الحصاد المر للأحزاب والأنظمة في الشرق الأوسط!

مير ئاكره يي

يكاد يخلو واقع الأحزاب السياسية بجميع مناهلها الفكرية ومشاربها العقدية، بالاضافة الى أنظمة الحكم في الشرق الأوسط من حالات الحرية والأمان في النقد والانتقاد، وفي التقويم والمساءلة، وفي الاختلاف والاعتراض، وأيضا من حالات ؛ لماذا، أين، كيف ومن أين!؟. هنا بطبيعة الحال فإن المذاهب الدينية ليست مستثناة من هذه الحالات السلبية والمرضية!. إن تقدير الخطأ والصواب، النجاح والفشل، الأبيض والأسود ومعاييره هي فقط وفقط من صلاحيات وإختصاصات قادة السلطات الحزبية والأنظمة السياسية القاهرة للشعوب ومصائرها ومقدراتها وسيادتها.

إذ لايجوز لأحد كائنا من كان، سواء من داخل الأسوار الحصينة المنيعة لهذه السلطات والأنظمة، أو خارجها إنتقاد الأوضاع وتقويمها، أو الاعتراض عليها، أو المطالبة بالتغيير والاصلاح والتجديد للأوضاع البئيسة التعيسة للبلاد وشعوبها من جميع الجهات. لأن ماذكر هو مواقع ممنوعة وخطوط حمر يحرّم الاقتراب منها، فضلا عن تجاوزها. لهذا فإن هذه السلطات المستبدة تحاول بالاعلام المضلّل والمزيف، أو بالقهر والقمع، أو بإرهاب الأمن والمخابرات إبقاء الأوضاع على ما هي عليه إستمرارا لنظمها القائمة أصلا على الاستبداد بالحكم والرئاسة والنهبية للخيرات والثروات الوطنية.

وقد تعرّض الكثير من الأحرار والثوار والشرفاء والكتاب والمثقفين والمفكرين الى القتل والتصفية الجسدية، والى الاعدام والاغتيال، أو الموت في ظروف غامضة، أو التهجير والعيش في المنافي، مضافا للأعداد الكثيرة منهم التي تقبع في المعتقلات حيث يتعرضون الى أشرس المعاملات اللاإنسانية، والى أقسى أنواع التنكيل والتعذيب!.

على هذا لاينبغي بأيّ وجه من الوجوه السكوت على هذه الأوضاع السلبية والمزرية، أو السكوت على الخنوع والخضوع لتلكم السلطات والأنظمة القهرية، حيث إنها بالحقيقة غاصبة لحكم الشعوب وسلطاتها وإرادتها وسيادتها وثرواتها الوطنية.

لهذه الأسباب والعوامل إنتفضت الشعوب العربية، لأنها لم تعد قادرة على الضيم والاستعباد أكثر على حكامها وسلطاتها في تونس ومصر وليبيا والبحرين وسوريا. وقد تكون بلدان عربية أخرى مرشحة للانتفاضة من أجل إستعادة السيادة والارادة والكرامة والحقوق المفقودة والمسلوبة منها.

وفي هذه الأجواء لم يكن إقليم كوردستان بمنأى عن هذه المتغيرات والانتفاضات الشعبية المشروعة، إذ إن الشعب الكوردي في مدن عديدة كالسليمانية وكلار ورانية وكفري أقدم على الانتفاضة والاحتجاجات الشعبية العادلة بهدف العدالة الاجتماعية والمساواة القانونية، أي إيجاد وتأسيس نظام سياسي ديمقراطي قائم على التبادل السلمي والنزيه للحكم والرئاسة، والتوزيع العادل للثروات الوطنية، مع الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ولانهاء حالة الاحتكار للسلطة والنمط الحزبوي المزدوج الفاشل للحزبين في الاقليم، لأنه لايوجد إطلاقا نمط للحكم في علوم السياسة والاجتماع أن يحكم حزبان حكومة واحدة لشعب واحد.

 حتى إن أعداد كثيرة من المواطنين الكورد في أربيل تظاهرت وإنتفضت ضد الأوضاع القائمة، لكنها قمعت بالقهر والقوة، وبالآسايش والباراستن والزانيارى والقوات الحزبية الخاصة التابعة للحزبين الحاكمين في الاقليم، علاوة إعتقال الكثيرين حيث مازالوا يقبعون في غياهب معتقلات الاقليم الرهيبة كما تواترت الأخبار!.

لقد ثبت في التاريخ إن القوة المجردة من الحق والعدالة والقانون، وإن الظلم والاستبداد ربما يفلح في ديمومة زيفه وزوره وطغيانه لعقد أو عقدين، أو أكثر، لكنه بالنهاية آيل الى السقوط والاندحار والانهيار، لأن الملك والحكم يدوم ويستمر بالعدل والانصاف والمساواة والصدق والمصداقية.

حتى إن الاستبداد لايمكن أن يدوم خلال المدة المذكورة اذا كان الشعب مسلحا بالوعي واليقظة، وبخاصة المثقفين من أبنائه، حيث عليهم قبل غيرهم تقع عملية التصدي للظلم والطغيان والاستبداد للحكام وتنوير الشعوب بذلك، لأجل القيام الجماهيري السلمي للتغيير والاصلاح الشامل للحكم بغية عودة الارادة والسيادة والحقوق والسلطات الى أصحابها الشرعيين وهم الشعوب بالقطع واليقين!.

* كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/آيار/2011 - 1/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م