قناة الجزيرة محطة فضائية قطرية، انطلق بثها في شهر أبريل من سنة
1996م، بدعم من الحكومة القطرية، وبميزانية تجاوزت 50 مليون دولار
أمريكي، كان الهدف المعلن من إنشاء المحطة هو إيجاد فضائية ناطقة
باللغة العربية مستقلة وتنقل الخبر بحيادية وشفافية ومصداقية، بعد ان
كانت هذه القناة الفرع العربي من هيئة الاذاعة البريطانية في قطر، ثم
تم الغاء هذا الفرع، واستحدثت قناة الجزيرة القطرية، على نفس المعدات
والتجهيزات لقناة بي بي سي البريطانية...
واصبحت قناة الجزيرة في غضون سنوات قليلة أكبر قناة إخبارية عربية
من ناحية الإنتشار، واحتلت المرتبة الاولى في المشاهدة في العالم
العربي، وكانت سبباً قوياً في إنطلاق قنوات فضائية اخبارية منافسة لها
مثل قناة العربية السعودية، وقناة النيل الاخبارية المصرية، وقناة
العالم الايرانية....
اما ما ذكر حول الجزيرة في وثائق "ويكيليكس" فقد ظهرت فيها 7 وثائق
عن قطر، نشر منها 5 وثائق وحجب وثيقتين؟ بعد تفاوض القيادة القطرية مع
إدارة الموقع، الذى طلب مبالغ ضخمة حتى لا يتم نشر تلك الوثائق! وعلى
الرغم من أن الموقع التزم بسرية الوثيقتين بعد أن حصل على الثمن من
القطريين!!، إلا أنه تم تسريبهما إلى عدد من وسائل الإعلام، أهمها
جريدة الجارديان البريطانية، والتي نشرتهما على موقعها، وكانت الاولى
تنص ان قناة الجزيرة تمثل الركن الاساس على خريطة التحرك السياسي لدولة
قطر، ودورها في رسم ملامح السياسة الخارجية لهذه الدويلة الصغيرة
الطامحة الى لعب دور اقلمي وعالمي كبير!!
تتحدث الوثيقة التي حملت رقم 432 عن اللقاء بين الشيخ حمد بن جاسم
بن جبر ال ثاني مع كادر قناة الجزيرة، والذى شرح فيه الامير القطري الى
معدين الاخبار ومنتجين التقارير الاخبارية، والبرامج الوثائقية في
الجزيرة عن السياسة الخارجية القطرية، وأشار في مجمل تحليله إلى كون
الجزيرة أداة في يد القطريين يستخدمونها كيفما يشاءون وفي خدمة مصالحهم
الخاصة فقط على حساب اي طراف أخر!.
أما الوثيقة الثانية وحملت رقم 677 فقد تعلقت بتقييم شامل الى سياسة
قطر الخارجية، وتطرق التقييم إلى دور قناة الجزيرة في منظومة السياسة
القطرية الخارجية وفي تدخلها بالشؤون الداخلية للبلدان العربية مثل
العراق ومصر ولبنان وفلسطين والسودان وتونس والجزائر وسائر البدان
العربية....
وأشارت الوثيقتان إلى أن النظام القطري يستخدم دائماً قناة الجزيرة
في تصفيه حساباته مع خصومه العرب! وأنه نجح في أكثر من مرة في إشعال
الفتن في عدد كبير من العواصم العربية عندما توترت العلاقات مع الدوحة
من خلال اطلاق العنان الى هذا البوق الاعلامي الرسمي ومجموعات المهرجين
المقتاتين على تهريجهم ضد خصوم قطر في العالم العربي، وكل من يرفض دور
قطر كدولة عظمى في المنطقة والعالم..
وبعد الازدواجية التي اتبعتها الجزيرة في تغطية الثورات في العالم
العربي، مثلا عمليات الفبركة التي قدمتها الجزيرة في تغطيتها لأحداث
سوريا، والشريط الذي بثته على انه لمواطنين سوريون في بانياس، وفي
الحقيقة هذا الشريط هو لعراقيين وهم يداسون بالاقدام زمن المقبور صدام،
ناهيك عن مئات الافلام المفبركة للعمليات الارهابية التي تقوم بها
الحركات الارهابية الوهمية للمخابرات الاقليمية الخليجية في العراق،
والتي لاقت صداها على شاشة الجزيرة القطرية، الى صمتها المطبق
وانحيازها التام الى جانب النظام القمعي في البحرين.
بل تعدى هذا الدور في مقابلتها مع شيخ البلاط الامري القطري
الدكتور القرضاوي الذي تميز بجاهزية في اصدار الفتاوي ضد اي طرف
لاتريده قطر، وان اغرب ما طرحه شيخ البلاط الاميري القطري في تقسيمه
الثورات العربية حسب التوجه الطائفي، فقد جرد البحرينيين من حق التغيير
والمطالبة بحقوقهم لانهم شيعة انتفضوا على نظام سني، فوصفهم بانهم
طائفيون وقتلة ومجرمون وعملاء، متناغما ومنفذا مايطلبه منه امراء دويلة
قطر العظمى..
* اكاديمي وباحث عراقي مستقل |