في يومها العالمي... الأمم المتحدة تستذكر شهداء الصحافة وتدعو لحريتها

تقرير: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: استذكر صحفيو العالم أثناء احتفالهم بيومهم العالمي في الثالث من أيار هذا العام زملائهم ورفاقهم ممن سقطوا بين قتيل وجريح وهم يؤدون رسالتهم في نقل الحقيقة المنصفة للعالم.

حيث سقط العشرات من الصحفيين كضحايا لاعمال العنف خلال العام الماضي اثناء عملهم في رصد ونقل الاحداث التي شهدتها الدول في ارجاء المعمورة، واستهدف الكثير منهم لاسباب سياسية انتقامية نظرا لدورهم البارز في كشف الحقائق.

فيما سجلت منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا العديد التي اجتاحتها موجة انتفاضات شعبية عددا كبيرا لشهداء الكلمة من الصحفيين، وزج عدد منهم في غياهب السجون. وتثميناً لدورهم البارز قررت الامم المتحدة اعتبار الثالث من ايار من كل عيدا عالميا للصحافة.

الامم المتحدة

فقد دعا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الى تذكر الصحفيين والمحررين وغيرهم من الاعلاميين الذين قتلوا بسبب عملهم الاعلامي. وقال الامين العام في بيان اصدره بمناسبة اليوم العالمى لحرية الصحافة الذي يصادف يوم غد 3 مايو أن تكريم ذكرى هؤلاء يأتي من خلال السعي وراء اقرار العدالة وعدم السماح بالافلات من العقاب وبما يجعل الاهتمام الرسمي بحماية الصحفيين واقعا ملموسا.

واكد الامين العام الامم المتحدة التزان المنظمة الدولية بمبدأ حق الشعوب فى التماس الاخبار والانباء وتلقيها ونقلها للاخرين باعتبار ذلك هو الاساس الذى تقوم عليه الديمقراطية والتنمية والسلام.

واشار الى ان احتفال هذا العام يتم تحت شعار " آفاق جديدة حواجز جديدة " ودعا الى تسليط الضوء على المشهد الإعلامي العالمي بعد ان تغير بصورة جذرية حيث نجحت الوسائط والأدوات الإعلامية الجديدة مثل الهواتف المحمولة في تمكين الأفراد وإثراء عملية جمع الأخبار فى تسليط الضوء على أساليب عمل الحكومة ورجال الأعمال والصناعة التي كانت في وقت من الأوقات خفية إلى حد كبير.

واضاف بان كي مون فى بيانه انه ورغم هذا التطور فان هناك تحديات مازالت تفرض نفسها على الواقع ومنها الرقابة على شبكة الانترنيت وحيث تقول الارقام ان ستة صحفيين ممن يعملون من خلال الشبكة المعلوماتية لقوا حتفهم فى عام 2010 وحده.

60 صحفيا قتلوا خلال عام 2010

وقالت منظمة الأمم المتحدة، إن 60 صحفيا قتلوا خلال عام 2010 خلال تأديتهم عملهم الصحفي، لترتفع حصيلة قتلى الصحفيين خلال عقد إلى 500 قتيل، محذرة من أن مخاطر جديدة بدأت تتصاعد أما حرية التعبير.

جاء ذلك في بيان مشترك صدر عن الأمين للأمم المتحدة، ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ومنظمة اليونسكو. وجاء في البيان "خلال العقد المنصرم، فقد أكثر من 500 صحفي حياته أثناء تأديته لواجبه المهني. وقُتل 60 منهم في عام 2010 وحده في شتى بقاع العالم. ولا يمضي أسبوع دون أن يتوالى المزيد من التقارير التي تُخبر عن معاناة الصحفيين والمدونين وما يتعرضون له من ترهيب وعنف"، مبينا أن انتهاكات حقوق الإنسان "أمر لا يمكن السكوت عنه.

وينبغي على السلطات الحكومية ألا تألوا جهداً ولا تدخر وسعاً من أجل ملاحقة ومعاقبة الجناة والتصدي لثقافة الإفلات من العقاب والعمل على ضمان أمن وسلامة الصحفيين".

وبحسب البيان فإن "مخاطر جديدة بدأت تتصاعد في خضم تطور متسارع مع أشكال قديمة من القيود والكبت لتطرح من ثم تحديات هائلة أمام حرية التعبير.

فباتت تظهر كل يوم إجراءات جديدة لحجب المعلومات وترشيحها وتكييفها ومراقبتها. ولهذه التحديات وجوه مختلفة، إلا أنها تشترك كلها بوجه واحد هو انتهاك حق أساسي من حقوق الإنسان"، لافتا إلى أن الأمم المتحدة "عازمة كل العزم على جعل الإنترنت مصدراً عالمياً متاحاً ومباحاً للجميع حتى يصير بمقدور كل فرد أينما كان أن يجد فيه ضالته كمنبر للتعبير عن نفسه وإسماع صوته والتجاوب مع أصوات الآخرين".

