دول الخليج لمصر: نعم لإسرائيل... لا لإيران

عبد الواحد ناصر البحراني

لم يتوقع رئيس الوزراء المصري الجديد عصام شرف أن يكون موقف الدول الخليجية جراء بعض التصريحات التي صدرت عن إمكانية عودة العلاقات بين مصر وإيران شديداً وحساساً إلى هذه الدرجة. فقد عبّرت هذه الدول عن مخاوفها من هذا التقارب المفاجئ مع إيران عقب سقوط نظام مبارك. في حين لوحت دول أخرى بسحب استثماراتها من مصر والتضييق على العمالة المصرية المتواجدة على أراضيها.

لكن المستغرب أن دول الخليج العربي لم تستهجن على نظام مبارك تقاربه الحميمي مع إسرائيل ولا صفقات الغاز المشبوهة لها ولا إغلاق المعابر أمام الفلسطينيين أو حتى إذلال الشعب المصري بل كانت علاقاتها مع مصر في أوجها. حتى أن الإمارات عرضت على مبارك استضافته على اراضيها ويقال بأنها سمحت لأمواله بأن تبقى في بنوكها من دون إطلاع الحكومة المصرية الجديدة عليها.

في ظل هذا التناقض الواضح في المواقف فإن الحكومة المصرية الجديدة تقف في حيرة من أمرها. فهي من جهة مطالبة من شباب ثورتها بأن تحجم علاقتها مع إسرائيل إلى درجة القطيعة وبأن تعزز من دورها الدبلوماسي في المنطقة خاصة، لكنها من جهة أخرى تتهم بأنها موالية لإيران وبأنها تغازلها.

والحقيقة هي أن مبرر هذه الاتهامات الخليجية هو استباق أي عمل قد تفكر القيادة المصرية الجديدة القيام به من دون تنسيق مع دول الخليج، ولإفهام مصر بأنها لم تعد رائدة كما كانت في السابق أو يراد لها أن تكون كذلك.

وهنا تأتي حملة الفتنة المذهبية في مصر كورقة تستخدم ضد أي محاولة تقوم بها مصر من دون التنسيق المسبق مع دول الخليج العربي. وهذا ما بدأت الإمبراطورية الإعلامية السعودية تهيؤه وتعد له من خلال تقارير عن سلفيين يهددون بإحراق أضرحة ومساجد أومن خلال التخويف من التيار السلفي المدعوم أصلاً من السعودية ذاتها.

ولا نغفل هنا الضغوط الدولية غير المباشرة على الدبلوماسية المصرية لإجبارها على الاستمرار في معاهداتها مع إسرائيل وممارسة الضغط على إيران وحلفائها في المنطقة.

وهذا ما يفسر على ما يبدو التحركات البطيئة والحذرة للسياسة المصرية في المنطقة وحساسية القرارات الصادرة عنها سواء في الداخل المصري أوفي إطار السياسة الخارجية للجمهورية.

ويترافق هذا الكم الهائل من الضغوط بحزمة كبيرة من المغريات المتمثلة بإمكانية عودة الاستثمارات الخليجية إلى مصر ومساعدتها على حل بعض المعضلات الاقتصادية التي تواجهها.

وبين خيار التبعية والمهادنة وخيار استقلالية القرار والتقارب مع دول المنطقة كلها يبقى الموقف الشعبي هو الحكم. وهنا تجد حكومة شرف نفسها بين خيارين. فهي إما أن تقرر عودة مصر إلى حضن إسرائيل فينفتح عليها خليج العرب أو أن تتقارب مع إيران فيبتعد العرب عنها. معادلة سوف يلعب الوضع في سوريا أثراً كبيراً على نتائجها. فتغيير النظام السوري يعني زيادة في نفوذ السعودية في المنطقة وانحساراً لدور إيران.

أما إذا بقي الحال في سوريا مستقراً فإن محور إيران والعراق وسوريا ولبنان سوف يمتد إلى مصر وسوف تجد مصر نفسها قريبة من إيران وغريبة عن مجتمعها العربي. وهو أمر ستساهم دول الخليج في تعميقه طالما كانت السياسية المتبعة (معنا أو علينا).

وتتناسى هذه الدول أن لمصر حضورها وقرارها السيادي لذا فإن اية محاولة للسيطرة على القرارات المصرية والضغط عليها لتغييرها سوف تنعكس سلباً على العلاقة المصرية العربية وسوف تؤدي إلى ردود فعل مصرية لم تكن في حسبان لا دول الخليج ولا من يحرضهم على هذا الموقف.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/آيار/2011 - 30/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م