من أهل السنة والجماعة.... هم مسلمون وإخوانن، و نأكل ذبائحهم، ونحج معهم، إنما كيان معرفي اسمه أهل السنة فهو غير موجود..

.. وهل الشيعة كذلك؟

ل، فمن الناحية العلمية هناك كيان اسمه التشيع لأهل البيت أو الولاء لأهل البيت، وهناك3 فرق شيعية موجودة علي الساحة وهي التشيع الإمامي، والتشيع الإسماعيلي، والتشيع الزيدي، أما الإمامي، والإسماعيلي فيستقون فقههم من أئمة أهل البيت، والإمام الصادق هو خامس الأئمة، ويأخذ من علي، والحسين، والسجاد، والباقر، والإسماعيلية يأخذون هكذ، وخلافنا معهم يأتي في قضية التأويل والخروج من دائرة الإمامة، وفي العالم الإسلامي تجد الإسماعيلية قلة، وبشكل عام، نحن ليس لدينا مشكلة معهم، ولا مع السنة، أما نحن فتبع الإمامية الإثني عشرية، وهي إجماع علماء المسلمين، وهم الإمام علي، والحسين، وعلي بن الحسين( السجاد)، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصداق، وموسي بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسي الرض، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي، والحسن بن علي( الإمام العسكرية)، أما الإمام الثاني عشر فهو المهدي المنتظر، وهو موضع إجماع علماء المسلمين، وهو ليس اختراعا شيعي، فعلماء السنة بمصطلحهم يقولون ويروون من أنكر المهدي عليه السلام فقد كفر، لأنه معلوم من الدين بالضرورة، والروايات كثيرة ومتواترة في هذا الشأن.

أما الخلاف العقائدي بين السنة والشيعة فأقول أن السنة سنتان: السنة العوام المصريون ولا أقول عوام بمعني جهلة، وهم يستقون دينهم من القرآن والسنة، والفطرة، وهؤلاء أناس بسطاء عقيدتهم صحيحة، لو قلت لهم ربنا له يدان ورجلان يقولون لك أعوذ بالله.. وفريق آخر هو الفريق التيموي نسبة إلي ابن تيمية، وخلافنا مع السنة في الصلاة يقوم علي حذف حي علي خير العمل من الأذان، أما الخلاف حول الوضوء فهو غسلان ومسحتان عن الرسول، ثم أصبحت3 أغسال وسمحة في رواية أهل السنة، وفي الحج لا خلاف سوي حول مسألة التظليل أي استخدام المظلة أثناء أدلاء المشاعر الدينية، ونحن نرفض ذلك، بينما يقره السنة، كما أن السنة أباحوا النقاب في الحج، في حين أن ثياب الصلاة الإحرام واحدة، ويحاول البعض إلصاق بعض الأمور بالشيعة كأن يقول أحدهم أنهم يتزوجون من أخواتهم، أو مما حرم الله، أو أن القرآن هبط خطأ علي سيدنا محمد، أو أن الشيعة لديهم مصحف فاطمة، وأنا أقول أنه لا يوجد شيء علي وجه الأرض اسمه مصحف فاطمة، وأؤكد أنه ليس هناك قرآن آخر غير الذي نتعبد به، والدليل علي ذلك كتب الفقه، وكتب الأمامية لو وجدت فيها آية واحدة غير واردة في القرآن الذي هو موجود بين ضفتين يبقي لك الكلام.. ولهؤلاء المدعين أقول: نحن مستعدون للحوار مع العقلاء، ولسنا مستعدون للتحاور مع نزلاء الخانكة والعباسية، كما أنني أزعم أنه لولا الشيعة، ولولا خط هل البيت وشيعتهم لصار حال المسلمين كحال المجوس وغيرهم من الأمم الذين اتخذوا من دون الله آلهة أخري.. للأسف كل يوم واحد يطلع يقول الشيعة قالوا كذا وكذا.. وأنا أقول لهم نحن تبع القرآن، ونطبق الشرع.

