الكباش حينما تذبح يسيل دمها أحمر قاني، ولكن بني البشر تختلف ألوان
دمائهم في أعين البعض، حقيقة رغم قساوتها إلا أنها تتنفس برئة الواقع
الملطخ بالوحشية والبشاعة، السلطات الباغية لها إفرازات مختلفة حيال
ألوان دماء الناس، فهذا دم رخيص أبيض لا قيمة له كدماء البعوض
والحشرات!!
أما ما يرتبط بمن ينضوون تحت مظلتهم الرسمية فإن دمائهم حمراء
باهظة الثمن ولا تقبل المساس، هذه الحكاية المريضة ليست بمعزل عن حكومة
البحرين الشقيق، إذ يتحدث الشيخ عيسى أحمد قاسم عن هذه الازدواجية
والمكيلة ببعديها المتناقض إذ تُضيع دماء المواطنين ويُنتصر للدم
الرسمي فيقول فاضحاً هذه المهزلة المنكرة: (وإذا شُكِّلت لجنة تحقيقٍ
بصورة نادرة، شُكِّلت من طرفٍ واحد، والنتيجة أن لا يُعثر على الجاني،
فتطوى القضية وتُنسى وتموت، كما أن العادة أن لا يضيع دماً رسميا، وأن
التحريات لا تفشل ولا لمرة واحدة، في وضع يدها على مَن تُنسب عليهِ
الجناية)!!
ازدواجية الفتوى!!
تحولت الفتاوى في هذا الزمن وبكل وقاحة لماراثونات متراكضة لترضي
كروش الظلمة وتحجب سوءاتهم بوشاح براق كوشاح الكعبة المقدس، وفي داخل
تلك العباءة المزركشة بأقلام الضالين المضلين تضج فيها الجيف والنتانة
المقززة، وهكذا تم تسييس الفتوى وشراء ذمم العلماء بأصناف من: (المكافئات
المالية، والمنح السامية، والتلميعات الإعلامية، والحصانة الدبلوماسية،
و…وتطول القائمة)، ونعتذر لعدم انطباق هذا اللقب الشريف عليهم!!، إذ
يعرض بهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بقوله: (قد سماه أشباه
الناس عالما …) وفي حقيقة الأمر لا يحمل عند الله من قيمة تنطبق عليه
إلا آية الانسلاخ إذ يقول تبارك وتعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ
الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا) والذي كانت حصيلته
بنص القرآن المجيد: (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ
عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ)!!، فتراه يغرد بثورة
ويشمئز من ذكر أخرى، ولو تبدل هوى السلطان لتبدلت فتواه بتبدل تلك
الرياح الموسمية التي يشتهيها الحاكم الباسل!!
الإعلام المثقوب
في هذا العالم قليلة هي الشاشات الصادقة، وما أكثر التقارير
المفبركة والغرف السوداء التي تعمل لتأخذ، حتى أدهشتنا الاستقالات
المتلاحقة لتهاوي النزاهة والمصداقية وسقوط ميثاق شرف المهنة في تلكم
الفضائيات التي تدعي الأمانة في نقل الحدث، نعم قد تُقدم الكثير من
الأخبار الصادقة – من أجل الإيهام – ومن بينها تدس رزمة من الأخبار
والتقارير التي تستلم عليها لتنتفخ جيوبها جيداً، في مثل هذه القنوات
حتى لا يقع التضليل " أعكس المعادلة " لتتضح الحقيقة بجلاء، فكثيراً ما
يقدم الجزار والذئب المفترس بثوب الضحية والحمل الوديع حتى تُذرف
الدموع لا اختياريا للكوارث التي تعرض لها وحلت به، وما هي إلا محض
افتراء وتدليس!!
غرامات لتغييب الحقيقة
في قبالة الرشاوى الفاحشة، لا نستغرب مشاهدة الفواتير والغرامات لمن
يقول الحقيقة، الحقيقة التي كلفت اليوم أصحابها ثمناً باهظاً كلما
صدحوا بها، وهل يُرهبون بهراواتهم وغراماتهم أصحاب الضمائر الحية،
والذمم والنفوس الأبية ؟!، وإن علقت المشنقة حول الرقاب لن نرى من تلك
القلوب الصادقة غير: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي
هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)، ولسان حالهم: (أَبالْمَوْتِ
تُخَـوِّفنِي؟!)، يظن المتسلط الأحمق أنه يستطيع إطفاء نور الحقيقة
والحرية بفمه، كلا إن لكل حكومة متغطرسة يوماً أسوداً ستناله، وهاهي
أحجار الدومينو تتهاوى واحدةً تلوى أخرى، وسيأتي الدور على من يتحسس
رأسه!!
انفجار وترقب
لا يظن الظان الذي يعيش في مناطق البراكين الصابرة والزلازل المصبرة
أن يومها لن يأتي أبداً، فلصبر حدود، وللتصبر نهاية، والاحتقانات
المتزايدة ضد الشعوب المستضعفة سيوقظ المارد النائم لينفجر من قمقمه،
وعندها " لا بد للقيد أن ينكسر "، وفي الضربة المليون ينكسر الصخر
الأصم، فكيف بالبشر الذي يرى أن عرضه ينتهك، ومقدساته يُنال منها،
وإخوته يُصفون واحداً واحداً؟!، ويعرف جيداً أن المبضع القادم من
نصيبه، لا نتعجب حينما ينفجر البركان، بل نتوقعه في الأيام القليلة
المقبلة! |