الرمال المتحركة في الشرق الأوسط... تطلعات أمريكية لركوب الموجة

شبكة النبأ: في 13 نيسان/أبريل 2011، أدلى جيه. سكوت كاربنتر، زميل كيستون فاميلي ومدير "مشروع فكرة: هزيمة التطرف من خلال قوة الأفكار" في معهد واشنطن، بشهادة أمام "اللجنة الفرعية حول الشرق الأوسط وجنوب آسيا" التابعة لـ "لجنة الشؤون الخارجية" في مجلس النواب الأمريكي حول التحولات السياسية في الشرق الأوسط.

يقول سكوت كاربنتر مدير مشروع فكرة هزيمة التطرف من خلال قوة الافكار، بعد عودتي للتو من بعثة لتقصي الحقائق إلى بلدين كانا المنطلق لكل ما حدث، وهما تونس ومصر، وجهة نظري بأن هناك ما نحتفي به أكثر مما نخشاه في هذه الاضطرابات. إذا تمكنا من مساعدة التحولات المختلفة على النجاح، فسوف يتحسن وضعنا الاستراتيجي في المنطقة بشكل كبير. وهذه ليست مجرد أمنية كما أنها ليست ضماناً للنجاح. إن ركوب الموجة الحالية لن يكون سهلاً وسيتطلب إبداعاً وموارد وقدرة على إقناع حلفاء قلقين بأنه يتعين التحكم في التغيير، وليس إيقافه أو التراجع عنه.

ويتابع سكوت، قبل مناقشة وضع المنطقة بعد الأحداث المثيرة التي وقعت في تونس ومصر، أود أولاً أن ألقي نظرة على وضع المنطقة من خلال رؤية معظم الأمريكيين، وذلك قبل أيام فقط من إشعال محمد البوعزيزي النار في نفسه ودخول المنطقة في حمى ثورية.

ويضيف، باستثناء سنوات قليلة أثناء إدارة بوش، كانت سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة متحفظة إلى حد بعيد، حيث كانت المصالح الأمريكية تقتصر بشكل ضيق على ثلاث مصالح رئيسية: 1) ضمان وصول العالم إلى النفط لتوفير الوقود للصناعة العالمية؛ 2) الدفاع عن حق إسرائيل في الوجود وتعزيز السلام العربي الإسرائيلي باعتباره الطريق الأمثل لضمان استمرارها، و3) تطوير تعاون مستمر مع حكومات المنطقة لمكافحة الإرهاب والأيديولوجية التي تغذيه، لا سيما بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر.

ويرى سكوت، انه قد تطلب تحقيق هذه الأهداف الرئيسية بناء علاقات مع عدد من الحلفاء الرئيسيين في المنطقة، وهما بصفة أساسية مصر والمملكة العربية السعودية، القائدان التوأمان بشكل تقليدي للعالم العربي؛ مصر بفضل حضارتها العريقة وتعداد سكانها الكبير وتعاونها الثقافي الحيوي للعالم العربي بأسره، والمملكة العربية السعودية بفضل مواردها الطبيعية وأصولها الضخمة التي حققتها هذه الموارد. وأثناء هذه الفترة، كان يُنظر إلى تركيا بصفة أساسية على أنها شريك أوروبي في منظمة حلف شمال الأطلسي منفصل عن الشرق الأوسط بينما كان يُنظر إلى إيران، منذ سقوط الشاه، باعتبارها المتحدي الرئيسي للولايات المتحدة ومنافس على النفوذ في المنطقة.

ويتابع، لفترة بلغت نحو 60 عاماً، فإن المصالح المشتركة المتوافقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، ومصر بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، تمكنت من الإبقاء على الوضع الراهن. إلا أنه في مطلع الألفية الثالثة، بدأت الولايات المتحدة تتصرف كقوة مناهضة للوضع الراهن، حيث خلعت صدام حسين في العراق وتحدت حكومات المنطقة من أجل تحرير اقتصادياتها وسياساتها. وقد نبع ذلك من الاعتراف بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر بأن حيوية حلفاء الولايات المتحدة قد بدأت في التآكل مع بداية ظهور عدد من القوى الرجعية المهتمة بإعادة تشكيل المنطقة حسب رغباتها. وقد تألفت تلك القوى من فاعلين من الدول ومن غير الدول -- من بينهم «حماس»، و«حزب الله»، وتركيا تحت قيادة رجب طيب أردوغان، وإيران تحت قيادة آية الله خامنئي، وسوريا تحت قيادة الرئيس بشار الأسد، وحتى قطر بقوتها التجارية وقناة "الجزيرة" ومواردها غير المحدودة من الغاز الطبيعي -- وقد بدأت هذه القوى الرجعية في تحدي الولايات المتحدة وحلفائها من أجل الريادة.