.. والخلاف في مسائل الزواج والطلاق؟

السنة اصطلاحا وليس مذهبا عاد علي المذهب الامامي في قضية الإشهاد علي الطلاق، وانتصر لها الشيخ سيد سابق أعظم انتصار في كتابه فقه السنة، فالإشهاد في الطلاق واجب، وأي طلاق لا يشهد عليه ذوو عدل فهو باطل، وقد اقر علماء السنة المنصفون بمشروعية مدرسة أهل البيت وانتمائها إلي الله والرسول، كما أن طلاق المغضب، والسكران، والمكره كله مأخوذ من سنة أهل البيت، وقد أخذ به ابن تيمية، أما الخلاف الفقهي حول مسألة زواج المتعة فهو قديم، فنحن نراه حلالا لأنه يقوم علي( إيجاب وقبول وصداق ومدة وعدة)، ويتفق مع ما جاء في القرآن والسنة النبوية الصحيحة، في حين يراه بعض السنة من الزنا.

هناك دار للتقريب بين السنة والشيعة.. فهل تعتقد أنها تستطيع أن تقوم بهذه المهمة؟

أعتقد أن دار التقريب أغلقت في عهد الرئيس السادات، كما تم إغلاق جمعية أهل البيت، وأنا أري أن أي حوارات فوقية لا تؤدي علي نتائج، والحوارات الحقيقية في الشارع، والمطلوب هو ضرورة الفصل بين قرار العلاقات السياسية بين مصر وإيران، وهو ملف سياسي يجب ألا يرتبط بقضية التقريب بين السنة والشيعة لا صعودا ولا هبوط، والعلاقات السياسية لا يجوز ربطها بملفات من هذا النوع، فلا تستخدموا ورقة التقريب كأداة في ملف سياسي، وعلي المجتمع المصري ومثقفيه أن ينتبهوا لأهمية دورهم، وأنا انتمي لطائفة المثقفين، ولا انتمي إلي مرجعية ولا إلي حوزة علمية في إيران، ومن الظلم ألا تستفيد مصر من وجود شخص مثلي فكريا بعيدا عن هذه الغباوات المذهبية، ولن أسميها حساسيات مذهبية، فالقضايا التي اشتغلنا عليها فكريا هي نفس القضايا التي عمل عليها العقاد، وطه حسين، ومحمد حسين هيكل، وإذا كنتم تريدون أن تستعيدوا عافية مصر، فلابد من إعادة مناخ الحرية الفكرية مرة أخري، ساعتها سيظهر كل تيار فكري في حجمه الحقيقي، وأتذكر أن أول انجاز فعلته جماعة الإخوان في السبعينيات، عندما أتيحت لها حرية الحركة، هو أنها فتحت النار علي فريق المفكرين الأحرار الذين قدموا لمصر إنجازات فطرية في الثلاثينيات، والأربعينيات، والخمسينيات، وعملوا علي هدم كل ما يمت للفكر بصلة، وبقي في الساحة خطباء المساجد الندابون، الذين لا هم لهم إلا إشعال الصراع بين الإسلام، وأعداء الإسلام، مع أننا لا نعرف في الحقيقة من هم أعداء الإسلام من وجهة نظرهم، وعلي المثقفين أن يأخذوا بزمام المبادرة لتعود مصر إلي مكانها الحضاري اللائق بها.

هل تتفق مع التحليلات القائلة بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان دائما علي خلق صراع سني ـ شيعي، وإسلامي ـ مسيحي؟

نعم، وهذا ليس كلامي، لكنه كلام مارتن أنديك، ونشرته صحيفة ها آرتس الإسرائيلية منذ عام2006، وأسأل: هل الحملة علي حزب الله لأنه شيعي أم لأنه معادي لإسرائيل؟.. ولدي تصريح لجيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكي يقول فيه أنه دفع500 مليون دولار لتشويه صورة حزب الله، فمن الذي أخذ هذه الأموال؟.. لقد ذهبت إلي خطباء المساجد الندابين ليقولوا سنة وشيعة.. وزواج متعة..

