العرب يتخلون عن تشييع جنازة بن لادن

تقرير: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: في آخر لقاء مع الدكتور خلدون النقيب قبل رحيله، وصف ما يحدث الان في بعض البلدان العربية بأنها «انتفاضات» عربية، لا «ثورات» عربية، لأن الانتفاضة، في ظنه، لها تعريف محدد، هو الذي ينطبق بالضبط على الحاصل حاليا، وما حصل من قبل، في هذه العواصم كلها، في حين أن «الثورة» لها تعريف آخر، لدى الدارسين والمفكرين من أمثاله، وهو تعريف لا ينطبق لا على ما حصل، ولا على ما لا يزال يحصل!

إن التعريف الأدق في تقديره، لما حدث في تونس، والقاهرة، ويحدث في صنعاء، وطرابلس الغرب، ودمشق، هو «انتفاضة» لا «ثورة».

وسعدي يوسف يقول على صفحته في الفيس بوك: الدجاج، وحده، سيقول: ربيعٌ عربيّ. والربيع العربي هو ما اصطلح على تسمية ما يحدث في تلك البلدان.

الارادة الامريكية حكمت على بن لادن بالموت بعد ان حكمت عليه بالمطارة سنوات طويلة.. مثلما حكمت على الشعوب العربية العيش تحت ظل حكام مستبدين كانوا حلفاءها عبر عقود طويلة.. انها الان تحكم على نفس هؤلاء الحكام بالاستماع لشعوبهم واحيانا الطلب منهم بالرحيل (تونس – مصر) او مقاتلتهم (ليبيا).. انه التنويع على الخارطة السياسية العربية عبر الفوضى الخلاقة التي بشرت بها كوندليزا رايس.. من يتذكر تلك المراة السمراء؟

بمتابعة دقيقة للاحداث يتكشف لنا دور تلك النظرية التي عمل عليها اليمين الامريكي في عهد الرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش، وارتأت مراكز الدراسات الامريكية ان تقدم نسخة معدلة من هذه النظرية عبر الرئيس الجديد باراك اوباما الذي فرح بمقدمه العرب. لم لا وهو اول رئيس اسود يحكم اعظم الامبراطوريات الحديثة في القرن الواحد والعشرين؟

كان الاعلام العربي مشغولا بمتابعة (الربيع العربي) وكان الامريكان مشغولون بمطاردة المطلوب رقم واحد على لائحة المطلوبين عابرة القارات والحدود.

من يصدق ان العرب والمسلمين وفيهم الملايين من الذين يعشقون بن لادن ويعشقون دمويته وتطرفه لا يثورون لمقتله؟ انه اثر تلك الانتفاضات التي ادخلت تنظيم القاعدة في مأزق حقيقي أمام تلك الشعوب.

في تقرير رويترز تحت عنوان (الانتفاضات العربية همشت دور بن لادن) ولاحظ وصفه، قالت (يبدو اسامة بن لادن الذي قتلته القوات الامريكية في باكستان يوم الاحد الماضي غير ذي اهمية في عالم عربي تجتاحه انتفاضات شعبية ضد زعماء شموليين.

وقال نديم حوري من هيومان رايتس ووتش في بيروت "بن لادن ذكرى سيئة. تجاوزت المنطقة ذلك بكثير بانتفاضات ضخمة للقاعدة الشعبية غيرت قواعد اللعبة."

وقال حوري "ربما اثار اسلوب بن لادن في التحدي مخيلة البعض في الايام الاولى ولكن اعمال العنف التي تفتقر لمنطق قضت على اي ميل تجاهه."

واذا كان الجذب الايديولجي لبن لادن ونائبه المصري ايمن الظواهري اللذين يدعوان لخلافة اسلامية قد بدأ يضعف بالفعل فان الانتفاضات الشعبية في العالم العربي قلصته بصورة أكبر.

وقال محجوب زويري من جامعة قطر "في مرحلة ما كان الرأي العام العربي يأمل ان ينهي بن لادن هذا الشكل من التفرقة.. اسلوب الغرب في التعامل مع المسلمين والدول العربية. ولكن هذه الامم تقول الان انها ستضطلع بالتغيير معتمدة على الذات وانها لا تحتاج احدا يتحدث نيابة عنها."

وذكر ان مقتل بن لادن سيؤثر فقط في قلة لا زالت تؤمن باسلوبه الرامي لايلام الغرب الى اقصى حد ممكن.

وقال زويري "لدى غالبية الدول المسلمة والعربية خيار خاص بها. تتحرك صوب مجتمعات مدنية حديثة. يؤمن الناس بالتغيير التدريجي. لا يريدون اللجوء للعنف حتى ضد الزعماء الذين قمعوهم."

ووصف مارتين انديك مساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون الشرق الادني الاسبق مقتل بن لادن بانه "ضربة في جسد" القاعدة في وقت قوضت فيه الانتفاضات في العالم العربي ايديولجيته.

وقال انديك الذي يعمل في معهد بروكينجز حاليا "كانت مقولتهم ان العنف والارهاب هما السبيل لاستعادة الكرامة والحقوق العربية.

"ما تفعله الشعوب في الشوارع في ارجاء العالم العربي انها تستعيد حقوقها وكرامتها عن طريق احتجاجات سلمية غير عنيفة - على النقيض تماما مما تدعو اليه القاعدة واسامة بن لادن."

وتابع "لم يستطع الاطاحة باي حكومة عربية وتطيح (الشعوب) بهم واحدا تلو الاخر. اقول ان تضافر الامران يعرض القاعدة لازمة حقيقية."

ربما اضحى بن لادن شخصية هامشية في العالم العربي ولكن حالة عدم الرضا التي استغلها لازالت قائمة.

وقال المعلق رامي خوري في بيروت "الاسباب الكامنة التي تدفع الناس للتحول لهذا النوع من العنف والاجرام والتحركات الارهابية لازالت موجودة " ولمح "للغضب والمهانة التي اصابت شعوب تشعر ان الدول الغربية أوالزعماء العرب اواسرئيل تعاملها بازرداء."

ورغم ذلك توقع استمرار تراجع حظوظ القاعدة بصفة خاصة مع انسحاب القوات الامريكية من العراق وفي وقت لاحق من افغانستان لتزيل اسباب قوية للاستياء.

وقال خوري "الربيع العربي مؤشر بكل تأكيد الى ان الغالبية الساحقة من العرب تبرأت من بن لادن كما كنا ندرك من البداية. حاول هو والظواهري باستماتة اكتساب تاييد الشعوب العربية ولكن لم ينجحا قط.

"من اتبعوه من شكلوا خلايا سرية صغيرة وذهبوا لافغانستان ولكن الاغلبية الساحقة من المواطنين رفضت الرسالة."

وقال خوري "ما يريده العرب ما يحاربون من اجله الان المزيد من حقوق الانسان والكرامة والحكم الديمقراطي."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/آيار/2011 - 1/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م