ويشير في مداخلته الى، ان عشية الثورتين في تونس ومصر، كانت القوى الرجعية تتحرك وتشعر بثمار أعمالها. فالولايات المتحدة سوف تترك العراق عما قريب. وقد دعّم «حزب الله» سيطرته الفعلية على الدولة اللبنانية من خلال الأقلية المعطلة في مؤسسات الدولة. وأُعيد تأهيل سوريا بعد العزلة الدولية التي فرضتها عليها إدارة بوش. وكانت إيران تحت الضغط، لكنها تمكنت من التغلب على جولة أخرى من العقوبات وانتفاضة داخلية. وكانت تركيا، عقب اتباعها سياسة "العثمانية الجديدة"، تبدأ في فرد عضلاتها الدبلوماسية المكتشفة مؤخراً.

وينوه، قد اعتقد الكثيرون منا بأن هذا الاختلال غير المريح سينكسر من خلال حرب إقليمية أخرى، يرجح أن يبدؤها «حزب الله» ضد إسرائيل، والتي سوف تؤدي على العكس من الحرب الإسرائيلية اللبنانية الأولى عام 2006، إلى احتدام إقليمي يشمل سوريا على أقل تقدير وربما إيران، مع تداعيات تزعزع العالم بأسره.

وبدلاً من ذلك، كانت هناك قوة ثالثة آخذة في التشكل والتكون عجز المحللون عن تحديدها. وقد اتضحت هذه القوة في سقوط صدام حسين من السلطة ومحاكمته اللاحقة؛ ونجاح حركة قوى شعبية في لبنان لطرد سوريا من البلاد؛ والتحرير الجزئي للإعلام بل والسياسات في دول محددة عبر المنطقة، منها البحرين ومصر؛ والقوة الجديدة للمحطات الفضائية العربية؛ والسياسة الأمريكية التي كانت تمنح الأولوية لأجندة الحريات خلال فترة حرجة. وكلها كانت مكونات، إن لم تكن وصفة، لترجمة الطلب المتزايد على إتاحة فرص سياسية واقتصادية أكبر إلى تغيير حقيقي. وعلاوة على ذلك، وتحت مرأى ومسمع من الجميع، كانت هناك كتلة حاسمة من الشباب تكوِّن علاقات اجتماعية على شبكة الإنترنت وتعايش الحرية من خلال هذا النظام المتطور. وقد جعلتهم هذه التجربة يتساءلون لماذا تحملوا الواقع الغبي من حولهم، وهي حقيقة جعلتهم لا يستطيعون اللبس كما يحبون أو الحديث إلى الأشخاص الذين يريدون التحدث إليهم أو التعبير عن أي آراء حول القرارات السياسية التي شكّلت حياتهم.

وبدلاً من شن حرب، فإن الإحباطات المرتبطة بغياب الكرامة الإنسانية والرغبة في التغيير أشعلت مادة شديدة الالتهاب في بلدة صغيرة في الأنحاء الداخلية من تونس. وقد أدت تلك الشرارة إلى اندلاع الثورات الشعبية التي نشهدها اليوم. ولم يكن لهذه الثورات الشعبية تقريباً أي علاقة بالولايات المتحدة أو السياسات الجغرافية التي ناقشتها من قبل، لكنها ستؤثر على نحو مماثل ومثير على طريقة تأثير المسرحية الجيوسياسية الأوسع نطاقاً.

ويؤكد سكوت، إن الثورات التي حدثت والتي لا تزال تحدث تخلق فرصاً جديدة للولايات المتحدة، لكنها تحمل في طياتها مخاطر أيضاً. وبشكل إجمالي، أقول إن هناك ما نحتفي به أكثر مما نخاف منه. ستكون التحولات في تونس ومصر على سبيل المثال مضطربة على المدى القصير، لكن وفقاً لما سمعت من عدد من رجال الأعمال البارزين في مصر في الأسبوع الماضي، فإن الناس لديهم آمال كبيرة في مستقبل بلدانهم على المدى الطويل لأسباب يمكننا مناقشتها. ستكون هناك تحديات حقيقية على المدى القصير لاستقرار الاقتصاد وتأمين منطقة سيناء، على سبيل المثال. كما أن مصر الديمقراطية قد لا تتوافق في رؤيتها مع الولايات المتحدة أو إسرائيل حول الحصار على غزة أو بشأن جوانب تقليدية أخرى في السياسة. بيد أنه لا يوجد أي شخص ممن تحدثت إليهم في رحلتي الأخيرة يدعم أو يؤمن بأن مصر سوف تلغي معاهدة السلام مع إسرائيل أو يتصور وقوع حرب مع إسرائيل.