ودعا البيان كافة الحكومات إلى "وضع يدها بيد الأمم المتحدة والعمل سوية من أجل ضمان حرية التعبير في  الكلمة المطبوعة والمنقولة عبر الأثير وعن طريق الإنترنت والعمل على ترسيخها في كل هذه المجالات".

كما قالت الامم المتحدة ان الاشخاص الذين يرغبون في المزيد من الحريات السياسية والاجتماعية يعتمدون بشكل متزايد على شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي الامر الذي بدا جليا من خلال الانتفاضات الشعبية في شمال افريقيا والشرق الاوسط.

واشارت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الى ظهور تهديدات جديدة اقترنت باشكال سابقة وقديمة للرقابة على الصحافة والقيود يمكن ان تشكل تحديا قويا للدفاع عن حرية الصحافة. وقالت اليونسكو ان اكثر من 500 صحفي لقوا حتفهم في العقد الماضي وان 60 فقط لقوا حتفهم في العام الماضي.

منتهكو حرية الصحافة في 2011

من جانبها اعتبرت منظمة مراسلون بلا حدود ان عاهل البحريرن هو بين 38 زعيما "انتهكوا حرية الصحافة عام 2011" موجهة الاتهام ايضا الى قادة سوريا وليبيا واليمن حيث "اعاقة وصول المعلومات وصلت الى حدود القتل".

بالنسبة للبحرين، تحدثت المنظمة عن "مجموعة اجراءات مدهشة" ضد الصحافة وتحدثت خصوصا عن وفاة المسؤول في صحيفة الوسط البحرينية القريبة من المعارضة، كريم الفخراوي في السجن.

وجاء في بيان لهذه المنظمة غير الحكومية ان "حمد بن عيسى آل خليفة، بوصف عاهلا للبحرين، هو المسؤول عن مجمل اعمال العنف والاعمال التعسفية".

واشارت المنظمة الى ان "بعض الرؤوس قد سقطت" في العالم العربي مثل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. واضاف البيان ان "لائحة اعمال العنف ضد الصحافة خلال الربيع العربي طويلة" مشيرا الى ان المصورين "دفعوا ثمنا غاليا".

واوضح البيان ان "موجة صدمة الربيع العربي ليست بدون تأثير على السياسة التي ينتهجها منتهكو حرية الصحافة مثل الرئيس الصيني هو جينتاو والرئيس الاذربيجاني الهام علييف اللذين يخشيان وصول العدوة الى بلديهما".

وتتضمن لائحة مراسلون بلا حدود رؤساء دول ومسؤولين سياسيين ولكن ايضا منظمات مثل منظمة ايتا الاسبانية ومنظمات اجرامية مافيوية في ايطاليا او ايضا قوات الدفاع الاسرائيلية وقوات الامن التابعة لحماس في غزة وقوات الامن التابعة للسلطة الفلسطينية.

وتحدثت المنظمة ايضا عن بورما وفيتنام وكذلك عن الرؤساء ايسايس افورقي في اريتريا والرئيس قربان قولي بردي محمدوف في تركمانستان والرئيس كيم جونغ ايل في كوريا الشمالية "الذين يديرون انظمة كلية في العالم".

وكذلك انتقدت المنظمة الرئيسين الرواندي بول كاغامي والغيني تيودورو اوبيانغ نغويما والرئيس الحالي للاتحاد الافريقي الغامبي يحيا جاميه والرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي وملك سوازيلاند مسواتي الثالث والميليشيات الاسلامية في الصومال.

كذلك تحدث بيان مراسلون بلا حدود عن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي اعيد انتخابه في حزيران/يونيو 2009 والمرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايرن علي خامينئي.

ادنى مستوى لها خلال العقد الاخير

في السياق ذاته افادت وكالة "نوفوستي" نقلا عما ورد في تقرير منظمة "فريدوم هاوس" المستقلة للدفاع عن حقوق الانسان بان عدد الناس الذين يتمتعون بمنفذ حر الى وسائل الاعلام المستقلة تقلص في عام 2010 الى أدنى مستوى خلال العقد الاخير. واحتلت روسيا في تصنيف "فريدوم هاوس" المرتبة الـ 173، علما بانها كانت في المرتبة الـ 175 بحصيلة عام 2009.

ويشار في التقرير الى انه يمكن اعتبار 68 دولة (35%) من اصل الدول الـ 196 التي شملتها الدراسة، "حرة" من حيث ظروف عمل وسائل الاعلام ومنفذ السكان اليها، بينما وصفت 65 دولة (33%) بانها "حرة نسبيا" و63 دولة (32%) بانها "غير حرة". بحسب فرانس برس.

وحسب تقدير اصحاب التقرير فان كل سادس من سكان الارض فقط يعيش في بلدان تتمتع الصحافة فيها بحرية كاملة.

وتتصدر قائمة "فريدوم هاوس" فنلندا والنرويج والسويد. وفي المرتبتين الاخيرتين تركمنستان وكوريا الشمالية. اما روسيا فنسبتها المنظمة الى مجموعة الدول غير الحرة الى جانب جمهورية الكونغو الديمقراطية وغامبيا وزيمبابوي.

