شبكة النبأ: لا أحد يستطيع أن ينكر
بأن العملية التربوية والعلمية برمتها تقوم على قطبين أساسيين هما
الطالب وأستاذه أو معلمه، فلو تخيلنا غياب أحد هذين القطبين فإننا يمكن
أن نجزم بغياب التعليم كليا وفقدانه لجدواه، ومع أن العوامل المساعدة
لهذين القطبين كثيرة ومتعددة، مادية ومعنوية، لكن يبقى الأساس في نجاح
العملية التربوية والعلمية مرتبط حصرا بالمعلم والطالب، لهذا فإن أي
خلل يشوب العلاقة بين الاثنين سينعكس سلبا على العلم والتربية، من هذه
النقطة تحديدا تنطلق الدول المتطورة من ضرورة وضع التعليم والتربية في
المسار الصحيح، والخطوة الاولى التي تحرص على تحقيقها هذه الدول هي دعم
أواصر الثقة بين الطرفين، المعلم والطال، وتطوير العلاقة بينهما في
جميع المراحل الدراسية لاسيما الجامعية والدراسات العليا، لأن بناء
الثقة بين الطرفين سيجعل من تحقيق النتائج العلمية الجيدة أمرا مؤكدا
بل ومضمونا.
ما يجري في بعض جامعاتنا على سبيل المثال، يؤشر خللا بين الطالب
وأستاذه، فالطلبة غالبا ما يشكون من أساتذتهم في مجالات عدة، منها عدم
الاهتمام بمواهبهم ومشاعرهم وأوضاعهم النفسية التي تمثل إنعكاسا لاوضاع
البلد والاوضاع العائلية أحيانا، إضافة الى أن المرحلة العمرية للطالب
الجامعي تجعل منه أكثر قلقا من الاستاذ او ممن يتقدمه بالعمر والتجربة
وهو أمر طبيعي، لكن الاستاذ قد يغفل هذه الظروف ولا يعيرها انتباها ليس
لأنه يريد الإضرار المسبق بطلابه، بل هو نوع من العلاقة التي بقيت
سائدة بين الطلاب واساتذتهم على مدى عقود.
وهناك نواقص مادية يعاني منها الطلبة تشترك بقوة في تأزيم العلاقة
بالاستاذ، منها على سبيل المثال عدم توفير الاجواء التدريسية النموذجية
او المطلوبة للطلاب، كذلك عدم توفير أماكن السكن اللائقة والمختبرات
ووسائل الايضاح، ناهيك عن الافتقاد لمناهج تدريس معاصرة تأخذ بنظر
الاعتبار ما توصّل إليه العالم في مجالات التربية والتعليم، لاسيما أن
عالم الانترنيت يتدخل الآن بقوة لفتح أذهان الطلبة ويطلعهم على على
المناهج الحديثة ويجعلهم أكثر معرفة بالبون الشاسع بين الاساليب
والمناهج التدريسية البالية وتلك التي تتسارع قدما نحو التحديث والتطور
في الدول التي تهتم بالعملية التربوية وتعطيها ما تستحق من مكانة
لائقة.
لهذا لابد أن يتنبّه القائمون على التعليم والتربية الى الشرط الاول
الذي يسهم بتحقيق النتائج المرتقبة من هذه العملية، فالمدرس الجامعي او
الاكاديمي، لايكفي أن يعطي لطلابه مادته العلمية بصورة آلية، ثم يغادر
قاعة الدرس بعد أن أفرغ المعلومات بتكرار ربما يفسد قيمة المعلومات أو
يجعل من عملية التدريس حالة يومية معتادة تنطوي على الرتابة والملل،
هنا يأتي دور التحديث والتطوير التعليمي والتربوي في كيفية توصيل
المعلومات وضخها الى الطلبة، وهو أمر تقع مسؤوليته بالدرجة الاولى على
عاتق الدولة وحرصها على مواكبة التطور الهائل والمتسارع في توصيل
المعلومة العلمية وطرق وأساليب نقلها من الاستاذ الاكاديمي الى طلابه.
ولابد أن تخصص الدولة المبالغ المالية الكافية لتهيئة الظروف
المساعدة لعملية التدريس، ويمكن في هذا المجال فسح المجال أمام التعليم
الأهلي الذي أثبت نجاحا في هذا المجال، بمعنى يمكن للتعليم الاهلي (الجامعات
والثانويات والمدارس الابتدائية) أن تحمل جانبا من العبء الملقى على
عاتق الدولة، ولكن ينبغي أن يتم ذلك وفق الضوابط المعمول بها عالميا
لاسيما ما يتعلق بمعادلة الشهادة، مناهج التدريس وطبيعة المواد العلمية
المطلوبة وغيرها.
لكن يبقى الحجر الاساس في هذا المجال يتمثل بطبيعة العلاقة بين
الاستاذ وطلابه، ودرجة الثقة بين الطرفين، بالاضافة الى أهمية توفير
العوامل المساعدة للعملية التربوية سواء ما يتعلق بالدولة او الجهات
المعنية الاخرى، وكلما كانت الاجواء قائمة على التفاهم والتقارب
والانسجام بين الطالب وإستاذه، كلما تحققت خطوة جديدة الى أمام في مجال
تطوير العملية التربوية وقطف ثمارها الجيدة من لدن المعنيين جميعا. |