ويروي سكوت، لقد شاهدت في مصر الجديدة ثقة وفخراً متجددين، وهو شيء لم أشعر به مطلقاً طوال المرات التي كنت أزور فيها مصر في السابق. وفي أغلب الأحوال، هناك روح ديمقراطية تسود البلاد. وإذا ما تحول ذلك إلى صيغة مؤسسية في الدولة المصرية الجديدة، فإن مصر الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان والحقوق السياسية، بما في ذلك الحرية الدينية، هي مصر التي ستكون شريكاً أكثر قوة من نظام مبارك المتدهور الذي كنا نتعامل معه على مدار السنوات العشر الماضية. إن كلمة "إذا" في الجملة السابقة هي كلمة ذات مغزى كبير، لا سيما مع اكتساب الحركات السلفية التي ظهرت مؤخراً، لموافقة أكبر. ورغم ذلك، وبينما غادرتُ القاهرة انتابني شعور بالتفاؤل المحسوب بأن مصر سوف تنجح في اجتياز مرحلة التحول السياسي إذا تم دعمها في الاتجاهات الصحيحة من قبل الولايات المتحدة والأصدقاء الآخرين.

ويعطف ايضا، فيما يتعلق بتونس، فلا يوجد لدي شك بأن التونسيين سيكونون أول من ينتقل بنجاح إلى ديمقراطية تمثيلية حقيقية في العالم العربي. وحتى في ليبيا، حيث لم يتم بعد تأمين مستقبل مناهض للقذافي، أرى بأن تعداد السكان الصغير إلى جانب ثروة الدولة سوف يخلقان فرصاً لتحقيق نتائج إيجابية.

وبالنظر إلى هذه الأمور معاً، فإن التطورات في شمال أفريقيا، لا سيما إذا نجحت مصر في مرحلتها الانتقالية، سوف تحوّل باقي المنطقة. إن سكان مصر وموقعها الاستراتيجي ودورها التقليدي هي جميعها من العوامل التي تضمن ذلك بشكل عملي. إن تهديد النجاح قد غيّر بالفعل ديناميات المنافسة السياسية بين قوى الوضع الراهن والقوى المناهضة للوضع الراهن. لقد تم بصفة مؤقتة استبعاد مصر من المعادلة الإقليمية حيث ستبقى مشغولة بسياساتها الداخلية في المستقبل القريب. كما أن سوريا تتعرض الآن لضغط داخلي هائل ولا يمكنها سوى اللجوء إلى العنف في محاولة لإنقاذ النظام. كما أن «حزب الله» و «حماس» غير متأكدين على نحو مماثل من الطريق الذي يسلكانه ويحاولان تقييم مدى تأثرهما بالتطورات في الشهور الماضية. كما أن احتمال نجاح الثورات الديمقراطية يشكل تحديات لإيران.

ونظراً لأن التأثير الرئيسي لإيران في المنطقة ينبع من قوتها الناعمة وإرثها في الخطاب الثوري، فإن احتمالات ظهور حكومات ديمقراطية جديدة في أماكن رئيسية كمصر تشكل أمراً بغيضاً بالنسبة لها. ففي حالة نجاح هذه التحولات السياسية فإنها ستحرم أدوات إيران الدعائية من الكثير من قوتها المتبقية، مما يقوض من شرعية الدولة خلال هذه العملية. وإذا نجحت الديمقراطية في تهميش الفكر السياسي الإسلامي، على سبيل المثال، فإن طموح سلطة إيران الدينية سوف تتهمش هي الأخرى بمرور الوقت. وكما شاهدنا بالفعل في مصر وتونس، فإن معاداة أمريكا والتركيز على الصراع الفلسطيني -- وصفتان متلازمتان للتلفزيون الإيراني -- قد تراجعا كلية بفضل الانشغال الجديد بالشؤون الداخلية والمخاوف العملية. ومن الواضح أن تداعيات التحولات الديمقراطية الناجحة لمستقبل السلطة الدينية الإيرانية ستكون عميقة للغاية.