الانتفاضات العربية تنعش الآمال

كما قالت منظمة مراسلين بلا حدود ان الاطاحة من أشد زعماء الدول في العالم تقييدا لحرية الاعلام في موجة من الانتفاضات في العالم العربي تثبت أن الطغاة ليسوا بمنأى عن الهزيمة.

وحذفت المنظمة الرئيسين السابقين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك من لائحتها الخاصة "بقناصي الاعلام" بعد الاطاحة بهما في انتفاضتين شعبيتين حركتا موجة من الاحتجاجات في أرجاء المنطقة. بحسب رويترز.

وقال جان فرانسوا جوليار الامين العام للمنظمة "القناصين الذين كنا نندد بهم لسنوات لم يعودوا زعماء لا يمكن المس بهم. لم يتوقع أحد أن يذهب بن علي ومبارك الى حيث ذهبا لكن ذلك حدث والفرصة الان قائمة لاعادة حرية التعبير في بلدان أخرى ترزح تحت وطأة الطغيان."

وقال جوليار في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة انه يتعين على الغرب أن يكون يقظا لضمان عدم المساس بحريات الاعلام الجديدة في تونس.

وقال "كل شيء في تونس لا يزال هشا." ومضى يقول "ان لم يكن الجميع يريدون قبول هذه التقوية (لحرية الاعلام)... فالعودة الى الرقابة خطر حقيقي محدق."

صحافيو الربيع العربي

الى ذلك اشادت مفوضة الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي بالصحافيين المحليين والعالميين الذين غطوا تحولات "الربيع العربي" معتبرة انهم تحملوا تبعات ثقيلة.

وقالت بيلاي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة ان "ثلاثة ارباع" الصحافيين الذين قتلوا في العالم منذ مطلع العام الحالي سقطوا اثناء تغطية الاحداث في شمال افريقيا والشرق الاوسط.

واوضحت "في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة اريد ان اشيد بشجاعتهم واصرارهم على ممارسة حقهم في حرية التعبير". واضافت نافي بيلاي "نادرا ما كان الترابط بين دور وسائل الاعلام والحقوق الاساسية للانسان بهذا الوضوح على هذا الكم من الجبهات وفي هذا الوقت القصير".

وكشفت ان الصحافيين في شمال افريقيا والشرق الاوسط "خضعوا للتعذيب ولاشكال من العنف مثل الايهام بالاعدام والاعتداءات الجنسية كما خضعوا للترهيب والمضايقة والطرد والاعتقال التعسفي او الاخفاء" مشيرة الى نحو 450 حالة اعتداء على الصحافيين في هذه المنطقة منذ كانون الثاني/يناير الماضي. كما قتل صحافيون منذ مطلع العام الحالي في المكسيك والفيليبين وباكستان وفيتنام كما اضافت بيلاي.

وقالت بيلاي ان نحو 850 صحافيا قتلوا في السنوات العشرين الماضية داخل بلادهم وهم يغطون قضايا فساد وجرائم منظمة واحوال سياسية وحقوقية.

ويتزامن اليوم العالمي لحرية الصحافة ايضا هذا العام مع الاحتفال بمرور 20 عاما على اعلان ويندهوك (ناميبيا) بشان صحافة حرة ومستقلة.

الاتحاد الاوروبي

من جانبه شدد قادة الاتحاد الاوروبي اليوم على اهمية حرية التعبير والدور المهم للاعلام مؤكدين على حق الافراد بالحصول على المعلومات وحرية تدفقها. واشاد رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروسو في بيان بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة "بالحرب اليومية التي يخوضها الصحافيون والتي احيانا تسلب حياتهم او تعرضها للخطر" مطالبا بالافراج الفوري لجميع الصحافيين سواء كانوا محتجزين في السجون او رهائن.

من جهتها طالبت المنسقة العليا لشؤون السياسات الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون في بيان جميع الحكومات بالالتزام بالقوانين الدولية من اجل حماية الصحافة والاعلام والاطلاق الفوري لجميع الصحافيين والمدونيين المحتجزين بصورة غير قانونية.

وتابعت اشتون قائلة ان "الرقابة والاعتداء على الصحافيين امر غير مقبول وللاسف لاتزال عدة دول تقيد الحصول على المعلومة وحرية الصحافيين". بحسب وكالة الانباء الكويتية.

وعلى صعيد متصل اعلنت المفوضية الاوروبية عن اطلاق جائزة (لورنزو نتالي) للصحافة لعام 2011 لافضل تحقيق صحفي مطبوع او على شبكة الانترنت او اذاعي او تلفزيوني في مجال التنمية والديمقراطية وحقوق الانسان حول العالم وتبلغ قيمة الجائزة الاولى خمسة آلاف يورو والثانية 2500 يورو والثالثة 1500 يورو.

يذكر ان الجائزة السنوية اطلقت اول مرة سنة 1992 تكريما للمفوض الاوروبي السابق لورنزو نتالي لجهوده التي بذلها في تنمية الاتحاد الاوروبي وبرامج المساعدات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/آيار/2011 - 3/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م