هل حاول أحد ضمك إلي الحزب الوطني خلال عهد الرئيس السابق؟

نعم، لكني رفضت، كما أن أحد المسئولين في جهة سيادية، قد طلب الحصول علي موافقتي لطباعة كتاب الجماعات الإسلامية، ووافقت، لكنه عاد بعد ذلك ليفاوضني علي التدخل بالإضافة في مضمون الكتاب.. فرفضت، لكن بشكل عام كان النظام السابق يحاصرني، ووصل الأمر إلي اعتقالي عدة مرات، ثم تهديدات بإيذاء أسرتي.

كيف كانت علاقتك بالنظام السابق؟

النظام السابق، وأعوانه، جعلوني مجرم، فحين كنت صغير، قالوا لي عاوزينك لمدة10 دقائق، وأودعوني سجن الاستقبال في طرة، فخرجت بعد سنة، وحين تقدمت للحصول علي الدكتوراه في الطب عطلوني10 سنوات بتعليمات شفهية، لكني تمكنت من مناقشتها في عام1986، وهربت من ظلمهم لي للعمل في أبو ظبي، لكنهم تدخلوا لدي الأجهزة الأمنية هناك، وأنهوا تعاقدي، قلت أركز في العيادة، وفي الطب، كل شويه يطلعوا لي مصيبة شكل.. في عام1996 اعتقلوني بتهمة محاولة إنشاء تنظيم شيعي.. وفي عام1889 اعتقلوني بنفس التهمة، وفي عام2002 حصلت علي درجة أستاذ، لكن أجهزة الأمن لم تتركني في حالي، فقد حاصروني، ونجحوا في إنهاء تعاقداتي مع بعض النقابات والشركات، وبدلا من أنني كنت أعطي30% من وقتي للكتابة والفكر، أصبحت أعطيها نسبة كبيرة من الوقت، وفي عام2010 القوا القبض علي صاحب مكتبة مدبولي حتي لا يأتي بكتبي من بيروت.

التبشير الشيعي

يتردد أن أجهزة الأمن صادرت أكثر من مرة منشورات، ومطويات، لنشر الفكر الشيعي في مصر، وأجهضت محاولات لإقامة تنظيمات شيعية.. فما مدي صحة ذلك؟

هذا الكلام- في رأيي- منطق عفن، ولا يمكن لأحد أن يصادر فكر، ويسألني: هل تعرف كيف تشيعت؟ قلت ل، قال في عام1984 كنت في زيارة لخالتي، فوجدت في مكتبة زوجها كتاب بعنوان لماذا اخترت مذهب آل البيت لمحمد مرعي الأمير الأنطاكي، وبعدها وجدت عندهم كتاب خلفاء الرسول الإثني عشر، أما كيف وصلت هذه الكتب لزوج خالتي؟ فكان ذلك عن طريق أحد تلامذته حيث والده يعمل في إدارة الرقابة علي الكتب، فكان يأتي إليه بالكتب التي يتم مصادرتها.. وأسألهم: هل نجحتم في القضاء علي الحشيش برغم العقوبات الصارمة؟ ثم أسألهم سؤال آخر: ما عيب الفكر الشيعي؟ وما هي المشكلة في الانتماء إلي أهل البيت؟ عمرك شفت شيعي فجر نفسه في مسجد؟ أو كنيسة؟ أو في تجمع للصوفيين؟ أنا لست تكفيري، ولا أكفر أحد، هناك حاجة أسمها انحراف عن الإسلام، وأناس خارج حظيرته.. وهم معروفون، فالقضايا الخلافية بيننا وبين الآخرين، نستدل عليها من القرآن والسنة.. والطغاة المستبدون يريدون أن يتكون قطب رحي الإسلام، والنظام السياسي القائم علي أساس إسلام الحاكم من عدمه، وينبغي علي أي نظام يقول أنا إسلامي أن يقيم الحكم علي ميزان العدالة وليس ميزان انك مسلم و غير مسلم.. فعقيدة أي إنسان تخصه وحده.. وعموما لا يستطيع أي حاكم أن يدير الأمور بالطريقة التي كان يديرها بها الرئيس السابق، كما أن ماكينات مبارك لغسل العقول قد انتهت إلي الأبد، وهذه الماكينات لم تعد تخاطب إلا نفسها.. وسقوط الأنظمة الفاسدة- في اعتقادي- هو أحد مبشرات قدوم المهدي المنتظر!

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/آيار/2011 - 5/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م