إلا أن ما ينطبق على إيران ينطبق على المملكة العربية السعودية أيضاً، فهي سلطة دينية أخرى تطمح لقيادة العالم الإسلامي. ونظراً لأن المملكة العربية السعودية هي حليف هام لواشنطن، فإن هذا يبرز بشكل سريع كتحدٍ رئيسي للولايات المتحدة في هذا المنعطف الخطير للتغير الإقليمي غير المسبوق.

وعلى نحو مماثل لإيران، فإن أي تحول ديمقراطي ناجح في أي مكان في المنطقة يمثل تحدياً حقيقياً للرياض. إن ذلك قد يفسر التقارير المتداولة في مصر حول تدفق أموال السعوديين إلى خزائن السلفيين و جماعة «الإخوان المسلمين» قبل الانتخابات البرلمانية المصرية القادمة. وأرى أن التحدي الأكبر هو الرؤى المختلفة التي تنظر بها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى التطورات في المنطقة. فبالنسبة للولايات المتحدة، تأتي التغيرات في المنطقة نتيجة مظالم وشكاوى مشروعة تراكمت على مدى سنوات من سوء الحوكمة ويجري التعبير عنها من خلال احتجاجات شعبية لا يمكن الوقوف أمامها. إن شعار سنوات بوش "التطور لتفادي الثورة" قد ذهب أدراج الرياح ونحن الآن نحصد النتائج.

ومع ذلك يقول سكوت، بالنسبة للسعوديين هناك ارتياب مطلق فيما يتعلق بالشيعة. فالسعوديون يعتقدون أن الشيعة يلقون دعماً كلياً من قبل الثوريين في طهران. كما يسمع الشيعة الدعاية الإيرانية بأن الثورة المصرية هي استمرار للثورة الإيرانية ويصدقونها. ولهذا السبب ضغط السعوديون على ملك البحرين وقاموا بتمويل المتشددين داخل عائلة آل خليفة لضمان عدم الوفاء بمطالب الشيعة البحرينيين بأي حال من الأحوال.

ويخاطر السعوديون بخلق نبوءة ذاتية التحقيق ستكون نتائجها سلبية كلية على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. فمن خلال حث ملك البحرين على سحق الانتفاضة، تكون حكومة المملكة العربية السعودية قد منحت إيران و«حزب الله» وغيرهم من الرجعيين الشيعة، كمقتدى الصدر في العراق، صرخة جديدة لحشد مؤيديهم. ويزيد قمع السكان الشيعة في البحرين من الضغط العام على حكومة العراق، على سبيل المثال، ويجعل «حزب الله» مصدر إلهاء مرحب به، في وقت يعاني فيه راعي هذا «الحزب» في دمشق من اضطرابات في بلاده. ومن الواضح أن الخطاب القوي المناهض للشيعة والعنف المستخدم ضد شيعة البحرين في الأسابيع الماضية يسهمان في تحول الشيعة التطرفي عبر المنطقة، وهم الذين كانوا حتى عبور القوات السعودية الجسر [الذي يربط بين البلدين]، راضين بأن يكونوا عراقيين أو كويتيين أو يمنيين أو سعوديين أو بحرينيين.

ويرى سكوت، أن حرائق الغابات التي تشتعل سوف تستمر في الانتشار في نهاية المطاف، ولن يكون هناك حاجز من المال وحده قادراً على إيقافها. ولهذا السبب، من الأهمية بمكان بالنسبة للولايات المتحدة أن تقنع الرياض بطريقة ما بأن التركيز يجب أن يكون على إدارة التغيير وليس على محاولة إيقافه أو التراجع عنه. ويمكن تقبل الملكيات الدستورية في الأردن والبحرين وأماكن أخرى ويجب حتى النظر إليها على أنها أوضاع سياسية مرغوبة في النهاية.

وحيث نمضي قدماً، فإن المصالح الأمريكية في المنطقة ستظل متسقة مع الماضي، لكن البيئة التي نحاول النهوض بها ستكون مختلفة جذرياً، جيدة وسيئة على حد سواء. وكما أرجو أن يكون واضحاً من ملاحظاتي، بأن العامل الرئيسي لإدارة التحولات السياسية بنجاح عبر المنطقة يكمن في مصر، وإلى درجة أقل (لكن ليست أقل أهمية)، في تونس. وأرى أنه من الأهمية بمكان أن تفعل الولايات المتحدة كل ما بوسعها لمساعدة مصر وتونس على تدعيم تحولاتهما الديمقراطية حيث إن فترتيهما الانتقاليتين الناجحتين نسبياً ضروريتان لخلق أسس قوية لعلاقة جديدة مع المنطقة.

وسيتطلب القيام بذلك ابتكار وموارد وشجاعة كبيرة لتحمل مزايا ومساوئ السياسات الداخلية في هاتين الدولتين على مدار العامين القادمين أو نحو ذلك. وسوف تلعب جماعة «الإخوان المسلمين» -- بارتدائها نوع من الزي السياسي -- دوراً في الانتخابات التي تقترب بسرعة.

ولا يزال مدى حجم الدور الذي ستلعبه جماعة «الإخوان» غير واضح، لكن سيتعين على الولايات المتحدة أن توجد توازناً حكيماً بين تيقظها للمخاطر التي تشكلها «الجماعة» وحلفاؤها على المصالح الأمريكية الحيوية من جهة، وتزويد «الجماعة» بهدية سياسية عبر بيانات أو إجراءات وقائية قد تحفز المصوتين غير المبالين برسالة «الإخوان» على دعم الحركة من جهة أخرى. وبعيداً عن الملأ، يجب على الإدارة أن تنخرط مع "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" في مصر بشأن عناصر التحول السياسي التي من شأنها أن تقوي دون قصد الاحتمالات السياسية لـ «الجماعة».

وعلانية، من المهم أن ترسل الإدارة الأمريكية رسالة واضحة إلى النخبة السياسية وجمهور الناخبين في مصر وتونس مفادها أننا ندعم التحولات التي تثمر عن قيام حكومات تظهر من خلال أفعالها عن التزامها بالحريات العامة مثل حرية التعبير والاجتماع والفكر والدين والصحافة الحرة؛ وتشجع الحرية والممارسات الدينية وتطبق التسامح الديني على كافة الأقليات؛ وتدعم حقوق الشعب في التواصل بحرية، بما في ذلك عبر الإنترنت، بدون تدخل؛ وتكافح الإرهاب في كافة صوره وأشكاله، بما في ذلك تلك القائمة على الدين. وفي حالة مصر، يجب علينا أن نعلن بوضوح أننا ندعم أيضاً حكومة تفي بالتزاماتها الدولية.

ويسترسل سكوت مختتما، من المهم أيضاً أن تعمل الإدارة الأمريكية الآن على خلق حوافز لتشجيع المصريين والتونسيين على اختيار نوع القيادة التي يمكننا أن نبني معها علاقات جديدة ودائمة. وفي حالة مصر، قد تشمل تلك الحوافز فتح مفاوضات لاتفاقية تجارة حرة، وتوسيع برنامج "المناطق الصناعية المؤهلة". وبالنسبة لكلتا الحكومتين، فإن منح قرض مبكر مضمون بالأصول المصادرة للنظام القديم قد يكون حافزاً مشجعاً. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن توسع بشكل كبير من دعمها المالي للمنظمات غير الحكومية التقليدية التي تدعم الديمقراطية، مثل "المعهد الديمقراطي الوطني" و"المعهد الجمهوري الدولي" من خلال "مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط" أو "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية". يجب على الولايات المتحدة أيضاً أن تسعى للمساعدة في دعم الديمقراطية من خلال أدوات إعلامية جديدة تستطيع، على سبيل المثال، تأمين العملية الانتخابية أو المساعدة في تصوير وتذكر إرث الثورات.

وفي الوقت نفسه، إذا كان للولايات المتحدة أن تستفيد بصفة أساسية من التغييرات التي تحدث في المنطقة من أجل تأمين مصالحها، فيجب على إدارة أوباما أن تجد طريقة لتنشيط "الحركة الخضراء" في إيران. ففي نيسان/أبريل 2009، ضيعت إدارة أوباما فرصة ذهبية لدعم ثورة مماثلة لتلك التي خلعت حسني مبارك من السلطة في 2011 بسبب اقتناعها بأن عمل ذلك سيخاطر بجهودها للتوسط في اتفاق نووي مع إيران. لقد كان ذلك خطأ تاريخياً واستراتيجياً، بيد هناك فرصة ثانية. فكما أوضحت سابقاً، أرى بقوة أن الثورات العربية لعام 2011 تشكل تحدياً لا يحتمل بالنسبة لنظام إيران، لكن تسريع تأثيره يتطلب استراتيجية شاملة. إلا أن صياغة مثل هذه الاستراتيجية والسعي لتحقيقها بجدية وطموح لن يفعل الكثير لتهدئة المملكة العربية السعودية التي يعد كابوسها الأكبر وجود إيران ديمقراطية تصبح حليفاً قوياً للولايات المتحدة.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/آيار/2011 - 29/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م